:الموضوع |
بسم
الله الرحمن
الرحيم مقدّمة الحمد
لله،
والصلاة
والسلام على
رسول الله وبعد إن
الإعتقاد
السائد في
العالم
اليوم هو أن
قضية
الطفولة
تحتل أولوية
مطلقة، وذلك
ما نراه في
دراسات
وبرامج
المؤسسات
المعنية
سواء في ذلك
الإعلام
والتربية
والتعليم
والصحة
والفنون
بشتى
ألوانها. وحل
مشاكل
الطفولة، هو
الخطوة
الأولى
لإصلاح مسار
الحياة،
والتغلب على
تعقيداتها
وسلبياتها
وهمومها.. وأدب
الأطفال
يلعب دوراً
بارزاً
وخطيراً في
هذا المجال،
وما نقدمه في
هذا الكتاب
ما هو إلا
محاولة
متواضعة، في
وضع تصور
صحيح لمفهوم
هذا الأدب،
على ضوء
تعاليم
الإسلام
وتجربته
الحضارية
الفذة.. أو
بمعنى آخر (أسلمة)
أدب
الأطفال،
دون إهدار
للقيم
الجمالية
لكل نوع من
أنواعه.. والله
من وراء
القصد..
والسلام. جاء
الإسلام
بمنهج شامل
متكامل
للحياة،
وكان هذا
المنهج
الإلهي
نظاماً
أمثل، من جهة
النصوص
والتطبيق،
وكان نزوله
منجماً
وتدريحياً،
ولم يترك ذلك
المنهج
شاردة ولا
واردة في
حياة الفرد
والجماعة
إلا
وتناولها
إجمالها أو
تفصيلاً. على
هذا الأساس
كانت
مسئولية
المسلم. وبديهي
أن تلك
المسئولية
تتحدد في
نطاق
المبادئ
الإسلامية
والتشريعات
والآداب
التي يجب أن
نترسم خطاها
في حياتنا،
من هنا كانت
مسئولية (الكلمة)..
كما كانت
مسئولية (الفعل)..
بل مسئولية
المشاعر
والعواطف
والأهواء (لا
يؤمن أحدكم
حتى يكون
هواه تبعاً
لما جئت به).
وهو أمر
يقتضي إرادة
قوية،
ومجابهة
لقوى الشر
ونزواتها.
وقد عرف بعض
النقاد
الأدب بأنه (فن
الكلمة)
وعرفه آخرون
بأنه هو (المكتوب
أو المنطوق
من الكلام
الجميل)
وقالوا
أيضاً: (إن
العمل
الأدبي يتحد
مع النفسي)،
أو يتمثل في
نفوسنا، وفي
نشاطنا
النفسي.. وأضافوا
أيضاً (أن
آثار الأدب
هي المتعة
والمنفعة) (وأنه
تعبير عن
الحياة
وسيلته
اللغة)، وإن
كان التعبير
عن الحياة لا
يعني نقلها
إلينا كما
هي، ولكنه
يعبر عنها
ويفسرها أو
ينقدها، أو
ينقل إلينا
فهم الأديب
للحياة،
ووجهة نظره
في أية قضية
من القضايا،
فالأديب
يتخذ (موقفاً)
فكرياً،
ولذا يستطيع
التأثير في
مجتمعه،
ولهذا يرى
النقاد ـ
بعضهم ـ أن
المضمون
الاجتماعي
للعمل
الأدبي، لا
يستمد من
واقع الحياة
في المجتمع،
بل من موقف
الأديب
الفكري من
الحياة في
هذا
المجتمع،
والمضمون في
ذاته قيمة،
وهو قيمة
تتولَّد عن
موقف الأدب
الفكري، من
القيم
الأخرى
السائدة في
المجتمع.. وهكذا
نرى أن (المذاهب
الأدبية) و (المدارس
الفنية)، قد
اختلفت في
التعريف
والمفهوم
بالنسبة
للأدب، كما
اختلفت
أيضاً حول
المؤثرات
التي تفعل
فعلها فيه،
وهذه الآراء
والتصورات
المتضاربة
إنما تبعث
أساساً من
فلسفات
إعتنقها
القوم،
فجعلتهم
يتخذون
وجهات شتى
تتفق
وقناعاتهم
الشخصية،
ونظمهم
السياسية، (فالواقعيون)
لا يؤمنون
إلا
بالحقيقة
الواقعة
التي يمكن
الوصول
إليها عن
طريق
التجربة،
وينكرون أي
عالم علوي
فوق
المحسوس، (والرمزيون)
ـ على الرغم
من معارضتهم
لهرطقات
العلم
المادي
الملحد ـ إلا
أنهم أغرقوا
أنفسهم في
متاهات
صوفية
غامضة،
وأولوعوا
بالرموز
التي تميع
الدلالات
المحددة،
وتلقي
بالفرد في
غمرة
إيحاءات
وأجواء
غريبة، و (الكلاسيكية)
إستندت إلى
التجريدات
العقلية
وحدها،
بينما تشبثت
(الرومانتيكية)
بالعاطفة،
وتغنَّت
باليأس
والألم
والعذاب
والضياع،
وانحرفت (السريالية)
إلى الآلية
النفسية
الصرفة،
وأنكرت
رقابة
العقل،
وحاولت
الإيغال
بعيداً عن
الإهتمامات
الأخلاقية
بل والفنية،
وقدم (الوجوديون)
مسرحاً
رافضاً
متمرداً
ساخطاً على
كل القيم
والتقاليد
والأعراف
والأديان،
وتقوقعوا
حول ذواتهم
يقدمون لها
القرابين
والصلوات،
وهو ضرب من
الوثنية
الضالة.. والآن،
أين نحن
كمسلمين من
هذا
الاضطراب
الهائل؟؟
وأين نقف من
هذه
التيارات
والفلسفات؟؟ لقد
قلنا في
بداية
حديثنا هذا
أن الأديب
المسلم
مسئول، وأن
مسئوليته
تحددها
رسالته في
الحياة،
وتحكمها
القيم
الإسلامية،
والعقيدة
المبرأة من
الشرك
والأوهام،
والشرائع
المنزلة من
الله على
عبده ورسوله
محمد بن عبد
الله(ص) (قل
إنما أنا بشر
مثلكم يوحى
إليّ أنما
إلهكم إله
واحد، فمن
كان يرجو
لقاء ربه
فليعمل
عملاً
صالحاً، ولا
يشرك بعبادة
ربه أحداً)
(سورة
الكهف). والنتيجة
الواضحة: ـ
أن محمداً
بشر يوحى
إليه. ـ
العمل
الصالح هو
رسالة
المؤمن ـ
العقيدة هي
التوحيد الأدب
الإسلامي ـ
في ضوء
الإسلام ـ
يعنى بفن
الكلمة،
وليس أدل على
ذلك من أن
المعجزة
الكبرى
لدينا هي
القرآن، وهو
إعجاز بلاغي
وبياني فوق
طاقة أي بشر (قل
لئن اجتمعت
الإنس والجن
على أن يأتوا
بمثل هذا
القرآن، لا
يأتون
بمثله، ولو
كان بعضهم
لبعض ظهيراً). والأدب
الإسلامي،
يتعلم من
القرآن جمال
السرد،
وترابط
الأفكار،
وروعة
التعبير
لفظاً وجملة
وعبارة
وتأثيراً،
كما يعنى
بالبناء
الكلي أو
الصورة
الفنية
الممتعة
المقنعة
المفيدة،
دونما شطط أو
تضليل، ولا
يبذر بذور
الحيرة أو
الملل أو
الغموض في
عقل الإنسان
ووجدانه
ونفسه. والأدب
الإسلامي لا
يستمد
مضمونه من
قيم
إجتماعية
مريضة،
أفرزتها
تجارب
معتلة، تؤثر
فيها
النزوات
والأحقاد
والأهواء،
وإنما
يستلهم
الأدب
الإسلامي
مضمونه من
عقيدة
التوحيد،
وكنوز
الحضارة
الإسلامية،
وإرثها
الإلهي
المنزَّه عن
الخطأ
والهوى.. ولا
يعني ذلك
تجاهل (التفاعلات)
الإجتماعية
الصاخبة،
وما يسود
الحياة من
خير وشر،
وصالح
وطالح، وسقم
وصحة،
فالأديب
المسلم
مطالب
بتصوير
الأزمة،
وتحليل
أبعادها،
والبحث في
أسبابها،
والنظر إلى
مضاعفاتها
وآثارها،
ووضع
التشخيص
المناسب
للعلة، مع
الإيحاء ـ
بالاسلوب
الفني
المباشر
وغير
المباشر ـ
بما يجب أن
يتحرك الفرد
والمجموع في
إتجاهه، دون
إهدار للقيم
الجمالية
والفنية. الأديب
الحق موقف.. وموقف
الأديب
المسلم
ينبُع من
عقيدته.. المهم
الصدق في
تناول
المادة
الأدبية،
وتهذيبها
وفق أسس
النظام
والتناسق
والجمال
والتأثير،
بحيث تأتي
الصورة
الفنية
ممتعة
مُرضية
ومفيدة،
ونشعر بعد
الإطلاع
عليها،
بأننا إزاء
تجربة حية
نابضة،
تجرنا إلى
علاقات
جديدة من
الفهم
والسمو
الروحي،
واليقين
المريح..
