خوف الله ورجاؤه وتعلق القلب به من آثار تعلق القلب بالله تعالى الرضا بقضاء الله وقدره الزهد |
خوف
الله
ورجاؤه،
وتعلق
القلب به:- قد
تجد الكثير
من الناس
الذين
يتسمون
بالإيمان،
يتلهون عن
الله
تعالى،
ويشدون
قلوبهم إلى
غيره،
يخافون من
الارض، ولا
يخافونه،
ويرجون
الدنيا،
وزخارف
الحياة،
ولا يرجون
رزقه أو
نعيمه، ولا
يستشعرون
عندما
يذكرون
الله تعالى
لا خوفاً،
ولا رجاء،
ولا خشية،
ولا خشوعا،
وانما هي
كلمة تجري
على
اللسان،
وفكرة تمر
على الخاطر
ثم ينزاحا
ليحل
محلهما
الثرثرة،
واحلام،
وهموم
الدنيا، قد
تتلمس قلبك
أحياناً
فلا تجد فيه
عند ذكر
الله
إيمانا،
ولا كفراو
ولا خوفا
ولا رجاء،
غير ان
المؤمن
يعرض لنا في
كتاب الله
تعالى،
وكلمات
المعصومين
من خلفه في
صورة اخرى. 1
– يعرض لنا
قلب المؤمن
رقيقا،
حساسا،
مرفهاً..
يتأثر،
ويتحرك
وينفعل،
ويخشى،
ويخاف
ويتطلع..
وليس كومة
لحم هامدة
غلظة قاسية.. (لمتان:
(لمة من
الشيطان
ولمة من
الملك فلمة
الملك،
الرقة،
والفهم،
ولمة
الشيطان
السهو،
والقسوة ( يا
موسى لا
تطول في
الدنيا
املك فيقسو
قلبك،
والقاسي
القلب مني
بعيد) (ألم
يئن للذين
آمنوا ان
تخشع
قلوبهم
لذكر الله،
ولا يكونوا
كالذين
اوتوا
الكتاب من
قبل فطال
عليهم
الامد فقست
قلوبهم
وكثير منهم
فاسقون)[1]. 2
– هذه الرقة
في القلب
هذه
الحساسية..
والانفعال
بكل معانيه
واشكاله
مرتبطة في
قلب المؤمن
بالله
تعالى وليس
بالمنصب
الشخصي،
ولا
بالمركز
الاجتماعي،
والمال.. ولا
من القوم،
والعشيرة،
وغير ذلك من
المعاني
الدنيوية..
الكثيرة
التي تتعلق
قلوب الناس
بها،
فتنفعل
بحركتها
وتنعكس
عليها
تقلبات هذه
المعاني،
واضرابها
ولنأخذ
الآن اشكال
تعلق قلب
المؤمن
بالله
تعالى. 1
– رجاء الله
تعالى في
النوائب.. عن
ابي
عبدالله (ع) (انه
قرأ في بعض
الكتب ان
الله تبارك
وتعالى
يقول وعزتي
وجلالي
ومجدي
وارتفاعي
على عرشي
لاقطعن امل
كل مؤمل من
الناس غيري
باليأس،
ولا كسونه
ثوب المذلة
عند الناس،
ولانحينه
من قربي،
ولا بعدنه
من فضلي،
ايؤمل غيري
في
الشدائد،
والشدائد
بيدي؟
ويرجو
غيري،
ويقرع
بالفكر باب
غيري وبيدي
مفاتيح
الابواب،
وهي مغلقة
وبابي
مفتوح لمن
دعاني؟ فمن
ذا الذي
املني
لنائبة
فقطعته
دونها؟ ومن
الذي رجاني
لعظيمه
فقطعت
رجاءه مني؟
جعلت آمال
عبادي عندي
محفوظة،
فلم يرضوا
يحفظني
وملأت
سماواتي
ممن لا يمل
من تسبيحي،
وامرتهم ان
لا يغلقوا
الابواب
بيني، وبين
عبادي، فلم
يثقوا
بقولي ألم
يعلم من
طرقته
نائبة من
نوائبي،
انه لا يملك
احد كشفها
غيري إلا من
بعد اذني،
فمالي اراه
