.

 

الوعي التاريخي

أ ـ الشعور بحركة الاحداث

ب ـ الشعور بوحدة المسيرة

ج ـ الاحساس بحتمية الانتصار النهائي

د ـ الشعور بالأتمام

(الوعي التاريخي):

والى جانب التحسيس الوجودي، والتوعية الكونية، يقوم القرآن الكريم، والسنة المطهرة بعملية توعية تاريخية تحسس الإنسان المسلم بمجموعة من القضايا التاريخية التي تتصل بالنشاط الإنساني التاريخي، والصراع بين الحق والباطل، والهدى، والضلال في التاريخ البشري.

ونستعرض هذه القضايا بشيء من الشرح، والتفصيل فيما يلي من نقاط:

 

أ – الشعور بحركة الاحداث:

قد يمر الإنسان بمرحلة تاريخية تنغلق فيها ابواب العمل وتتجمد فيها حركة الدعوة، يغلب فيها الباطل في جولة خاطفة مع الحق، ويجد الجاهلية في حالة من القوة والتمكن في الارض، ويجد أهل الجاهلية يتقلبون في الارض ويعيثون فيها الفساد بلا رادع ولا معارض، والمؤمنون إلى جانب هذا مستضعفون محاربون من كل حدب وصوب ومضيق عليهم في كل جوانب حياتهم الإيمانية.

قد يمر الإنسان المؤمن بهذه المرحلة، ويجمد عقلياً بهذه الفترة القصيرة من عمر الزمن، وعمر الحياة.. ويكفر بهذا الوضع على انه أمر واقع، لا مفر منه، ولا دافع له ويخلده ويصنمه. وهو في اللحظة يجمد التاريخ ويثبت ظواهره الفانية الزائلة.

والقرآن الكريم يعالج هذه الحالة فيما يعالجها عن طريق التحسيس بحركة التاريخ، وحركة الاحداث، والظواهر التاريخية.. وعن طريق توسيع افق الإنسان المسلم وتكوين العقلية التاريخية لديه، وتعليمه على ان يفكر في هذه اللحظات، بما هو جزء من مسلسل الحدث التاريخي المتغير باستمرار، والمتحرك على الدوام، ومن اجل هذا الهدف التربوي الكبير نفسر مجيء الكثير من القصص التاريخية في القرآن الكريم.

(لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد، متاع قليل ثم مأواهم جهنم، وبئس المهاد)[1]

(وان يكذبوك، فقد كذبت قبلهم قوم نوح، وعاد، وثمود، وقوم ابراهيم، وقوم لوط، واصحاب مدين، وكذب موسى فامليت للكافرين ثم اخذتهم فكيف كان نكير، فكأين من قرية اهلكناها، وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها، وبئر معطلة، وقصر مشيد، أفلم يسيروا في الارض؟ فتكون لهم قلوب يعقلون بها، أو اذان يسمعون بها، فانها لا تعمى الابصار، ولكن تعمى القلوب التي في الصدور)[2]

(وكأين من قرية امليت لها وهي ظالمة ثم اخذتها والي المصير)[3]

(وقال فرعون يا أيها الملا ما علمت لكم من آله غيري فأوقد لي يا هامان على الطين، فاجعل لي صرحاً لعلي اطلع على آله موسى، واني لاظنه من الكاذبين، واستكبر هو وجنوده في الارض بغير الحق، وظنوا، أنهم الينا لا يرجعون فأخذنه وجنوده، فنبذناهم في اليم، فانظر كيف كان عاقبة الظالمين)[4]

(ان قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم واتيناه من الكنوز ما ان مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة. إذ قال له قومه لا تفرح ان الله لا يحب الفرحين.. قال: انما أوتيته على علم عندي أو لم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه، وأكثر جمعاً؟ ولا يسئل عن ذنوبهم المجرمون)[5]

هذا وتحفل النصوص الواردة عن أهل البيت (ع) في تركيز تربوي، يعمق للاحساس بحركة الاحداث وهي والآيات القرآنية تهدف إلى ذلك بالنسبة إلى جهتين: جهة اصحاب السلطان، والغنى، واهل النعمة، والثراء.

والجهة الاخرى، هي الجهة المؤمنة المجاهدة التي تتعرض لالوان الاضطهاد، والتكذيب.