الخلاَّق..
الدافع لفعل
شيء ما،
يرتقي بنا
إلى الأفضل،
وإلى
التغيير
المستمر نحو
الغاية
العظمى.. وكل
أديب له (ذاته
المتميزة)،
وأسلوبه
الخاص، الذي
يجعله
مختلفاً عن
أقرانه من
الأدباء،
فالفن ـ في
أوجه ـ
ابتكار
وابتداع
لصيغ جمالية
مؤثرة، ولكل
أديب مسلم
طريقته
المتفردة في
الأداء، وإن
اتَّحد
الأدباء
الإسلاميون
أو اتفقوا
حول المضمون
الإسلامي،
وهو تنوُّع
مطلوب،
وثراء
محبوب، إذ
ليس من الطوب
أن يكون
الأدباء
الإسلاميون
نسخاً
متكررة، كما
أنه على
الأديب
المسلم الجد
والبحث عن
أشكال جديدة
مؤثرة، تزيد
من قوة
التأثير،
وتواكب
العصور،
وتستخدم كل
الإمكانات
والطاقات
المستحدثة،
كي يعبر أروع
تعبير عن
رسالته
الخالدة..
ليس بدعاً
إذن أن يتخذ
الأديب
المسلم
موقفاً.. فكل
المذاهب
الأدبية
فعلت ذلك.. وإنما
الغريب
والشاذ
والباطل، أن
نطلب من
الأديب
المسلم أن
يكون
متشبثاً
بمبدأ (الفن
للفن)، أو
نطلب منه ـ
باسم حرية
الأدب
والفكر ـ أن
يتجاهل
عقيدته، حتى
لا يكون
متعصباً
رجعياً.. أليست
هذه خديعة
كبرى يحاول
أعداء
الإسلام
إيقاع حملة
الأقلام
الإسلاميين
فيها؟؟ الأديب
المسلم يجب
أن يعتز
بإنتمائه عن
قناعة تامة،
وإيمان عميق.. ذلك
الإنتماء
مسئولية
وإلتزام كما
قلنا * *
* وبعد... لقد
حاولنا
تبسيط مفهوم
الأدب
بمعناه
العام في
السطور
السابقة،
وكان لا بد
أن نفعل ذلك
كي نصل إلى
تحديد مفهوم
أدب الأطفال
الإسلامي.. وبإيجاز
شديد يمكننا
القول أن أدب
الأطفال لا
يختلف في
مفهومه عن
الأدب العام
(الإسلامي)
إلا في كونه
موجهاً إلى (فئة
خاصة) هي
الأطفال.
وهذه الفئة
تتميز
بمستوى عقلي
معين. وبإمكانات
وقدرات
نفسية
ووجدانية
تختلف عنا
نحن الكبار
فتجارب
الطفولة
وخبراتها
محدودة،
وآفاقها
التخيلية
واسعة رحبة
لا تحدها
حدود، ولا
تحاصرها
ضوابط
كضوابطنا
نحن الكبار.. ووسائلهم
في البحث
والتفكير
والتحليل
والإستيعاب
ليست
كوسائلنا
الناضجة،
التي
إكتسبناها
بالمران
والتجربة
الطويلة،
والثقافات
المتنوعة. ولديهم
رغبة جامحة
في ارتياد
المجهول،
والإنطلاق
عبر الآفاق،
وتشكيل عالم
خاص يختلف
كثيراً عن
عالمنا.. هذا
وغيره أمور
طبيعية
بالنسبة
للأطفال.. وما
أشبه مراحل
التطور
البشري
بمراحل تطور
الطفولة. ونظرة
إلى تدرج
الرسالات
السماوية
منذ آدم ثم
نوح
وإبراهيم
وموسى وعيسى
ومحمد عليهم
الصلاة
والسلام،
نلاحظ كيف
وصلت
الرسالات
إلى الكمال
في رسالة
محمد(ص)..
رسالة النضج
والتمام،
بعد أن بلغت
البشرية سن
الرشد (اليوم
أكملت لكم
دينكم،
وأتمت عليكم
نعمتي،
ورضيت لكم
الإسلام
ديناً). ولقد
تدرج منهج
النبوة
المحمدية في
تربية
وتعليم
المجتمع
المسلم طوال
بعثته(ص) وهي
ثلاثة
وعشرون
عاماً.. أي
منذ نزل عليه
جبريل عليه
السلام (باقرأ)
حتى آخر كلمة
جاءت في كتاب
الله.. ذلك
هو منهج الله
بالنسبة
لتربية
البشرية منذ
طفولتها حتى
رشدها.. كذلك
كان نفس
المنهج
بالنسبة
لمجتمع
الرسالة
المحمدية في
مكة
والمدينة.. * *
* أدب
الأطفال
الإسلامي هو
التعبير
الأدبي
الجميل،
المؤثر
الصادق في
إيحاءاته
ودلالالته،
والذي
يستلهم قيم
الإسلام
ومبادئه
وعقيدته،
ويجعل منها
أساساً
لبناء كيان
الطفل
عقلياً
ونفسياً
ووجدانياً
وسلوكياً
وبدنياً،
ويساهم في
تنمية
مداركه،
وإطلاق
مواهبه
الفطرية،
وقدراته
المختلفة،
وفق الأصول
التربوية
الإسلامية،
وبذلك ينمو
ويتدرج
الطفل بصورة
صحيحة تؤهله
لأداء
الرسالة
المنوطة به
في الأرض،
فيسعد في
حياته ويسعد
به ومعه
مجتمعه، على
أن يراعي ذلك
الأدب وضوح
الرؤية،
وقوة
الإقناع
والمنطق..
