:الموضوع |
الأخلاق
العملية حول
الفضائل
العملية عالم
بلا درس
ومسلم بلا
اسلام ليس
العلم وقفاً
على من يحمل
الشهادات،
فقد يكون
الإنسان
عالماً بيده
لا بمدرسته
وكتابه، مثل
الرجل يقضي
حياته كلها
في الحقل أو
في المصنع،
وهو أمي لا
يقرأ ولا
يكتب، ومع
هذا يعرف من
مهنته
الخاصة أكثر
من الذين
تخصصوا بها،
وأمضوا
العديد من
السنوات في
المدرسة
والكلية،
وأيضاً ليس
عمل الخير
والفضيلة
مقتصراً على
من قرأ
الأخلاق أو
تخصص بعلمه،
فمن الممكن
أن يكون
المرء
فاضلاً في
أخلاقه دون
أن يستطيع
تعريف
الفضيلة كما
قيل. وقال
الشيخ محمد
عبده ما لفظه
أو معناه: قد
يوجد مسلمون
في غير بلاد
الإسلام،
ولا يوجد
مسلمون في
بلاد
الإسلام.
يريد أن بعض
الناس قد لا
يتخذ
الإسلام
ديناً، ومع
ذلك يتخلق
بأخلاقه،
وآخر قد
ينتمي إلى
الإسلام،
ولكنه أبعد
الناس عنه.
قال الإمام
أمير
المؤمنين(ع):
رُب عالم قد
قتله جهله،
وعلمه معه لا
ينفعه. فالعلم
بلا عمل
الجهلُ خير
منه،
والمعرفة
بالمباشرة
والممارسة
تدخل في
العلم
العملي أو
التطبيقي أو
(التكنيك)
بالتعبير
الدارج،
ويعتمد هذا
العلم على
الظواهر
الجزئية
والمشاهد
الحسية،
ويتخذ منها
مجالاً
للدراسة
والاختبارات،
ويصوغ من
نتائجها
أحكاماً
وقضايا
مستمدة من
الحس
والتجربة،
ويعتمد
العلم
النظري على
التفكير
والتأمل،
وقضاياه
حدسية لأنها
تدور في عقل
الباحث، ولا
تستند إلى
أذن أو عين،
وقد تتجاوز
هذه القضايا
حدود الفكر
والكلام إلى
عالم
التجربة
والامتحان،
فان وجدت في
العمل
والتطبيق
البرهان على
صدقها اتحد
النظر
والعمل،
وكانت
القضية ذات
وجهين: نظرية
لأن مصدرها
الأول
الفكر،
وأيضاً
عملية لمكان
التوافق
والتطابق
بين النظر
والعمل، بين
التصور
والواقع،
وبكلمة:
العلم
العملي
ينطلق من
الجزئيات
والعلم
النظري
ينطلق من
الكليات. والأخلاق
النظرية
التي
انتهينا من
الحديث
عنها، هي من
هذا النوع،
لأنها الأصل
والمدرك
للأخلاق
العملية
التي سنتحدث
عنها في
الصفحات
الآتية..
فالصلة
بينهما صلة
النتيجة
بمقدماتها،
والمدلول
بدليله. وقد
يظن أن
المراد
بالأخلاق
العملية هنا
تقييم العمل
والسلوك
الموجود
بالفعل
والحكم عليه
بعد حدوثه،
وليس هذا
بمراد،
وإنما
المراد
بالأخلاق
العملية،
الأحكام
الفرعية
التي تتعلق
بالعمل مثل
افعل، ولا
تفعل. فهي
عملية لأن
موضوعها نفس
العمل،
وأيضاً يسوغ
أن نطلق
عليها كلمة (نظرية)
من حيث انها
مجرد تشريع
وانشاء. وموضوع
الأخلاق
النظرية عمل
أيضاً،
ولكنه كلي
العمل
وماهيته
العامة
الشاملة
التي لا وجود
لها إلا في
عالم المعنى
والاعتبار،
أما موضوع
الأخلاق
العملية فهو
العمل
الشخصي
الخارجي.
وإذا تشخصت
الماهية
الكلية في
فرد من
أفرادها
الخارجية
تصير جزئية
بهذا اللحاظ. علم
الأخلاق
مستقل في
ذاته
ومباحثه
وكتبه
ورجاله،
وإذا كان
الوحي من
مصادره عند
المؤمنين
بالله
واليوم
الآخر كما
أشرنا في فصل
الالزام ـ
فليس معنى
هذا أن علم
الأخلاق غير
مستقل، أو
أنه ديني
بحت، فان
الله سبحانه
يأمر بعلم
الطب
والهندسة
والزراعة
والصناعة،
وكل ما يمتّ
إلى الحياة
بسبب تماماً
كما أمر
بالنواميس
الطبيعية أن
تكون. وأيضاً
علم الأخلاق
خاصة العملي
منه يقاس به
غيره، ولا
يقاس هو
بغيره، ومن
هنا كان من
العلوم
المعيارية.
