.

 

الوعي الذاتي

الاعتزاز بالله

الشعور الجماعي والشعور بالاخاء

التواضع

 

 (الوعي الذاتي):

وللإنسان المسلم رؤى فكرية تتصل بالذات كماله ذلك في مجال الوجود والحياة، والتاريخ.. ووعي الذات والتحسس بالمعاني المرتبطة بها.. هو الطريق الطبيعي أو الخطوة الطبيعية الضرورية والتي يجب ان تضاف إلى خطوة الوعي الرسالي..و.. في سبيل التنمية، والبناء.

وللوعي الذاتي.. اشكال، وعناصر:

1 – الاحساس الاخلاقي، والشعور بالمسؤولية. وكما يختلف الإنسان المؤمن عن الإنسان الجاهلي في طريقة الشعور بالحياة، وقيمتها و معناها، كذلك يختلف عنه في الاحساس الاخلاقي، ونحن نعرف: ان للعقل البشري مدركاته العملية التي بها ما ينبغي وما لا ينبغي فعله، إلا ان الإنسان الجاهلي – بسبب اتجاهه إلى الدنيا من الناحية العملية – يجمد هذا الشعور الإنساني الرائع فلا يعيش أي مسؤولية اخلاقية في الحياة، اما الإنسان المؤمن، فان طريقته في التعامل مع الكون، ومع الله تعالى، ومع الذات تنشط عنده كافة المشاعر الاخلاقية، والاحساس الاخلاقي بالالزام والمسؤولية. والمقاييس الثابتة للسلوك التي تفوق معاني اللذة والشهوة.

ان افتقاد الشعور بالمسؤولية، والالزام، والقيمة الاخلاقية للافعال من اوضح معالم الشعور الجاهلي، شعور الإنسان الضائع الذي ينغمس في لذته ما امكنه الانغماس، والتردي والقلق الذي جعله يتذبذب بين العوالم المشتتة للنفس، والسلوك.

(والذين كفروا يأكلون، ويتمتعون كما تأكل الانعام)

بينما يعليه الإنسان المؤمن (فما خلقت ليشغلني اكل الطيبات كالبهيمة المربوطة هما علفها او المرسلة شغلها تقممها، تكترش من اعلافها، وتلهو عما يراد بها، أو اترك سدى، واهمل عابثاً) [1].

والإنسان المؤمن لا يحس احساساً اخلاقياً بالحياة وينمي مدركاته العملية من خلال تنميته للاحساس بالعبودية لله تعالى فقط، وانما يشعر بالمسؤولية امام ظواهر معينة في الحياة، وباهداف معينة محددة.

فالإنسان المؤمن يشعر بالمسؤولية تجاه ذاته.. ومن اجل تغييرها، وتوجيهها نحو الله تعالى، مسؤولية التوبة والعودة إلى الله والاستغفار من الذنوب، والاقلاع عن السيئات مسؤولية تنمية العلاقات مع الله تعالى، ومسؤولية التنمية الثقافية، وتلافي نقاط الضعف الروحي والنفسي، والعملي. التي لا ينفك عنها الإنسان وكذلك يشعر بالمسؤولية تجاه الناس والانحراف الذي يعيشون فيه ويشعر بانه راع ومسؤول عن رعيته و (ان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة عظيمة بها تقام الفرائض. ان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبيل الانبياء، ومنهاج الصلحاء فريضة عظيمة بها تقام الفرائض، وتأمن المذاهب، وتحل المكاسب وترد المظالم، وتعمر الارض، وينتصف من الاعداء، ويستقيم الامر)[2]

وقد تدرس نصوص الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر وتشكل انطباعاً بان الإسلام يعتبر كل فرد مسلم مسؤولاً عن تصرفات الآخرين إلا بعذر.. هو مسؤول عن (دفع) الفساد كما هو مسؤول عن (رفعه) وان الإنسان الذي يسكت عن المنكرات، والمحارم مشارك فيها.. معاقب عليها.

