|
||||||||
تاثير
هذه الحقبة
على مفهوم
التربية
وروحها بعض
المربين في
عهد الاصلاح
الديني |
||||||||
انواع
المدارس
الإنسانية ظهر
النصر
التربوي
للفكرة
الإنسانية
في سيادتها
في المؤسسات
التربوية
القائمة
وبصورة خاصة
في الجامعات
والمدارس
وتلا ذلك
تزايد عدد
المدارس
المتشربة
بالروح
الجديدة
تشرباً لم
يكن ممكناً
في المدارس
القديمة
التي سادتها
الروح
التقليدية
القديمة.
وأخيراً
أنشئت مدارس
جديدة تحت
تأثير الروح
الجديدة
تبشر بهذه
الروح وتعمل
على تطبيق
تعاليمها.
وما كادت
الأمور تصل
هذه المرحلة
حتى كانت روح
النهضة قد
امتزجت بروح
حركة
الاصلاح
الديني فصار
لهذه
المدارس صلة
بحركة
الاصلاح
الديني
وثيقة. ومن
الجدير
بالملاحظة
انه ما كاد
النصف
الثاني من
القرن
السادس عشر
يطل حتى صارت
شكلية
الفكرة
الجديدة
وعمل
المدارس
الحديثة لا
تقل قوة عن
شكلية
المدرسية في
أواخر
القرون
الوسطى. وقد
سادت هذه
النظرة
الضيقة
المدارس
الاوروبية
زمناً
طويلاً. وقد
انقضى جزء
غير يسير من
القرن
التاسع عشر
قبل ان تقوم
ثورة عامة
عليها. ولذلك
فكل ما سوف
نتحدث عنه في
الفصول
القادمة من
الحركات
التربوية
انما يمثل
ثورات على
النظام
القائم أي
النظام الذي
نتحدث عنه
الآن. ينطبق
ما قلناه في
الفقرة
السابقة على
الجامعات
بصورة خاصة
حيث قاومت
التقاليد
القديمة روح
الفكرة
الجديدة.
ورغماً عن ان
انتصار
الأفكار
الحديثة كان
كاملاً في
بعض
الجامعات
ورغماً عن ان
المواضيع
الجديدة شقت
طريقها إلى
معظم
الجامعات
والمدارس
فإن شكلية
هذه
الجامعات لم
تتغير
تغيراً
أساسياً.
ولعل أهم
التغيرات
التي حدثت هي
تغير
المحتوى
الذي اتسع
بزيادة
الأدب
واللغة عليه
ولا سيما
اللغتين
اليونانية
واللاتينية
الأدبية
التي حلت محل
اللاتينية
الكنسية
ولقد وجدت
التعاليم
الجديدة
ملجأها في
الجامعات
الايطالية
كجامعة
فلورنسا
وروما
وميلان
وبادوا. وقد
كان من تأثير
بترارك
وبوكاشيو ان
بدأ اساتذة
البيان
يعنون
بتدريس
الادباء
الكلاسيكيين،
حتى لقد اصبح
هوى تقيد
القدامى
شائعاً وكان
من نتائج هذا
التقليد
ازدياد
دراسة
الآداب
القديمة
ومحاولة
الانتاج
انتاجاً
يماثلها،
وبالفعل فقد
انتج بعض
كبار
الإنسانيين
أدباً
رفيعاً خلد
على الدهر
وهكذا فقد
أصبح تدريس
اليونانية
شائعاً في
جميع جامعات
ايطاليا
خلال القرن
الخامس عشر
وفي القرن
السادس عشر
إلا ان دراسة
الآداب
انحطت إلى
الشيشورونية
التي أشرنا
إليها
سابقاً خلال
القرن
السادس عشر. وفي
النصف
الثاني من
القرن
الخامس عشر
انتقلت
الأفكار
الجديدة
بواسطة
المعلمين
والعلماء
المتنقلين
نحو الشمال.
