.

.

النهاية

اللاحق

السابق

البداية

  الفهرست

تذنيب

نصيحة

المكر والحيلة

 

تذنيب

ثم تأمل ـ أيها المتأمل ـ في عجائب حكم ربك: إنه لما كبر الصبي وضاق عنه الرحم كيف هداه السبيل إلى الخروج حتى تنكس وتحرك، وخرج من ذلك المضيق كأنه عاقل بصير، ولما خرج وكان محتاجا إلى الغذاء ولم يحتمل بدنه الاغذية الكثيفة للينه ورخاوته خلق له اللبن اللطيف، واستخرجه من بين الفرث والدم خالصاً سائغا، وخلق الثديين وجمع فيهما هذا اللبن، وانبت منهما الحلمة على قدر ما ينطبق فم الصبي، وهداه إلى التقامها، وفتح فيها ثقباً ضيقة جداً، حتى لا يخرج اللبن إلا بعد المص تدريجياً، لأن الطفل لا يطيق منه إلا القليل، ثم هداه إلى الامتصاص حتى يستخرج من مثل هذا المضيق اللبن الكثير عند شدة الجوع، وأخر خلق الأسنان إلى تمام الحولين، لأنه لا يحتاج فيهما إليها لتغذية باللبن، وما دام مغتذيا به لما كان في دماغه رطوبة كثيرة سلط عليه البكاء، لتسيل به تلك الرطوبة، فلا تنزل إلى بصره أو إلى غيره من أعضائه فتفسده، ثم لما كبر ولم يوافقه اللبن الخفيف وافتقر إلى الاغذية الغليظة المحتاجة إلى المضغ والطحن أنبت له الاسنان عند الحاجة من دون تقديم وتأخير، وحنن عليه قلوب الوالدين بالقيام على تربيته وتكفل حاله مادام عاجزاً عن تدبير نفسه.

ثم رزقه الادراك والفهم والقدرة والعقل على التدريج حتى بلغ ما بلغ واودع في نفسه المجردة وقواها الباطنة أسراراً عجيبة تحير طوامح العقول وتدهش منها ثواقب الانظار والفهوم. فانظر إلى قوة الخيال بعرضيتها الغير المنقسمة كيف تطوى السماء والأرض وتتحرك من المغرب إلى المشرق في آن واحد، وإلى قوة الوهم كيف تستنبط كثرة المعاني الجزئية في لحظة واحدة، وتأخذها من حواق الأشياء، وإلى المتخيلة كيف تركب بعضها بالبعض وتأخذ منها ما فيه الصلاح والرشاد في أمر المعاش والمعاد.

ثم انظر في عجائب النفس وعالمها: من احاطتها بالبدن كله وتدبيرها له. مع تنزهها عن صقع المكان واتصافها بالعلم والقدرة وسائر الصفات الكمالية، وتمكنها من الاحاطة على حقائق الأشياء بأسرها، وتصرفها في الملك والملكوت بقوتها العقلية والعملية، ومع ذلك عاجزة عن معرفة ذاتها وحقيقتها، ومن تطوراتها في الأطوار المختلفة، وتقلبها في النشآت المتباينة، وترقياتها بحسب درجاتها ومقاماتها، من لدن تعلقها بالنطفة القذرة إلى صيرورتها عالما ربانيا محيطاً بحقائق الاشياء متصلا بالملكوت الاعلى، ومن اجتماع عوالم السباع والبهائم والملائكة والشياطين فيه[1]، واطاعة جميع الموجودات له، حتى السباع تخضع لديه والطيور تخفض أجنحة الذل بين يديه، ويستخدم الجن ويسخر الكواكب وروحانيتها، ومن عجائب عالمه الطبع الموزون والصوت الحسن، وعلمه بصناعة الموسيقى، واستنباطه انواع الصنائع العجيبة والحرف الغريبة.

ومنها أمر الرؤيا واخباره بالمغيبات لاتصاله بالجواهر الروحانية، وتأثيره في مواد الأكوان بنزع صورة وإلباس اخرى، فيؤثر بانقطاعه إلى الله في استحالة الهواء إلى الغيم ونزول الامطار، وإزالة انواع الأمراض، واهلاك قوم وإنجائهم، وتمكنه من فعل أو تحريك يخرج عن وسع مثله، وامساكه عن القوت مدة غير معتادة، واقتداره على اظهار بدنه المثالي في مواضع مختلفة في وقت واحد، واحضاره ما يريده من المطاعم والملابس، ومصاحبته مع الملائكة وأخذ العلوم منهم. فانظر ـ يا أخي ـ ان كنت من أهل اليقظة إلى قدرة ربك العظيم حيث أودع جميع ذلك فيما عرفت حاله من النطفة السخيفة القذرة، وهذه التي قد تصير ملكا شديد الهمة والبطش مسخراً للربع المسكون، بحيث ينوط به انتظام النوع واختلاله، وقد يصير بحيث تظهر منهه خوارق العادات وغرائب المعجزات في عالم الأرض، وقد يتعدى إلى عالم الافلاك، فينشق القمر ويرد الشمس.

