المقالة
الثالثة
في
مقارنات
الصلاة
وفيها
ثماثية
أبواب
الباب
الأول
بعض
آداب الأذان
والإقامة
وفيه
خمسة فصول
الفصل
الأول
في
سرّهما
الجملي
وآدابهما
الاجمالية (روى
الشيخ
الصدوق (رضوان
الله عليه)
في كتابه من
لا يحضره
الفقيه عن
عبدالله بن
علي قال: "
حملت متاعي
من البصرة
إلى مصر
فقدمتها
فبينا أنا في
بعض الطريق
فاذا أنا
بشيخ طويل
شديد الادمة
(شديد السمرة)
أبيض الرأس
واللحية
عليه طمران
أحدهما أسود
والاخر أبيض
فقلت من هذا؟
قالوا: بلال
مولى رسول
الله فأخذت
ألواحي
فأتيته ".
أقول:
الظاهر ان
الراوي وهو
عبدالله بن
علي كان
تاجرا،
وقوله أخذت
ألواحي
فأتيته مما
يلفت النظر
إلى أن
المسلمين في
الصدر الأول
كانوا
حريصين على
أخذ العلم
والحديث.
فهذا الرجل
التاجر في
حين انه كان
يدور
البلدان في
تجارته فان
له ألواحا
معدّة
لكتابة
الحديث
كمتعلم
مستعدّ
للدراسة،
وبمجرد أن
عرف بلالا
أخذ ألواحه
وأسرع في
حضور مجلس
الدرس.
قال:
فأتيته
فسلّمت عليه
فقلت له:
السلام عليك
أيها الشيخ.
فقال: وعليك
السلام. فقلت:
يرحمك الله
حدّثني بما
سمعت من رسول
الله صلى
الله عليه
وآله. فقال:
وما يدريك من
أنا؟ فقلت:
أنت بلال
مؤذن رسول
الله. قال:
فبكى وبكيت
حتى اجتمع
الناس علينا
ونحن نبكي.
أقول
الظاهر أن
بلالا لما
سمع اسم رسول
الله، تذكّر
تلك الايام
الذهبية
ومثل له رسول
الله
بسيمائه
الملكوتيّة
وتجدّدت له
خواطر اللطف
و المحبة
التي كانت له
من رسول الله
فبكى حتّى
أبكى الرجل
التاجر أيضا
وانجذب
الناس اليه
ينظرون
ويتفكرون في
امره.
قال:
ثم قال: يا
غلام من أي
البلاد أنت؟
قلت: من أهل
العراق. قال:
بخ بخ ثم سكت
ساعة ثم قال
اكتب يا أخا
أهل العراق:
بسم الله
الرحمن
الرحيم سمعت
رسول الله
صلى الله
عليه وآله
يقول:
المؤذنون
أمناء
المؤمنين
على صلاتهم
وصومهم
ولحومهم
ودمائهم لا
يسألون الله
عز وجل الا
أعطاهم ولا
يشفعون في
شيء الا
شفعوا.
أقول:
إن قبول
الشفاعة
وإعطاء
السؤال
للمؤذنين في
مقابل ما لهم
من كلفة
المسؤولية
ومشقة أداء
الوظيفة
التي على
عهدتهم
كالشرطة في
المدينة
والدرك في
البرّ فانهم
وان كانوا
متعهدين حفظ
اموال الناس
ونفوسهم
والوفاء
بهذا العهد
أمر صعب
ولكنه في
مقابل هذا
التعهدّ
تقبل
تقريراتهم
وشهاداتهم
عند
الحكومة،
فكذلك
المؤذنون
موظّفون ان
يعلنوا
اسلام أهل
المدينة او
القرية
عندما يمرّ
عليهم جند
الاسلام،
وكذلك أن
يعلنوا ان
اللحوم التي
تباع في
سوقهم يجوز
أكلها لان
السوق سوق
المسلمين،
وفي الافطار
في الصوم
وكذلك
الامساك عن
الاكل
والشرب
وسائر
المفطرات
الاعتماد
على أذانهم
وكذلك دخول
أوقات
الصلاة
فلابد أن
يكونوا
أمناء وأن
يتحملوا
ويراقبوا
الوقت وهذا
يلازم
المشقة
وبازاء هذه
المشقة تكون
شفاعتهم
مقبولة
ودعاؤهم
مستجابا.
رجعنا
إلى الحديث:
قلت:
زدني رحمك
الله تعالى.
قال: أكتب
بسم الله
الرحمن
الرحيم سمعت
رسول الله
صلى الله
عليه وآله
يقول: "
من أذن
أربعين عاما
محتسبا بعثه
الله عز وجل
يوم القيامة
وله عمل
أربعين
صدّيقا عملا
مبرورا
مستقبلا ".
قلت:
زدني رحمك
الله. قال:
اكتب بسم
الله الرحمن
الرحيم سمعت
رسول الله
صلى الله
عليه وآله
يقول: "
من أذن عشرين
عاما بعثه
الله عز وجل
يوم القيامة
وله من النور
مثل زنة
السماء ".
أقول:
ان تلقين
توحيد الله
وعظمته جل
جلاله للنفس
طوال عشرين
سنة كل يوم
من أيامها
خمس مرات
مرافقاً
للتقلين
السمعي يوجد
في سماء
الروح
والقلب
نوراً أضاء
صراطه في
الآخرة
ظهوراً
تاماً عند
مروره
بالصراط
الجسر
الممدود بين
الجنة
والنار
فتقول لهم
جهنم
جَزْياً
فلان فقد
أطفأ نورك
ناري.
رجعنا
إلى الحديث:
قلت:
زدني رحمك
الله. قال
اكتب بسم
الله الرحمن
الرحيم سمعت
رسول الله
صلى الله
عليه وآله
يقول: "
من أذن عشر
سنين أسكنه
الله مع
ابراهيم
الخليل في
قبّته أو
درجته. ".
قلت:
زدني يرحمك
الله. قال
اكتب بسم
الله الرحمن
الرحيم سمعت
رسول الله
صلى الله
عليه وآله
يقول: "
من أذن سنة
واحدة بعثه
الله عز وجل
يوم القيامة
وقد غفرت له
ذنوبه كلّها
بالغة ما
بلغت ولو
كانت مثل زنة
جبل أحد ".