ولقد وصلت
هذه الحركة
إلى جامعة
باريس وعمت
الروح
الجديدة
فرنسا بسبب
الصلة
الوثيقة بين
الشعبين
الايطالي
والإفرنسي (باعتبارهما
لاتينيين)
حتى أصبح
العلماء
الافرنسيون
قادة الحركة
في الجامعات
وخارجها
خلال القرن
السادس عشر. ولقد
بدأ العلماء
المتجولون
هؤلاء
بزيارة
جامعات
المانيا
كجامعة
هيدلبرغ
وارفورت
وليبزغ بعد
عام 1460 ولقد
انشيء أول
كرسي دائم (للشعر
والفصاحة Poetry
and Eloquence) كما
كان يسمى في
ارفورت سنة 1494
وما كاد يطل
عام 1520 حتى
كانت الروح
الجديدة قد
عمت أو وصلت
إلى كل
جامعات
المانيا. أما في
انكلترا فقد
دخلت الروح
الجديدة أول
ما دخلت إلى
اكسفورد على
يد الطلاب
الذين زاروا
جامعات
ايطاليا
وحينما زار
ايراسموس
جامعة
اكسفورد سنة
1498 وجد الجو
مهيئاً. أما
في كمبردج
فايراسموس
نفسه هو الذي
أدخل
التعليم
الجديد سنة 1510. نتج عن
عداء
الجامعات
والمدارس
الكنسية
للتعليم
الجديد قيام
مدارس جديدة
تبشر بالروح
الجديدة تحت
رعاية
الملوك
والنبلاء.
وهذا صحيح
بصورة خاصة
في الحكومات
الايطالية
الصغيرة حيث
كان جلال
الملك
متوقفاً على
بناء مثل هذه
المدارس
وحيث كان
الملوك
والامراء
يتسابقون
إلى اقتناص
العلماء
المشهورين
الذين كان من
عادتهم
التنقل
طلباً
للتشرف أو
بغية مقابلة
المشاهير من
زملائهم.
ولقد ازدهرت
في فلورنسا
والبندقية
وبادوا
وغيرها من
المدن
الايطالية
حلقات علمية
لم تتخذ صفة
المدارس
وكانت بعض
هذه الحلقات
على صلة
بالجامعات
المحلية،
أما بعضها
الآخر فقد
كان على خلاف
مع تلك
الجامعات
ولقد كان من
تأثير هذه
المدارس
وهذه
الحلقات وعن
طريق تربية
أولاد
النبلاء أن
اتضحت أهمية
التربية
البدنية
والعنصر
الاجتماعي
في التربية
كما تعاظمت
أهمية
الآداب ونتج
عن ذلك
امتزاج
المثل
العليا
للفروسية مع
الافكار
الإنسانية. وفي
المانيا
نشأت مدارس
مماثلة سميت
مدارس
الامراء
وذلك في مطلع
القرن
السادس عشر
وكانت هذه
المدارس
تشابه في
برامجها
وطرائقها
مثيلاتها في
ايطاليا وقد
كانت مثلها
متصلة
بالبلاطات
مباشرة. وقد
كانت هذه
المدارس
داخلية تشرف
على تربية
الأطفال
اشرافاً
كاملاً وكان
هدفها
التحضير
للقيادة في
الدولة
والكنيسة
وكان طلابها
من أبناء
النبلاء في
الغالب. مدارس
الجمنازيوم (المدارس
الثانوية Gymnasium) وهي
المدارس
الإنسانية
النموذجية
في البلاد
التوتنية
وهي ما تزال
حتى الآن
أحسن
المدارس
الثانوية في
تلك البلاد.
ولقد نشأت
هذه المدارس
نتيجة تطور
مدارس المدن
أو المدارس
الكنسية،
وحلول اللغة
اللاتينية
الأدبية محل
اللاتينية
الكنسية،
والآداب محل
علم البيان
الصوري
والرياضيات
محل علم
الكلام
واضافة
اللغة
اليونانية
وأحياناً
العبرية. وقد
جرى ذلك في
مطلع القرن
السادس عشر
وصارت كلمة (جمنازيوم)
تطلق على مثل
هذه المدارس
الجديدة
واشهر مدرسة
من مدارس
الجمنازيوم
هذه هي مدرسة
(ستراسبورغ)
التي أنشأها
(ستورم Sturm)
والتي أصبحت
مثلاً يحتذى.