مثلاً ـ
الأديان
كثيرة
ومتباينة،
وكل دين
ينقسم إلى
فرق ومذاهب،
والقوانين
والأنظمة
الوضعية
بلغت الغاية
والنهاية في
التناقض
والتنافر،
أما الآراء
والفلسفات
والتقاليد
والعادات
فلا حصر لها
ولا عد.. (كل
حزب بما
لديهم فرحون). ومن
يلتمس الحق
والهداية
يقف أمام هذا
التناقض
ذاهلاً
حائراً، لا
يدري أيها
أحق بأن
يُسمع
ويتبع؟. ولكن
علم الأخلاق
العملي هو
محك الخطأ
والصواب
لأنه يهدي
إلى محاسن كل
دين أو قول
أو عمل
ومنافعه،
ويكشف عن
مآخذه
ومساوئه،
ولأن
المفروض في
كل دين أو
فلسفة أو
نظام أن يقوم
على مبادئ
إنسانية
وفضائل
عملية
كالحرية
والعدالة
وصيانة
النظام
والأمن
العام.. إلى
كل ما لا بد
منه ولا غنى
عنه لبناء
حياة
إنسانية
أخلاقية
للناس
أجمعين بلا
فضل وامتياز
في جنس ولون،
أو منصب
ونسب، أو جاه
وثراء، أو في
أي شيء إلا
بما يقدمه
الإنسان
لخدمة أخيه
الإنسان. وقد
حرص الإسلام
كل الحرص على
هذا المعيار
والمحك، قال
سبحانه: (فأما
الزبد فيذهب
جفاء، وأما
ما ينفع
الناس فيمكث
في الأرض) (17
ـ الرعد).
وقال الرسول(ص):
خير الناس
أنفع الناس
للناس، وشر
الناس من
تخاف الناس
من شره، أو
تتقي شره. وبعد،
فهل من أحد
يجرأ أن يضع
مادة واحدة
لا قانوناً
ونظاماً
كاملاً ـ يضر
بمصلحة
الإنسان،
ويناقض
العدالة
مباشرة
وبصراحة؟
وإذا اجترأ
وفعل فهل
يسلم من
عواقب
الاغتصاب
والاستغلال
ومصير
التزوير
والاحتيال؟ صحيفة
الأخلاق
العملية ذكر
المؤلفون
القدامى
وبعض الجدد
في كتبهم
الأخلاقي ـ
الوضوء
والغسل
والتيمم
والصوم
والصلاة
والحج
والزكاة
وغير ذلك من
مسائل علم
الفقه.. وما
من شك أن
العبادة ـ من
حيث هي ـ خير
وفضيلة، بل
نحن على يقين
بأنها تنهى
عن الفحشاء
والمنكر،
شريطة أن
يكون المرء
عبداً لله
حقاً
وواقعاً،
وعلى نية
الطاعة
الصادقة في
جميع أحكامه
وحلاله
وحرامه،
وليس عبداً
لأهوائه في
كل شيء إلا
في الصلاة
والصيام
والحج إلى
بيت الله
الحرام. قال
الإمام
الباقر(ع): ((ان
لله عباداً
ميامين
مياسير
يعيشون
ويعيش الناس
في أكنافهم
وهم في عباده
مثل القطر،
ولله عباداً
ملاعين
مناكيد لا
يعيشون ولا
يعيش الناس
في أكنافهم
وهم في عباده
بمنزلة
الجراد لا
يقعون على
شيء إلا أتوا
عليه)). وليس
المراد بعيش
الناس هنا أن
الغني يتصدق
على الجياع
والعراة
وكفى، بل
المراد أن
الميامين
عند الله هم
الذين
يجاهدون
ويعملون
لحياة أعظم
لكل الناس في
كل زمان
ومكان،
والدليل على
إرادة هذا
المعنى قول
الإمام: (هو
مثل القطر)
الذي به يحيا
جميع العباد
وكل البلاد،
وينبت الزرع
ويدر الضرع،
وتحمل
الأشجار
وترخص
الأسعار،
أما أعداء
الله
والإنسانية
الذين لا
يطيب لهم
العيش إلا من
دماء خلق
الله وأقوات
أهل الأرض،
فهم تماماً
كالجراد
الذي يأتي
على الأخضر
واليابس، لا
يبقي شيئاً
من هذا، ولا
يذر لذاك أي
أثر. وأيضاً
تحدث
القدامى في
كتب الأخلاق
عن الحلواء
والفاكهة،
واللحية
والشارب
والعانة
والأظافر
والتكحل
والتدهن
والخف
والنعل
والعمائم
والقلانس(1)
ولا بأس إن
كان الغرض من
ذلك الحث على
النظافة
لأنها من
الإيمان،
وهو الأساس
للخلق
الكريم،
ولكن لكل
زمان دولة
ورجال كما
قال الأولون.
وفي سفينة
البحار عن
الإمام
الصادق(ع) ((إن
خير لباس كل
زمان لباس
أهله))
واشتهر عن
الإمام أمير
المؤمنين(ع): ((لا
تكرهوا
أولادكم على
أخلاقكم
فانهم خلقوا
لزمان غير
زمانكم)). الفقر
رذيلة لا
فضيلة وأطال
بعضهم
الحديث عن
فضائل الجوع
وفوائده،
ومنها أنه
صفاء للقلب،
ونور للذهن!.
ونحن لا نشك
في أن للجائع
أجراً عند
الله
وفضلاً،
ولكن ذهنه
وعقله في شغل
شاغل
بمعدته، أما
قلبه فيحوم
حول الموائد
والولائم
الفاخرة
التي يمدها
أهل المال
والثراء. وكان
الأجدر
والأليق
بالدعاة إلى
الدين
والأخلاق أن
يتحدثوا عن
رذيلة الفقر
وما يترتب
عليها من
أسواء
وأدواء
كالكذب
والنفاق،
والبغاء
والرياء،
والحقد
والحسد،
والغيبة
والسرقة،
والذل
والهوان،
والجهل
والمرض.. إلى
غير ذلك من
القبائح
والرذائل.
واشتهر في
أيامنا أن
أمهات
الرذائل
وجذورها
ثلاث: (الفقر
والمرض
والجهل) ولكن
كلمة الفقر
بمجردها تدل
على الجهل
والمرض،
ويغني ذكره
عن التصريح
بهما، لأن
الفقر من حيث
هو ينطوي على
العديد من
الرذائل،
منها الجهل
والمرض
وأيضاً
الكفر
والإلحاد. ومن
هنا قال نبي
الأخلاق
والخلائق
بلسانه
ولسان آله(ص)
كما في نهج
البلاغة
وسفينة
البحار
وغيرهما: ((كاد
الفقر يكون
كفراً..