قلت:
زدني يرحمك
الله. قال:
نعم فاحفظ
واعمل
واحتسب. سمعت
رسول الله
صلى الله
عليه وآله
يقول: "
من أذّن في
سبيل الله
صلاة واحدة
ايمانا
واحتسابا
وتقرّبا إلى
الله تعالى
غفر الله له
ما سلف من
ذنوبه ومنّ
عليه
بالعصمة
فيما بقي من
عمره وجمع
بينه وبين
الشهداء في
الجنة ".
أقول:
هذا تفضّل من
الله سبحانه
بأنه يعطي
لمن أذن في
سبيل الله
صلاة واحدة
وقام
بالايثار
والفداء
والتفدّي
لله سبحانه
ولو بهذا
المقدار
اليسير أجر
الذين ضحوّا
بأنفسهم
ودمائهم
واستشهدوا
في سبيل الله
وان الله
يجمع بينه
وبنيهم في
الجنة ولا
يذهب عليك ان
الاجتماع مع
الشهداء في
الجنة لا
يلازم
الاشتراك
معهم في
المقام
والمرتبة
والتنعّمات
الروحانية
كما هو كذلك
في هذا
العالم فإن
الاجتماع
روحاني أو
كبير من
الكبراء وان
كان فخرا
وشرفا في حدّ
نفسه لكنه لا
يلازم
البلوغ إلى
مرتبته كما
هو واضح.
يقية
الحديث:
قلت:
زدني يرحمك
الله،
حدّثني
بأحسن ما
سمعت من رسول
الله صلى
الله عليه
وآله. قال:
ويحك يا غلام
قطعت نياط
قلبي.
وبكى
وبكيت حتى
اني والله
لرحمته ثم
قال:
أقول:
لا ندري
مِمَّ كان
بكاء بلال
وهذه الجذبة
الجديدة من
أين كانت له
أكان من
مضمون
الحديث الذي
ذكره بعد هذا
السؤال أو أن
كيفية سؤال
الراوي
جدّدت في
قلبه خواطر
كانت
منسيّة؟
وعلى كل حال
ثم قال: اكتب
بسم الله
الرحمن
الرحيم سمعت
رسول الله
صلى الله
عليه وآله
يقول: "
اذا كان يوم
القيامة
وجمع الله عز
وجل الناس في
صعيد واحد
بعث الله إلى
المؤذنين
ملائكة من
نور ومعهم
ألوية
وأعلام من
نور يقودون
نجائب
أزمّتها من
زبرجد أخضر
وخفائفها
المسك
الاذفر
يركبها
المؤذنون
فيقومون
عليها قياما
تقودهم
الملائكة
ينادون
بأعلى صوتهم
بالاذان. ".
أقول:
اهتمام رسول
الله صلى
الله عليه
وآله بتعريف
الازمة
والخفائف
فلعله من جهة
أن الزمام
والخفّ
يرمزان إلى
المبدأ
والمنتهى،
فالاذان
الذي هو يبدأ
بالتكبير
والتعظيم
لله سبحانه
ويختتم
بكلمة
التوحيد ففي
عالم تجسّم
الاعمال
وتبدّل
الاعراض
بالجواهر
ينبغي أن
يتمثّل هذا
العمل
النوراني
ووسيلة
السلوك إلى
الله بمركوب
من نور يكون
مبدؤه جوهرة
قيّمة
وعظيمة
كزبرجد
باللون
الاخضر الذي
هو مبتدأ
اللون
للجماد عند
تحوله إلى
عالم الحياة
وهو عالم
النبات
ويكون
منتهاه
وخفّه من
المسك
الاذفر الذي
يرمز إلى
تعطّر فضاء
الروح بعطر
التوحيد أو
أنّ الزمام
يرمز إلى
الامام
والمقصد هو
سيادة
الاسلام
ولواء الفتح
الاخضر وان
الاذان يفوح
كالمسك
الاذفر
حيثما حلّ
وقدم ويكون
أثر قدومه
تعطير ذاك
المحيط. وعلى
أي حال
فالمؤذنون
يركبون تلك
المراكب
النورية وهم
قيام عليها
وعلى هيئة
موقرة
وبعظمة
وجلال لانهم
أذنوا في
الدنيا وهم
قائمون
وأظهروا
عظمة
الاسلام
وجلاله.
(قال
الراوي): ثم
بكى بكاء
شديدا حتى
انتحب وبكيت
فلما سكت قلت:
ممّ بكاؤك؟
فقال: ويحك
ذكّرتني
أشياء سمعت
حبيبي
وصفيّي صلى
الله عليه
وآله يقول: "
والذي بعثني
بالحق نبيّا
إنهم يمرون
على الخلق
قياما على
الجنائب
فيقولون:
الله أكبر
فاذا قالوا
ذلك سمعت
لأمّتي
ضجيجا فسأله
اسامة بن زيد
عن ذلك
الضجيج ما
هو؟ قال:
الضجيج:
التسبيح،
والتحميد،
والتهليل.
واذا قالوا
أشهد أن لا
إله إلا الله
قالت أمتي
إيّاه نعبد
في الدنيا.
فيقال: صدقتم.
واذا قالوا:
أشهد أن
محمدا رسول
الله صلى
الله عليه
وآله: قالت
أمتي: هذا
الذي أتانا
برسالة ربنا
جل جلاله
وآمنّا به
ولم نره
فيقال لهم
صدقتم هذا
الذي أدّى
إليكم
الرسالة من
ربّكم وكنتم
به مؤمنين
فحقيق على
الله عز وجل
أن يجمع
بينكم وبين
نبيّكم
فينتهي بهم
إلى منازلهم
وفيها مالا
عين رأت ولا
أذن سمعت ولا
خطر على قلب
بشر ".
ثم نظر اليّ
فقال: ان
استطعت ولا
قوّة الا
بالله ألا
تموت الا
وأنت مؤذن
فافعل.
فقلت
يرحمك الله،
تفضّل علّي
وأخبرني
فإني فقير
محتاج وأدّ
إليّ ما سمعت
من رسول الله
فانك قد
رأيته ولم
أره وصف لي
كما وصف لك
رسول الله
صلى الله
عليه وآله
وسلم بناء
الجنة.
فقال:
اكتب بسم
الله الرحمن
الرحيم سمعت
رسول الله
صلى الله
عليه وآله
يقول: "
أن سور الجنة
لبنة من ذهب
ولبنة من فضة
ولبنة من
ياقوت
وملاطه
المسك
الاذفر
وشرفها
الياقوت
الاحمر
والاخضر
والاصفر ". قلت:
فما
أبوابها؟
قال: ان
ابوابها
مختلفة.
