|
||||||||
الخصومة
بين مونتين Montaingne
واسكام Ascham حول التربية الواقعية الاجتماعية: ميشيل
دو مونتين Michel
De Montaigne |
||||||||
2 ـ
الواقعية
الاجتماعية مفهومها
التربوي تبنى
هذه الفكرة
مربون
كثيرون خلال
عصور مختلفة
ولكن
مفهومها
اتضح ودوفع
عنه في القرن
السابع عشر
حين اعتقد
القائلون
بها ان
الثقافة
الإنسانية
تحضير ناقص
للحياة. يقول
مونتين، وهو
أشهر ممثلي
هذه الفكرة
ما يلي: " إذا
كانت
التربية لا
تحسّن
استعداد
النفس وتقوي
محاكمات
العقل فإني
أضل أن يقضي
تلميذي وقته
في لعب التنس...
راقب الطفل
عند عودته من
المدرسة
وبعد ان يكون
قد قضى فيها 15
أو 16 عاماً
فإنك لا تجد
من يفوقه
غرابة
وسخافة وعدم
صلاح
للصداقة أو
العمل، انك
لتجد ان كل
بضاعته قليل
من
اليونانية
واللاتينية
جعله أكثر
خيلاء
وعجرفة منه حين غادر
البيت " . وفي
رأيه ان من
واجب
التربية
تكوين
محاكمات
الطفل
وتقوية
مواهبه لكي
تضمن له
عملاً
ناجحاً
مسراً في
الحياة. وهذه
الغرابة
الصريحة
النفعية ترى
ان عمل
التربية
تهيئة الطفل
لحياة
دنيوية
ولذلك فهي
تتباعد عن
المثالية
العليا أو
التقشف
الضيق أو
العاطفية
الجامحة
وتشك في قيمة
المدارس
السائدة في
ذلك العصر
وصلاحها
والتربية
بالنسبة
للقائلين
بهذه
النظرية
تحضير صريح
لحياة عملية
ناجحة
سعيدة،
ولذلك فأهم
عمل تربوي
بالنسبة
إليهم هو
الرحلة
والسفر في
سبيل اختبار
العالم
والتعرف على
الناس، إذ
بالسفر يحصل
الإنسان على
معرفة عملية
وثقافة
صحيحة
ومصدرها
الاحتكاك
المباشر
بالبلاد
الأخرى
والناس
الآخرين
الذين لا
تعرّف بهم
الدراسة
الأدبية إلا
تعريفاً
سطحياً. الخصومة
بين مونتين Montaingne
واسكام Ascham حول
التربية
الواقعية
الاجتماعية: فكرة
الرحلة هذه
ليست فكرة
حديثة فقد
كان الرومان
يرسلون
أطفالهم إلى
اليونان
ليكملوا
ثقافتهم وقد
مر بنا ان
العرب كانوا
يقولون
بوجوب
الرحلة في
طلب العلم
كما قال بها
كونتليان
وغيره. إلا
أن اسكام
يخصص قسماً
كبيراً من
كتابه (المعلم
The Schoolmaster) لشجب
هذه الفكرة
التي كانت
شائعة
ومطبقة عند
النبلاء.
يقول: " تعلم
المدرسة في
سنة أكثر مما
تعلم الخبرة
في عشرين.
والتعليم
يعلم بسلام
في حين تجعل
الخبرة
المتعلم
بائساً أكثر
منه حكيماً "
. وهو
يرى ان
العالم لا
يعلم إلا
الرذائل
لانه مليء
بها ولذلك
فالأحسن ان
يزود الطالب
بالعدة
اللازمة قبل
أن يقذف به
في الحياة. إلا أن
هذه النظرة
الانكليزية
المحافظة لم
تكن النظرية
الشائعة بين
طبقة
النبلاء
التي كانت
أشد ميلاً
إلى قول
مونتين: " لو
كان لي ولد
لارسلته إلى
الخارج وهو
يافع وذلك
ليحتك ذكاؤه
بذكاء
الآخرين: أن
هذا العالم
الواسع هو
المرآة
الحقيقية
التي يجب أن
ننظر فيها
لنتعرف على
حقيقة
أنفسنا.
والخلاصة
فإن العالم
هو الكتاب
الذي اريد
النبيل
النقي أن
يدرسه بأشد
انتباه " . ومونتين
لا يقول
بالغاء
الدراسة بل
يجعلها
مرتبطة بما
هو أهم منها
في نظره،
الدراسة
عنده واسطة
جزئية وغير
كافية لغاية
أبعد منها
وهذه الغاية
هي حياة
عملية ناجحة
مفيدة
وسعيدة.
