الزهد معنى نفسي الزهد: معنى نفسي الزهد تحرر والصبر إرادة طمأنينة الوجدان الإسلامي العلاقة الوجدانية بالرسالة ونجاح الدعوة الحد من العلاقة الوجدانية بالدعوة |
(الزهد
معنى نفسي): من
خلال ما مر
نعرف ان
الزهد معنى
نفسي، يرجع
إلى طبيعة
القيم
النفسية،
والميول
الذاتية،
والعاطفية
للإنسان وهو
وان كان له
اثار عملية
غير انه ليس
معنى
سلوكياً. فليس
الزهد إذا
بتضييع
المال،
وتحريم
الحلال،
وتطليق
الحياة،
والتظاهر
بالفقر مع
مجموعة
هائلة من
الاوساخ
والقذارات
تشهد على هذه
النصوص
التالية: (ليس
الزهد في
الدنيا
باضاعة
المال، ولا
تحريم
الحلال، بل
الزهد في
الدنيا أن لا
تكون بما في
يدك اوثق منك
بما عند الله
عزوجل)[1]
في
حديث معتبر: (ان
رجلاً قال
لابي
عبدالله (ع): (والله
انا لنطلب
الدنيا ونحب
ان نؤتاها
فقال: تحب ان
تصنع بها
ماذا؟ قال:
اعود بها على
نفسي،
وعيالي،
واصل بها،
واتصدق بها،
واحج
واعتمر،
فقال ابو
عبدالله (ع):
ليس الزهد
طلب الدنيا
هذا طلب
الآخرة)[2]
وعن
علي بن
الحسين (ع): (الا
وان الزهد في
آية من كتاب
الله عزوجل). (لكي
لا تأسوا على
مافاتكم،
ولا تفرحوا
بما اتاكم)[3]
وغير
ذلك من
النصوص
الدالة على
كون الزهد
المطلوب هو
معنى نفسي
ووجداني.. (ليكن
طلبك
للمعيشة فوق
كسب المضيع
ودون طلب
الحريص
الراضي
بدنياه
المطمئن
إليها ولكنه
انزل نفسك من
ذلك بمنزلة
المنصف (النصفخ
ل) المتعفف،
ترفع نفسك عن
منزلة
الواهن
الضعيف
وتكسب ما لا
بد للمؤمن
منه. ان
الذين اعطوا
المال ثم لم
يشكروا لا
مال لهم)[4] ان
وقت المؤمن،
وهمومه،
ودوره الذي
ينتظره في
الحياة
الإسلامية
لا يتسع
للطلب
الزائد،
والملاذ
الكثيرة،
والمساعي
الشخصية إلا
بالقدر الذي
يهيء له
ضرورة
العيش،
وضرورة
الحياة، وكل
ما عدا ذلك
فهي احابيل
الشيطان،
وشباكه التي
يصطاد بها
الكثير من
المؤمنين
ويخرجهم بها
من دائرة
العمل في
سبيل الله
الجهاد
للرسالة إلى
دائرة
الحياة
الشخصية
التافهة
الصغيرة. (الزهد
تحرر،
والصبر
ارادة): (وان
لا تكون بما
في يدك اوثق
منك بما عند
الله) ويختلف
الصبر عن
الزهد في ان
الصبر يتمثل
في ضبط
النفس،
ومخالفة
الهوى، فهو
ارادة حازمة
امام القيم
الذاتية،
وشهوات
النفس،
واهوائها،
اما الزاهد
فهو الغاء
الاهواء
وقطع القلب
من كل ما عدا
الله وهو
بذلك اعلى
منزلة من
الصبر وان
كان مرحلة في
الطريق اليه. عن
امير
المؤمنين (ع): (الناس
ثلاثة: زاهد،
وصابر،
وراغب، فاما
الزاهد: فقد
خرجت
الاحزان،
والافراح من
قلبه فلا
يفرح بشيء من
الدنيا ولا
يأسى على شيء
منها فاته،
فهو مستريح،
واما الصابر:
فانه
يتمناها
بقلبه فإذا
نال منها
الجم نفسه
عنها بسوء
عاقبتها،
وشنآتها،
ولو اطلعت
على قلبه
لعجبت من
عفته،
وتواضعه،
وحزمه، واما
الراغب: فلا
يبالي من اين
جاءته
الدنيا من
حلال او حرام
ولا يبالي ما
دنس فيها
عرضه، واهلك
نفسه، واذهب
مروءته فهم
في غمرة
يعمهون،
ويضطربون) (طمأنينة
الوجدان
الإسلامي): وجدان
الإنسان
الجاهلي في
اضطراب
دائم، وقلق
مستمر،
وانفعال
قتال، ذلك أن
وجدانه
يرتبط
بالدنيا
ومفاهيمها،
والدنيا،
ومعانيها في
تغير من حال
إلى حال لا
استقرار
فيها، ولا
ركون.. وهذا
الاضطراب،
والحركة،
والتغير
الذي يقع في
الاوضاع
الدنيوية
للإنسان
ينعكس على
وجدانه
فيمزقه،
ويتركه في
لجة من
الاضطرابات
والانفعالات
السريعة
القوية.. اما
الإنسان
المؤمن
فقلبه
مطمئن،
ووجدانه
هاديء. (الذين
آمنوا
وتطمئن
قلوبهم بذكر
الله)، (يا
أيتها النفس
المطمئنة،
ارجعي إلى
ربك راضية
مرضية،
فادخلي في
عبادي،
وادخلي جنتي)[5] وهذه
احدى سمات
الوجدان
الإيماني..