أقول:
ان الرجل
التاجر شرع
في السؤال عن
بناء الجنة
وتضرّع إلى
بلال أن
يحدّثه بما
سمع من رسول
الله فأجابه
بلال بما
تحمّله من
التكلّف كما
يظهر من
الحديث
فحدّث بلال
عن الجنة
المأوى وجنة
عدن وجنة
الفردوس
ولكنه قبل أن
يحدّث
عنةهذه
الجنّات
حدّث عن بناء
الجنة
وأبوابها
ومن أجل فهم
أسرار
الحديث
وبالخصوص
كلمة الباب
لابد أن
نتوجّه إلى
معنى الباب
في المقام
وما معنى باب
الجنة؟
نحن
نرى في
المجتمع أن
أبواب
المدينة
تسمّى باسم
الناحية
التي يفتح
الباب اليها
ففي طهران
مثلا يقال
باب خراسان
أو باب
مازندران أو
باب شميران
مع أن الباب
على مدينة
طهران لا على
خراسان
ومازندران
وشميران فإن
خراسان مثلا
منطقة وسيعة
ومحافظة
كبيرة لا
يمكن نصب
الباب عليها
وكذلك
مازندران
وشميران
فالباب انما
هو لأهل
طهران وانهم
اذا أرادوا
أن يصلوا إلى
خراسان مثلا
فيمرّون
بذلك الباب،
فكذلك باب
الجنة ليس
على الجنة بل
هو باب لأهل
الجنة وعلى
مدينة أهل
الجنة
وبلدهم وعلى
اوضاعهم
الاخلاقية
وأفراد
ملّتهم
وكذلك باب
الرحمة
الالهي أو
باب مغفرته
فانه أطوار
وأحوال لنا
لا ان الرحمة
الالهية
عليها باب
فإن الرحمة
غير
المتناهية
لا تقبل
الباب،
وهكذا أبنية
الجنة هي
الابنية
التي تبنى في
مجتمع كل
ملّة يوجب
استحقاقها
الجنة،
وهكذا سيد
شباب أهل
الجنة مع أن
أهل الجنة
بأجمعهم
شبّان،
فمعنى سيد
شباب أهل
الجنة أنّ
شباب هذه
الدنيا اذا
أرادوا أن
يكونوا من
أهل الجنة
فلا بد أن
يكون سيدهم
وأميرهم
وقائدهم
الحسين عليه
السلام والا
لم يكونوا من
أهلها، فهذا
معنى باب
الجنة
وسورها والا
فالجنة أعلى
وأعظم من أن
نقول عليها
باب أو سور،
فان الجنة
ليست محلا
وسيعا
ومكانا
عظيما فحسب
بل هي عالم
وسيع وغير
متناه وأوسع
من السموات
والارض "
وسارعوا إلى
مغفرة من
ربكم وجنة
عرضها
السموات
والارض" (آل
عمران 133)
كعالم
الحياة فباب
عالم النطفة
مفتوح
للنطفة واذا
مرتّ النطفة
به وهو
الاحوال
والاوضاع
والشرايط
المعيّنة
فتدخل في
عالم الحياة
الوسيع الذي
لا مبدأ له
ملا منتهى،
كعالمنا هذا
بل أوسع.
ولكن
حيث أن
العالم
الوسيع
الشريف لكل
فرد وأمّة في
حياتهم لا
يتيسّر الا
بصرف الذهب
والفضة
وتأسيس
المشاريع
الخيرية
بهما وتقديم
مهجته
الياقوتية
ولا يتمكن
أحد من أن
يدخل الجنة
الا من هذا
الطريق.
وأيضا حيث أن
أهل الجنة هم
مبادئ الخير
والصلاح
لمجتمعهم
وأهلهم
وعوائلهم
وحيثما
كانوا
يعطّرون
فضاءه بعطر
الخدمات
الحسنة
فلهذا صار
سور الجنة
لبنة من ذهب
ولبنة من فضة
ولبنة من
ياقوت
وملاطه
المسك
الاذفر.
فالتاجر
وذوو الثروة
يتمكنون أن
يحصروا
الجنة
بالذهب
والفضة وصرف
مهجتهم
الياقوتية
أن يجعلون
أنفسهم من
أهل الجنة
والا
فالبناء
والقصر
والحصن
والسور ممّا
يتعلّق بهذا
العالم لا
الجنة التي
هي أوسع من
السماء
والارض
فانها لا
تقبل السور
والجدار الا
من جهتها
التي إلى هذا
العالم
والوجهه
الدنيوية
وإلى
الجدران
التي هي حيّة
وناطقة كما
في الحديث ان
جدران الجنة
تتكلم. فبناء
المشروعات
الخيرية
وانشاء
المؤسسات
الحيوية
بالانفاقات
من الذهب
والفضة يحسب
لابناء
الشعب
الاسلامي
لبنة لبنة
وكل نفقة من
الذهب
والفضة تكون
كلبنة في
بناء جنتهم
أي في كونهم
من أهل الجنة
فإن بناء
عالم الاخرة
يكون في عالم
الدنيا
والدنيا
مزرعة
الاخرة.
وبعد
هذا التمهيد
نقول: ان
السؤال
الاول للرجل
التاجر من
بلال السؤال
عن بناء
الجنة
بتضرّع
وابتهال،
فأجاب بلال
بأن سور
الجنة لبنة
من ذهب ولبنة
من فضة ولبنة
من ياقوت
وملاطه
المسك
الاذفر
وشرفها
الياقوت
الاحمر
والاخضر
والاصفر. قلت:
فما
أبوابها؟..
فقبل
أن نتكلم عن
أبواب الجنة
نتوقف قليلا
في شرف الجنة
ونقول: ان
الشرف
المدرّجة
ومسنّنات
حصون
التاريخ
المحققة
والمؤسسة
لكل فرد
وأمّة نتيجة
جهاد
المجاهدين
تمثل المهج
الياقوتية
التي بذلها
المجاهدون
فتارة
أصابهم
الفتح
فحقّقوا
لانفسهم أو
لأمتهم
النشاط
والسرور
والاخضرار،
وأخرى أسروا
وسجنوا
واصفرّت
وجوههم
وعوارضهم
نتيجة الجوع
وتحمّل
المشاق في
السجن
وثالثة
أصبحوا حمر
الوجوه وحمر
الالوان لما
ضرّجوا
بدمائهم.