الفقر سواد
الوجه في
الدنيا
والآخرة..
المؤمن
القوي خير من
المؤمن
الضعيف (لأن
قوته عدة
ودعامة
للدين
والإيمان)..
الفقر يخرس
الفطن عن
حجته.. الفقر
الموت
الأكبر..
الفقر في
الوطن غربة،
والغنى في
الغربة وطن..
الفقر مدهشة
للعقل،
ومنقصة
للدين،
وداعية
للمقت)).
ولا شيء وراء
ذلك إلا
الانتحار،
وقد فعله
العديد من
المشردين
والجائعين. ولم
يكتف الإمام
أمير
المؤمنين(ع)
بالإشارة
إلى ما للفقر
من أسواء حتى
ذكر منبعه
ومصدره حيث
قال: ((ما
جاع فقير إلا
بما مُتع به
غني))
أي أن الذين
يجمعون
الأموال لا
لسد الحاجة
وقضائها، بل
ليضاهوا
ويباهوا
بالرفاهية
والتكاثر،
هم الذين
سلبوا لقمة
الجائع،
وسرقوا ثوب
العاري،
واغتصبوا
مأوى المشرد..
ان الهدف من
الأول العمل
والسعي ومن
المال
والإنتاج هو
أن يكون كل
واحد من سكان
هذا الكوكب
في المستوى
اللائق
بحياة
الإنسان
وحرمته
وكرامته. ولا
أدري كيف نسي
هذه الحقيقة
من تحدث عن
فضل الفقر
وفضيلته،
وهو يثق
بعلمه، بل
ويرى نفسه
أفضل من
أنبياء بني
إسرائيل
لأنه أعرف
منهم بمحمد(ص)
وسنته؟ كيف
نسي هذه
الحقيقة،
وحفظ روايات
في فوائد
الفقر
ومنافعه؟
وأعجب من ذا
وأغرب أن
نهتم ونهضم
مثل هذه
الأوهام
والأخطاء
ونذهل عن
أثرها
وخطرها،
ونحن نعيش في
العصر الذي
هدم أو زعزع
العديد من
المفاهيم
التقليدية؟
وإذا عذرنا
الأولين فما
هو عذرنا،
ونحن نتلوا
كتاب الله
وقوله: (وإذا
قيل لهم
تعالوا إلى
ما أنزل الله
وإلى الرسول
قالوا حسبنا
ما وجدنا
عليه آباءنا)
(104). هذا
مثال من كتاب
في الأخلاق
مسطور
ومنشور، بل
ومقروء
أيضاً في بعض
البيئات..
وما أشرنا
اليه بقصد أن
نزري
بكاتبه، بل
ليعلم
القارئ أن
الذين كتبوا
في الأخلاق
في زمن بائد
قد تأثروا
بالمجتمع
الذي عاشوا
فيه
والثقافة
السائدة
آنذاك.. ولو
كنا في عهدهم
لكتبنا مثل
ما كتبوا،
أما الآن وقد
تغير كل شيء
فعلينا أن
نساير عصرنا
تماماً كما
فعل وساير
الأولون. على
أننا نحاول
جاهدين أن
نعرض في
الصفحات
الآتية ما
يضمن لكل
الأفراد
حقوقهم التي
لا يسوغ أن
ينكرها عاقل
على وجه
الأرض،
وفضائل
إنسانية
بحتة ينبغي
أن يتحلى بها
كل البشر على
السواء في كل
زمان ومكان
مهما اختلفت
طبقاتهم
وأديانهم
وطباعهم
وأذوافهم. وقد
نجد ضالتنا
هذه في فصل
من كتاب أو
مقال في
صحيفة،
فنلخصه أو
نقتطف منه أو
نقلم أو نطعم
أو نعلق عليه
أو نستخرج
منه العظة إن
تك خفية
غامضة، كل
ذلك مع
الإشارة إلى
المصدر وبعد
الإيمان
والإيقان
بأن القارئ
يرتاح لما
اخترنا له،
وينتفع به،
ويدعوه إلى
التفكير
والتأمل.
وسلام على من
قال: ((خذ
الحكمة أنّى
كانت)). أقسام
الأخلاق
العملية كل حق
أو واجب
عملي، يدخل
في الأخلاق
العملية،
والمعنيان
متلازمان،
لأن ما من
إنسان إلا
وعليه مثل
الذي له،
وأكثر
القدامى أو
الكثير منهم
قسموا
الواجب إلى
ثلاثة أقسام:
(1) واجب
الإنسان نحو
خالقه (2)
واجبه نحو
نفسه (3) واجبه
نحو مجتمعه. وفي
آخر كتاب
دستور
الأخلاق في
القرآن
لمؤلفه
الدكتور
دراز قسم
الأخلاق
العملية إلى
خمسة أقسام،
وخصص لكل قسم
فصلاً
مستقلاً سرد
فيه وعدد
عناوين بلا
معنونات
وموضوعات
بلا محمولات
سوى آية أو
آيتين مع
الموضوع
كدليل على
مصدره
ومدركه من
غير شرح أو
تعليق. وفيما
يلي نشير إلى
هذه الأقسام
بايجاز على
ترتيب دراز
وتبويبه: 1 ـ
الأخلاق
الفردية،
ومنها
الاستقامة
والعفة وكظم
الغيظ
والصدق
والتواضع
والبخل
والإسراف،
وما أشبه. 2 ـ
الأخلاق
الأسرية
كواجب
الآباء
والأبناء
والزوجة
وسائر
الأقارب
والأرحام. 3 ـ
الأخلاق
الاجتماعية
كحرمة القتل
والغش
والظلم،
ووجوب
الوفاء
بالأمانة
والعهد،
واستحباب
البر
والاحسان
والعفو
والكرم،
وأيضاً ذكر
في هذا القسم
كلمة (نشر
العلم)
مقرونة
بآيتين
الآية 67 من
المائدة: (يا
أيها الرسول
بلغ ما أنزل
اليك من ربك)
والآية 11 من
الضحى: (وأما
السائل فلا
تنهر وأما
بنعمة ربك
فحدث). وكأنه
يفسر السائل
بما يشمل
المتعلم،
والنعمة بما
تعم العلم. ولا
نقاش في
التفسير
الأول، أما
التفسير
الثاني فلنا
فيه نظر لأن
سياق الآيات
بالكامل يدل
على أن
المراد
بالتحدث هنا
شكر الله
سبحانه الذي
آوى بعد
اليتم، وهدى
بعد الحيرة،
وأغنى بعد
العيلة.. وإن
قال قائل:
الهدى علم.
