الجانب الروحي والممارسات العبادية جنايات على التربية الروحية
|
الجانب
الروحي
والممارسات
العبادية: توجد
بصدد تحديد
نوعية
العلاقة بين
الجانب
الروحي
والممارسات
العبادية
فكرتان
خاطئتان هما: (1)
–
الفكرة التي
تؤكد على ان
الممارسات
العبادية هي
كل شيء.. وان
الجانب
الروحي انما
هو
الممارسات
العبادية من
اذكار،
ونوافل،
وتبتلات. (2)
–
الفكرة التي
تقطع الصلة
بين الجانب
الروحي
والممارسات
العبادية،
وتفترض ان
بأمكان
الإنسان
المؤمن ان تكون
لديه الملكة
الروحية، وا
ن ينمي
علاقته
الداخلية
بالرسالة من
دون حاجة إلى
المستحبات
والاذكار
وغيرها من
الامور
العبادية
الخاصة. والصحيح
ان
الممارسات
العبادية
شيء،
والجانب
الروحي شيء
آخر، وان
بينهما صلة
وثيقة.. وذلك
لان الجانب
الروحي انما
هي الارتباط
النفسي،
والروحي
بالله تعالى
هذا
الارتباط
والانشداد
الداخلي،
الذي يؤدي
إلى الورع عن
الإسلام..
وهذا المعنى
هو الذي
يعتبر
عنصراً من
عناصر
الشخصية
الإسلامية،
أو محتواها
الحقيقي،
واما
العبادة
الخارجية
فهي ليست
المحتوى
الحقيقي
للشخصية
الإسلامية
وانما لها
دور آخر
سنشير اليه..
والإسلام –
كتاباً وسنة
– عندما يولي
العبادة
الخارجية من
اذكار،
وصلوات
وادعية..
اهتماماً،
وتأكيداً،
فانما هو من
اجل زيادة
الإيمان
بالله،
وحبه،
والاخلاص
له، وتمثل ما
رسمه
للإنسان في
الحياة.. (كتب
عليكم
الصيام، كما
كُتب على
الذين من
قبلكم لعلكم
تتقون)
[1]
وتؤكد
النصوص هذه
الحقيقة..
وهي ان المهم
انما هو
البناء
الداخلي
والانشداد
النفسي،
والعاطفي،
والسلوكي
بالله
تعالى، بل
وتحذر من
الوقوع في
خطأ الخلط
بين البناء
الذاتي
والممارسات
العبادية..
لما لهذا
الخلط من
آثار عملية
وفكرية سيئة
ومن اوضحها
التركيز على
العبادة،
والممارسات
العبادية،
واهمال
المضمون
الداخلي
والتربوي
للإنسان.. (1)–
عن مفضل بن
عمرو قال: (كنت
عند ابي
عبدالله (ع)
فذكرنا
الأعمال
فقلت انا: ما
اضعف عملي،
فقال: مه،
استغفر الله،
ثم قال: ان
قليل العمل
مع التقوى
خير من كثير
العمل بلا
تقوى)
[2].
(1)–
عن ابي بصير
قال: قال رجل
لابي جعفر (ع):
أني ضعيف
العمل قليل
الصيام
ولكني أرجو
أن لا أكل
إلا حلالاً
فقال له: أي
الأجتهاد
أفضل من عفة
بطن وفرج؟[3] وفي
نص صحيح عن
ابي جعفر (ع): (ما
عبد الله
بشيء افضل من
عفة بطن وفرج)
[4] (1)
–
عن عيسى بن
عبدالله انه
قال لابي
عبدالله (ع)
جعلت فداك:
ما العبادة؟
قال:
حسن النية
بالطاعة من
الوجوه التي
يطاع الله
منها..