الطمأنينة
بذكر الله..
وتنعكس على
سلوكه،
وتعامله مع
الناس،
ومشيه على
الارض بين
الناس. (وعباد
الرحمن
الذين يمشون
على الارض
هونا، واذا
خاطبهم
الجاهلون
قالوا سلاما)[6]
وتنبع
عن قطع القلب
بالمعنى
المتغير
المتذبذب،
والرائح
الجائي الذي
ينعكس
اضطرابه،وتذبذبه
على كل قلب
تعلق به،
وانشد إليه
من جاه،
وبنين،
ومال، ورفاه..
وغير ذلك من
دنيا الناس،
وهمومهم. 1
– الخوف
والقلق. 2
– الجزع
والضيق. 3
– الغضب،
والاحقاد
الشخصية. 1
– قلق
الإنسان،
وخوفه على
ماله من
الضياع،
وتجارته من
الخسران،
والكساد،
وخوفه،
وقلقه على
اوضاعه
الهادئة من
ان تصاب بأذى
ومتاعب،
وقلقه،
وخوفه على
حياته من ان
تتعرض
للمخاطر..
ومركزه،
وجاهه ان
يصاب بسوء
هذه وغيرها
هي المخاوف
التي
اعتادها
الناس، ووعي
المؤمن
للحياة
بصورة اخرى
غير الصورة
المادية،
واتجاهه
النفسي
المتمثل
بالزهد
بالمعاني
الدنيوية..
هما الامران
الكفيلان في
مواجهة عقد
المخاوف،
والقلق، ان
زهد المؤمن
بالمال
وزهده
بالراحة،
والرخاء،
والامن إذا
ما قيسا إلى
الراحة
الابدية
والرخاء
الابدي،
وزهده
بالحياة
الدنيا
بالقياس إلى
الحياة
الابدية،
السعادة
الدائمة، أن
هذا الزهد
لكفيل بالحد
من درجة
المخاوف، أو
ازالته من
صفحة النفس
نهائياً،
لان الخوف،
والقلق لا
يكون إلا
بالنسبة إلى
المعاني
التي تملك
النفس وتملأ
الوجدان،
والزهد في
منطق
الإسلام هو
التحرر
الوجداني من
هذه
الاشياء،
والمعاني. واذا
كانت قمة
مخاوف
الناس،
وقلقهم،
وخوفهم على
انفسهم من
المكاره،
والاذى،
وخوفهم على
حياتهم من
الخطر،
الهلاك، فان
المؤمن
المشبع بروح
الرسالة..
المربى على
هدي كتاب
الله يأنس
بالموت في
سبيل الله
كما يأنس
الطفل بثدي
امه. (وذلك
بانهم لا
يصيبهم ظمأ
ولا نصب، ولا
مخمصة في
سبيل الله
ولا يطؤون
موطئا يغيظ
الكفار ولا
ينالون من
عدو نيلا إلا
كتب لهم به
عمل صالح ان
الله لا يضيع
اجر
المحسنين)[7]
واذا
كان الناس
يفرون من
الموت فان
المؤمن
بدلاً عن ذلك
يستعد له،
وينتظره
بفارغ الصبر
ويتطلع إلى
اليوم الذي
يستشهد فيه
في سبيل الله
ولو على يد
شر خلق الله،
وذلك لان من
مؤمن
الرسالة لا
ينظر إلى
الموت في
سبيل الله
على أنه
اعدام
الحياة.. بل
على انه
بداية
الحياة
الحقيقية
التي يجهلها
الناس، ولا
يلقاها إلا
ذو حظ عظيم. (ولا
تقولوا لمن
يقتل في سبيل
الله اموات
بل احياء
ولكن لا
تشعرون)[8] 2
– ومن مظاهر
اضطراب
الشخصية
الإنسانية
الجزع
والضيق عند
المصيبة،
والفشل. (خلق
الإنسان
هلوعا، إذا
مسه الخير
منوعا، واذا
مسه الشر
جزوعا)[9]
وللشر
الدنيوي
اشكال كثيرة
خسارة في
مال، فقدان
ولد، أو حبيب..