قلنا في
جوابه: أجل،
ولكن
المقصود هنا
مجرد الشكر
على العلم لا
نشره الذي هو
محل الكلام..
اللهم إلا أن
يقال: إن نشر
العلم بذاته
من أجلى
مظاهر الشكر. 4 ـ
أخلاق
الدولة
كالعلاقة
بين الرئيس
والشعب،
وامضاء
القرار
النهائي،
واستدل عليه
المؤلف
بقوله تعالى:
(فاذا
عزمت فتوكل
على الله) (159
ـ آل عمران).
ويلاحظ أن
هذه الآية
نزلت في شئون
الحرب، وعلى
فرض العموم
فأية ملازمة
بين تنفيذ
العزم
وكتابة
القرار
وامضائه؟
فقد يمضي
المرء على
عزمه دون ان
يكتب ويوقع. وذكر
المؤلف في
هذا القسم
العدالة
والحرية
والمساواة،
وإقرار
النظام صون
الأموال
والتشاور
والدفاع
ومساعدة
المستضعفين
ووحدة
الكلمة وعدم
الاستسلام
والرقابة
والوفاء
بالعهد الخ. 5 ـ
الأخلاق
الدينية،
وفي رأسها
طاعة الله
وشكره على
أنعمه، ثم
التوكل
عليه،
والخوف من
سطوته
والأمل
برحمته،
والتوبة من
الذنب، وعدم
الإكثار من
الحلف. ونحن
لا نلتزم ـ
في الصفحات
الآتية ـ بما
قاله درّاز
أو بغيره من
القدامى أو
الجدد،
ونحاول أن
نستمد
حديثنا عن
الأخلاق
العملية من
الحقوق
الطبيعية
التي يصبو
اليها كل فرد
ومجتمع، ولا
ينكرها عاقل
منصف،
وأيضاً
نستمد
حديثنا من
الفضائل
الإنسانية
البديهية
كما أشرنا في
الفقرة
السابقة،
والله ولي
التوفيق. الإنسان
خليفة الله
في أرضه إذا
عرفنا الهدف
من خلق
الإنسان
ووجوده،
استطعنا أن
نحدد وظيفته
في هذه
الأرض،
ومنها نستمد
نظاماً أو
أساساً يخضع
له كل علم
وعمل أياً
كان نوعه،
ولا يعرف هذا
الهدف على
حقيقته إلا
من خلق
الإنسان
وأوجده، فهل
هناك آية أو
رواية ثابتة
ترشدنا
اليه؟. الجواب: أجل،
إن قوله
تعالى
لملائكته: (اني
جاعل في
الأرض خليفة)
(30 ـ البقرة)
وافٍ في
الدلالة على
أن الإنسان
وجد وخلق
ليقيم ويبني
على هذه
الأرض من
أشياء الكون
باسم الله
تعالى
وبالوكالة
عنه ـ حياة
طيبة يتوافر
فيها كل ما
يحتاج اليه
الناس
وينتفعون به
في حياتهم،
ومن خلال هذا
العمل تتجلى
الأسرار
والمنافع
التي أودعها
سبحانه في
أشياء هذا
الكون،
ويكون
للإنسان فضل
الاكتشاف عن
باهر قدرته
تعالى
وبدائع صنعه
في خلقه،
وفوق ذلك
يجعل
الإنسان
لهذه
الأسرار
والخواص
قيمة ووزناً
إذ لولاه
لبقيت طي
الغيب
والكتمان. قال
محسن الفيض
في كتابه علم
اليقين ص 391 ما
ملخصه أن كل
واحد من
الناس له
نصيب من
خلافة الله
في الأرض
سواء أكان
كاملاً أم
غير كامل،
فالأنبياء
والأوصياء
يرشدون باسم
الله إلى فعل
الخير وترك
الشر، أما
غيرهم فان
الله
استخلفهم في
أشياء كثيرة
كالخبز
والخياطة
والغزل
والنسيج..
ولو كان
الفيض في هذا
العصر لعطف
على الغزل
والنسيج تلك
الآلات التي
تصعد
بالإنسان
إلى القمر،
وتريه أو
تسمعه ما في
أطراف الأرض
وعالم
السماوات
وهو جالس في
غرفته. ولا
أدري هل
الشاعر
والفيلسوف
إقبال كان
على علم بما
قاله الفيض
حين نظم
قصيدة حوار
بين الله
والإنسان
التي جاء
فيها: أنه
تعالى قال:
أنا خلقت
الماء
والتراب.
فقال
الإنسان:
وأنا صنعت
الكوب منهما.
