:الموضوع

الفصل الأول: الأمن العائلي

الفصل الثاني: الحقوق الزوجية

الفصل الثالث: الإخلاص

الفصل الرابع: الأبناء

 

القسم السادس

الطريق نحو ديمومة الحياة الزوجية

في هذا القسم مجموعة من البحوث حول السبل الكفيلة بديمومة الحياة الزوجية واستمرارها، منها ما يتعلق بالأمن العائلي وشعور الزوجين بحالة السكن، حسب تعبير القرآن الكريم، ومنها ما يتعلق بالواجبات والحقوق المتبادلة، والتي من شأنها تعزيز العلاقات الزوجية. وأخيراً، ما يتعلق بالإنجاب ودور الأطفال في إشاعة روح جديدة في كيان الأسرة وإرساء أواصرها المتينة.

الفصل الأول

الأمن العائلي

إن أحد أهم الأسباب التي تدفع بالرجل والمرأة إلى الزواج وتحمل مسؤولياته الجسيمة هو السعي لتحقيق حالة من الاستقرار الروحي.

يقترن الفتى والفتاة، وتبدأ حياتهما الجديدة وفي قلبيهما عزم على بناء مستقبلهما على أسس متينة يوفر لهما شعوراً بالطمأنينة والسلام.

يلوذ الرجل بزوجته إذا ما داهمته الخطوب فيشعر بالثقة تعمر قلبه، وتلجأ المرأة إلى زوجها لدى شعورها بالخطر فتحس بالسكينة تملأ قلبها، فالزواج يعني التضامن، الحب، التكافل، الاتحاد، وأخيراً يعني الملاذ الآمن الذي يوفّر للزوجين شعوراً بالأمن.

الأب والأم:

يشعر المرء بحاجته إلى من يقف إلى جواره وهو يشقّ طريقه في الحياة. إنه لا يستطيع أن يتحمل كل أعبائها بمفرده، ولذا فإنه يطمح إلى شريك يخفف من الأعباء التي ينوء بحملها.

وتطمح المرأة أن ترى في زوجها ذلك الأب الرحيم الذي يضمها بعطفه ويغمرها بحبه، كما أن الرجل يطمح أن يرى في زوجته تلك الأم الرؤوم التي تمسح على رأسه وتغمره بحنانها الفياض.

ومن أجل تحقيق هذه الصورة الجميلة من الحياة الزوجية فإن على الزوجين السعي المتواصل والعزم الأكيد في الابتعاد عن روح الأنانية، والعمل بإخلاصٍ وتفانٍ على تثبيت عرى التضامن والحب والإيثار والوفاء بينهما.

قيادة الرجل:

الأسرة ككيان صغيرة يحتاج إلى قيادة وترشيد، وهي مسؤولية يتحملها الرجل، مع التأكيد على أنها ليست امتيازاً للرجل بقدر ما هي مسؤولية جسيمة تتطلب البذل والعطاء، والتشاور.

الرجل هو عماد الأسرة والخيمة التي يجد فيها أعضاء الأسرة ما يصبون إليه من الراحة والأمل.

وإذا كان المرء يحتاج إلى نموذج يقتدي به في حياته، فإن الرجل هو خير مثال للمرأة تتعلم منه الكثير الكثير في حياتها؛ ذلك أن المرأة لا تنتظر من زوجها أن يلبّي حاجتها الجنسية فحسب، بل تنتظر منه ما هو أكثر من ذلك وأسمى. إنها تنتظر منه أن يكون إنساناً ناضجاً يشعر بالمسؤولية وملاذاً آمنا تحس في داخله بالطمأنينة والأمن.

المرأة مسكن:

قال تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة).

يحقق الزواج ضمن ما يحققه من أهداف كبيرة شعوراً بالألفة ويقضي على أحاسيس الوحدة والغربة التي تموج في أعماق الإنسان قبل إقدامه على الزواج.