ان الشعور بالمسؤولية اتجاه الانحراف الاجتماعي هو بداية افتراق الإنسان المسلم العامل عن غيره من المسلمين ومن المؤكد عندئذ ان الشعور بالمسؤولية ليس (فضلاً) للإنسان العامل على غيره من الناس عند الله تعالى وقد يكون الإنسان الذي لا يحس بمسؤولية تجاه الناس نتيجة لعدم احساسه بالانحراف، أو نتيجة لاتجاهه إلى أعمال إسلامية اخرى. أو نتيجة لإيمانه بمعذورية من الناحية الشرعية قد يكون هذا الإنسان افضل مكاناً عند الله تعالى.. ان منازل الناس عند الله تعالى لا يحددها الوعي والشعور بالمسؤولية وانما تحددها درجة (الانقياد) إلى الله تعالى، والقرب منه، والعبودية له.

وان هذا لايعني بالطبع الغض من قيمة الشعور بالمسؤولية، والاحساس بالانحراف امران ضروريان.. ويجب التوصل اليهما بمختلف الوسائل، والاساليب لانهما بداية انطلاق العمل الجهادي في سبيل الله، ودفع المنكرات التي تسخط الله.. وغاية ما نريد ان القيمة الدينية والاخلاقية ليست للشعور بالمسؤولية، والاحساس بالانحراف.. وانما للانقياد إلى الله، وتنفيذ المسؤوليات المستشعرة وانت تستطيع أن تقول ان الإنسان المؤمن الذي يعي انحراف الناس، ويشعر بمسؤوليته عن تغيير معالم الانحراف (انفع) للإسلام عملياً، واكثر عطاء وفائدة للمسلمين، ولكنك لا تستطيع ان تقول بأي حال من الاحوال انه اقرب إلى الله من هذا الإنسان المتعبد الذي لم تتح له الظروف ان يعي مسؤوليته الشرعية، فقد يكون هذا الإنسان لجهله معذوراً امام الله، بينه وبين الله سر تجهله أو ولاية لا نعرفها.. وقد اخفى الله سبحانه – كما في الرواية أولياءه في عباده..

 

الاعتزاز بالله

2 – الشعور بالعزة والاستعلاء: قال الله تعالى:

(ولا تهنوا، ولا تحزنوا، وانتم الاعلون، ان كنتم مؤمنين)[3]

(ولله العزة، ولرسوله، وللمؤمنين)[4]

والمقصود بالاعتزاز الذي يشكل شعوراً لامعاً من المشاعر المؤمنة، هو الاعتزاز بالإيمان، والانتساب إلى الإسلام، والعمل في سبيل الله.

فليس يرضى الله للمؤمن بالانكسار، والشعور بالخيبة حتى في احرج اللحظات التي يطغى فيها الكفر، ويقتل فيها المؤمنون، وتضيق الارض الواسعة بهم حتى في هذه اللحظات الحرجة، والاوقات العصبية لا يشعر المؤمن بالضعف، والانكسار، والوهن، والضعة..وكيف يشعر بالضعة والوهن، والذل، والانكسار من إلى صفه الجبار العزيز المهيمن، والقادر المتعال؟ فالمؤمن – كما في الرواية عزيز في دينه – وقد فوض الله اموره اليه، ولكنه لم يفوض إليه ان يذل نفسه.

ان لحظة استشعار الذل، أو الانكسار هي لحظة كافرة ولا يكون المؤمن في حالة هذا الشعور لانه شعور قائم اما على أساس نسيان الله، والانتساب إلى السماء أو على أساس الاستهانة بالعلاقة مع الله تعالى – والعياذ بالله -.

وليس الشعور بالاعتزاز، والقوة في نفس المؤمن ناشئاً عن الشعور بالمكانة الاجتماعية، أو القدرات العلمية، أو غير ذلك من معاني الدنيا، وانما ينشأ هذا الشعور من الاحساس بالصلة بالله تعالى، والاحساس بعزته، وعظمته، وعزة المؤمنين به، والكادحين اليه. فهو في حقيقته اعتزاز بالمعنى الإيماني الذي يشعره في نفسه، واحساس بقيمة الصلة بالله.

وكما يريد الله تعالى من المؤمن ان يكون عزيزاً في نفسه عزيزاً في مشاعره، كذلك يريد منه ان يكون عزيزاً في مواقفه عملاقاً شامخاً مستعلياً على الطغاة، واتباع الطوغيت حتى في أحرج اللحظات، عندما يقسوا الزمن وتخون دنيا الناس ويتحكم في مصائر الامة شياطينها وطغاتها.