وقال، تقدست
أسماؤه: أنا
صنعت الجبال.
فقال
الإنسان:
وأنا نحتّ
منها
البيوت،
وأخرجت من
السم
الترياق الخ. والذي
نستفيده من
آية الخلافة
ومن قوله
تعالى: (الله
الذي خلق سبع
سموات ومن
الأرض مثلهن
يتنزل الأمر
بينهن
لتعلموا أن
الله على كل
شيء قدير،
وأن الله قد
أحاط بكل شيء
علماً) (12 ـ
الطلاق) هو
أن الحكمة من
وجود
الإنسان في
هذا الكوكب
أن يعلم عظمة
الله في
قدرته وفي
علمه، وفي
نفس الوقت
يكون
الإنسان
مظهراً
لقدرة الله
في تعمير
الأرض،
واستغلال
الكون
وأشيائه في
بناء حياة
مثلى، ومن
أهمل وتكاسل
فقد نكب عن
وظيفته،
وخان الله في
أمانته. وإن
اعترض معترض
بأن الله
سبحانه قال: (وما
خلقت الجن
والإنس إلا
ليعبدون) (56
ـ الذاريات)
ولم يقل إلا
ليعملوا في
هذه الأرض،
قلنا في
جوابه: إن
العمل لحياة
أفضل عبادةٌ
لأن كل ما
فيه لله رضى
وللناس صلاح
فهو عبادة
وزيادة..
هذا، إلى أن
الذي قال:
وما خلقت
الجن والأنس
إلا ليعبدون.
أيضاً قال: (ان
الذين آمنوا
وعملوا
الصالحات
أولئك هم خير
البرية) (7 ـ
البينة).. (والعمل
الصالح
يرفعه) (10 ـ
فاطر) ومعنى
هذا أن
العبادة
ليست وقفاً
على الركوع
والسجود أو
على ألفاظ
نرددها على
حبات
المسابح
وكفى.
وأخيراً هذا
الحديث: ((الخلق
عيال الله،
فأحب الخلق
اليه أنفعهم
لعباده)). العالم
العامل
المعلم وما حث
الإسلام على
العلم إلا
ليعبئ
الإنسان كل
ما وهبه الله
من قوى
وطاقات في
البحث
والتنقيب عن
أسرار الكون
وخواصه،
والتخطيط
للعمران
وحياة أفضل
لكل شعب
ومجتمع. ولو
جمعت الآيات
والروايات
الواردة في
العلم
والعقل
والعمل لخير
الإنسان
ومصلحته
لاستغرقت
مئات
الصفحات،
ونذكر منها
رواية واحدة
حيث جمعت بين
العلم
والعمل
والتعليم
لوجه الله
والخير. روى
صاحب أصول
الكافي عن
الإمام جعفر
الصادق(ع)
أنه قال: ((من
تعلم العلم
وعمل به
وعلّم به لله
ـ بتشديد لام
علم ـ دعي في
ملكوت
السماوات
عظيماً وقيل
(أي قال أهل
السماوات،
هذا) تعلم
لله وعمل لله
وعلّم لله)). وقال
الملا صدرا
في شرح هذه
الرواية ما
معناه أن
كلمة (لله)
تعود إلى كلٍ
من التعلم
والعمل
والتعليم،
والمراد
بملكوت
السماوات
العالم
العلوي،
والمعنى أن
الإنسان
الذي هو ابن
الأرض
والعالم
السفلي إذا
تعلم لله
وعمل بعلمه
لله، وعلّم
الآخرين
لوجه الله
تعالى ـ
يرتفع إلى
الملأ
الأعلى،
ويكون
عظيماً بين
أهل هذا
العالم
الأسمى لا
بين العالم
الأرضي
السفلي فقط،
ثم ختم الملا
صدرا شرحه
بهذه الكلمة:
((ما
أجلّ وأعظم
فضيلة العلم
حيث يجعل
الإنسان
السفلي
الأرضي أعظم
من أهل
الملكوت
العلوي
السماوي)). آدم
والجنة
وتسأل:
ما من شك أن
الله سبحانه
خلق الإنسان
منذ البداية
ليعيش في هذه
الأرض
يعمرها
ويمشي في
مناكبها،
ولا شيء أصدق
في الدلالة
على ذلك من
قوله سبحانه
لملائكته: (اني
جاعل في
الأرض خليفة)
قبل أن يخلق
آدم، وحين
استفسر
الملائكة عن
الحكمة من
وجود مخلوق
في الأرض
يسفك فيها
الدماء
ويفسد ـ قال
لهم: إني
أعلم ما لا
تعلمون.. هذا
إلى أن تكوين
الإنسان على
صورته وفي
جهازه
العضلي
والعصبي،
وتزويده بكل
موهبة وطاقة
تعينه على
الاكتشاف
والاختراع
والسيطرة
على الطبيعة
ـ يدل دلالة
قاطعة على أن
الإنسان خلق
لهذه الأرض
لا للجنة،
وللجهد
والعمل لا
للبطالة
والفراغ،
وما دام
الأمر على
ذلك فلماذا
لم يبق
سبحانه آدم
في الأرض،
وما هو الهدف
من عملية
إدخاله
الجنة
ومعصيته
فيها
واخراجه
منها
والعودة به
إلى الأرض؟ وأجيب
عن هذا
السؤال
بالعديد من
الإجابات،
منها أن
الهدف من قصة
آدم وما كان
منه في الجنة
هو الاعلان
عن حقيقة
الإنسان
وأنه يذنب
ويخطئ
بغريزته
وميوله
الفطرية
بزعم أن آدم
كان في رغد
الجنة
وهنائها ولا
ضغط عليه من
محيط أو فقر
وحاجة ومع
ذلك عصى أمر
الله ولم
يملك قواه
وهواه!. ويلاحظ
بأن القرآن
الكريم الذي
أنبأنا أن
الله الذي
قال لآدم: (ولا
تقربا هذه
الشجرة
فتكونا من
الظالمين) (35
ـ البقرة) هو
ـ تقدست
أسماؤه ـ
يدحض هذه
الإجابة
بقوله: (لا
يكلف الله
نفساً إلا
وسعها) (286 ـ
البقرة). ولو
كان الإنسان
مجرماً
بالطبع لما
كان للنهي من
وجه أو تأويل. ومنها
أن قصة آدم
تشير إلى أن
المرأة هي
أصل البلاء
والشقاء لأن
ابليس اصطاد
آدم بشبكة
حواء!. ويلاحظ
أن القرآن
الكريم لم
يشر إلى ذلك
من قريب أو
بعيد في قصة
آدم
والشجرة،
وما ذكر حواء
بالإسم،
وانما أشار
إلى صحبتها
مع آدم وكفى
حيث قال: (اسكن
أنت وزوجك..