يشعر الرجل بعواصف الحياة تلفح وجهه ويحس بضغوطها عليه، فإذا دخل منزله ملأت مشاعر الراحة قلبه وهو يرى زوجته تستقبله بابتسامة مشرقة تغسل قلبه من الهموم وتملأ روحه بالثقة والاعتداد بالنفس.

لقد كان الإمام علي(ع) وبالرغم مما عرف عنه بتحمله للخطوب والمحن، يسرع إلى منزله إذا ما داهمته المصائب فيشعر بالطمأنينة تغمر قلبه وروحه، ولم يكن ذلك سوى وجوده قرب فاطمة عليها السلام.

المرأة خير معين للرجل تقوي قلبه وتملأ روحه ثقة في أحلك الظروف وأشدّها قسوة؛ ذلك أن المرأة مخزون هائل من العاطفة والحب الذي يمكنه أن يسع العالم بأسره.

إظهار المودة:

لا شك بأن المودة والحب يولدان مع الزواج، فهناك اندماج وتفاعل ينشأ لدى الزوجين ويترعرع بمرور الأيام؛ غير أن الإسلام يطلب من الرجل والمرأة إظهار حبهما المتبادل لتأكيده أوّلاً ولتجذيره ثانياً. فقد يرتكب الرجل أو المرأة خطأً ما فيفسر على غير حقيقته، وعندها يولد الشك؛ ولذا ومن أجل محو تلك الشكوك فإن إعلان الحب وإظهار المودة يعتبر عاملاً مهماً لتبديد ضباب الظنون.

كما أن الحياة المشتركة تتطلب تفاهماً مستمراً من أجل تكامل الزوجين وبناء حياتهما المشتركة على أسس متينة وقوية.

تعزيز المعنويات:

الحياة بحر متلاطم الأمواج، زاخرة بألوان المحن التي تزلزل القلوب، ولذا فإن على الزوجين الوقوف معاً في مواجهة ما يعترضهما من أمواج.

الرجل يناضل ويكافح من أجل لقمة العيش ويتحمل في سبيل ذلك ألواناً من المتاعب والضغوط التي قد تزلزل إيمانه بالحياة؛ وهنا يبرز دور المرأة في بحث روح الثقة بنفسه وتشجيعه على مقاومة ما يعترضه من مشكلات.

إن المرأة ومن خلال وقوفها إلى جانب زوجها في معترك الحياة سوف تصنع بطلاً قادراً على تحدّي كل ألوان المحن.

التعاون:

من المسائل المهمة في توفير الأمن العائلي هو التعاون بين الرجل والمرأة، إذ ليس من اللياقة أبداً أن تقف المرأة مكتوفة اليدين وهي ترى زوجها يكافح ويكدح ويتصبب عرقا وينزف جهداً في سبيل توفير لقمة العيش الكريم.

وليس من المنطق مطلقاً أن يجلس الرجل في زاوية من البيت دون اكتراث بزوجته التي تدور في البيت هنا وهناك.. تغسل الثياب وتطهو الطعام وترتب أثاث البيت.

إن التعاون بين الزوجين يشيع أجواء المحبة والدفء في فضاء الأسرة ويزيدها مهابة وجلالاً.

عدم التنكيل:

التنكيل معول هدام يضعف أساس البناء العائلي ويبث روح الفتور في العلاقات الزوجية.

قد تخْطئ المرأة، فلا ينبغي للرجل أن ينكل بها لأن ذلك يجرح كرامتها، وقد يخطئ الرجل فلا يجوز للمرأة أن تلوم زوجها لأن ذلك يضعف من ثقته بنفسه.

النشاط البشري حافل بالأخطاء. والقاعدة أن من لا يخطئ لا يمكن أن يصيب، فالخطأ مدرسة تعلم الإنسان أن يسلك الطريق الصائب.

إشاعة الدفء:

يتحمل الزوجان مسؤولية بث الدفء في أجواء الأسرة، غير أن المرأة بما وهبها الله من العاطفة تتحمل القسط الأكبر في ذلك. فالمرأة مخزن للعواطف الإنسانية وينبوع الحب الصافي.