لاهيا عني؟
اعطيته
بجودي مالم
يسألني ثم
انتزعته
منه فلم
يسألني رده
وسال غيري،
ابخيل
انا
فيبخلني
عبدي؟ او
ليس الجود،
والكرم لي؟
او ليس
العفو،
والرحمة
بيدي؟ او
ليس انا محل
الآمال فمن
يقطعها
دوني؟ افلا
يخشى
المؤملون
ان يؤملوا
غيري؟ فيا
بؤساً من
القانطين
من رحمتي
ويا بؤسا
لمن عصاني
ولم
يراقبني) [2]
عن
الصادق (ع) (كان
فيما أوصى
به لقمان
لابنه ان
قال: يا بني
خف الله
خوفا،
لوجئته ببر
الثقلين
خفت ان
يعذبك
الله، وارج
الله رجاء،
لوجئته
بذنوب
الثقلين
رجوت ان
يغفر الله
لك). وعنه
(ع)
(كان
ابي يقول:
ليس من عبد
مؤمن إلا
وفي قلبه
نوران: نور
خيفة، ونور
رجاء، ولو
وزن هذا لم
يزد هذا على
هذا، ولو
وزن هذا لم
يزد على هذا). وعنه
(ع)
(ارج
الله رجاء
لا يجرئك
على
معصيته،
وخف الله
خوفا لا
ييئسك من
رحمته)[3]
ان
كلا من
الرجاء،
والخوف لو
اخذا
منفصلين
احدهما عن
الآخر،
لاثر هذا
على سلوك
الإنسان
المسلم
تأثيرا
سلبيا – كما
يبدو ذلك من
هذه النص،
وغيره، لان
الرجاء،
بلا خوف
يجري على
المعصية،
والخوف بلا
رجاء ييئس
من رحمة
الله
تعالى،
وسلوك
اليائسين
سلوك منحرف
والإنسان
يعمل
لأماله
العريضة،
ورجائه
بالله
تعالى أن
يثيبه
وينجيه من
عذاب اليم. 2
– خشية الله
تعالى..
والخشية هي
الانفعال
المأخوذ
بعظمة الله
تعالى
وهيبته. (ألم
يئن للذين
آمنوا ان
تخشع
قلوبهم
لذكر الله). (انما
يخشى الله
من عباده
العلماء) 4
– الانس
بالله
تعالى،
والرضا
بقضائه،
وعدم الجزع
والضيق
والسخط من
قضاء الله
تعالى
وقدره. من
آثار تعلق
القلب
بالله
تعالى الرضا
بقضاء الله
وقدره هذه
الحياة بما
فيها من
اشياء،
وحوادث هي
محل رضاء
الإنسان
المؤمن،
لان
الإنسان إذ
يرتبط
بعلاقة
الحب مع
الله
تعالى،
فانه يرضى
بكل ما يصدر
عنه تعالى
من مخلوقات
وحوادث.. وقد
عد الرضا
بالقضاء
والقدر من
أهم صفات
الإنسان
المؤمن
وعناصر
إيمانه،
واكد عليه
في النصوص
تأكيدا
بالغا.. وهو
بلا شك ذو
اهمية
عظيمة في
الحياة،
ويشكل ميزة
للإنسان
المؤمن على
الإنسان
الكافر او
الإنسان
الذي لا
يعيش قضية
الإيمان. فالاشياء،
والحياة،
وحوادث
الطبيعة
كما هي محط
خلاف بين
الإنسان
المسلم،
والإنسان
الجاهلي
المادي من
الناحية
الفكرية
والعقائدية..
كذلك هي محط
خلاف
بينهما من
الناحية
النفسية،
كيف نتعامل
مع الحياة
وحوادث
الحياة؟ هل
نعيشها
برضا،
قناعة
وابتسام
وانفتاح،
او نعيشها
ضيقا
وضنكا،
وجزعا،
وسخطا؟. ان
المؤمن
يعيش هذه
الحياة
بالرضا،
والقناعة،
والابتسام
والانفتاح،
ويتعامل مع
حوادث
الطبيعة
كإنسان
متعاطف
منسجم قانع..