وليت شعري ان الناس كيف يتعجبون من صيرورة الميت حياً، مع انه جثته كانت موجودة وإنما أفيض عليه مجرد حس وحركة، ولا يتعجبون من بلوغ قطرة ماء قذرة إلى المراتب التي عرفتها. وليس المنشأ لذلك إلا كثرة مشاهدتهم وتكرر ملاحظتهم له مع ان هذا لا يدفع العجب والغرابة لو نظروا بعين العبرة والبصيرة، إذ منشأهما إما عظم الصنع وحسن الابداع، فهما في بلوغ النطفة إلى المراتب المذكورة أقوى وأشد من احياء ميت، أو دلالة هذا الصنع والفعل على صانع حكيم وفاعل عليم، فلا ريب أيضاً في ان دلالة الاول على ذلك أشد من دلالة الثاني عليه، إذ كل من رزق ادنى حظ من البصيرة يعلم ان بلوغ قطرة ماء قذرة إلى المراتب المذكورة ليس إلا من قدرة قادر حكيم وصنع صانع عليم، أو من حدوث الفعل من دون مشاهدة سبب مباشر، فهذا في امر النطفة أظهر، وعلى أي تقدير كان يكون التعجب والغرابة في بلوغ النطفة السخيفة القذرة إلى المراتب المذكورة أشد واحرى من التعجب في احياء ميت أو ابراء أكمه أو ابرص أو تكلم حيوان أو نبات أو جماد أو غير ذلك من خوارق العادات وغرائب المعجزات، فالنظر الذي لايقتضى منه العجب إنما هو نظرة حمقاء لم ينشأ عن حقيقة الروية والاتقان ولم يصدر عن ذي قلب يقظان. ولجملة: الحكم والعجائب المودعة في النشأه الإنسانية اكثر من ان تحصى. وإنما اشرنا إلى نبذة قليلة منها تبصرة لمن استبصر، وتنبيهاً على كيفية التفكر في سائر مجاري الفكر والنظر، قال الإمام أبو عبد الله الصادق (ع): " إن الصورة الإنسانية أكبر حجة لله على خلقه، وهي الكتاب الذى كتبه بيده، وهي الهيكل الذي بناه بحكمته، وهي مجموع صور العالمين، وهي المختصر من العلوم في اللوح المحفوظ، وهي الشاهد على كل غائب، وهي الحجة على كل جاحد، وهي الطريق المستقيم إلى كل خير، وهي الصراط الممدود بين الجنة والنار ".

***

وإذ عرفت نبذاً من عجائب نفسك وبدنك، فقس عليه عجائب الأرض التي هي مقرك: بوهادها، وتلالها، وسهلها، وجبالها، واشجارها، وانهارها، وبحارها، وازهارها، وبراريها، وعمارها، ومدنها، وامصارها، ومعادنها، وجمادها، وحيوانها، ونباتها، فان كل ما نظرت إليه منها لو تأملته لو جدته مشتملا على غرائب حكم لا تعد وعجائب مصالح لا تحد، ولرأيته آية باهرة على عظمة مبدعه وحجة قاطعة على جلالة موجده.

فانظر ـ أولاً ـ إلى (رواسي الجبال) وشوامخ الصم الصلاب، كيف أحكم بها جوانب الأرض واودع المياه تحتها، فانفجرت من هذه الاحجار اليابسة والتربة الكدرة مياه عذبة صافية، واودع فيها الجواهر النفيسة العالية وهدى الناس إلى استخراجها واستعمالها فيما ينبغي، وخلق في الأرض معادن يحتاج إليها نوع الإنسان، ولو فقد واحداً منها لم يتم انتظامه، ولم يترك معمورة لم يكن في قربها هذه المعادن، وجعل ما يكون الاحتياج إليه أشد واكثر واعم وجوداً وأقرب مسافة، كالملح ومثله.

ثم انظر إلى (انواع النبات) بكثرتها واختلافها في الاشكال والألوان والطعوم والروائح والخواص والمنافع، فهذا يغذي، وذا يقوي، وهذا يقتل، وهذا يحيى، وهذا يسخن، وهذا يبرد، وهذا يجفف، وهذا يرطب، وهذا يسهر، وهذا ينوم، وهذا يحزن، وهذا يفرح... إلى غير ذلك من المنافع المختلفة والفوائد المتباينة، مع اشتراكها في السقي من ماء واحد، والخروج من أرض واحدة. (فان قلت): اختلافها لا ختلاف بذورها، (قلنا): متى كانت في النواة نخلة مطوقة بعناقيد الرطب؟ ومتى كانت في حبة واحدة سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة؟ وانظر إلى كل شجر ونبت إذا انزل عليها الماء كيف يهتز ويربو ويخضر وينمو بجميع اجزائه من الاصول والاغصان والاوراق والاثمار على نسبة واحدة، من غير زيادة لجزء على آخر لوصول الماء إليها على نسبة واحدة وقسمته عليها بالسوية، فمن هذا القاسم العدل في فعل ماليس له شعور ولا ادراك؟ فتباً لأقوام يسندون هذه الحكم المتقنة الظاهرة والمصالح المحكمة الباهرة إلى مالا خبر له بوجوده وذاته ولا بافعاله وصفاته.