[5]
إلى
غير ذلك من
النصوص
الكثيرة
الدالة على
هذا المعنى.. اذن
فالأساس في
الجانب
الروحي،
والمهم في
نظر الإسلام
تربوياً هو،
الصلة
الداخلية
بالله،
والأنشداد
النفسي
والعمل.. لا
كثرة
العبادة.. هذا
من جهة.. ولكن
من الجهة
الأخرى فأن
الممارسات
العبادية،
وكثرة
الأذكار،
والتنفلات
هي جزء مهم
من الإسلام
وليست اضافة
غريبة عليه،
وقد ورد الحث
الشديد
عليها في
القرآن
الكريم،
والسنة
المطهرة،
وسجل لنا
التأريخ حرص
الأئمة
البالغ على
إدائها،
والقيام بها[6]
ومن الواضح
ان الإسلام
إذ يؤكد على
هذه
الممارسات
العبادية،
فلا يؤكد
عليها بما هي
أصوات،
وحركات،
وطقوس. وانما
ينبع تأكيده
عليها،
لصلته
الوثيقة
بالارتباط
النفسي
والروحي
بالله
سبحانه.. أي
بوصفها
عاملاً
تربوياً
وسبباً من
أسباب تصعيد
الأيمان في
المشاعر،
والعواطف
والأرادة..
فهذا الحث
الأخلاقي
والتشريعي
يكشف عن (صلة
واقعية) بين
الممارسات
العبادية
والمحتوى
الداخلي
للشخصية
الإسلامية،
وهي صلة لا
يمكن عملياً
– بموجبها – ان
نتصور مستوى
روحياً
جيداً، من
دون ممارسة
عبادية
جادة، تتمثل
في مجموعة من
الحركات
العبادية
والأذكار،
والصلوات –
المستحبة
بالطبع –
وهكذا تلاوة
القرآن
الكريم،
ومتابعة
الأدعية،
وما شاكل ذلك. ان
من حسنات
الإسلام
الكثيرة
علينا – ومن
نعم الله
سبحانه – انه
كما اوضح لنا
الأهداف
التربوية
كذلك حدد لنا
عموماً
وسائلها،
ولم يترك هذا
الإنسان
يتخبط في
تحديد
الوسائل،
والأساليب
التي تربطه
نفسياً،
وشعوراً
بالغيب، شخص
الله سبحانه
في تشريعه
المنزل:
الصلاة
والاذكار،
والصيام،
وتلاوة
القرآن
الكريم،
والدعاء..
كوسائل
لتنمية
الروح..
وبناء الذات
الرسالية
وليس
بأمكاننا ان
نقفز من على
الأساليب
الربانية
لنصل إلى
هدفنا
التربوي
الخطير،
انما نصل
إليه بواسطة
تمثل هذه
الأساليب،
وتبنيها
عمليا.. وكما
ان
الممارسات
العبادية (عامل)
تربية
للبناء
الروحي كذلك
هي (نتائج)
لان العلاقة
الداخلية
بالله تظهر
على السلوك،
لا بشكل
طاعة،
والتزام
فقط، وانما
عبادة،
وخشوع،
وتضرع،
واذكار
ايضاً.. نلخص
من كل هذا. (ثانياً):
أن هناك
علاقة وثيقة
بين
الأنشداد
النفسي
العاطفي،
والشعوري،
والعملي
بالله،
الجانب
الروحي،
وبين
الممارسات
العبادية
لان تكوين
الجانب
الروحي
وتنميته لا
يتم من
الناحية
العملية، من
زاوية
النظرية
الإسلامية
التربوية
إلا من خلال
الممارسات
العبادية
وأمثالها،
ونقصد من
الممارسات
العبادية في
كل ما سبق
الممارسات
العبادية،
التي تمثل
العبادات
الواجبة
المؤداة
بصورتها
الصحيحة،
والفضلى
والعبادات
المستحبة. جنايات
على التربية
الروحية: نلاحظ:
ان الإنسان
المسلم –
وحتى بعض من
كتب في هذه
المجالات –
يعاني من
الضعف
الروحي..
وضعف
الانشداد
النفسي
بالله تعالى..
