|
||||||||
علاقتها بالحركات السابقة وبزمانها المظهر
الطبيعي
لحركة القرن
الثامن عشر اميل
Emile والتربية
حسب الطبيعة التربية
من السنة
الاولى حتى
الخامسة: |
||||||||
النزعة
الطبيعية في
التربية روسو علاقتها
بالحركات
السابقة
وبزمانها كانت
الحركة
الطبيعية في
التربية
ثورة فكرية
وعملية لا
تقل أهميتها
وأثرها عن
أهمية عصر
النهضة
وأثره. انها
دحض للمفهوم
الذي نجم عن
النهضة
والقائل بأن
التربية
تنحصر في حفظ
الكتب
واتقان
الاسلوب
والشكل. إلا
ان الحركة
الطبيعية
الفكرية أعم
بكثير من
مظهرها
التربوي
الذي لا يمكن
فهمه إلا إذا
أحطنا
بالظروف
العقلية
والاجتماعية. سادت
الدين
والاخلاق
صورية لا
حياة فيها
خلال القسم
الأخير من
القرن
السابع عشر
ومعظم القرن
الثامن عشر
فقامت ضد هذه
الشكلية
حركات عديدة
في فرنسا
وانكلترا
والمانيا
ولكن هذه
الحركات
نفسها انحلت
وصارت شكلية
لأنها اتبعت
مثلاً علياً
غير ممكنة
التحقق. وقد
دخلت الآداب
والعلاقات
الاجتماعية
نزعة انحطاط
نتج عنها
خلاعة وسخف.
وقد احتفظت
الكنيسة في
فرنسا بكل
سلطاتها
القديمة
ولجأت إلى
الضغط على
الفكر
والعمل. وقد
حاول الملوك
ستر خلاعتهم
وتهتكهم
باضطهاد كل
من يتجاسر
على الشك في
سلطة
الكنيسة. أما
النبلاء فقد
غطوا
مفاسدهم
بالاخلاص
الشديد
للدين. لقد
كانت فرنسا
خلال القرن
السابع عشر
أعظم أمم
الأرض ولكن
لمعان باريس
كان على حساب
المقاطعات
فقوة الملك
كان ثمنها
عبودية
شعبه،
ونجاحه في
الحرب كان
ثمنه افقاره
بلاده، وبذخ
النبلاء كان
ثمنه حياة
الناس
البائسة. أما
تأمين سلطة
الكنيسة فقد
كان عن طريق
القضاء على
كل حق للفرد
في التفكير
وأما تأييد
النبلاء
للكنيسة
والدولة فد
أمنته
الامتيازات
الممنوحة
لهم وحياتهم
الفاسدة. لقد
ساد الحكم
المطلق
السياسة
والدين
والفكر
والعمل وعاش
لفقدان من
يثور، أما في
القرن
الثامن عشر
فقد توفر
الزعماء
وكانت
الثورة
الأولى هي
ثورة الفكر
على الظلم
وسميت (بحركة
التنوير) أما
الثورة
الثانية فقد
كانت ثورة
الجماهير من
أجل حقوق
الإنسان
وسميت
بالحركة
الطبيعية
وبين هاتين
الحركتين
بعض التشابه.
إلا ان
بينهما
كثيراً من
الاختلاف
الأساسي
ولذلك فقد
رأينا أن
نفرق بينهما. لم يكن
نتاج هذه
الحركة إلا
شكلية جديدة
رغم كونها
خطوة كبيرة
في تحقيق
الحرية
الإنسانية،
ولقد كانت
هذه الشكلية
التي ظهرت في
القرن
الثامن عشر
شكلية مادية
بخلاف
سابقتها
التي كانت
دينية كما
كانت عقلية
ريبية على
عكس سابقتها
التي كانت
كنيسة وكانت
ارستوقراطية
بخلاف
سابقتها
التي كانت
ديموقراطية.
لم تكن
الأخلاق
بحسب
المقاييس
السائدة في
القرن
الثامن عشر
إلا محافظة
على
الشكليات
وحرصاً على
المظاهر
الخارجية.
ولذلك فقد
سمحت بأشد
أنواع
الفجور كما
تدل على ذلك
آداب ذلك
الحين. ولذلك
فقد حاربت
هذه الحركة
أعمال
الجماعات
الدينية في
ذلك الحين
على
اعتبارها
محض نفاق ثم
جاهرت بأن
الدين ليس
إلا أوهاما
ًوخرافات
فكانت حركة
إلحاد وريب
وقد فسر هيوم
وفولتير
وجماعات
الموسوعات Encyclopedists
الحياة
وفقاً لهذه
المعتقدات.
لقد كانت
حركة
التنوير هذه
بالأصل رد
فعل للشكلية
السائدة في
الفكر
والمعتقدات
وسلطة
الكنيسة
المطلقة كما
كانت ثورة
على السلطة
المطلقة في
الحكومة
والمجتمع.
وأخيراً
كانت
انتقاضاً
على الأوهام
والجهل
اللذين سادا
الفكر
والنفاق
الذي تحكم
بالأخلاق
إلا ان ثمن
الحرية التي
طالبت بها
هذه الحركة
كان فوضى
النظام
الاجتماعي
والكفر
والريب
الفكري
والاباحية
الأخلاقية
كما يحدث في
كثير من
الأحيان
لمثل هذه
الحركات.