هذا عدو لك
ولزوجك). وأرجح
الاجوبة ـ
فيما قرأنا ـ
ما ذكره
الشاعر
الفيلسوف
اقبال في
كتابه تجديد
التفكير
الديني في
الإسلام،
ترجمة عباس
محمود ص 96 وما
بعدها، وقال
من جملة ما
قال: ان
الجنة التي
أخرج الله
منها آدم
ليست هي
الجنة التي
وعد الله بها
المتقين يوم
تجزى كل نفس
بما كسبت،
لأن الله
سبحانه لا
يخرج من هذي
أحداً كما في
الآية 48 من
الحجر: (وما
هم منها
بمخرجين)
وانما
المراد بها ((حالة
بدائية يكون
الإنسان
فيها مقطوع
الصلة
بالبيئة
التي يعيش
فيها))
وهذه الحالة
البدائية
تشبه دور
الحضانة على
حد ما قال
عالم ملهم)).
أما المعصية
الأولى
فكانت أول
فعل يتمثل
فيه
والتجارب
التي تزداد
وتتسع
بطريقة
المحاولة
والخطأ)). وبأسلوب
أبين وأوضح
أن القصد من
خلق آدم هو
أن يعيش على
هذه الأرض
التي منها
ولد، واليها
يعود، وقد
زوده سبحانه
بكل قوة
وطاقة تجعل
أشياء هذا
الكون طوع
أنامله
ليقيم على
هذا الكوكب
حياة مثلى..
وبما أن ولد
آدم جميعاً
يمرون بعد
ولادتهم
وقبل أن
يبلغوا مبلغ
الرجال ـ
بالعديد من
الأدوار
والأطوار،
يتعلمون
فيها من
الآباء
والامهات
ومن الشارع
والمدرسة،
وتبلغ هذه
الفترة ثلث
حياتهم أو
ربعها، وبما
ان آدم لم
يمر بهذه
الأطوار كي
يتعلم شيئاً
فيها، بل
خُلق رجلاً ـ
احتاج، وهذي
هي الحال،
إلى شيء من
التمرين
والتدريب
والتجربة
والممارسة
بعض الوقت
حتى يستفيد
ولو من نفسه
وأخطائه لكي
يستعد
ويتهيأ
لبناء
الحياة في
هذه الأرض،
فأدخله
سبحانه تلك
الجنة أو (دار
التدريب
والتمرين)
وابتلاه
بالشجرة
المحرمة
وتلبيس
ابليس،
وتغلب جانب
الشر على
جانب الخير،
أو المرجوح
على الأرجح،
كما نقول
ونعبر نحن
الشيعة،
وتلقى آدم
بذلك درساً
قاسياً
ونافعاً في
آن واحد،
وندم وتاب،
وأصبح
مؤهلاً
لخلافة الله
في أرضه،
فنقله الله
اليها لأداء
المهمة التي
من أجلها
خلق، على
أكمل وجه. هذا
تلخيص
وتوضيح لما
قاله الشاعر
الشهير
اقبال في
كتاب تجديد
التفكير
الديني،
فيما يقرب من
سبع صفحات،
وما هو ببعيد
عن المألوف
والمعروف. وبعد،
فان على
العاقل أن
يعلم ويعمل
بموجب علمه
إن الله
سبحانه خلق
الإنسان
لعمل الخير
لا للشر،
وللبناء لا
للهدم،
وللمحبة
والتعاون لا
للعداوة
والتناحر..
وكل آيات
القرآن أو
جلها ترشد
إلى هذه
الحقيقة
نصاً أو
ظاهراً أو
إيماءً، من
آية الخلافة
في الأرض
وآية وما
أرسلناك
إلاّ رحمة
للعالمين
إلى آيات
الحلال
والحرام،
ومن آيات
الإيمان
بالله
والعمل
الصالح إلى
آيات التقوى
والحرية
والمساواة،
ومن آيات
الرسل
ورسالاتهم
إلى آيات
الوعد
والوعيد..
إلى قوله عز
من قائل: (كتاب
أنزلناه
اليك لتخرج
الناس من
الظلمات إلى
النور باذن
ربهم إلى
صراط العزيز
الحميد) (1 ـ
إبراهيم). وهذا
النور أو
الصراط
الحميد يعم
ويشمل كل قيم
الحياة التي
تعكس آمال
ومصالح
الأفراد
والجماعات
والأجيال. هذا
الفصل أنا
عضو في هذه (الهيئة
العلمية
الدينية)
وانتميت
إليها سنة 1925م (أي
منذ أكثر من 50
عاماً) وشاء
الله ـ جلت
حكمته ـ أن
يكون عملي
كله بالعلم
في ليلي
ونهاري،
ابتدأت
بالنجف،
وأنا الآن في
قمّ،
والميدان
فيهما واحد،
وما بينهما
قوة دائبة،
ونشاط مستمر
بلا فترة
واعياء أو
فتور
واسترخاء
ولله الحمد. وكتب
الكثير عن
هذه الهيئة
تقريظاً
ونقداً من
باب النقد
الذاتي لا
بدافع
التحقير أو
التشهير،
والله
سبحانه يعلم
أنها في أمس
الحاجة إلى
النقد
والعلاج.