والنموذج
الواضح
لهذا، الامة
الاولى
للاسلام
وحصرهم في
شعب أبي طالب
وسجن
المؤمنين
كعمارة
وبلال وصهيب
وخباب ابن
مسعود،
والتعذيب
الذي كان من
الكفار
عليهم وما
أصابهم من
الجوع
وأنواع
التعذيب
التي صارت
سببا
لاصفرار
وجوههم، ثم
الملطّخون
بدمائهم في
ساحات
التعذيب
التي صارت
كبدر وأحد
وكربلاء وفي
الامة
الاسلامية
الاخيرة ما
حدث في
الثورة
الاسلامية
بايران من
الفتح
والاستشهاد
والاسر
والسجن.
وعلى
أي حال، ان
تاريخ
الاسلام في
امتداد
الزمان
مدرّج
بالارتفاع
والانخفاض
وشرفه
ملوّنة بهذه
الالوان
الثلاثة.
ويبدو في
النظر أن
البناء الذي
يكون مدرّجا
أوضح وأبين
في مدّ البصر
مما لم يكن
كذلك. هذا
واما الكلام
في أبواب
الجنة فقال
الراوي وهو
عبدالله بن
علي قلت: فما
أبوابها؟
فعدّ بلال
منها خمسة مع
أن أبواب
الجنة
ثمانية
فلعلها سقطت
من قلم
الراوي أو
الناسخ أو
أنها امّحت
عن خاطر بلال
ولكنه ذكر
الابواب من
أخلاق الامة
لا أعمالها:
كباب الرحمة
والشكر
والصبر
والبلاء
وذكر لبعضها
حلقة دون
البعض الاخر
وذكر ان
لبعضها
مصراعين
ولبعض
مصراعا
واحدا. وذكر
أن باب واحدا
من هذه
الابواب له
نطق وباقي
الابواب
صامتة. وقد
ذكر في بعض
الاحاديث
أيضا أن حلقة
باب الجنة
اذا دقّت
تقول يا علي
ولعله يرمز
إلى العلّي
الاسم
الالهي
ويستمدّ من
العلوّ
ويشير إلى
قانون
التكامل
وسنّة
النموّ
والارتقاء
وتكامل
الفرد
والامة الذي
يوجب كونهم
من أهل الجنة
أو لعله يرمز
إلى المحبة
والتبعية
للقائد
المتعالي
الاسلامي
علي عليه
السلام الذي
يقود الامة
إلى الجنة.
فالآن
يشرع بلال في
البحث عن
أبواب الجنة
جوابا لسؤال
الرجل
التاجر
البصراوي
فيقول: ان
ابوابها
مختلفة ثم
عدّها طبقا
للأخلاق
الخمسة
الرحمة
والصبر
والشكر
والبلاء
والباب
الاعظم
الانس
بالله، ثم
شرع في بيان
شؤون جنة
المأوى وجنة
عدن وجنة
الفردوس. فمن
المعلوم أن
أبواب الجنة
تنفتح للفرد
والامة من
هذه الاخلاق
العالية
الفاضلة
فيطؤون طريق
التكامل
وسبيل
الارتقاء
والتعالي
فينفتح باب
الجنة
للافراد
أصحاب
الرحمة على
الفقراء
والمستضعفين،
ومن خلق
الشكر
للاغنياء
والصبر في
البأساء
والضرّاء،
فالرحمة
والشفقة
والعاطفة
الغريزية في
الامهات
بالنسبة إلى
الاولاد
تفتح باب
الجنة على
الاطفال
الذين
لايملكون
لانفسهم
نفعا ولا
ضرّا، فكل
قدم للام
بالنسبة إلى
طفلها تفتح
لها بابا إلى
الجنة فإن
الجنة تحت
أقدام
الامهات لأن
قائدها
الرحمة
وتفكرها
الرحمة
وتتابع
الرحمة على
الضعفاء،
وبما أن هذه
الرحمة
غريزية
فإنها
مأمونة عن
النسيان ولا
يؤثر في
زوالها
الحدثان فلا
يعطّل أمر
الصغار
الضفاف وهذا
النوع من
الرحمة
موجود في
الآباء
بالنسبة إلى
الاولاد
والاسرة. فهم
يقضون
حوائجهم
ويرتّبون
أمورهم
ويتعبون
أنفسهم
لتأمين
معاشهم
ومسكنهم
وملبسهم
وهكذا
الرحمة في
المعلم
بالنسبة إلى
التلميذ
والعلماء
بالنسبة إلى
الجهال،
فبمقدار ما
تقل الرحمة
في كل قشر
وطبقة تقل
مظاهرها
وأسباب
السعادة
فأظهر
مصاديقها
الامهات
والاباء
الذين
يربّون
أولادهم
بمعاناة
المشقة.
وأما
شكر الضعفاء
للاقوياء
والفقراء
للأغنياء
على ما
يخدمونهم
ويقضون
حوائجهم
فيشكرونهم
ويقدّمون
لهم عواطفهم
ومحبتهم،
وان كان ايضا
ياقوتا الا
انه ياقوت
ابيض لما فيه
من الصفاء
والتبلور
ولذا يعطي
الصفاء
والنور
لقلوب
الساعين في
حوائجهم.
وأما
باب الشكر
فإنه ناطق
يتكلم وفيه
إشعار بأن
الشكر له
ظهور وبروز
ويكون مع
الصلوات
والتحيات
وتحنّ قلوب
الشاكرين
إلى من قام
بخدمتهم،
وله مصراعان
فالضعفاء
يشكرون
الاقوياء
بواسطة
شكرهم تصير
رغبتهم
للخدمة أكثر
وشوقهم أشدّ
فشكر
المسضعفين
من حيث أنه
يشوّق
القائمين
بالخدمة
ويدعو غيرهم
بالشركة
معهم فهو
أيضا باب إلى
الجنة، كما
أن القيام
بحوائجهم
باب اليها
فلباب الشكر
مصراعان وله
في نفس الوقت
أنين وحنين
فالمجالس
والاحتفالات
التي تقام
شكرا لايثار
الشهداء
وبالخصوص
لعاشوراء
الحسين
وأصحابه
والصرخات
والزفرات
فيها
والسلام على
عباد الله
الصالحين في
الصلوات
وجماعات
المسلمين
كلها لاظهار
الاحساس
والمحبة كما
أن صياح
فليعش فلان
أو فيلحَى
فلان أو
الاصوات:
أحسنت أحسنت
كلها تقوى
وتشجّع روح
الايثار
والتضحية في
الافراد.
وبالجملة،
باب الشكر
باب واسع وله
ضجيج وأنين.
وأما باب
الرحمة فليس
له نطق بل هو
صامت بلا
ضجيج يتجلى
بصورة
عاطفية.