وبما ان
مبدأها
الأساسي كان
الاتكال
التام على
العقل
البشري فقد
حاربت
الحركة أول
الامر كل
المفاسد
القديمة
وجميع أشكال
الطغيان
الفكري
والحكومي
والأخلاقي
ولكنها فيما
بعد هاجمت
أساس كل
المؤسسات
ولا سيما
الكنيسة
والدولة
التي كانت
تمارس هذه
السلطات. وقد
انتوت
القضاء على
كل ما يكون
للمجتمع
الثابت من
مؤسسات بغية
إعادة
بنائها وفق
العقل
البشري الذي
اعتبرته
كافياً في
تقدير
الحياة
الصحيحة
وتحقيق
السعادة
البشرية. لقد
كان هدف حركة
التنوير
تحرير النفس
من سيطرة
الارهاب
وتحرير
الشخصية
الأخلاقية
للفرد من
السلطة
الكنيسية
والاجتماعية
والبرهنة
على حرية
الإنسان
الفكرية،
وتهديم
الارهاب
والطغيان
اللذين تقوم
بهما
الكنيسة
والملكية.
وقد كانت هذه
الحركة تؤمن
بالعقل
إيماناً
عميقاً كما
تؤمن بالعدل
في الحكم
والتسامح في
الدين
والحرية في
السياسة
وبحقوق
الإنسان. لقد
كان شعارها
حرية الفكر
وحرية
الضمير
وكفاية
العقل في
توجيه
الحياة. ولكن
لهذه الحركة
وجهاً آخر
فلم يكن
فلوتير
وجماعته ممن
عاشوا في
مطلع القرن
الثامن عشر
أقل
ارستوقراطية
من
الارستوقراطيين
أصحاب
الامتيازات
الذين
حاربتهم هذه
الحركة. لقد
كانوا
يعتقدون ان
الطبقات
الدنيا لا
يمكن أن تحيا
للعقل. وانها
لذلك لا يمكن
تربيتها
وانها لا
تزيد عن
المتوحشين
إلا بقليل
وانه لذلك
لابد من
الدين في
قيادتها. لقد
كانت الحركة
الفكرية في
مطلع القرن
ارستوقراطية
لأنها كانت
عقلية هدفها
تثقيف
الأقلية
والتخلص من
التقاليد
الضيقة في
حياة
المتحكمين
في المجتمع.
ومراقبة
العقل عند
الطبقة
المتعلمة.
انها تريد أن
تحل
ارستوقراطية
الذكاء
والعقل محل
ارستوقراطية
العائلة
والوظيفة
والكنيسة
وقد كانت هذه
الحركة
تتميز
بالذكاء
والحذق
واللمعان
مما يناقض
القديم الذي
يتصف بالضيق
ولكنها كانت
في خدمة
الأقلية
المصطفاة
ولا تهتم
بالجماهير
المضطهدة
فهذه الحركة
التي احتجت
على
الاضطهاد
الفكري
وحاربته
كانت تعمل في
سبيل
الأقلية فقط
ولذلك فقد
كانت أنانية
تقول بعيش
جماعة
مختارة على
حساب
الأكثرية
المضطهدة
المظلومة. ولهذه
الأسباب
كلها فقد
تحتم على هذه
الحركة
الفكرية
الباكرة أن
تنحل فتصبح
خلافات
أنانية
وريبية
وشكلية
تسيطر على
محيط متصنع
رغم كونه
مهذباً ولقد
كان من جراء
تصنعها أن
أضاعت كل صلة
بطرق الحياة
الطبيعية
كما أضاعت كل
شعور محلي
قومي وقد
حاربت هذه
الحركة
البساطة
فسمتها (عامة)
و(الطبيعة)
فاعتبرتها (خروجاً
عن العقل)
وقد اتجه
الناس في
أخريات
القرن
الثامن عشر
وبعد أن
تعبوا من
شكلية هذه
الحركة
وغيرها من
الحركات نحو
أهداف جديدة
تحت قيادة
روسو. المظهر
الطبيعي
لحركة القرن
الثامن عشر وجهت
الفلسفة و(العقل)
كل ضرباتهما
نحو الكنيسة
وبقي الأمر
كذلك حتى
منتصف القرن
الثامن عشر
وبعد ذلك
اتجه الفكر
نحو شرور
الحياة
السياسية
والاجتماعية.
ولقد كان هدف
الحركة
الأولى
القضاء على
الشرور
المستحكمة
أما هدف
الثانية فقد
كان محاولة
بناء مجتمع
مثالي. ولكن
هناك فروقاً
أساسية أخرى
بين
الحركتين: لقد
أصبح (حكم
العقل) لا
يقل طغياناً
في نظر بعض
الناس عن
طغيان
السلطات
المطلقة
ولذلك فقد
خرج الناس
على الحركة
الأولى
وأصروا على
انه لا يمكن
الاعتماد
دوماً على
الحواس وان
العقل ليس
مطلق العصمة
وقالوا ان
العواطف
بوصفها
تعبيراً
صادقاً عن
طبيعتنا
مخالفاً
لحسابات
العقل
الأنانية هي
ما يجب
اتباعه
كقائد إلى
السلوك
الصحيح. وقد
ابتغت حركة
النصف
الثاني من
القرن
الثامن عشر
تحسين حال
الجماهير
الشعبية
خلافاً
للحركة
الأولى التي
كانت
ارستوقراطية. لقد
كان فولتير
قائد الحركة
الأولى لما
يتمتع به من
عقل لامع
ومحاكمات
عقلية بعيدة
المدى وكان
روسو زعيم
الثانية
لعاطفيته
العميقة
وعطفه
الشديد على
الشعب. يقول
أحدهم: " إذا
كانت شهرة
فولتير
مسببة عن قول
ما تعتقده
الأغلبية،
فإن شعبية
روسو مصدرها
حسن تعبيره
عما يحسن به
الأكثرية " .