وهكذا
فالهدف
أخلاقي
نفعي، وهكذا
فإننا نرى أن
مونتين يقبل
أفكار
النهضة على
أنها وسائل
لا غايات. مفهوم
مونتين من
التربية ميشيل
دو مونتين Michel
De Montaigne ( 1533 ـ 1592) هو
أول واشهر
ممثل
للواقعية
الاجتماعية
وقد كتب في
التربية
مقالات
عديدة. وقد
كان يكتب على
الطريقة
الإنسانية
إلا أنه لم
يكن يؤمن بها
بل يهاجمها
ويقول بأنه "
لا بأس في أن
يتعرف
الإنسان على
كتابات
القدامى
ليتذوق
القشرة
العليا
للعلوم. ولكن
هذا ليس ما
يجب أن يعتبر
المفهوم
الصحيح
للتربية.
يمكننا أن
نقول هكذا
يتكلم
شيشرون. وهذه
أفكار
أفلاطون،
وتلك هي
كلمات أرسطو
ولكن
الببغاء
تستطيع أن
تفعل ذلك.
المهم هو
أفكارنا
نحن، ما
نستطيع أن
نعمل وكيف
نفكر أن
المعرفة
الكتابية لا
قيمة لها
لأنها لا
تتصل بحياة
الفرد
الحقيقة ". ولقد
كان مونتين
مؤمناً
بقيمة
الرياضة
البدنية
وتدريب
الحواس
ويوافق
القدماء على
أعتقادهم
بأن العقل
السليم في
الجسم
السليم
ويقول بوجوب
البدء
بتعليم
اللغة
القومية
وبطرائق
طبيعية
ولذلك
فكثيراً ما
كان يعتبر
رمن
الواقعيين،
ولكن هذا خطأ
لأنه لا يشدد
في ضرورة
دراسة
الحوادث
الطبيعية
ولا يعتقد
بأن المعرفة
هي غاية
التربية. هدف
التربية عند
مونتين هو
الفضيلة،
أما فكرة
مونتين عن
الفضيلة فهو
يشرحها في
معرض الكلام
عن واجب
المعلم
فيقول: ان
على المعلم "
ان يشعر
تلميذه بأن
عظمة
الفضيلة
الحقيقية
وقيمتها
تتجلى في
سهولة
القيام بها
وفائدة هذه
الممارسة
والسرور
الذي تسببه
كما يشعره
بأن الحصول
على الفضيلة
انما يكون
بالنظام
والسلوك
الحسن لا
بالقوة...
الفضيلة هي
أم المسرات
البشرية
كلها. وهي
تجعل هذه
المسرات
نقية وأبدية
لأنها
تجعلها
مشروعة. وهي
تبقي على
الرغبة في
هذه المسرات
عن طريق
إبقائها
معتدلة " . وهذه
المثالية
ليست عالية
بالطبع،
ولكنها على
الأقل ليست
دعية
كالمدرسية
الشكلية
الضيقة التي
كانت تسود
ذلك الزمان.
انها تعبير
صريح عن
أخلاقية
مادية شريفة
وهي بعد
عملية يمكن
تطبيقها. هذا
المبدأ
النفعي هو
المبدأ الذي
استعمله
مونتين في
انتقاء مواد
الدراسة
يقول: " لنبدأ
بانتقاء
المواد التي
تجعلنا
احراراً.
وليس معنى
هذا اني أنكر
كون كل
الدراسات
الحرة تساعد
بشكل ما في
التثقيف
والافادة في
الحياة،
ولكني أقول
بانتخاب ما
يفيد مباشرة
" ولعل مما
يجدر ذكره
كون هذه
المبدأ هو
المبدأ الذي
صار مقبولاً
فيما بعد أي
في العصور
الحديثة. وهو
يعبر عن هذا
المبدأ نفسه
بشكل أوضح في
مكان آخر حين
يقول: " سئل
اجسيلوس عما
يجب أن يتعلم
الأطفال
فأجاب: " ما
سوف يعملون
حين يصبحون
رجالاً "
ومونتين لم
يقل باهمال
الدراسات
القديمة
كلها ولكنه
يقول بأنها
ثانوية
الأهمية
وتتوقف
قيمتها على
الطريقة
المتبعة في
تدريسها.
يقول: " بعد
أن تعلم
تلميذك ما
سوف يجعله
حكيماً
طيباً يمكنك
ان تعلمه
مبادئ
المنطق
والفيزياء
والهندسة
والبيان.
وبعد ان
يتمرن يختار
لنفسه ما
يسره " . المبادئ
التي يشير
مونتين
باتباعها في
طريقة
التعليم
تتفرع عن
المبادئ
التي ألمحت
إليها
بالنسبة
للفحوى فهو
يقول بوجوب
تمثل
المعرفة
وتحقيق
الأفكار عن
طريق السلوك.
يقول: " يجب
أن يمارس
الطفل الدرس
اكثر مما
يستظهره.