ومن الجدير
بالذكر ان
هذه المدارس
لم تكن تدرس
اللغة
الوطنية بل
كانت تدرس
اللاتينية
وقليلاً من
اليونانية
وكانت
التربية
فيها من
النوع
الإنساني
الضيق ولما
نشأت نظم
التربية
الحكومية
أصبحت هذه
المدارس
جزءاً من
النظام
العام
تراقبها
الحكومة إلا
انها بقيت
خير انواع
المدارس
الثانوية. وهي
تشبه
المدارس
السابقة
ولكنها كانت
مستقلة في
نشأتها عن
الحكومة
والكنيسة.
عاشت على
الاحسان
الخاص أو
المنح
الملكية.
ولعل اشهر
هذه المدارس
هي مدرسة (ايتون
Eton)
و(ركبي Rugby)
و(هارو Harrow)
وقد بقيت هذه
المدارس
محتفظة
بروحها
الإنسانية
الضيقة حتى
سنة 1864. وهي
تشبه إلى حد
كبير
المدارس
الانكليزية
التي أشرنا
إليها
سابقاً وهي
منقولة عنها
وقد كانت تعم
كل
المستعمرات
الانكليزية
في اميركا. ماهية
الاصلاح لا
تتميز (النهضة)
في المانيا
عن (الاصلاح
الديني) فيها
إلا بروحها
ونتائجها
وحين تحدثنا
في الفصل
السابق عن
عصر النهضة
وعما طرأ على
روح النهضة
من التغيير
بعدوصولها
إلى الشمال
أشرنا إلى
أهم مميزات
هذه الحركة،
ذلك بأن
النهضة في
ايطاليا
كانت تهتم
بالدرجة
الأولى
بالآداب
الكلاسيكية
الوثنية. وفي
حين ان
اهتمامها
الأول في
الشمال كان
بالآداب
المسيحية،
الأولى كانت
تهتم
بالثقافة
الشخصية
والثانية
بالاصلاح
الاجتماعي
أي بالأخلاق
والدين،
الأولى كانت
فردية تتركز
حول النفس
البشرية،
والثانية
اجتماعية
اصلاحية.
ولهذا الفرق
أسباب منها
ان مدنية
الأقطار
اللاتينية
كانت مبنية
على
المفاهيم
القديمة
الكلاسيكية
مباشرة في
حين ان مدنية
الأقطار
التوتونية
نتاج
مسيحيتها.
ولعل
التعليل
الآخر هو كون
العقلية
التوتونية
ذات ميول
دينية
أخلاقية في
حين ان
العقلية
اللاتينية
تتميز
بالاهتمام
العلماني.
ومن هنا كانت
اهتمامات
القرن
الخامس عشر
أدبية
استتكية (بديعية)
واهتمامات
القرن
السادس عشر
أخلاقية
لاهوتية
تتطبع
بالنقد
والبناء
أكثر من
التقدير
البديعي. كان
هذا النقد
وهذا البناء
موجهين نحو
ناحيتين من
الدين:
احداهما
مجردة
ولاهوتية
وثانيتهما
عملية
وأخلاقية.
ولقد بدأت
الحركة بجهد
عملي لإصلاح
فساد
الكنيسة.
والحق ان
ضرورة مثل
هذا الاصلاح
كانت أمراً
اعترفت به
الكنيسة منذ
زمن طويل
وطالب به
كثير من فرق
الكنيسة
الكاثلوليكية
قبل حدوث
الانقسام
وبعده. لقد
كان من
الممكن أن لا
ينتج الميل
للاصلاح هذا
والذي تجلى
في مؤتمر
ترنت Tent
(1545 ـ 1562)
انقساماً
دينياً
أبدياً لولا
ان الفروق
اللاهوتية
المجردة
التي نشأت عن
اختلافات
أساسية كانت
عميقة لدرجة
أصبح معها
الاتفاق
مستحيلاً. ان مرد
هذا التباين
في وجهات
النظر
الدينية إلى
طبيعة النفس
البشرية. وقد
تجلى في
أواخر
القرون
الوسطى في
الخلاف بين
الاسمية
والواقعية
الذي سبقت
الاشارة
إليه. ولكن
هذا الخلاف
لم يؤد إلى
الانقسام
الفعلي
وانشقاق
الكنيسة
بسبب عدم
سيادة روح
النقد
الصحيح
العميق
المبني على
محاكمات
ايجابية
مستنيرة
والذي أصبح
ممكناً
أثناء عصر
النهضة
ونتيجة
لاطلاع
الناس على
الثقافة
اليونانية
واللاتينية
مما جعل
الاصطدام
أمراً
محتوماً لا
محيص عنه.