ثم انظر إلى (انواع الحيوانات) وأصنافها وكثرتها واختلافها: من الطيور والوحوش والسباع والبهائم، كيف هدى الله كل واحد منها إلى ترتيب المنزل وتحصيل القوت، وجعل ما لا يتم معاش الإنسان بدونه من الانعام والبهائم مأنوساً به غير متوحش عنه، وغيره وحشياً عنه غير ألف به، وجعل في كل منها من عجائب الحكم وغرائب المصالح ما تتحير منه العقول، فمن ذا الذي يقدر ان يحيط بعجائب خلق العنكبوت والنحلة ـ بل البقة والنملة ـ وغرائب أفعالها مع كونها من صغار الحيوانات، من وضع منازلها وجمع أقواتها وادخارها لنفسها وهدايتها إلى حوائجها؟ فاي مهندس يقدر على رسم بيوت النحل والعنكبوت على هذا التناسب الهندسي؟ وانظر كيف جعل العنكبوت بيته شبكة ليصيد بها البق والذباب. وبالجملة: كل شخص من الحيوان أودع فيه من العجائب مالا يمكن وصفه، وكل أحد انما يدرك قدر ما يصل إليه فهمه.

ثم انتقل من عالم الأرض إلى (عالم البحر) وعجائبه من الحيوانات والجواهر والنفائس، فان العجائب المودعة فيه أضعاف عجائب الأرض، كما ان سعته أضعاف سعته، وكل حيوان يوجد في الأرض يوجد فيه، وفيه حيوانات أخر ليس لها نظير في البر اصلاً، وقد يوجد فيه من الحيوانات ما عظمه بقدر جزيرة عظيمة، وكثيراً ما ينزل الركبان عليه فيتحرك. ومن عجائبه خلق اللؤلؤ في صدفة تحت الماء وانبات المرجان من من صم الصخور تحته، مع كونه على هيئة شجر ثابتة نامية... وقس عليه الغير وسائر النفائس التي يقذفها البحر وتستخرج منه. والجملة عجائب البحر اضعاف عجائب البر، وقد صنف جماعة فيها مجلدات من الكتب، ومع ذلك لم يأتوا إلا باليسير، ولم يذكروا إلا قليلا من كثير.

ثم انتقل إلى (عالم الجو) وعجائبه. من السحب والغيوم والامطار والثلوج والشهب والبروق والصواعق والرعود، فانظر إلى السحاب الخفيف مع رخاوته كيف يحمل الماء الثقيل ويسكن في جو صاف لا يتحرك إلا ان يأذن الله سبحانه في ارساله الماء، وتقطيع القطرات كل قطرة بالقدر الذي شاء واراد، فينزل قطرات متفاصلة لا تدرك قطرة منها أخرى، ولا يتقدم المتاخر ولا يتأخر المتقدم، حتى يصيب الأرض قطرة قطرة، وعين كل قطرة لجزء من الأرض أو قوتاً لحيوان معين، ولو كنت ـ يا حبيبي ـ ذا قلب لشاهدت في كل قطرة خطاً إلهياً مكتوبا بقلم إلهي: إنه يصيب الجزء الفلاني من الأرض، أو رزق للحيوان الفلاني في الموضع الفلاني.

                                   * * *

ثم ارفع رأسك إلى هذا (السقف الاخضر) قائلا: سبحانك! ما خلقت هذا باطلا. وانظر إلى هذه الاجرام النورية وعجائبها، واصرف برهة من وقتك في الفحص عن حقائق غرائبها: من الشمس واضاءتها عالم الاكوان، والقمر واختلاف تشكلاته في الزيادة والنقصان، وسائر الانجم الدائرة، والكواكب الثابته والسائرة، واختلاف صورها واشكالها ومقاديرها وأوضاعها، وتفاوت مشارقها ومغاربها، وتباين منازلها ومواضعها، واجتماعها واتصالها، وتفرقها وانفصالها، وطلوعها وافولها، وكسوفها وخسوفها، وانتظام حركاتها واتساق دورانها، وحسن وضعها وترتيبها وعجيب نضدها وترصيعها، بحيث حصل من كيفية نضدها ووضعها صور جميع الحيوانات: من العقرب والحمل والثور والجدي والإنسان والحوت والسرطان، بل صور غير الحيوان: من السنبلة والميزان والقوس والدلو وغير ذلك. حتى ما من صورة في الأرض إلاّ ولها تمثال في السماء أيظن عاقل أن وضع هذه الكواكب على هذه الصورة واختلاف بعضها في اللون ككمودة زحل، وحمرة المريخ، وقلب العقرب، وصفرة عطارد، وورصاصية الزهرة والمشتري، بمجرد الاتفاق، وليس لخالقها في ذلك حكمة ومصلحة فما اشد جهلا وحمقاً من توهم ذلك!

