.

.

النهاية

اللاحق

السابق

البداية

  الفهرست

الفخار، الشيء العظيم الفخر

نار الشهوة ونار الغضب أعدتا لحفظ البشر

 

[  18 ]

(خلق الإنسان من صلصال كالفخّار * وخلق الجانّ من مارج من نار * فبأي آلاء ربكما تكذبّان) (سورة الرحمن، الآيات: 14 ـ 16).

الفخّار، الشي العظيم الفخر:

(خلق الإنسان من صلصال كالفخار) قلنا إن معنى هذه الآية هو، ان الله عز وجل خلق الإنسان من الطين اليابس ذي الهيئة الفخارية، وكثيراً ما يقال للأشياء المفخورة (فخارٌ) لأن صناعتها كانت من اصل ترابي يفوق سائر أنواع التراب فضلاً وجودة، ولأنها أيضاً تحقق الاستفادة الأفضل قياساً بالأواني غير الفخارية.

الخلق الترابي، والتواضع الفطري:

يقول السيد ابن طاووس، إن من الالطاف الإلهية التي منّ بها الله على الإنسان أن خلقه من تراب (ويقصد بذلك اصل نشأته) لأن في طبع التراب التواضع الفطري، على العكس من النار التي تتصاعد ألسنتها وترتفع.

فيا أيها الإنسان الذي خلقك الله من تراب عليك ان لا تخرج عن حد تواضعك الذي جبلت وفطرت عليه، ولا تنسى حقيقتك الترابية التي نشأت عنها فلقد (خلق الإنسان من صلصال) وهذه هي إحدى النعم الإلهية التي تعين الإنسان على تحقيق العبودية لله باختياره، وتجعله خاضعاً له (عز وجل).

 

الجن، ما احتجب من الخلق عن الأنظار:

(وخلق الجان من مارج من نار) والجان هو اسم جنس من مادة (جنن) وتعني ستر، وعليه يكون الجن مخلوقاً مستوراً ومحتجباً عن أعين الناس، لأن العين البشرية تستطيع رؤية الأجسام المادية الكثيفة، في حين أنها لا تستطيع رؤية الأجسام النورانية والنارية اللطيفة، وهذا هو السبب الحائل دون استطاعة رؤية الملائكة والجن.

وللجن أنواع وأقسام، فمنهم الشياطين، وهذا النوع من الجن لا يصدر عنها إلاّ الشر والسوء والضرر، وهم من ذرية ابليس اللعين الشيطان الاكبر، وهذه الطائفة قد ابتعدت عن رحمة الله تعالى بالقدر الذي لا يمكن أن يصدر عنهم الاّ الشرور والغوايات، تماماً كحال جدهم الاكبر ابليس الرجيم، الذي رجمه الله تعالى فأبلس من رحمته.

والنوع الآخر من الجن، هم اولئك الذين لا تختلف أحوالهم عن أحوالنا نحن البشر، من حيث امتلاك الاستعدادات اللازمة للهداية والرقي والتكامل، هذه العوامل التي تعتبر عوامل أساسية ومؤثرة في تحقيق أداء التكاليف والأوامر والطاعات التي تؤدي إلى حصول المرء من خلالها على المنازل والدرجات الرفيعة في الدارين، دار الدنيا، ودار الثواب والكرامة، ولقد سئل الإمام الصادق (ع) عن محل مؤمني الجن في الجنة فقال (لهم محل خاص في وسط الجنة).

قدرة الجن وأضراره محدودان:

وكما نعرف ان النبي (ص) بعث إلى الجن فضلاً عن بعثته إلى الأنس، كما هو الحال في سائر الرسل (ع)، وعالم الجن كعالم البشر، فيهم المحسن والمسيء والمسلم والكافر والمشرك، وفيهم الشيعي والسني، وفيهم الصالح والفاسق.

اما من حيث القدرات فيجب الالتفات إلى أن الجن لا يمتلكون القدرات المطلقة التي يستطيعون بواسطتها من إلحاق الاضرار بالناس، فلربما يصل ضررهم إلى بعض الناس لوجود إذن لهم في ذلك باعتبارهم يستحقون نيل تلك الاضرار والايذاءات.

