|
||||||||
مقدمات القيامة عظيمة عظم القيامة |
||||||||
[ 41 ] (فإذا انشقت
السماء
فكانت وردة
كالدهان *
فبأي آلاء
ربكما
تكذبان)
(سورة
الرحمن،
الآيات: 37 ـ 38). (لا
بشي من آلائك
ربِّ
أُكذّبُ). مقدمّات
القيامة
عظيمة عظم
القيامة: لا
يوجد في
الواقع خبر
أهم وأصعب من
خبر القيامة
في جملة من
هذه الأخبار
الإلهية،
باعتبار
الآثار
الكبيرة
المترتبة
عليه،
فالدنيا على
سعتها
الرحبة
يصفها الله
عز وجل
باللعبة
عندما يقول (إنما الحياة
الدنيا لعب
ولهو)[1].
أمّا عن
الآخرة
فنجده تعالى
يسمها
بالنبأ
العظيم كما
في قوله (عمّ
يتساءلون،
عن النبأ
العظيم) (سورة
النبأ،
الآية: 1). وحتى أن
زلزلة
الساعة
يصفها
المولى (عز
وجل) بالشي
العظيم في
قوله (إن
زلزلة
الساعة شيء
عظيم) (سورة
الحج، الآية:
1). إذاً
القيامة
وحسب
الأوصاف
القرآنية هي
نبأ عظيم أو
خبر عظيم
ولكننا
للأسف شغلنا
أنفسنا عنها
بأنباء
وأخبار
الدنيا. ولما
كانت
القيامة أمر
عظيم فان
مقدماتها
وآثارها هي
الأخرى
عظيمة
باعتبار
عظمة
القيامة،
فمن آثار
القيامة
تلاشي جميع
الأجسام
وفناءها، أي
أن الأجسام
المركبة
والمتصلة
تستحيل عند
القيامة إلى
أشياء
متحللة
ومنفصلة،
ويصدق هذا
الأثر
العظيم على
أجسام
العالم
العلوي
والأفلاك
أيضاً،
فالكواكب
والنجوم
وسائر
الأجرام
السماوية
تتركب من
أجسام
وأجزاء تتصل
مع بعضها
وتتحد،
وعندما تقوم
الساعة
تستحيل هي
الأخرى إلى
ذرات ونثار. تحطّم
الأفلاك
السماويّة: فالشمس
تتحطم،
والقمر
ينفجر
والكواكب
والنجوم
تتشقق، وهو
ما يعبّر عنه
القرآن
الكريم
بالانفطار
والانشقاق
للسماء وهو
المفهوم
الشامل لكل
ما يعلو رأس
الإنسان. أما
عن كيفية
حصول
التلاشي
والزوال
لهذه
الأجرام،
فالمتوقع هو
أن يتم
انصهارها
بحيث تتحول
إلى ما يشبه
صورة الزيت
بفعل تأثير
الحرارة
الشديدة
الناشئة عن
قيام الساعة
والتي يعود
باعثها على
الأرجح إلى
الانفجارات
الداخلية (الباطنية)
في الشموس
والكواكب
والأجرام
الأخرى مما
يؤدي ذلك إلى
ذوبانها. صيرورة
اللّون
الأزرق إلى
الاحمرار: والأمر
المدهش هنا
عند حلول
القيامة هو
تبدّل لون
السماء،
فاللون
الحالي
المألوف هو
الأزرق،
ولكن هذا
اللون ينتقل
إلى
الاحمرار
عند قيام
الساعة، بل
ان هذا اللون
هو الآخر لا
يثبت على
حاله
الجديد، فهو
يتغير
ويتبدل إلى
ألوان أخرى،
فكما أن زيت
الزيتون
عندما نسكبه
على صفحة
الماء يعطي
ألواناً
متعددة، فان
السماء كذلك
تأخذ
بالتقلّب في
ألوانها.
فالتفت
عزيزي
القارئ إلى
معنى هذه
الآية بعدما
استعرضناه
في مقدمتنا
هذه من لوازم
الايضاح حول
الانشقاق
المساوي
وتتابع الانفجارات
الكونية
وتبدل لون
السماء. (فإذا
انشقت
السماء) أي يعد ان
تنفصل
الكواكب
والنجوم عن
أفلاكها، ثم
تأخذ
بالانفجار (وفي
هذا الشأن
يؤكد علم
الفلك
الحديث ان
لجميع
الشموس
والكواكب
أعماراً،
وبمجرد أن
تنتهي هذه
الأعمار،
تموت تلك
الكواكب
والشموس
وتتلاشى). (فكانت
وردة
كالدهان)
ولكمة (وردة)
معنيان هما: 1
ـ زهرة شجرة
الورد
المعروفة،
وغالباً ما
تطلق هذه
التسمية على
نوع خاص من
الأوراد هو
الورد
الأحمر، حتى
ان اللون
الوردي (المشتق
عن كلمة ورد)
يقال
للأشياء ذات
اللون
الأحمر
القاني؛
ومعنى نص
الآية هذه هو
ان هيئة
السماء
تستحيل إلى
ما يشبه
الوردة
الحمراء
بفعل
الحرارة
الشديدة
الناشئة عن
لهيب نار
جهنم، وهذا
يؤدي إلى
ذوبان
الأجرام
المساوية
وقتما يرفع
عن فوهة جهنم
غطاؤها. حصان
تتبدل
ألوانه على
مدار فصول
السنة: 2
ـ المعنى
الآخر هو ما
أورده صاحب
تفسير مجمع
البيان وبعض
المفسرين،
وهو اسم لنوع
من الخيول
العربية
التي تشتهر
بها مدينة
وردة، ومن
خصائص هذا
النوع من
الخيول انه
يتلّون
بألوان
متعددة
تبعاً لفصول
السنة، ففي
فصل يكون
لونه
أحمراً، وفي
فصل آخر يصير
لونه
أصفراً، وفي
فصل ثالث
يكون لونه
أزرقاً،
وهكذا،
وعليه تمت
الاستفادة
من هذا
التلون لدى
هذا النوع من
الخيول وسمي
الحصان
بالوردة
بالاستعارة
اللفظية. وهكذا
الحال
بالنسبة
للون
السماء، ففي
القيامة
يتغير لونها
من اللون
الأزرق إلى
الأحمر،
وعليه جاءت كلمة
وردة
كاستعارة
لفظية تبعاً
لاستعمالات
اللغة
العربية. التلوّن
في دهن الزيت: (كالدهان)
الدهان مشتق
من الدهن وهو
السمن، ووجه
تشبيه السماء في هذه
الآية
هو من حيث
التشابه في
الذوبان
والانصهار،
فالسماء
تنصهر حتى
تصبح سائلة
كالماء، كما
هو الحال
بالجبال
الرواسي
التي تستحيل
صلابتها
القاسية إلى
ذرات غبار
وهباء منثور[2].