واليك نص
حديث بلال:
قلت
فما
أبوابها؟
فقال: ان
ابوابها
مختلفة، باب
الرحمة من
ياقوته
حمراء، قلت:
فما حلقته؟
فقال: ويحك
كفّ عني فقد
كلّفتني
شططا.
قلت:
ما أنا بكافّ
عنك حتى تؤدي
إليّ ما
سمعته من
رسول الله
صلى الله
عليه وآله
وسلم، قال:
اكتب بسم
الله الرحمن
الرحيم أما
باب الصبر
فباب صغير
مصراع واحد
من ياقوته
حمراء لا
حلقة له،
وأما باب
الشكر فإنه
من ياقوتة
بيضاء لها
مصراعان ما
بينهما
مسيرة
خمسمئة عام
له ضجيج
وحنين يقول
اللهم جئني
بأهلي. قال:
قلت: هل
يتكلم
الباب؟ قال:
نعم ينطقه
الله ذو
الجلال
والاكرام.
أقول:
حلقة الباب
للاعلام
والاطلاع
للذين هم في
الجانب
الاخر للباب
وقد يستعان
بها لفتح
الباب وسدّه
فلهذه الجهة
الانسب ألاّ
تكون لباب
الصبر حلقة
ولا يطّلع من
في الجانب
الآخر على من
في هذه
الجانب. فقد
قال المحقق
الطوسي:
الصبر حبس
النفس عن
الجزع عند
المكروه وهو
يمنع الباطن
عن الاضطراب
واللسان عن
الشكاية
والاعضاء عن
الحركات غير
المعتادة.
وقال الصادق
عليه السلام
في جواب جابر
وقد سأله عن
الصبر
الجميل: ذلك
صبر ليس فيه
شكوى إلى
الناس.
وأما
قوله فباب
صغير له
مصراع واحد
بخلاف باب
الشكر فإن له
مصراعين
مسيرة ما
بينهما
خمسمئة عام
فلعله يرمز
إلى سعة رحمة
الله تعالى
وقلّة
الابتلاء
كما قال
تعالى: "
وان تعدّوا
نعمة الله لا
تحصوها "
(النحل
- 18)..
وقال تعالى: "
ولنبلونكم
بشيء من
الخوف
والجوع "
(البقرة
- 155).
وهذا مقتضى
سبق الرحمة
الغضب كما
ورد: يا من
سبقت رحمته
غضبه.. وقال
تعالى: "
عذابي أصيب
به من أشاء
ورحمتي وسعت
كل شيء "
(الاعراف
- 156)..
هذا مع الغضّ
عن أن
الابتلاء في
كثير من
الموارد بل
في جميعها
حتى بالنسبة
إلى الكفّار
من مظاهر
رحمته تعالى
كما حقق في
محلّه،
ويتضح ما
ذكرنا من
تتمة الحديث:
قال بلال
وأما باب
البلاء، قلت:
أليس باب
البلاء هو
باب الصبر؟
قال: لا قلت.
فما البلاء؟
قال: المصائب
والاسقام
والامراض
والجذام،
وهو باب من
ياقوتة
صفراء
بمصراع واحد
ما أقل من
يدخل فيه.
أقول:
الاصفرار
على وجوه
المرضى
والمبتلين
بالاسقام
والمصائب
والجذام
مشهود وما
أقل أمثال
أيّوب نبي
الله عليه
السلام في
الانام.
قال
التاجر
البصراوي:
قلت: يرحمك
الله زدني
وتفضّل عليّ
فإني فقير.
فقال: يا
غلام لقد
كلّفتني
شططا، أما
الباب
الاعظم
فيدخل منه
العباد
الصالحون
وهم أهل
الزهد
والورع
والراغبون
إلى الله عز
وجل
المستأنسون
به. قلت:
يرحمك الله
فإذا دخلوا
الجنة فماذا
يصنعون؟
قبل
أن نسمع
الجواب من
بلال لابد أن
نتوجه إلى
أنّ الجنة من
الجهة التي
تواجه
الدنيا لها
أبواب
وأبنية
وضجيج
وحنين، وأما
الجهة
الاخرى التي
تواجه
الاخرة فإلى
اين تنتهي؟
انها تنتهي
إلى العالم
اللا متناهي
لا محالة أي
لا تتناهى
ولكن
كلّياتها هي
جنة المأوى
وجنة عدن
وجنة
الفردوس.
فأولها
الماء
والخضرة،
فالماء يرمز
للحياة
والخضرة إلى
النشاط
والسرور
ووسطها
مساكن
ومواقف
ومحلّ
الاقامة (عدن
بالمكان:
أقام فيه)
فهي
المستقّر
الفكري
والروحي
والاخلاقي
لكل انسان
وآخرها جنّة
الفردوس
التي تمتد
بامتداد
النور فإلى
العالم
اللامتناهي
إلى ما لابدء
له ولا نهاية
فحدّها عدم
الحدّ
وسرورها بلا
حدّ كحسّ
التجمّل
وحبّ الجمال
فانه لا يشبع
ولا ينتهي
ولا يقف في
حدّ فالتاجر
المسافر
لشعوره
ونشاطه يسأل
بلالا عن هذه
الامور.
قلت:
يرحمك الله،
فاذا دخلوا
الجنة فماذا
يصنعون؟ قال:
يسرون (يصيرون)
على نهرين في
ماء صاف (من
ماء صاف) في
سفن الياقوت
مجاذيفها
اللؤلؤ فيها
ملائكة من
نور عليهم
ثياب خضر
شديدة
خضرتها.
قلت:
يرحمك الله:
هل يكون من
النور أخضر؟
قال: ان
الثياب خضر
لكن فيها
نوراّ من رب
العالمين (جل
جلاله)
يسيرون على
حافتي ذلك
النهر.
أقول:
الاستبعاد
والاستفهام
عن النور
الاخضر ليس
بغريب في ذاك
اليوم وحتى
اليوم مع
الغفلة عن
التجزئة
الطيفية
فظاهرة
جديدة لكن
جواب بلال
ظاهر في أنه
توهم النور
الاخضر
كالانوار
الملوّنة لا
أنه نور
حقيقة بين
الانوار.