لقد قادت
الحركة
الأولى إلى
حرية الفكر
ولكنها
تسامحت
بفساد
المؤسسات
الاجتماعية
لغايات
أنانية
شخصية. أما
روسو فقد ثار
ثورة صاخبة
على الظلم
الاجتماعي
الذي ساد
زمانه
مدفوعاً
بشعوره
الشخصي من
جهة وبعطفه
على
الجماهير
الشعبية من
جهة أخرى.
ولقد بشر
بالإيمان
بالطبيعة
والإنسان
وقدرة
الإنسان على
العمل لخيره
في هذه
الحياة
بدلاً من
أحكام العقل
القديمة. لقد
كان عمل
النصف
الثاني من
القرن
الثامن عشر
تدعيم
الإيمان
بالإنسان
وخلق مثل
عليا جديدة
وبث روح
جديدة في
المجتمع
وإيجاد
قاعدة جديدة
للدين وذلك
في طبيعة
الإنسان.
ولقد جرى هذا
العمل كله
تحت قيادة
روسو. ونحن
إذا قارنا
بين الدين
القديم
والطبيعية
الحديثة نجد
بينهما
فروقاً
عميقة نتاج
الاولى
إيمان
بالقدرة
الإلهية
وخضوع أعمى
لممثليها
وانتظار
للجزاء في
الآخرة. أما
نتاج
الثانية فحب
عميق
لأمثالنا من
بني البشر
وإيمان صادق
بالطبيعة
الإنسانية
وعمل مستمر
لتحقيق
العدالة
وأمل لا
ينقطع في
تحسين الحال
الاجتماعي. والفرق
الآخر بين
الحركتين
العقلية
والطبيعية
وممثليهما
فولتير
وروسو هو
موقف هذين
الرجلين من
الدين
فالدين في
نظر فولتير
وهم من قبل
المؤمن غش من
قبل الكاهن.
أما
الطبيعيون
فقد أوجدوا
ما سموه (بالدين
الطبيعي)
الذي ضم
أخلاق الدين
المسيحي
وتخلص من
عناصره فوق
الطبيعية.
ونحن وان كنا
لسنا في معرض
الحديث عن
دين هذه
الجماعة لا
نرى بداً من
الإشارة إلى
ان هذه
الجماعة
كانت تؤمن
بالدين
وتعتبره
جزءاً هاماً
من المجتمع
البشري لأنه
جزء هام من
الخبرة
البشرية. لقد
حاول فولتير
وجماعته
القضاء على
الدين
وحرموا
جماهير
الشعب من كل
حق أو عطف
كما حاولوا
إقامة مجتمع
عقلي مهذب
يحافظ على
هويته
بشكلية
باردة
وأخلاقه
بقواعد ضيقة.
انهم
اعتبروا
العقل قائد
الفكر
والمادة
مقياس
الاخلاق
والنفع
الشخصي مبدأ
العمل ومن
هنا كان
تأكيد روسو
بأن المدنية
شر. كان
خلق روسو
مزيجاً
غريباً من
القوة
والضعف،
الحق
والباطل، ما
هو جذاب وما
هو كريه.
ولذلك كان لا
بد من ان ندع
جانباً كل
التحيزات
المتعلقة
بروسو نفسه
وبالاسلوب
الذي عبّر به
عن أفكاره
لكي نستطيع
قدر أفكار
الرجل
وغاياته حق
قدرها ولكي
نتعرف على
الحركة
الفكرية
الاجتماعية
التي تدين
لروسو بأعظم
ما في
تعاليمها من
قيم. وهذا
التحفظ يصبح
أكثر ضرورة
حين نحاول
بحث أثر
تعليماته في
التفكير
التربوي. لقد
كان روسو
يملك قدرة
عجيبة على
وضع الأفكار
في القوالب
الكلامية،
وضعفاً
غريباً في
تحقيقها
العملي. ان
بضاعته
الفكرية هي
البصيرة
النيّرة
وعطفه
الشديد وقلة
معارفه
الصحيحة
وجموح قواه
العاقلة.
ولذلك فقد
انحصر عمله
في منح
الأفكار
التي سبقه
إليها غيره
قوة لم
يستطيعوا
منحها إياها
مما جعله
واحداً من
أعظم
العوامل
القوية في
التاريخ حتى
لقد قال
نابليون بأن
الثورة
الفرنسية لم
تكن ممكنة
الحدوث لولا
روسو. لقد
كان أول من
بشر
بالإنسان
المادي
وطالب بحثه
في التربية
وقال بأن هذا
حق من حقوقه
يوم يولد.