سقوط
الهيبة،
والمكانة في
اعين الناس،
فشل مشروع
عملي..الخ..
والاستثناء
الوحيد من
هذه القاعدة
هم المصلون
المؤمنون
الذين
يعيشون
صلاتهم مع
ربهم
احاسيس،
وتوجهات
والواقع ان
مصائب الناس
هذه ليست
مصائب عند
المؤمن حتى
يجزع عليها،
أو تضيق نفسه
بها.. ولو
صدقت عليها
انها مصائب
بالنسبة له،
فانما تقع
عليه، وهو
يعاملها ضمن
تصور شامل
للوجود،
والحياة،
ومفاهيم
واقعية
يتعزى بها
المؤمن،
ويستلهم
منها
الثبات،
ويستمد منها
الطاقة. المؤمن
أساساً.. لا
يصل انفعاله
عند المصيبة
الشخصية إلى
حد الضيق
فضلاً عن
الجزع.. لان
مستوى (الزهد)
عنده، ودرجة
ارتباط قلبه
بالله تعالى
يخففان من
درجة (الاصابة)،
والتأثر
بالحدث، ولا
يمنع هذا من
ان تدمع عينه
على فلذة
كبده مثلاً،
وهو يموت بين
يديه، ويحزن
قلبه حزناً
ضعيفاً
هادئاً..
ولكن لا
يتضايق، ولا
يقول مالا
يرضي الرب
ولا يستقل
منه شيء. ان
المؤمن
يحافظ على
درجة كبيرة
من الانفتاح
النفسي على
الحياة،
والابتسام
لها مهما
تداكت عليه
المصائب
ونزلت به
النوائب
الشخصية
وحلت به
الخطوب،
والانتكاسات..
والذين
يبكون من كل
شيء،
ويضيقون من
كل حدث
ويسودون وجه
الحياة
البسام،
فانهم
يعوزهم
الكثير
الكثير من
معاني
الإيمان
ودرجات
التعالي
الروحي،
والزهد
الواعي
الأصيل. 3
– والغضب،
والاحقاد
الشخصية.. هي
الاخرى مما
يأكل في قلوب
الناس،
ويمزق
تماسكم
الشخصي..
الغضب للذات
عندما تهان،
أو تتعرض
لبعض
الالوان
البسيطة أو
الشديدة من
الاعتداءات،
والاخطاء في
حقها. والحقد
على الإنسان
الذي يرتكب
بعض الأعمال
المشينة عن
غفلة أو تعمد..
أو على
الإنسان
الذي يهبه
الله بعض
القابليات،
والقدرات
التي يتقدم
بها علينا،
ويبرزها في
مراكزنا..
هذا جزء آخر..
ووجه اخر
لاضطراب
الوجدان
البشري..
ولكن
الوجدان
الذي لم يرب
في ظل هداية
الله تعالى..
فان الغضب
حسب ما توحي
به هذه
الهداية
يفسد
الإيمان كما
يفسد الخل
العسل. (ان
هذا الغضب
جمرة من
الشيطان
توقد في قلب
ابن آدم وان
احدكم إذا
غضب احمرت
عيناه،
وانتفخت
اوداجه،
ودخل
الشيطان فيه)[10]
ان
هذا الغضب من
الشيطان
لانه ينبع من
قيم شخصية
ذاتية ومن (انا)
فاسد لانضج
فيه، وان
الغضب يفسد
الإيمان..
لان الغاضب
في غضبه يخرج
عن حدود
المنطق
الديني،
والمنطق
الاخلاقي. وكذلك
الحال في
الحقد،
والعداوة
الشخصية..
التي تصدر من
وجهة نفسية
عن قيم
انانية، خبث
في الذات
والمؤمن لا
يكون
مؤمناً، وهو
حاقد على
اخيه، أو
كاره له حتى
يرجع إلى حبه
فان المؤمن
يأنس إلى
اخيه المؤمن
كما يأنس
الضمآن إلى
الماء.. أو
كما يأنس
الطير إلى
وكره واين
هذا من حقد
متأصل،
وعداوة
متمكنة من
القلب مفسدة
له، ان
المؤمن
ليتسامى فلا
يرد على
الاساءة.. بل
وهو في اكثر
الاحيان لا
ينظر إليها
على انها
اساءة، أو
يحسب لها في
نفسه أي حساب..