ليكرر
التلميذ
درسه في
أعماله. انظر
إلى صلاح
تلميذك من
استقامة
سلوكه،
وتعرّف على
لطفه وعقله
من حديثه،
واسير غور
شجاعته
بتجلده عند
الشدائد
واختبر عفته
واعتداله
بمراقبته في
ملاذه
ومسراته " ثم
يقول عن
التعليم
الكلامي
الذي كان
يسود عصره ما
يلي: " الحفظ
عن ظهر قلب
ليس معرفة،
انه خزن
للكلمات في
الذاكرة لا
اكثر ولا أقل.
اما المعرفة
الحقيقية
فتتجلى في
السلوك" .
وختاماً
يستشهد
مونتين
بشيشرون
فيقول معه: "
خير الفنون
فن الحياة
الجديدة.
ويجب ان يطبق
الطالب هذا
الفن في
حياته لا
فيما يتعلم "
. الواقعية
الاجتماعية
في المدارس طبيعة
الواقعية
الاجماعية
تحتم عدم
شيوعها في
المدارس ولا
سيما مدارس
ذلك الزمان
التي كانت
مأخوذة
بالقواعد
والبيان
لدرجة لا
تستطيع معها
التفكير في
الحياة
السعيدة،
والتي
أشغلها حشو
الذاكرات
بالمعارف
لدرجة
ألهتها عن
المحاكمة
والعقل. ولقد
كان هذا
النوع من
الواقعية
عملاً
تربوياً شاع
بين طبقات
النبلاء من
سكان اوروبا
وظهر في
الكتابات
التربوية
ولا سيما في
كتابات
ممثله
العظيم
مونتين. صفاتها
العامة تكونت
هذه الفكرة
التربوية
خلال القرن
السابع عشر.
ولقد نمت من
الفكرتين
الواقعيتين
اللتين
أشرنا
إليهما
آنفاً كما
حملت
صفاتهما،
ولكنها ضمت
إلى ذلك بذور
النظرة
الحديثة في
التربية
سواء أكانت
سيكولوجية
أو اجتماعية
أو علمية.
ولقد اشتق
اسم هذه
الحركة من
الاعتقاد
بأن المعرفة
إنما تكون
بالاساس عن
طريق الحواس
ولذلك وجب
تأسيس
التربية على
الادراك
الحسي لا على
عمل الذاكرة
فقط. كما انه
من الواجب
الاهتمام
بكل ما تأتي
به الحواس من
معارف لا
باللغة
وحدها. ولذلك
كله فلا
نحسبنا نخطئ
إذا سمينا
هذه الحركة
بالحركة
العلمية
الباكرة. وهكذا
فنحن نجد
للمرة
الاولى
نظرية
تربوية تبنى
على أساس
عقلي لا على
أساس خبري
فلقد تأثر
الواقعيون
الحسيون
بالاكتشافات
الحديثة في
حقل
الطبيعة،
والاختراعات
التي أدت إلى
الاستفادة
من قوى هذه
الطبيعة. لقد
كانوا
يهتمون
بالطبيعة
اهتماماً
بالغاً
ويحترمون
حوادثها
احتراماً
عميقاً
وينظرون
إليها على
أنها منبع
المعرفة
والفضيلة.
ويرون تبعاً
لذلك ان
التربية
نفسها هي
عملية
طبيعية لا
اصطناعية.
لقد كانوا
يعتقدون ان
القوانين
والمبادئ
التي يجب ان
تبنى عليها
التربية
موجودة في
الطبيعة.
وهذا
الاعتقاد
كان سبباً في
ظهور ميلين
تجلياً في
عمل ممثلي
هذه الحركة
كلهم. أما
الأول هو
الميل إلى
وضع علم أو
فلسفة
للتربية
مبنية على
البحث
العلمي لا
على مجرد
الافتراض
والخبرة.
والثاني هو
الميل إلى
استبدال
المنهاج
المدرسي
المكون من
لغة وأدب فقط
بمنهاج يحوي
العلوم
الطبيعية
وله صلة
بالحياة
الحاضرة
والميل
الاول هو
المحاولة
الاولى منذ
عهد اليونان
لايجاد
السيكولوجيا
التربوية.
ورغماً عن ان
الكثيرين من
هؤلاء
المفكرين
أصروا على
وجوب دراسة
الطفل
وتغيير
العملية
التربوية
التي يخضع
لها فإن
مبادئهم
التربوية
كانت خاضعة
لنظرياتهم
في المعرفة
وأبحاثهم في
كيفية تطور
المعرفة
البشرية. لقد
كانوا لا
يعرفون إلا
قليلاً عن
كيفية تطور
عمليات نفس
الطفل.