ولقد كانت
الثورة
التربوية
التي خلقها
أعظم من أي
عمل قام به
أي فرد أو
جماعة من
المربين. ولد
روسو سنة 1712 في
جنيف التي
كانت مشهورة
في ذلك الحين
بنشاطها
الفكري
وقوتها
الأخلاقية
ولقد كانت
تسود تلك
المدينة
رغبة في
الحياة
الأخلاقية
وصفاء
العلاقة
الاجتماعية
وبساطة
النظام
الاجتماعي
وحرية الحكم
مما كان
يناقض بذخ
حياة باريس،
حيث قضى روسو
حياته فيما
بعد،
وتصنعها
وتهتكها. لقد
كانت حياته
الاولى حياة
واسعة
متحررة فقد
تعلم
القراءة
والكتابة
وهو حدث فقضى
سنيه الاولى
في التهام
القصص
الغرامي مما
أثار عواطفه
وألهبها
ومما جعل من
العسير على
تربيته التي
تلقاها فيما
بعد خلق أي
تغيير أساسي
في خلقه
الأول. وفي
الثانية
عشرة من عمره
حاول تعلم
حرفة ما فلم
يتعلم على ما
يقول هو، إلا
الكسل والغش
والخداع
وبعد سنوات
اربع انتهى
أمره إلى
التشرد بكل
معانيه وبقي
على هذه
الحال سنين
طويلة قوّت
هواه
للطبيعة
ومعرفته لها
وبقيت
العواطف
والأهواء
والحواس
قائده في هذه
الحياة حتى
لقد كان لا
يطمع في أكثر
من وجبة طعام
تامة وزجاجة
خمر في ضيافة
راهب أعاده
فيما بعد إلى
حظيرة
البروتستانتية
مما كان له
الأثر
العميق في
حياة روسو. وما
يهمنا هنا هو
ان نشير إلى
أن مثل روسو
التربوية
العليا صدرت
عن حياته
الخاصة ففي
حياته
ونظرياته
كان للعواطف
لا للعقل
المحل الأول
كما كانت
غرائزه
والميول
الطبيعية
تعد أكثر
أهمية وقد
دلته خبرة
حياته على ما
بشر به من أن
الأفكار
الأخلاقية
والدينية لا
يمكن أن تنمو
خلال سني
الطفولة
الأولى وان
من الواجب
استخلاصها
من العلاقة
بالطبيعة لا
بالكتب أو عن
طريق
التعويق وان
النمو
الصحيح انما
يكون
بالقضاء على
كل العوائق
التي قد تقف
في وجه
الميول
الطبيعية
مانعة إياها
من الانطلاق. ولما
قارب
الأربعين
سيطرت على
حياته فكرة
عظيمة كانت
متنفس
عواطفه
ومعتقداته،
تلك كانت
فكرة الثورة
على البناء
الاجتماعي
في فرنسا وفي
غيرها، تلك
الثورة التي
كانت بدء عهد
جديد في
التربية حين
تسربت إليها.
لقد كانت
فكرته بسيطة
وهي اليوم
شائعة
ولكنها لم
تكن كذلك حين
قال بها هو
ونعني بها ما
يلي: السعادة
والرفاه حق
طبيعي لكل
فرد وليسا
وقفاً على
حفنة من
المحظوظين
من طبقة
معينة وقد
وجد التنظيم
الاجتماعي
والتربية
المشروعين
لتحقيق هذه
الأمنية. ثم
أضاف لهذا
فكرته
الأساسية
التي يمكن
اعتبارها
الفتيل الذي
يفجر
القنبلة
وذلك في قوله
بأن العلم
والفن
والحكومة
والتربية
المعروفة في
زمانه تمنع
تحقيق هذه
الغاية
ولذلك
فالواجب
القضاء
عليها. وقف
روسو سنة 1749
صدفة على
موضوع طرحه
مجمع ديجون
للبحث فتحمس
للجواب عليه
بعد ان " ألهم
" جوابه على
حد تعبيره.
أما السؤال
فقد كان
التالي: " هل
ساعد إحياء
العلوم على
تنقية
الأخلاق " ؟ وقد
دافع جواب
روسو الذي
نال الجائزة
الأولى، عن
الوجهة
السلبية
معبراً عما
سماه
بالحالة
الطبيعية.
وقد كانت هذه
الفكرة موضع
بحث في ذلك
الحين بل أن
الكثيرين
سبقوا روسو
إلى ما قاله
بخصوصها،
ولكن روسو
بزّ أقرانه
باللهجة
العاطفية
التي
استعملها في
مقاله
وباسلوبه
الجميل الذي
أقنع الناس
فكان له شرف
اقناع الشعب
بها. والحق
أن روسو لم
يزد على أن
صور حياته
الاولى في
جنيف
تصويراً
جميلاً
مثالياً. لقد
كان لحياة
روسو التي
يشبهها هو
بحياة
الابتدائيين
وجه سيئ تتصف
به حين يكون
في أسوأ
حالاته
فيكون
كاذباً
كافراً
نماماً،
سارقاً،
مستهتراً،
قاسياً،
جباناً،
أنانياً،
أما وجهها
النير
فيتجلى حين
يكون روسو،
عفوياً
بسيطاً،
سعيداً،
قانعاً،
نشيطاً،
شريفاً، وهو
في ذلك كله
مخلص للحياة
فإذا قارنا
هذا كله
بحياة
المجتمع
الباريسي
الشكلي
السطحي وغير
الإنساني
وجدنا فيه،
على رأي
روسو،
كثيراً من
المميزات
التي ترجحه.