ذلك هو
المفهوم
العام لأدب
الأطفال
حسبما يعتقد. وهو
المفهوم
الذي يشمل
الإحتياجات
الأساسية
للطفل حسبما
أسفرت عنها
دراسات
العلماء
المخلصين في
الدين
والتربية
وعلم النفس
والمجتمع
والطب وعلم
الجمال
أيضاً.. وفي
تراث
البشرية
الهائل، ترى
أمراً
عجيباً،
يلفت النظر.
لقد حرص
أتباع جميع
الديانات،
الوثنية
منها
والسماوية،
والمحرَّفة
منها
والصحيحة،
على أن تقدم
للطفل لوناً
ما من ألوان
الأدب، يعبر
عن (الدين)
والعقيدة حدث
ذلك في
العصور
السحيقة.. وحدث
في الإسلام
والنصرانية
واليهودية.. بل
إن بداية عهد
(أدب الأطفال
الحديث) ـ
كما سنرى ـ
إفتتح
صفحاته بقصص
الأنبياء،
والقصص التي
وردت في
الكتب
المقدسة،
ونحن إنما
نسجل تلك
الحقيقة لكي
نرد على
أولئك الذين
يزعمون أن
الطفل في
حداثته لا
يستطيع تقبل
أو فهم ما
يُروى له عن
العقيدة
والمعنويات
والألفاظ
المجرَّدة،
وحتى لو كان
ذلك صحيحاً،
فإن أدب
الأطفال لن
يعدم
الوسيلة
الصحيحة
الناجحة
لإيصال هذه (المعلومات)
أو
المعنويات
والمجردات
إلى عقل
الطفل،
ومعلوم أن
العقيدة هي
الأساس:
لبناء
الكيان
الروحي
والفكري
للطفل، ومن
ثم لا بد وأن
تبدأ في وقت
مبكر، ولو
على سبيل
التلقين
والتبسيط أو
التعبير
بالصور
المعبرة
التي ترمز
إلى شيء غير
مرئي.. وأدب
الطفل يشمل
القصة
والمسرحية
والتمثيل
والقصيدة أو
النشيد أو
الأغنية،
كما يشمل
الآداب
العامة
كالتحية
التي يستقبل
بها الناس،
وما يقال عند
الطعام أو
النوم، وبعض
الأمور
الهامة
كالشهادتين
والصلاة على
النبي وقصار
السور
والأحاديث،
وبعض
السلوكيات
الإجتماعية
والأسرية
خاصة، كل ذلك
في أسلوب
مناسب
مفهوم، منذ
الصغر..
وعندما
نتمعن في كتب
السيرة
والتراث،
شعراً
ونثراً نجد
تطبيقاً
دقيقاً لما
أشرنا، ففي
أحاديث
الرسول(ص)
نصوص كثيرة
تتعلق
بالطفولة،
والعناية
بالأطفال
وتربيتهم
وتعليمهم
والعطف
عليهم،
وتدريبهم
على الصلاة
والصوم وفعل
الخير. (يا
غلام.. احفظ
الله يحفظك
احفظ الله
تجده تجاهك
واعلم أن
الناس لو
إجتمعوا على
أن يضروك لن
يضروك إلا
بشيء قد كتبه
الله عليك..)
ألخ الحديث. وكانت
النسوة
يهدهدن
أطفالهن
بالأغاني
العذبة،
ويبثثن في
هذه الأغاني
ما يدين من
قيم وأفكار. وعمرت
المساجد منذ
العصر
الأموي
برواة القصص
والأخبار،
التي كان
يستمع إليها
الكبار
والصغار على
حد سواء وقد
برز في هذا
المجال نخبة
من أعلام
القصاصين،
وخاصة في
مجال الوعظ
والإرشاد. ثم
جاء ابن
المقفع
ليقدم (كليلة
ودمنة)،
وقصصه
الغريب عن
عالم
الحيوان
والطير،
ويدس فيه
الكثير من
الأفكار
الفلسفية
العميقة،
ويخطئ من يظن
أن هذا
الكتاب كان
قاصراً على
الكبار
وحدهم، فقد
كان هناك من
يبسط هذه
القصص ويعيد
صياغتها دون
تعقيد أو
غموض، ويقدم
للأطفال
منها ما يسد
النقص في
أدبهم
وثقافتهم،
وقد فعل ذلك
الغربيون
بعد قرون
حينما ترجم
إليهم هذا
الأثر الفذ،
نذكر منهم (لامرتين)
الفرنسي،
كما فعل
الشرقيون
نفس الشيء
نذكر منهم
أمير
الشعراء
أحمد شوقي،
وكامل
كيلاني
وسعيد
العريان
وغيرهم. وكانت
قصص (ألف
ليلة وليلة)
برغم ما فيها
أحياناً من
فحش في
القول،
وإغراق في
الجنس،
وتماد في
الخرافة
والسحر،
كانت زاداً
ثرياً لمن
استلهموها
ونقلوا
عنها، ممن
اهتموا بأدب
الطفل
وكتبوا فيه.. وفي
تراث
الجاحظ،
وكتاب
الأغاني،
وقصص
الصالحين
والحرب
والعلم
والجن
وغيرها
الكثير من
الموضوعات
التي يمكن
الاستفادة
منها في
الكتابة
لأدب الطفل. ناهبك
بقصص القرآن
وقصص
الأنبياء،
وما تزخر به
من حكم
ومواعظ، وما
ينجلي عنها
من مؤثرات
عميقة تتعلق
بعقيدة
الطفل
وسلوكه
وإيمانه
بالله.. * *
* إن
الذين
يكتبون
أدباً للطفل
المسلم،
يستطيعون أن
يفعلوا
الكثير على
ضوء
الإسلام، مع
ضرورة
تمسكهم
بالقيم
الجمالية
لكل لون من
ألوان أدب
الأطفال،
وعليهم
أيضاً ألا
يهدروا ما
توصل إليه
علماء النفس
والتربويون
والنقاد
المخلصون،
لأن هؤلاء
الباحثين
حاولوا
جاهدين أن
يكتشفوا
عالم الطفل
الداخلي،
ويستنيروا
بالهدى
الإلهي،
والتجارب
الحية،
والدراسات
الميدانية،
أملاً في
معرفة
العوامل
المختلفة،
والمؤثرات
العديدة،
التي تفعل
فعلها في عقل
الطفل ونفسه
ووجدانه
وسلوكه، وهي
محاولات ـ
وإن لم تصل
حد الكمال ـ
جديرة
بالنظر
والتطبيق
إذا لم
تتعارض مع
حقائق
الإسلام
ونصوصه. إن
للأطفال
خبراتهم
وتجاربهم
وأحلامهم
الخاصة،
وأديب
الأطفال
الحق هو الذي
يستخدم أداة
اللغة
بطريقة خاصة
تجعل الطفل
يستشعر
المتعة
والجمال،
والنظام
والتوازن،
فتحدث
الاستجابات
الوجدانية
والنفسية
المطلوبة،
بل أثرى
وأوسع مما هو
مطلوب،
ويكتسب
الطفل
عندئذٍ خبرة
جديدة تثري
فكره، وتحقق
له السعادة،
بل والدهشة
أو العجب
أحياناً،
ومن لا يتوفر
لديه معرفة
كافية بعالم
الطفولة
الخاص، فسوف
يكون من
العسير عليه
الوفاء
بمهمته
الصعبة، لان
الطفل صريح.
ويقبل أو
يرفض بصراحة.
ويعبر عن
انطباعه
بحرية،
فيقبل على
الكتاب بنهم
وشغف، أو
يلقي به
بعيداً في
ملل وإهمال.
