:الموضوع |
وظيفة
أدب الأطفال العلاقة
بين الكلمة
والمعتقد ـ
في ضوء
الإسلام ـ
علاقة
عضوية، وأي
تنافر بين
الشقين،
يخرج
بالإنسان عن
دائرة
التصور
السليم،
ويحدث فجوة
تغيب في
ظلماتها
معاني الصدق
والخير
والفعالية،
وإذا حدث
إنفصام بين
الكلمة
والمعتقد
وقعت النفس
الإنسانية
في تيه
الحيرة
والتمزق،
وضلَّت
خطاها إلى
الطريق
المستقيم،
وأصابها
التعثر
والإنتكاس،
ومن ثم فإن
تواصل
الكلمة
بالمعتقد
يلد السلوك
السليم،
فتثري
الحياة
بالخير
والجمال
والفضائل،
وتتناغم
الحركة
الإجتماعية،
ويوجد
المجتمع
المسلم،
الذي يستطيع
ـ عن كفاءة
واقتدار ـ أن
يحمل
الرسالة
الخالدة.. (يا
أيها الذين
آمنوا لم
تقولون ما لا
تفعلون كبر
مقتاً عند
الله أن
تقولوا ما لا
تفعلون...). فالكلمة
والمعتقد
والسلوك، هي
التي تشكل
الرؤوس
الثلاثة
لمثلث
الحياة
الإنسانية
الناجحة... والفن
ـ في إطار
هذا المفهوم
ـ لا يمكن أن
يكون مجرد
إزجاء
للوقت، وملئ
لفراغ
الحياة، أو
تسلية
مجردة،
وإنما الفرد
تعبير صادق
عن العقيدة
والحياة،
وعن آمال
الفرد
والمجموع،
كما أنه
صياغة مثلى
لما يجب أن
تكون عليه
العلاقات
بين البشر
وبعضهم
البعض، وبين
البشر وما
يحيط بهم من
كائنات
حيوانية
ونباتية
وجمادية،
وبين دنيا
البشر
وأُخراهم،
وذلك بهدف
اتساق مجرى
الحياة.
واتسامها
بالعدالة
والحق،
والترابط
والإخاء،
حتى ترفرف
رايات
السعادة على
الجميع،
ويحظى
الجميع
بالأمن
والرزق،
وينعموا
بالحرية
والمحبة،
وبذلك فإن
الفن الأصيل
تعبير عن تلك
العقيدة،
وذلك الواقع
الأمثل، دون
إهدار لقيمه
الجمالية،
وقدراته
الإمتاعية،
وهو أمر يكاد
يجمع عليه
المفكرون
والنقاد
والمؤرخون
المتزنون في
كل زمان
ومكان، على
الرغم من ذلك
النشاز الذي
يعتور مسيرة
الفكر
الإنساني من
آن لآخر، لكن
ذلك النشاز
لا يلبث أن
تطمره قوى
الخير
والصدق
والفضيلة،
وينتهي إلى
العدم. *
* * وإذا
كان الأمر
كذلك، فما هي
وظيفة أدب
الأطفال من
وجهة النظر
الإسلامية؟؟ يرى
غالبية
علماء النفس
والتربية،
أن الكثير من
عواطف الطفل
ومشاعره
تتشكل في
الأعوام
الحاسمة
الأولى من
عمره، بحيث
يترسخ
العديد منها
في العام
الخامس من
العمر، ويظل
الطفل يتلقف
الخبرات من
خلال ما
يصادفه في
حياته، وعبر
حواسه وفكره
ووجدانه،
حتى يتكون
لديه الرصيد
الأساسي
الذي يؤثر في
مستقبل
حياته، وفق
سنن وعوامل
أوجدها أي (يولد
على الفطرة،
فأبواه
يهودانه أو
يمجِسانه أو
ينصرانه) كما
جاء في
الحديث
الشريف. والطفل
يسمع القصص
أو الحكايات
على اختلاف
أنواعها،
يسمعها من
أمه أو جدته
أو مربيته في
المنزل، وقد
يسمعها أو
يقرؤها في
مدرسته (الروضة
أو المرحلة
الإبتدائية
الدنيا)، ومن
خلال هذه
القصص يلتقط
الطفل مواقف
أو خبرات
تشده إليها،
وتلتقي تلك
الخبرات
والمواقف مع
ما لديه من
حصيلة
سابقة،
ويحدث بينه
وبينها
مقارنات أو
مفارقات
عقلية
ووجدانية،
ويتولد من
هذا التفاعل
خبرات جديدة
مكتسبة،
تستقر في
وجدانه،
وتفعل فعلها
دون وعي
كامل، وعلى
مهل، وبذلك
يتشكل
وجدانه بما
فيه من
انفعالات
وعواطف
ومشاعر،
وينعكس ذلك
بالتالي على
سلوكه
مستقبلاً.
وهنا مكمن
الخطورة،
لأن الإنسان
يستطيع أن
يبدل
أفكاره،
ويترك فكرة
من الأفكار
إذا ضعف
إقتناعه
بها، ويتبنى
فكرة جديدة
اتصفت بقوة
الإقناع
والصدق، لكن
التغيير
يبدو صعباً،
غاية
الصعوبة،
إذا كان
الأمر يتعلق
بالمشاعر
والعواطف..
وبالوجدان،
فهي أمور
نفسية لها من
قوة التغلغل
والتسلط، ما
يجعلها
عميقة
الأثر،
شديدة
التأثير
والرسوخ،
والأدب ـ
وخاصة القصة
ـ بما فيه من
قيم جمالية
ومؤثرات
وتشويق
وجاذبية
ينفذ إلى
الوجدان
ويشكله،
أكثر مما
ينفذ إلى
العقل، ومن
هنا تأتي
أهمية
الفنون
بالنسبة
لتشكيل
وجدان
الأطفال،
وهو أمر أجمع
عليه كبار
علماء
التربية في
عصرنا،
حينما قرروا
أن الأدب
يلعب الدور
الرئيسي في
البناء
الروحي
والنفسي
للطفل. والطفل
من خلال
الأدب
المناسب
الناجح،
يحسن بمشاعر
البهجة
والانتعاش
والتعجب،
ويجرب نشوة
الإنتصار
والتفوق، أو
يتمثل مشاعر
الألم
والحزن،
ويدرك قساوة
القهر
والظلم،
والشكل
الفني للقصة
بما فيه من
ألفاظ
مناسبة،
وتراكيب
بسيطة،
وتكامل في
الأداء
الأسلوبي،
وعناصر
للتشويق
والجذب. سواء
أكان الطفل
يقرؤها أو
يسمعها،
نقول إن هذا
كله يجعل
الطفل يطرب
لما في هذا
الأدب من نسق
ووحدة
وتوازن،
ويستوعبها
وجدانه، كما
يتلقف عقله
ما يستوعبه
من ثقافتة،
ونتيجة لذلك
تتبدى ملامح
تشكيله
الوجداني،
فيما يقول من
كلمات أو
يسلك من
سلوك، وفي
استجابته
للأحداث
والمواقف
ومختلف
المؤثرات. وإذا
أردنا أن
نساهم ـ بأدب
الأطفال ـ في
تشكيل
الوجدان لدى
الطفل
تشكيلاً
إسلامياً،
من خلال
القصص
المؤثر
والذي يعرض
للبطولات
والنماذج
الفريدة،
والقوى
المحركة لما
في الحياة من
أنشطة.
ونجسِّد له
فضائل الصدق
والتعاون
والعدالة
وحب الخير
تجسيداً
واضحاً،
بعيداً عن
التجريدات
التي يصعب
فهمها على
الطفل، وأن
نقدم له
الذات
الإلهية في
صورة يفهمها
ويعيها
باعتبارها ـ
أي الذات
الإلهية ـ
مصدراً
للخير
والعطاء
والعطف
والرحمة وما
إلى ذلك،
وأنه هو الذي
خلقه وأمده
بالسمع
والبصر،
وأبدع له ذلك
الكون من
حوله، وأنبت
له الزرع،
وأنزل
المطر،
وأسبغ عليه
نعمه ظاهرة
وباطنة.. إننا
إذا استطعنا
أن نشكل
وجدان الطفل
على هذا
النحو، نكون
بذلك قد
وضعنا
الأساس
المتين
لحياته
المستقبلية... 2 ـ
صبغ الفكر
بالمنهج
الإسلامي إذا
كان الجانب
الوجداني في
الطفل يحتل
أولوية في
إطار الأدب
الإسلامي
للطفل، فإنه
لا يمكن فصل
ذلك عن
الجانب
العقلي أو
التثقيفي.