عن أبي عبدالله (ع):

(ان الله فوض إلى المؤمن اموره كلها ولم يفوض إليه ان يكون ذليلاً، اما تسمع ان الله عزوجل يقول:

فالمؤمن يكون عزيزاً ولا يكون ذليلاً ثم قال: ان المؤمن اعز من الجبل، ان الجبل يستقل منه بالمعاول، والمؤمن لا يستقل من دينه شيء)[5]

(فالمؤمن ينبغي ان يكون عزيزاً، ولا يكون ذليلاً يعزه الله بالإيمان والإسلام)

(ولله العزة، ولرسوله، وللمؤمنين)

ان استرحام الكافر، واستعطافه، والتذلل للطغاة بداية التنازل، والانحراف فعلى المؤمن ان يكون صلباً حازماً لا يستجدي العطف، وان كان يستعمل المرونة، والمدارة ولايطلب الرحمة من الجبابرة وان كان يدخل معهم في فنون التعامل الحكيم، والمناقشات المبدئية.

 

الشعور الجماعي والشعور بالاخاء

3 – والشعور الجماعي هو ان يعيش المؤمن ذاته كعضو في جماعة وكفرد في امة مؤمنة من الناس.. وهذا الشعور إذا لاحظناه بالنسبة إلى الامتداد الزماني سميناه – كما سميناه – بالشعور بوحدة المسيرة… واذا لاحظنا بالنسبة إلى الامتداد المكاني، والمؤمنين المعاصرين سميناه بالشعور الجماعي.. وفي الشعور الجماعي.. كما يشعر المؤمن بذاته كفرد له خصوصياته الفردية أي يشعر بأناه الخاصة، كذلك يشعر بأناه الإسلامية العامة.. أناه كمؤمن، أو بكلمة اخرى يشعر بانه، جزء من جبهة الإيمان وتكتل المؤمنين لله تعالى.. يشعر بذات عامة تجمع المؤمنين جميعاً.. وبالخصوص المؤمنون الذين يسيرون في طريق العمل، والجهاد في سيبل الله تعالى وليس في هذا التخصيص مانع أو حزازة، وقد سجله القرآن الكريم.

(ان الذين آمنوا، وهاجروا، وجاهدوا باموالهم وانفسهم في سبيل الله، والذين آووا، ونصروا، أولئك بعضهم أولياء بعض والذين آمنوا، ولم يهاجروا، مالكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا)[6]

والشعور بالاخاء قريب من الشعور الجماعي.. والشعور الجماعي هو الشعور بالتكامل الإيماني كجسد واحد فيه اعضاء واجزاء والشعور بالاخاء، هو الشعور بوحدة النسب نسب الإيمان، والعقيدة.. نسب السماء لا نسب الارض ومعاني الارض من العنصرية، والاقليمية وغيرها.

وينتهي هذان الشعوران إلى ما نسميه اليوم بـ (المشاركة الوجدانية) أي شعور المؤمن بما يشعر به اخوانه من آلام، وافراح، وعواطف.

عن ابي عبدالله (ع)

(انما المؤمنون اخوة بنو اب وام واذا ضرب على رجل منهم عرق سهر لها الآخرون) [7]

وعنه (ع):

(المؤمن اخو المؤمن كالجسد الواحد ان اشتكى شيء منه، وجد الم ذلك في سائر جسده، وارواحهما من روح واحدة، وان روح المؤمن لاشد اتصالاً بروح الله من اتصال شعاع الشمس بها)

 

4 – التواضع:

أ: التواضع لله.. ويقصد به الاستشعار المستمر لنقاط الضعف الروحي، والنفسي، والتقصير امام الله سبحانه وتعالى، وهو بهذا المعنى يتقابل مع الاعجاب بالذات والتكبر امام الله تعالى.. والعياذ بالله.. والمن عليه بالإسلام، والعمل. وفي الرواية انه سئل الرضا (ع) عن حد التواضع الذي إذا فعله العبد كان متواضعاً؟ فقال:

(التواضع ان يعرف المرء قدر نفسه فينزلها منزلتها بقلب سليم)

والتواضع – عندئذ – يكتسب قيمته من امرين.