ومن الصعب
على الطفل ان
يستمر في
أداء فعل لا
يحبه.. أو كما
يقولون
الطفل ناقد
صادق. لا
يعرف
المجاملة
فيما يقرأ من
أدب، وإن لم
تكن لديه
القواعد
الأكاديمية
لتقويم
العمل
الأدبي.. إنه
يملك شيئاً
واحداً:
الشعور
بالمتعة.. أقول
هذا الكلام
خاصة لأولئك
الذين
يملؤون
كتاباتهم
للطفل
بالكثير من
القيم
والمضامين
العظيمة،
لكنهم للأسف
يقدمونها في
إطار مهلهل،
أو شكل فني
مقبض، وتكون
النتيجة
إنصراف
الطفل عن
الجواهر
الغالية
التي
أرادوها له
هدية قيِّمة. الصورة
الفنية
الحية
الجذابة هي
العنصر
الأساسي،
وبدونها
ينطمر
المضمون في
طيات الملل
والاهمال
والنسيان.. دائماً..
وأبداً.. يجب
أن نجدَّ في
البحث عن
أفضل
الأساليب،
وأجمل
الأشكال
والأُطر
التي نقدِّم
من خلالها ما
نريد من قيم
وأفكار
لأطفالنا. وإذا
كان البعض
يزعم أن
الدين والفن
لا يلتقيان.
ويظن هذا
البعض، أن
هدف الفن
الجمال،
وهدف الدين
الحق، إذا
كان الظن
كذلك، فإنه
ظن أوحت به
نظرية (الفن
للفن) وغيرها
من النظريات
التي تركز
على
الإستماع
وحده، ونسوا
أو تناسوا أن
الحق قمة
الجمال
والروعة،
وأن الدين
يسعى حثيثاً
لإسعاد
الإنسان،
وجعل حياته
تتسم بالنسق
والنظام
البديعين،
في ظل
الإيمان
والصدق، وأن
الفن كذلك
يسعى لإسعاد
الإنسان
وجعل حياته
تنبض
بالجمال
والخير
والحق
والإيمان؛
ذلك هو الفن
الصحيح، وما
عداه فهو فن
لا يترسم خطى
الفكر
السليم؛
والحياة
السوية،
والمشاعر
الصادقة. ألا
ترى أن الفن
والدين
يلتقيان عند
نقطة
واحدة؟؟ يقول
روسو في ذلك
عن طفله (...إن
الفرض
الاساسي من
تربيته هو أن
أعلمه كيف
يشعر، ويحب
الجمال في
أشكاله، وأن
أرسّخ
عواطفه
وأذواقه،
وأن أمنع
شهواته من
النزول إلى
الخبيث
والمرذول،
فإذا تم ذلك.
وجد طريقه
إلى السعادة
ممهداً..) يكاد
يجمع
المؤرخون أن
أدب الأطفال
يوجد حيث
توجد
الطفولة،
وهو جزء لا
يتجزأ عن
باقي
احتياجاتها
المادية
والنفسية
والروحية،
فكما يحتاج
الطفل إلى
الطعام
والشراب،
وإلى
الرعاية
والحنان،
فإنه في حاجة
ماسة إلى ما
يثري فكره،
ويسعد روحه
ووجدانه،
وإذا لم
يستوف الطفل
تلك
الاحتياجات
المادية
والمعنوية،
فسوف يكون
عرضة
للمعاناة
والاضطراب.
لأنها جزء من
فطرته، وقد
كانت الأم من
قديم الزمان
تدرك
احتياجات
طفلها
بالفطرة،
فتقدم له ما
يرفه عنه
ويثري
خبرته،
ويتواءم مع
طبيعته. ولا
ينقض هذا
الرأي ما درج
عليه
المؤرخون من
تجاهل يكاد
يكون تاماً
لأدب
الأطفال
شعراً
ونثراً. فلم
يحظ قديماً
بالدراسة
والتسجيل
والتبويب.
خاصة وأن أدب
الأطفال في
السنوات
الأولى كان
من واجبات
الأسرة،
الجدة أو
الأم أو الأب
وغيرهم من
أفراد
المنزل،
ولذلك كان
خاضعاً
للإجتهاد
الشخصي
والتقليد.
وتوارث
التراث
جيلاً بعد
جيل، شأنه في
ذلك شأن
الكثير من
روايات
وأشعار
الكبار التي
كان
يتناقلها
الرواة
المتخصصون. وكان
أدب الكبار
فيه الكثير
مما يصلح
للصغار،
وخاصة القصص
والأخبار.
وشعر
الملاحم أو
الربابة،
وكان
للقبائل
قصَّاصُوها
ورواتها
وشعراؤها
الرسميون،
وكان الناس
يحترمونهم
ويستمعون
إليهم في شغف.
والأطفال ـ
لا شك ـ
يختلطون
بجمهور
السامعين،
ويلتقطون ما
يستطيعون
فهمه من
حكايات
ومغامرات
وأساطير
وخاصة ما
يتعلق
بالقبيلة
وأيامها
وانتصاراتها.
كما كانت
النسوة في
البيوت أو
الخيام
يروين
لأطفالهن
تلك القصص
بأسلوب أبسط
سلس. ويركزون
على ما فيه
من عظة وعبرة. ونلاحظ
حتى أيامنا
هذه الدور
الذي يلعبه (شعراء
الربابة) في
البادية
العربية،
وفي القرى
والأوساط
الشعبية.
فهؤلاء
الشعراء
يلجأون إلى
قصص أو ملاحم
مثيرة شيقة،
يسيرة الفهم.
مفهومة
العبارة،
رنانة
القافية
والإيقاع،
وكان هؤلاء
الشعراء
القصاصون أو
الملحميون
يطربون
سامعيهم
كباراً
وصغاراً،
ويهولون في
وصف المعارك
والبطولات،
وأساليب
التحايل
والدهاء،
وألوان الحب
والشقاء،
والتشبُث
بقيم
الشجاعة
والكرم
والفتوة،
على غرار ما
نسمعه من
هؤلاء
الشعراء
اليوم عن سيف
بن ذي يزن
اليماني.
وعنترة بن
شداد،
والأميرة
ذات الهمة،
وأبي زيد
الهلالي
وغيرهم، كان
لكل عصر
بطولاته
وقيمه
واهتماماته،
ولم يكن
أطفال
العصور
العربية في
معزل عن هذه
الألوان
الفريدة من
التسلية
والفن
والعبرة. ونقرأ
بعد ذلك في
سيرة الرسول(ص)،
كيف أرسله
قومه إلى
البادية ـ
شأن أطفال
العرب في ذاك
الزمان ـ حيث
يتلقى اللغة
العربية
صافية من
الشوائب
واللكنات
والتحريف،
ويتعود على
حياة
الصحراء وما
فيها من كفاح
وتقشف
وتحمل،
ويتشرب
تقاليدها
التي تبرز
قيم التآلف
والمحبة
والكرم
والصبر،
والشجاعة
والجرأة،
وحيث ينعكس
امتداد
الصحراء
ورحابتها
والانطلاق
فيها على نفس
الإنسان،
وحيث يكون
لكل فرد دور
بنَّاء يقوم
به لخدمة
نفسه
ومجتمعه،
كانت
البادية في
ذلك الوقت هي
أول مدرسة
يتلقى فيها
الطفل ما
يفيده: نفسياً.
وبدنياً. وعقلياً.