تعاهدوا أنفسكم بذكر اسم الله وبالقرآن:

ومن جملة الوصايا والتعاليم الواردة في حفظ الأنفس، ونيل الأمان من شرور مردة الجن وفسّاقها، هو ذكر الله على أية حال، وقول بسم الله في كل حركة يتحركها الإنسان، خصوصاً عند الهم بالخروج أو الدخول إلى الدار، وعند إشعال النار أو رمي جذوتها، وعند الدخول إلى الأسواق والحمامّات التي تعد من مراكز تواجد الشياطين، وعليه كان ذكر الله مدعياً لحفظ الأنفس من الشياطين ودفع شروهم.

ولتلاوة آية الكرسي أعظم الأثر في دفع شرور الجن. مع الالتفات إلى ان مؤمني الجن لا يصدر عنهم الاذى بالمرّة (وبالذات نحو الشيعة)، ولكنهم قد يوصلوا بعض الضرر إلى الأشرار، وتأكيداً لحديثنا هذا نستعرض سوية هذه الحكاية الجميلة المشتملة على جملة من الفوائد:ـ

مؤمن الجن يزور مدّاح أهل البيت (ع):

نقل العلامة المجلسي بسند متصل عن دعبل الخزاعي(رض) شاعر أهل البيت (ع) هذه الحكاية، يقول دعبل تشرفت في يوم ما بالحضور لدى مولاي الإمام الرضا (ع) في مدينة خراسان، ثم ودعته في رعاية الله وحفظه وقفلت راجعاً، وفي طريقي مررت بمدينة قم فاستأجرت حجرة هناك، ولما حلّ المساء قمت وأغلقت على نفسي باب الحجرة وجلست افكر بكتابة قصيدة شعرية أمتدح بها أهل البيت (ع)، فجأة هالني ظهور رجل يرتدي حلّة بيضاء، قد شخص إزائي وبادرني بالتحية والسلام، ففرق منه قلبي، فلما رآني على تلك الحالة بادرني بالقول: هوّن عليك ولا تخف فأنا أخ لك في الدين من إخوانك الجن وقد جئت طمعاً في زيارتك لأنك شاعر أهل البيت (ع)، فلما استأنست به، شرع يحدّثني عن أحوالهم ثم اخبرني قائلاً: لقد كنت فيما سبق من أتباع فرق الخوارج والنواصب، وكنت اكنّ العداء لأهل البيت (ع) والمناصبة، وفي يوم من الأيام صادف أن مررت (مع رفاق لي بالمعتقد ذاك) بالعراق، فلاحت لنا على البعد قافلة من البشر كانوا يقصدون كربلاء، ولمّا كنّا جميعاً نعادي أهل البيت (ع)، عقدنا فيما بيننا العزم على إيذاء اولئك النفر، وما أن هممنا بالتعرّض لهم حتى رأينا ملائكة السماء قد برزت لنا من فوق رؤوسنا بالحراب، وأحاطت ملائكة الأرض برجال القافلة من كل جانب حينذاك حصل لي اليقين ان اولئك النفر من الآدميين الذين حضرت الملائكة لنصرتهم، هم ممن لهم الشأن عند الله عز وجل، وأدركت ان لصاحب القبر (ع) في كربلاء كرامة عظيمة عند الله تعالى وأن الحسين (ع) من ذوي الشأن الرفيع عنده، فتداركت حالي بالمسارعة إلى الاستغفار في ذلك المكان الشريف ثم انتقلت إلى زيارة الإمام الحسين (ع) مع جملة زواره، وبعد ذلك شاهدت القافلة تلك قد عرجت بالمسير نحو مكة المكرمة فصحبتهم ولما عادوا إلى المدينة المنورة عدت معهم، وفي يوم من الأيام رأيت رجال القافلة قد أحاطوا رجلاً فتقدمت معهم إليه وإذا به هو الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع) فعرفته ثم أقبلت عليه قائلاً: إني نادم يا سيدي على ما مضى من فعالي، فرد علي الإمام (ع) قائلاً: قد قبل الله توبتك، فسألته: أن منّ عليّ بحديث، قال الإمام: سمعت عن آبائي وأجدادي (إلى أن أرجع الحديث إلى الرسول محمد (ص) انه قال: الجنة حرام على الأنبياء حتى أطأها بقدمي، وعلى الأوصياء حتى يطأها علي (ع)، وعلى الأمم السالفة حتى تطأها أمتّي، وحرام على امتي أن تطأ الجنة حتى تحبك يا علي.