إذاً السماء
تنصهر كما
ينصهر الدهن.
وهناك وجه
آخر للتلوّن
أو تعدد
الألوان
والصبغات،
فكما أن
الزيت الذي
يهرق على سطح
الماء يعطي
ألواناً
متعددة،
فمظهر
السماء عند
القيامة
يأخذ هذا
النحو فهي
تبدي حينئذ
ألواناً
متعددة. فإلى
كل بيت نقول،
هل فكّرت في
يوم سيأتيك
كهذا اليوم؟
وهل تخيّلت
قيام الساعة
إذ الجبال قد
نسفت،
والسماء قد
انصهرت، وهل
تنبّأت بما
سيحل على
رؤوسنا
يومذاك من
أهوال
وشدائد
ومصائب؟؟
يقول مولانا
الإمام أمير
المؤمنين (ع)
في دعاء كميل
(وهذا ما لا
تقوم له
السماوات
والأرض، يا
سيدي فكيف بي
وأنا عبدك
الضعيف
الذليل
لحقير
المسكين
المستكين)!! الأمن
للقلوب
الوجلة: ويروى
عن سيدنا
رسول الله
محمد (ص) أنه
دخل مرة
المسجد وكان
حينها شاب قد
وقف صافاً
قدميه يصلي
ويردد في
قنوته
باكياً (الويل
لي إذا
السماء
انشقت) فتوقف
النبي (ص)
هنيهة ورمقه
ببصره ثم فال
له: لقد
أبكيت
الملائكة
ببكائك. بلى
ان هذه
الحرقة
واللوعة هي
في حد ذاتها
نعمة،
وعاقبتها ان
تبدل صاحبها
أمناً لأن
زيادة الخوف
والخشية
تؤدي إلى
زيادة الأمن
والاطمئنان
لأن الله (عز
وجل) أدل من
أن يبكي
عيناً في
الآخرة بكت
في الدنيا من
خوفه
وخشيتهن
فكيف يمكننا
أن نتصور تلك
القلوب التي
لا تطيق سماع
آيات العذاب
سوف تبصر
عياناً ذلك
العذاب؟! نعم
يبقى العذاب
ملائماً
لتلك القلوب
المتحجرة
الصلبة
القاسية من
كثرة ما ران
عليها من
الآثام
والمعاصي،
وهذا ما
يؤكده قوله (تعالى)
(فويل
للقاسية
قلوبهم من
ذكر الله) (سورة
الزمر،
الآية: 22).
بينما هذه
الحقيقة لا
تصدق على تلك
القلوب التي
تعبّأت
واستعدت
لمثل ذلك
اليوم
العصيب
فتطهرت، لأن
القلب
الزاكي
الطاهر
المتطهر سوف
يعتمر بخشية
الله (سبحانه
وتعالى)
فيكتب
الحصانة
والمنعة من
التدنس بدرن
المعصية
والاثم
والذنب. مناجاة
الإمام
الحسين (ع)
والإجابة
السماوية: جاء
في كتاب
المناقب أن
رجلاً قال
للإمام أبي
عبد الله
الحسين (ع): إني
لأراك يا
سيدي عظيم
الخوف كثيره
(إذ إن
الإمام
الحسين (ع)
كان في غاية
رقة القلب)،
فرد عليه
الإمام
قائلاً: وهل فاتك
ان الأمن في
القيامة
لأهل الخوف؟!.