ولكنهم مع
ذلك قالوا
بأن الطفل
يجب ان يحصل
على الفكرة
لا على الشكل
وان يفهم
الموضوع قبل
الكلمات أو
قل الكلمات
من خلال
الموضوع.
وهذه الفكرة
التي نجدها
الآن بسيطة
وطبيعية
اعتبرت في
ذلك الحين
ثورة فكرية
عظيمة وكان
من جرائها
تحتيم
استعمال
اللغات
القومية في
السنين
المدرسية
الاولى
وبذلك انتجت
إصلاحاً
دائماً
وعملياً. نعم
قال
البروتستانت
وجماعة (بوررويال)
بأهمية
اللغات
القومية إلا
ان
الواقعيين
الحسيين هم
الذين بنوا
الفكرة على
أسس تربوية
متينة. وهذه
الحركة
الواقعية
الحسية كانت
رد الفعل
التربوي
الأول
للأفكار
العلمية
والفلسفية
التي كانت
النتاج
المنطقي
لحركة
النهضة. ولقد
رافق هذه
الميول
تغيير في
الطريقة،
ونعني بذلك
العمل على
ايجاد طريقة
تناسب
المواضيع
الجديدة
والأهداف
الحديثة
وهذه
الطريقة
الجديدة هي
الطريقة
الاستقرائية
التي اوجدها
زعيم جماعة
الواقعيين
الحسيين ألا
وهو (فرانسيس
بيكون Bacon)
وقد تبنى
المربون
الذين خلفوا
بيكون هذه
الطريقة
واعتبروها
المفتاح لحل
المشاكل
التربوية
كلها. وقد
اعتبرت هذه
الطريقة
طريقة عامة
تعلم بها كل
المواضيع
لكل الأطفال
على شكل جديد
كل الجدة.
وقد اعتقد
أربابها
انها غنية
لدرجة ستمكن
كل الطلاب من
كل المواضيع. وانه
لمن الضروري
ان نشير هنا
إلى واحدة من
مميزات
الفكر في
القرن
السابع عشر
لكي نفهم عمل
جماعة
الواقعيين
الحسيين
وأفكارهم.
لقد كان من
جراء فشل
حركة
الاصلاح
الديني
والتعليم
الكلاسيكي
في تحسين
أحوال
المجتمع ان
التفت مفكرو
ذلك العهد
وكتابه إلى
العلوم
الحديثة.
والطريقة
الجديدة
للقضاء على
تلك الشرور،
واعتقدوا ان
نشر المعرفة
الصحيحة عن
الحياة
الطبيعية
بواسطة
الطريقة
الحديثة هو
الواسطة
لرفع مستوى
الجماهير
إلى المستوى
الذي وصل
إليه
المحظوظون
القلائل من
أرباب العلم. ولقد
قال
الواقعيون
الحسيون بأن
المعرفة
تصبح بسيطة،
ولو نسبياً،
إذا شذبت
ونظمت وفق
الطريقة
الاستقرائية
الجديدة
وانه من
السهل تعليم
اللغات
القومية
واللغات
القديمة وفق
هذه الطريقة
وبمدة قصيرة
تقل عن المدة
التي كانت
ضرورية
لتعليم لغة
قديمة واحدة
وفق الطرائق
القديمة،
وان تبسيط
المعرفة هذا
يمكن البشر
من التقدم
الدائم
المستمر عن
طريق
الاكتشافات
والاختراعات
وتحسين
الذات وعلى
هذا الأساس
بنوا آمالهم
في لغة
واحدة، أو
على الأقل
لغات قومية
موحدة،
وبالتالي في
دين واحد ثم
في حياة
وتنظيم
سياسي موحد.
وأصروا على
ان العقل لا
السلطة هو
الذي يجب ان
يكون أساس
هذه الوحدة.
ولقد تجلت
هذه الأفكار
في كتابات
مربي القرن
السابع عشر
إلا ان أثرها
في المدارس
كان ضعيفاً،
وكان لا بد
من وقت طويل
يمضي قبل
سيادتها
فيها. طبيعي
ان تتجلى مثل
هذه النزعة
الأساسية
الخالدة في
كتابات
كثيرين من
المفكرين
وفي أعمالهم.
وقد قال بعض
هؤلاء
المفكرين
بكل أفكار
هذه الحركة
كما أمر
بعضهم ببعض
أفكارها فقط
إلا ان
الفيلسوف
الانكليزي (بيكون)
هو صاحب
الفضل في
تفصيل
فلسفتها،
يشاركه في
ذلك (ديكارت)
الافرنسي
كما يعود
الفضل في
تطبيق
أفكارها
التربوية
وشرح هذه
الأفكار إلى
المربي
التشيكي
كومنيوس. 1561 ـ 1626: هو
أعظم من امتد
بصرهم إلى
التغييرات
المقبلة في
طبيعة
الحياة
الفكرية
والتربية.