في خبر معتبر
عن ابي
عبدالله (ع)
قال: قال
رسول الله (ص)
في خطبته: (الا
اخبركم بخير
خلائق
الدنيا
والآخرة؟
العفو عمن
ظلمك، وتصل
من قطعك،
والاحسان
إلى من اساء
اليك،
واعطاء من
حرمك)(الاصول
ج 2 ص 107) وان
المؤمن ذو
قلب، رحيم،
عطوف حنون
يسامح ويكظم
الغيظ،
ويعفو عن
الناس وان
اساءوا،
ويصلهم وإن
قطعوا
ويحترمهم
وان اهانوا،
والمؤمن
اسمى من ان
يصدر عن غيض،
وينطلق عن
غضب، أو حقد
وكيف يعرف
قلبه
الاحقاد وقد
تمكنت فية
هداية الله
وحب
المؤمنين؟ (العلاقة
الوجدانية
بالرسالة
ونجاح
الدعوة): المؤمن
في الاساس
ينطلق في
عمله
الرسالي
الدعوتي،
لان الله
تعالى يطلب
منه ذلك،
ولانه يثيبه
عليه.. ولكن
الإنسان
المسلم لا
يتعامل مع
عمله على
أساس انه (مسؤولية)
يريد التنصل
منها،
وابراء
ذمته،
وعهدته من
عبء الامر،
والطلب
الالهي.. بل،
ولا يتعامل
معه على انه (طريق
للثواب)
الاخروي..
فقط.. وانما
تنشأ عنده
قبل العمل
لله،
واثناءه
علاقات
وجدانية
تتمثل في حب
هداية
الناس،
والتطلع إلى
تغييرهم،
واصلاح
دينهم،
واخرتهم،
وينشط لديه
الحس
الاخلاقي
فيهمه أمر
الناس،
والاحسان
إليهم
وطاعتهم لله..
ففي الرواية
عن عمار
السابطي قال
قلت لابي
عبدالله(ع) (ايما
افضل
العبادة في
السر مع
الامام منكم
المستتر في
دولة
الباطل، أو
العبادة في
ظهور الحق،
ودولته، مع
الامام منكم
الظاهر؟
فقال: ياعمار
الصدقة في
السر والله
افضل من
الصدقة في
العلانية
وكذلك والله
عبادتكم في
السر مع
امامكم
المستتر في
دولة الباطل
وتخوفكم من
عدوكم في
دولة
الباطل،
وحال الهدنة
افضل ممن
يعبد الله
عزوجل ذكره
في ظهور دولة
الحق مع امام
حق ظاهر في
دولة الحق.. ثم
قال عمار:
قلت: جعلت
فداك فما ترى
إذا ان نكون
من اصحاب
القائم،
ويظهر الحق،
ونحن اليوم
في امامتك
وطاعتك افضل
أعمال من
اصحاب دولة
الحق
والعدل؟ فقال
(ع):
(سبحان
الله اما
تحبون ان
يظهر الله
تبارك
وتعالى
الحق،
والعدل في
البلاد،
ويجمع الله
الكلمة
ويؤلف الله
بين قلوب
مختلفة، ولا
يعصون الله
عزوجل في
ارضه وتقام
حدوده في
خلقه، ويرد
الله الحق
إلى اهله
فيظهر حتى لا
يستخفي
بشيء، من
الحق مخافة
احد من الخلق)[11]
وهكذا
لا يريد
الامام ان
يجعل من قضية
تطبيق حدود
الله أو
اقامة
دعائم،
ومعالم
رسالته في
الارض مجرد
قضية
مسؤولية
باردة..
يتهرب عنها
الإنسان في
أي لحظة
يتوهم فيها
أن عملاً آخر
اكثر
ثواباً،
واجراً..
ويتعامل
معها
تعاملاً
فردياً
جافاً،
وانما هي
قضية رسالة
ربانية..
وارادة الله
تعالى في
الارض يكتل
لها الامام،
والإسلام
القيم
الدينية
النفسية
المتعلقة
بالثواب،
والقيم
العاطفية
الراجعة إلى
حب الله، وحب
رسالته،
والغضب
لمحارمه،
إذا أنتهكت،
والقيم
الإنسانية
الاخلاقية
المتعلقة
بالعدل،
والاحسان،
والتأليف
بين القلوب،
وامثالها من
المعاني،
التي لا يريد
الإسلام ان
يميتها،
ويذيبها في
الحس الديني
بمعناه
الضيق
المحدود
وانما
يشركها في
عملية
البناء
والتربية. ونتيجة
للتعامل
العاطفي مع
قضية الدعوة..