وإجتماعياً. ويعود
الطفل من
بعثته تلك في
البادية،
بعد أن يكون
قد تعلم
اللغة على
أصولها. وحفظ
قدراً من
أشعارها
وقصصها
ومغازيها،
وتسلح
بالكثير من
قيمها
وتقاليدها
وانسابها. كي
يواصل حياته
بين أهله على
أسس تربوية
معترف بها. يعود
الطفل ليسمع
سجع الكهان،
وأساطير
الأديان
القديمة
المحرفة،
وخرافات
الوثنيات
والأصنام،
ويتلقى
العلوم
الخاطئة
السائدة عن
أسرار الكون.
وتحليل
الظواهر
الطبيعية،
بصورة اقرب
إلى
الإختراع
والسذاجة
والتوهم
منها إلى
الحقائق
العلمية
الصحيحة. ثم
يشرق فجر
الإسلام
الوضَّاء،
على تلك
البقاع
الشاسعة،
ويدعو إلى
عقيدة نقية
أبيَّة،
سهلة الفهم
والتناول،
الله واحد لا
شريك له،
خالق كل شيء،
بيده الأمر
كله، لم يلد
ولم يولد،
ولم يكن له
كفواً أحد،
كما يدعو إلى
الطهر
والنقاء،
وإلى العدل
والحرية،
وإلى التآخي
والصدق
والمحبة
ويجابه
العصبيات
والوثنيات،
وينفر من
الظلم
والإستغلال،
والتعالي
بالأحساب
والأنساب (كلكم
لآدم وآدم من
تراب)، ويحذر
من مغبة
الإنخراطٍ
في التطاحن
والتحارب
والتعادي من
أجل أمور
دنيوية
تافهة، أو
أمجاد
زائفة، ويضع
أسساً جديدة
للبطولة
والكرم
والعلاقات
الإنسانية.
وهكذا يحدث
الصراع
الخالد بين
المؤمنين
الأوائل
وعلى رأسهم
محمد (ص). وبين
سنة الشرك
القديم،
والقيم
الفاسدة
العالية،
وينتصر الحق
ـ بعد تجربة
مريرة ـ
وتتبدل
الحياة
شكلاً
وموضوعاً،
ويولد عالم
جديد ينبض
بالحق
والخير
والحب
والجمال تحت
راية
التوحيد،
وعلى هدى
القرآن ـ
دستور
الحياة
الأوحد ـ
وبتوجيه من
القيادة
الراشدة
الحكيمة
لمحمد عبد
الله روسوله. ويعنى
الإسلام ضمن
ما يعني (بالطفولة)،
فيعلم
أصحابه كيف
يحنون
ويبرون
بأطفالهم،
ويدعوهم إلى
العدل بين
أولادهم ولو
في القلب،
ويجعل من
ظهره الشريف
مركباً
لحفيديه
الحسن
والحسين
ويداعبهما
في رقة وحب،
ويغرس فيهما
الفضيلة،
ويعلمهما
القرآن
والوضوء
والصلاة
وطاعة الله،
ويمشي في
الشارع
ويلقي على
الأطفال
التحية،
ويبتسم في
وجوههم،
ويرد ـ في
رحابة صدر ـ
على
تساؤلاتهم،
ويبين
للمسلمين
حقوق الطفل
الشرعية
جنيناً
ورضيعاً
وطفلاً
وصبياً
وغلاماً،
وهو أمر
يذكره
فقهاؤنا
الأعلام في
أبواب
التربية
والحضانة
والنفقة
والميراث،
وحقهم في
التعليم
والرعاية،
كما ذكر(ص)
الكثير حول
التعامل
معهم، وما
يجب عليهم من
صلاة وصوم
وتعلم ما
يحتاجه في
الجهاد من
فروسية، وهي
جوانب شتى
تتعلق بحياة
الطفل
بدنياً
ونفسياً
ووجدانياً
وفكرياً.
واهتم
القرآن
الكريم
باليتيم
وماله
ورعايته
وحقوقه
والوصاية
عليه، وأشار(ص)
إلى ما
ينتظرنا من
ثواب الله،
إذا ما
نفذَّنا
تعاليم
الكتاب
والسنة نحو
هؤلاء
الأطفال.. ولهذا
فإن القائم
بالتربية
الصحيحة
لهؤلاء
الأطفال له
عند الله ـ
وعند
الابناء ـ
الجزاء
الأوفى (وقل
ربي ارحمهما
كما ربياني
صغيراً). ترى
هل تجد في أي
دين من
الأديان
السابقة على
الإسلام
روعة
وشمولاً
واهتماماً
برعاية
الطفولة كما
نراها في
ديننا
الحنيف؟؟ وجاء
عصر الخلفاء
والتابعين
ومن تبعهم
بإحسان،
فاقتدوا
بتعاليم نبي
الإسلام في
تربية
الأطفال
والعناية
بهم من شتى
الوجوه.. يقول عمر بن الخطاب (علموا أولادكم السباحة والفروسية، وارووهم ما سار من المثل، وحسن من الشعر) ويقول هشام بن عبد الملك لمعلم ولده: (وأول ما أوصيك به، أن تأخذه بكتاب الله، ثم أروه من الشعر أحسنه. ثم تخلل به في أحياء العرب، فخذ من صالح شعرهم، وبصره، بطرف من الحلال والحرام، والخطب والمغازي) ويقول الإمام الغزالي: (إن الطريق في رياضة الصبيان من أهم الأمور وأوكدها، والصبي أمانة عند والديه. وقلبه الطاهر جوهرة نفسية ساذجة، خالية من كل نقش وصورة، وهو قابل لكل ما يُنقش، ومائل لكل ما يُمال إليه، فان عُوِّر الخير وعُلِّمة نشأ عليه. وسعد في الدنيا والآخرة) وبعد أن يفيض الغزالي في بيان الطريق لتربية الطفل في المرحلة الأولى، مرحلة التقليد والتلقين، وهي من أهم المراحل في حياة الإنسان، من حيث تحديد الخلق والشخصية. ينتقل إلى التالية، وهي مرحلة التعليم فيقول: (ثم يشتغل في (المكتب)، فيتعلم القرآن، وأحاديث الأخبار، وحكايات الأبرار.. الخ)(1) ووجد
القصاصون في
قصص القرآن
الكريم مادة
ثرية
للأطفال،
فكانت تروى
لهم بصورة
مبسطة،
وكذلك بعض ما
ورد في
الأحاديث
النبوية،
ومغازي رسول
الله. وحرب
الصحابة ومن
أتى بعدهم،
وجهاد
المسلمين
لنشر الدعوة
الإسلامية
في مشارق
الأرض
ومعاربها،
وأخبار
العلماء
والصالحين
والرحالة
والمسافرين
للتجارة.