كانت النظرة
الاولى ترى
في الدين
حقيقة كاملة
أعلنتها
العناية
الإلهية
ووضعتها في
يد الكنيسة
التي لا تقل
قداسة عن
الدين نفسه.
أما النظرة
الثانية فقد
كانت تتفق مع
الأولى في ان
الدين حقيقة
إلهية
المصدر
ولكنها كانت
ترى مع ذلك
ان هذه
الحقيقة
انما تنمو
مبادؤها
وتتكامل
بنمو روح
الإنسان
وتكاملها.
انها ترى ان
الدين ليس
حقيقة كاملة
بل هو حقيقة
تتكامل
مبادؤها من
خلال
التطبيق
التدريجي في
حياة البشر
وان معنى
الدين
الخاص، في
الزمان
والمكان،
يظهر نتيجة
لاستعمال
العقل
البشري في
الحقيقة
الاساسية. ان
النظرتين
تقبلان
الحقيقة
الدينية
كاساس. ولكن
الواحدة ترى
ان هذه
الحقيقة
تكملها سلطة
الكنيسة.
والثانية
تراها مكملة
بعقل الفرد.
وهكذا فإن
الاشادة
بأهمية
العقل التي
بدأت في عصر
النهضة
تزايدت في
عصر الاصلاح
وطبقت بصورة
خاصة على
المعتقدات
الدينية
وأعمال رجال
الكنيسة. ان
جوهر
الاصلاح
الديني
البروتستانتي
موجود في
مميزات
النهضة أي
الميل إلى
الملاحظة
والمقارنة
والنقد
وبكلمة
واحدة
الرجوع إلى
المصادر
الأصلية
للخبرة. أما
العمل ضد
الاصلاح فقد
تجلى في
معاكسة هذه
الحركة
الانفصالية.
ولقد كانت
محاكم
التفتيش
الوجه
السلبي
الأهم لهذه
الحركة
الرجعية كما
كانت
التربية
واسطتها
الايجابية
الأولى ولقد
اشرفت على
هذه الحركة
التربوية
منظمات
تألفت لهذا
الغرض
واشهرها (جمعية
يسوع). تاثير
هذه الحقبة
على مفهوم
التربية
وروحها لقد
كانت من
المنطقي أن
تؤدي نظريات
المصلحين
إلى دوام
تأكيد
النهضة على
وجوب
استعمال
العقل في
تفسير
الحياة
والطبيعة
أولاً، والى
حصر سلطة
الكنيسة في
المسائل
الدينية فقط
ثانياً،
والى
استعمال
الفرد عقله
حتى في تفسير
الكتابات
المقدسة
ثالثاً،
ولكن هذا لم
يحدث مع
الاسف، إذا
انه لم يكد
يمضي جيل
واحد حتى
بدأت
المعاكسة.
كتب لوثر Luther
في أيامه
الأولى يقول:
" ما ناقض
العقل يناقض
الله حتماً،
إذ كيف يمكن
ان يكون
المناقض
للعقل
والحقائق
البشرية
متفقاً مع
الحقيقة
الإلهية "
وكتب بعد ذلك
بقليل " من
المسلم به ان
العقل أساس
كل شيء "
ولكنه كتب في
أخريات
أيامه
قائلاً "
العقل
كالوحش،
وكلما ازداد
العقل دقة
ازداد سم ذلك
الوحش، انه
ضد الإله
ومخالف
لأعماله
كلها " ولقد
تكرر مثل هذا
الموقف الذي
يمثل
تغييراً
عاماً لا
تغيراً
فردياً فقط. لقد
اعترف قادة
الاصلاح بأن
نظرية
الاصلاح
تشتمل على حق
الفرد في
حرية الضمير
وواجبه في
تفسير
الكتابات
المقدسة
بحسب عقله.
ولكنهم رأوا
انه من الصعب
الاعتراف
بهذا الحق
لكل الناس
ولذلك فقد
تأخر تطبيق
مبادئ
الاصلاح
الاساسية
على الأدب
والدين
والحياة
اليومية
والتربية
عامة إلى
العصور
التالية،
وحتى في ذلك
الحين لم تكن
المهمة سهلة
بل كان لا بد
من الاصطدام
بالكنيسة
الجديدة
والكنيسة
الكاثوليكية.