ثم انظر إلى حركة (الشمس) يسير فلكها وإتمامها الدور بهذا السير في سنة، وبه تقرب من وسط السماء وتبعد عنه، وبسير آخر تطلع وتغرب في كل يوم، وتتم الدور بيوم وليلة، فلولا سيرها الاول الموجب لغاية قربها إلى وسط السماء مدة، وغاية بعدها عنه تارة، وتوسطها بين الغايتين مرتين، لم تحصل الفصول الأربعة الموجبة لنشوء النباتات والثمار ونضجها وبلوغها إلى غاياتها المطلوبة، ولولا سيرها الثاني لم يختلف الليل والنهار، فلم يتميز وقت المعاش عن وقت الاستراحة، ولم تعرف المواقيت من الشهور والاعوام والساعات والايام. وتأمل في انه لو لم تكن السماوات مستديرة وحركاتها دورية، لم يتم شىء من الفوائد والحكم المطلوبة من الحركة والزمان وما ارتبط بها من امور العالم السفلى.

ثم انظر إلى عظم اقدار هذه الاجرام السماوية، حتى لا قدر لجميع العوالم السفلية من الأرض والبحار وعالم الجو بالنسبة إليها، فلا يمكن ان يقال جميع ذلك بالنسبة إليها بل بالنسبة إلى فلك الشمس فقط ـ مثلا ـ كنسبة قطرة إلى البحر المحيط، وقد قال المهندسون: إن جرم كوكب الشمس فقط مائة ونيف وستون ضعف الأرض بجميعها، بل قال بعضهم أكثر من ذلك، ومع ذلك بينوا ان ثخن فلك المريخ ثلاثة أمثال غلظ فلك الشمس، مع ما فيه من افلاك الزهرة وعطارد والقمر والعناصر الاربعة، ثم أصغر كوكب تراه في السماء هو مثل جميع الأرض ثماني مرات، وأكبرها ينتهي إلى قريب من مائة وعشرين مثلا للارض.

ثم انظر مع هذا العظم إلى سرعة حركتها وخفتها، فان شدة سرعة حركتها مما لا يمكن دركها، إلا انك لا تشك في أن كل جزء من الفلك في لحظة يسيرة يسير مقدار عرض كوكب، والزمان من طلوع أول جزء من كوكب إلى تمامه في غاية القلة. وقد علمت أن هذا الكوكب إما مثل الأرض مائة ونيف وستين مرة أو أكثر أو مائة وعشرين مرة أو مائة مرة، والاقل قدراً أن يكون مثلها ثماني مرات، فقد دار كل جزء من الفلك في هذه اللحظة مثل الأرض مائة وسبعين مرة أو مائة وعشرين مرة. وقد عبر روح الامين (ع) عن سرعة حركة الفلك، إذا قال سيد الرسل (ع): " هل زالت الشمس؟ " قال: لا. نعم! فقال له: كيف تقول لا. نعم! " فقال: من حيث قلت: لا، إلى أن قلت نعم سارت الشمس مسيرة خمسمائة عام.

فتيقظ ـ يا اخي ـ من نوم الطبيعة، وتأمل من الذى حرك هذه الاجسام الثقيلة العظيمة بهذه الحركة السريعة الخفيفة، وأدخل صورتها مع اتساع أكنافها في حدقة العين بصغرها، وتفكر من ذا الذي سخرها وأدار رحاها، فقل: (بسم الله مجريها ومرسيها)، ولو نظرت إليها بعين البصيرة، لعلمت انها عباد طائعون خاضعون، وعشاق إلهيون والهون، وبأشارة من ربهم إلى يوم القيامة رقاصون دائرون.