(اللّهم اجعلنا من أوليائه، وأخرجنا من هذه الدنيا على ولايته).

[ 19 ]

(خلق الإنسان من صلصال كالفخار * وخلق الجانّ من مارج من نار * فبأي آلاء ربكما تكذّبان) (سورة الرحمن، الآيات: 14-16).

نار الشهوة ونار الغضب اعدّتا لحفظ البشر:

وعن كلمة (كالفخّار) الواردة في الآية المباركة، فقد أبدع المفسر المصري (الطنطاوي) في قوله، الفخّار هو الطين الذي أنضجته النار، ولما كان الطين الذي لم تنضجه النار غير متماسك الأجزاء بشكل جيد بحيث يتمكّن من الدوام والاستمرار، لذلك كانت النار هي الباعث على إيجاد الهيئة الدائمة المتماسكة لتشكل الطين اللازب.

وطينة الإنسان هكذا شأنها أيضاً، فهي قد عولجت بنارين، نار الشهوة ونار الغضب لكي تحصل على الشرائط الميسرّة لإدامة الحياة المادية ومواصلتها، فلولا نار الشهوة للطعام لما سعى المرء نحو طلب الطعام، ولضعف بدنه ووهن عظمه، ولأدركه الفناء والتلف، ولولا نار الشهوة الجنسيّة لما سعى الإنسان نحو الزواج ولأنقطع النسل وانعدمت الذراري. ولولا حرارة المعدة لما تيسر للطعام امكانية الهضم والتحلل لأن مصنع البدن الإنساني بحاجة ماسة إلى (قدر الضغط) الذي زودّه الله تعالى به. وبفضل نار الغضب تحصل الغيرة لدى الإنسان التي تدفعه نحو حفظ الأعراض والأموال من أن تنالها أيادي الغير بسوء، فهي لا تدع المرء يرضخ إلى وطأة الظلم، وتحول بينه وبين أن يباشر بظلم الآخرين أيضاً.

بري، أجمل نساء الجن:

(وخلق الجان من مارج من نار) (سورة الرحمن، الآية: 15) قد تطرقنا في حديثنا عن الجن إلى وجود فرق وطوائف متعددة منه، وهم ليسوا (من حيث الشكل والصورة) على هيئة واحدة، فبعضهم في غاية الحسن والجمال، ولعلهم يتفوقون على البشر من هذه الناحية كما يقال عن (بري) المرأة الجنيّة الساحرة الجمال، والبعض الآخر في منتهى الدمامة وقبح المنظر، وهم على أية حال يناظرون البشر من حيث أشكالهم وصورهم.

وفي الجن طوائف لا تتزاوج ولا تتناسل، وإنما يتكاثرون بالبيض والتفريخ، وتتفاوت أعمار الجن من طائفة لأخرى، ومن فرد لآخر، ولقد أشارت أحد الروايات المنقولة عن الإمام الصادق (ع) أن بعض طوائف الجن لا يدركهم الموت حتى تقوم الساعة، والبعض يدركهم الموت بزمن متفاوت.

تفاوت أعمار الجن بين الطول والقصر:

(فقد جاء رجل من الجن يدعى حسام بن قيس إلى رسول الله (ص)، فسأله النبي (ص) عن عمره فأجاب، لقد كنت يافعاً يوم قتل قابيل هابيل، ولقد تبت إلى الله في زمن النبي نوح (ع) وعلى يده، وركبت السفينة معه، ثم جئت ابراهيم (ع) يوم ألقوه في النار ولقد حضرت عند موسى (ع) وعيسى (ع) كما حضرت اليوم عندكم)[1].

وطول أعمار الجن الذي حدثتنا به الروايات إنما هو غيض من فيض.