لأن الوجدان
والعقل
يتبادلان
التأثير،
ولا يمكن فصل
أحدهما عن
الآخر،
وكلما نما
الطفل،
إزدادت
احتياجاته
العقلية،
وأصبح أكثر
استعداداً
لها، ومن
الواضح أن
الطفل يحتاج
إلى (معلومات)
تتصل بجوانب
الحياة
المختلفة،
ونريد لهذه
المعلومات
أن تصل إليه
عبر القصص أو
الأناشيد أو
الأغاني،
مبرأة من
خرافات
العصر،
مطهرة من زيف
المدينة
والغزو
الفكري، فما
أكثر (المسلّمات)
أو الأفكار
الزائفة،
التي
تُروَّج في
مجتمعاتنا
اليوم،
وكأنها
ميراث طبيعي
من فكرنا
وعقائدنا
وتقاليدنا،
مع أنها في
الواقع
تسللت إلى
بلادنا في
غفلة منا،
عبر
الثقافات
المترجمة،
أو في
التصانيف
التي كتبها
رجال منا،
وقعوا تحت
تأثير الفكر
الغازي
المنحرف،
وتلك
المعلومات
تتناول شتى
جوانب
الحياة
الشخصية
والعامة،
وهي معلومات
تتعلق
بالسلوك
والمرأة
وبعقيدة
وقيم الحق
والخير
والحرب،
وتتعلق
بالزي
والاختلاط
والمعاملات
والعلاقات
الإجتماعية
والإقتصادية
والسياسية،
كما تتعلق
بالعبادات
والشعائر
والأحكام
وغيرها. فواجبنا
ـ ونحن نكتب
أدب الطفل ـ
أن نُنَّقي
فكرنا من
الشوائب،
ونبعد عنه
الوثنيات
والخرافات،
ونؤصل
المنهج
الإسلامي في
طريقة
التفكير
والإستنتاج،
مع مراعاة
القواعد
والأصول
الضرورية
لكل من فنون
الأدب، وهو
أمر ليس
بالهين،
ويجب أن
نعترف بذلك
دون خجل،
فهناك
القنوات
والإذاعة
والصحافة (وخاصة
صحافة الطفل
المترجمة)،
والكتب التي
تصدرها
للطفل جهات
غير
إسلامية،
اوجهات
محلية تنقل
مناهج الفكر
الغربي،
وتحشو رؤوس
الأطفال
والكثير من
نظريات
النشوء
والارتقاء،
وحرية
المرأة،
ومغامرات
اللصوص
وقطاع
الطرق،
وخزعبلات
القوى
الخارقة
المخترعة،
بل أن بعض
الكتب
المقررة في
كثير من
بلدان
العالم
العربي
والإسلامي،
تطرح هذه
المعلومات
في الكتب
الدراسية،
التي يمتحن
فيها الطالب
آخر العام. إن
صبغ الفكر
لدى الطفل
بالمنهج
الإسلامي
عملية
تكتنفها
المشقة
والصعوبة،
لكنها تحتاج
إلى دأب
وإصرار،
وتأكيد على
أن النهج
الإسلامي
نهج صادق، لا
يأتيه
الباطل من
بين يديه ومن
خلفه. ويجب
أن يعرف
الطفل ان
الله هو الذي
يفعل ويقدر
وينظم،
وليست (الطبيعة)،
وأن أمور
الحياة تسير
وفق نسق وسنن
إلهيه، وأن
الحقائق
العلمية
تتنافى أو
تتصادم مع
الحقائق
الدينية،
وأنه ليس لله
شريك في
ملكه، وأن
الإكتشافات
والإختراعات
العلمية لا
يصح أن تكون
سببا في ضعف
الإيمان
بالله، بل
يجب أن تكون
باباً لمزيد
من اليقين
والثقة
بالخالق
البصير.. 3 ـ
طبع السلوك
بالطابع
الإسلامي من
البديهي أن
مد الطفل
بالخيرات
الوجدانية
والعقلية
يهدف أساساً
إلى طبع
سلوكه بطابع
خاص، هذا
السلوك
يترجم عما في
داخله من
عقيدة،
ويطبق ما
استقر من
أفكار،
باعتبار أن
هذه العناصر
الثلاثة
تساهم في
إيجاد كيان
واحد هو
الطفل،
الطفل
بأبعاده
الروحية
والنفسية
والعقلية.
والبدنية
أيضاً،
والأمر هنا
يحتاج إلى
شيء إضافي لا
يمكن
تجاهله، شيء
يجعل من
الفنون
والأداب
المقدمة
للطفل
فعالية
قوية، ونعني
به القدوة..
وطفلنا
المعاصر
مظلوم، فقد
يقرأ ويتأثر
وينفعل،
لكنه يتلفت
حوله فيجد
أموراً
تتناقض مع ما
يقرأ، ومن ثم
قد يفتقد
القدوة في
محيط
الأسرة، أو
في محيط
المدرسة،
وفي الشارع،
وفي الكثير
من إفرازات
الوسائل
الإعلامية،
يجب أن نعترف
أن القدوة
الفاسدة، قد
تدمر ما
يبنيه
المصلحون
والمربون
والمفكرون،
وهي مأساة
تحتاج إلى حل
حاسم وإلى
تعاون شتى
الجهات
المعنية
بأمور
الطفولة في
عالمنا
الإسلامي
الشاسع.. لكن
يبقى أدب
الأطفال ـ
وخاصة القصة
ـ أن يقدم
النموذج
الإسلامي
الواقعي
للشخصية أو
البطل، حتى
ولو كان هذا
البطل
جنيَّاً أو
إنسيا أو
حيواناً أو
جماداً أو
ملاكاً، أن
يقدم ذلك
النموذج وهو
يتعامل
ويعمل ويأكل
ويتعلم
ويجاهد
ويتعبد
ويتكلم
ويتفق أو
يختلف، وفق
المعايير
الإسلامية،
وأن يصور
الصراع بين
الخير والشر
بالأسلوب
الذي يؤكد
ويدعم سلامة
السلوك
الإسلامي،
وتفوقه على
ما عداه من
أنواع
السلوك
المنحرفة أو
المستوردة،
وأن يكون
مقنعاً
ومؤثراً
ومشوقاً في
عرضه أو
أدائه، لأن
التناسق
الوجداني
والعقلي
والسلوكي في
الشخصية،
يبرزها
متكاملة
قوية مقنعة،
ويجب أن نوحي
للطفل بأن
التمسك بتلك
السلوكيات
المتميزة قد
يسبب بعض
المعاناة،
ويحتاج لقدر
من الصبر
والثبات،
لكن النتيجة
النهائية
لذلك تحمل في
طياتها
البهجة
والسعادة
والنجاح،
وتجعل من
المؤمن
شخصية
مرموقة
ناجحة يرضى
عنها الله،
ويعتز بها
الناس،
وتحقق الأمن
والإستقرار
والنصر
لصاحبها،
وهو أمر يجد
فيه الطفل
متعة أي
متعة، لأنه
يسعى لمعرفة
الصواب
والخطأ، كي
يحقق لنفسه
الإطمئنان
الداخلي.
والطفل
عندما يتشكل
على هذا
النحو
الفريد،
يستطيع في
مقابل
الأيام أن
يمضي في رحلة
الحياة
مسلحاً
بالوعي
والثقة،
شجاعاً في
مجابهة
الزيغ
والإنحراف،
قادراً على
التصدي
لمغريات
التسيب
والإنفلات
والإباحية،
بعيداً عن
نزوات
التعصُّب
للجنس
واللون، وفي
مأمن من
العقد
النفسية
التي تهدم
صمود
الشخصية
واتزانها. وفي
تراثنا
الإسلامي
العريق
تفاصيل
واسعة لكل
انواع
السلوك في
شتى المواقف
الحياتية،
مدعمة
بالقدوة
والأحداث
والمواقف
التي لا حصر
لها. وتناولت
الإنسان في
سلمه وحربه،
وفي عمله
وترفيهه،
وفي جده
ولعبه، وفي
صحته ومرضه،
وفي غناه
وفقره، وفي
وحدته
واجتماعه،
وفي حلّه
وترحاله.. 4 ـ حب
العلم
باعتباره
فريضة وأدب
الأطفال،
يجب أن يحتفي
ـ أيما
احتفاء ـ
بالعلم
بمعناه
الواسع،
الذي تجلى
بصورته
الفذة في
إطار
التجربة
الإسلامية
الحضارية
التي لا مثيل
لها في تاريح
البشرية. وذلك
تفيض بداهة
غرس خاصية
التفكير
المنظم لدى
الطفل،
وإيضاح
العلاقة بين
التجربة
والمشاهدة
والإستنتاج،
والوصول إلى
النتائج،
والوسائل
التطبيقية
للعلم، وحفز
الطفل
للتفكير
والعمل
وتوقع بعض
النهايات
لافتراضات
معنية، وذلك
كله من خلال
قصة مثلاً عن
عالم من
العلماء، أو
اكتشاف من
الإكتشافات،
أو رحلة من
الرحلات،
ولا مانع من
الإهتمام
بالقصص
العلمي
الخيالي،
الذي يفتح
الآفاق أمام
عقل الطفل،
وينمي
قدراته
الإبداعية،
والتأكيد
على دور
المشيئة
الإلهية،
وعونها
للبشر، وربط
الحقائق
العلمية
وروعتها
بخالق
الكون،
والسنن
الكونية
التي خلقها
الله سبحانه
وتعالى،
وأجرى
الأمور على
أسسها،
شرحاً
للآيات
القرآنية
التي تدعو
العقل
للتأمل
والتفكير
والنظر في
بدائع صُنع
الله. ولا
يقصد بالعلم
العلم
الطبيعي
وحده، فهناك
العلوم
الشرعية وهي
الأساس،
وتضم تحت
دوحتها
الشامخة
الفقه
والعقيدة
والتفسير
واللغة
والحديث
والسيرة
والتاريخ
الإسلامي
والآداب
الإسلامية
وغيرها.
وهناك
العلوم
الأخرى التي
تظم
الجغرافيا
والفيزياء
والطب
والرياضيات
والحيوان
والنبات وما
إلى ذلك من
الأمور التي
تتعلق
بالحياة،
وبالبيئة
التي سخرها
الله لنا.
وفي تراثنا
العربي
والإسلامي
تطبيق لذلك،
لأن الناظر
في صفحات
الحضارة
الإسلامية
يرى حشداً من
العلماء
الإسلام،
وفتوحات
بارزة في
المجالات
العلمية
المختلفة،
شرعية
وطبيعية،
وكانت هذه
النهضة
العلمية
مثالاً
يحتذى في
منهجها
وأسلوبها،
وتعاملها مع
التراث
العالمي
الذي سبقها
أو عاصرها،
فتناولت ذلك
التراث
بمقاييسها
الإسلامية
بالنقد
والتقييم،
وبالإضافة
والتعديل
والحذف، ومن
هنا نشطت
حركة
الترجمة من
اللغات
الهندية
والفارسية
واليونانية
وغيرها،
دونما تعصب
أو تجنٍ، ولم
يغفل
المترجمون
عن تراث
الوثنيات
والخرافات
الذي تتنافى
مع العقيدة
الإسلامية،
فتركوه، ولم
يحفلوا إلا
بتفنيده،
والدعوة إلى
الحذر منه،
ومن ثم فإن
أوروبا في
عصر النهضة
لم تضع يدها
على تراث
الإغريق
واليونان
والفرس
والهنود
إلاّ عن طريق
ترجمات
وتقييم
علمائنا
الأبرار،
وكان أهم ما
نقله الغرب
عنهم هو منهج
البحث
والتحليل
والدراسة
العملية. ولا
يخفى على
المؤرخين
المتصفين
بالنزاهة من
مفكري
الغرب، ذلك
الفرق
الشاسع بين
نظرة
الإسلام إلى
العلم،
ونظرة
الكنيسة إلى
العلم، فقد
كان الإسلام
يحترم العلم
ويؤاخيه في
المسيرة
الإنسانية،
وفق منهجه
الإلهي
الصحيح،
بينما اتخذت
الكنيسة
موقف
العداء،
والجحود
للإنجازات
العلمية،
وطاردت
العلماء
والمكتشفين،
وحكمت عليهم
بالسجن
والقتل أو
الحرق، مما
أدى إلى
الصدام
الرهيب بين
الكنيسة
وزعماء
النهضة
العلمية
والفكرية في
أوروبا،
وإنجلى ذلك
الصدام عن
ضحايا
وتجاوزات
وعداء
مستحكم، وما
زالت آثار
ذلك باقية
حتى الآن، بل
ما زال بعض
مفكرينا
يتبنون ذلك
التصور
الخاطئ
جهلاً،
ويحاولون أن
يجدوا ثغرة
ينفذون منها
إلى أغراضهم
الخبيثة،
باشعال
الخلاف بين
الدين
والعلم، وهي
ظاهرة لا
وجود لها في
حضارتنا
الإسلامية،
وتاريخها
العريق. إن
قصص الأطفال
ليس خيالاً
كله، ولا
خرافات كلها..