نعم ان
معلوماته عن
المشاكل
والعمليات
التربوية
قليلة
واهتمامه
بها ضحل
وكتاباته
عنها نادرة،
إلا انه هدى
الفلسفة
واحياة
العقلية
جمعاء إلى
أهداف جديدة.
لقد رفض
الهدف
القديم الذي
كان مقبولاً
في أيامه (ونعني
به الصياغة
النظرية
للمعرفة)
وتبنى الهدف
العملي
المفيد وقال
بأن من
الواجب ان
تكون الحياة
العقلية
مثمرة عن
طريق جعلها
عملية، وما
يصح قوله عن
الحياة
العقلية
عامة يصح عن
التربية أي
طريقة
الحصول على
هذه المعرفة
ومتى أصبحت
مثمرة تصبح
مفيدة
لجمهرة
الناس بدلاً
من الخاصة
الذين كانوا
يحصلون
عليها. وكان
رأي بيكون ان
إثمار
المعرفة
انما يكون عن
طريق بناء
الحياة
الفكرية على
أساس جديد هو
الطبيعة،
فلا
اللاهوت،
ولا
الميتافيزيك
(ما وراء
الطبيعة)
اللذان كانا
أساسي
الفلسفات
السابقة
يصلحان لأن
يكونا
الأساس
الجديد.
ولذلك يجب ان
يكون هذا
الأساس هو
الفيزياء.
والفلسفات
الأخلاقية
والسياسية
نفسها يجب ان
تصبح لها
معان جديدة
بتأسيسها
على العلوم
الطبيعة)
اللذان كانا
أساسي
الفلسفات
السابقة
يصلحان لأن
يكونا
الأساس
الجديد.
ولذلك يجب ان
يكون هذا
الأساس هو
الفيزياء.
والفلسفات
الأخلاقية
والسياسية
نفسها يجب ان
تصبح لها
معان جديدة
بتأسيسها
على العلوم
الطبيعية أو
ارجاعها
إليها. وهكذا
فقد تنبأ
بيكون
بأقواله هذه
ببناء هذه
العلوم على
فكرة تطورية.
ومهد لنموها
في القرنين
الثامن عشر
والتاسع عشر. ابتعدت
النزعة
الجديدة في
الحياة
الفكرية
والتربية عن
الشكلية
القديمة
وجهدت في
تحقيق
الواقعية
الحديثة
واستعاضت عن
الاهتمام
بالكلمات
والتجريد
اهتماماً
بالأشياء
والأفكار
ولم يعد من
الممكن
الاكتفاء
بالتعاريف
والدساتير
المجردة كما
تخلصت
التربية من
الاهتمام
بمجرد
الكلمات
والأسلوب
والنحو. بل
اتجهت نحو
وضع المبادئ
المفيدة في
تفسير حوادث
الطبيعة
وطرق البحث
العلمي التي
لا تنتج
انظمة كاملة
وبالتالي
جامدة. اما
تربوياً فقد
كان ميدان
اهتمامهم
بضم معرفة
الطبيعة
والمجتمع
والطريقة
التي تنمي في
الفرد
امكانية
التعامل مع
عالم
الحقائق. ولم
يكن بيكون
أول من اهتم
بهذا الأمر
ولا الوحيد
الذي اهتم به
فـ(كوبرنيك)
و(دافنيشي)
وغيرهم
عملوا قبله
على نشر هذه
الأفكار،
كما اشتغل
معه (غاليله)
و(ديكارت) و(كلبر)
وغيرهم في
نشرها. ولكن
بيكون تميز
عنهم جميعهم
باستيعابه
الأمر كله
بايضاحه
وضبط دقائقه.
اما من حيث
الحل فقد لا
يفوق غيره في
المساهمة
فيه. وأول
قسم من خطة
بيكون التي
شاء ان يجعل
منها
نموذجاً
يحتذى في
المحاولات
الفكرية
المقبلة هو
تصنيف
المعارف في
مرحلتها
التي كانت
معروفة آنئذ
يضاف إليها
الحقول التي
لم تطرق من
قبل رغم انها
جاهزة للبحث.
اما القسم
الثاني من
عمله فهو وضع
طريقة لبحث
الحوادث
وهذه
الطريقة
الجديدة هي
الطريقة
الاستقرائية
التي تختلف
عن طريقة
ارسطو
الاستنتاجية
التي كانت
تسيطر على
التفكير
العلمي
حينئذ. ولم
ينه بيكون
إلا قسما من
عمله. إلا أن
القسم الذي
انهاه كان
كافياً لترك
أثر عميق في
التفكير
الحديث كله. أما
تأثير بيكون
التربوي
فيتلخص بهذه
التربية
وموضوعها
والطريقة
الجديدة
التي قال بها. شارك
نفر كبير من
الفلاسفة
والمربين
ورجال
الدولة من
أهل ذلك
الزمان
بيكون في
امله بتنظم
المعرفة
البشرية
بشكل يمكن
معه زيادة
الرفاه
البشري عن
طريق تأسيسه
على المعرفة
العلمية
المهتمة
بالطبيعة
عوضاً عن
المعرفة
الأدبية
القديمة
التي تهتم
بالإنسان.