وبالجملة: لو نظرت بعين العبرة في ذرات الوجود لا تجد ذرة من ملكوت السماوات والأرض إلا وفيها غرائب حكمة يكل البيان عن وصفها، ولو كان لك قلب والقيت السمع وأنت شهيد، لعلمت ان جميع ذرات الكائنات شواهد ظاهرة وآيات متظافرة على عظمة ربك الاعلى، وما من ذرة إلاّ وهي بلسان حالها ناطقة وعن جلالة بارئها مفصحة، قائلة لاصحاب الشهود بحركاتها وسكناتها، ومنادية لارباب القلوب بنغماتها: أو ما تنظرون إلى خلقي وتكويني وتصويري وتركيبي واختلاف صفاتي وحالاتي وتحولي في اطواري وتقلباتي؟ أو لا تشاهدون كثرة فوائدي ومنافعي وغرائب حكمي ومصالحي؟ أتظنون اني تكونت بنفسي أو خلقنى أحد من جنسي؟ أو ما تستحيون تنظرون في كلمة مرقومة من ثلاثة أحرف، فتجزمون أنها صنعة آدمى مريد عالم ومتكلم قادر، ثم تنظرون إلى عجائب الخطوط الالهية المرقومة على صفحات وجهي والعجائب الربانية المودعة في باطنى وظاهري، ومع ذلك عن عظمة ربي غافلون وعن علمه وحكمته ذاهلون؟!

(تتميم)

قد عرفت اجمالا ان التفكر النافع محصور بين التفكر في صفات الله وعجائب افعاله، والتفكر في ما يقرب العبد إلى الله ليفعله وفيما يبعده عنه ليتركه. وغير ذلك من الافكار ليس نافعا ولا متعلقاً بالدين. مثال ذلك أن حال السائر إلى الله الطالب للقائه، كحال العاشق المستهتر، فكما ان تفكره لا يتجاوز عن التفكر في معشوقه وجماله وفي صفاته وافعاله وفي افعال نفسه التي تقرب منه وتحببه إليه ليتصف بها، أو التي تبعده عنه وتسقطه عن عينه ليتنزه عنها، ولو تفكر في غير ذلك كان ناقص العشق، كذلك المحب الخالص لله ينبغي ان يحصر فكره في الله وفي صفاته وافعاله وفيما يقربه منه ويحببه إليه أو يبعده عنه، ولو تفكر في غير ذلك كان كاذباً فيما يدعيه من الشوق والحب.

ثم التفكر في ذات الله، بل في بعض صفاته مما لا يجوز، وقد منعته الشريعة الحقة الالهية والحكمة المتعالية الحقيقية، لان ذاته أجل من أن تكون مرقى لاقدام الافهام، أو مرمى لسهام الاوهام، فطرح النظر إليه يورث اختلاط الذهن والحيرة، وجولان الفكر فيه يوجب اضطراب العقل والدهشة وبعض الصديقين المتجردين عن جلباب البدن لو اطاقوا إليه مد البصر فانما هو كالبرق الخاطف، ولو تجاوزوا عن ذلك لا حترقوا من سبحات وجهه. وحال الصديقين في ذلك كحال الإنسان في النظر إلى الشمس، فانه وان قدر على مد البصر إليها، إلا ان ادامته يورث الضعف والعمش، بل لا مشابهة بين الحالين، وانما هو مجرد تقريب وتفهيم، فان المناسبة بين نور الشمس ونور البصر في الجملة ثابتة، وأين مثل هذه المناسبة بين نور البصر ونور الانوار القاهر على كل نور بالاحاطة والغلبة، وما من نور إلاّ وهو منبجس من نوره ومترشح عن ظهوره، فكل نور في مرتبة نوره زائل، وكل ظهور في جنب ظهوره وشروقه مضمحل باطل.

ولما كان التفكر في ذاته تعالى مذموماً، فانحصر التفكر الممدوح في التفكر في عجائب صنعه وبدائع خلقه ـ وقد تقدم ـ وفي ما يقرب العبد إلى الله من الفضائل الخلقية والطاعات العضوية، وما يبعده عنه من الملكات الباطنة والمعاصي الظاهرة. وهذه الملكات والافعال هي المعبر عنه بالمنجيات والمهلكات والطاعات والسيئات التي تذكر في هذا الكتاب وفي غيره من كتب الأخلاق، والمراد بالتفكر فيها هنا أن يتفكر العبد في كل يوم وليلة في وقت واحد أو أوقات متعددة في أخلاقه الباطنة وأعماله الظاهرة، ويتفحص عن حال قلبه واعضائه، فان وجد قلبه مستقيما على جادة العدالة متصفاً بجميع الفضائل الخلقية ومجتنبا عن الرذائل الباطنة، ووجد أعضاءه ملازمة للطاعات والعبادات المتعلقة بها تاركة للمعاصي المنسوبة إليها، فليشكر الله على عظيم توفيقه، وإن وجد في قلبه شيئاً من الرذائل أو رآه خالياً عن بعض الفضائل، فليبادر إلى العلاج بالقوانين المقررة، بعد التفكر في سوء خاتمته وادائه إلى مقت الله وهلاكه، وكذلك إن عثر بالتفكر على صدور معصية أو ترك طاعة منه فليتداركه بالندم والتوبة وقضاء تلك الطاعة.