إنها بروحها الوثّابة يمكنها أن تشيع النشاط والحيوية في البيت، وبابتسامها الحنون تتبدد السحب ويتلاشى الضباب فتشرق شمس الحب وتغمر المنزل بالدفء والنور.

المرأة سيد البيت والمسؤول الأول في إدارة مملكتها الصغير. إنها ومن خلال مهارتها وفتها وقّتها يمكنها أن تجعل جميع الأشياء فيه تنبض بالحياة.

ينبغي على المرأة أن تحول بيتها إلى واحة صغيرة وارفة الظلال، فإذا عاد زوجها بعد عناء يوم حافل بالنشاط والجهد وجد جميع الأشياء وكأنها تستقبله، فيشعر بالراحة تغسل كل تعبه وهمومه. وقد جاء في الأحاديث الشريفة: ((جهاد المرأة حسن التبعّل)).

قَدْر من الراحة:

عندما يعود الرجل إلى البيت يكون هّمه الأول أن يلتقط أنفاسه في مكان مريح، ولذا فإن على المرأة أن تدرك هذه المسألة فتهيئ لشريك حياتها ما يناسب ذلك، لكي ينعم زوجها بقسط وافر من الراحة والهدوء.

كما أن على الرجل أن يدرك أن زوجته لم تكن تقضي وقتها في استراحة طويلة. إنها هي الأخرى تعمل وتدور في المنزل من أجل إنجاز أعماله ومستلزماته العديدة، ولذا فعليه إذا ما استمتع باستراحته أن يبادر إلى مساعدة زوجته في شؤونها المنزلية، ذلك أن هذا الإحساس سوف يصب في مصلحة الأسرة ويشيع فيها جوّاً من التفاهم والانسجام.

الحياة الزوجية تعاون وتضامن ((وخيركم خيركم لأهله)) كما ورد في الحديث الشريف. ولا ينبغي أن ننسى هنا الجانب العبادي في هذه المسائل، فالله سبحانه يثيب المحسن ويعاقب المسيء.

الثناء:

من العوامل المشجعة والتي تساعد على إشاعة الانسجام في الأسرة، الثناء والمديح في وقته وظرفه المناسب. إنه دفقة من الحياة يضخها الرجل في روح امرأته عندما يثني على عمل ما قامت به، كما أنه وسام شريف تمنحه المرأة لزوجها عندما تمتدح موقفه من مسألة ما.

الإنسان يحتاج إلى ثناء الآخرين لكي يتقدم في عمله ويبدع، فالتشجيع له دوره البنّاء في التكامل والتقدم نحو الأمام.

إن على الزوجين، ومن أجل إشاعة الانسجام في الأسرة، البحث عن النقاط الإيجابية في كل منهما وتنميتها، والغض عن العيوب ـ قدر الإمكان ـ ومعالجتها بطريقة هادئة بعيداً عن أسلوب التنكيل والتقريع والإهانة.

إن امتداح الرجل لزوجته سوف يجعل له مكاناً أثيراً في قلبها، كما أن ثناء المرأة على زوجها سوف يوفر لها منزلة سامية في قلبه.

التحمل:

وأخيراً فإن التحمل والصبر من العوامل المهمة في توفير الأمن الأسري.

إن على الرجل أن يتحمل سلوك زوجته ولا يثور في وجهها لدى كل هفوة تصدر عنها، كما أن المرأة عليها أن تصبر، فلا تتصرف بردود فعل متشنجة إزاء موقف مغيظ يصدر عن زوجها.

إن من علامات العقل، ضبط النفس وعدم الانقياد وراء الأهواء النفسية، ينبغي على المرء أن يبدي أكبر قدر من الحكمة في سلوكه ومواقفه.