وينطلق
المؤمن في
ذلك من
امرين
يرجعان إلى
ان كل ما في
هذه الكون
من اشياء،
وظواهر،
واحداث فهو
من صنع الله[4]
علاقة
الحب بالله
تعالى.. التي
تقتضي من
الإنسان
المسلم
الذي يحب
الله تعالى
ان يرضى
بافعاله،
ومخلوقاته،
وكل الوان
التدخل منه
تعالى في
هذا العالم
الفسيح[5]
إيمان
المسلم بأن
كل ما في
الكون من
اشياء،
وكلما يقع
فيه من
حوادث خاضع
للتقدير،
هادف
للحكمة
ويوجد
وراءه هدف
مرسوم،
وغرض، وقصد
في صالح
الكون
والحياة. عن
الصادق (ع):
( ان
اعلم الناس
بالله
ارضاهم
بقضاء الله
عزوجل) وعنه
(ع):
(عجب
للمرء
المسلم لا
يقضي الله
عزوجل له
قضاء إلا
كان خيراً
له، وان قرض
بالمقاريض
كان خيراً
له، وان ملك
مشارق
الارض
ومغاربها
كان خيراً
له)[6]
وعن
ابي جعفر (ع):(احق
خلق الله ان
يسلم لما
قضى الله
عزوجل من
عرف الله
عزوجل، ومن
رضي
بالقضاء
اتى عليه
القضاء
وعظم الله
اجره ومن
سخط القضاء
مضى عليه
القضاء
واحبط الله
اجره) (ثم
ان صاحب
الرضى
أبداً في
روح وراحة
وسرور
وبهجة،
لانه يشاهد
كل شيء بعين
الرضى
وينظر في كل
شيء إلى نور
الرحمة
الالهية،
وسر الحكمة
الازلية،
فكأن كل ما
حصل وفق
مراده
وهواه،
وفائدة
الرضا
عاجلاً
فراغ القلب
للعبادة
والراحة من
الهموم،
وآجلا
رضوان
الله،
والنجاة من
غضب الله)[7]
وليس
من الرضا
بالقضاء،
والقدر،
الرضاء
بالمنكر،
والانحراف،
حتى ولو اصر
على ذلك
المتصوفة
والمنحرفون. لان
الانحراف
والمنكر
سببه،
وفاعله
الإنسان،
ولا يرضى
الله به
وانما يرضى
المؤمن
لرضى الله،
ويغضب
لغضبه، ومن
هنا جاء عن
الرضا (ع): (ومن
يرضى شيئاً
كمن اتاه،
ولو ان
رجلاً قتل
بالمشرق
فرضي بقتله
لرجل
بالمغرب
لكان
الراضي عند
الله عزوجل
شريك
القاتل)
[8]
وعن
علي (ع): (العامل
بالظلم،
والراضي
به،
والمعين
عليه شركاء
ثلاثة), وعلى
العكس من
ذلك اكدت
النصوص على
ضرورة
الانكار
القلبي
والسخط على
المنكرات،
والانحرافات،
واكدت على
المؤمن ان
يعمق من
انكاره،
وسخطه وان
يقاوم
الالفه
النفسية
للمنكرات،
بسبب
الفتها
خارجاً أولاً:
ان الانكار
القلبي
للمنكر
والانحراف
حصانة من
الانحراف
إلى
المعصية،
والتأثر
بالبيئة،
وحاجز نفسي
يمنع
المؤمن من
الانحراف
مع التيار
المنحرف. ثانياً:
ان الانكار
القلبي
للمنكر هو
الاساس
النفسي او
احد الأسس
النفسية،
للاندفاع
نحو
التغير،
والحركة في
سبيل
التغيير
الرسالي. ثالثاً:
ان انكار
المنكر
قلبياً
ينتهي إلى
بعض
المعاملات
السلبية مع
العاصين،
والمنحرفين،
وقد أمر
الرسول (ص)
كما في
الرواية عن
الامام علي (ع)
أن يواجه
العاصين
بوجوه
مكفهره ومن
هنا اعتبر
الانكار
القلبي من
مراتب
الانكار في
كتب
الفقهاء. (الزهد): يتقوم
الزهد
الإسلامي
بتحرير
الوجدان من
حب الدنيا،
والانعتقاق
الداخلي من
قيود
الشهوة،
والاهواء. ولحب
الدنيا
اثار سلبية
خطيرة في
سلوك
الإنسان،
وحياته
النفسية،
ذكرتها
النصوص
الإسلامية
وحذرت منها[9]. نذكرها
فيما يلي ثم
نرجع إلى
الزهد
ومفهومه
الإسلامي
الأصيل. 1
– المخالفة..