والطفل يكون
مبتور
الثقافة،
معوج
الشخصية، ما
لم يستلهم
تجارب
حضارته
الإسلامية،
ويستوعب
منجزاتها،
ويعرف
امتدادها
وهيمنتها،
ويلم بأعلام
الإسلام في
مجالات
المعرفة
المتنوعة،
ويعرف أن
مجالس
العلم،
ونشاط
العلماء، لا
يقل أهمية عن
ميادين
الجهاد،
وفتوحات
القادة،
فالعلم في
نظر الإسلام
فريضة،
والآيات
القرآنية
العديدة،
وكذلك
الأحاديث
النبوية
الشريفة،
ووصايا
العلماء
والخلفاء
تحمل الكثير
من هذه
المعاني
القيمة. 5 ـ
تحديد مفهوم
السعادة إن
الحياة
المعاصرة
التي نعيشها
اليوم، قد
سادها
الكثير من
الاضطراب
والخلط،
وغزت العالم
الإسلامي
قيم وافدة
عمادها
المادة
والطمع
والجشع،
وأصبح
الثراء أو
جمع المال
غاية كما بدت
السيطرة
والبطش
والقوة
والقهر
عنواناً
للمجد
والعظمة،
وغدت
الأنانية أو
الآثرة ذكاء
وواقعية، بل
فلسفة
وسلوكاً،
تأثراً بما
ساد الغرب من
فلسفات
الميكافيلية
والفرويدية
والوجودية
وغيرها،
وهكذا تشوهت
المثل
العليا،
وتغيرت
القدوة،
وأصبح
الشباب
يحلمون
بنماذج
مشوهة هيمنت
على عالم
الشهرة مثل
رجال المال
والأعمال،
وأبطال
الشاشة.
وزعماء
الشباب
الساخطين
المتمردين
المنحرفين،
وصانعي
الإنقلابات
والثورات
المدمرة،
وبذلك تغير
مفهوم
السعادة
الحقيقية. والطفل
اليوم يرى
ذلك ويلمسه،
ويشاهده في
التلفاز،
ويقرؤه في
الصحف
والمجلات
والكتب،ويراه
في مجتمعه،
ويقبل عليه
في نهم في
الآثار
المترجمة،
ومما لا شك
فيه أن هذه
الثقافات
تفعل فعلها
في وجدان
الطفل
وعقله،
وتتسلل إلى
خباياه
النفسية
وعقله
الباطن،
وتدفعه إلى
ممارسات
وسلوكات
أبعد ما تكون
عن القيم
الدينية
الصحيحة. وواجب
الذين
يكتبون
للطفل
عموماً
وللطفل
المسلم
خاصة، أن
يواجهوا تلك
الهجمة
المدمرة،
بوعي كافٍ،
وفهم صادق
وأن يتسلحوا
بألوان
المعرفة
التي تتعلق
بالتربية
الإسلامية
وأصولها
وقواعدها،
وبمعرفتهم
النفسية
وأكثرها
تأثيراً، في
علاج هذه
الظاهرة. على
هؤلاء
الكتاب أن
يغرسوا في
نفوس
الأطفال أن
المال وسيلة
لا غاية، وأن
السعادة
الحقة في أن
نكسب المال
من الحلال،
وننفقه في
الحلال، وأن
العمل الجاد
فضيلة، لها
أعلى درجات
السعادة،
وأن
الالتزام
بالصدق
والعدل
والتعاطف
والتعاون
والإخاء،
والقيام
بالواجب نحو
الله ونحو
الآخرين،
والقناعة
والعفة
والطهارة،
كل ذلك يبعث
في النفس
اللَّذة
والنشوة
والرضا،
لأنه قربى
إلى الله
وطاعة، وهل
السعادة
الحقيقية
غير ذلك؟؟ إن
قصص علاء
الدين
ومصباحه
السحري، لا
تناسب الطفل
المسلم، ولا
تنمي نوازع
الجد
والإجتهاد
فيه، وماذا
تكون نتيجة
ما يقرؤه أو
يسمعه الطفل
وهو يرى (الجني)
يقول: شبيك..
لبيك.. أنا
عبدك وبين
يديك) ثم
يحضر لعلاء
الدين ما
يتعشق من مال
أو جواهر أو
قصور في
غمْضة عين؟؟
أليس أجدى من
ذلك كله أن
نعلم الطفل
كيف يجَّد
الإنسان
ويعرق ويتعب
وهو يبحث عن
منجم من
الذهب بدلاً
من أن يقدم
له ذلك الذهب
ـ في غمضة
عين ـ على
طبق من
الفضة؟؟ وقس
على ذلك ما
تحفل به
القصص من
مصادفات
غريبة تتمثل
في أوراق (اليانصيب)،
والثروات
التي تهبط
فجأة من وصية
ثري مات، أو
هبة سخية
يجود بها
صاحب جاه أو
سلطان، أو
كنز مدفون في
الأرض؟؟
أليس من
الأفضل أن
نعلمه كيف أن
الجبال عرضت
على الرسول(ص)
أن تكون
ذهباً فأبى،
وأن أنبياء
الله كانوا
يأكلون من كد
يدهم، وأن
تلك الأوهام
التي تصور
الإثراء
السهل
المباغت
ليست هي
القاعدة في
الحياة؟؟
وأن السعادة
الحقيقية في
الجهاد
والدأب، وفي
التضحية
والإيثار،
وفي أداء
الواجب
وخدمة
المجتمع،
وفي مساعدة
المحرومين
والمتألمين
والمحتاجين؟؟
ويستطيع
كاتب
الأطفال
مثلاً أن
يستفيد من
الآيات
القرآنية
ومن
الأحاديث
الشريفة، في
صياغة قصص
تحمل
معانيها،
ولنضرب لذلك
مثلاً، فلو
ألفّنا قصْة
للطفل
تتناول في
مضمونها
معاني
الحديث
التالي: (من
عاش آمناً في
سربه، معافى
في بدنه،
عنده قوت
يومه، فقد
حيزت له
الدنيا
بحذافيرها)،
وحاونا أن
نبرز تلك
الصورة، في
مواجهة صورة
أخرى لشخصية
من الشخصيات
تحرص على جمع
المال،
فتظلم
وتطغى،
وتكذب
وتزورَّ، ثم
تكون
النتيجة
فقدان
الصحة، أو
ضياع
الحرية،
والحرمان من
الحد الأدنى
للقوت، فسوف
يورث ذلك
الندم،
ويقدم
العبرة من
خلال الصور
المتناقضة،
وعبر
النتيجة
النهائية
للحدث. وهناك
قصة مثل قصة
يوسف عليه
السلام، وما
فيها من
مغريات،
واعتصام نبي
الله بالصدق
والأمانة
والعفة
والصبر،
وتمسكه
بالدعوة إلى
الله حتى في
سجنه، ثم
النهاية
الرائعة
التي جعلت
منه أميناً
على خزائن
الأرض، ونال
من التوقير
والحب
والتقدير ما
لا يستطيع
الوصول إلى
عشر معشاره
أصحاب
الدسائس
والمكائد..
ألا يشعر
الطفل
بالسعادة
الحقيقية.
وهو يتابع
تلك الأحداث
الحقيقية
الشيقة
المثيرة،
التي تفوق في
روعتها
وتأثيرها
أسمى درجات
الخيال؟؟ إن
تصوير
السعادة
بمفهومها
الإسلامي
الصحيح يجب
أن يحظى
بعناية
الذين
يكتبون
للطفل، وقد
يقول قائل إن
كلمة
السعادة
كلمة
تجريدية،
وهي من
المعنويات
التي يصعب
على الطفل
إستيعابها
وتصورها،
ولكننا ـ
رداً على ذلك
ـ لا نطلب من
الذين
يكتبون
للطفل أن
يسجلوا كلمة
السعادة
المجردة
بنصها،
ولكننا نهدف
إلى تصوير
أحداث
وشخصيات
تعمق في
وجدان الطفل
وعقله
الصورة
الفاضلة
للمتعة
الروحية أو
الرضا
النفسي، دون
ذكر لتلك
المصطلحات..
وسوف يتمثل
الطفل
السلوكيات
التي نريد
دون أن تكون
هناك ضرورة
لوضع (التجريدات)
إلا في سن
متأخرة.. وما
ينطبق على
السعادة،
ينطبق على
غيرها من
مصطلحات
الحياة
المجردة
الأخرى،
كالبطولة
والكرم
والتضحية
والنبل
والوفاء
بالعهد
والعفة
والعدل، إلى
غير ذلك من
الأمور
المعنوية
التي قد تتضح
أو تفهم لدى
الطفل، ولكن
رموزها
وأحداثها،
يمكن أن
تساهم في (تجسيد)
تلك
التجريدات،
وتتمثل له في
صورة شخص أو
واقعة أو
مغامرة أو
تجربة، ذلك
في المراحل
الأولى من
عمر الطفل،
وكلما نما
الطفل، ونما
نفسياً
وعقلياً،
وزادت
حصيلته من
الخبرات
الحياتية
والثقافية،
كلما استطاع
أن يفهم
تدريجياً
تلك
العنويات أو
التجريدات،
بحيث تصبح
أمراً سهلاً
مستساغاً
مفهوماً في
مراحل
الطفولة
المتأخرة
كما قلنا،
وهذه هي
وظيفة كاتب
الأطفال
المقتدر
الذي يعرف كل
مرحلة من
مراحل
العمر،
ويقدم لها ما
يوائمها أو
يناسبها من
أدب،
بأشكاله
الفنية
المختلفة. 6 ـ
تنمية ملكة
الخيال عند
الطفل ملكة
الخيال فطرة
في الإنسان،
وهي تتخذ
أشكالاً
وأحجاماً
شتى لعوامل
مختلفة،
منها
الخبرات
والتكوين
العقلي
والبيئة
التي يولد
فيها
الإنسان،
ويظل
الإنسان
محتفظاً في
داخله بقدر
من الخيال
مهما تقدم به
العمر،
والخيال
غالباً ما
يختلط
بالتصور أو
ما نسميه
بأحلام
اليقظة،
والطفل
الصغير تكون
خبراته
العقلية
محدودة، ومن
جانب آخر فإن
إمكاناته
الخيالية
غير محدودة،
على النقيض
من الرجل
الناضج ذي
الحصيلة
الوفيرة من
الخبرات
والثقافات.