تقول النصوص لاصحاب السلطان، والغنى، واهل النعمة واليسار ان لاتطغوا.. واعتبروا بمن كان قبلكم قبل ان يعتبر بكم من ياتي بعدكم، واعلموا ان الدنيا في حركة مستمرة تطحن كل المستغلين المتكبرين في الارض والراكضين وراء المراكز والمكانات.. والظالمين للناس.

وتقول للمؤمنين لا تظروا إلى اوضاع الجاهلية كأمر واقع لا مرد له ولا دافع.. وسعوا من افقكم التاريخي.. وانظروا الاشياء، والاوضاع في حركة مستمرة، والى حياة الطغاة كمتاع قليل.. لا تيأسوا ولا تقنطوا فان الفراعنة إلى انتهاء وان اوضاع الكفر إلى زوال.

ان ضيق الافق التاريخي، وتصنيم المرحلة العابرة، والنظر إلى اوضاع الانحراف، كأمر واقع مستقر ينتهي إلى نتائج سلبية عديدة.

ينتهي أولاً: إلى حالة الضيق، وفقدان الامل.. واليأس معا يضعف، أو يعدم الاندفاع الرسالي، والحركة، والفعالية المؤمنة.

وينتهي ثانياً: إلى التنازلات العملية من اجل الانصهار في التيار، والتواجد في المجتمع الذي لا يؤمل في تغييره، والقاعدة في هذا المجال تقول: ان الإنسان الذي يفقد الامل في عملية التغيير الاجتماعي، يبدأ في تغيير ذاته، ومواقفه من اجل الانصهار في المجتمع، والذوبان فيه.

وينتهي ثالثاً: إلى التنازل الفكري، أو مراجعة الذات والتشكيك في الموقف المبدئي الذي يعتنقه الإنسان الذي يصنم المرحلة.

هذا إلى غير ذلك من الآثار والنتائج المترتبة – بحكم قوانيم نفسية – على النظرة المصنمة للمرحلة.

ومن هنا نعرف قيمة التدخل الرباني، والتوجيه القرآني الكريم للرسول (ص) عندما تجمدت دعوته في مكة وتجمد عمله – بعد وفاة ابي طالب – إذ من الممكن في هذه الحالة ان يصاب الصف المؤمن بهذه المعاني السلبية من جراء هيمنته الجاهلية، وحيلولتها دون تقدم العمل الإسلامي آنذاك.

فنزل – فيما يقال- قوله تعالى:

(فلا تك في مرية مما يعبد هؤلاء، ما يعبدون إلا كما يعبد آباؤهم من قبل)

(والمرية هي الاثر الفكري السلبي لعملية التصنيم).

(فاستقم كما امرت، ومن تاب معك، ولا تطغوا انه بما تعملون بصير، ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار)[6]

(والركون إلى الذين ظلموا هو الاثر العملي السلبي الذي يحذر منه الله تبارك وتعالى رسوله ومن تاب معه)

 

ب – الشعور بوحدة المسيرة:

ان وراء التعدد الهائل والكثرة الهائلة للانبياء المرسلين والائمة، والصالحين، ووراء هذا التعدد في رسالتهم وشرائعهم، ووراء التعدد في اساليبهم، ومراحلهم.. وراء كل ذلك وحدة.. وحدة.. في النموذج الرسالي، وشخصية الدعاة (الرسل، الانبياء، والائمة)، ووحدة في الرسالة التي يحملونها رغم الاختلاف، الذي يبدو في بعض التشريعات ووحدة في الدعوة، والعمل، وترابط في المراحل والمهمات.

اما كيف يكون هذا الترابط؟ وكيف تكون الوحدة فهذا موضوع آخر للبحث، والتفكير.. غير ان المهم هنا الاشارة إلى ضرورة التحسيس بهذا المعنى.. وضرورة استشعار للمؤمن،. فان هذا الشعور ينتهي من الناحية النفسية إلى ارقى المعاني التي تكون زاد المؤمنين العاملين، ووقودهم في الجهاد، التوحد مع الانبياء والصالحين، ومحاولة الانصهار في نهجهم الرباني، وعبادتهم وعبوديتهم لله تعالى والاعتزاز بالنسب التاريخي العريق.. والثقة بالنفس والتعزي عند البلاء والمواجهة بمواجهات الموكب الكريم والرهط الكريم والاستفادة من تجاربهم في العمل والجهاد (والمؤمن ذو نسب عريق ضارب في شعاب الزمان انه واحد من ذلك الموكب الكريم الذي يقود خطاه ذلك الرهط الكريم: نوح، وابراهيم، واسماعيل، واسحاق، ويعقوب، ويوسف، وموسى، وعيسى، ومحمد عليهم الصلاة والسلام).