فأول هذه
الاثار
السلبية،
مخالفة
الشريعة..
وكل حب وكل
عاطفة،
يتجه
اتجاهاً
عملياً،
ويتطلب
مواقف
خاصة، ولا
يهم الحب
هذا،
والعاطفة
هذه، ما إذا
كانت هذه
المواقف
تتوافق مع
الشرع، أو
العرف أو
عاطفة
اخرى، أو لا
تتوافق
معها.. فانت
إذ تحب
الجاه
والمركز –
والعياذ
بالله – فمن
الطبيعي ان
تسعى لها
وقد يتوقف
حصولك على
المركز
الاجتماعي
على فعل
محرم،
كالرواية
على اخ
مؤمن، من
اجل شينه،
والحط من
قيمته امام
الناس،
فترتكب هذا
المحرم في
لحظة ضعف او
غفلة او
تمرد،
فيقطع الله
سبحانه
ولايته
منك،
ويخرجك
منها إلى
ولاية
الشيطان،
ولا يقبل
الشيطان
ولايتك..
والإنسان
مثلاً إذ
يحب
الدنيا،
حياتها
وامنها،
وراحتها،
ويرتبط بها
ارتباطاً
وثيقاً،
ويطمئن
إليها فمن
المعقول
جداً ان
يرفض
الجهاد في
سبيل الله،
ويتنكر
لطريق ذات
الشوكة،
لانه طريق
عناء
وتضحيات. (يا
أيها الذين
آمنوا
مالكم إذا
قيل لكم
انفروا في
سبيل الله
اثاقلتم
إلى الارض
ارضيتم
بالحياة
الدنيا من
الآخرة فما
متاع
الحياة
الدنيا في
الآخرة إلا
قليل)(التوبة/38). ومن
هنا وبسبب
ان
المخالفة
هي النتيجة
الطبيعية –
لحب الدنيا –
الامام كما
في الرواية: (حب
الدنيا رأس
كل خطيئة) (ما
ذئبان
ضاريان في
غنم قد غاب
عنها
رعاؤها،
احدهما في
أولها،
والآخر في
آخرها،
بافسد فيها
من حب المال
والشرف في
دين المسلم)[10]
2
– هم لا
ينقطع.. وحب
الدنيا
ينتهي إلى
انشغال
نفسي،
وعملي
يتنافى مع
ما يتطلبه
وضع
الإنسان
المؤمن من
تكريس كل
طاقاته
النفسية،
وجهوده في
عبادة الله
تعالى،
وتعبيد
الناس له،
وما يكون
عليه من
تعال وتسام
في الوضع،
والسلوك. عندما
تحب
الدنيا،
والمال،
والجاه
وغيرهما
تكون بذلك
قد ربطت
قلبك بشيء
متغير،
كثير
التغير
والتبدل
مما يؤدي
إلى ان
تضطرب
حالاتك
النفسية
وتتغير من
فرح غأمر
إلى حزن،
كثيب، ومن
حب إلى كره،
ومن غضب إلى
رضاء، وقلق
وهم فان. (من
تعلق قلبه
بالدنيا
تعلق قلبه
بثلاث خصال:
هم لا يفنى،
وامل لا
يدرك،
ورجاء
لاينال)[11]
(من
لم يتعز
بعزاء الله
تقطعت نفسه
حسرات على
الدنيا،
ومن اتبع
بصره ما في
ايدي الناس