وأوّل بشرى
تزفّها
الملائكة
للعبد
المؤمن في
ساعة قبض
روحه ان تقول
له (لا خوف
عليكم ولا
أنتم تحزنون)
(سورة
الأعراف،
الآية: 49). وهذا
هو أوّل
الوصال. وفي
الخبر
المشهور عن
أنس أنه قال:
صحبت الإمام
الحسين (ع)
إلى مقبرة
بني هاشم)
وهي مقبرة
أبي طالب،
وحالياً
يقال لها
المعلاّ،
وتقع في مكة
المكرّمة)
ولمّا جئنا
قبر جدته
خديجة قال لي:
اتركني
لوحدي، يقول
أنس فمشيت
عنه ولكني لم
أرحل
بعيداً،
فجلست في
ناحية استمع
لما يقول،
فأنشأ يقول
بقلب حزين (يا
ذا المعالي
عليكم
معتمدي... إلى
آخر
الأبيات،
وهو يناجي
ربه (عز وجل)
ويقول بما
مضمونه يا رب
يا من عليه
معوّلي،
طوبى لمن كنت
أنت مولاه،
وطوبى لمن
خفق قلبه من
فرط خشيتك
فراح يبث
إليك شكواه،
ويكشف لك عما
بلاه...) يقول
أنس، وفجأت
دوّى صوت بين
الأرض
والسماء وهو
يقول: لبيك
لبيك أيها
العزيز، أن
الملائكة
لتعشق صوت
أنينك)،
فصلّى الله
عليك يا أبا
عبد الله
الحسين (ع). (فيومئذ لا
يسأل عن ذنبه
إنس ولا جان *
فبأيّ آلاء
ربّكما
تكذّبان)
(سورة
الرحمن،
الآيات: 39 ـ40 ). الحساب
والسؤال لا
يحصل عقيب
البعث
مباشرة: وبعد
أن تقوم
الساعة
ويبعث الله
الخلائق من
قبورهم
فينفضون
التراب عن
رؤوسهم يقول
المولى
تعالى (فيومئذ
لا يسأل عن
ذنبه انس ولا
جان)
والهاء في
ذنبه هي ضمير
متصل يعود
على الانس
باعتار
التقدّم
الرتبي، وهو
نائب الفاعل
لـ (لا يسأل)،
وعليه يكون
المعنى ـ
حينذاك لا
يُسأل
الإنسان عن
ذنبه ولا
الجان ـ. الحساب
والسؤال في
القيامة من
بديهيات
القرآن: ولعله
هنا يبرز
اشكال
يستوجب
القيام
بالإجابة
عليه وحل
معضله
وغموضه،
وهذا
الاشكال هو
ان مسألة
الحساب هي من
مسلّمات
القيامة
وبديهياتها،
وفيها يتم
تحصل
الاستنطاقات
وتقديم
الأسئلة
للخليقة
العاقلة عما
حملوه من
عقائد وما
فعلوه من
أعمال وما
نطقوه من
أقوال، بل ان
النبيين
وحسبما صرح
بذلك القرآن
العظيم
يخضعون
للمسائلة
والاستنطاق،
كما في هذا
النص الذي
يقسم على
تأكيده
وتحقيقه
المولى (عز
وجل) (فلنسألنّ
الذين أرسل
إليهم
ولنسألنّ
المرسلين) (سورة
الأعراف،
الآية: 6).
فالأمم تسأل
عما حملت به
من تعاليم
أنبيائهم،
والأنبياء
يسألون عن
تبليغ
رسالات
وتعاليم
الله (عز وجل)،
وفي موضع آخر
من القرآن
الكريم يقول
تعالى (وقفوهم
انهم
مسؤولون) (سورة
الصافات،
الآية: 24). وفوق
ذلك يسأل
الخلق عن
تركه سيد
الكائنات (ص) (القرآن
والعترة) كيف
كان عمل
المكلّفين
بالتزام
هذين
الثقلين
وكيفية عمل
الخلق
والولاية
الإلهية
الموسومة
بالنعيم في
قوله تعالى (ثم
لتسألنّ
يومئذ عن
النعيم) (سورة
التكاثر،
الآية: 8). وفي الواقع
فان النعيم
هو القدر
المسلّم به
من نعمة
الولاية كما
هو واضح،
إضافة إلى
تصريح
القرآن
العزيز في
مواضع
متعددة منه
بحتمية سؤال
المذنبين
واستنطاقهم
بحيث ان
المرء يحاسب
على كل نية
ومعتقد وعمل
وقول،
كبيراً كان
أم صغيراً (فمن يعمل
مثقال ذرة
خيراً يره*
ومن يعمل
مثقال ذرة
شراً يره)
(سورة
الزلزلة،
الآية: 7 ـ 8). وهل
يسأل المجرم
عن ذنبه؟ ولكننا
نجد في تصريح
هذه الآية
الكريمة
موضوع البحث
ان الإنسان
والجن لا
يسألان عن
ذنوبهما كما
نقرأ (فيومئذ لا
يسأل عن ذنبه
انس ولا جان)،
وفي قول آخر
يقول عز وجل (ولا
يُسأل عن
ذنوبهم
المجرمون)
(سورة
القصص، (78).