إن التربية
حينئذ لم
تسمح بحرية
التفكير
واستعمال
العقل إلا
بمقدار يسير
جداً. ولقد
سادت
الشكلية
التربية
التي نشأت
عند فرق
الروتستانتية
المختلفة،
كما تحكم
اللاهوت
بالتربية
تحكماً أدى
إلى
الشكلية،
حتى صارت
الاختلافات
بين المذاهب
البروتستانتية
اختلافات
على تفاصيل
لا قيمة لها
وصارت
الحياة
الفكرية
تبعاً لذلك
محصورة في
حدود هذه
الاختلافات
الصغيرة.
وصارت
المدارس،
الابتدائية
منها
والعالية،
تستمد روحها
وغاياتها من
هذه الفروق
الضيقة
الشكلية.
والحركة
المعاكسة
للاصلاح
نفسها اتخذت
الوضع نفسه
عند
الجماعات
الكاثوليكية.
ويمكننا
القول بأن
النصف
الثاني من
القرن
السادس عشر
والقرن
السابع عشر
بكامله قد
سادتهما (مدرسية)
جديدة
بروتستانتية
أو
كاثوليكية.
ورغماً عن
بعض
الاختلافات
بين فحوى
المدرسية
الجديدة
والمدرسية
القديمة فإن
الروح واحدة
في كلتيهما
وكذلك الشكل.
لقد عاد منطق
ارسطو فاصبح
أساس
التعريفات
التي لا
نهاية لها
والتمييزات
التي نجمت عن
هذه الفرق. ولهذه
الاسباب
كلها يرجع
فشل الاصلاح
في ضمان حرية
الفكر
وانتشار
الثقافة
وتقدم
العلوم خلال
القرنين
السادس
والسابع عشر
رغم اهتمام
المصلحين
بأمور الفكر
والتربية.
ولقد كانت
الحروب
الدينية
مسؤولة، ولو
جزئياً، عن
سيادة
الدولة على
الدين وعن
طبيعة
التربية
الشكلية
والمدرسية
وهذه
الأحوال
نفسها تفسر
تدهور
التربية
خلال القرن
السابع عشر
كما تفسر
تأخر تحقيق
أفكار زعماء
الاصلاح حتى
القرن
الثامن عشر. وهذه
التربية
اللاهوتية
الشكلية لم
تتجل في عمل
الجامعات
والمدارس
العليا وفي
روح الثقافة
عامة فحسب بل
تعدتها إلى
المدرسة
الابتدائية
حيث عاد
المربون مرة
أخرى إلى
تقوية القوى
الجدلية
للأطفال
وتعويدهم
استعمال
الألفاظ
المجردة
والاهتمام
بالشكل دون
الفحوى.
وهكذا اتجه
الاهتمام من
جديد، وفي كل
المدارس إلى
الذاكرة
وعمل النفس
المنطقي
المجرد بقطع
النظر عن
الصحة
المادية
الواقعية. أما من
حيث الفحوى
فقد قبل مربو
الاصلاح
المنهاج
الإنساني (منهاج
عصر النهضة)
رغماً عن
استعمالهم
اياه لغاية
تختلف عن
غايات
المربين
الأول لعصر
النهضة. وهذا
القول ناجم
عن المصالح
الحيوية بين
الحركتين
مما لاحظناه
في الفصل
السابق،
يضاف إلى ذلك
ان اتقان
اللغتين
اليونانية
واللاتينية
كان ضرورياً
لدراسة
الكتابات
المقدسة
دراسة
مباشرة في
اصولها، ومن
هنا نتج كون
مثل هذه
الدراسة قد
أصبحت الهدف
المباشر
للتربية
البروتستانتية
وانها وجدت
محلاً
كبيراً في
المدارس
البروتستانتية.