كثر همه،
ولم يشف
غيضه ولم ير
الله عزوجل
على نعمه
إلا في مطعم
أو مشرب
وملبس فقد
قصر عمله
ودنا عذابه)[12]
3
– حب الدنيا
وحلاوة
الإيمان: عن
جعفر بن
غياث عن ابي
عبدالله (ع)
قال: سمعته
يقول: (جعل
الخير كله
في بيت وجعل
مفتاحة
الزهد في
الدنيا) ثم
قال: قال:
رسول الله (ص) (لا
يجد الرجل
حلاوة
الإيمان
حتى
لايبالي من
اكل الدنيا) ثم
قال
ابوعبدالله
(ع): (حرام
على قلوبكم
ان تعرف
حلاوة
الإيمان،
حتى تزهد في
الدنيا) وعن
عبدالله بن
القاسم عن
ابي
عبدالله (ع): (آلا
من صبار
كريم فانما
هي ايام
قلائل، إلا
انه حرام
على قلوبكم
ان تجد طعم
الإيمان
حتى تزهد في
الدنيا) وسمعت
ابا
عبدالله (ع)
يقول: (اذا
تخلى
المؤمن من
الدنيا
سما، ووجد
حلاوة حب
الله، فلم
يشتغل
بغيره) قال
وسمعته
يقول: (ان
القلب إذا
صفا ضاقت به
الارض حتى
يسمو)[13]
ان
التحلية لا
تكون إلا
بالتخلية –
كما يقولون –
وحب الله،
ومعايشة
هموم
الرسالة،
والتفاعل
النفسي،
والشعوري
مع حقائق
الكون
والمبدأ،
والدعوة،
أنما يكون
عن طريق
اضعاف، أو
الغاء حب
الدنيا في
قلب المؤمن
الرسالي
وقطع القلب
عما في أيدي
الناس.. (لكي
لا تأسوا
على
مافاتكم،
ولا تفرحوا
بما اتاكم...)[14]
ان
المؤمن نوع
جديد، ودم
جديد،
وصياغة
جديدة
للإنسان،
ليس لها
سابقة في
حضارة
المال،
وحضارة
الدنيا،
ليس فقط في
مفاهيمه،
وبصائره،
ورؤاه
الفكرية
وانما ايضا –
وابتداء – في
احاسيسه،
وعواطفه،
وتعلقاته
القلبية،
وهمومه،
وانفعالاته..
وبينما لا
يتحرك قلب
إبن حضارة
الدنيا،
والمال
لسوى بريق
الذهب،
والتمركز
في دنيا
الناس، فان
القلب
المؤمن
يصفو فتضيق
به الدنيا
حتى يسمو
ويذوق طعم
الإيمان،
والا
يتناغم مع
غير معاني
القدس
والطهر،
ولا يرق
لسوى خوف
الله
ورجائه
ولتطلع
اليه. 4
– الدنيا
والحكمة.. من
الممكن ان
يكون
الإنسان
عالماً
بالدين،
ومحباً
للدنيا،
وراكضاً
وراءها في
ذات الوقت،
ولكنك لن
تجد حكيماً
واحداً من
أهل
البصائر في
دين الله
وهو يحب
الدنيا
ويسعى لها
اكثر من
سعيها لان
حب الدنيا
غطاء
القلب،
وحجاب
عليها يمنع
من الحكمة
والتبصر..