ولكن ومن
خلال سياق
الآيات
الكريمة
التي
عرضناها قبل
هاتين
الآيتين
يبدو ان
موضوع
المسائلة
والحساب
والاستنطاق
في القيامة
هو من الامور
القرآنية
المسلّم بها,
فهل انها
تتعارض مع ما
صرحت به
هاتين
الآيتين؟،
في الواقع
انها تبدو
متعارضة لمن
يرقبها لأول
وهلة، وعليه
يفترض بنا ان
نوضح معنى
الآيتين
لندفع الخلط
والالتباس
المؤدي إلى
تصور وجود
التعارض لدى
القارئ العزيز،
مع ضرورة
تثبيت
مبدئيّة
استحالة
وجود
التناقض في
القرآن
الكريم،
ولعل افضل
بيان توضيحي
يزيل هذا
الابهام
والخلط هو ما
صرح به سيدنا
الإمام علي (ع): سؤال
الزنديق
للإمام علي (ع): فقد
نقل صاحب
كتاب بحار
الأنوار هذه
الرواية
التي تقول إن
زنديقاً جاء
إلى الإمام
أمير
المؤمنين (ع)
وعرض عليه
بعض الشبهات
زاعماً فيها
أنها تشتمل
على تناقضات
حملها
القرآن
الكريم بين
دفتيّه ثم
أضاف بقوله
انه ولولا
هذه
التناقضات
لآمن
بالقرآن
العظيم،
فسأله
الإمام (ع):
وأين هي هذه
التناقضات؟
حينئذ عرض
الزنديق
الآيات
القرآنية
التي زعم
بقوله أنها
تتناقض مع
بعضها البعض
(من حيث
ظاهرها) فرد
الإمام علي (ع)
باجابات
وافية
مفحمة، وكان
من جملة ما
أشكله
الزنديق على
القرآن
الكريم هو
موضوع (المساءلة.
الاستنطاق)
في القيامة،
وحينها قال
للإمام (ع): هل
ان السؤال
والحساب في
القيامة
موجود أم لا؟
لأن بعض آيات
القرآن تثبت
وجوده
وتؤكده،
بينما هناك
آيات آخر تفي
ذلك، فرد
عليه الإمام
(ع) قائلاً:
إنّ للقيامة
مواقف
ومواطن، فهل
تخيّلت أن
القيامة
مجلس واحد؟! مواقف
القيامة
خمسون
موقفاً: وما
يناسب بحثنا
هذا هو ما
اشتمل عليه
حديث شريف
يروى عن
الإمام
الصادق (ع)
نعرضه هنا ثم
نعرّج بعد
ذلك على بقية
حديث الإمام
علي (ع)
المنقول في
كتاب البحار.
يقول الإمام
الصادق (ع)
حسب مضمون الرواية،
ان للقيامة
خمسون
موقفاً يمتد
كل موقف على
الكافرين
ألف
سنة؟؟؟؟،(في
يوم كان
مقداره ألف
سنة مما
تعدّون).
(سورة
السجدة،
الآية: 5). وعليه
كان مجموع
يوم القيامة
خمسين ألف
سنة[3].
(سورة
المعارج،
الآية: 4). لا
يوجد تعارض
بين هاتين
الآيتين،
لأن المراد
بكلمة (يوم)
في الأولى هو
يوم الموقف،
بينما في
الثانية هو
يوم القيامة
المؤلّف من خمسين
موقفاً،
وبالطبع فان
حساب المؤمن
(كما تؤكده
الروايات) لا
يستغرق جميع
هذا الوقت،
بل ان فترة
الحساب لا
تعدو ان تكون
كمقدار
الزمان
الفاصل بين
أداء صلاتي
الظهر
والعصر،
وهذا
بالتأكيد
يختص بخواص
الشيعة
لأنهم خرجوا
من الدنيا
طاهرين لم
يقترفوا
إثماً، أو
أنهم
اقترفوا بعض
الذنوب
ولكنهم
طهروها بماء
التوبة.
وعليه نخلص
إلى ان
امتداد زمان
القيامة على
الأفراد
يختلف من فرد
إلى آخر
تبعاً لكثرة
الذنوب أو
قلّتها،
ويصل زمان
القيامة إلى
حده القياسي
(خمسون ألف
سنة) لذلك
الشقي
الغريق في
بحار ذنوبه
لينتهي به
المصير إلى
الهوي في
جهنم، ولقد
ذكرنا من قبل
رواية عن
النبي (ص)
تفيد ان في
القيامة من
يؤخّر (يحبس)
مائة عام
لذنب اقترفه
في دنياه. البعث
من القبور في
مشهد ملؤه
الخوف
والحيرة: ونعود
الآن إلى
إتمام بقية
الحديث
المروي عن
الإمام أمير
المؤمنين (ع)،
يقول الإمام:
للقيامة
مواقف
ومواطن،
وأول تلك
المواقف هو
البعث
والنشور،
حيث تلتحق
الأرواح
بأبدانها
فيخرج النسا
من قبورهم
شعت غبر
ينفضون
التراب عن
رؤوسهم وقد
ملؤوا رعباً
وذهولاً في
موقف لم يسبق
لأيّ منهم أن
حضره من قبل
يحمل مشاهد
مروّعة لم ير
مثلها فيما
سبق، فيعم
الخوف
والرعب جميع
الحضّار
حينئذ، وهذا
الموقف هو
بالتأكيد
ليس موقف
الحساب
والسؤال،
لذلك يقول
الرب الحميد (فيومئذ
لا يسأل عن
ذنبه أنس ولا
جان)،
لماذا؟! لا
يمكن الحساب
في ظل موقف
يعمه الذهول والتحيّر: ويقول
المحقق
الطبرسي في
تفسير مجمع
البيان في
معرض تعليقه
على هذه
الآية
المباركة،
إن الموقف
حينذاك هو
موقف تحيّر
وذهول وهلع
ولا يملك من
أحدٍ حينها
عقله
وحواسّه من
فرط الخوف
والرعب،
فكيف إذاّ
يتأتى لهم
الإجابة على
الاسئلة
والوقوف
للحساب؟
إلاّ اللهم
بعض خواص
الشيعة
الذين يصفهم
الباري
تعالى في
قوله (وهم
من فزع يومئذ
آمنون) (سورة
النمل،
الآية: 89).