وأخبار
الأمم
الأخرى
كذلك، كل تلك
المصادر
أغنت القصص
التي تروى
للأطفال،
وخاصة بعد أن
تم الفتح
واتسعت
الدولة،
وتوفر عدد من
المؤلفين
المسلمين
وكتَّاب
التراث؛ على
تسجيل
حكايات
وأساطير عن
مختلف
الأزمنة
والأمكنة؛
ونذكر هنا
بعض
المؤلفات
القديمة
الخاصة بهذه
الجوانب: ـ
(نهاية الأرب). ـ
(مختصر
العجائب
والغرائب)
المنسوب
للمسعودي ـ
(الوزراء
والكتاب) ـ
(الأغاني) ـ
(البخلاء) ـ
(كليلة ودمنة) ـ
(ألف ليلة
وليلة). ـ
(القدح
المعلى) ـ
مقامات
الحريري) و (مقامات
بديع الزمان
الهمذاني)
وغيرهما. ـ
(والكثير من
قصص
الوعَّاظ)
الخ. وعلى
الرغم من أن
معظم هذه
الكتب لم
تسطر أساساً
للأطفال إلا
أنها كانت
مصدراً
غنياً بشتى
ألوان القصص
والأشعار،
يستلهمها
المربُّون
والجدات
والأمهات
والآباء،
ويخرجون
منها ما
يناسب عمر
الطفل
وأخلاقه
وعقيدته،
ويقدمونها
إليه في ثوب
قشيب جذاب،
ففي (ألف
ليلة وليلة)
الكثير من
الخرافات
والخزعبلات
والتصوير
الجنسي
الفاضح،
وهذا ما دعا
عدد كبير من
الكتاب
المحدثين
إلى تنقيتها
من الشوائب،
وتقديم بعض
قصصها في كتب
أو تمثيليات
في المذياع
والتلفاز
بطريقة
مبسطة ممتعة
ومفيدة،
كذلك نرى أن
كتاب (كليلة
ودمنة) يحتوي
على عدد كبير
من قصص الطير
والحيوان.
لكنها تنحو
المنحى
الفلسفي،
والإغراق
الرمزي، مما
يدق على فهم
الطفل،
ولهذا حاول
الذين
يكتبون
للأطفال في
أوروبا
والعالم
الإسلامي
تحويلها إلى
قصص هادف
مبسط ذي منحى
أخلاقي. لقد
أدرك
الأقدمون من
علماء
الإسلام أن
المنهج
التربوي
الشامل
للطفل لا يتم
اكتماله إلا
إذا راعى
النواحي
المختلفة
التالية: ـ
العقيدة
الدينية. ـ
المنجزات
والحقائق
العلمية. ـ
الجوانب
الترفيهية
والفكاهية. ـ
الالتزامات
الأخلاقية. ـ
تنمية
المهارات
الرياضية. ـ
تنمية
المواهب أو
المهارات
والإبداعات
الفنية. ـ
إثراء
الحصيلة
الثقافية. ولا
يصح أن يأنف
المربون
الإسلاميون
من مراعاة
الفكاهة
والترفية،
فقد كان رسول
الله (يمزح)
ولا يقول إلا
(حقاً)، وكان(ص)
يأمر
المسلمين
بأن (يروحوا)
عن قلوبهم
ساعة بعد
ساعة، لأن
القلوب إذا
كلَّت عميت. لقد
حظى الأطفال
في تاريخنا
الإسلامي
والعربي
بقسط وافر من
أدب
الطفولة،
ولا ينقض هذا
الرأي تجاهل
المؤرخين
والمنصفين
له، ويمكننا
أن نوجز
ألوان هذا
الأدب في
الآتي: أولاً:
قصص الأخبار
والمغازي
والمثل
وحكايات
الأبرار
والصالحين (قصص
واقعي
وتاريخي) ثانياً:
ما ورد في
القرآن من
قصص. ثالثاً:
ما ورد في
الأحاديث
النبوية من
قصص. رابعاً:
قصص
الفتوحات
الإسلامية،
وقصص الشعوب
الأخرى ـ غير
العربية،
التي تم
فتحها ونشر
الإسلام
فيها،
والقصص
الشعبي. خامساً:
قصص الأسفار
والتجار
والرحلات. سادساً:
بعض قصص الجن
والملائكة
والسحر. سابعاً:
قصص على لسان
الحيوانات
والطيور.. بل
والحشرات
أيضاً. ثامناً:
قصص خرافية
وأساطير (انظر
كتاب (القدح
المعلى) لابن
سعيد
الأندلسي عن
اساطير
العرب،
وكتاب (مختصر
العجائب)
وفيه حكايات
عن الجن
والخوارق،
وكتاب (الوزراء
والكتاب)
للحيشاري
المتوفي عام
942م، وفيه
الكثير من
الخرافات
والأسمار. تاسعاً:
الأناشيد
والأغاني
والأشعار. عاشراً:
الحكم
والأمثال
والخطب. حادي
عشر: بعض
الألغاز
شعراً
ونثراً. * *
* ثم
جاء العصر
الحديث،
وامتدت
الآفاق أمام
الدراسات
الإنسانية
على مختلف
صورها
وأشكالها،
واستطاع علم
(الفسيولوجيا)
ـ علم وظائف
الأعضاء،
والإجتهادات
المختلفة في
علم النفس
والإجتماع
ومدارس
التاريخ
المختلفة،
ودراسة
الظواهر
الاجتماعية
قديماً
وحديثاً،
وتحديد
المدراس
الأدبية
والفكرية
والفنية
بصفة عامة،
وكتب الكثير
عن (سيكولوجية)
الطفل
وسلوكه
وعاداته
وإمكاناته،
واتخذ
الدارسون في
هذا المجال
وسائل شتى في
دراساتهم
وتحليلاتهم،
وكان لعلماء
التربية
جهود مكثفة
حول التعليم
والتربية. وبدأ
أدب الأطفال
يظهر بصورة
مبلورة
محددة في
القرن
السابع عشر
الميلادي في
أوروبا،
متتلمذاً
على التراث
الإسلامي
والعربي،
ولم تتضح
صورته
الجديدة في
عالمنا
العربي إلا
في
العشرينات
من هذا
القرن، وكان
أهم سمات تلك
الحركة
التاريخية
الخاصة بأدب
الأطفال: 1
ـ الكتابة
خصيصاً
للأطفال. 2
ـ مراعاة
مراحل العمر
المختلفة
للطفل. 3
ـ محاولة
إيجاد قاموس
للألفاظ
يناسب الطفل
في كل مرحلة. 4
ـ تحديد
تعريف
ومفهوم أدب
الأطفال. 5
ـ تحديد
ألوان أدب
الاطفال من
قصة وشعر
وتمثيلية..
الخ. 6
ـ محاولة
إبراز
الموضوعات
المناسبة
لكل مرحلة من
عمر الطفل. 7
ـ الاستفادة
من خبرات
علماء
التربية
والدين
والنفس
والاجتماع
ومؤرخي
الأدب
والنقاد في
هذا المجال. 8
ـ اهتمام
كبار الكتاب
ـ على
المستوى
الإقليمي
والعالمي ـ
بالكتابة
للطفل. 9
ـ ظهور مجلات
وصحف خاصة
بالطفل. 10
ـ تخصص بعض
دور النشر
لطباعة ونشر
كتب الأطفال. 11
ـ استخدام
الوسائل
الجذابة في
إخراج
مطبوعات
الأطفال من
ألوان ورسوم. 12
ـ اختيار حجم
الحروف
المناسب
للطفل، ومدى
استخدام
الترقيم
طبقاً للعمر
والقواعد. 13
ـ استخدام
حوافز
وجوائز
لتشجيع أدب
الأطفال. 14
ـ وضع الخطط
والبرامج
للنهوض بأدب
الأطفال ثم
التقويم
المستمر لما
يُقدم لهم. 15
ـ البحث
الدائب في
إيجاد مسرح
وتمثيليات
وبرامج
إعلامية
خاصة
بالطفولة،
وتتناول كل
ما يهم الطفل
ويؤثر في
سلوكه
وتربيته. 16
ـ الإيحاد
للطفل بقيم
وأفكار
وسلوكيات
مستهدفة.
باعتباره
ثروة حقيقية
للغد،
وباعتبار
ذلك حقا
أكيداً له،
لا يمكنه
التعبير عنه
بصدق وطلاقه. * *
* ونحن
إذا ما نظرنا
إلى هذه
السمات التي
جعلت من أدب
الأطفال في
عصرنا (كيانا
متميزاً
قائماً
بذاته)، ندرك
أن جذورها
الحقيقية
ضاربة في
أعماق
تاريخنا
الإسلامي،
وكانت تؤدى
كواجب يومي
للأسرة
وللمربين
الأقدمين.