ان قلة
جاذبية
الحياة
الطبيعية
ناجمة عن
سفسطائية
الحياة
الاجتماعية
في ذلك الحين
أما قوة
نظرية روسو
فمصدرها
الاعتراف
بأن قيمة
الفرد تتعلق
بكفاءاته
هو،
اعتبارها
المحبة
قانوناً
عالمياً
وولعها
بالتحرر من
الظلم
والاستعباد
والتقاليد
الفاسدة.
ولقد قضى
روسو حتى
الآن
أعواماً
طوالاً وهو
على صلة
بجماعة
الفكر
والثروة
والمركز
الاجتماعي
ولكنه لم
يتفاهم معهم
كما انه
اختلط
بالحلقة
الفكرية
القوية التي
تكونت حول
فولتير
والتي كانت
ذات أثر كبير
في كل وجوه
الحياة
السياسية
والاجتماعية
في أوروبا
ولكنه لم
يعطف على هذه
المجتمعات.
لقد عاش طول
حياته لمبدأ
واحد هو
المبدأ
الديموقراطي:
عطفه على
الناس
العاديين،
وإيمانه
بقيمة الفرد.
لقد حار هذا
المجتمع
الأجوف
المنافق رغم
لمعانه
وغناه و(ثقافته)
ـ في كتاباته
ومقالاته
التي كانت
سبب شهرته
والتي دبجها
يراعه في
السنين
الثلاث عشرة
التالية: ولقد
كان مقال
روسو الثاني
(أصل عدم
المساواة
بين الناس)
وصفاً
خيالياً
للحالة
الاجتماعية
عند
الابتدائيين
وقد كانت
فكرة هذا
المقال هي
التي قادت
روسو إلى
كتابة (العقد
الاجتماعي)
المشهور
الذي اشتمل
على النظرية
الأساسية
للثورة
الافرنسية
وإعلان
الاستقلال
الأميركي.
وفي هذا
الكتاب يقول
روسو ان
الحكومة (عقد)
بين أفراد
الشعب
بواسطته
تعطى صلاحية
الحكم لبعض
الأفراد في
حين يقدم
الآخرون بعض
الخدمات
مقابل ذلك،
وهكذا
فالحكومة
التي قامت
على الاتفاق
يمكن حلها
حين لا يتفق
الطرفان.
ومما تجب
ملاحظته هو
ان فكرة (الحالة
الطبيعية) قد
عدلت في (العقد
الاجتماعي)
فلم تعد
الحياة
المثالية هي
حياة
المتوحشين
ولكنها
الحياة في
مجتمع منظم
تحت حكم
الشعب وحيث
تسود رغبات
الشعب. ويكرس
مثل هذا
المجتمع
نفسه لإيجاد
حياة
مثالية، فلا
يقضى على (الإنسان
الطبيعي) ولا
تضيع الحرية
ولا تنمو
فنون
المجتمع (المهذب)
وعلومه. وكما
ان نظرية
تحرير
الإنسان
العادي تجد
اصولها في
تعاليم روسو
فإن نظريات
التربية
الكبرى التي
تحرر الطفل
تجد أساسها
في كتاباته.
وكما ان (العقد
الاجتماعي)
يحتوي على
بذور الثورة
الفرنسية
فإن كتاب (اميل)
يحتوي على
بذور فكرة (حدائق
الأطفال)
والمدرسة
الابتدائية
الحديثة
والفكرة
العصرية في
التربية
بكاملها. اميل
Emile
والتربية
حسب الطبيعة يصف
روسو في هذه
القصة
الطويلة
تربية
الأطفال
المناسبة
لمجتمعه
المثالي
وذلك بعد ان
يؤخذ الطفل
من أهله ومن
المدرسة
فيعزل عن
المجتمع
ويوضع بين
يدي معلم
مثالي يربيه
في أحضان
الطبيعة
بجمالها
وعجائبها.
وفي هذه
الكتاب
يتحدث روسو
عن طريقته في
(التربية حسب
الطبيعة). معان
ثلاثة لكلمة
(طبيعة) في
كتاب اميل: يبسط
روسو مبدأه
الرئيسي في
الجملة
الأولى من
الكتاب
فيقول: " كل
شيء خير حين
يخرج من بين
يدي خالق
الطبيعة،
ولكن كل شيء
يفسد في يدي
الإنسان " .
ومع ان روس
لا يثابر على
استعمال
كلمة (طبيعة)
بمعنى واحد
صريح فإن
واحداً من
معان ثلاثة
يمكن أن ينسب
لهذه الكلمة
حين
يستعملها
روسو. المعنى
الأول
والأساسي
لكلمة طبيعة
في كتاب (اميل)
هو المعنى
الاجتماعي
فهو يرينا في
(العقد
الاجتماعي)
إمكان بناء
حالة من
الثقافة
العالية على
مبدأ سياسي
أصدق
وبالتالي
إمكان نشوء
نوع من
الحياة
الاجتماعية
أسمى من حياة
القرن
الثامن عشر
الاجتماعية.
وفي (اميل)
يصف روسو
تربية مبنية
على معرفة
صحيحة
لطبيعة
الإنسان
الصادقة، لا
على شكلية
المجتمع
وتقاليد
المدرسة
التي لا معنى
لها والجهل
الفاضح
بالطفولة.