(1)    : ان التواضع هو الاستشعار الكامل للعبودية لله تعالى ولا يمكن لهذا الكائن الصغير ان يؤدي حق الله كاملاً،

وكيف يؤدي حق من اداء حقه اليه، يثبت له حقاً جديداً، وشكره يحتاج إلى شكر؟.. وايضاً فان التواضع ادراك لقضية واقعية هي وجود الضعف الاخلاقي، والنفسي والروحي في الإنسان واي إنسان يخلو من الضعف، والقصور، والتقصير؟ قد يطغى الإنسان ويتصور نفسه خالصاً مخلصاً من العيب والضعف، والذنوب، ولكن لا يوجد إنسان في العالم يصدق مع نفسه إذا اعتقد بذلك.

(2)    – ان التواضع خلافاً للعجب بالنفس، والتواضع له قيمة عملية كبرى باعتباره انه لايجمد وضع الإنسان المسلم

عند حد معين – ونقطة معينه من النمو، والتطور، بخلاف العجب الذي يتصور فيه الإنسان انه وصل إلى نقطة الكمال الاخلاقي والروحي، فيعتقد الإنسان عندئذ حرارة المعاناة التي تحرك، وتدفع إلى امام.. والإنسان الذي يفقد نار المعاناة ما اسهل ما يستحوذ عليه الشيطان. ففي نص عن ابي عبدالله (ع) قال رسول الله (ص):

(ان موسى سأل ابليس عن الذنب الذي إذا اذنبه ابن آدم استحوذت عليه؟ قال: أي ابليس: إذا اعجبته نفسه، واستكثر عمله وصغر في عينه ذنبه)[8]

ويظهر من النصوص الواردة عن أهل البيت (ع) ان المؤمن في حالة المعاناة، وحرارة الاندفاع، - والحرقة في التوجه افضل – حتى مع الذنب – منه وهو في حالة الاستقامة والعجب بذاته..

عن ابي عبدالله (ع) في خبر صحيح.

(ان الرجل ليذنب الذنب، فيندم عليه، ويعمل العمل، فيسره ذلك فيتراخى عن حاله تلك فئن يكون على حاله تلك، خير له مما دخل فيه)

وعنه:

(ان الله علم ان الذنب خير للمؤمن من العجب ولولا ذلك ما ابتلي المؤمن بذنب ابداً)

وعن احدهما (ع): (دخل رجلان المسجد احدهما عابد، والآخر فاسق فخرجا من المسجد، والفاسق صديق والعابد فاسق. وذلك انه يدخل العابد المسجد مدلاً بعبادته، يدل بها فتكون فكرته في ذلك وتكون فكرة الفاسق في الندم على فسقه، ويسغفر الله عزوجل مما صنع من الذنوب)[9]

وفي نص آخر (ان الله تعالى من حنانه على عبده المؤمن انه يلقي مما عليه في بعض الليالي نعاساً، فتفوته صلاة الليل حتى لا يدل، ويعجب بنفسه، وهو يداوم عليها)[10].

والسبب ان التواضع لله تعالى من اخص خواص الشخصية الإسلامية كانت لغة الانبياء، والائمة (ع) مع الله تعالى في منتهى الادب، والتذلل، والخضوع لله فيها اعتراف بالتقصير، والذنوب، والحاح في طلب المغفرة والتوبة والقبول، والشعور الدائم بحق الله تعالى عليهم، وبعدم ادائهم لحق الله.

(واذ يرفع ابراهيم القواعد من البيت واسماعيل، ربنا تقبل منا، انك انت السميع العليم، ربنا واجعلنا مسلمين لك، ومن ذريتنا امة مسلمة لك وارنا مناسكنا، وتب علينا انك انت التواب الرحيم)[11]

وأما موسى فقد.

(قال: رب اني ظلمت نفسي فاغفر لي)

(وظن داود انما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعاَ واناب)[12]

ومن اروع معاني التواضع لله تعالى والادب معه سبحانه ما سجلته الصحيفة السجادية من الوان الاعتراف بالتقصير ونقد الذات والاستغفار واستشعار الضعف والقصور فاقرأ ان شئت من مناجاة الشاكين.

(الهي اليك اشكو نفساً بالسوء أمارة والى الخطيئة مبادرة وبمعاصيك مولعة، ولسخطك متعرضة تسلك بي مسالك المهالك، وتجعلني عندك اهون هالك، كثيرة العلل، طويلة الامل ان مسها الخير تمنع، وان مسها الشر تجزع، ميالة إلى اللعب واللهو، مملوءة بالغفلة والسهو)

ومن مناجاة التائبين.