الزوجان شريكا حياة وليسا غريمين ينتظران تسوية الحساب بينهما في كل لحظة، بل أحدهما يكمل الآخر، وكلاهما يتعاونان على تحمل أعباء الحياة. وأول خطوة في هذا الطريق هو أن يتحمل أحدهما الآخر منتظراً الفرصة المناسبة لتقويم اعوجاجه وتصحيح انحرافه.

الفصل الثاني

الحقوق الزوجية

الزواج عقد يوقعه الرجل والمرأة من أجل حياة مشتركة تحت سقف واحد، عقد يتضمن مجموعة من البنود والضوابط التي تنظم علاقاتهما المتشابكة، من أجل إرساء دعائم بناء متين يحفظ حقوقهما ويحدد واجباتهما.

إن مسألة الزواج كعقد مشترك أمر تجمع عليه كل القوانين في جميع الدول والمجتمعات. وأصولاً، فإن شقاء وسعادة الأسرة التي تعتبر حجر الأساس في بناء المجتمع أمرٌ يتوقف على سعي الرجل والمرأة في خلق أجواء صحية ومناخ مناسب. وتوفير الظروف المناسبة لنمو شجرة السعادة وامتداد جذورها بعيداً في أرض معطاء.

وما أكثر أولئك الذين أخطأوا طريق السعادة بسبب جهلهم وعدم رعياتهم للحقوق والواجبات الزوجية، فقضوا أعمارهم في نزاع وخلاف وشجار لا نهاية له وثمرة من ورائه سوى المرارة والألم والعذاب.

مسألة الحقوق:

ان جميع الأديان السماوية والمذاهب الوضعية تؤكد على أهمية الحقوق والواجبات الاجتماعية وضرورة رعايتها من قبل الطرفين من أجل إرساء دعائم الحياة المشتركة بينهما في جو مفعم بالسلام.

أن بحث مسألة حقوق فرد ما يعني بحث مسألة واجبات الفرد المقابل، فعندما نطرح ـ مثلاً مسألة حقوق الطفل على الوالدين فهذا يعني أننا نبحث مسألة واجبات الوالدين تجاه الطفل. وإذن فهناك معادلة بين الحق والواجب. فلكل فرد حق معين. وعلى كل فرد واجب محدد. وأي إخلال بهذه المعادلة يعني بروز قضية العقاب والجزاء لإقرار المعادلة بشكلٍ متوازن.

الأسرة والحقوق:

تحتل مسألة الحقوق في الإسلام مساحة واسعة وتحظى بأهمية فائقة، وقد سئل الإمام الرضا ـ عليه السلام ـ عن حق المؤمن على المؤمن، فقال: إن من حق المؤمن على المؤمن المودة في صدره والمواساة في ماله... ولا يقول له: أفّ، فإذا قال له أف فليس بينهما ولاية، وإذا قال له أنت عدوَّي فقد كفّر أحدهما صاحبه، وإذا اتهّمه إنماث الإيمان في قلبه كما ينماث الملح في الماء(1).

وإذا كان لمسألة الحقوق كل هذه الأهمية فإن أهميتها الكبرى تتجلّى في الحياة الزوجية، حيث يتعين على إنسانين العيش معاً تحت سقفٍ واحد والسير سوية في طريقٍ واحد. ولذا يتعين على الرجل والمرأة الإحاطة بشكلٍ عام بالواجبات والحقوق المتبادلة بينهما من أجل إرساء حياة هادئة مفعمة بالحب والسلام.

احترام الحقوق:

تقوم الحياة الزوجية على أساس احترام الحقوق. وبالرغم من الدور الفاعل للحب والمودّة في تعزيز العلاقات الزوجية، إلاّ أن مسألة احترام الحقوق تحظى بأهمية فائقة في مضمار العلاقات بين الزوجين.

فقد يواجه الزوجان ـ مثلاً ـ تنوعاً واختلافاً واسعاً في الأذواق والمشارب والأهواء. ومن أجل تلافي الاصطدام بينهما فإن تحكيم الحق والواجب هنا هو الأساس في الفصل وحل المشكلة قبل أن تتطور إلى نزاع أو شجار.