من عوامل ذلك
صعوبة
التعامل
النفسي مع
الغيب لان
الإنسان
بحكم تكوينه
المرتبط
بالمادة،
وانغماسه في
الحس
ذهنياً،
ونفسياً لا
يجد من السهل
ان يتعالى
على ذلك،
ويعلق
شعوره،
وقبله بالله
سبحانه
ويقطع نفسه
من الدنيا،
ومعانيها
الخداعة..طبيعة
المذهب
البشري
الميال إلى
التفكير
الحسي[7]
وغرائز
الإنسان،
وشهواته
التي تتطلب
السرعة،
والعجلة في
التنفيذ[8]
عاملان
داخليان
لاضعاف
التوجه
الروحي في
المشاعر
والوجدان،
والارادة. ويضاف
إلى ذلك،
وعوامل اخرى
تساعد على
ضعف البناء
الروحي
للإنسان
المسلم: (1)
–
الصورة
المشوهة
التي كونتها
الاتجاهات
الروحية
المنحرفة،
إذ يقترن
الآن في ذهن
الإنسان
المسلم – أو
بعض
المؤمنين –
التربية
الروحية
العبادية
الكثيرة
التي تهدف
إلى خلق
الروح
الإسلامي
المشدود إلى
الله يقترن
هذا بأعتزال
الناس،
والقطيعة
الاجتماعية،
والتنصل عن
المهام
الرسالية في
الحياة،
والنماذج
المتدينة،
والاتجاهات
المنحرفة في
التربية
الروحية، ان
الافراط – لو
صح هذا
التعبير – في
التربية
الروحية
واختلال
التوازن
السلوكي على
حساب العمل
الاجتماعي
أدى إلى
تفريط هذه
التربية،
وردود فعل
نفسية سلبية
تجاهها. وان
توضيح
المفهوم
الإسلامي
الصحيح حول
الإعداد
والتربية
الروحية،
والعمل على
القاء
الاضواء على
حياة الرسول
(ص) والائمة
الصالحين
الذين عانوا
في العمل
الاجتماعي،
في جانبها
العبادي
المشرق،
واقتران
الدعوة إلى
التربية
الروحية
بشجب
التيارات
المنحرفة
فيها من
الامور
الضرورية،
في مواجهة
هذا التعامل
التاريخي
السلبي. (2)
– الجو
الحضاري
والاجتماعي
الذي يقوم
على اسس
أخلاقية
وفلسفية
تختلف عن قيم
الإسلام،
واخلاقة
وتصوراته عن
الحياة ان
هذه
الحضارات
المادية
التي يشيع
تأثيرها في
كل مكان
لقادرة على
ان تستوعب
تيارات
اجتماعية،
وفكرية
مختلفة وهي
لا تمانع مع
انتشار هذه
التيارات
شريطة ان لا
يكون لهذه
التيارات
مضمون
حياتي،
واخلاقي، أو
حضاري جديد
يختلف عنها
بأمكان هذا
الإنسان
المسلم ان
يعمل
للإسلام
ويوضح
افكاره
كمبدأ
اقتصادي
واجتماعي..
دون ان يشعر
بـ (ازدراء)
اجتماعي
وحضاري خاصة
إذا فرغ
الإسلام من
مضمونه
الاخلاقي..
اما ان يدعو
هذا الإنسان
المسلم إلى
صياغة إنسان
جديد.. يقوم
على أساس
الانشداد
النفسي
والشعوري،
بالله
والزهد في
الدنيا. او
هو يبني نفسه
على أساس، من
ذلك فهذا (نشاز)
في وعي
الإنسان
المعاصر
الذي يزدري
بسهولة هذه
المفاهيم
وهذا عامل
مهم من عوامل
ضعف البناء
الروحي لان
للايحاء
الحضاري
والاجتماعي
اثراً
كبيراً في
شخصية الفرد. (3)–
التحدي
الثقافي
الغربي
للإنسان
المسلم
يفترض على
هذا الإنسان
ان يقوم
بعملية رد
على هذا
التحدي،
والذي يحدث –
عادة – في مثل
هذه الحالات
هو ان يفقد
الإنسان
المسلم
اصالته،
وصدوره عن
منبع ثقافي
وروحي أصيل..
وتكون
ثقافته،
ومواقفه
مجرد ثقافة
ومواقف (دفاعية)
وهذه مسألة
مهمة تدعو
إلى
التفكير،
والتأمل.. عناصر
الجانب
الروحي: تشتمل
الروحية
الإسلامية
على ثلاثة
عناصر
رئيسية: (الأول):
الوعي
الإيماني
وتعنى – هنا –
المدركات
الذهنية
التي تتمتع
بالاستحضار
المستمر،
والمعايشة
الدائمة من
قبل الإنسان
المؤمن
كالإيمان
بالله
تعالى،
واليوم
الآخر
والشعور
بالحركة
التاريخية،
ووحدة
المسيرة...الخ. (الثاني):
الوجدان
الإسلامي
ويشمل
العواطف كحب
الله تعالى،
وحب
المؤمنين،
والانفعالات،
كالخوف،
والرجاء من
الله،
والغضب له. (الثالث):
الارادة،
والاخلاص،
أو الدافع
الديني في
شخصية
الإنسان
المسلم،
الذي ينظم
حركة هذه
الشخصية
وتصرفاتها،
ويعتبر
الجهاز
الحاكم فيها. وسندرس
هذه العناصر
ان شاء الله
تعالى..