وكما انه
اشار في (العقد
الاجتماعي)
إلى ان حقوق
الإنسان
الوحيدة هي
الموجودة في
قوانين
طبيعته
الخاصة،
فإنه في (اميل)
يشير إلى
وجوب قيادة
هذه
القوانين
نفسها
العملية
التربوية.
فالإنسان
الطبيعي ليس
الإنسان
المتوحش
ولكنه
الإنسان
الذي تحكمه
وتوجهه
قوانين
طبيعته
الخاصة. وهذه
القوانين
انما تكتشف
بالبحوث
شأنها في ذلك
شأن قوانين
أي جزء من
الطبيعة.
فإذا كان هذا
هو المعنى
الأول
للتربية حسب
الطبيعة فلا
بد من
الاصطدام
بالمجتمع
نتيجة لذلك: "
علينا أن
نختار بين
صنع إنسان
وصنع مواطن
لأنه من غير
الممكن
صنعهما في
الوقت نفسه "
الا انه من
الواجب أن
نذكر بأن
روسو حين
يقول ما يقول
انما يعني
مدنية القرن
الثامن عشر. والمعنى
الثاني (للطبيعة)
هو ان
الأحكام
الغريزية
والعواطف
الابتدائية
والغرائز
الطبيعية
والانطباعات
الأولى يمكن
الوثوق بها
كقاعدة
للعمل أكثر
من التأمل
والتجربة
التي تتكون
عن طريق
الاتصال
بالآخرين "
ان ما اسميه
طبيعتنا هو
استعداداتنا
قبل أن يطرأ
عليها تغيير
( عن طريق
عادات
التفكير
والمحاكمة
التي
نقتبسها من
غيرنا) " .
ولذلك فإن
روسو لا يني
عن مهاجمة
العادات في
التربية
فيقول: " ان
العادة
الوحيدة
التي يجب ان
يسمح للطفل
بتكوينها هي
عدم التعود
بتاتاً " . والمعنى
الثالث
لكلمة (طبيعة)
هو الطبيعة
غير
الإنسانية.
فالتربية
السيئة التي
يكون مصدرها
الإنسان لا
بد من
تعديلها عن
طريق
الاحتكاك
بالحيوانات
والنباتات
وحوادث
الطبيعة
وقواها
احتكاكاً
جريئاً
مخلصاً. لقد
كان روسو
يعشق
الطبيعة
والى
تعاليمه
يعزى الفضل
في الحركة
الأدبية
التي عشقت
الطبيعة
ورغبت في
تقديرها
والتي سادت
أوروبا. وقد
كان لمفهوم
روس المبني
على نظرته
الساخطة على
حياة
الإنسان في
المجتمع اثر
سيء: لقد قاد
إلى هجر
المجتمع
وتفضيل حياة
العزلة وذلك
لأنه كان
يقول: " المدن
مقابر البشر
" . لقد
كان المفهوم
السائد عن
الطبيعة
الإنسانية
عامة وطبيعة
الطفل خاصة
المتفق مع
التعاليم
الدينية
والتربوية
في ذلك الحين
يخالف مفهوم
روسو مخالفة
تامة. لقد
كان المتفق
عليه ان
طبيعة
الإنسان
شريرة في
الأصل وان
غاية الدين
والتربية هو
القضاء على
الطبيعة
الاصلية
واستبدالها
بأخرى
يصوغها
المربي. إلا
أن روسو خالف
هذه الفكرة
بالمبدأ
التالي " يجب
أن تكون
التربية
الأولى
سلبية محضة
تنحصر لا في
تعليم مبادئ
الفضيلة
والحقيقة،
بل في تجنيب
القلب مزالق
الاثم،
والنفس
مهاوي الزلل
" . وقد قال
بأن مصدر
تربية الطفل
هو النمو
الحر
لطبيعته
الخاصة
وقواه
الذاتية
وميوله
الطبيعية
وان من
الواجب عدم
الوقوف في
وجه إرادته. ولم
يقصد روسو
بالتربية
السلبية أن
ينفي ضرورة
التربية بل
رمى إلى
القول بوجوب
وجود تربية
تختلف كل
الاختلاف عن
التربية
التي كانت
شائعة في
زمانه. وقد
قال في احدى
رسائله التي
كتبها
دفاعاً عن
كتابه اميل
الذي هوجم
أعنف
المهاجمة: "
التربية
الايجابية
هي التربية
التي تريد
تكوين النفس
قبل الأوان
والتي تبغي
تعليم الطفل
الواجبات
التي يطالب
بها الرجل.
أما التربية
السلبية فهي
التربية
التي تعمل
على جعل
أدوات
المعرفة
كاملة قبل
اعطائها هذه
المعرفة
مباشرة،
انها
التربية
التي تحاول
تعبيد طريق
العقل
بتدريب
الحواس
تدريباً
صحيحاً وعلى
هذا
فالتربية
السلبية
ليست كسلاً.
انها لا تمنح
الفضيلة بل
تحمي من
الرذيلة ولا
تفرض
الحقيقة بل
تحمي من
الخطأ، انها
تهيء الطفل
لسلوك
الطريق الذي
يقود إلى
الحقيقة حين
يصل العمر
الذي يستطيع
فيه أن يفهم
الحقيقة.