بينما يكون
سائر الناس
في حال
يعلوهم
الذهول
وتعمهم
الدهشة: كما
نقرأ في قوله
(عز وجل). (خاشعة
أبصارهم
ترهقهم ذلّة)
(سورة
القلم،
الآية: 43). إذ إن
البعض تصل به
درجة الذهول
إلى حد تجمد
فيه عيناه
لمدة أربعين
عاماً، إذاً
من يكن في
هذا الحال
كيف يعقل ان
يوجه إليه
سؤال؟! ولعل
الكثير منّا
قد عايش مثل
هذه الحالات
والمواقف في
حياته وان
اختلفت من
حيث الشدة
وطول
الفترة،
فعندما
ترتجف الأرض
في زلزلة (لا
سمح الله)
لفترة
دقيقتين أو
ثلاث وتكون
كمهد الطفل،
فحينئذ ندرك
أي ذهول
ودهشة
تعترينا!
بينما
القيامة في
نبأها
العظيم تهتز
الأرض تحت
أقدام
الخلائق
جميعاً
وتمور
السماء من
فوق رؤوسهم
وتصم آذان
الناس من فرط
صيحات جهنم
في تغيّضها
وشهيقها
وزفيرها كما
يؤكد ذلك
كتاب الله
المجيد،
وعليه
فلنتصور كيف
سيكون حالنا
يومذاك؟! إنه
والله
الذهول
التام
والحيرة
المطبقة (وترى
الناس سكارى
وما هم
بسكارى ولكن
عذاب الله
شديد) (سورة
الحج، الآية:
2). ويبقى من
القول ان
نذكّر ان
درجة الخوف
والذهول
تتباين بين
الافراط
تبعاً
لاعمالهم
وسلوكهم في
دار الدنيا. تجلي
الهيبة
والعظمة
الإلهية في
القيامة: وعلى
اساس ما سبق
فان الموقف
الأول في
القيامة هو
موقف تجلّي
العظمة
الإلهية
التي يجب على
الجميع
ادراكها،
رغم ان البعض
قد أدرك من
قبل هذه
العظمة في
دار الدنيا،
وهناك من هو
غني عن ادراك
تلك العظمة
المقدسة
لأنه قد ذاب
في ذات الله (عز
وجل)، ولكن
يبقى الكثير
الكثير من
الحمقى
الذين لم
يدركوا
حقيقة عظمة
الله الواحد
القهّار،
لذلك يأتي
هذا الموقف
وفقاً لما
تتطلبه
دواعي
الرحمة
الإلهية لكي
يدرك الخلق
شيئاً من
عظمة الله
وجلاله. وفي
هذا الموقف
ايضاً تنتزع
القلوب من
الصدور لفرط
الهول
والهلع حتى
تبلغ
الحناجر كما
نقرأ في قوله
تعالى (إذا
القلوب لدى
الحناجر
كاظمين) (سورة
غافر، الآية:
18). وحينها
تخرس الالسن
ولا يسمع
الكلام إلاّ
همساً (وخشعت
الأصوات
للرحمن فلا
تسمع إلاّ
همساً) (سورة
طه, الآية: 108). (فيومئذ)
أي في ذلك
اليوم الذي
تنشق فيه
السماء ثم
تصير وردة
كالدهان
فيغمر الخوف
والوجل جميع
الخلق وهم
يبصرون تشتق
السماء
وتغير لونها
إلى
الاحمرار
وذوبانها
كالزيت،
فحينئذ (لا
يسأل عن ذنبه
أنس ولا جان)
مع أن موقف
الحساب لم
يأت بعد، وان
صحائف
الأعمال لم
تتطاير بعدن
وان الميزان
لم يحضر
موعده بعد
ولو جاءت تلك
المواقف (فوربّك
لنسألنهم
أجمعين* عما
كانوا
يعملون) (سورة
الحجر،
الآية: 92ـ93). السؤال
التوبيخي لا
السؤال
الاستفهامي: وهنا
وجه آخر
ينقله
المحقق
الطبرسي عن
عدم السؤال
في الموقف
الأول عن
ذنوب
الخلائق
ولعله هو
الأقرب إلى
الواقع. ففي
مرحلة
الحساب في
يوم القيامة
لا يكون
حينها أي
سؤال
استفهامي،
بل ان
الاسئلة
المطروحة هي
الاسئلة
التوبيخية،
لأن من
يقدم على
السؤال
إنمّا
يتوّخى
الحصول على
الإجابة
التي تكشف
مجهولاً لدى
السائل،
فمثلاً
عندما يُسأل
المرء من
أنت؟ وما
عملك؟ وأين
كنت؟ وإلى
أين ستذهب؟
وبماذا
تحدثت في
المحفل
الفلاني؟
وما إلى ذلك
من تساءلات
فانمّا يراد
بها التعرف
على تلك
المطالب
المجهولة
لدى السائل
فيحقق حينئذ
السائل
الالمام
والاحاطة
بما خفي عليه. (فيومئذ
لا يسأل) ففي
الموقف
الأول لا
تثار
الاسئلة
الاستفهامية
التي تتوخى
الاستعلام
والاستفهام
عن هويّة
المسؤول
وأفعاله
وتصرفاته
لأن الله