وقد كان
هؤلاء
جميعهم يرون
أن تأسيس
المعرفة على
وحدة
الطبيعة
بدلاً من
اختلاف
البشر يؤدي
إلى ايجاد
قوانين
ومبادئ يمكن
بحثها
وتعيينها
بطرق ثابتة
لا كما كان
الحال في
السابق. وهم
بعد يعالجون
قوى يمكن
ضبطها
والاستفادة
منها في
الرقي
البشري. وهذه
المعرفة
إنما تشتق من
دراسة حوادث
الطبيعة. أما
اللغة
والأدب
والفلسفة
واللاهوت
وحدها فلا
تقدم إلا
معرفة
ثانوية
تافهة وهم
يعتقدون ان
التربية في
المدارس يجب
ان تعمل على
نشر هذه
المعارف
التي يمكن
إذا وجدت ان
تصبح في
متناول كل
طفل. لقد
هال بيكون
اتساع مسافة
الحلف بين
المعرفة
العلمية
لحوادث
الطبيعة
التي نتجت عن
النهضة
وعالم الفكر
الذي ما زالت
الافكار
الشكلية
القديمة
تحتله. ولذلك
فقد كانت
مشكلة بيكون
هي توسيع
عالم الفكر
حتى يلحق
بالتقدم
العلمي، ان
لم يسبقه
ويقوده. لقد
كان يرى انه
من المعيب "
ان تسيطر
مكتشات
القدامى على
حدود عالم
الفكر ولذلك
فمن الواجب
ان تتجه
الدراسة نحو
حوادث
الطبيعة
باعتبارها
الواسطة
الوحيدة
لخلق
التوازن بين
المعرفة
والعمل. وقد
عمل اتباع
بيكون على
جعل هذا
النوع من
المعارف
موضوع العمل
المدرسي
اعتقاداً
منهم أنها
المعرفة
المثمرة
الوحيدة،
ذلك هو الشكل
الباكر
للواقعية
الحسية. أما
المبدأ
القائل بأن
طريق
المعارف
الوحيد هو
الحواس فلم
يتكون إلا
فيما بعد. وهكذا
فلم تعد
للتربية
قيمة دينية
أو عملية
بالنسبة
للفرد، بل
أصبحت لها
قيمة
اجتماعية لم
تكن لها من
قبل. أما علم
التربية فلم
يكن بالنسبة
إلى بيكون
إلا واسطة
لغاية أهم
منها ألا وهي
سيادة
الإنسان على
الاشياء. ولم
يشر بيكون في
كتاباته إلى
كيفية تطبيق
أفكاره في
الحقل
التربوي إلا
اشارات
خفيفة إلا
أنه أشار في
واحد من كتبه
إلى ما يمكن
اعتباره
مؤسسة
تربوية
مثالية. وقد
حوى وصفه
لهذه
المؤسسات
نبوءات
علمية غريبة
حقق العلم
الحديث
كثيراً منها
ولكن ما
يهمنا من هذا
الوصف هو
الروح
والمبادئ
التي تجلت
فيه أكثر من
التفاصيل
التي ورد
ذكرها. يقول
بيكون: " هناك
طريقان لا
ثالث لهما
للبحث عن
الحقيقة
واكتشافها
أولاهما أن
يطير الباحث
رأساً من
المحسوسات
والجزئيات
إلى القواعد
العامة ومن
هذه القواعد
العامة
وحقائقها
المعصومة
يحدد
الحقائق
المتوسطة
ويكتشفها.
وهذه هي
الطريقة
المستعملة
الآن.
والثانية هي
التي تبني
الحقائق
العامة من
الحقائق
الجزئية
والمحسوسات
بالصعود
المستمر
التدريجي
بشكل نستطيع
معه الوصول
آخر الأمر
إلى أعم
الحقائق.
وهذه هي
الطريقة
الصحيحة
ولكنها لم
تجرب بعد "
فبحسب
الطريقة
القديمة
تتوقف
العملية
كلها على
نقطة البدء
التي هي
قانون مسلم
به أي أمر
محدد، أما في
الطريقة
الجديدة
فالأهمية
للغاية التي
ينبغي
الوصول
إليها والتي
هي مشكلة يجب
حلها عن طريق
بحث الحالات
الخاصة.