والى الخير
حين تصبح له
ملكة تمييزه
وحبه " . ولعل
السبب في
صعوبة فهم
روسو
والدعوى
بضآلة أثر
افكاره
التربوية هو
الصيغة
السلبية
النقدية
التي صاغ
فيها آراءه
ولذلك فلا
سبيل إلى
فهمه إلا على
ضوء الزمان
الذي كتب فيه. التربية
من السنة
الاولى حتى
الخامسة: زبدة
تعاليم روسو
التربوية
لهذا السن هي
احتجاجه على
القماط
المستعمل في
لف المواليد
والضغط على
حرية الطفل
وقسره على
قضاء وقته
داخل البيت
ومحاربة
ميوله
الطبيعية
ورغباته
وعقابه قبل
أن يتكون
لديه مفهوم
الخطأ
والصواب
والثواب
والعقاب. وهو
يسرف في
امتداح حياة
الريف،
والحرية
والرياضة
والألعاب.
يقول " يزداد
ميل الطفل
إلى الأمر (مصدر
أمَرَ)
بازدياد ضعف
جسمه. كما
يزداد ميله
إلى الطاعة
بازدياد
قوته.. ان
الأهواء تجد
مأوها في
الجسد
الضعيف " .
ويقول: " مصدر
الخبث ضعف
الجسد ان
الطفل
الشرير شرير
لأنه ضعيف
فقط، قوّه
يصبح خيراً.
ان من يستطيع
فعل كل شيء
لا يعمل ما
هو شر " . أما
نمو الطفل
العقلي
والأخلاقي
في هذا العمر
فلا يحتاج
إلا إلى
انتباه
قليل، بل ان
الجهد يجب ان
يوجه إلى
تحديد عدد
الكلمات
التي يعرفها
" من المضر
للطفل أن
تكون
الكلمات
التي يملك
أكثر من
الأفكار وان
يحسن القول
أكثر من
التفكير " . التربية
من الخامسة
إلى الثانية
عشرة: " أدق
مراحل
الحياة
البشرية
ويجب أن
يتحكم فيها
مبدءان:
أولهما وجوب
كون التربية
سلبية
وثانيهما
وجوب
التدريب
الأخلاقي عن
طريق
النتائج
الطبيعية
ويجب عدم
القيام بأي
شيء مما يكون
نفس الطفل أو
يقحم فيها
المبادئ
خلافاً لما
هو مألوف من
إعطائه
مختلف
الأفكار،
للطفولة
غايتها
الذاتية
وانما تريد
الطبيعة أن
يكون
الأطفال
أطفالاً قبل
أن يصبحوا
رجالاً، فلا
حاجة لأن
يتعلم الطفل
القراءة، مع
انه قد يحاول
ذلك هو نفسه.
يقول روسو "
رب الجسد
والأعضاء
والحواس
والقوى،
ولكن دع
الروح
مستريحة
أطول مدة
ممكنة " . ومع
ان الطفل لا
يعرف شيئاً
عن الكتب
والتعلم "
فإنه يحاكم
ويتنبأ
ويحكم على كل
ما له صلة
مباشرة به "
ولذلك
فالتربية
يجب أن تكون
في معظمها
تدريباً
للحواس
يكتسب عن
طريق
الاتصال
المباشر
بقوى
الطبيعة
وحوادثها .
يجب أن يقيس
الطفل ويزنه
ويعلل
ويقارن
ويستنتج
ويجرب
ويكتشف
المبادئ ". التربية
من الثانية
عشرة إلى
الخامسة
عشرة: في هذا
الدور من
الحياة تزيد
قوة الفرد
على حاجاته
وبما ان
النتيجة
العامة
للتدريب
العقلي هي
زيادة
الحاجات دون
تنمية القوى
اللازمة
لتلبية هذه
الحاجات،
فإنه يمكن
الاستفادة
من هذا الدور
في الحصول
على اكثر ما
يمكن من
معلومات
ولكن
الاشياء ذات
القيمة
الحقيقية
التي يجب
تعلمها
قليلة العدد
. والفضول ـ
ذلك التحمس
للمعرفة
الذي يصدر عن
الرغبات
الطبيعية لا
عن الرغبة في
احترام
الناس ـ هو
الدافع
الأهم
والدليل
الوحيد . أما
مقياس
المعرفة
ففائدتها
العملية،
ولذلك فمن
الواجب أن
ندع جانباً
الفروع التي
لا يتذوقها
الإنسان
تذوقاً
طبيعياً
ونحصر
أنفسنا في
الفروع التي
تقودنا
غرائزنا إلى
تتبعها "
وحتى في هذا
الدور فإنه (المعرفة
الكتابية)
يجب أن تكون
قليلة. وأهم
ما يسمح به
من كتب هو
كتاب (روبنسن
كروزو Robinsor
Cruoso)
الذي هو
عبارة عن (دراسة
للحياة وفق
الطبيعة) ومن
الواجب
التفريق
الواضح بين
المعرفة
والحقيقة
وبين (المفيد)
وكليهما. وقد
تعلم (اميل)
في جملة ما
تعلم، صناعة
" لا من أجل
تعلم
الصناعة فقط
بل من أجل
عدم
احتقارها "
ويلح روسو في
مناقشاته
الطويلة على
أهمية العمل
اليدوي
والنشاط
الصناعي في
التربية، أي
على المزايا
الاجتماعية،
ولكنه لا
يستوعب
أبداً
المزايا
السيكولوجية
التي يشار
إليها في
الوقت
الحاضر. وفي
آخر هذا
الدور يكون
اميل قد أصبح
" نشيطاً،
معتدل
المزاج،
صبوراً
حازماً،
شجاعاً...