تعالى عالم
بخلقه عارف
بشؤونهم،
وهكذا الحال
بالنسبة
لملائكته
الكاتبين،
فهم على علم
بحال
المسؤول، بل
ان عموم
الناس
يعلمون
ويعرفون
المجرمين
بسيماهم،
وحتى
الجوارح،
فهي الأخرى
تفصح عن كل
ما فعله
المرء
بواسطتها (كما
يتأكد هذا في
الروايات)
سواء كان ذلك
العمل إثماً
مشيناً أو
عملاً
صالحاً،
فللوضوء نور
خاص، وللغسل
نور مميز
وللولاية
نور آخر بحيث
ان الرائي
يفهم حقائق
تلك الأمور
بواسطة نطق
الجوارح. آثار
الذنوب تصحب
المذنبين في
المحشر: يقول
المرحوم
الملاّ فيض
الكاشاني،
إن شارب
الخمرة يأتي
القيامة وهو
يحمل وعاء
الخمرة
بيديه،
واللائط
يصطحب
الملوط معه،
والمقامر
يأتي وهو
يحمل آلة
القمار بشكل
تلتصق بيديه
تلك الأمور
فلا يستطيع
منها
إفلاتاً،
ولو كان
المذنب صاحب
طنبور[4]
أو أية آلة
لهو أخرى،
فيأتي
المحشر وهو
يحملها معه،
ثم لا تلبث
أن ترتفع في
الهواء
فتنزل على أم
رأسه
ضرباً
مبرحاً بحيث
أن الجميع
يفهم حينها
أن عمله كان
قبيحاً. ثم
يقبل الآخر
وقد اكتوى
حبينه وظهره
وخاصرتيه
فيعلم
الجميع أنه
كان مانعاً
للزكاة كما
في قوله (عز
وجل) (الذين
يكنزون
الذهب
والفضة ولا
ينفقونها في
سبيل الله
فبشرّهم
بعذاب أليم*
يوم يحمى
عليها في نار
جهنم فتكوى
بها جباههم
وجنوبهم
وظهورهم) (سورة
التوبة،
الآية: 34-35).
إذاً نستنتج
من الوجه
الثاني أن
هذه الآية
الكريمة لا
تقصد السؤال
الاستفهامي
والاستعلامي
لوضوح سلوك
الأفراد. وأنا
الآن بدوري
أتوجه إلى
الأخوات
والسيدات
بالخصوص ممن
لا ترغب في
اهراق ماء
وجهها، كما
اني في ذات
الوقت أوجه
كلامي على كل
من رام
العفّة، ان
هذا عمركم
الذي سينقضي
عاجلاً لا
يمر عليكم
إلاّ مرة
واحدة،
فالله الله
أن تنفقوه في
ما يعود
عليكم بالغد
بالحياء
واطراقات
الخجل
واهراق ماء
الوجوه، لأن
ما خفي في
يومنا هذا
سيتجلى
علانية في غد
الآخرة كما
يقول ربنا عز
وجل (يوم
تبلى
السرائر) (سورة
الطارق،
الآية: 9). فهل
وضعنا في
حسباننا مثل
ذلك اليوم؟ يقال
أن رجلاً خرج
يبحث لنفسه
عن موضع يستر
عليه ما
تغرّه به
نفسه، ترى هل
سيجد مثل هذا
الموضع؟! الشيعة
لا يستجوبون: وهنالك
وجه آخر ورد
عن الإمام
الرضا (ع)
يفيد ان
المقصود من
قوله تعالى (فيومئذ
لا يسأل عن
ذنبه أنس ولا
جان) منكم
أي الشيعة
الموالية
لأهل البيت (ع)،
فشيعة أهل
البيت (ع)
يحشرون يوم
القيامة على
هيئة البشر (ذات
صورهم
البشرية)
بينما يحشر
الآخرون على
هيئات وصور
تطابق
وتلائم
حقيقة
عقائدهم
وطبيعة
أعمالهم
وسلوكهم،
تقول إحدى
الروايات
بهذا الخصوص
(يحشر الناس
على صور تحسن
عندها
القردة
والخنازير). فالإنسن
الناهل من
فيوضات إمام
الزمان (ع)
يكون قد سمى
فعلاً إلى
صورته
الإنسانية
التي أرادها
الله له
فيحشر
إنساناً. وتأسيساً
على ما سبق
نقول إن آية (لا يسأل عن
ذنبه ـ منكم)
تعني
أن حينئذ لا
تسألون أيها
الشيعة عن
ذنوبكم
لانكم قد
كفّرتموها
بأتباعكم
لأهل البيت (ع)
ووردتم
المحشر
طاهرين. وتقول
تتمة
الرواية
المنقولة عن
الإمام
الرضا (ع) في
معنى قوله عز
وجل (فيومئذ لا
يسأل عن
ذنبه، قال:
منكم، ويعني
الشيعة، إنس
ولا جان) (قال
ومعنى ذلك ان
من توالى (علياً)
أمير
المؤمنين (ع)
وتبّرأ من
أعدائه وآمن
بالله وأحلّ
حلاله وحرّم
حرامه ثم دخل
في الذنوب
ولم يتب منها
في الدنيا,
عذّبه الله
بها في
البرزخ ثم
يخرجه يوم
القيامة
وليس عليه
ذنب يسأل عنه).