(وان هذه امتكم امة واحدة، وانا ربكم فاتقون)

هذا الموكب الكريم الممتد في شعاب الزمان من قديم، يواجه – كما يتجلى في ظلال القرآن – مواقف متشابهة، وازمات متشابهة وتجارب متشابهة على تطاول العصور، وكر الدهور، وتغيير المكان، وتعدد الاقوام، يواجه: الضلال، والعمي، والطغيان، والهوى، والاضطهاد، والبغى، والتهديد، - والتشريد، ولكنه يمضي في طريق ثابت الخطو، مطمئن الضمير، واثقاً من نصر الله متعلقاً، بالرجاء فيه متوقعاً في كل لحظة وعد الله الصادق والاكيد.

(وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من ارضنا أو لتعودن في ملتنا فاوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين ولنسكننكم في الارض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد)[7]

(موقف واحد، وتجربة واحدة، وتهديد واحد ويقين واحد، ووعد واحد للموكب الكريم.. وعاقبة واحدة ينتظرها المؤمنون في نهاية المطاف وهم يتلقون الاضطهاد، والتهديد، والوعيد).

ولعل في اعتبار القرآن الكريم الإيمان بما انزل من قبل الرسول الإيمان بالرسل السابقين وصفاً للمتقين.

(ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين، الذين يؤمنون بالغيب.. والذين يؤمنون بما انزل اليك، وما انزل من قبلك)[8]

وامره بذلك.

(قولوا آمنا بالله وما انزل الينا وما انزل إلى ابراهيم، واسماعيل، واسحاق، ويعقوب، والاسباط وما أوتي موسى، وعيسى، وما اوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين احد منهم، ونحن له مسلمون)[9]

لعل في ذلك، وغيره تربية للمؤمنين على هذا الشعور، والاحساس، بوحدة المسيرة.

ولعل في قوله تعالى:

(يا أيها الرسل كلوا من الطيبات، واعملوا صالحاً اني بما تعملون عليم، وإن هذه امتكم امة واحدة وأنا ربكم فاتقون، فتقطعوا امرهم بينهم زبراً كل حزب ما لديهم فرحون)[10]

دلالة على تحسيس الله تعالى رسله بوحدة خطهم، ووحدة ملتهم، ودعوتهم، واشعارهم بان خطهم مترابط الحلقات، مترابط المراحل.. حتى جاء اتباع الرسل فقطعوا امرهم، وحولوا الوحدة إلى تعدد في الخطوط والاتجاهات، وصنمت كل طبقة منهم المرحلة التي فيها حتى اصبحوا احزاباً، وشيعاً كل حزب بما لديهم فرحون. فمن الواضح اننا عندما نقول: بان خط الرسل واحد ومسيرتهم واحدة، فلا يعني هذا انه لا يوجد تنوع ضمن هذه الوحدة.

اذ من الواضح ان الله سبحانه قد جعل لكل شرعة منهاجاً، ومن هنا تنوعاً في تفصيلات الرسالة، ومراحل العمل غير ان هذا التنوع يخدم الوحدة.. والهدف الواحد للمسيرة كلها.. والإنسان الذي يتلقى من الله سبحانه هذه الرسالة الواحدة يعمل على توزيعها إلى اتجاهات متناحرة مستغلاً الفوارق المرحلية في خطوط العمل لهذه الرسالة الواحدة.

 

ج – الاحساس بحتمية الانتصار النهائي:

والى جانب الشعورين الأولين: الشعور بحركة الاحداث، والشعور بوحدة المسيرة المؤمنة، يوجد لدى المؤمن شعور تاريخي، ثالث هو، الشعور بحتمية الانتصار.. انتصار قضية الرسالة الربانية وان كل هذا الصراع، وكل هذه المعاناة والجولات بين الحق، والباطل انما هي، تمهيدات ضرورية للتغير الاجتماعي الإسلامي العالمي بالصيغة التي يريدها الله تعالى، وان كل يوم يمر هو اسراع زمني بالنصر، وتقدم نحو اليوم الموعود.