ولهذا شرع الإسلام لكل فرد من أفراد الأسرة حقوقاً معينة ينبغي احترامها وعدم تجاوزها. وهنا ينبغي الإشارة إلى أن عدم رعاية الزوجين لحقوق كل منهما يعني مخالفة صريحة للتعاليم الإلهية، وهو أمرٌ يعرّض الإنسان للحساب والعقاب.

أن احترام ورعاية الحقوق الزوجية هو واجب شرعي يتوجب الالتزام به، إضافةً إلى آثاره الإيجابية في إشاعة الدفء والحب في أجواء الأسرة. أن ما يدعو إلى الأسف حقاً أن يتجاهل الرجل والمرأة تلك الحقوق الإلهية وإهمال واجباتهما تجاه بعضهما البعض.

إن مسألة زعامة الأسرة ليست امتيازاً في نظر الإسلام بقدر ما هي مسؤولية تعني إدارة الأسرة وقيادتها في الطريق الصائب حيث يتبلور دور العقل والكياسة والتجربة في شؤون الحياة، إضافة إلى عناصر التضحية والإيثار والصبر.

كما أن توزيع الواجبات في الأسرة مسألة يشير إليها الإسلام ويؤكد عليها، بعد أن يأخذ بنظر الاعتبار قابليات كل من الزوجين واستعداداتهما الفطرية. وهنا نرى رسول الله(ص) يسند شؤون المنزل وإدارته إلى فاطمة الزهراء(ع) بينما يوكل الأعمال خارج المنزل إلى زوجها علي بن أبي طالب(ع).

إن الإحساس المتقابل بمسؤولية الزوجين تجاه بعضهما البعض له أثره الكبير في رسم صورة واقعية للحياة تساعدهما على السير بثبات واستقامة نحو الهدف المنشود.

مسؤولية الرجل:

يتحمل الرجل في الإسلام مسؤولية إدارة الأسرة وتوفير ما تحتاج من غذاء وكساء، كما أنه في الخط الأول في مواجهة الأخطار التي تهدد كيانها ومصيرها.

وإضافة إلى ذلك يتحمل الرجل مسؤولية بناء الأسرة على أسس صحيحة ليكون البناء سليماً. وعلى الرجل أن يكون بعيداً في تفكيره وأن لا يحصر هّمه في الحصول على متعه الشخصية وأن لا يجعل هّمة الأول في الحياة الدنيا ولذائذها لأن ذلك يقود في النهاية إلى انحطاط الأسرة وتفكُّكها.

مسؤولية المرأة:

تتحمل المرأة مسؤولية كبرى في الحياة الأسرية، بل أنها تشكل محور الأسرة، فعليها تقع مسؤولية إدارة المنزل وتربية الجيل تربية صحيحة.

ومع كل هذه الأهمية في دور المرأة فإننا نؤكد على خطأ زعامة المرأة للأسرة. أنها بمثابة القلب النابض الذي يمد الأسرة بالحياة والنشاط والأمل، في حين يمثل الرجل دور العقل المدبِّر في قيادة الأسرة. ولهذا فإن كلا الدورين يكمل أحدهما الآخر في تناغم وانسجام.

حقوق الأبناء:

لا تنحصر مسؤولية الزوجين تجاه بعضهما البعض فقط بل أنها تشمل دائرة أوسع من ذلك بكثير. ذلك أنهما مسؤولان عن أبنائهما، فالطفولة لها حق كبير، وتربيتهما تربية صالحة هي مسؤولية كبرى تقع على عاتق الوالدين.

الأطفال في حاجة إلى محيط أسري هادئ يشعرهم بالطمأنينة والأمن، أما النزاع والاختلافات فهي بمثابة عاصفة عاتية تدمر مشاعر الطفل وتقذف في قلبه الخوف والقلق.

وإذا كانت هناك هموم تعكّر صفو الحياة فينبغي على الوالدين معالجتها بعيداً عن الأطفال، فالابتسامة والحنان والمحبة والرعاية هي حق الطفولة، وهي من واجبات الوالدين.