وجاء في مجمع
البيان أنه
روي عن
الإمام
الرضا (ع) انه
قال: (فيومئذ لا
يسأل (منكم)
عن ذنبه
أنس ولا جان)
إن من اعتقد
الحق ثم أذنب
ولم يتب في
الدنيا عذب
عليه في
البزخ،
ويخرج يوم
القيامة
وليس له ذنب
يسأل عنه)[5]. وبعد
ذلك يعقّب
الإمام (ع)
قائلاً:
والله لا
يُرى منكم في
النار
اثنان، لا
والله ولا
واحد، ولكني
أخوف ما أخاف
عليكم
البرزخ, واما
في القيامة
فانكم
تنالون
شفاعتنا). وعلى
ذلك كان
لزاماً على
الإنسان أن
يسعى من اجل
ان يعتصم عن
ارتكاب
الذنب،
ويصلح حاله،
وان يوثّق
علاقته
ويمتّنها مع
أهل البيت (ع)،
لأن حقيقة
الرجاء تكمن
في ولاية أهل
بيت النبوة (ع). (فيومئذ
لا يسأل عن
ذنبه إنس ولا
جان * فبأي
آلاء ربكما
تكذبان *
يعرف
المجرمون
بسيماهم
فيؤخذ
بالنواصي
والاقدام *
فبأي آلاء
ربكما
تكذبان)
(سورة
الرحمن،
الآيات: 39 ـ 42). (لا
بشيء من
آلائك رب
اكذب). ارتفاع
التناقض
باختلاف
المكان: قلنا
إن الأشكال
المزعوم على
هذه الآية في
قوله تعالى (فيومئذ
لا يسأل عن
ذنبه أنس ولا
جان) وما
أوردته
الآية
الأخرى التي
يقول نصّها (ولا
يسأل عن
ذنوبهم
المجرمون) (سورة
القصص،
الآية: 78). يفيد
ان ليس
في القيامة
سؤال وجواب،
في حين ان
هناك العديد
من الآيات
القرآنية
التي تؤكد
العكس من ذلك
وتشير على
بديهية
السؤال
والجواب في
القيامة،
وقد يبدو هذا
الأمر لأول
وهلة مشتمل
على
التناقض،
وقد عرضنا
فيما سبق
ثلاثة ردود
على هذا
الاشكال
وسنواصل
الآن تتمة
بحثنا هذا
ببيان آخر
يزيل الشبهة
ويرفع
الاشكال
بشكل قاطع. يقول
علم المنطق
ان كل موضوع
نفترض وجود
التناقض فيه
لا يمكن
القطع
باحتماله
للتناقض حتى
تنطبق عليه
ثمانية
شرائط، ولو
لم ينطبق
عليه شرط
واحد من تلك
الشرائط
الثمان
ارتفع
التناقض.
والشرائط هي: 1
ـ وحدة
الموضوع. 2 ـ
وحدة
المحمول. 3 ـ
وحدة المكان.
4 ـ وحدة
الزمان. 5 ـ
وحدة الشرط. 6 -
اضافة الجزء
إلى الكل. 7 ـ
الفعل. 8 ـ
القوة. فلو
حصل التعدد
في أحد هذه
الشرائط
لارتفع
التناقض كما
قلنا،
والقضيتان
اللتان نبحث
موضوع
التناقض
المحتمل
فيهما هما (السؤال
أو عدمه في
القيامة). ولو
جئنا إلى شرط
وحدة
المكان،
لوجدنا أن
الموقف
الأول في
القيامة لا
يشتمل على
السؤال لأنه
موقف تملأه
الحيرة
والذهول
والخوف،
بينما يشتمل
موقف الحساب
على الميزان
وتطاير الكتب والصراط
وهو موقف
السؤال في
القيامة
باعتبار
وجود
الاستعدادات
اللازمة
للمسؤول في
الاعراب عن
اجاباته،
وكما يبدو أن
الموقفان
يختلفان من
حيث الوحدة
المكانية
وعلى هذا
يرتفع
التناقض في
القضيتين. مساءلة
البعض
وإعفاء
آخرين: اما
الشرط الآخر
فهو وحدة
المحمول،
وهنا هو وحدة
المسؤول، أي
الأفراد
الذين
يستنطقون
ويستجوبون
أو لا
يستجوبون،
وكما نعم أن
الأفراد
يختلفون
فيما بينهم
من حيث أداء
التكليفات
الشرعية،
وعليه فان في
القيامة من
يسأل ومنهم
من لا يسأل
لأن السؤال
لا يشمل
الجميع،
فخواص
الشيعة
مثلاً ليس
لديهم
ذنوباً و
أنهم كفروا
عن سيئاتهم
في دار
الدنيا
وأخلصوا
التوبة لله
فهم حينئذ في
حلٍّ من
مسألة
السؤال
والحساب في
ذلك اليوم. عدم
تعلق
الضريبة
بالسفن
الخالية من
الشحنات: فقد
نقلت رواية
عن الإمام
الصادق (ع)
نقلها صاحب
البحار،
مثلاً
رائعاً حول
موضوع
المسائلة في
القيامة حيث
شبّه الإمام
(ع) الحالة
بوجود
سفينتين قد
مخرتا عباب
البحر،
احداهما
محملة
بالبضائع
والأخرى
خالية من أية
بضاعة، وما
ان تصل
السفينتان
إلى جمرك
الميناء حتى
يباشر رجال
الجمارك
بتقدير
الضريبة
المترتبة
على حمل
البضائع،
وهنا يتساءل
الإمام (ع)
قائلاً: فأي
سفينة سيطول
مكوثها في
الميناء
وأيتهنّ
سيأذن لها
بمعاودة
الحركة في
البحر؟
وبالتأكيد
سيأذن
للسفينة
الخاوية من
البضائع
بمواصلة
مسيرها
لأنها في
منأىً عن دفع
رسوم
الموانئ،
والبحار،
أما تلك
السفينة
المحملّة
بالبضائع
فستتأخر في
الميناء حتى
يتمكن رجال
الجمارك من
تقييم
بضاعتها
المحمولة
وتحديد
المبالغ
المفترض
دفعها كرسوم
للابحار
بالبضائع.