والآن أعرض
في هذا الفصل
مأخذين:
الأول منهما
طفرة بعض
التلاميذ من
صف أدنى إلى
صف أعلى قبل
الانتهاء من
الأول وعدم
الشعور
بالمسئولية
عنه. والثاني
حب الظهور
عند آخرين
والإسراع
إليه قبل
إكمال
العدة،
والقصد من
هذا العرض أو
النقد أن نحس
ونشعر
بالحاجة إلى
العلاج
والشفاء. الأناة
حفظت
في صغري من
جملة ما حفظت
(العجلة من
الشيطان)
وبعد عشرات
السنين قرأت
في كتب
الأخبار
وسفينة
البحار
للقمي هذا
الحديث عن
رسول الله(ص): ((انما
أهلك الناس
العجلة، ولو
أن الناس
تثبتوا لم
يهلك أحد.. إن
الأناة من
الله،
والعجلة من
الشيطان))
وقال الإمام
الصادق(ع): ((مع
التثبت تكون
السلامة،
ومع العجلة
تكون
الندامة..
أبى الله أن
يجري
الأشياء إلا
بالأسباب)). وكل
روايات هذا
الباب
وأحاديثه إن
هي إلا تعبير
وحكاية عن
سنة الله في
كل مخلوق
إنساناً كان
أو غير إنسان..
أبداً كل شيء
يوجد على
مراحل
انتقالية،
وفي فترات
زمنية تطول
أو تقصر
تبعاً
لطبيعة
المخلوق
وخصائصه..
خلق سبحانه
الكون على ست
دفعات أو
أطوار كما في
الآية 54 من
الأعراف. (وبدأ
خلق الإنسان
من طين.. ثم
سواه ونفخ
فيه من روحه)
(9 ـ السجدة)
وهو سبحانه
القادر أن
يقول لهذا
وذاك: (كن
فيكون) بلا
أطوار
وأدوار. وهكذا
الشأن في
حياة
الإنسان،
انتقل من
الغاب
والكهوف إلى
المدن
وناطحات
السحاب، ومن
الأدوات
الحجرية
والخشبية
إلى العقل
الالكتروني
وسفن
الفضاء، ومن
قنص الحيوان
واصطياد
الطير
والعجز عن
تربيتهما
واستئناسهما
إلى مزارع
الدواجن
والحيوانات. الطفرة هذي
سنة الله في
خلقه، أما
مسرحية
الشيطان
فيمثلها
ويقوم
باخراجها من
يتعجل الشيء
قبل أوانه،
ويحاول
الطيران،
وهو في المهد
مشدود
بالقماط ومن
هذا النوع
معممون
يتربون في
هذا العهد
بمقاير ضخمة
يوماً بعد
يوم،
وينتظمون في
سلك الحوزة،
ويشرع البعض
منهم أول ما
يشرع
بالطفرة من
صف أدنى إلى
أعلى،
والانتقال
في حلقات
الدرس من
حلقة إلى
حلقة، ويطوي
مئات
الصفحات قبل
الفراغ
منها، ولا
ناصح ورقيب،
بل يُشجع على
انحرافه
وضلاله،
ويكافأ
بالعيش من حق
الله وسهم
الإمام،
وعلى حساب
السائل
المحروم. ان
سهم الإمام
يُصرف حيث
يشاء الإمام
ويرضى، وما
من شك أن أحب
شيء لديه
إغاثة
العاجز
المحروم،
واحياء
الدين
والشريعة
بالنشر
والتبشير
والدرس
والتدريس..
أما أن يأكل
معمم مال
الله باسم
طلب العلم،
ثم يكسل في
دروسه يقصر
في تفهمها
وتحصيلها،
أما هذا فهو
لص من لصوص
بيت مال
المسلمين. وتحدثت
بهذا
لتلاميذي في
دار التبليغ
وغيرهم في
المجالس
والمناسبات،
وكان بعضهم
ينتحل
الأعذار
لتقصيره،
ويلقي تبعة
فشله على
الأقدار!.
ولكل باطل
زخرف يبرره
في الظاهر..
أبداً لا سبب
إلا الهروب
من مؤونة
التحصيل
وعدم الرغبة
في العلم،
ولو ذاق
حلاوته
لاستهان في
سبيله بكل
صعوبة
ومصيبة. لمجرد
العبرة قرأت
في مجلة
العربي
العدد 170 أن
الرسام
الفرنسي
العالمي
رينوار،
تصلبت يداه،
فكان يرجو
بعض أصدقائه
أن يربط
الفرشاة
بيده، ثم
يجريها على
القماش
ليسجل أروع
لوحاته..
وأيضاً قرأت
في كتاب كيف
يحيا
الإنسان أن
مفكراً
مشهوراً كان
يربط بيده
جرساً، فاذا
نام أثناء
القراءة رن
الجرس
فيستقيظ
ويتابع
القراءة. ويُروى
أن عالمين من
القدامي
تناقشا في
مسألة، ولم
يقتنع
أحدهما برأي
الآخر، وفي
اليوم
التالي سمع
أحد الاثنين
أن زميله في
النزع
والاحتضار،
فأسرع
لعيادته،
وما إن رآه
المحتضر حتى
نسي نفسه
وقال: لم
تقتنع بما
قلت، فاستمع
إلى هذا
الدليل
الجديد. فقال
له: أفي مثل
هذه الساعة؟
قال: ولم لا
نغتنمها قبل
الموت.