نجد أن ملكة
الخيال قد
ضمرت عنده
إلى حد كبير،
وحل محلها
نوع من
التفكير
المتصل الذي
يضع صورة (متخيلة)
لما يمكن أن
يكون عليه
وضع من
الأوضاع،
ويستعمل في
هذا التصور
أو التخيل ما
يعرفه من علم
وتجربة،
وبصر وبصيرة
وقوى روحية
وإبداعية لا
يمكن
تحديدها
تماماً، وهو
نوع كما قلنا
من أحلام
اليقظة،
كالمهندس
الذي يتصور
أو يتخيل
بناءً
مبتكراً، أو
الروائي
الذي ينظم
حياة خاصة
لفرد أو
جماعة، من
خلال قصة أو
مسرحية،
والقائد
الذي يضع
تخطيطاً
لمعركة
مقبلة من
المعارك
الحاسمة،
والفيلسوف
الذي يضع
هيكلاً
فلسفياً
يعبر عن فكره
الخاص،
وهكذا نرى أن
الخيال يظل
ملازماً
للإنسان منذ
مولده وحتى
نهاية عمره،
مع اختلاف في
الكمية
والنوعية
والمعقولية. والخيال
ضرورة،
يتمثل ذلك في
عباس بن
فرناس عندما
وضع لنفسه
أجنحة وحاول
الطيران
فسقط
جريحاً، ثم
يمتد حتى
يشمل
المحاولات
الأولى لصنع
الطائرة،
ويبلغ مدى
بعيداً في
سفن الفضاء،
فالخيال إذن
ضرورة ألهبت
خيال
الشعراء
والعلماء
والفلاسفة
والمصلحين،
وهي ـ كما
نرى ـ سمة
إيجابية،
وما أكثر ما
تحول الخيال
إلى واقع أو
حقيقة، ربما
يمكننا
القول أنه
بداية
الإبداع
الفني
والعلمي. وكاتب
أدب الأطفال
لا يستطيع أن
يتجاهل تلك
الطبائع
النفسية
والعقلية
لدى الطفل،
وعليه أن
يحاول تنمية
الخيال
وحمايته من
الزيغ
والضلال، أو
بمعنى آخر
توظيف ذلك
الخيال في
تكوين (الشخصية)
المتزنة
للطفل،
ومدها
بالزاد
الروحي الذي
لا غنى عنه،
الزاد الذي
يكمن في
تراثنا
الإسلامي
العظيم. والطفل
في صغره
يحادث
الجماد
والحيوان
والدمى
وكأنها بشر
تفهمه
ويفهمها،
فمن جعله
يفعل ذلك،
ويحرص عليه،
ويسعد به،
والطفلة
الصغيرة
تتناول
عروسها
وتقبلها
وتحتضنها
وتناغيها
تماماً كما
تفعل الأم مع
وليدها، بل
تحاول أن
تسقيها
وتطعمها،
وتعاتبها
وتعاقبها. والطفل
يخترع
الحكايات،
ويروي عن
نفسه قصصاً
لا تحدث في
الواقع،
ويستطرد في
سرد
تفاصيلها
بحماس غريب،
ويفرغ فيها
ما يعتمل في
نفسه من
أحلام
وأمنيات
وخيال، وكما
يتصور
أحياناً أنه
يطير في
الهواء أو
يسبح في
البحر، أو
يهزم وحشاً
من الوحوش،
أو يلتقي
بجني أو
عفريت،
ويستفيض في
ذلك الكثير
من
المغامرات
المخترعة..
لماذا يفعل
ذلك؟؟ وعندما
تروي الجدة
أو الأم
للطفل قصصاً
عن السحر
والسحرة،
وعن
الجنيَّات (Fairy
tales)، يجلس
متسمراً
يستمع إليها
في شغف، ونفس
الشيء عندما
تقرأ له
قصصاً عن
الحيوان
مأخوذة من (كليلة
ودمنة)
ومبسطة، أو
منقولة عن
التراث
الشعبي،
ويتابع
الطفل
بخياله
الثعلب وهو
يتحدث ويمكر.
والسلحفاة
وهي تخطط
وتدبر، حتى
تنتصر على
الأرنب،
والغراب وهو
يروح ضحية
الخديعة،
فتسقط منه
قطعة الجبن،
وغير ذلك من
قصص الحيوان
والجمادات،
يتلقفها
الطفل في
شغف، ويستمع
إليها بكل
حواسه،
فتفتح أمامه
آفاقاً
واسعة غنية
بالكثير من
الصور
والمخلوقات
والأحداث،
وتفعل تلك
الأشياء
فعلها في
نفسه
ووجدانه
وفكره،
وتنعكس على
ممارساته
ومعتقداته
ومشاعره.. إن
الطفل ـ كما
يقول علماء
النفس ـ يبني
لنفسه
عالماً من
الخيال،
ويحاول
باستمرار
تنميته،
ويلح في طلب
المزيد من
الحكايات
التي تساعده
في ذلك، بل
إنه يبكي
عندما نرفض
أن نحقق له
رغبته في سرد
القصص
المناسبة له. لكن
ما أكثر ما
أسيئ
إستغلال
الخيال في
أدب
الأطفال،
وخاصة في
الغرب، فنرى
مفكراً مثل (بيير
طفيه) يقول
في مؤتمر (نيس)
العالمي
للكتاب: (خيال
الأطفال
أصيب بالمرض
بسبب
الإعلانات،
وحلقات
الإذاعة
والتليفزيون
ومغامرات
السوبرمان،
وبسبب تزييف
الكبار
للخيال
وتحويله إلى
الإثارة). وتلك
هي القضية
الخطيرة،
التي لم
يعطها تجار
الكلمة
المطبوعة
حقها من
الإهتمام،
لقد ملأوا
قصص الأطفال
الخيالي
بالإثارة
والمفاجآت
والقيم
المريضة،
وانحرفوا
بأمزجتهم
ونفسياتهم،
حتى أدمن
قطاع كبير من
الأطفال هذه
النوعيات
وتشبثوا
بها، لأنها
تشدهم إليها
بقوة،
وتستولي على
مشاعرهم،
وقد زعم
هؤلاء
الكتاب
المنحرفون
أن الغاية من
أدب الأطفال
هو تسليتهم
وإمتاعهم
ومؤانستهم
ولا شيء غير
ذلك، ونسوا
أن الطفل
يتمثل ما
يقدم إليه من
أحداث،
ويترسم
خطاها،
ويعيش في
دنيا من
الوهم
القاتل،
الذي لا يمده
بخبرات من
الحياة
والتاريخ.
ولا يجعله
يقترب خطوة
من الواقع
الذي يعيش
فيه، ويقع
الطفل في
عزلة مرضية،
وأحلام
مدمرة تورثه
العديد من
العلل
النفسية،
وتقعد به عن
السير في
ركاب الحياة
السوية. إن الخيال ضرورة.. لكن كيف يكون الخيال تربوياً بنَّاءً؟؟ تلك هي القضية، وجنوح بعض كتاب الغرب إلى هذا الشطط مرتبط بفلسفة (الفن للفن) التي يروج لها بعض المفكرين والنقاد في أوروبا، وفي بلادنا الإسلامية.(1) ولكي
يؤذي الخيال
دوره في أدب
الأطفال يجب
أن يراعى
الآتي: 1
ـ مراعاة
نفسية
الطفل،
والمؤثرات
التي تفعل
فعلها فيها،
والنتائج
المترتبة عن
قصص الرعب
والخوف
والصدف
المثيرة،
والمفاجأة
التي لا
ترتبط بمنطق. 2
ـ ربط الخيال
بهدف عالٍ،
يثري خبرة
الطفل
وثقافته،
ويوسع
آفاقه،
ويساهم في
إنماء
قدراته
الإبداعية. 3
ـ أن يغرس
الخيال
نوعاً من
العلاقة بين
خبرات القصة
والخبرات
الإنسانية
العامة. 4
ـ إرتباط
الخيال بما
هو صحيح في
سنن الكون
وبما هو ممكن
أو جائز أو
نسبي. 5
ـ يدخل في
نطاق الخيال
ما يشبه
المعجزة أو
الكرامة،
وفي إطار
الإشتراطات
المعروفة. 6
ـ يمكن
التعرض
للحسر بناء
على ما ورد
في القرآن
الكريم،
وعلى أساس
التفسير
الديني
الصحيح له. 7
ـ إن معظم ما
نقدمه للطفل
من قصص ـ حتى
ولو كان
واقعياً
صرفاً ـ يثير
لديه خيالاً
لا حدود له،
وقد يختلف
ذلك الخيال
في اتجاهاته
ومداه من طفل
لآخر، ولهذا
فإن
الكثيرين من
الدراسين
يرون أن
القصص
المقروءة أو
المسموعة،
توحي بخيال
أشمل وأخصب،
على النقيض
من القصص
المصور أو
المشاهد في
التلفاز
مثلاً، فهو
يحدد خيال
الطفل،
ويقلل من
تنوعه
وامتداده،
وكاتب
الأطفال
البارع
يمكنه أن
يستثير خيال
الطفل
وينميه
بأسلوبه
المحكم،
وإيحاءاته
القادرة. فليس
من الضرور
إذن أن نقدم
القصص
الخيالي
دائماً
للطفل كيما
نثري خياله،
ولكن القصص
الواقعي
نفسه يمكن أن
يؤدي نفس
الوظيفة إذا
ما صيغ
باقتدار. 8
ـ إن جرعات
القصص
الخيالي يجب
أن تتناقص مع
نمو الطفل
العقلي،
وازدياد
خبراته،
فكلما
ازدادت
سنوات عمر
الطفل
الطبيعي،
كلما مال نحو
القصص الذي
يرتبط
بالبئة
والواقع. *
* * خلاصة
الأمر أن
الخيال
ضرورة، وأن
الطفل يقبل
عليه بشغف في
السنوات
الأولى من
عمره، وأن
للخيال
المؤثر
أسلوب في
الأداء،
وضوابط في
التفاصيل،
ووظيفة
أساسية في
التربية
واكتساب
الخبرات،
والنمو
النفسي
والوجداني
والعقلي لدى
الطفل، وهذا
يجعل مهمة
الذين
يكتبون
للأطفال
مهمة صعبة،
تقتضي منهم
الإلمام
الكافي
بنفسية
الطفل،
وتطوره
العقلي،
وإحتياجاته
الروحية
والبدنية
والسلوكية. 7 ـ
إيجاد
التوازن
النفسي أدب
الأطفال
القائم على
أسس إسلامية
وعلمية
سليمة يلعب
دوراً
كبيراً في
خلق التوازن
النفسي لدى
الطفل،
ويحميه من
العلل
النفسية
الكثيرة
التي تتمثل
في: ـ
مشاعر الخوف ـ
سمات القلق ـ
السلوك
المتردد ـ
الإنطواء
والعزلة ـ
الكوابيس
المزعجة ـ
اللعثمة
والتأتاة..