اجتناب الأنانية:

الحياة الأسرية تقوم على الأخلاق الرفيعة والصفات الإنسانية السامية. إنها تتناقض مع الأنا والأنانية ولا تنسجم مع النرجسية.

وإذا تذكّرنا أن لدينا حقوقاً فيجب أن لا نتناسى حقوق الآخرين، فإذا كان لنا حق في الحياة الأسرية الهادئة، فإن لأزواجنا نفس هذا الحق المفترض.

إنها نظرة ضيقة للحياة عندما لا نرى سوى أنفسنا ومصالحنا فقط. إن أكثر الخلافات التي تحتدم في فضاء الأسرة. إنما تنشأ من الأنانية وعدم أخذ الطرف الآخر بنظر الاعتبار.

يجب أن نعتمد على أنفسنا، هذا صحيح، لكنه لا يعني مصادرة آراء الآخرين. وهناك مع الأسف أفراد لا يرون سوى مصالحهم الشخصية فقط، بل لا يرون سوى أنفسهم حتى أنهم لا يتحدّثون مع أحد انطلاقاً من إعجابهم الشديد بأنفسهم، ومثل هؤلاء الأفراد يعيشون عزلة مريرة.

مراعاة الأدب:

يصبح للحياة العائلية طعمها الحلو إذا ما روعي فيها الأدب، على أن يبقى ذلك ضمن الحد المعقول بعيداً عن الرسميات الفارغة؛ فالاحترام المتبادل مطلوب بين الزوجين اللذين يمثل أحدهما في نظر الآخر أباً وأماً لأبنائه، فمن حق كل منهما أن يكون له رأيه في شؤون الأسرة وهمومها.

والإسلام هنا يوصي الزوجين بالاحترام ورعاية الأدب في علاقاتهما المشتركة وينهى عن الجرأة في علاقاتهما الجنسية، إذ لا بد أن يكون هناك قدر من الحياء يحفظ لهما كرامتهما الإنسانية.

وأخيراً:

ونؤكد في ختام هذا الفصل على أن الزواج يأخذ في حسابه المصلحة العليا للأسرة، فليس هناك مصالح شخصية أو زعامة دكتاتورية أو محاولة للسيطرة على الآخرين، فكل هذا يعتبر خطراً على الأسرة وكيانها.

ولا ينبغي هنا تقليد الآخرين فيما يعملون، فلكل ظروفه وأساليبه في الحياة. وهنا ينبغي التحرك ضمن معطيات الظروف... ينبغي أن نعرف حدودنا فلا نتجاوز على حقوق الآخرين ممن يشاركوننا حياتنا؛ فقد ينجح فلان من الناس في حياته الأسرية باعتماده أسلوباً ما، ولكن هذا الأسلوب قد يدمّر حياتنا العائلية، فلكل طريقة في الحياة.

الفصل الثالث

الإخلاص

يشعر البعض بالطمأنينة عندما يرى أسرته تعيش حالة من الهدوء، فيحس بأن الخطر بات بعيداً عنه، في حين أنه يهدد السلام في العائلة بين لحظة وأخرى؛ ذلك أن اختلاف الأذواق والأمزجة في الواقع قنابل موقوتة قد تنفجر في أية لحظة، وتهدد الأسرة بالتفكك.

ومن الضروري جداً أن يراقب الزوجان دائماً مدى إخلاصهما لبعضهما، ويسعيا من أجل تثبيت وتجديد دعائم هذا الإخلاص من أجل ضمان استمرار حياتهما المشتركة في أجواء من الصفاء والمحبة.

ضرورة الاخلاص:

الأخلاص ضرورة حياتية في المجتمعات الإنسانية، وله أهميته الفائقة في الحياة الزوجية من خلال تعزيز العلاقات المشتركة بينهما بما يخدم مصلحة الطرفين وسعادتهما معاً.