معاني المارج المتعددة:

(من مارج) والمارج هو خالص النار الذي لا دخان فيه، ويقول البعض إن معنى المارج هو المختلط، ويقصد بالمختلط، اختلاط النار بأشياء أخر، كالهواء، كما يختلط التراب بالماء في نشأة الإنسان (وهو ما يعبّر عنه بالطين الذي ورد بالنص في القرآن الكريم)، وعلى هذا الأساس يكون معنى الآية، ان الجان قد خلقه الله تعالى من خليط النار والهواء. وقال آخرون إن معنى المارج هو المضطرب، كما إن للنار لهب مضطرب، ولعل الناظر إلى النار في أول وهلة يظن أنها بسيطة التركيب، والحال أنها تشتمل على أجزاء مركبة قد اختلطت مع بعضها البعض.

تركيبة النار، في إخبار القرآن بالمغيّبات:

لقد أثبتت الاكتشافات الحديثة، أن النور ليس كما اعتقد القدماء من أنه شعاع بسيط، فلقد تأكّد أن نور الشمس مثلاً، يحمل في تركيبته سبعة ألوان أساسية وبضعة ألوان ثانوية، فمن نظر إليه بشكل مجرّد لا يجده إلاّ نوراً بسيطاً، بينما هو مركب وقابل للتجزئة والتحليل.

وهكذا الحال أيضاً في النار، فقد اعتبر القدماء النار بسيطة، وعدّوها أحد عناصر الحياة والخلق الأربعة (الماء، التراب، الهواء، النار)، ولكن المتأخرون أثبتوا بالبراهين أن النار مركبة وليست بسيطة، ولقد عدّ المفسر المصري الطنطاوي موضوعا (كالفخار، مارج) معجزتين قرآنيتين، لأن المارج هو النار المختلطة المضطربة، والمادة المركبّة الملتهبة، وقد أخبر القرآن الكريم بها إخباراً غيبيّاً، ولم يدرك ذلك إلاّ في الآونة الأخيرة.

الجن أقوى من الإنسان، وألطف منه:

(وخلق الجان من مارج من نار) أي أن الله تعالى خلق الجان من النار المركبّة والمختلطة مع الهواء، (أو مع أجزائها المركبة معها بالفعل)، ومن ذلك ندرك أن الجن مخلوق لطيف وعجيب، إذ تبلغ لطافته وشفافيته حداً تؤهله لامتلاك قوة خارقة لا يمكن بأي شكل من الأشكال قياسها مع قوة الإنسان، فبعضهم (كالعفريت الذي ذكره القرآن في قصة سليمان (ع) وحادثة الإتيان بعرش بلقيس، إذ أعرب لسليمان عن قدرته قائلاً (أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين) (سورة النمل الآية: 39). له من القدرة ما يستطيع أن يطوي المسافات الشاسعة بوقت قصير ويحمل الأحمال الثقال.

ومن حيث خزين المعلومات التي يمتلكها الجن فهي تفوق ما يمتلكه الإنسان إلى حد ما، فالكهانة التي كانت معروفة في سالف الزمان، (ولعلها لا زالت إلى يومنا هذا في بعض آفاق الأرض) هي رياضة شيطانية تقوم على أساس التعامل مع الجن الذي يقوم بدوره بتقديم بعض المعلومات الجزئية إلى الإنسان الكاهن. وتبلغ لطافة الجن حداً يستطيع بها أن يتوغل في أعماق الإنسان، فكم من غافل عن الله تعالى قد أصبح اُلعوبة سهلة في يد الشيطان (خاصة النساء اللواتي يقعن في حبائله وأشراكه بسبب عواطفهن الجياشة أو رقتهن الفائقة).

نور المؤمن يطغى على نار الجن:

لأن الغافل عن ذكر الله عز وجل يكون قد أقترب من الشيطان، ومن يكثر من تناول الأطعمة والاغراق في النوم يصبح فريسة سهلة لغواية الشيطان، فالصيام بفوائده الجمّة وعوائده الوفيرة فيه من الخصائص ما يمكن دفع الشياطين عن الصائم، ولو أقترب الشيطان من الإنسان المؤمن، وتذكّر المؤمن ربّه لشعّ منه نور الإيمان فلا يجد الشيطان بدّاً من الهرب والفرار منه، باعتبار غلبة نور الإيمان على نار الجن، والحال ان نار الجن والشياطين ليست بأشد من نار جهنم التي صرحت بها الآيات والأخبار، إذ عندما يمر المرء المؤمن على الصراط تبتعد عنه النار وتتنحى قائلة: (يا مؤمن جزني فقد أطفأ نورك لهبي)[2].