والملائكة
التي تعمل
بالسفينة
والماء
ملائكة
العمران
ومبدأ لكل
نشاط وسرور،
فالماء هو
المنشأ
للحياة
واليخضور
الذي تخضر
منه الاغصان
والاوراق
يحتوي قوي
طبيعية وهو
بخضرته ألقى
عليها سترا
والقوى
دائما
مستورة تحت
ثياب
الالوان
والاشكال
والاوضاع
وتظهر
الملائكة
والقوى
الفعّالة
جمالها من
وراء
الالوان
والاشكال
الهندسية
والانظمة
فتغمر الأرض
وتجعلها
مخضرّة
شديدة
الخضرة، هذه
حقيقة الامر
في هذا
العالم. وأما
ما أجابه
بلال قلت:
فما اسم ذلك
النهر؟ قال:
جنة المأوى.
قلت: هل في
وسطها
غيرها؟ قال:
نعم جنة عدن
وهي في وسط
الجنان،
وأما جنة عدن
فسورها
ياقوت أحمر
وحصاتها
اللؤلؤ.
أقول:
قد ذكرنا ان
جنة عدن هي
مساكن ومحل
الاقامة
لاهل الجنة
فبناء هذا
يمكن أن يكون
المراد من
وسط جنة
المأوى الذي
وقعت فيه جنة
عدن الباطن
لا المعنى
الوضعي
والمحاذاتي،
فجنة عدن هي
باطن جنة كما
أن جنة
المأوى هي
نهاية السير
التكاملي
للمجتمع.
فعالمنا هذا
مع ما له من
الجمال كأنه
حاشية لجنة
المأوى، وفي
نهاية
العالم
واخضراره
وقد أظلتها
شجرة الحياة
وهو سدرة
المنتهى
بقرب من جنة
المأوى
فهنالك آخر
مراتب السير
التكاملي
لامّة آخر
الزمان،
والرسول
الخاتم صلى
الله عليه
وآله رأى
جبرائيل في
النوبة
الاخيرة عند
سدرة
المنتهى
والنوبة
الاخيرة هي
المرحلة
الاخيرة
التي صار
فيها كل ما
في القوة
صائرا في
الفعل "
ولقد رآه
نزلة أخرى
عند سدرة
المنتهى
عندها جنة
المأوى "
(النجم
13 - 15)
تأوي اليها
القلوب..
فنسبة جنة
عدن وجنة
المأوى نسبة
ساحل البحر
ووسطه.
فالامواج
الساحلية من
وسط البحر.
فجنة
المأوى كموج
ساحلي لجنّة
عدن ولا بد
للوصول من
الساحل إلى
وسط البحر من
ركوب
السفينة،
فهذا العالم
بما له من
الجمال
حاشية الجنة
من جانبها
الدنيوي
فيوصلنا إلى
جنة المأوى
ويوصلنا
الجمال
الصافي لجنة
المأوى إلى
جنة عدن التي
يفور منها
الجمال،
فكما أن
الموج يبدأ
من وسط البحر
فيجيء إلى
الساحل
فيأخذ ما في
الساحل
ويرجع إلى
المركز
فيستقرّ فيه
كذلك لموج
الجمال أيضا
مستقرّ
وقرار أفلا
تنظرون إلى
موج الجمال
كيف يطفح من
أكناف
السماء
وأطراف
الأرض فيجذب
القلوب
ويردّها إلى
مستقرّها
وهو جنّة
الفردوس؟.
قال
التاجر
البصراوي:
فقلت: وهل
فيها غيرها؟
فقال: نعم
جنة الفردوس.
قلت: وكيف
سورها؟
قال:
ويحك كفّ عني
حرت (حيّرت)
على قلبي.
قلت: بل أنت
الفاعل بي
ذلك. قلت: ما
أنا بكاف عنك
حتى تتم لي
الصفة
وتخبرني عن
سورها.
أقول:
أنا لا ادري
ما الذي كان
يزعج بلالاً
ويجور على
قلبه. ولماذا
لا يجيب
السائل
بسهولة؟
أكان لتذكرة
الاحبّاء
والاعزّة
الذين مضوا
على السبيل
وتركوه، وإن
تذكر الاحبة
ليضغط القلب
ويؤلمه أو أن
بلالاً كان
يتألم من
ذكرياته
والنبي
الاكرم أو أن
هذه الاسئلة
تجبره على
التفكر
والتذكر لما
كان مخبوءا
في ذهنه
ولبّه
فيضطرّه
لتعتيم
الجواب أو
كلا
الامرين؟
وعلى كل حال،
قال: سورها
نور.
أقول:
لعلّ قوله:
سورها نور
بمعنى أنه
ليس لها سور
فإن النور
ليس له حدّ
يقف فيه بل
يسري ويجاوز
حدود
السموات،
والجو الذي
لم يعلم له
نهاية فمدى
سير النور
جنة الفردوس
ومنتزهها مع
العلم بأن
مسير النور
هو العالم
غير
المتناهي،
النور يسري
في كل ثانية
خمسين ألف
فرسخ، ونور
الشمس يصل
إلينا في مدة
ثماني دقائق
وسبع عشرة
ثانية،
ويسري النور
بهذه السرعة
أربع سنوات
حتى يصل إلى
أوَّل كوكب
قريب منا (نجمة
آلفا) ويسري
ملايين
السنين قبل
أن يصل الينا
الان منذ
تحرك من
مبدئة وحيث
أن نور العلم
يضيء إلى هذا
العالم الذي
لا حدّ له و
إلى غير
النهاية
فمنتزه
الجنة وجنة
الفردوس مع
سير النور
يتصلان
بالعالم غير
المتناهي.
قلت:
ما الغرف
التي فيها؟
قال: هي من
نور رب
العالمين
عزّ وجلّ.
أقول:
قد عبّر عن
العلم
بالنور في
كثير من
الاحاديث
وشعب العلم
كلها غرف وهي
غير متناهية.
قلت:
زدني يرحمك
الله: قال:
ويحك إلى هذا
انتهى بي
رسول الله
صلى الله
عليه وآله
طوبى لك إن
أنت وصلت إلى
ما له هذه
الصفة وطوبى
لمن يؤمن
بهذا.
قلت:
يرحمك الله،
أنا والله من
المؤمنين
بهذا.
قال:
ويحك، انه من
يؤمن أو يصدق
بهذا الحق
والمنهاج لم
يرغب في
الدنيا ولا
في زينتها
وحاسب نفسه.
قلت:
أنا مؤمن
بهذا. قال:
صدقت، ولكن
قارب وسدّد
ولا تيأس
واعمل ولا
تفرّط، وأرح
وخف واحذر،
ثم بكى وشهق
ثلاث شهقات
فظننّا أنه
قد مات، ثم
قال: فداكم
أبي وأمي لو
رآكم محمد
صلى الله
عليه وآله
لقرّت عينه
حين تسألون
عن هذه الصفة.