وإذا كان علم
النفس أو
الإجتماع لم
يتوفرا في
الأزمنة
القديمة
بمفهومهما
ومصطلحاتها
المعاصرة.
إلا أن طبيعة
النفس
الإنسانية
وحركتها
ونزعاتها
ونزواتها،
وكذلك ما
يؤثر فيها
سلباً
وإيجاباً: ثم
الحركة
الإجتماعية
ودوافعها
وعلاقاتها،
وضعفها
وقوتها، هذا
كله... وذاك،
كان يتبدى
عقيدة
وسلوكاً
وفكراً
وتشريعاً،
في صميم
حضارتنا
الإسلامية،
وقد خلف لنا
الأقدمون
تراثاً
ضخماً يتعلق
بالنفس
والمجتمع،
ونظرة واحدة
إلى ما تركه
ابن خلدون
والغزالي
والفقهاء
والمفكرون
والأطباء
الإسلاميون
القدامى
والمؤرخون،
تؤكد صحة
مانذهب
إليه، في أن
هذه العلوم (علم
النفس
والإجتماع
وغيرهما
ليست جديدة
تماماً،
وإنما جدتها
تكمن في
صياغتها
وتصنيفها.
والتجارب
العديدة
التي أجريت
عليها، ثم
النتائج
المختلفة في
بعض الأحيان
التي تم
التوصل
إليها، فما
زالت مدارس
علوم
الإجتماع
والنفس
والتاريخ في
روسيا،
تختلف عنها
في أوروبا
لكن إكتمال
العقيدة
الإسلامية
وثبوتها
وتساميها،
قد أرسى
قواعد صلبة،
لنهضة علمية
شاملة، وقدم
تصوراً
صادقاً
فريداً
للنفس
والمجتمع
ولحركة
التاريخ
والعوامل
المؤثرة في
نمو الفرد
والجماعة،
والمنهج
الصحيح الذي
يمضي بنا إلى
طريق الخير
والسعادة. أينكر
أحد أن معظم (أدب
الطفل) ـ
قديماً
وحديثاً ـ
يهتم بتربية
الطفل
وتهذيبه،
وفق قيم
الخير والحق
والفضيلة؟؟ هل
خلا أدب
الطفل
قديماً
وحديثاً ـ من
قصص العلم
والبطولة
والتضحية
والصبر
والطهارة
والأمانة،
وتوجيه
الطفل إلى ما
يسعده
وينفعه
ويسمو
بأمته؟؟ لقد
كان أهم ما
استفدناه من
الدراسات
الإنسانية
والعلمية
الحديثة، هو
التأكيد على
صحة الأسس
التي قامت
عليها مناهج
تربية الطفل
في المجتمع
الإسلامي
الأول. * *
* ولقد
كان المرحوم
كامل كيلاني
رائد أدب
الأطفال
الحديث،
وعلى الرغم
من أنه قدم
نماذج شتى في
هذا المجال،
منها
المقتبس
والمترجم
والمعرب،
وقد بلغت ما
يربو على
مائتي قصة
ومسرحية،
فقد كان في
قمة ما قدم...
قصصه (من
حياة الرسول)،
إذ أفاض فيها
بأسلوب سلس
ميسور الفهم
عما اتصفت به
سيرته(ص) من
أعمال وخلق
وسلوك،
تعتبر المثل
الأعلى
للكبار
والصغار في
أي زمان
ومكان.. هذا
في مجال
القصة.. أما
في مجال
الشعر، فقد
قدم أمير
الشعراء (أحمد
شوقي)
والمرحوم
محمد
الهواري (1885 ـ 1939)
نماذج
متقبلة من
شعر الأطفال.
أمكنها أن
تفتح الطريق
أمام من أتى
بعدهم من
الشعراء
والأدباء. واليوم
نرى مطبوعات
الأطفال
تملأ
المكتبات
وأرصفة
التوزيع. إن
عشرات
الملايين من
أطفالنا
يريدون أن
يقرأوا برغم
وجود
التلفاز
والمذياع
ودور
الخيالة... ولنا
الآن أن
نتساءل: أ
ـ هل أدت دور
النشر
رسالتها
الصحيحة نحو
الطفل؟؟ ب
ـ وهل أدى
المؤلف
واجبه؟؟ حـ
ـ وهل قامت
المدرسة
بوظيفتها؟؟ د
ـ وهل استطاع
الإعلام
الرسمي أن
يستوعب
دوره؟؟ أسئلة
أربعة حاسمة
لا بد من أن
نحاول
الإجابة
عليها، لأن
الإجابة
عليها هي
التي تؤكد
ضروروة وضع
هذا المصنف. إن
دور النشر
تعرف مدى
الحاجة إلى
مؤلفات
الأطفال،
وهي تستغل
هذه الظاهرة
تجارياً،
وتقدم
العديد من
المنشورات
في أحيان
كثيرة على
غير أسس
علمية
وتربوية
ونفسية
وعقيدية.
لأنها تتوهم
أن سهولة
الأسلوب،
وإمكانية
الفهم
والإستيعاب
هما الأساس
في توزيع
الكتاب،
لذلك فهي
تقدم
المترجمات
التي تتنافى
مع عقيدتنا
الإسلامية.
وتنقل عن
الغرب
أسلوبه في
السلوك
والعادات
والمعتقدات.
ويكفي أن
تعلم أن إحدى
المدراس
الخاصة في
بلد عربي
مسلم كبير
كانت تدرس
قصة
إنجليزية
مليئة
بالمشاهد
الجنسية،
والإختلاط
المحرّم بين
الفتى
والفتاة. وقد
شغل هذا
الموضوع
الصحافة
آنذاك،
وأصدر وزير
التربية
والتعليم في
هذا البلد
الشقيق
قراراً
بإيقاف
تدريس
القصة، ولا
يقف الأمر
عند هذا
الحد، بل إن
دور النشر لا
يهمها أن
تجند لتلك
المطبوعات (فريق
مراجعة) من
الناحية
النفسية أو
التربوية
كما قلنا،
لأنها لا
تدرك
الأبعاد
الخطيرة
لهذا
الموضوع،
ناهيك بما
تغص به الكتب
المترجمة
والمسلسلات
المصورة،
بخيالات
مريضة،
ومغامرات
فارغة،
لاترتبط
بواقع
الحياة، ولا
بالفترة
الزمنية في
الدول
النامية،
ولا تدفع
الطفل
مستقبلاً
إلى قناعات
علمية عملية
واقعية،
تمهد له
الإبداع
والإبتكار،
كما أنها لا
تهتم ـ بل لا
تعرف أصول
العقيدة
الإسلامية
ومبادئها،
وبالطبع فإن
هذا التصور
لا ينطبق على
دور النشر
كلها: ففي
مصر
والمملكة
العربية
السعودية
والكويت
وغيرها
مؤسسات
عريقة للنشر
تحت إشراف
المختصين في
تربية وأدب
الاطفال،
وتقوم
بدورها
البنَّاء
الرائد في
هذا المجال،
سواء في
الكتاب أو
مجلة الطفل،
أو الصفحة
الخاصة
بالأطفال في
بعض الصحف
اليومية
والأسبوعية. أما
بالنسبة
للمؤلفين
للأطفال،
فهناك فئة
قليلة
استطاعت أن
تؤمن بقضية
الطفل،
وتدرك
احتياجاته
الشديدة لما
يرفع مستواه
فكرياً
ونفسياً
ووجدانياً،
واتخذت
العدة لذلك،
بل إن البعض
تفرغ له
تماماً. وأخذ
يكتب للطفل
عن هدى
وبصيرة، لكن
الغالبية
الكبرى من
المؤلفين،
استسهلوا
الأمر،
وأضرُّوا من
حيث توهموا
النفع، ولم
يسيروا في
منهج أو خطة،
ولم يعدوا
أنفسهم
الأعداد
الكافي لهذه
المهمة
الصعبة،
مهمة
الكتابة
لأطفال،
وهؤلاء
يشاركون دور
النشر
التجارية في
مسيرتهم
الفاسدة،
ويستغلون
شراهة سوق
كتب
الأطفال،
ويقدمون
السُم في
العسل بقصد
أو بغير قصد،
ومن المعروف
أن النوايا
الحسنة
وحدها لا
تصنع أدباً
أصيلاً
مؤثراً
صادقاً
للأطفال،
إننا نريد
أدباء
مخلصين
للطفل،
ومؤهلين
تأهيلاً
سليماً لتلك
الرسالة،
مثلما فعل
الأستاذة
كامل كيلاني
ومحمد
الهواري
ومحمد سعيد
العريان
ومحمد عطية
الإبراشي
وأمير
الشعراء
ومحمود أبو
الوفا
وبهيجة
صدقي، وأمين
دويدار
ومحمد زهران
وحسن توفيق
وسيد قطب
وتوفيق بكر
ومحمد عبد
المطلب
وحامد
القصبي وعلي
فكري وغيرهم.