ألخ ـ
السلس
البولي ـ
العدوانية ـ
الانحراف
السلوكي
بشتى ألوانه..
ألخ وقضية
التوازن
النفسي
شائكة
ومعقدة،
لأنها ترتبط
بعوامل
عديدة أخرى
غير الأدب
مثل الوضع
الأسري،
والعلاقة
بين
الزوجين،
وبين باقي
أفراد
الأسرة،
والقدوة
الإجتماعية
داخل البيت
وخارجه، بل
والسلامة
البدنية
للطفل
أيضاً،
والمستوى
الثقافي
والأخلاقي
للمخالطين
للطفل، لكن
يبقى أدب
الطفل وسيلة
فعالة لتوقي
العلل
النفسية، أو
تخفيف ما
ينتاب الطفل
منها، بل
علاجه
الحاسم،
وعلى الرغم
من أن الحياة
ليست خيراً
كلها، وليست
بهجة وسعادة
صافية
خالصة، إلا
أن كاتب أدب
الأطفال
عليه أن يملأ
قلب الطفل
بالاُمل
والثقة
والمحبة
والفرح، وأن
يشير في
الوقت نفسه
إلى ما في
الحياة من
بعض
المنغصات
بصورة
إجمالية،
توحي بالحذر
ولا توحي
باليأس
والهلع او
الجزع
الشديد، إذ
من المفيد
والضروري أن
يتفهم الوضع
الحقيقي
للواقع حتى
لا يُصدم في
قابل
الأيام،
وحتى يتخذ
موقفاً
إيجابياً من
الأمور التي
تسيء وتؤلم،
أو ترمز إلى
الشر
والفساد. والمعالجة
الأدبية
تحتاج إلى
حرص ودقة
وفهم لطبيعة
الطفولة،
والطفل يسمع
عن الموت،
ويرى
الأحزان
والدموع،
ويدرك بعض
الممارسات
الجائرة
الظالمة،
وقد يعاني من
الحرمان
والتجاهل
والحيف، وقد
يفهم الأمور
فهماً
سطحياً
أنانياً
ويفسرها
بسذاجة،
ويخرج من
تصوراته
الخاصة
بأحكام قد لا
تكون صحيحة
أو عادلة،
لكنه يؤمن
بها، ولا يشك
في صدقها،
وهنا يأتي
دور القاص أو
الكاتب أو
الشاعر، في
معالجة تلك
القضايا
الحساسة
بتمثل حقيقي
لها، وإدراك
لأبعادها
النفسية
والتربوية. فالإغراق
في تصوير
البشاعة،
والقبح
والظلم
للطفل أمر
يضر به ضرراً
بليغاً،
ويصبغ نظرته
إلى الحياة
بما يشبه
اليأس
والتشاؤم
والخوف،
ويحد من
آماله
الواسعة،
وأحلامه
الوردية،
ويصيبه
بالخلل
العاطفي..
وقصص (الجنيَّات)
بما فيها من
أسلوب مباشر
بسيط، وما
تشتمل عليه
من خصال
حميدة
كالأمانة
والشجاعة
والصدق
والتعاون،
وما تنبض به
من أحداث
متسلسلة
شيقة، وبما
في شخصياتها
من قضاء
ومقابلة، كل
هذه
المحتويات
تثري عالم
الطفل،
وتملؤه
بالبهجة،
وبحب الخير
والجمال،
وتزيد من
خبراته
وتجربته،
وتساهم في
إيجاد
التوازن
النفسي
لديه، وقد
لوحظ أن
الأطفال
يحبون هذا
اللون من
القصص،
ويقبلون
عليه بشغف،
وهم يسمعونه
من جداتهم
وأمهاتهم في
بداية
حياتهم،
ويهيمون في
عالمه
المسحور منذ
الأزمنة
السحيقة..
وإذا إستطاع
أدب الأطفال
أن يوحي
للطفل
بالعقيدة
الدينية
الصحيحة،
ويدله على
طريق الخير
والشر،
ويعرفه
مواطن
الصواب
والخطأ،
ومنازل
السعادة
والشقاوة
ويوعز إليه
ما يجب فعله،
إستطاع
الطفل أن
يستشعر
الإطمئنان
والثقة، وأن
يحظى
بالتوازن
النفسي
المطلوب،
وينجو من
العلل
النفسية
التي يفوق
ضررها العلل
الجسدية. 8 ـ
ترسيخ
العقيدة إن
حجر الأساس
في التوازن
النفسي
للطفل،
يتمثل في
العقيدة
الراسخة
المستقرة،
وهي الإيمان
بالله ورسله
وكتبه
وشريعته،
والأمر ليس
بالغ
الصعوبة كما
يتوهم بعض
الدارسين
والمربين،
فطبيعة
الحياة أن
يكون لكل
صنعة صانع،
ولكل تجمع
قائد، ولكل
أمة حاكم أو
سلطان أو
ملك، وأن
حركة
الكائنات لا
تتم إلا بفعل
فاعل، فليس
صعباً إذن أن
يعي الطفل،
ولو بصورة
غامضة في
البداية، أن
هناك من
أوجده
وأخرجه إلى
هذا الوجود،
وأن ذلك
الخالق رحيم
كريم، وأوجد
لنا
الحيوانات
والزرع
والماء
والطعام
والصحة
والمال، وكل
ما في الحياة
من نعم لا
تعد ولا تحصى..
وأنه يحبنا
ويجلب لنا
الخيرات،
ويحفظنا من
الأخطار،
وأنه بعث
إلينا بمن
يعلمنا
ويرشدنا
ويهدينا إلى
طريق الخير
والسعادة..
ومن الواجب
علينا أن
نحبه ونشكره.. ومما
لا شك فيه أن
الطفل يكثر
من
التساؤلات
حول هذه
النقطة
بالذات،
وأنه ينتظر
إجابات
شافية
مقنعة،ومشكلة
الطفل
الصغير في
سنيه الأولى
أنه يريد بعض
المعنويات
مجسدة، وقد
استطاع
التربويون
وعلماء
النفس أن
يعالجوا هذه
النقطة بنوع
من الحنكة
والدراية،
طبقاً
لمراحل
العمر
المتتالية
عند الطفل،
ومن الضروري
لكاتب أدب
الأطفال أن
يستنير بهذه
الدراسات،
كيما يحمي
التصور
العقيدي لدى
الطفل من
الخلط أو
الغموض.. وترسيخ
العقيدة
يتبعه
بالضرورة،
التمكين
لقيم الحق
والخير
والجمال
والفضيلة
والحرية،
ولهذا نرى أن
ديننا
الإسلامي
الحنيف
مثلاً أوصى
بتعليم ابن
السابعة
الصلاة،
وضربه إذا
تركها عند
العاشرة،
وهو إلزام
ضروري مبكر
لشعائر
العبادات،
ينعكس على
سلوك الطفل
وانضباطه
وإدراكه
للمسؤوليات
منذ نعومة
أظفاره،
وليس غريباً
أن ينشأ
الطفل
المسلم وهو
يستظهر قصار
السور: منذ
الثالثة من
العمر،
ويحفظ بعض
المأثورات
والأدعية،
وبعض حوادث
السيرة، أو
الأناشيد
الدينية، كل
ذلك قبل
الخامسة أو
الرابعة،
وبديهي أن
يردد
الشهادين
ويستمع لقصة
أصحاب الفيل
وفرعون موسى
وغير ذلك من
القصص
الديني الذي
يقدم مبسطاً
سهلاً
مفهوماً.. واصطحاب
الأطفال إلى
المساجد،
وحتى ولو لم
يفهموا إلا
القليل مما
يقال في
الخطبة أو
الدروس
الوعظية، له
الكثير من
الفائدة، إذ
يدركون
بحواسهم ما
في المسجد من
هدوء ونظام
وآداب وتآلف
ومحبة،
ينطبع في
أذهانهم،
ويترك
بصماته على
مستقبلهم،
فإذا
ماكبروا
أمكنهم أن
يستوعبوا
الكثير من
القصص
الوعظي الذي
يقال،
والآداب
التي تقدم
لحد لما، وقد
يتساءلون
حول ما
يسمعون أو
يتطوع الأب
ببعض الشرح،
فتنمو
ثقافتهم
وخبراتهم،
ويزداد
ترسيخ
العقيدة في
عقولهم.. إن
أدب الأطفال
يجب أن يُعنى
بالدرجة
الأولى
بالجانب
العقائدي،
وأن يقدم
للطفل ذلك في
نماذج بشرية
تتحرك في
الحياة، أو
أحداث ملفتة
تجري على أرض
الواقع أو في
عالم
الخيال،
وعلى ألسنة
الطيور
والحيوانات
والجماد (وإن
من شيء إلا
يسبح بحمده،
ولكن لا
تفقهوا
تسبيحه)، وأن
يوعز إلى
الطفل بأن
قوة العقيدة
وسلامتها،
هي مصدر
الخير
والسعادة في
الدنيا
والآخرة،
وهي سبب
النجاح
والتوفيق
والسلامة،
وأنها
الغاية من
الوجود،
وإرضاء
الله،
واكتساب
جنته، لما
تحركه فينا
تلك العقيدة
من مشاعر
وعواطف،
وتبينه من
افكار،
وتعكس من
سلوك نظيف
شريف، يأتي
بأفضل
الثمار
بالنسبة
للفرد
والمجتمع. 9 ـ
فهم الحياة الطفل
شغوف بمعرفة
ما حوله، وفي
البداية
يحاول
التعرف على
ما يصادفه من
خلال وضعه في
فمه، دون
تفرقة بين ما
ينفع وما
يضر، أو بين
ما هو مقزز
وما هو
مستساغ،
ويستخدم
مختلف حواسه
وخاصة أذنيه
وعينيه
ويديه وغير
ذلك بصورة
تدريجية.