ثم قال:
النجا،
النجا،
الوحا،
الوحا،
الرحيل،
الرحيل،
العمل،
العمل،
وإيّاكم
والتفريط
وإيّاكم
والتفريط. ثم
قال: ويحكم
اجعلوني في
حلّ مما قد
فرّطت، فقلت
له: انت في
حلّ ممّا قد
فرّطت جزاك
الله الجنة
كما أدّيت
وفعلت الذي
يجب عليك. ثم
ودّعني وقال:
أتّق الله
وأدّ إلى أمة
محمد صلى
الله عليه
وآله ما
أدّيت اليك.
فقلت: أفعل
ان شاء الله.
قال: استودعك
الله دينك
وأمانتك
وزوّدك
التقوى
وأعانك على
طاعته
بمشيئته.
أقول:
أن عليا أمير
المؤمنين
عليه السلام:
أيضا ينادي
كل ليلة عند
السحر: "
تجهّزوا
رحمكم الله
فقد نودي
فيكم
بالرحيل ".)
اعلم
أن السالك
إلى الله
لابد له في
الأذان أن
يعلن للقلب
الذي هو
سلطان القوى
الملكوتية
والملكية
ولسائر
الجنود
المنتشرة في
الجهات
المشتتة
للملك
والملكوت،
اعلان
الحضور في
المحضر وحيث
أنه قد قرب
وقت الحضور
والملاقاة
فيهيئ تلك
القوى حتى
أنه إن كان
من
المشتاقين
والعاشقين.
فلا يفقد
الصبر
والتحمّل
بالتجلّي
مفاجاة.
وان
كان من
المحجوبين
فلا يدخل
المحضر
المقدس بدون
تهيئة
الاسباب
والاداب
فالسرّ
الاجمالي
للأذان هو
الاعلان
للقوى
الملكوتية
والملكية
والجيوش
الالهية
للحضور،
والادب
الاجمالي له
هو التنبّه
إلى عظمة
المقام
وخطره وعظمة
المحضر
والحاضر
وتذلّل
الممكن
وفقره
وفاقته
ونقصه وعجزه
عن القيام
بالامر وعن
القابلية
للحضور في
المحضر ان لم
يؤيده اللطف
والرحمة
للحق جل وعلا
ويجبر نقصه.
والاقامة:
هي اقامة
القوى
الملكوتية
والملكية في
المحضر
واحضارها في
الحضور،
وأدبها هو
الخوف
والخشية
والحياء
والخجل
والرجاء
الواثق إلى
الرحمة غير
المتناهية.
والسالك
لابد له أن
يفهم قلبه في
جميع فصول
الأذان
والاقامة
عظمة المحضر
والحضور
والحاضر
ويجعل ذل
نفسه وعجزها
وقصورها نصب
عينيه حتى
يحصل الخوف
والخشية ومن
الجانب
الاخر لابد
ان يريه
الرحمة
الواسعة
والالطاف
الكريمة حتى
يحصل له
الرجاء
والشوق،
فالقلوب
العشيقة
يغلبها
الشوق
والجذبة.
وبقدم الحب
والعشق تضع
أقدامها في
محضر الأنس،
وقلوبهم
بواسطة تلك
الجذبة
الغيبيّة
وبما فيها من
عشق المحضر
والحاضر
تشتغل إلى
آخر الصلاة
بالمعاشقة
والمعانقة
مع ذكر الحق
وفكره.
وفي
الحديث عن
علي بن ابي
طالب عليه
السلام قال:
"
أفضل الناس
من عشق
العبادة
وعانقها
وأحبّها
بقلبه
وباشرها
بجسده
وتفرّغ لها
فهو لا يبالي
على ما أصبح
من الدنيا
على يسر أم
على عسر ".
والقلوب
الخوفية
يتجلى لها
سلطان
العظمة
وتغلب عليها
جذبة القهر
وتجعلها في
حالة الصعق
ويذوبّها
الخوف
والخشية
ويمنعها عن
كل شيء
القصور
الذاتي
والاستشعار
بذلّة نفسه
وعجزة.
وفي
الحديث عن
موسى بن جعفر
عليهما
السلام (قال
كمال الدين
محمد بن طلحة
الشافعي في
حقه هو
الامام
الكبير
القدر
العظيم
الشأن
الكثير
التهجد
الجاد في
الاجتهاد
المشهور
بالعبادة
المواظب على
الطاعات
المشهور
بالكرامات
يبيت الليل
ساجدا أو
قائما ويقطع
النهار
متصدقا
وصائما
ولفرط حلمه
وتجاوزه عن
المعتدين
عليه دُعي
كاظما. كان
يجازي
المسيء
بإحسانه
اليه ويقابل
الجاني عليه
بعفوه عنه
ولكثرة
عباداته كان
يسمّى
بالعبد
الصالح
ويعرف في
العراق بباب
الحوائج إلى
الله ينجح
المتوسلون
إلى الله به.
كراماته
تحار منها
العقول
وتقضي بأن له
عند الله قدم
صدق لا تزلّ
ولا تزول (انتهى).
ولد عليه
السلام
بالابواء -
منزل بين مكة
والمدينة -
يوم الاحد
لسبع خلون من
صفر سنة 128
ثمان وعشرين
ومئة أمّة
عليه السلام
حميدة
المصفاة
البربرية
وكانت من
أشراف
الاعاجم قال
الشيخ الاجل
الاقدم ابو
محمد الحسن
بن موسى
النوبختي في
كتاب الفرق
ولد موسى بن
جعفر عليه
السلام في
سنة ثمان
وعشرين ومئة
وقال بعضهم
سنة تسع
وحمله
الرشيد من
المدينة
لعشر ليال
بقين من شوال
سنة تسع
وسبعين ومئة
وقد قدم هرون
الرشيد
المدينة
منصرفا من
عمرة شهر
رمضان ثم شخص
هرون إلى
الحج وحمله
معه ثم انصرف
على طريق
البصرة
فحبسه عند
عيسى بن جعفر
بن أبي جعفر
المنصور ثم
أشخصه إلى
بغداد فحبسه
عند السندي
بن شاهك
فتوفي في
حبسه ببغداد
لخمس ليال
بقين من رجب
سنة 183 ثلث
وثمانين
ومئة (قفج)
وهو ابن خمس
أو أربع
وخمسين سنة
ودفن في
مقابر قريش.