وروح دين
الله وقيم
هذا الدين
لا يعطيها
ولا
يتحملها
إلا مؤمن
امتحن الله
قلبة
للإيمان،
وطهره من حب
الدنيا. (ومن
زهد في
الدنيا
اثبت الله
الحكمة في
قلبه وانطق
بها لسانه،
وبصره عيوب
الدنيا،
داءها،
ودواءها) والشهوة،
والهوى،
حجاب عن
ادراك
لطائف
الحقائق
الدينية،
وقيم
الإسلام
الاخلاقية،
ولكم ادى
الركون إلى
الدنيا،
والاطمئنان
إليها إلى
تحريف آيات
الله
المباركات
في الكدح
والجهاد؟
ولكم ادى
الركون إلى
الدعة
والراحة،
وحب
الثرثرة،
والالفاظ
البراقة
إلى
الاعراض عن
نصوص
العبادة،
وآيات
التربية،
والإعداد
الروحي، بل
وتحريفها
لكي تكرس
حياة
الانقطاع
عن الله بدل
ان تكون
اداة
للانقطاع
اليه؟ عن
ابي
عبدالله (ع) (تجد
الرجل لا
يخطيء
بلام، ولا
واو خطيباً
مصقعاً،
اشد ظلمة من
الليل
المظلم
وتجد الرجل
لا يستطيع
ان يعبر عما
في قلبه
بلسانه،
وقلبه يزهر
كما يزهر
المصباح). وعن
ابي جعفر (ع): (القلوب
ثلاثة: قلب
منكوس لا
يعي شيئاً
من الخير،
وهو قلب
الكافر،
وقلب فيه
نكتة
سوداء،
فالخير،
والشر فيه
يعتلجان،
فايهما
كانت منه
غلب عليه،
وقلب
مفتوح، فيه
مصابيح
تزهر، ولا
يطفأ نوره
إلى ايام
يوم
القيامة
وهو قلب
المؤمن)[15]
5
– الدنيا
تفرق، ولا
تجمع
الدنيا: هوى
الذات،
ولكل شخص
هواه، فإذا
وجدت عشرة
من أهل
الدنيا
فاعلم ان
هناك عشرة
غايات
مختلفة
متناقضة كل
واحد من
هؤلاء يريد
مثلاً
المركز
والجاه أي
يهدف إلى ان
يكون الشيخ
المجل
والحاكم
المطلق دون
سواه لان
مشيخته لا
تتم إلا
بعبودية
الآخرين،
اما
المؤمنون
فهواهم
الله
والانسجام
مع دين الله
تعالى..
والله
سبحانه
وتعالى
واحد،
وطاعته
واحدة،
وهذا هو
السبب في أن
سرعة
إئتلاف
الابرار
إذا
التقوا،
وان لم
يظهروا
التودد
بالسنتهم
كسرعة
اختلاط ماء
السماء
بماء
الانهار
وان بعد
ائتلاف
قلوب
الفجار إذا
التقوا،
وان اظهروا
التودد
بالسنتهم
كبعد
البهائم عن
التعاطف،
وان طال
اعتلافها
على مذود
واحد[16]. (الزهد
تحرر
وانعتقاق): لا
يستنكر
الخلق
الإسلامي
امتلاك
المؤمن
الدنيا من
مال، وجاه،
وبنين،
ولكنه
يستنكر
امتلاك
الدنيا
ومعانيها
للمؤمن وأن
تكون
معبودة له
من دون
الله، أو مع
الله. (الشهوات
العاجلة
كالشره في
الاكل) والجنس،
والمال،
والرفاه،
والزينة،
والامن،
والاستقرار،
والاطمئنان
إلى الدنيا..
والراحة
والجاه.. هذه
كلها معاني
الدنيا
واشياءوها
التي يزهد
المؤمن
وينبغي أن
يزهد فيها..
لأن المؤمن
ذو أفق
واسع،
ومنظار
عريض، يضع
الاشياء
موضعها،
ولايعطيها
سوى قيمها
الحقيقية،
وانت عندما
تنظر
المال،
والجاه.. في
المنظار
الإسلامي
للحياة
والآخرة
ولله..فلن تر
لهما –
اخلاقياً –
سوى رقم
ضئيل ليس له
في الحساب
شيء وليس له
في القلب
مكان. فالزهد
عندما يدعو
له
الإسلام،
ويربي
الإنسان
المسلم
عليه مسألة
طبيعية لا
تزيد على
معايشة
النصوص
الإسلامية
للحياة،
والتفاعل
النفسي مع
حقائق
الوجود،
يتحول من
خلاله
الإنسان
المسلم من
إنسان
يرتبط بهذه
المعاني
الزائلة،
ويصنمها،
ويعبدها في
القلب،
والوجدان
إلى إنسان
يتعالى
عليها
ويتسامى
عنها، ولا
يعطيها سوى
قيمها
الحقيقية
التي
تستحقها..