المهم أن
الطفل يحاول
فطرياً أن
يكتسب
الخبرات،
بوسائله
البدائية،
ويأتي دور
الكلمة) ـ
والقصة
بالذات ـ
لتلعب دوراً
بارزاً في
هذا المجال،
وأدب
الأطفال ـ
كما قلنا ـ
ليست وظيفته
مجرد
التسلية
والمؤانسة،
بل ان دوره
الأساسي هو
مد الطفل
بالثقافة
والخبرة،
وفقاً
لتطوره
العقلي
والنفسي،
فالطفل إذا
ما تُرك
بغريزته قد
يفسر الأمور
والعلاقات
تفسيراً
خاطئاً،
ويغرق في
متاهات من
التصورات
الباطلة،
وأدب
الأطفال
الصحيح إذا
ما أَدي
بالأسلوب
السليم فإن
له أثراً في
تنمية
لمدارك
الطفل.
وعاصماً له
من الإفراط
في التخبط
والضلال. والحياة
بما فيها،
تثير العديد
من
التساؤلات
الصامتة
والناطقة
أيضاً أمام
الطفل، وفهم
نفسية الطفل
من خلال
الدراسات
المتأنية
التجريبية
يساعد في
معرفة أهم
القضايا
التي تشغل
باله، ومن ثم
يكون الأدب
المرحلي
للأطفال،
متجاوباً مع
احتياجاته
العقلية
والوجدانية،
وبذلك يحصل
الكثير من
الخبرات
والثقافات
التي تكشف
تدريجيا
غموض
الحياة،
وتفض
مغاليقها،
فيتيسر له
قدر من الفهم
يبعث
السعادة
والطمأنينة
والثقة في
نفسه. فالطفل
في سن
الرابعة يحب
اللعب بشغف،
ويميل
لمشاركة
الآخرين،
ويمكنه تقبل
القصص ذات
العقدة
البسيطة. وله
القدرة على
ربط
الأفكار،
وفهم
العلاقات
المتبادلة
في أخف
صورها، ويظن
أن الأشياء
والحيوانات
لها دوافع
ورغبات مثله.
وفي سن
الخامسة
يتعلق الطفل
بالقصص التي
تمده
بالمعلومات،
كما يستمتع
بالقصص
التقليدية
التي تشرح
أحاسيسه،
وفي السادسة
يزداد حب
الإستطلاع
لديه، وخاصة
فيما وراء
بيئته،
ويسهل عليه
تعلم
القراءة
والكتابة،
ويكثر من
التساؤلات،
ويتخيل عالم
ما وراء
الطبيعة، أو
الغيبيات،
وفي الثامنة
والتاسعة من
العمر
مثلاً، يصبح
الطفل أكثر
قدرة على
التركيز
والإنتباه،
وأشد
حساسية،
وأكبر رغبة
في التعاون
مع الآخرين،
كما يلاحظ
نمو شعوره
بما يسمى
بالضمير،
ويتعشق
حكايات
الألغاز
والفوازير،
والأسرار
والأشباح،
ويهوى قصص
البطولة
والتراجم
والسير،
وخاصة إذا
حسن سردها،
وتلاحقت
أحداثها. وفي
سن العمر
التالية،
يتلهف على
القصص
العلمي،
ويقل
أهتمامه
بالخيالي
منها، كما
يحب قصص
المغامرات
والحروب
والأحداث
البوليسية،
ويحاول
إتخاذ موقف
من كثير من
أمور حياته
الخاصة
والعامة. وما
دام الطفل في
مراحل عمره
المختلفة
يحاول
جاهداً،
وبشتى
الأساليب،
التي تتوافق
مع مرحلته
العقلية، أن
يكشف غموض
الحياة،
ويفهم أسرار
حركتها، كما
يطرح
الأسئلة
التي تقلق أو
تلح عليه،
فعلى كتَّاب
أدب
الأطفال،
تنظيم
الإحتياجات
العقلية
والنفسية
للطفل، بعد
حصرها،
وتضمينها في
أدب سلس سهل
متقبل،
وعرضها
بصورة
أخَّاذة،
مستخدمين
فيها مغريات
الإخراج
والتشويق،
في مساهمة
بناءة
لتمكين
الطفل من فهم
الحياة، وما
فيها من بشر
وحيوانات
ونباتات
وجمادات
وظواهر
طبيعية،
والتركيز
على العلاقة
بين الخالق
والمخلوق،
وتأمين
الإحتياجات
الروحية
النفسية
بالذات
للطفل، مع
عدم التعويل
على
التفسيرات
الخرافية
والوثنية
لحقائق
الحياة
وعناصرها
ومظاهرها،
ولا بد من
تحديد
الرؤية دون
خلط بين
الأشياء،
وإنارة
الجوانب
المظلمة في
علاقات
البشر
وانحرافاتهم،
بالأساليب
المناسبة،
وبالجرعات
الصحية، حتى
لا يستبد به
القلق، أو
يستولي عليه
اليأس، أو
يطارده
الفزع
والرعب. أمر
آخر لا يقل
أهمية عن
قضية فهم
الطفل
للعالم من
حوله، ونقصد
به بلورة
الصورة
المثلى
للحضارة
الإسلامية،
كنموذج
واقعي فريد،
اتسم
بالتكامل
الفريد، إذا
ضمت بين
جنباتها قيم
الحب والخير
والعدل
والصدق
والشجاعة،
كما حفلت
بتشجيع
العلم،
واحترام
التشريع،
وبغض كل
ألوان
العصبيات
والعنصريات:
وقدمت
للبشرية
مجتمعاً
سعيداً ينعم
بالكفاية
والعدل
والكرامة،
وكانت حضارة
نظيفة في
وسائلها
وغاياتها،
وفي حربها
وسلمها،
ويرتبط بذلك
الموضوع
أيضاً ما
نطلق عليه (المدينة
الفاضلة) أو
عالم الغد
الأفضل،
فلسنا من
أنصار
التصورات
الفلسفية
الغربية،
سواء لدى
الأقدمين أو
المحدثين من
الفلاسفة،
ولكن عالمنا
الافضل، أو
مدنيتنا
الفاضلة
كمسلمين، لا
تخرج عن إطار
التصوير
الإسلامي
الصحيح
للفرد
والجماعة،
ولحركة
الحياة
ونموها
وتقدمها،
والعمل على
إيجاد مجتمع
إسلامي،
تخفق عليه
راية
التوحيد
وينعم فيه
الجميع
بالكفاية
والعدل،
وبالحب
والإخاء
والمساواة،
وبالحرية
وتحرير
الطاقات
الإبداعية
والفكرية
الخلاَّقة
من الخوف
والتردد:
وإعطاء (فضيلة)
العمل حقها
من التقدير
والتشجيع،
وقمع قوى
التكاسل
والتواكل
والإستغلال،
ذلك هو
المجتمع
الفاضل الذي
يجب أن يحلم
به الطفل،
ويجاهد في
سبيل
تحقيقه،
تنفيذاً
لمبادئ
الإسلام.
ودعوة الحق
والخير التي
حملها إلى
البشرية
نبيُّنا
المصطفى(ص)..
ذلك هو
مقصدنا. أن
يفهم الطفل
الحياة من
حوله فهماً
سلساً
مبسطاً على
أسس من الصدق
والعلم.. في
إطار
الحقيقة دون
زيف.. وأن
يكون مثله
الأعلى في
المقارنة،
ومقياسه في
الحكم على
الأشياء هو
الإسلام.. وأن
يظل يحلم
بالمجتمع
الإسلامي
الرشيد،
ويجاهد في
سبيل إقامته
على الأسس
الصحيحة.. 10 ـ
بعث مشاعر
الوحدة
الإسلامية لقد
تعددت
الإنتماءات
في دولنا
الإسلامية
بل
والعربية،
ولم يعد
غريباً أن
نرى دولة
إسلامية
تحارب
العدو، ونرى
أخرى تصادقه
أو تتآزر
معه، بل نرى
صبغاً من
العلاقات
الشائنة بين
دول إسلامية
تتعادى
وتتحارب،
فتسيل
الدماء
أنهاراً،
وبذلك يتمزق
شمل (الأخوة
الإسلامية)،
وتتعثر قوى (وحدتها)،
ويرى الطفل،
عندما تنمو
مدراكه، تلك
الصورة
القاتمة
لواقع الأمة
الإسلامية،
فترتسم في
ذهنه علامات
تعجب
واستفهام
كثيرة.
وتنتابه
الشكوك
والوساوس،
ويتخبط
حائراً بين
ما يتعلمه في
المدرسة،
وما يشاهده
من أحداث
مؤسفة،
وإحباطات
مؤنسة، إن
الإيمان
بالوحدة
الإسلامية
فريضة...... والنعرات
الإقليمية
والعرقية
التي تضاد
الوحدة
الإسلامية
خطيئة.. فكيف
يتصرف الذين
يكتبون
للطفل في هذه
القضية
الشائكة؟؟ أولاً:
عليهم أن
يقدموا
الأدلة
الدامغة من
واقع
الحضارة
الإسلامية
الزاهرة،
وتاريخها
العظيم على
حقيقة هذه
الوحدة،
وارتباطها
بعقيدة
الإسلام. ثانياً:
ذكر النماذج
المعبرة عن
هذه الوحدة،
متمثلة في
الحكام
والقادة
والعلماء،
الذين
واجهوا
الاحداث
التاريخية،
أو شاركوا
فيها،
حفاظاً على
الكيان
الإسلامي،
وفي مواجهة
الزحوف
العدوانية.