ولاريب في ان هذا القسم من التفكر له مجال متسع والقدر الضروري منه يستغرق اليوم بليلته، والاستقصاء فيه خارج عن حيطة شهر وسنة، إذ اللازم منه أن يتفكر في كل يوم وليلة في كل واحد من الملكات المهلكة: من البخل، والكبر، والعجب، والرياء، والحقد، والحسد، والجبن، وشدة الغضب والحرص والطمع وشره الطعام والوقاع، وحب المال، وحب الجاه، والنفاق، وسوء الظن، والغفلة، والغرور... وغير ذلك. وينظر بنور الفكرة والبصيرة في زوايا قلبه ويتفقد منها هذه الصفات، فان وجدها بظنه خالية عنها، فليتفكر في كيفية امتحان القلب والاستشهاد بالعلامات الدالة على البراءة اليقينية، فان النفس قد تلبس الأمر على صاحبها: فان ادعت البراءة من الكبر، فينبغي أن يمتحن بحمل قربة ماء أو حزمة حطب في السوق، فان ادعت البراءة من الغضب فليجرب بايقاعها في معرض اهانة السفهاء، وهكذا فليمتحن في غيرهما من الصفات بالامتحانات التي كان الأولون والسلف الصالحون يجربون بها انفسهم، حتى يطمئن بانقطاع اصولها وفروعها من قلبه. ولو وجد بالامتحان أو تصريح المشاهدة والعيان شيئاً منها في قلبه. فليتفكر في كيفية الخلاص من المعالجة بالضد أو بالموعظة والنصيحة والتوبيخ والملامة، أو ملازمة اولى الأخلاق الفاضلة ومجالسة اصحاب الورع والتقوى، أو بالرياضة والمجاهدة وغير ذلك. فان نفع شىء منها في الازالة بالسهولة فليحمد الله على ذلك، وإلا فليواظب على هذه المعالجات وتكررها حتى يوفقه الله للخلاص بمقتضى وعده.

ثم يتفكر في كل واحد من الفضائل المنجية: كاليقين، والتوكل، والصبر على البلاء، والرضا بالقضاء، والشكر على النعماء، واعتدال الخوف والرجاء، والشجاعة والسخاء، والزهد والورع، والاخلاص في العمل، وستر العيوب، والندم على الذنوب، وحسن الخلق مع الخلق، وحب الله والخشوع له... وغير ذلك، فان وجد قلب متصفاً بالجميع فليجربه بالعلامات حتى يطمئن من تلبيس النفس ـ كم علمت طريقه ـ وإن وجد قلبه خالياً من شىء منها فليتفكر في طريق تحصيله ـ كما أشير إليه ـ. ثم يتوجه إلى كل واحد من اعضائه ويتفكر في المعاصي المتعلقة به، مثل ان ينظر في لسانه ويتفكر في انه هل صدر منه شىء من الغيبة، أو الكذب، أو الفحش، أو فضول الكلام، النميمة، أو الثناء على النفس، أو غير ذلك. ثم ينظر في سمعه، ويتفكر في انه هل سمع شيئاً من ذلك. ثم ينظر في بطنه هل عصى الله بأكل حرام أو شبهة، أو كثرة مانعة عن صفاء النفس وغير ذلك... وهكذا يفعل في كل عضو عضو.

ثم يتفكر في الطاعات المتعلقة بكل واحد منها وفيما خلق هذا العضو لأجله من الفرائض والنوافل، فان وجد ـ بعد التفكر ـ عدم صدور شىء من المعاصى عن شيء منها، واتيانها بالطاعات المفروضة عليها باسرها وبالنوافل المرغبة إليها بقدر اليسر والاستطاعة، فليحمد الله على ذلك، وان عثر على صدور شيء من المعاصي أو ترك شىء من الفرائض، فليتفكر اولا في الأسباب الباعثة على ذلك، من الاشتغال بفضول الدنيا أو مصاحبة اقران السوء أو غير ذلك، فليبادر إلى قطع السبب، ثم التدارك بالتوبة والندم، لئلا يكون غده مثل يومه. وهذا القدر من التفكر في كل يوم وليلة لازم لكل ديّن معتقد بالنشأة الاخرة، وقد كان ذلك عادة وديدناً لسلفنا المتقين في صبيحة كل يوم أو عشية كل ليلة، بل كانت لهم جريدة يكتبون فيها رؤوس المهلكات والمنجيات ويعرضون في كل يوم وليلة صفاتهم عليها، ومهما اطمأنوا بقطع رذيلة أو الاتصاف بفضيلة يخطون عليها في الجريدة، ويدعون الفكر فيها، ثم يقبلون على البواقي، وهكذا يفعلون حتى يخطوا على الجميع، ومن كان اقل مرتبة منهم من الصلحاء ربما يثبتون في جريدتهم بعض المعاصي الظاهرة من اكل الحرام، والشبهة، واطلاق اللسان، والكذب، والغيبة والمراء، والنميمة، والمداهنة مع الخلق بترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر... وغير ذلك، ويفعلون بمثل ما مر.