وهكذا الحال
بالنسبة
للإنسان
الذي قد حض
حساباته
وقضى ديونه
وذممه في دار
الدنيا، فهو
عندما يموت
ينتقل إلى
العالم
الآخر وليس
في ذمته شيء
فهو قد أدى
عباداته من
صلاة وصيام
وحج وزكاة،
ودفع نفقات
عياله، ولم
يظلم أحداً
أو يبخسه
شيئاً من
حقوقه وأدّى
حقوق
الوالدين
والجار
والأقربون
بحيث يصدق
عليه أن
يقال له انه
كان رجلاً
مسلماً
حقيقياً
ملتزماً،
وبذلك فهو
يجنّب نفسه
الحساب
والمسائلة
وطول الوقوف
في عرصات
القيامة. وطبقاً
للرواية
الواردة في
كتاب لآلئ
الأخبار فان
هكذا أفراد
ما أن يبعثوا
من قبورهم عند
قيام الساعة
حتى يجدوا
مراكباً قد
أعدّت لهمن
فيمتطي
المؤمن
مركبه
فينطلق به
بطرفة عين
واحدة إلى
مأواه في
الجنان.
وحينها
يتساءل
المؤمن إذاً
أين الحساب
والكتاب
والميزان
والصراط؟
وأي شيء هذا
المركب؟
فيأتيه
الجواب، أن
مركبك هذا هو
المسجد الذي
أنست به في
دار الدنيا
وها هو اليوم
قد أتاك
بهيئته
الملكوتية
لأجل أن
ينقلك إلى
مأواك الجنة
بكل هناء،
وبالطبع
عندما نقول
أن المرء
المؤمن قد لا
يكون عنده
ذنب فهو
معصوم،
ومرادنا
بالعصمة هنا
هم خصوص
المعصومين
الأربعة عشر
(ع)، أما
الآخرون
الذين تصدر
عنهم
المعصية
ويبدر عنهم
الخطأ أو
الخطيئة ثم
يتوبون إلى
الله (عز وجل)
منه فهم وكما
تشير نصوص
الروايات
الشريفة كمن
لم يذنب (التائب
من الذنب كمن
لا ذنب له)[6]،
وفوق ذلك فان
الله تعالى
يعده أن يبدل
سيئاته
حسنات لأنه
طهر تلك السيئات
بالتوبة،
يقول تعالى (فأولئك
يبدل الله
سيئاتهم
حسنات) (سورة
الفرقان,
الآية: 70). وعلى ذلك
يكون المرء
الذي قد ودع
دار الدنيا
بسريرة
نقيّة وثوب
طاهر قد أعرض
عن الحساب
وسلم من
التأخير في
عرصات
القيامة،
ولو افترضنا
أن العبد مات
وعليه شيء من
الذنوب لم
يتب عنها،
فيصار به إلى
عذاب البرزخ
حتى يطهر ثم
يرد المحشر
طاهراً
نقياًن وهذا
المعنى نقل
عن الإمام
الرضا (ع)
عندما قال:
انما هذا خاص
بكم (الشيعة)
فأنتم الذين
لا تسألون
يومذاك. وروي
عن الإمام
الصادق (ع)
قوله: من احب
علياً (ع)
وعادى
أعدائه ثم
أذنب فمات
دون أن يتوب
من ذنبه يصار
به إلى
البرزخ
فيلبث هناك
ما شاء الله (تعالى)
حتى يطهر لكي
يرد القيامة
وهو لا ذنب
عليه،
وعندها لا
يُسأل عن
ذنبه لأنه قد
أوفاه وطهره
في برزخه، ثم
يقول الإمام
(ع): ولكني
أخاف عليكم
عذاب
البرزخ، اما
شفاعتنا
فانكم
تنالوها في
القيامة. إذاً
أيها
الأعزاء
ينبغي علينا
المثابرة
والسعي
والجد في دار
الدنيا وقبل
فوات الأوان
بحلول الأجل
المحتوم لكي
نصلح أحوالنا
وأعمالنا
وننقي
سرائرنا،
لأننا في
الواقع لا
طاقة لنا على
تحمل عذاب
البرزخ
الإلهي، وها
نحن نرى
الموت قد
تأهب للهجوم
علينا وهو
يريد أن ينشب
مخالبه في
أبداننا،
فينبغي بنا
أن نراه كما
هو قريباً
منا ونحدث
أنفسنا على
الدوام أن
لعل سنتنا
هذه هي آخر
سني العمر
التي نطويها.
|
||||||||
|