وهكذا فقد
صار للمنهاج
صبغة دينية
ظاهرة
ومتنوعة
الأشكال،
حتى صار
الانجيل
كتاباً
مدرسياً كما
أجبر
التلاميذ
على حفظ
قواعد الدين
المسيحي
وصلوات
القديسين
وكتابات
الآباء
الكنسيين
مما صبغ
التربية
بصبغة دينية
صريحة. ولعل
أهم أثر
تربوي
للاصلاح
الديني هو
افتتاح
مدارس عدة
بغية تعميم
التعليم. نعم
ان تعميم
التعليم
وجعله في
متناول كل
مواطن لم
يتحقق إلا
بعد انتشار
الفكرة
الاساسية
القائلة بأن
رفاه الدولة
متوقف على
تربية
المواطن
الفرد. ولكن
أساس كل عمل
في تعميم
التعليم
موجود في عصر
الاصلاح
وفكرته
القائلة بأن
سعادة الفرد
الأبدية
متوقفة على
أعماله
وعقله كما
جاء في
الكتابات
المقدسة
ولذلك كله
فإن تمكين
الرد من
قراءة
الانجيل
بشكل من
الأشكال
وتمكينه من
الرجوع إلى
الاصل
اللاتيني أو
اليوناني
على الأخص
وتعويده على
مناقشة
الكتابات
المقدسة
والنظر
فيها، واجهت
المدرسة
بمهمة جديدة
وفرضت تعميم
التربية
الالزامية
بين كل
الطبقات من
جهة وبين
الجنسين من
جهة أخرى. اننا
لا نزعم بأن
الأصلاح
الديني هذا
هو الذي ترجم
الانجيل إلى
اللغات
القومية
وذلك لأننا
نعلم بأن
أربعاً
وعشرين
ترجمة
المانية
للانجيل
سبقت ترجمة
لوثر له. كما
اننا لا نزعم
بأن الاصلاح
الديني هو
الذي عمم
المدرسة
الابتدائية
معرفة منا
بأن فرص
التعليم في
القرن الذي
سبق الاصلاح
الديني كانت
أقوى منها في
القرن الذي
تلاه ولكننا
زعيمون ان
الفكرة
الحديثة
للتربية
الابتدائية
هي نتاج أكيد
لمبادئ التي
بشر بها
الاصلاح
الديني. بعض
المربين في
عهد الاصلاح
الديني صعب،
بل يكاد يكون
مستحيلاً،
ان نفرق بين
المربين
الإنسانيين
والمربين
الدينيين في
القرن
السادس عشر،
وذلك لأن
الإنسانيين
في أوروبا
الشمالية
صبغوا أفكار
عصر النهضة
بصفة
اصلاحية
وبالتالي
أخذوا على
عاتقهم
مسؤولية
حركة
الاصلاح،
صحيح ان
بعضهم، مثل (ايراسموس)
و(مور More)
و(رابليه Ravelais)
رفضوا
الخروج على
الكنيسة
وعابوا على
حركة
الاصلاح
عنفها،
ولكنهم مع
ذلك يعتبرون
ذوي اثر فعال
في حركة
الاصلاح
وذلك للروح
التي تشبعت
كتاباتهم
بها. ويمكننا
القول ان
عدداً
كبيراً من
المربين
الإنسانيين
مثل ستورم Sturm
مثلاً، يمكن
اعتبارهم
ممثلين
للتربية
الدينية. كما
يمكننا
اعتبار
الكثيرين من
مربي حركة
الاصلاح
الديني، مثل
(ملانكتون) Melanchthon
إنسانيين
كأي مرب
إنساني
ذكرناه في
الفصل
السابق.
والمظهر
الديني لعمل
هؤلاء
المربين
انما يتضح في
غاية
التربية
وطرق
تنظيمها. في
حين ان
المظهر
الإنساني أو
الواقعي
لعملهم يتضح
في فحوى
كتاباتهم
وموضوعها.
ولقد كان من
نتاج حركة
الاصلاح
والحركة
التي
عاكستها
مربون كبار
عديدون
نقتصر على
ذكر بعضهم.
ومن الجدير
بالذكر ان من
مميزات حركة
النهضة في
أخريات
أيامها لجوء
القادة
الدينيين
إلى التربية
واعتبارها
الأداة
الأهم في
تحقيق
اصلاحاتهم
التي دعوا
إليها. هذا
وان أشهر
المربين
البروتستانت
هما لوثر
وملانكتون. هو
القائد
الأكبر
للاصلاح
الديني،
تزعم الحركة
التربوية
التي كانت قد
بدأت في
المانيا قبل
النهضة وفي
أثنائها. وقد
كان لهذه
الحركة وجوه
ثلاثة: فقد
عملت،
أولاً، على
تخليص
التربية من
الكنيسة
التي كادت
تقضي عليها
بقيودها
الكثيرة
وعراقيلها
المتزايدة
ثم تسليمها
إلى الدولة.