سواء أجاءت
من الشرق أو
الغرب. ثالثاً:
إبراز
التجاوزات
المعاصرة
والمضادة
للوحدة
الإسلامية
بأسلوب واضح
مقنع،
وبطريقة
تبعث على
الأمل في
المستقبل،
واعتبار تلك
التجاوزات
عللاً طارئة
يمكن
علاجها،
والتخلص من
آثارها، متى
صدقت
النوايا،
وصلحت
النفوس،
وعاد الناس
إلى أصول
دينهم
الحنيف. رابعاً:
تعريف
الناشئة
بدول العالم
الإسلامي
وثرواته
ومشاكله،
وكتابة
القصص
والمؤلفات
المناسبة
به،
والتركيز
على قصص
الجهاد في
فلسطين
وأفغانستان
وغيرهما. خامساً:
الإهتمام
بدعم الإخاء
الإسلامي
خاصة،
والإنساني
عامة،
وترجمة
المناسب من
أدب الأطفال
من لغات
الدول
الإسلامية (غير
العربية) إلى
الأدب
العربي،
ونشر قصص
البطولات
الإسلامية
المعاصرة في
الجزائر
والهند
وليبيا
وأفريقيا
وغيرها
أثناء
الهجمة
الإستعمارية،
وحركات
الإستقلال
والتحرر من
نير
المغتصبين: سادساً:
تنقية
التراث
المعاصر من
كل ما يسيء
إلى
العلاقات
الإسلامية،
أو يثير
الأحقاد
والإحن، أو
يبعث على
القطيعة
والفرقة. سابعاً:
تطوير
أساليب
الدعوة
الإسلامية
بما يتناسب
وطبيعة
العصر الذي
نعيش فيه. ثامناً:
قد يكون من
الأفضل تجنب
بعض المشاكل
التي تتناسب
مع مستوى
النضج
والتمييز
لدى الطفل؛
مع التركيز
في الوقت
نفسه على
الجوانب
المشرقة
التي تملأ
قلب الطفل
بالإعتزاز
والفخر،
وتزيد من
مشاعره
الإيجابية
سياسياً
وعقائدياً. تاسعاً:
تشجيع نشر
اللغة
العربية ـ
لغة الإسلام
الأولى ولغة
القرآن
الكريم ـ بين
الشعوب
الإسلامية،
وتقديم
الحوافز
والمنح
السخية في
هذا المجال. عاشراً:
عدم السماح
بترجمة
الآثار
الأجنبية
الخاصة
بالأطفال
والتي
تتناقض مع ما
نؤمن به من
عقيدة
دينية، او
تسيء إلى
قضية الوحدة
الإسلامية،
أو تنحو
بأطفالنا
منحى
الأنانية
والتقوقع،
أو تقلل من
شأن
انتمائهم
الإسلامي. *
* * ومن
الواضح أن
قضية (الوحدة
الإسلامية)
تحتاج إلى
مستوى من
الوعي
والإدراك قد
لا يتوفر إلا
في مراحل
الطفولة
المتأخرة،
ولكننا
نستطيع أن
نتسلسل مع
الطفل، ونحن
نعمق فيه
مشاعر
الإنتماء
الأسري،
والإنتماء
للقرية أو
المدينة أو
الإقليم أو
الدولة، ثم
نمد ذلك
الإنتماء
إلى ما هو
أوسع عربياً
وإسلامياً
ثم
إنسانياً،
بالأسلوب
الميسر
المبسط، بل
وبالتعبير
غير المباشر
ثم المباشر.
وهذا يعتمد
على مقدرة
الكاتب
وإيمانه
وموهبته.
ونحن نرى في
آداب
الأطفال
شبيهاً
لذلك، وخاصة
في اليابان
وروسيا وفي
عدوتنا
إسرائيل وفي
أمريكا
وغيرها،
ونرى نفس
التجربة في
قصص الأطفال
الديني
بأوروبا في
القرن
السابع عشر
والثامن عشر
بالذات. إن
تضارب
الإنتماءات
في العام
العربي
والإسلامي ـ
للأسف
الشديد ـ تحد
من
الإنطلاقة
الكبرى نحو
تثبيت
وتعميق
مشاعر
الوحدة
الإسلامية،
التي هي في
واقع الأمر
كسب سياسي
إقتصادي
كبير، فضلاً
عن كونها
إعلاءً لقيم
الإسلام
وحضارته
العريقة،
وتأكيداً
لنصوص
الكتاب
الكريم
والسنة
المطهرة. 11 ـ
توضيح مفهوم
الحب الحب
بالنسبة
للطفل لمسات
حانية،
ومناغاة
ومداعبة،
وإشباع
لرغباته في
الطعام
والشراب
والدمى، كما
يستشعره
الطفل أيضاً
في حمايته من
الأخطار،
والسهر على
راحته،
وإيثاره عما
عداه.. الحب
اذن عاطفة
هامة ضرورية
للطفل، سواء
من الناحية
النفسية أو
البدنية،
وأي احساس
للطفل
بحرمانه
منه، يورثه
الكثير من
الإضطرابات
والعلل
النفسية
والبدنية. وبعد
أن ينمو
الطفل،
ويشتد
اختلاطه
وارتباطه
بالمجتمع من
حوله، ويزيد
محصوله من
الخبرة
والثقافة،
ويشاهد
الكثير من
الوقائع
والأحداث،
يفهم
تدريجياً أن
للحب معاني
أخرى، تتصل
بعلاقة
الرجل
بالمرأة،
ولا يخفى
عليه ما يتصل
بذلك من أمور
تبعث على
الخجل،
وتستوجب
الحذر
والكتمان،
إنها قضية
تمس (الجنس)،
وعلى الرغم
من أن الطفل
في معظم
مراحل عمره ـ
حتى العاشرة
أو الحادية
عشرة ـ لا
يدرك المعنى
الحقيقي
للعلاقة
الجنسية،
إلا أنه يفهم
من خلال ما
يجري ويحدث
أمامه، أن
هناك أموراً
شائكة وقد
تكون شائنة
ومخجلة،
وترتبط
بالمعصية أو
الخطيئة،
وتستوجب سخط
الله
واشمئزاز
الناس، ورفض
المجتمع،
ويتعجب
الطفل: لماذا
يقدم بعض
الأفراد على
ارتكاب شيء
مؤسف كهذا،
عندئذٍ
تتشوه كلمة
العشق والحب
في عقله،
ويصبح للحب
من هذا النوع
مدلولاً
خاصاً يبعث
على الخوف
والقلق بل
والعار
أحياناً..
فكيف يتناول
الذين
يكتبون
للأطفال
قضية الحب
تلك!؟ أولاً:
التأكيد على
أهمية الحب
وضرورته في
الحياة لهم
ولغيرهم. ثانياً:
الحب عاطفة
طاهرة
دائماً. ثالثاً:
الحب
الحقيقي
يقتضي
التقبل
والعطاء، أي
أن تحب الناس
كما يحبونك. رابعاً:
إن الله
يحبنا،
وعلينا أن
نحبه ونحب
رسوله. خامساً:
الحب لا تعني
الأنانية،
بل يسمو
ويعظم إذا
أعطينا
وضحينا. سادساً:
نحن نحب الأم
والأب
والأخوة
والأخوات،
وهم لذلك
يحبوننا
ونحب
الأصدقاء
والجيران
والمعلمين،
ولا نكره إلا
الشر
والفساد
والظلم
والغدر
والخيانة
وما إلى ذلك
من
السلوكيات
والصفات
الأخلاقية
الذميمة. سابعاً:
نحن نحب
الوطن الذي
ننتمي إليه،
والحيوانات
التي تقدم
لنا مختلف
النعم،
والمزروعات
التي نأكل
منها ونستظل
بظلها،
ونستفيد
منها على
أوجه عديدة. ونحن
أخوتنا في
الله
والعقيدة. ولا
نكره من
يخالفوننا
في العقيدة،
ولكن نتمنى
لهم الهداية
ونأمل أن
تتسم
علاقتنا بهم
بالتعاون
وحسن
الجوار،
وتبادل
المنفعة
التي تعود
على الجميع
بالخير. ثامناً:
والرجل يحب
المرأة في
إطار
الشرعية أو
الحلال، دون
زيغ أو
انحراف. تاسعاً:
ونحب الحياة
والنجاح
والمال، دون
ظلم أو إضرار
بالآخرين،
ومن غير
معصية أو
أنانية أو
حقد. عاشراً:
ونحب القيم
العليا
إرضاءً لله،
وتحقيقاً
للسعادة
للناس
أجمعين. حادي
عشر:
ونحب العلم
وأهله
والسعي في
سبيله،
تقرباً إلى
الله،
وارتفاعاً
بمستوانا،
وخدمة
لمجتمعنا،
وتحقيقاً
لإنسانيتنا
ولرسالتنا
على هذه
الأرض. ثاني
عشر:
ونؤمن بالحب
الصافي
المطهر،
لأنه يسعد
نفوسنا،
ويحقق لها
التوازن
والسعادة
والإطمئنان،
ويشفي
الكثير من
جراحها
وعللها. ذلك
هو الحب
بمعناه
الإيجابي
الواسع
الشامل، فهو
بمثابة
الروضة
الأنف التي
يستنشق
الطفل
عبيرها
الفواح في
رضى وسعادة،
ويقطف من
ثمارها،
وينعم في
ظلها
الظليل،
واستقرار
هذه المعاني
المثالية في
قلب الطفل
يحميه لحدٍ
كبير من
مشاعر
الأنانية
والأطماع
الذاتية
المرضية أو
المتطرفة
لأننا ونحن
نؤكد قيم
الحب
الأصيل،
علينا أن
نحاول
استئصال
نوازع تلك
الأنانية،
أو نخفف على
الأقل من
غلوائها،
ونساهم في
تحجيمها،
وجعلها في
أضيق نطاق
ممكن، وخاصة
أن الطفل في
بداية رحلة
الحياة يحب
الإستئثار
بكل شيء،
ويحاول
الإستحواذ
على ما بيد
الآخرين،
والأنكى من
ذلك أنه
يعتبر ذلك من
حقه المطلق،
ويبكي ويصرخ
ويحتج عندما
يحاول أحد
كبح جماحه،
دون أن يدري
أن تلك
الأنانية
خطر ما حق
بالنسبة له،
إذا لم نروضه
على التخلص
من بعض
آثارها
تدريجياً... ولذلك
نقول، قد
يكون من
السهل أن
نكتب للكبار..