أرايت وعد الله:

(وعد الله الذين آمنوا منكم، وعملوا الصالحات، ليستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم، وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم امنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأؤلئك هم الفاسقون)[11]

(ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر، ان الارض يرثها عبادي الصالحون)[12]

فمهما طال النصر على اجيال الرسالة، وضاقت الارض بهم فان النتيجة الحاسمة.. في المنطق الرباني الذي لا يكذب ولا يخطأ.. هي للذين آمنوا، وعملوا الصالحات، وللإيمان والعمل الصالح.. ذلك ان الله سبحانه قد خلق هذا الإنسان، وكل ما سخر له، وانزل كل الكتب، وارسل كل الانبياء الذين تعرفهم، والذين لا نعرفهم من اجل هذه الغاية.

(وما خلقت الانس، والجن إلا ليعبدون)

وما تجارب الصراع.. بين الهدى، والضلال إلا من اجل الوصول إلى هذه الغاية.

وقد تسأل هنا: اذن لماذا هذه المدة الطويلة والزمن المديد، ولم تتحقق النبوءة الإسلامية، ولم يتحقق النصر الكامل للإيمان على وجه الارض؟

ان الله سبحانه.. خلق هذا الكون للفتنة، والاختبار لفتنة الإنسان واختبار فعاليته الذاتية، ووجدانه الاخلاقي ولم يشا سبحانه ان يفرض عليه قضية الإيمان – ولو شاء ذلك لهدى الناس جميعاً لان في فرض هذه القضية نقضاً للغرض الكوني الأصيل وهو (ان يحقق الإنسان إنسانيته واخلاقيته باختياره ومن خلال الهدي الالهي والهدي الالهي فقط) فيقتصر دور الله سبحانه في عملية التغيير الشامل على الهداية العامة.. والهدي النازل على الانبياء، وبعض التدخلات الاخرى.. اما الفعل التغييري، فللإنسان ومن الواضح أن التغيير الإسلامي الشامل إذ يوكل إلى الإنسان ويعتبر مسؤوليته له سيكون عملية بطيئة طويلة الامد تحتاج إلى قرون عديدة، وتأريخ مديد..

وحتمية انتصار الحق، واختتام المسيرة بالنصر الشامل ليست حتمية جبر، والجاء كالحتميات المادية والمزعومة، وحتمية الجبر الديني المزعوم، وانما هي حتمية وقوع.. في علم الله تعالى ان سيختار للبشر الهداية، والإسلام.. وعلم الله لايخطيء ولا يزل، وعلم الله تعالى لا يقلب الواقع وانما يعكسه ويكشفه ويحكيه وما دام سبحانه قد علم بان الإنسان سيقوم بعملية التغيير الشامل باخيتاره – من خلال تدخل الهي لا يصل إلى حد الجبر، والالجاء فسوف تقع عملية التغيير الإسلامي الشامل باخيتار هذا الإنسان وارادته من دون جبر، ولا الجاء.

لقد فشلت كل الحتميات المزعومة في الجمع بين (إنسانية) التاريخ، وحتمية الحل المقترح لمشاكل الإنسان.. وبقيت فقط الحتمية الالهية قائمة من دون جبر ولا الجاء (ولتفصيل البحث في ذلك مجال آخر).

وفي القرآن.. شكلان من الوعد بالنصر.

1 – الوعد المشروط، وهو ما كان من قبيل.

(ان تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم)

(وكان حقاً علينا نصر المؤمنين)[13]

وهو وعد يعبر عن قانون اجتماعي يتدخل بموجبه الله تعالى إلى جانب الفئة المؤمنة في صراعها مع الباطل، إذا احسنت اختيار خطتها وصدقتها في عزمها، ونيتها.

2 – الوعد المطلق.. وهو الوعد الالهي الذي ينص على ان التغيير الإسلامي الواقع باخيتار الإنسان واقع لا محالة في مستقبل التاريخ.

(وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض)[14]

(ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر، ان الارض يرثها عبادي الصالحون)[15]

وكل من الوعدين يجب معايشتهما، والاحساس بهما من اجل المزيد من الدفع، والامل، ومزيد من الانفتاح.، والتفاعل مع الحياة الإسلامية، والعمل في سبيل الله.