الحياة السعيدة هي عندما يحرص الزوجان دائماً على استمرارها وحمايتها من الآخطار التي تهددها. وعندما يشعر الزوجان أن كلاً منهما هو ملاذ الآخر وصديقه المخلص الذي يقف إلى جواره عند الشدائد.

ولقد أثبتت التجارب والبحوث أن البعض يتحمل بمفرده أعباء الحياة، عن علم أو جهل، نتيجة غياب الاخلاص والصفاء بين الزوجين واختلافهما في الفكر والسلوك.

عدم مصادرة الآخر:

ينظر بعض الرجال إلى أزواجهم على أنهم عبيد أو خدم لا وزن لهم أو حساب، مما يؤدي إلى تأزُّم الأوضاع وبروز حالة النزاع.

ولذا، فإن من الضروري جداً أن يتحلى الزوجان بسلوك طيب تجاه بعضهما البعض آخذين بنظر الاعتبار عواطفهم وأفكارهم وأساليبهم في الحياة. وهذا الجانب يخصّ الرجل في أغلب الأحيان، إذ عليه أن يحترم زوجته ولا يتعمد جرح كرامتها، ذلك أن المرأة الجريحة تحس بالهوان ولا يمكنها أن تربي أطفالاً صالحين، مما يعرّض الجيل إلى أخطار عديدة.

الحذر عند التحدث:

من غير المنطقي أبداً أن يتحدث الزوجان بأسلوب رسمي أو بلهجة الرئيس والمرؤوس، ولكن المطلوب على الأقل أن يكون هناك قدر من الحذر عند الحديث، ذلك أنّ زلة اللسان قد تكون لها عواقب وخيمة.
هناك ـ مع الأسف ـ بعض الأفراد الذين يمتلكون علاقات وطيدة مع أصدقائهم وزملائهم بسبب معشرهم الطيب وأحاديثهم الحلوة، وفي نفس الوقت فإن علاقاتهم مع أزواجهم متردية بسبب أسلوبهم الفظ وحديثهم الخشن.

أما محاولة فرض السيطرة على الطرف الآخر ـ قولاً وعملاً ـ هو أسلوب فاشل في إدارة الأسرة، لأنه يستهدف أساس العلاقات الزوجية التي ينبغي بناؤها على الاحترام المتبادل والمحبة والصفاء.

وبشكل عام يوصي الإسلام ويؤكد على ضرورة معاشرة الناس بالتي هي أحسن. قال تعالى: (ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضّوا من حولك).

العاطفة:

أن يكون هناك حب يربط الزوجين، أمرٌ لا يحتاج إلى توضيح، ولكن المهم هنا هو تجسيد هذا الحب وإبراز تلك العاطفة من خلال القول والعمل. فقد يكون لتقديمك قدح الماء لشريك حياتك أثر كبير في زرع المودة والحب في قلبه. كما أن ثناءك على عمله وبعض النقاط الإيجابية فيه له دور فاعل في بث الثقة في نفسه مما يعزز من روح الأمل في حياته وبالتالي في انعكاس ذلك على حياته وعلاقاته الزوجية.

الترحيب بالأقارب:

قد ينفجر النزاع بين الزوجين بسبب زيارة أقارب أحدهما وعدم الترحيب بهم من جانب الطرف الآخر مما يزرع الحقد في نفسه منتظراً الفرصة المناسبة للانتقام والمقابلة بالمثل.

ربما كان من عادتك الهدوء والابتعاد عن الاختلاط مع الناس، أو أنك لا ترتاج إلى زيارة فلان، أو لقاء فلان من الناس، أو أنك لا تحب أن ترى ضيوفاً في منزلك.. كل هذا صحيح قبل زواجك وقبل ارتباطك مع شخص آخر قد لا يشاطرك هذه الرؤية. وعليه فإنه يتوجب عليك أن تحترم آراءه ومشاعره من خلال استقبالك لأقربائه ومعارفه، وهذا هو معنى الحياة المشتركة، إذ مضى ذلك الوقت الذي يمكنك التعبير فيه عن آرائك بحرية مطلقة، فهناك من يشاركك الحياة ومن له آراء أخرى ينبغي احترامها من خلال مواقف مشتركة قد لا تنسجم مع مواقفك وطريقة تفكيرك.