وقلب
المؤمن
كلما نما
حبه لله،
ولدينه
وللمؤمنين،
وازدادت
همومه
الرسالية،
وتوجهاته
النفسية
للعمل،
والجهاد
كلما ضعف حب
الدنيا في
قلبه، وزهد
في معانيها
الزائلة،
مالاً،
وجاهاً،
وزخرفاً،
وشهوات.. فالزهد
اذن هو
التحرر
الداخلي من
قيد الشهوة
والهوى،
والانعتقاق
النفسي
الحقيقي من
الدنيا،
ومعانيها
وهو بذلك
سبب،
ونتيجة في
آن واحد
للانقطاع
إلى الله
تعالى،
والارتباط
بالسماء.. أو
بالاحرى
العبودية
الكاملة
لله في
المشاعر
والعواطف
والسلوك. لقد
طبلوا
للحرية
الغربية،
والحرية في
المجتمعات
الديمقراطية،
حرية في
مجال
السياسة،
وحرية وفي
مجال
السلوك
الشخصي،
وحرية في
الاقتصاد،
وحرية في
المجالات
كافة، ولكن
الإنسان
المؤمن
وحده هو
الذي يعرف
ان للحرية
الحقيقية
ليس في هذا،
ولا في ذاك،
ولكنها في
الزهد
والتحرر
الذاتي وان
الحرية
تجاوز
القيود
التي تكبل
الارادة
الإنسانية
وتمنع
الإنسان من
الابداع،
والفعالية
في مجال
النمو
والتكامل
وتحقيق
إنسانيته،
وعبوديته
لله. وهذه
القيود هي (ثانياً)
القيود
الخارجية
الطبيعية
والاجتماعية،
ولكنها (أولاً)
القيود
الذاتية..
قيود
التخلف
العقلي،
وضيق
الأفق،
ومادية
الاحساس،
وقيود
العاطفة
المكبلة
بالمال،
والطين،
والجاه،
والشهرة
والجنس،
والقناطير
المقنطرة. وليس
الزهد في
المفهوم
الإسلامي
الواعي سوى
التحرر
الذاتي من
هذه
القيود،
وتحويل هذه
المعاني
التي يركض
وراءها
الناس،
ويطمئنون
اليها، إلى
معان زهيدة
تافهة إلى
جنب الله،
ومعاني
الخير،
والقيم
الإسلامية
الرائدة. (حرام
على قلوبكم
ان تعرف
حلاوة
الإيمان
حتى تزهد في
الدنيا) وهو
وحده – او مع
التقوى –
الذي يمكن
الإنسان
المسلم من
أن يدرك
الحق
ويتحسس روح
هذا الدين
وقيم هذه
الرسالة (اذا
رايتم
الرجل قد
أوتي زهداً
في الدنيا
ومنطقاً
فأقتربوا
منه فأنه
يلقن
الحكمة)،
وقال تعالى: (يا
أيها الذين
آمنوا
اتقوا الله
وآمنوا
برسوله
يؤتكم
كفلين من
رحمته،
ويجعل لكم
نوراً
تمشون به)
[17]
هذا
ولكننا
لسنا مع
الانحراف
الصوفي
الذي يعتبر
طريقة
العلم
بالله،
والمعارف
الدينية
هو، طريق
الرياضة
والزهد..والمراحل
العملية
الاخرى
للصوفي،
والعارف،
فقد انزل
الله كتابه
بصائرن
وهدى
للناس،
وبعث نبيه
ورسوله
يتلو عليهم
آياته،
ويعلمهم
الكتاب،
والحكمة
ويزكيهم..
وطريق
المعرفة هو
هذا
الطريق، أن
تتعرف على
أفكار
الإسلام،
وتشريعاته
من خلال
المقاييس
التي وضعها
الإسلام،
والبيانات
التي جعلها
للناس.. ولكن
علم
الإنسان
المسلم ان
يعد نفسه من
اجل ان يكون (متلقياً)
من الله
متفاعلاً
مع النص
منفتحاً
عليه
مطهراً من
الحجب
والغشاوات
التي يصرف
الله بها
كثيراً من
الناس عن
آياته. (ان
الإنسان
خلق هلوعا
إذا مسه
الخير
منوعا واذا
مسه الشر
جزوعا إلا
المصلين) ويخرج
عن دائرة
الاضطراب
النفسي. (لكي
لا تأسوا
على ما
فاتكم، ولا
تفرحوا بما
اتاكم) وبالزهد
في الدنيا..