تباعاً ثم
نسجل بعد ذلك
ان شاء الله
الوسائل
التي وضعها
الإسلام
لبناء
الجانب
الروحي
وتنميته. ومنه
تعالى نستمد
التوفيق
والسداد.. [1]
نفس
المصدر
ج 2 ص 79 [2]
اصول
الكافي
ج 2 ص 79 [3]
اصول
الكافي
ج 2 ص 83 [4]
ولعل
الامامين
العليين
أمير
المؤمنين (
وعلي ابن
الحسين (ع)
كانا اكثر
مبالغة
وجهداً من
باقي
الائمة (ع) في
ذلك.. ففي خبر
صحيح عن ابي
عبدالله:
(كان
علي بن
الحسين (ع)
إذا اخذ
كتاب علي (ع)
فنظر إليه
قال: من يطيق
ذا؟ من
يطيق
ذا، قال: ثم
يعمل به
وكان إذا
قام إلى
الصلاة
تغير لونه
حتى يعرف
ذلك من وجهه
وما
اطاق عمل
علي (ع) من
ولده من
بعده إلا
علي بن
الحسين (ع)
ويؤكد هذا
المعين
اخبار
اخرى (الوسائل
– مقدمات
العبادات –
باب
20 ص 3) وفي
بعضها انه
دخل ابو
جعفر (ع) على
ابيه على بن
الحسين
فإذا هو قد
بلغ
من
العبادة
مالم يبلغه
احد فراه قد
اصفر لونه
من السهر
ورمضت
عيناه من
البكاء
ودبرت
جبهته
وانحراف
انفه من
السجود
وورمت
ساقاه
وقدماه من
القيام في
الصلاة:
وقال ابو
جعفر
فلم ا ملك –
حين رايته
بتلك الحال –
البكاء
فبكيت رحمة
له فإذا هو
يفكر
فالتفت
الي
بعد هنيئة
من دخولي
فقال يابني
اعطني بعض
تلك الصحف
التي فيها
عبادة علي
بن
ابي طالب (ع)
فاعطيته
فقرأ فيها
شيئاً
يسيراً ثم
تركها من
يده تضجرا
وقال: (من
يقوى على
عبادة علي
بن ابي طالب (ع))؟
باب 20 ص 68
الوسائل. [5]
الإنسان
وان
كان يميل
طبيعياً
إلى
التفكير
الحسي إلا
انه قادر
على
تجاوز
المعرفة
الحسية..
فهذا وغيره
من (القوانين
الاقتضائية)
وليس من (القوانين
الحتمية). [6] (زين
للناس حب
الشهوات من
النساء
والبنين
والقناطير
المقنطرة
من الذهب
والفضة
والخيل
المسومة
والانعام
والحرث ذلك
متاع
الحياة
الدنيا
والله عنده
حسن الثواب) (آل
عمران). (ويدع
الإنسان
بالشر
دعاءه،
بالخير
وكان
الإنسان
عجولا) (الاسراء) [7]
الإنسان
وان كان يمي
طبيعياً
إلى
التفكير
الحسي إلا
انه قادر
على تجاوز
المعرفة
الحسية..
فهذا وغيره
من (القوانين
الاقتضائية)
وليس من (القوانين
احتمية). [8] (زين
للناس حب
الشهوات من
النساء
والبنين
والقناطير
المقنطرة
من الذهب
والفضة
والخيل
المسومة
والانعام
والحرث ذلك
متاع
الحياة
الدنيا
والله عنده
حسن الثواب)
(آل عمران). (ويدع
الإنسان
بالشر
دعاءه
بالخير
وكان
الإنسان
عجولا)
(الإسراء). |
|