وبالجملة: كان اخواننا السالفون وسلفنا الصالحون لا ينفكون عن هذا النوع من التفكر، ويرونه من لوازم الايمان بالحساب، فاف علينا حيث تركنا بهم التأسي والقدرة، وخضنا في غمرات الغفلة، ولعمري انهم لو رأونا لحكموا بكفرنا وعدم ايماننا بيوم الحساب، كيف واعمالنا لا تشابه أعمال من يؤمن بالجنة والنار. فان من خاف شيئاً هرب منه، ومن رجا شيئاً طلبه، ونحن ندعي الخوف من النار ونعلم ان الهرب منها بترك المعاصي ومع ذلك منهمكون فيها، وندعى الشوق إلى الجنة ونعلم ان الوصول إليها بكثرة الطاعات ومع ذلك مقصرون في فعلها.

ثم هذا النوع من التفكر إنما هو تفكر العلماء والصالحين، واما تفكر الصديقين فاجل من ذلك، لأنهم مستغرقون في لجة الحب والانس، منقطعون بشراشرهم إلى جناب القدس، ففكرهم مقصور على جلال الله وجماله وقلبهم مستهتر به، بحيث فنى عن نفسه ونسى صفاته واحواله، فحالهم أبداًً كحال العشاق المستهترين عند لقاء المعشوق، ولا تظن أن هذا التفكر ـ بل أدنى مراتب التلذذ بالتفكر في عظمة الله وجلاله ـ ممكن الحصول بدون الانفكاك عن جميع الرذائل المهلكة والاتصاف بجميع الفضائل المنجية، فان حال المتفكر في جلال لله وعظمته مع اتصافه بالأخلاق الرذيلة، كحال العاشق الذي خلى بمحبوبته، وكان تحت ثيابه حيات وعقارب تلدغه مرة بعد اخرى، فتمنعه عن لذة المشاهدة والانس. ولا يتم ابتهاجه إلا باخراجها عن ثيابه ولا ريب ان الملكات الرذيلة كلها كالحيات والعقارب مؤذيات ومشوشات، ومن كان له ادنى معرفة وتوجه إلى مناجاة ربه وكان في نفسه شىء منها، يجد انه كيف يشوشه ويصده عن الابتهاج، ثم ان لدغ هذه الصفات لا يظهر ظهوراً بيناً للمنهمكين في علائق الطبيعة، وبعد مفارقة النفس عن البدن يشتد الم لدغها بحيث يزيد على ألم لدغ الحيات والعقارب بمراتب شتى.

(نصيحة)

تيقظ ـ يا حبيبي ـ من نوم الغفلة، وتفكر اليوم لغدك، قبل ان تنشب مخالب الموت في جسدك، ولا تنفك قوتك العاقلة عن التفكر في صفاتك واحوالك، واعلم على سبيل القطع واليقين ان كل ما في نفسك من فضيلة أو رذيلة وكل ما يصدر عنك من طاعة أو معصية يكون بازائه جزاء عند رحلتك عن هذه الدار الفانية، واسمع قول سيد الرسل (ص) ولو كنت ذا قلب لكفاك ايقاظاً وتنبيهاً، حيث قال: " ان روح القدس نفث في روعى: احب ما احببت فانك مفارقه، وعش ما شئت فانك ميت، واعمل ما شئت فانك مجزى به ". ولعمرى انك ان كنت مؤمناً بالمبدأ والمعاد لكفاك هذا الكلام واعظاً وحائلا بينك وبين الالتفات إلى الدنيا واهلها. وبالجملة: ينبغى للمؤمن ألا يخلو في كل يوم وليلة عن الفكر في صفاته وافعاله، وإذا صرف برهة من وقته في التفكر وبرهة اخرى في التفكر في عجائب قدرة ربه، وصار ذلك معتاداً له، حصل لنفسه كمال قوتيها العقلية والعملية، وخلصت عن الوساوس الشيطانية والخواطر النفسانية، وفقنا الله بعظيم فضله للوصول إلى ما خلقنا لأجله.

(ومنها) ـ أي ومن رذائل القوة العاقلة ـ استنباط وجوه:ـ

  المكر والحيل

للوصول إلى مقتضيات قوتي الغضب والشهوة. واعلم ان المكر، والحيلة، والخدعة، والنكر، والدهاء: الفاظ مترادفة، وهي في اللغة قد تطلق على شدة الفطانة، وارباب المعقول يطلقونها على استنباط بعض الامور من المآخذ الخفية البعيدة على ما تجاوز عن مقتضى استقامة القريحة، ولذا جعلوها ضداً للذكاء وسرعة الفهم، والعرف خصصها باستنباط هذه الامور إذا كانت موجبة لاصابة مكروه إلى الغير من حيث لا يعلم، وربما فسر بذلك في اللغة أيضاً، وهذا المعنى هو المراد هنا.