والعلائق
الوجدانية
بها، فمن
المعقول ان
يألم المؤمن
في اللحظات
التي ينحرف
فيها الناس،
ولا تحقق
الدعوة
نجاحاً
حسياً
ملموساً
ويحس بحزن
هاديء رزين،
وتصيبه
حالات من
التحسر على
الناس وشيء
من الاسى
المخفف ومن
الطبيعي ان
يسر، ويفرح
عندما يتحقق
نحو من
التقدم
للدعوة
والعمل عند
الناس.. وليس
في هذا ما
ينقص من دينه
وارتباطه
بالناس..
وهذه سيرة
الرسول (ص)
والائمة (ع)
حاشدة
بالامثلة
على هذه
الاواصر
القلبية،
والتعلق
الوجداني (العاطفي،
والانفعالي)
بينهم وبين
الدعوة ومع
الناس..
واسبق
الامثلة إلى
الاذهان.. ما
يبدو من خلال
القرآن
الكريم من ان
رسول الله (ص)
وهو قمة ما
امكن للهدى
الالهي ان
ينشئه
ويربيه – كان
يتحسر على
قومه ويصيبه
نحو من انحاء
الالم
النفسي على
أنهم لا
يؤمنون.. وكل
ما حاوله
كتاب الله
تعالى هو ان
عزاه وسلاه،
والفت نظره
إلى وسائل
التثبيت،
والتسلية،
والعزاء من
خلال معايشة
التصور
الرباني
للحياة..
واللجوء إلى
الله. (الحد
من العلاقة
الوجدانية
بالدعوة): 1
– أن تنمو
العلاقة
العاطفية
بالدعوة إلى
الله والى
رسالته.. على
حساب
العلاقة
العاطفية
بالله تعالى
نفسه.. بحيث
يكون حب
الدعوة اكبر
من حب الله..
وتتقدم
بالتالي
قضية الدعوة
من الناحية
العملية على
قضية
الالتزام
الشرعي
والتعبد
بحدود
الشريعة،
وخط الإسلام
يذكرنا هذا
بالمحاولات
التي كانت
تبذل من قبل
بعض اصحاب
الامام (ع) من
اجل حمله (ع)،
لانتهاج بعض
الوسائل
والاساليب
ليبقى الناس
إلى صفه،
ويتحركوا
للجهاد..
وكان جوابه (ع)..
انني اعرف ما
يصلحهم،
ولكن لا اريد
اصلاحهم
بفساد نفسي.. ان
الهدف
النهائي في
الدعوة.. وكل
ما يتصل بها
من تخطيط،
وجهود هو رضا
الله سبحانه..
وان المنبع
النفسي الذي
نشأت عنه
العلاقة –
العاطفية
والوجدانية
بقضية
الإسلام هو
العاطفة
الربانية
والوجدان
الديني.. فلا
يمكن بحال ان
تكون
العاطفة
الدعوتية في
شخصية
الإنسان
المسلم –
اركز، واقوى
من العاطفة
الدينية.. أو
العاطفة
الالهية
بحيث تحكمها
وتتمكن منها
عند التزاحم
والتعارض. وقد
نلاحظ في
واقعنا
التربوي بعض
النماذج
التي تعكس
الامور،
وتجعل قضية
الدعوة (هدفاً)
وقضية الله (وسيلة)
لا بمعنى
النفاق،
والعياذ
بالله.. ولكن
بمعنى ان
الاصالة
النفسية
للدعوة
والرجحان
لها في كثير
من موارد
التزاحم
والتعارض. وقد
تكون
الاستقامة
السلوكية..
وسيلة
للتأثير في
الناس، وقد
يفسر في هذا
الاتجاه
وهو، ان لا
يملك الهدف
الاجتماعي
سوى قيمة
نفسية اضعف
من القيمة
النفسية لله
تعالى، وفي
طولها لا في
عرضها – قوله
تعالى: (يا
أيها الذين
آمنوا عليكم
انفسكم لا
يضركم من ضل
إذا اهتديتم
إلى الله
مرجعكم
جميعاً
فينبئكم بما
كنتم تعملون)[12]
فليس
في الآية
دلالة على
النهي عن
هداية
الناس،
وامرهم
بالرشاد لان
الأمر
بالمعروف،
والعمل في
سبيل هداية
الناس من
شؤون هداية
النفس،
فالإنسان لا
يهتدي، إلا
إذا امتثل
اوأمر الله
بما فيها
الأمر
المتعلق
بهداية
الناس،
والاهتمام
بشؤون
المسلمين. وانما
تهدف الآية –
في ضوء بعض
التقادير –
إلى النهي عن
أن ترتبط
قلوب
العاملين
الإسلاميين
بالناس،
وهدايتهم
بحيث تكون
هداية الناس
هي الأول،
والاخير،
والشغل
الشاغل،
والمعبود من
دون الله..