ويقال في
رواية أخرى
أنه دفن
بقيوده وأنه
أوصى بذلك
فكانت
إمامته خمسا
وثلاثين سنة
وشهورا.) قال:
" قال أمير
المؤمنين
عليه السلام:
"
ان لله عبادا
كسرت قلوبهم
خشيته
فأسكتهم عن
النطق ".
والحق
تعالى يتجلى
لاوليائه
الكمّل تارة
التجلّي
اللطفي
ويكون العشق
والجذبة
الحبية
هاديا لهم،
كما في
الحديث بأن
رسول الله
صلى الله
عليه وآله
كان ينتظر
الصلاة
ويشتدّ عشقه
وشوقه فيقول
لبلال
المؤذن: "
أرحنا يا
بلال "..
وأخرى يتجلى
لهم بتجلي
العظمة
والسلطنة
ويحصل فيهم
الخوف
والخشية كما
نقلت
الحالات
الخوفية عن
رسول الله
صلى الله
عليه وآله
وعن أئمة
الهدى عليهم
السلام،
وثالثة
يتجلى لهم
بالتجلي
الاحدي
الجمعي على
حسب طاقة
قلوبهم وسعة
أوعيتها،
ونحن -
المحجوبين،
المشتغلين
بالدنيا
والمحبوسين
في سجن
الطبيعة
والمغلولين
بأغلال
الشهوات
والآمال،
والمحرومين
من السعادات
العقلية
الالهية
الذين لا
نصحو من سكر
الطبيعة إلى
صبح الازل،
ولا نفيق من
نومنا
الثقيل أبدا
- خارجون عن
نطاق هذه
التقسيمات
ومستثنون من
نطاق هذا
البيان،
فآداب
الحضور لنا
طور آخر
والقيام
بالوظائف
القلبية على
شكل آخر ولكن
المقدم على
الكل أن نخرج
من قلوبنا
اليأس من روح
الله
والقنوط من
رحمة الله
الذي هو من
الجنود
العظيمة
لابليس ومن
القاءات
شياطين
الانس والجن
ولا نتوهم ان
لباس هذه
المقامات قد
خيّط على
قامة أشخاص
خاصة وأيدي
آمالنا عنها
قاصرة وأرجل
سير البشر
عنها راجلة
فلا نخطو
أصلا ونبقى
بالبرودة
والوهم
مخلّدين في
أرض
الطبيعة، لا
فليس الامر
على ما
نتوهّم. نعم
في نفس الوقت
أيضا أنا
أقول: ان
المقام
الخاص لكمّل
أهل الله لا
يتيسّر لاحد
ولكن
للمقامات
المعنوية
والمعارف
الالهية
مدارج غير
متناهية لها
مراتب كثيرة
يتيسّر
للنوع أكثر
تلك
المقامات
والمعارف
والحالات
والمدارج،
ان تركتهم
البرودة
والتهاون
الذي في
أنفسهم،
وترتفع يد
العناد
والتعصب
لاهل الجهل
والعناد عن
قلوب عباد
الله ولا
يكون لهم
شيطان طريق
سلوكهم،
فأدب الحضور
بالنسبة
الينا هو أنه
حيث انا في
بدء الامر لم
نتجاوز عن
مرتبة الحس
والظاهر،
وليس في
أعيننا سوى
العظمة
والجلالة
الدنيوية
وليس عندنا
أي خبر عن
العظمات
الغيبية
الالهية،
فلا بد لنا
أن نرى محضر
الحق تعالى
كمحضر سلطان
عظيم الشأن
قد أدرك
القلب عظمته
وأن نفهم
قلوبنا أن كل
عظمة وجلال
وكبرياء هي
تجلٍ من عظمة
عالم
الملكوت قد
تنزّلت في
هذا العالم،
وان عالم
الملكوت
بالنسبة إلى
العوالم
الغيبية وفي
جنبها ليس له
قدر محسوس،
فنفهّم
القلب ان
العالم هو
المحضر
المقدّس
لحضرة الحق
وأن الحق
تعالى حاضر
في جميع
الامكنة
والاحياز،
وبالخصوص
فإن الصلاة
هي إذن خاص
للحضور
وميعاد
مخصوص
للملاقاة
والمراودة
مع الحضرة
الاحدية
فاذا جعلنا
القلب
مستشعرا
العظمة
والحضور وان
كان ذلك في
بدء الامر مع
التكلّف
ولكن يستأنس
به القلب على
التدريج
ويكون هذا
المجاز
حقيقة، فاذا
قمنا
بالآداب
الصورية
للتعامل مع
مالك
الملوك،
وأتينا
بالآداب
الحضورية
الظاهرية
فيحصل أثر
منها في
القلب أيضا،
ويستشعر
القلب
العظمة ويصل
الانسان
تدريجيا إلى
النتائج
المطلوبة
وكذلك
بالنسبة إلى
آثار الحب
والعشق
فانها ايضا
تحصل
بالتحصيل
والرياضة،
ففي أول
الامر لابد
أن يعرض على
النفس
الرحمات
الصورية
والالطاف
الحسية
ويوصل إلى
القلب مقام
الرحمانية
والرحيمية
والمنعمية
كي يستأنس
القلب على
التدريج
ويحصل الأثر
في الباطن من
الظاهر
وتتنوّر
مملكة
الباطن من
آثار الجمال
وتحصل
النتائج
المطلوبة
والانسان
اذا قام
بالأمر
وجاهد في
سبيل الله
فالحق تعالى
يؤيده
وينجيه
باليد
الغيبية من
ظلمات عالم
الطبيعة
وينوّر أرض
قلبه
المظلمة
بإشراق نور
جماله
ويبدله بها
السموات
الروحية ومن
يقترف حسنة
نزد فيها
حسنا ان الله
غفور رحيم. (الحسن
بن موسى بن
أخت سهل
نوبخت متكلم
فيلسوف من
أعاظم
متكلمي
الامامية
وكان يجتمع
اليه جماعة
من نقلة كتب (جش)
الحسن بن
موسى أبو
محمد
النوبختي
شيخنا
المتكلم
المبرز على
نظرائه في
زمانه قبل
الثلاث مئة
وبعدها له
على الاوائل
كتب كثيرة
منها كتاب
الآراء
والديانات
كتاب كبير
حسن يحتوي
على علوم
كثيرة قرأت
هذا الكتاب
على شيخنا
ابي عبدالله
رحمه الله
وله كتاب فرق
الشيعة (انتهى).
(وكتاب
الفرق مطبوع
في المطبعة
الحيدرية في
النجف).)
(الشورى
- 23).
|