د – الشعور بالائتمام:

لقد ادخر الله سبحانه لعملية التغيير الشامل القائم على أساس الإسلام القائد المعصوم الامام الثاني عشر من أهل البيت (ع) وكان من فضله تعالى ان ابقى الامام حياً مدخراً إلى اليوم الموعود، حياً يعيش بيننا، ويتعرف على اخبارنا، ويستطلع تجاربنا، فشلنا، ونجاحنا، ونحن نخوض ونواجه عملية التمحيص، والاختبار من اجل ان يستمر الشعور بوجود القدوة في وعي الناس.. ومن اجل أن يستشعر الإنسان المسلم هيمنة الامام، وقيادته ليزداد دفعاً، وحرصاً واقداماً، وشعوراً بالاتزان والسكينة: بعد ان كانت الأعمال تعرض عليه في شبه تقارير اسبوعية يتعرف بها (ع) على نمو هذا وسقوط ذاك، وتوقف الثالث عند نقطة محدودة لا يحيد عنها.

وانتظار الامام (ع) له قيمة عملية كبيرة، سواء في كونها قوة دفع كبرى، أو في كونها تاكيداً لتعامل الإنسان المسلم مع الغيب والإيمان به.. ومن هنا الحت النصوص الواردة عنهم (ع) في ذلك واكدت على ثواب الانتظار وكونه من صفات المؤمنين هناك.. كما اكدت على المعنى الايجابي للانتظار نذكر منها:

عن الرضا (ع) عن آبائه (ع) قال: قال رسول الله:

(افضل أعمال امتي انتظار فرج الله تعالى)

وعن السجاد (ع) قال:

(تمتد الغيبة بولي الله الثاني عشر من اوصياء رسول الله (ص) والائمة من بعده، وأن أهل زمان غيبته القائلون بامامته المتنظرون لظهوره افضل أهل كل زمان لان الله تعالى ذكره اعطاهم من العقول، والافهام والمعرفة، ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله بالسيف اولئك المخلصون حقاً، وشيعتنا صدقاً، والدعاة إلى دين الله سراً، وجهراً)

وقال (ع): (انتظار الفرج من اعظم الفرج)

(من ثبت على ولايتنا في غيبة قائمنا اعطاه الله اجر الف شهيد، مثل شهداء بدر، واحد) [16]

وفي سبيل تربية الشعور بوجود الامام، والاحساس بذلك وتربية الشعور بهيمنته، وقيادته، وخلق روح الانتظار له والتطلع ليومه المبارك توجد مجموعة من الادعية، والزيارات والشعائر ينبغي للمسلم ممارساتها لذلك وقد ورد الكثير منها عن أهل البيت (ع).

ويتصل بمسألة الشعور بالائتمام والاحساس بوجود الامام مسألة التواصل الشعوري مع الانبياء، والائمة (ع)، ونصبهم شعورياً رموزاً، ونماذج للاقتداء، والاحتذاء، والتأسي بهم في المجالات كافة، وهذا معنى اكد عليه القرآن الكريم في عملية توجيه الرسول (ص) وإعداده. ومن هنا وردت الكثير من الآيات لحثه (ص) على الصبر كما صبر أولو العزم، وعلى ذكرهم، وتمثلهم الذهني.

من اجل الاقتداء بهم عملياً من قبيل قوله تعالى:

(اصبر على ما يقولون واذكر عبدنا داود ذا الايد انه اواب)[17]

(واذكر عبدنا ايوب، إذ نادى ربه اني مسني الشيطان بنصب وعذاب)[18]

 واسحاق ويعقوب أولي الايدي، والابصار انا اخلصناهم بخالصة ذكرى الدار، وانهم عندنا لمن المصطفين الاخيار، واذكر اسماعيل، واليسع، وذا الكفل، وكل من الاخيار، هذا ذكر وان للمتقين لحسن ماب)[19]

 


[1]  آل عمران 196 – 197.

[2]  الحج/ 4246.

[3]  الحج/ 48.

[4]  القصص 3840

[5]  القصص 7678

[6]  هود/ 113

[7]  ابراهيم 1324.

[8]  البقرة 24.

[9]  البقرة/ 136.

[10]  المؤمنون 5153.

[11]  النور/55.

[12]  الأنبياء/105.

[13]  الروم/47.

[14]  النور/55.

[15]  الأنبياء/105.

[16]  حق اليقين – السيد عبدالله شبر ج 1 ص 227 – 228.

[17]  سورة ص/17.

[18]  سورة ص/41.

[19]  سورة ص/45 – 49.