ولتركبه من اصابة المكروه إلى الغير ومن التلبيس عليه، يكون ضده استنباط الامور المؤدية إلى الخيرية، والنصيحة لكل مسلم، واستواء العلانية للسريرية.

ثم فرق المكر ومرادفاته عن التلبيس والغش والغدر وامثالها، اما باعتبار خفاء المقدمات وبعدها فيها دونها. أو بتخصيص الأولى بنفس استنباط الامور المذكورة والثانية بارتكابها، ولذا عدت الأولى من رذائل القوة الوهمية أو العاقلة للعذر المذكور، والثانية من رذائل الشهوية، وربما كان استعمالهما على الترادف، واطلق كل منهما على ما تطلق عليه الأخرى.

هذا وللمكر مراتب شتى ودرجات لا تحصى من حيث الظهور والخفاء، فربما لم يكن فيه كثير دقة وخفاء فيشعر به من له ادنى شعور، وربما كان في غاية الغموض والخفاء بحيث لم يتفطن به الأذكياء. ومن حيث الموارد والمواضع كالباعث لظهور المحبة والصداقة واطمئنان عاقل، ثم التهجم عليه بالايذاء والمكروه، والباعث لظهور الامانة والديانة وتسليم الناس اموالهم ونفائسهم إليه على سبيل الوديعة أو المشاركة أو المعاملة، ثم أخذها وسرقها على نحو آخر من وجوه المكر، وكالباعث لظهور ورعه وعدالته واتخاذ الناس اياه اماماً أو أميراً فيفسد عليهم باطناً دينهم ودنياهم. وقس على ذلك غيره من الموارد والمواضع.

ثم المكر من المهلكات العظيمة، لأنه اظهر صفات الشيطان، والمتصف به اعظم جنوده، ومعصيته اشد من معصية اصابة المكروه إلى الغير في العلانية، إذ المطلع بارادة الغير ايذاءه يحتاط ويحافظ نفسه عنه، فربما دفع اذيته، واما الغافل فليس في مقام الاحتياط، لظنه ان هذا المكار المحيل محب وناصح له، فيصل إليه ضره وكيده في لباس الصداقة والمحبة. فمن احضر طعاماً مسموماً عند الغير مريداً اهلاكه فهو اخبث نفسا واشد معصية ممن شهر سيفه علانية مريداً قتله، إذ الثاني اظهر مافي باطنه واعلم هذا الغير بارادته، فيجزم بأنه عدو محارب له فيتعرض لصرف شره ومنع ضره، فربما تمكن من دفعه، واما الأول فظاهره في مقام الاحسان وباطنه في مقام الايذاء والعدوان، والغافل المسكين لا خبر له عن خباثة باطنه، فيقطع بأنه يحسن اليه، فلا يكون معه في مقام الدفع والاحتياط، بل في مقام المحبة والوداد، فيقتله وهو يعلم انه يحسن اليه، ويهلكه وهو في مقام الخجل منه.

وبالجملة: هذه الرذيلة اخبث الرذائل واشدها معصية، ولذلك قال رسول الله (ص): " ليس منا من ماكر مسلماً ". وقال أمير المؤمنين (ع): " لولا ان المكر والخديعة في النار لكنت امكر الناس "، وكان (ع) كثيراً ما يتنفس الصعداء ويقول: " وا ويلاه يمكرون بي ويعلمون اني بمكرهم عالم واعرف منهم بوجوه المكر، ولكني اعلم ان المكر والخديعة في النار فأصبر على مكرهم ولا ارتكب مثل ما ارتكبوا ".

وطريق علاجه ـ بعد اليقظة ـ ان يتأمل في سوء خاتمته ووخامة عاقبته، وفي تأديته إلى النار ومجاورة الشياطين والاشرار، ويتذكر ان وبال كل مكر وحيلة يرجع في الدنيا إلى صاحبه، كما نطقت به الآيات والأخبار وشهدت به التجربة والاعتبار. ثم يتذكر فوائد ضد المكر ومحامده، اعني استنباط ما يوجب النصيحة والخيرية للمسلمين وموافقة ظاهره لباطنه في افعاله واقواله ـ كما يأتي في محله ـ وبعد ذلك لو كان عاقلا شفقاً على نفسه لاجتنب عنه كل الاجتناب، وينبغي ان يقدم التروي في كل فعل يصدر عنه لئلا يكون له فيه مكر وحيلة، وإذا عثر على فعل يتضمنه فليتركه معاتباً لنفسه، وإذا تكرر منه ذلك تزول عن نفسه اصول المكر وفروعه بالكلية بعون الله وتوفيقه.



[1]  تذكير الضمير هنا وفيما يأتي باعتبار الإنسان، وتقدم مثله صفحة (11).

 

.

النهاية

اللاحق

السابق

البداية

  الفهرست