انما المؤمن
الرسالي
حقاً هو ذلك
الذي يعبد
الله ولا
يعبد سواه،
ويهدف
بالدرجة
الأولى إلى
هداية نفسه،
وعبادة الله.
واذا كانت
هداية
النفس،
وعبادة الله
تنتهي إلى
الاهتمام
بامور
المسلمين،
والعودة إلى
الخير،
والأمر
بالمعروف
والنهي عن
المنكرفليس
هذا سوى (شأن)
من شؤون
هداية
النفس، وليس
له شخصية
مستقلة، أو
كيان خاص. 2
– والنقطة
الثانية: هي
ان لا تخرج
العلاقة
الوجدانية
بالدعوة،
والعمل إلى
مستوى يضر
العمل، ولا
يخدمه.. فان
العواطف
الدعوتية قد
تدعو
الإنسان إلى
تجاوز مصالح
العمل
والدعوة
والاصرار
بها.. لان من
طبيعة
العاطفة أن
تكون عمياء..
وانما تكتسب
رؤيتها من
العقل
والانتباه. والأمر
كذلك
بالنسبة إلى
الانفعالات..
فقد يؤدي
تجمد
الدعوة،
وتكذيب
الناس،
وسخريتهم،
واعراضهم عن
الرسالة إلى
حدوث شيء من
الحزن
الهاديء،
والألم
النفسي
البطيء. وهذا
الأمر طبيعي
نتج عن الحد
الأدنى
المعروض من
العواطف
الرسالية..
ولكن قد يؤدي
ذلك إلى (الضيق)
النفسي،
والهلاك،
والاحساس
بالفشل وهذا
معنى مرفوض
من وجهة نظر
الإسلام
التربوية
لان مثل
الانفعالات
التي لا
يحتفظ
الإنسان
المسلم معها
بالحد
الأدنى من
الانفتاح
النفسي الذي
تستلزمه
الدعوة،
ويستلزمه
الاستمرار
فيها وزيادة
فعاليتها،
وتنشيطها،
مثل هذه
الانفعالات
لا تكون في
مصلحة
العمل،
وانما على
حسابه، وعلى
حساب الدعوة
والرسالة
خاصة إذا ادى
مثل هذا
الضيق إلى
شيء من
الحيف،
والانحراف
والخروج عن
الجادة
الإسلامية
من الزاوية
النفسية،
والفكرية. وهذا
هو الذي كان
الهدي
الالهي يحول
بينه، وبين
رسول الله (ص)
في اللحظات
الحرجة،
والايام
الصعبة..
ايام
التكذيب،
والسخرية،
والاعراض..
أيام
الغربة،
والجفاء،
والضيق،
والاضطهاد..
فليس المهم
ان لا يألم
رسول الله (ص)
ولا يحزن على
الناس.. ولكن
المهم ان لا
تتطور هذه
الحالة إلى
معنى لا
ينسجم مع
النموذج
الامثل
للشخصية
الإسلامية..
كان الهدي
الالهي يحول
بين هذا
المعنى وبين
رسول الله
وذاك من خلال
تذكيره
بالله تعالى
وتحسيسه
بالتصور
الرباني
للكون،
والحياة،
وحثه على
الممارسات
العبادية..
واقامة
الصلاة. (ولقد
نعلم انك
يضيق صدرك،
بما يقولون
فسبح بحمد
ربك، وكن من
الساجدين،
واعبد ربك
حتى ياتيك
اليقين)[13]،
(واصبر وما
صبرك إلا
بالله ولا
تحزن عليهم
ولا تك في
ضيق مما
يمكرون، ان
الله مع
الذين
اتقوا،
الذين هم
محسنون)[14]،
(لعلك باخع
نفسك إلا
يكونوا
مؤمنين ان
نشاء ننزل
عليهم من
السماء)[15]
والحال
في انفعال
الفرح
والسرور عند
النصر..
كالحال في
انفعال
الحسرة
والألم
النفسي
والضيق.. عند
التكذيب
والسخرية
والاعراض.