وجهدت،
ثانياً، في
تعميم
التربية
والتعليم
وجعلهما في
متناول جميع
الناس،
وتفهمت،
ثالثاً، روح
التربية
وحقيقة
مهمتها في
الحياة
الدينية
والمدنية
تفهماً لم
تسبق إليه.
وهذه
الاتجاهات
الثلاثة
صادفت هوى في
نفس لوثر
واسنجمت مع
ميوله
واعتقاداته
فجهد في
تحقيقها
الذي ساعده
عليه نجاح
روح النهضة
وانتشار
مبادئها.
ولقد حارب
لوثر
التربية
الكنسية
حرباً لا
هوادة فيه
وأصر على
وجوب تخليص
المدرسة
والتربية من
احتكار
الكنيسة
والدين. يقول
لوثر في خطبة
له مشهورة ما
يلي: " لا غنى
لهذا العالم
عن المدارس
سواء أكانت
الروح
والجنة
والنار
موجودة أو
غير موجودة
وذلك من أجل
تيسير
الأعمال في
هذه الحياة
الدنيا وقد
أظهر لنا
تاريخ
اليونان
والرومان
هذا الأمر
بوضوح. ان
العالم
بحاجة لرجال
ونساء
متعلمين
وذلك لكي
يحكم الرجال
البلاد
حكماً
صحيحاً،
ولكي تربي
النساء
أولادهن
تربية طيبة،
ويحسن ادارة
منازلهن
وخدمهن " . ولقد
كان لوثر يرى
في العائلة
مؤسسة
تربوية لا
تقل أهمية
حتى عن
المدرسة
وذلك لأنه
اعتقد ان
التربية أمر
أوسع من
المدرسة.
ولكنه نادى
بوجوب توسيع
المدرسة
التي كانت في
زمانه،
وأغلب الظن
انه لو رأى
المدارس
التي بناها
أتباعه في
أخريات
القرن
السادس عشر
وطوال القرن
السابع عشر
وادعوا انهم
طبقوا فيها
مبادءه،
نقول لو رأى
هذه المدارس
لاحتج على
ضيقها. يرى
لوثر ان
اللاتينية
واليونانية
يجب أن تكونا
عماد
الدراسة،
ويضيف إليها
العبرية
والمنطق
والرياضيات
ويصر على
أهمية
التاريخ
والعلوم
والموسيقى،
واشارته إلى
أهمية
الموسيقى
كانت ذات
أهمية بالغة
في حياة
الشعب
الألماني
وذلك لأن
عناية لوثر
بالموسيقى
وشارته إلى
قيمتها كانت
سبباً في جعل
الموسيقى
جزءاً هاماً
من أجزاء
التربية
الألمانية
وبالتالي
سبباً
رئيسياً
للانتاج
الألماني في
الموسيقى
ذلك الانتاج
الرائع الذي
خلد على
الدهر. هذا
وقد أعطى
لوثر
للرياضة
البدنية
والتربية
الجسدية
أهمية كانت
جديدة على
التفكير
الألماني. وقد
رأى لوثر
أهمية تعميم
التربية في
نشر مبادئ
الاصلاح
الديني
ولذلك فقد
أصر على
ضرورة هذا
التعميم في
كل كتاباته
فقال بوجوب
تيسير
التعليم لكل
الطبقات،
شريفها
ووضيعها
غنيها
وفقيرها،
رجالها
ونسائها،
فكان في ذلك
إمام جميع من
سبقه من
المربين.
وأخيراً فان
لوثر اصر على
وجوب اضطلاع
الدولة
بأعباء
التعليم
وجعله
إلزامياً.
فقال: " انني
لا أوافق
مطلقاً على
المدارس
التي يقضي
فيها الطفل
عشرين أو
ثلاثين
عاماً في
دراسة
اليونان
والرومان
دون فائدة
يجنيها منها.