المطلوب المعرفة القلبية لا الشهادة العلمية:

فالنور الذي يشع من قلب المؤمن (بفضل ما يحمله من إيمان) يجعله روحانياً إلى حد يستطيع به أن يُطفئ نار جهنم بفضل ما يمتلأ به القلب من الإيمان لا ما يملأ البطن ويغرق النفس في الشهوات، لأن المعيار هي الروحانية لدى الإنسان وقوة الآصرة الارتباطية مع الله عز وجل، لا كما يتخيّل البعض من رفعة بعض الأفراد بسبب ما يحملونه مثلاً من شهادات جامعية عالية أو كون الإنسان مثقفاً بأحدث الثقافات العصرية، لأن المرء الذي تأخذ الدنيا منه جل اهتمامه سوف يكون أنيساً رائعاً للشيطان كما تحدثنا بذلك هذه الرواية:ـ

وسوسة الخنّاس في صدر العاقل:

جاء في كتاب مجمع البيان في تفسير سورة الناس في معنى قوله تعالى (من شر الوسواس الخناس) (سورة الناس, الآية: 4). أن الخنّاس يصغي إلى قلب الإنسان فان وجده غافلاً، عشعش في صدره ثم لم يفرّط في الاكثار من الوسوسة إليه حتى يضطره إلى عبادة الهوى، ولكن لو تذكّر الإنسان ونشط عن غفلته لفر منه الوسواس ولأضحى طريداً لا محل له في صدره.

وقد أكّد الشرع المقدس على ضرورة الاستعاذة بالله من وساوس الشياطين كما في قوله تعالى (وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين* وأعوذ بك رب أن يحضرون) (سورة المؤمنون، الآية: 97 ـ 98). ولقد قلنا آنفاً أن مؤمني الجن لا يؤذون أحداً، بل إنهم يحبّون مؤمني الانس ويسعدون بلقائهم، بل وإنهم يحضرون إلى مجالس الوعظ وتفسير القرآن مع مؤمني الأنس، ويقدمّون العون والمساعدة لمؤمني الأنس في مواطن الشدّة والضرّاء.

مجيء الجن لنصرة الحسين (ع):

فبعد أن وصل الحسين (ع) عرصة كربلاء، قام ابن زياد(لع) بإغلاق كافة المنافذ والطرق المؤدية إلى كربلاء لكي لا يستطيع أحد الوصول لنجدة الحسين (ع)، في تلك الأثناء كان هناك خمسة من شيعة الحسين (ع) يطوون الطريق ليلاً، ويكمنون في الحفائر نهاراً، وإلى أن وصلوا إحدى القرى الواقعة على الطريق الموصلة بين الكوفة وكربلاء فاختبأوا في أحد الأكواخ وإذا برجلين يظهران فجأة أحدهما شاب يافع والآخر شيخ طاعن في السن وهما يرتديان ملابس بيض، وقالا السلام عليكم لا تخافوا نحن من مؤمني الجن وقد جئنا مثلكم لنصرة الإمام الحسين (ع) ولما اطمأنوا بهما، قال أحدهما: إني أرى أن اذهب إلى كربلاء لاستطلع الأخبار ثم أعود إليكم فما تقولون؟ قالوا له: أصبت الرأي فسر على بركة الله وقعدوا ينتظرون، فلم يمض زمان طويل حتى عاد الرجل الجني ولكنه لم يتجلّ أمامهم بصورته بل خاطبهم بصوته قائلاً وهو يعزّيهم بعظيم المصائب: والله لم آتيكم من عرصة كربلاء إلاّ بعدما رأيت جسد الحسين (ع) ملقاً على صعيد أرضها[3].



[1] مدينة المعجزات، البحراني.

[2] لآلئ الأخبار.

[3] مجالس الشيخ الشوشتري.

 

.

النهاية

اللاحق

السابق

البداية

  الفهرست