فالسرور عند
النصر أمر
طبيعي
ومرغوب ولكن
المفروض أن
لا يتحول إلى
فرحة نفسية
غامرة تفقد
الإنسان
المسلم
توازنه
وتنسيه
الله،
وتوهمه
امكانية
الاعتماد
على الذات أن
تنسيه نفسه
وعيوبها. (إذا
جاء نصر الله
الفتح،
ورأيت الناس
يدخلون في
دين الله
أفواجاً،
فسبح بحمد
ربك
واستغفره
انه كان
تواباً). 100
إذ تفيد هذه
الآية أن
لحظة النصر..
يحتاج
الإنسان
فيها إلى ذكر
الله،
واستغفاره
والتوجه إلى
عيوب النفس
حتى لا يطغى
أو ينسى.. بل
حتى لا تتضرر
قضية الدعوة
نتيجة لتمكن
النشوة
والفرح من
قلوب الدعاة. الغضب
الرسالي غير
أن هذا الغضب..
الرسالي يجب
أن لا يخرج
عملياً عن
حدود
الرسالة
نفسها..
وكثيراً ما
لا يكون
التصرف
الغاضب
منسجماً مع
مقاييس
الرسالة
وموافقاً
لأحكامها..
والجهاز
الحاكم في
الشخصية هو
العقل الذي
يحدد الموقف
الذي
يستلزمه
المنطق
الديني،
وليس
العواطف
والانفعالات. والمؤمن
في ميدان
العمل يحتاج
أكثر من غيره
إلى ارادة
حازمة
وشخصية
مستقلة عن
الأحداث
والاثارات،
فيجب أن لا
يرد إذا جهل
عليه، ولا
يثور إذا
استثير
وانما يكون
حكيماً..
متعقلاً
باستمرار،
وفي كل مجال. قال
ابو جعفر
عليه السلام:(في
حكمة آل
داوود ينبغي
للمسلم أن
يكون مالكاً
لنفسه
مقبلاً على
شأنه عارفاً
بأهل زمانه،
فاتقوا لله،
ولا تذيعوا
حديثنا)[17]
وعن
أبي جعفر عبد
الله عليه
السلام:
(كضم الغيظ
عن العدو في
دولاتهم
تقية حزم (الحزم
ضبط الأمر
والأخذ فيه
بالثقة) لمن
أخذ به
وتحرر، من
التعرض
للبلاء في
الدنيا،
ومعاندة
الأعداء في
دولاتهم
ومحاظتهم في
غير تقية ترك
أمر الله،
فجاملوا
الناس يسمن
لكم عندهم،
ولا تعادوهم
فتحملوهم
على رقابكم
فتذلوا)[18]
100
0 وليس كضم
الغيظ
والغضب عن
العدو أمامه
فقط وانما في
كل أمر تقتضي
فيه مصلحة
الرسالة
الكف ويقتضي
فيه الغضب
الحركة
والاستجابة
للاثارات. هذا
وقد سجل الله
تعالى لنبيه
الكريم في
القرآن قصة
ذي النون (يونس
(ع)) وأمر
بذكرها. (وذا
النون إذ ذهب
مغاضباً فظن
أن لن نقدر
عليه فنادى
في الظلمات
أن لا إله
إلا أنت
سبحانك إني
كنت من
الظالمين،
فاستجبنا له
ونجيناه من
الغم وكذلك
ننجي
المؤمنين)[19] 100
0 وخلاصة
القصة وما
عليها من
تعليق كما في
(ظلال القرآن
لسيد قطب). (انه
أرسل إلى
قرية فدعا
أهلها إلى
الله
فاستعصوا
عليه فضاق
بهم، صدراً،
وغادرهم
مغاضباً ولم
يصبر على
معاناة
الدعوة معهم
ظاناً إن
الله لن يضيق
عليه الأرض،
فهي فسيحة
القرى كثيرة
والأقوام
متعددون،
وما دام
هؤلاء
يستعصون على
الدعوة
فسيوجهه
الله إلى قوم
آخرين، ذلك
معنى (فظن أن
لن نقدر عليه)
وقاده غضبه
الجامح
وضيقه
الخانق إلى
شاطيء البحر
فوجد سفينة
مشحونة فركب
فيها إذا
كانت في
اللجة ثقلت
وقال ربانها:
انه لا بد من
القاء أحد
ركابها في
البحر لينجو
سائر من فيها
من الغرق
فساهموا
فجاء السهم
على يونس
فالقوه أو
ألقى هو نفسه
فالتقمه
الحوت
مضيقاً عليه
أشد التضيق.. (إن
يونس لم يصبر
على تكاليف
الرسالة
فضاق صدراً
بالقوم
والقى عبء
الدعوة وذهب
مغاضباً ضيق
الصدر حرج
النفس
فأوقعه الله
في الضيق
الذي تهون
إلى جانبه
مضايقات
المكذبين..