واشتهر عن
أديسون
أعجوبة الله
في خلقه أنه
استقبل
عروسه ليلة
الزفاف
بلباسه
العمالي،
وبعد
الترحيب طلب
منها أن تسمح
له ببضع
دقائق، ولما
دخل غرفة
أعماله
نسيها حتى
الصباح فقيل
له: ما زالت
تنتظر،
فأفاق
واعتذر. وهكذا
العالم يجدّ
ويجتهد
سعياً وراء
المعرفة حتى
اللحد، ومع
هذا يتهم
نفسه
بالتقصير،
ويتوقع منها
الخطأ،
ويقرر
أحكامه على
سبيل
التقريب دون
الجزم
احتفاظاً
بخط الرجعة،
ويخشى
الهبوط برغم
تفوقه، ومتى
أخذه الغرور
ابتعد عن
العلم وأهله.
قال رسول
الله(ص): ((لا
يزال الرجل
عالماً ما
طلب العلم،
فان ظن أنه
قد علم فقد
جهل)).
وقيل لعالم:
مالك تدمن
القراءة
والكتابة
ليلك
ونهارك؟
فقال: لأعلم
أني جاهل.
وقال فيلسوف
قديم: العلم
جهل الجاهل،
والجهل علم
العالم. ولا
تجد هذا
الخلق
الكريم إلا
عند
الراسخين في
العلم الذين
وصفهم
الإمام أمير
المؤمنين(ع)،
بقوله: ((أقروا
بجملة ما
جهلوا
تفسيره من
الغيب
المحجوب)). حب
الظهور كلنا
يود أن يكون
شيئاً
مذكوراً،
ولكن الألسن
لا تذكر
بالحمد
والثناء إلا
اذا رأت
الأعين
جهداً
نافعاً
وعملاً
صالحاً، وقد
يكون هذا
الجهد
والعمل
اختراع آلة
أو اكتشاف
دواء تنتفع
بهما
البشرية على
مدى
الأجيال، أو
يكون سداً
يتحكم في
مياه
الأنهار، أو
كتاباً يحدث
تغيير ما يجب
أن يتغير. وقد
يعجز المرء
عن أي جهد
ينفع الناس،
فيُعذر
ويقال له: ما
على العاجز
من سبيل، أما
أن يتطفل
ويتطاول على
ما ليس له
بأهل فانه
يضر ويفسد من
حيث يريد أو
لا يريد. ومن
أوضح
الأمثلة على
ذلك بعض
الكتب التي
تطلع علينا
بلا وعي وعلم
من حين لآخر،
يسرع صاحبها
إلى المطبعة
بضغط من حب
السمعة
والظهور،
وهو يحسب أن
كتابه دعامة
للدين ودفاع
عن العقيدة
والمذهب،
ولكنه في
واقعه يوجه
أعنف
الضربات
للمذهب
والعقيدة،
لأنه يحدث
ردة فعل في
نفوس الجيل
والشباب،
فيهزأون
ويسخرون من
رعاة الدين
وحماته،
وربما
ارتابوا
وتشككوا في
كل ما يمتّ
إلى الدين
بسبب. وغريبة
الغرائب أن
يُطبع مثل
هذا الكتاب
على نفقة
الإمام
وسهمه في
الأموال!..
وبعض هذه
الكتب
معروضة
للبيع في
مكاتب قم
والنجف، ولي
مع الساخرين
منها مواقف. الجنين
وأفكار
الكاتب ومن
أطرف ما قرأت
في هذا الباب
ما جاء في
كتاب كيف
يحيا
الإنسان
لمؤلفه (لين
يوتانج)، قال
هذا
الفيلسوف
الصيني ما
معناه أن
أفكار
الكاتب تشبه
إلى حد بعيد
الجنين في
بطن أمه، هذا
يمر بمراحل:
من النطفة
إلى العلقة،
ومنها إلى
المضغة.. حتى
الطفولة.
وكذا أفكار
الكاتب يجب
أن تمر
بالعديد من
المراحل قبل
أن يسرع إلى
المطبعة
وإلا يكون
مقاله أو
كتابه
تماماً
كالسقط
تطرحه
الحامل
ميتاً قبل
تمامه
وكماله. وإذا
كانت أقوال
الكاتب في
كتابه من
ذاته فكتابه
ابن حلال،
أما إذا
سرقها من هنا
وهناك
فكتابه ابن
زنا. وبعد، فقد عرضنا في هذا الفصل آفتين من آفات بعض المنتمين إلى الحوزة، ولا نقول من آفات الحوزة كيلا نأخذ الصالح بذنب الطالح والأصيل بجريمة الدخيل.. وكل حكم أجريناه هنا على فرد ما فهو يمتد ويجري على كل دخيل ولصيق بأية فئة كانت أو تكون، لأن حكم الرذيلة كالطفرة وحب الظهور ينطبق على جميع أفرادها مهما تفاوتوا في النوع والهوية. الهوامش: (1)
في كتاب
مكارم
الاخلاق
للطوسي أن
النبي(ص) كان
يلبس
قلنسوة، وأن
الإمام
الصادق(ع)
كان يستظل من
الشمس
بالبرطلة (أي
الطاقية) وفي
مجمع
البحرين
للطريحي: في
الحديث ان
المعصوم كره
لبس البرطلة.
وهذا هو
الأنسب
للسيرة
المستمرة
منذ القديم
على انه لا
برطلّة ولا
قلنسوة
عندنا
تماماً كما
أنه لا عمامة
عندهم. |