كما نريد
مجلات على
غرار مجلات
السندباد
وسمير وباب
صادق و (إفتح
يا سمسم)... الخ. أما
وزارات
المعارف أو
التربية
والتعليم
فقد كانت بحق
ـ في بلادنا
العربية ـ هي
الجهات
المتميزة
التي
استطاعت أن
تلعب دوراً
إيجابياً
علمياً في
إعداد
وتقديم
مطبوعات
الأطفال،
شعراً
ونثراً، فقد
كان لها في
غالبية
الأحيان
لجانها
المتخصصة،
وعلماؤها
المؤهلون،
وبرامجها
الواعية،
فقد تضمنت
مناهجها
لمراحل
الدراسة
الأولى
الكثير مما
يناسب
الطفل،
ويرفع
مستواه
العلمي
والأخلاقي
والديني،
والأدبي
بالطبع، بل
إن رجال
التربية
والتعليم
كانوا أول من
نادى
بالإهتمام
بأدب الطفل.
وإعطائه حقه
من التدقيق
والتنظيم
والتقويم؛
لما لذلك من
أثر خطير على
مستقبل
الطفل
والأمة. وكان
التركيز
الأكبر على
قيم العقيدة
والتاريخ
والوطنية
والعلم،
ولولا بعض
المداخلات
السياسية
والمذهبية
الموجهة،
لاستطاعت
المدرسة ان
تؤدي دورها
كاملاً،
وأتت بأعظم
النتائج
وأروعها،
ولقد رأيت
اهتمام
وزارات
المعارف
والتربية
والتعليم
بهذه القضية
عن طريق
إحتكاكي
المباشر،
عندما كتبت
للطلبة
عدداً من
القصص أذكر
منها رواية (اليوم
الموعود) وهي
عن الحروب
الصليبية،
وقصة (رمضان
العبور) عن
الحرب مع
إسرائيل عام
1973، ورواية (الطريق
الطويل)،
وتحرص
وزارات
المعارف
والتربية
على تعديل
المؤلفات
لكتّاب
كبار، بل
إنها تنتخب
لمكتبات
المدارس
كتباً
متميزة،
التربوية،
وتشكل
لجاناً
للاختيار،
وفق قواعد
موضوعة
سلفاً. وهذه
شهادة حق.. لكن
الأمر الذي
تحتاجه
المدرسة هو
كيف تنَّمي
في الطفل
الرغبة في
القراءة؟؟
إن أساليب
التدريس
والإمتحانات
العقيمة
لاتجعل من
الطفل
قارئاً
ممتازاً،
وكثيراً ما
تتحول القصة
المقررة أو
الكتاب
الثقافي (كتب
ذات الموضوع
الواحد) إلى
مادة
كالفيزياء
أو
الرياضيات،
ولا يرى
الطفل أو
الطالب فيها
إلا النقاط
التي سوف
تأتي فيها
الأسئلة..
وهذه قضية
أخرى جديرة
بالدراسة
والبحث،
ووضع
مقترحات
محددة شاملة. ـ
أما الإعلام
الرسمي،
خاصة في
التلفاز
والمذياع
والصحافة
فحدِّث ولا
حرج، وما أظن
أن آفات
الإعلام
خافية على
المستنيرين
المخلصين في
بلادنا، لأن
حرص الإعلام
على التسلية
والإثارة
والتشويق،
قد أهدر
الكثير من
القيم
الفكرية
والعلمية،
وهذا لا يعني
أننا ضد
القيم
الفنية أو
الجمالية،
فهي أساس لا
يمكن
تجاهله، لكن
الذي نريده
هو أن تكون
الدماء التي
تسري في
شرايين
الأولون
الأدبية
الإعلامية،
دماءً زكية
إسلامية،
خالية من
السموم
والميكروبات،
وإلا كان
الأمر وخيم
العاقبة. وبعد... لقد
مرَّ تاريخ
أدب الأطفال
بمراحل
كثيرة،
وتقلب بين
أحضان
الوثنيات
والخرافات
والأساطير
القديمة،
وواكب أحداث
التاريخ
الكبرى
بوقائعها
المثيرة،
وشخصياتها
المؤثرة،
وتأثر
بالتراث
العالمي
شرقاً
وغرباً، كما
كان وعاء
للكثير من
العقائد
والأفكار
والسلوكيات
الوافدة من
هنا وهناك من
قدامى الفرس
والهنود
والرومان
والإغريق
والفراعنة
وغيرهم، لكن
انبلاج فجر
الإسلام كان
حدثاً
كونياً
هائلاً بكل
ما تحمله هذه
الكلمة من
معاني واسعة
شاملة. لقد
أرسى
الإسلام
القواعد
والأصول لكل
مناحي
الحياة
فكراً
وسلوكاً
وفناً.
وتوالت عصور
الإسلام
الزاهرة،
وهي تضع في
حسبانها
حقوق الطفل
في الحياة
والمال
والرعاية
والتعليم،
ولم تكن
الحضارة
الإسلامية
لتنهض
وتترسخ
وتؤثر إلا
على أيدي
الأعلام من
رجال
العقيدة
الذين خاضوا
بحار العلم
والمعرفة،
وأدركوا عن
يقين أهمية
تربية الطفل
تربية صحيحة... الحضارة
يصيغها
الرجال
المؤمنون
الأقوياء. وتنميها
وتحرسها
العقيدة
الصحيحة... ولا
يمكن ـ
منطقياً
وتاريخياً ـ
أن يعلو شأو
أمة، أو تسود
حضارتها إلا
إذا تربى
أطفالها في
مناخ صحي
سليم. ألم نقل ـ بادئ ذي بدء ـ أن قضية الطفولة دائما وأبداً تكتسب أولوية مطلقة؟؟؟ الهوامش: (1)
من أدب
الأطفال. ص 239
وما قبلها ـ
تأليف دكتور
علي الحديدي.
|