ويمكن بحسب
هذه الطريقة
اكتشاف
الحالات
الخاصة
بالملاحظة
لا عن طريق
أوامر سلطة
ما، وإنما
يصل الباحث
إلى هدفه
العلمي
بتطبيق
الطريقة
الاستقرائية
فتكون
النتيجة
اختراعاً
ما، أي تطبيق
المعرفة
تطبيقاً
عملياً في
سبيل الرفاء
والقوة
البشرية ومن
رأي بيكون ان
الطريقة
الاستنتاجية
ثانوية
بالنسبة إلى
الطريقة
الاستقرائية. لقد
كان التقدم
العلمي في
أيام بيكون
رائعاً
عظيماً إلا
أن أكثره كان
عن طريق
الصدفة
ولذلك فقد
كان جهد
بيكون في
بناء مثل هذا
التقدم على
التدبير لا
على الصدفة "
لأن الصدفة
نادرة
ومتأخرة ولا
نظام لها
بخلاف الفن
الذي يعمل
باستمرار
وسرعة ونظام
" وقد وضع
بيكون قواعد
فن الاكتشاف
كما سماه
وجعل هدفه
المحكم في
الطبيعة
وقال بأن
معرفة
الطبيعة هي
الطريق
الوحيد لهذا
الحكم.
ومعرفة
الطبيعة
إنما تكون عن
طريق
الملاحظة
والبحث
والتجريب لا
عن طريق
التعريف
والمقارنة
كما كان
الحال في
الماضي. وكان
بيكون يرى ان
الحواس التي
لا تراقب
دليل غير
امين إلى
الحقيقة
التي لا يكون
الوصول
إليها عن
طريق تكديس
المعلومات،
وان الحقائق
التي يتوصل
إليها
بالاستنتاج
لا قيمة لها
إذا لم تثبت
التجربة (الدليل
السلبي) ". أما
تطبيق طريقة
بيكون
الجديدة في
مدان
التربية فقد
جاء متأخراً
وعلى يد
اتباعه ذلك
بأن بيكون
نفسه كان
مهتماً
بمواضيع
التفكير
ونتاجها
الممكن لا
بعملية
التفكير
نفسها التي
كانت ثانوية
بالنسبة
إليه. ولكن
شيوع طريقة
بيكون سببت
ثورة في
المعارف
العلمية
قادت إلى رقي
علمي لم يسبق
إليه ولذلك
فقد سبب
تطبيقها في
المدارس على
يد اتباعه
فيما بعد
ثورة في
طرائق
التعليم مما
سنشير إليه
فيما بعد. ومكانة
بيكون في
التربية لا
تعود إلى
اختراعه
طريقة جديدة
كما تعود إلى
صياغة هذه
الطريقة
التي
يستعملها كل
إنسان في
حياته
اليومية،
والى تنظيمه
البحث
العلمي وفق
خطة وعن قصد
وعدم تركه
للصدفة،
ولذلك فلا
لزوم
للمبالغة في
مكانته كما
انه لا مبرر
لغمطه حقه
والقول بأنه
لم يأت بجديد. جون
آموس
كومينيوس Comenius
(1592 ـ 1670) هو
واحد من أعظم
ممثلي
الواقعية
الحسية ووجه
كريم من وجوه
التربية
النظرية
والعملية،
ولكن أثره
الفعلي على
الأجيال
التي عاصرته
كان ضئيلاً
إلا في ناحية
واحدة ألا
وهي استعمال
طرائق علمية
اصح في تعليم
اللغات وقد
جاء هذا
التأثير عن
طريق كتبه.
وقد مضى
قرنان قبل ان
يتعرف الناس
على آرائه
وكتبه ولذلك
فإن أثره في
الاصلاح
التربوي لم
ينجل حتى
أيام فروبل. يقول
كومنيوس "
غاية
الإنسان
القصوى هي
السعادة
الأبدية في
الدار
الآخرة
ولذلك فإن
غاية
التربية هي
المساعدة في
الوصول إلى
هذا الهدف.
والمربون
الآخرون
يتفقون مع
كومنيوس في
كل هذا،
ولكنه يختلف
عنهم في انه
لا يقول معهم
بوجوب
القضاء على
الرغبات
الطبيعية
والغرائز
والعواطف
واللجوء إلى
الترويض
الأخلاقي
والعقلي،
انه يرى ان
الغاية
القصوى انما
تنال عن طريق
معرفة النفس
وبالتالي كل
الاشياء
وذلك لأن هدف
التربية هو
المعرفة
والفضيلة
وحب الله. كان
اكبر آمال
كومنيوس ان
يرتب
المعارف
ترتيباً
جديداً وفق
افكار بيكون
وذلك بغية
توسيع
دائرتها
توسيعاً
يزيد
الإنسان قوة
وسعادة. وقد
حاول هذا
العمل
كثيرون غيره.