(الهي البستني الخطايا ثوب مذلتي وجللني التباعد منك لباس مسكنتي وأمات قلبي عظيم جنايتي فاحيه بتوبة منك يا أملي وبغيتي)

واقرأ في الصحيفة تجد الكثير من هذا الادب الرفيع..حتى لتكاد تشعر بان قلب زين العابدين (ع) يتقطع من خشية الله وشدة التألم من التقصير والمخالفات، ولاننا لا نعيش معنى للادب لله، ونتناسى ان كل امام مهما كان وكل نبي له مخالفات وتقصيرات داخل اطار العصمة، فاننا نحاول ان نصنع المشاكل، ونثير الابحاث الطويلة، ونحاول ان نجمع الاجابات المختلفة عن السؤال القديم: كيف يمكن لزين العابدين وهو الامام المعصوم ان يعترف بالذنوب والتقصيرات والمخالفات امام الله؟ وننسى ان زين العابدين لو آمن بانه لا تقصير له، ولا مخالفة عنده، لما كان معصوماً بحال من الاحوال.

ب: التواضع للمؤمنين: ومن الوان الوعي الذاتي التواضع للمؤمنين وليس المقصود منه التادب معهم واحترامهم وحسن الخلق والمداراة وغير ذلك من التعاملات الخارجية الحسنة فان هذا نتيجة للتواضع لا التواضع نفسه اما التواضع فهو إلا تشعر بكونك اعلى منزلة، ودرجة من أي مؤمن تلقاه.. أو هو أن تشعر بانك اقل المؤمنين حظاً، واخفضهم منزلة.. وهو شعور ضروري ومهم بالقدر الذي هو طبيعي من الإنسان المؤمن، وذلك لان مقياس المسلم في الضعة والرفعة انما هو درجة القرب من الله تعالى ومدى قبوله سبحانه للإنسان وقد تعلم انك اكثر من اخيك المؤمن في العلم، والثقافة كما قد تعلم انك اكثر خدمة منه للدين والمسلمين، بل قد تعلم انك تصلي اكثر مما يصلي، وتعبد اكثر مما يعبد، ولكنك لا يمكن ان تطمئن إلى ان مقامك عند الله تعالى أرفع من مقامه، ومنزلتك اعلى من منزلته، ومن الممكن ان يكون هذا الإنسان الذي تحتقره عيناك ممن ترجو شفاعته غدا، لان له سراً مع الله لا تعلمه انت ولا غيرك. ومن هنا يحكي القرآن الكريم عن بعض أهل النار قولهم.

(...مالنا لا نرى رجالاً كنا نعدهم من الاشرار اتخذناهم سخريا، ام زاغت عنهم الابصار)[13]

وعن ابي جعفر الباقر (ع) عن ابائه عن علي (ع) قال:

(ان الله اخفى اربعة في اربعة.. إلى ان قال: واخفى وليه في عباده فلا تستصغرن عبداً من عبيد الله فربما يكون وليه، وانت لا تعلم)[14]

والإنسان الذي قد يسقط في اعيننا لذنب ارتكبه او خطأ وقع فيه، قد يتوب في مستقبله، ويكون في مراتب القرب من الله تعالى، ونبقى نحن في اوضاعنا الفعلية.

ونتيجة لشعور المؤمن بالتواضع للمؤمنين، واحترامهم الذاتي يتسم سلوكه معهم بالتقديرن والاحترام، والخدمة والانس يصافح الغني، والفقير، والصغير، والكبير، ويسلم مبتدئاً على كل مؤمن، ولو كان عبداً من أهل الصلاة هين المؤنه، لين الخلق، كريم الطبيعة جميل المعاشرة.. كما ورد في صفة الرسول (ص).

 


[1]  نهج البلاغة نص 45.

[2]  الوسائل كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر م 6 ص 395.

[3]  آل عمران/139.

[4]  المنافقون/8.

[5]  الوسائل كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

[6]  الانفال/72.

[7]  اصول الكافي ج 2 ص 165 – 166.

[8]  اصول الكافي ج 2 ص 165 – 166

[9]  اصول الكافي ج2 ص313 ـ 314.

[10]  اصول الكافي ج2 ص313 ـ 314.

[11]  البقرة/ 127.

[12]  سورة ص/24.

[13]  سورة ص62- 63.

[14]  الوسائل مقدمات العبادات 79.