لقد أشرق فجر
عالم جديد
مختلف عن
العوالم
السابقة
ولذلك فإني
أرى وجوب
إرسال
الاطفال إلى
المدرسة
ساعة أو
ساعتين في
اليوم
بالإضافة
إلى تعليمهم
مهنة في
البيت. واني
لمؤمن بوجوب
تمشي هذين
النوعين من
التعليم
جنباً إلى
جنب " . ولقد
كان من رأيه
ان على
الحكومة " أن
تجبر
رعاياها على
إرسال
أولادهم إلى
المدرسة "
كما تجبرهم
على الخدمة
العكسرية.
وللأسباب
ذاتها أي
للدفاع عن
البلاد
وتأمين
رفاهها
ولذلك فإن
الواجب يقضي
بأن تنفق
الحكومة على
التربية. هذا
وقد بقي
تحقيق أفكار
لوثر إلى
أتباعه
واشهرهم
ملانكتون. فيليب ملانكتو Philip Melancthon ويسمى (مربي
ألمانيا)
وذلك لأن
مقامه في
التربية
الألمانية
كمقام لوثر
في الاصلاح
الديني فيها.
والحق ان
ملانكتون
نال هذا
اللقب عن
جدارة
واستحقاق،
وذلك لأنه لم
يقارب نهاية
ايامه حتى
كانت كل
مدينة في
المانيا قد
حورت
مدارسها
طبقاً
لأفكار
ملانكتون
التربوية
واقتراحاته
المفيدة،
كما انه كان
من النادر أن
توجد مدرسة
واحدة لا تضم
في عداد
أساتذتها
واحداً أو
أكثر من
تلاميذه
ولقد كانت (وتنبرغ
Wittenberg)
المركز الذي
شع منه تاثير
ملانكتون
الذي انضم
إلى تاثير
لوثر ونفوذه.
ففي هذه
الجامعة سلخ
هذا المربي
الكبير
اثنين
واربعين
عاماً من
حياته
النشيطة وقد
كان تأثيره
الباعث
الأهم على
تنظيم هذه
الجامعة وفق
المبادئ
الإنسانية
والبروتستانتية.
وقد صارت هذه
الجامعة
فيما بعد
مثلاً
احتذته كل
الجامعات
الجديدة في
المانيا.
ولقد اجتذبت
شهرة
ملانكتون
ألوف الطلاب
إلى جامعة (وتنبرغ)
ومنها حمل
ألوف من
المعلمين
أفكار
ملانكتون
إلى مدارس
ألمانيا
جمعاء. ولقد
كان من
المألوف إذا
احتاج امير
لأستاذ يدرس
في جامعته أن
يبعث إلى
ملانكتون في
طلب مثل هذا
الأستاذ
فينتقيه
ملانكتون من
بين طلابه.
وكذا الحال
إذا احتاجت
مدينة
مديراً
لمدارسها
وهكذا فقد
كان أشهر
معلمي تلك
الحقبة من
طلاب
ملانكتون
ومريديه أو
ممن يعتمدون
عليه في
النصح
والارشاد،
ولقد قاد
الاصلاح
التربوي
بهذه
الوسيلة
وبغيرها من
الوسائل
التي كان في
جملتها
التراسل مع
المهتمين
بأمور
التربية أو
زيارة
معاهدهم. أما
اتصال
ملانكتون
بالطلاب فقد
كان عن طريق
الكتب التي
ألفها لهم.
فقد ألّف وهو
في السادسة
عشرة من عمره
كتاباً في
قواعد اللغة
اليونانية
اصبح فيما
بعد
مستعملاً في
جميع مدارس
ألمانيا
وكذا الحال
في كتابه عن
قواعد اللغة
اللاتينية
الذي كتبه
فيما بعد.
ولقد
استعملت
كتبه عن
الجدل
والبيان
والأخلاق
والفيزياء
والتاريخ في
المدارس
الدنيا. وقد
صار كتابه عن
اللاهوت
الكتاب
الرسمي
للجامعات
البروتستانتية
والمدارس
الثانوية. وفي
سنة 1528 كلف من
قبل سلطات
ساكسوني
بوضع نظام
لمدارس
الحكومة
فصار بذلك
المؤسس
الأول لمثل
هذه المدارس. أما كتابات ملانكتون التربوية فتنحصر بالدرجة الأولى في خطب ومحاضرات تبحث في قيمة دراسة الآداب والفلسفة، ولذلك فإن أهميتها محصورة في الاشارة إلى روح التربية الإنسانية وفحواها.
|
||||||||
|