وأصحاب
الدعوات
لابد أن
يتحملوا
تكاليفها،
وان يصبروا
على التكذيب
بها
والايذاء من
أجلها.
وتكذيب
الصادق
الواثق مرير
على النفس،
مرير على
النفس حقاً،
ولكنه بعض
تكاليف
الرسالة
فلابد لمن
يكلفون حمل
الدعوات أن
يصبروا
ويحتملوا،
ولابد أن
يثابروا
ولابد أن
يكرروا
الدعوة
ويبدوا فيها
ويعيدوا.. (إن
من السهل على
صاحب الدعوة
أن يغضب لان
الناس لا
يستحبون
لدعوته
فيهجر الناس..
انه عمل مريح
قد يفتر
الغضب
ويهدىء
الأعصاب
ولكن أين هي
الدعوة؟ وما
الذي عاد
عليها من
هجران
المكذبين
المعارضين؟ إن
الدعوة هي
الأصل لا شخص
الداعية!
فليضيق صدر..
ولكن ليكضم
الغيظ
ويمضي، وخير
له أن يصبر
فلا يضيق
صدره بما
يقولون. (إن
الداعية
أداة في يد
القدرة،
والله أرعى
لدعوته
وأحفظ فليؤد
هو واجبه في
كل ظرف وفي
كل جو،
والبقية على
الله والهدى
هدى الله. (وان
في قضية ذي
النون
لدرساً
لأصحاب
الدعوات
ينبغي أن
يتأملوه،
وانفي رجعة
ذي النون إلى
ربه
واعترافه
بظلمه لعبرة
لأصحاب
الدعوات
ينبغي أن
يتدبروها
وان في رحمة
الله لذي
النون
واستجابة
دعائه
المنيب في
الظلمات
بشرى
للمؤمنين (وكذلك
ننجي
المؤمنين). [1]
الوسائل
مقدمات
التجارة
باب 8. [2]
الوسائل
مقدمات
التجارة
باب7. [3]
اصول
الكافي ج2 ص138. [4]
الوسائل
مقدمات
التجارة
باب 13. [5]
سورة
الفجر 27 ـ 30. [6]
الفرقان/63. [7]
سورة
التوبة/120. [8]
سورة
البقرة/154. [9]
المعارج
19ـ21. [10]
اصول
الكافي ج2 ص304
ـ 305. [11]
اصول
الكافي ج1 ص333
ـ 334. [12]
سورة
المائدة /105. [13]
سورة
الحجر /97. [14]
سورة
النحل 127 ـ 128. [15]
سورة
الشعراء/3-4. [16] في
الخبر عن
ابي
عبدالله (ع): (ان
الله بعث
ملكين إلى
أهل مدينة
ليقلباها
على اهلها،
فلما
انتهيا إلى
المدينة،
وجد فيها
رجلاً
يدعو،
ويتضرع.. إلى
ان قال: فعاد
احدهما إلى
الله فقال:
يارب اني
انتهيت إلى
المدينة،
فوجدت عبدك
فلاناً
يدعوك،
ويتضرع
اليك، فقال
امض كما
امرتك به
فان ذا رجل
لم يتمعر –
أي بيدي –
وجهه غيظاً
لي قط: (الوسائل
ابواب
الأمر
بالمعروف
والنهي عن
المنكر ب6). وعن
ابي جعفر (ع)
اوحى الله
إلى شعيب
النبي (ع) (اني
معذب من
قومك مئة
الف: اربعين
الفا من
شرارهم
وستين الفا
من خيارهم
فقال يارب
هؤلاء
الاشرار،
فما بال
الاخيار؟
فاوحى الله
عزوجل اليه:
داهنوا أهل
المعاصي،
ولم يغضبوا
لغضبي (الوسائل
كتاب الأمر
بالمعروف
والنهي عن
المنكر ب 8) وعن
علي
بن الحسين (ع)
(قال: قال
موسى بن
عمران: يارب
من اولئك
الذين
تظلهم في
ظل
عرشك يوم
لاظل إلا
ظلك؟ فاوحى
الله اليه،
الطاهرة
قلوبهم
والبرية
ايديهم
الذين
يذكرون
جلالي ذكر
ابائهم إلى
ان قال: (والذين
يغضبون
لمحارمي
إذا استحلت
مثل النمر
إذا جرح
(الوسائل
كتاب الأمر
بالمعروف
والنهي عن
المنكر ب 8) [17]
الوسائل
ابواب
الأمر
بالمعروف
والنهي عن
المنكر ص
34 [18]
اصول
الكافي
ج2 119 [19]
الانبياء |
|