معارفه
قليلة ولكنه
متمكن مما
يعرف، فهو لا
يعرف نصف
معرفة... فهل
تحسب ان
الطفل الذي
وصل الخامسة
عشرة من عمره
على هذا
الشكل قد
أضاع سنيه
السابقة " ؟ التربية
من الخامسة
عشرة إلى
العشرين: لقد
تكون جسد (اميل)
وحواسه
ودماغه حتى
الآن ولذلك
فقد حان
الوقت
للعناية
بقلبه. لقد
ربي الطفل
حتى الآن
لنفسه
وبنفسه. وقد
كانت محبة
النفس هي
الدافع الذي
يضبطه كما
كانت تنشئة
الذات
والكمال
الشخصي
الهدف
الرئيسي له.
أما الآن فقد
جاء الوقت
لتربية
الطفل تربية
تمكنه من
العيش مع
الآخرين
وتعويده
العلاقات
الاجتماعية
ولذلك فمحبة
الآخرين هي
الآن الدافع
الذي يضبط
توجيهه كما
ان الهدف هو
الكمال
الأخلاقي
والنماء
العاطفي. ولقد
بدأ روسو
بالتنبيه
إلى الأهمية
البالغة لسن
الرشد في
التربية " في
هذه المرحلة
تنتهي
التربية
عادة ولو
أردنا الدقة
لوجب أن تبدأ
الآن " . لم
يحتك (اميل)
بالآخرين
حتى الآن إلا
بصورة غير
مباشرة،
ولذلك فهو لم
يكن مطالباً
بتكييف نفسه
مع سلوك
الآخرين
ورغباتهم
ولم يكن له
من دوافع حتى
الآن سوى
الفضول
والرغبات
الشخصية. انه
لم يسمع باسم
الله مطلقاً
ولذلك فقد
حان الوقت
لتربيته
أخلاقياً
ودينياً. لقد
كانت صلته
السابقة
بالاشخاص
نتيجة
الاجتماع
العادي فقط،
أما الآن
فيجب أن تبنى
على وحدة
العاطفة
والخبرة
العاطفية
ولذلك فإن
طبيعة
تربيته
تتغير كلها "
ان خير دراسة
للإنسان هي
التي تتعلق
بعلاقاته،
فحين لا يعرف
الا وجوده
الجسدي يكون
الواجب أن
يدرس
علاقاته
بالأشياء
وفي هذا
يستخدم
طفولته، أما
حين يبدأ
بالشعور
بوجوده
الأخلاقي
فإنه يصبح من
الواجب أن
ينظر في
صلاته مع
البشر وذلك
لأن هذه
الصلة هي
الشاغل
المشروع
لحياته كلها
ابتداء من
الآن. يجب
تحويل محبة
الذات التي
تحتوي على
عناصر خير
وعناصر شر
نحو الخير
وأساس هذا
انما هو
الحياة
العاطفية "
تصدر صرخات
الوجدان
الأولى عن
حركات القلب
الأولى
وتنبثق
المفاهيم
الأولى عن
الخير والشر
عن عواطف
الحب والبغض
والأولى " .
وقد كان من
الواجب
اجراء هذا
التدريب في
الأدوار
الأولى عن
طريق
الابقاء على
تواضع الطفل
المولود معه
وبواسطة
التدريب
السلبي : أما
الآن فيجري
هذا التدريب
عن طريق
الاحتكاك
بالناس.
والتشبه
بالمعلم
ودراسة
التاريخ .
يقول روسو : "
انني لا أتعب
من ترديد
القول بأن
تدريس
الأطفال يجب
أن يكون عن
طريق العمل
لا عن طريق
الكلام. يجب
عدم اللجوء
إلى الكتاب
حين يمكن
الرجوع إلى
الخبرة " .
ولكن روسو
أبعد الناس
عن القول
بوجوب
الابتعاد عن
الشر بعد
اختباره
وخبر نتائجه.
يقول: " لا
توجد معرفة
أخلاقية لا
يمكن الحصول
عليها عن
طريق اختبار
الآخرين أو
الاختبار
الشخصي،
فإذا كانت
الخبرة
خطيرة أمكن
الحصول
عليها من
التاريخ
بدلاً من
اختبارها
بأنفسنا. أما
إذا كانت
النتائج غير
خطيرة فلا
باس في تعريض
الشاب لها ".
وهكذا فإن (اميل)
لا يعلم تجنب
الشر فقط بل
يعلم فعل
الخير. يجب
أن يستثار
عطفه على
الفقير
والمظلوم
وان يطالب
بمعاونتهما
ومع انه حازم
في الدفاع عن
حقوقه وسريع
في حماية
حقوق
الآخرين فهو
متحمس في
الدفاع عن
السلام " ان
أثر تربيته
يجب أن يكون
روح السلام "
. وتربية اميل الدينية تجري على نمط مماثل " انه لا يعرف في الخامسة عشرة بأن له روحاً وقد لا يكون من المناسب اخباره بها في الثامنة عشرة. وذلك لأن تعريفه الباكر بها قد ينتج عنه خطر جهلها جهلاً تاماً. أما الأفكار الدينية التي يحصل عليها الطفل فليست إلا معارف شكلية وتقليد لغوي لا قيمة لها.
|
||||||||
|