ولكن الأمر
أشد ما يكون
صعوبة عندما
نكتب للصغار. 12 ـ
إثراء
الحصيلة
اللغوية الكتاب
الذي يقرؤه
الطفل رافد
هام من روافد
اللغة،
بالإضافة
إلى
المعلومات
والخبرات
والمتعة، هو
عالم جديد
بالنسبة له،
فاللغة كما
هو معلوم
أداة أو
وسيلة تعبير
واتصال
وإدراك
لكثير من
الأشياء،
ولهذا نرى
الطفل يلتقط
الكلمات
الجديدة
ويرددها،
ومن هنا حرص
المخالطون
له على
اختيار
الكلمات
البسيطة في
البداية، بل
إنهم قد
يخفون بعض
الحروف في
الكلمة، أو
يستبدلونها
بحروف أسهل
نطقاً،
ويفرح الطفل
كلما حفظ
كلمة جديدة. لذلك
نرى أن
غالبية
المربيين
وعلماء
النفس
يعتقدون أن
من الأفضل
للطفل، أن
نقدم له في
الكتاب أو
القصة
المطبوعة
مزيداً من
الألفاظ
الجديدة
تفوق مستواه
الفعلي، حتى
يستطيع أن
يثري حصيلته
اللغوية
وينميها،
بينما يرى
القلة من
هؤلاء
المربين
علماء النفس
ان نقدم له
ما في
مستواه،
ونحن مع
الرأي الأول
بالتأكيد،
إذ لا بد أن
يصعد الطفل
سلم الترقي
اللغوي
درجةً درجة. واللفظة
الجديدة
تعني
اكتشافاً
جديداً
للطفل،
وتزيل
الغموض عن
جانب ما من
جوانب
حياته،
وتجعله أقدر
على الفهم
وعلى
التعبير،
وليست
اللفظة
وحدها هي
التي نريد،
وإنما هناك
أساليب
الصياغة،
وصحة النطق،
ومعرفة
قواعد النحو
بطريقة
عفوية في
البداية
فيتعود على
ذلك دون ذكر
للقواعد. وفي
بعض البلدان
الأجنبية
استطاع
الذين
يكتبون
للطفل أن
يضعوا
قاموساً
متطوراً
متنامياً
للأطفال
التي يتناسب
مع مراحل
العمر
المختلفة،
وسجلوا ذلك
في مؤلفات
خاصة كي
يستعين بها
المؤلفون
عند وضع قصة
أو كتاب
للطفل،
فالطفل في
البداية
يريد
ألفاظاً
تحمل دلالات
محسوسة
يراها أو
يسمعها أو
يلمسها،
ويصعب عليه
فهم الألفاظ
ذات
الدلالات
التجريدية
أو
المعنوية،
ولكي نضرب
لذلك مثلاً
نقول إن
الطفل
يستطيع
إدراك معنى
شجرة ـ كلب ـ
حصان ـ سيارة
ـ ماء، لكنه
يجد صعوبة في
فهم دلالات
ألفاظ أخرى
مثل التضحية
ـ البراءة ـ
الإيمان ـ
الأخلاق..
الخ، لأنه لا
يستطيع
تمثلها أو
تجسيدها،
وإذا لم يدرك
الذين
يكتبون
للأطفال هذه
الحقيقة
فسوف يقعون
في ممارسات
عقيمة، تجعل
الطفل ينصرف
عن
كتاباتهم،
لأنها
بالنسبة له
غامضة وغير
مفهومة، ولا
يمكن تصورها
ملموسة أو
محسوسة، وفي
مكتبات
الأطفال
العربية
الكثير من
تلك القصص
التي لم تراع
هذه
القاعدة،
نضرب لذلك
مثلاً قصة
قارون التي
أوردها
الكاتب
بطريقة خاصة.
إذ ابتدأ
بكتابة
الآية
الكريمة (إن
قارون كان من
قوم موسى...)
إلى آخر
الآية، ثم
شرح الآية،
وقدم أيضاً
بعض الرسوم
التي تظهر
قارون وجشعه
وأمواله،
وكأنما
القصة قد
تحولت إلى
مجرد تفسير،
وأوردت
الكثير من
الألفاظ ذات
الدلالات
المعنوية أو
التجريدية،
وهناك أيضاً
قصة عن أبي
ذر الغفاري،
خلاصتها نص
الحديث الذي
ورد عن رسول
الله(ص)
بخصوص أبي
ذر، ثم شرح
لذلك
الحديث،
ويصعب على
الناقد
اعتبار هذين
النموذجين
من الكتابة
قصتين
للأطفال،
على أي مستوى
من مستويات
الطفولة. إن
النوايا
الحسنة
وحدها لا
تكفي عند
الكتابة
للطفل، إذ لا
بد من توافر
المعلومات
المتعلقة
بنفسية
الطفل
وإمكاناته
والقاموس
اللفظي الذي
يناسبه،
والحرص على
العبارات
القصيرة
السلسلة
العبارات
المترابطة
بأدوات
الوصل أو
الطويلة
نوعاً ما،
وتجنب
الألفاظ
التي تحتاج
إلى شرح أو
التي تصعب
قراءتها أو
شرحها،
وخاصة في
بداية معرفة
الطفل
للقراءة
والكتابة؛
بحيث يسهل
عليه
الإستطراد
في القراءة
دون عوائق أو
تلكؤ، وقد
حرصت بعض
الدول على
إعداد
القاموس
اللفظي
المناسب لكل
مرحلة من
مرحلة
الطفولة،
لكن الأمر لم
يحظ
بالإهتمام
الكافي في
الوطن
العربي
والإسلامي،
اللهم إلا في
بعض
المحاولات
التي قدمها
المرحوم
كامل كيلاني
في القصة،
ومحمد
الهواري في
الشعر، وفي
بعض المجلات
كمجلة (سندباد)
و (سمير) و (إفتح
يا سمسم)
وغيرها.
وكانت
الريادة ـ
بالنسبة
للمجلات ـ
لمجلة (روضة
الأطفال)
التي أنشأها
المرحوم
رفاعة رافع
الطهطاوي في
القرن
التاسع عشر
بعد عودته من
فرنسا،
وإدراكه
للإهتمام
الزائد هناك
بأدب
الأطفال... إن
ازدياد
حصيلة الطفل
من الثروة
اللغوية،
يتناسب
تناسباً
طردياً مع
تحصيله
الثقافي
والعلمي ومع
خبرته،
وإنماء
الثروة
اللغوية أو
اللفظية
يعني ـ كما
قلنا ـ
ارتقاء
مستوى الطفل
ثقافياً
وعلمياً،
وتطوره في
مجال التذوق
الجمالي،
واتساع
دائرة
استمتاعه
وجدانياً
وعقلياً. لكن
النزعة
التجارية
التي أتلفت ـ
أو أمرضت ـ
خيال الطفل
في أوروبا،
هي نفسها
التي دفعت
الناشرين
والمؤلفين
إلى إخراج
مؤلفات
قاصرة
وعشوائية
للأطفال،
وذلك يعرقل
المسيرة
الهادفة
لأدب
الأطفال
وتنشئتهم،
ويبقي أننا
في حاجة ملحة
إلى وضع
قاموس ـ بل
قواميس ـ
للألفاظ
التي تنتقى
عند الكتابة
للطفل في
مراحل السن
المختلفة،
وأن يتفرغ
لمثل هذا
العمل
الحيوي
مجموعة من
التربويين
علماء النفس
والمتخصصين
في أدب
الطفل، بحيث
تبرز تلك
القواميس
إلى الوجود
بصورة
سليمة،
وتوزع على
أوسع نطاق،
كيما تساعد
المؤلفين في
مجالات
وتؤفر عليهم
المشقة
الفردية
الزائدة،
والجهد
المغني
المضاعف،
وخاصة أن
معظم هؤلاء
المؤلفين قد
لا تتيسر لهم
الإمكانات
الخاصة
لتحديد
قاموس لفظي
مناسب. إن
مشكلة ثقافة
الطفل، في
معظم أنحاء
العالم
الإسلامي
تفتقد إلى
التكامل
والتنسيق
والتآزر،
ففي كل بلد
جهات عدة
تعني
بالطفل،
سواء في
وسائل
الإعلام، أو
وزارات
التربية
والتعليم أو
المعارف،
وفي الصحة
والمكتبات،
وفي إدارات
الترويح
والترفيه عن
الطفل، وكل
جهة تجتهد
بأسلوبها في
محيطها
الخاص، لكن
الوضع
الأمثل أن
تتكاتف هذه
الجهات
كلها، وتضع
تصوراً
مشتركاً،
ينحو بثقافة
الطفل
المنحى
السليم. وثقافة
الطفل، لا
يمكن
التخطيط
لها،
والنهوض بها
بمنأى عن
ثقافة الأم،
وما يلزمها
من توعية
شاملة،
تجعلها
قادرة على
فهم نفسية
الطفل
ومتطلباته
الروحية
والبدنية،
ثم الطريقة
المُثلى
لإشباع تلك
الرغبات،
ومساعدة
الطفل في
الاستفادة
من
الإمكانات
المطروحة. ومناهج
الطفل في
رياض
الأطفال،
تتخبط هي
الأخرى بين
الإجتهادات
الشخصية،
والبرامج
المستعارة
من الشرق
والغرب. وقد
تنحرف إلى
تصورات
مستوردة
تتنافى مع
طبيعة
عقيدتنا
وبيئتنا
ومسئولياتنا
التاريخية
والسياسية
والتنموية
المعاصرة. وهكذا نرى أن احتياجنا إلى قاموس لغوي للأطفال، لا يقل عن احتياجنا إلى منهج تعليمي تربوي، يلبى إحتياجات أطفالنا الفطرية، ولا يتصادم مع قيمنا الدينية، وتقاليدنا وأعرافنا الإسلامية الأصلية، ومثل هذا المنهج لا يمكن ترجمته أو نقله من تجربة معاصرة في غرب الكرة الأرضية أو شرقها، وإلا انطمست (معالم الشخصية) الإسلامية التي نحرص على تشكيلها والحفاظ عليها، وذابت ضمن الهجمات الفكرية الغازية التي لا ترحم. الهوامش: (1)
انظر كتابنا
(آفاق الأدب
الإسلامي).
|