في الجاه
والمركز
والتحكمات
والظهور
بين الناس
يجتمع شمل
المؤمنين،
ويتماسك
صفهم
ويتوحدون
في كدحهم
إلى الله
تعالى. [1]
سورة
الحديد/16 [2]
الوسائل
جهاد
النفس باب 12
ص 167 – 168 [3]
الوسائل
جهاد
النفس باب 13. [4]
الدنيا
بمعنى
الحياة
المحدودة
للإنسان
على وجه
الارض
وينظر
الإسلام
إليها على
انها مرحلة
من مراحل
الحياة..
ومخلوقة من
اجل الفتنة
وتأكيد
فعالية
الإنسان في
الارض
ونعمة من
نعم الله. [5]
الدنيا
بمعنى
الاشياء
التي تقع
محطاً
لاغراض
الناس
كالمال
والبنين
والنساء
والقناطير
المقنطرة
وكذلك
الاوضاع
كالامن،
والراحة،
وما
شاكل
ذلك وهذه
معان
يؤمنها
التشريع
الإسلامي
للإنسان
ويشجعه على
تناولها
والسعي
لها،
وان كان
يقوم
بعملية
تنظيم
تشريعية من
اجل تحديد
هذا السعي
وتنظيمة. [6]
اصول
الكافي
ج2 ص 62 [8]
الوسائل
ابواب
الأمر
بالمعروف
والنهي عن
المنكر باب
13 [9] من
المناسب
هنا ان
نشير أولا
إلى موقف
الإسلام من
الحياة
الدنيا..
فان
للإسلام
ثلاثة
مواقف من
الدنيا
موقف نظري،
وموقف
تشريعي،
وموقف
اخلاقي،
ويتمثل
الموقف
النظري في
اعتبار
الحياة
الدنيا
مرحلة من
مراحل
الحياة
وليست كل
الحياة (وما
الحياة
الدنيا في
الآخرة إلا
متاع) وفي
كونها
داراً
للفتنة
والمسؤولية
يؤكد فيها
الإنسان
ذاته
واختباره
بين الخير
والشر (الذي
خلق لكم
الموت
والحياة
ليبلوكم
ايكم احسن
عملا وهو
العزيز
الغفور)
وفي
معانيها من
مال،
وبنين،
ونساء..
نعماً
الهيه
تستحق
الشكر
والحمد
والانفتاح
النفسي،
وفي كون
العامل
الدنيوي
عاملاً
رئيسياً
محركاً في
التاريخ..
الخ. واما
الموقف
التشريعي
فيتمثل في
السماح
ويحث على
استغلال
الخيرات
والنعم
الالهية
انطلاقاً
من مفهوم
الخلافة عن
الله وفي
تنظيم
عملية
استغلال
النعمة
بالشكل
الذي ينسجم
مع مصالح
الإنسان
العامة
ودور
الإنسان
كعابد لله
تعالى. ويتمثل
الموقف
الاخلاقي
في، محاولة
الإسلام
تحرير
الإنسان
المسلم من
الاهواء
والشهوات
وحب الدنيا. وبتقرير
اخر
لموقف
الإسلام من
الدنيا: ان
للدنيا
معاني
ثلاثة
وللإسلام
من كل
معنى
وموقف. [10]
الوسائل
جهاد
النفس باب 65
ص 319. [11]
اصول
الكافي
ج2 ص 320. [12]
اصول
الكافي
ج2 ص 215. [13]
الوسائل
جهاد النفس
باب 62 ص313. [14]
سورة
الحديد /23. [15]
اصول
الكافي ج2 ص422
ـ 423. [16]
تحف
العقول ص275. [17]
سورة
الحديد /28.
|
|