كما ان فكرة
تصنيف
العلوم
وتأليف
الموسوعات (دوائر
المعارف) لم
تكن بالشيء
الجديد، إلا
ان الطريقة
التي اتبعها
كومنيوس لم
تكن تستهدف
ان تكون
الموسوعة
مجمع حقائق
واخبار شأن
موسوعات
القرون
الوسطى بل
كانت ترمي
إلى استقصاء
المعارف
الإنسانية
وتصنيفها
حول أصل واحد
شأنه في ذلك
شأن بيكون.
وكان يبني
تصنيف كل علم
أو فن على
أصل عام
متدرجاً من
البسيط
المعروف إلى
ما يليه
وهكذا حتى
يستتم
المعارف
جميعها. وفي
كتبه
المدرسية
نفسها جرى
على هذا
النظام فبنى
كل باب على
ما قبله
ليسهل فهمه
وليتمكن
المتعلم من
ادراك الصلة
بين مسائل
العلم. الطريقة:
رغم قبول
كومنيوس
لأفكار
بيكون عن
وجوب
استعمال
طريقة تتفق
مع ما يجري
في الطبيعة
فانه كان يرى
ان طريقة
بيكون اداة
صالحة
للتفريق بين
الخطأ
والصواب
وانه يمكن
تطبيقها في
العلوم
الطبيعية
فقط وان
المعرفة تصل
إلى الإنسان
عن طرق ثلاثة
هي الحواس
والعقل
والكشف
الإلهي وان "
الخطأ ممتنع
إذا حوفظ على
التوازن بين
الثلاثة "
إلا أن
كومنيوس يقر
بأهمية
الطريقة
الجديدة في
حل مشاكل
التربية
العملية
ولذلك فقد
سارع إلى
تطبيقها في
عمليات
التعليم. وقد
أشار
كومنيوس إلى
مبادئ تسعة
دلت عليها
خبرته
العملية
وكانت سبب
نجاح كتبه
واثرها في
التعليم: 1 ـ
وجوب تقديم
الشيء أو
الفكرة إلى
الطفل
مباشرة
وبالذات لا
عن طريق
الوصف أو
الرمز. 2 ـ
وجوب الحرص
على التطبيق
العملي في
الحياة
اليومية في
كل ما يعلم. 3 ـ
وجوب
التعليم
بشكل بسيط
مباشر. 4 ـ
وجوب
الاشارة إلى
طبيعة ما
يعلم بشكله
الحقيقي عن
طريق
الدلالة على
اصوله
وأسبابه. 5 ـ
وجوب البدء
بشرح
المبادئ
العامة لما
يعلم قبل
الانتقال
إلى
التفاصيل. 6 ـ
وجوب تعلم
أجزاء الشي
أو الأمر
بحسب
ترتيبها
ووضعها
وعلاقتها
بعضها مع بعض. 7 ـ
وجوب تعليم
الاشياء
بالتدريج
وعدم تعليم
اكثر من شيء
واحد في
الوقت
الواحد. 8 ـ
وجوب عدم ترك
الموضوع قبل
ان نتأكد من
فهم الطالب
له. 9 ـ
وجوب
التوكيد على
الفروق
الموجودة
بين الاشياء
بغية اتضاح
ما قد يحصل
عليه الطفل
من معرفة عن
طريق هذه
الاشياء. قضى
كومنيوس كل
حياته في
الاشتغال
بالتربية
فقد علم
وادار عدة
مدارس وكتب
في التربية
وألف كتباً
مدرسية
كثيرة ولذلك
فكتبه
المدرسية لم
تكن نتاج
نظرياته
التربوية
فحسب بل قامت
على خبرته
التربوية
الطويلة
واشهر كتبه
المدرسية هي: وهو
اشهر كتبه.
ألفه سنة 1631،
وقصد منه جمع
كل ما عرف في
زمانه من علم
وتسهيل
دراسة
اللاتينية
فجاء كتاباً
غزيزاً وشاع
شيوعاً
عظيماً وقد
حوى ألوفاً
من الكلمات
اللاتينية
التي نظمت في
جمل مختلفة
ورتبت
ترتيباً
خاصاً على
شكل موضوعات
مرتبط بعضها
ببعض وتكون
موسوعة في
شتى مناحي
العلوم
ومرشداً إلى
اللغات
اللاتينية.
وكل صفحة من
صفحات
الكتاب
مقسومة إلى
عمودين واحد
منها للغة
اللاتينية
والاخرى
لترجمتها
باللغة
الوطنية. لاحظ كومنيوس صعوبة كتابه الأول والعنت الذي يلاقيه الطلاب في فهمه فألف كتاباً سماه بالدهليز جعله تمهيداً للكتاب السابق فقلل عدد الكلمات اللاتينية المستعملة وسط المعلومات الموجودة في الكتاب الأول.
|
||||||||
|