الهدية:

من العوامل المؤثرة في تعزيز وتمتين العلاقات الزوجية هو انتهاز بعض الفرص المناسبة لتقديم هدية إلى شريك حياتك تعبيراً عن حبك واهتمامك به.

إن تقديمك هدية لزوجك سوف يعزز من منزلتك لديه ويزيد من حبه لك وتقديره لعواطفك ومشاعرك، وبالتالي تعزيز العلاقات الزوجية.

وقيمة الهدية ـ بالطبع ـ لا تكمن في ذاتها بل قيمتها الحقيقية في اعتباراتها المعنوية والأخلاقية كتعبير عن الحب والودّ والإخلاص.

وقد تتجسد الهدية في بعض الأحيان في كلمة شكر وتقدير تهمس بها في أذن زوجتك تثميناً لها على جهودها المبذولة ليل نهار في سبيل تحويل البيت إلى جنينة وارفة الظلال ينعم بها الصغار في بحبوحةٍ من العيش الكريم.

الإخلاص:

إن على الزوجين أن يكونا روحاً واحدة في جسدين.. يبكيان معاً ويبتسمان معاً، ويتقاسمان هموم الحياة وأفراحها.

وإن على الزوج أن يكون إخلاصه أسمى بكثير من مظاهر الحياة الفارغة، كالمال والثراء والجمال؛ ذلك أن الحب الحقيقي لا يعرف هذا المنطق.

ليس من الإنصاف ابداً أن يحب الرجل زوجته لجمالها مثلاً، فإذا حدث وتشوه ذلك الجمال لفظها وأخرجها من دائرة حياته، وليس من العدل أن تحب المرأة زوجها لثرائه فإن ضربه القدر وتحول إلى إنسان فقير هجرته إمرأته وتركته وحيداً، أو صبت عليه جام غضبها في كل لحظة أو مناسبة. السعادة ليست في المال أو في الجمال. إنها وليدة الحب والإخلاص.

الحذر عند الانتقاد:

إن ما يضعف العلاقات بين الزوجين ويعرضها للتفكك هو الانتقاد المرّ وتحطيم روح الثقة في قلب الزوجة أو الزوج. فعندما يتعرض الرجل بالسخرية من سلوك زوجته أو موقفها تجاه بعض المسائل فإنه في الحقيقة يهدم أسس العلاقات بينهما بمعول خطر.

الانتقاد في حقيقته عمل إيجابي إذا توفرت فيه المقومات الصحيحة التي تعني تقويم الشخصية واكتشاف مواطن الضعف ووضع الاصبع على العيب؛ على أن ذلك كله يجب أن يتم في ظروف مناسبة تفعل فعلها الايجابي. أما أن يتحول الانتقاذ إلى أسلوب مرير في السخرية من الآخر فإنه سيكون بمثابة المعول الهدام الذي يأتي على القواعد برمتها، فينهار السقف من فوقها.

الابتعاد عن الاستفزاز:

الاستفزاز هو الآخر ينسف العلاقات الزوجية، فقد يخطئ أحدهما ـ مثلاً ـ في سلوكه خارج المنزل فيضمر الآخر له ذلك حتى إذا عادا إلى البيت حاول أن يستفزّه من أجل الانتقام منه، وذلك بالتدخل في شؤونه الخاصّة.

أو يخطئ الطفل فيحاول الأب معاقبته فتقف الأم حائلاً دون ذلك مما يفجّر غضب الرجل تجاهها، أو يقوم الرجل بإهانة زوجته أمام الطفل فيتجرأ الطفل على أمه وعندها يتفجر غضب المرأة تجاه زوجها بسبب ذلك.

وفي كل الأحوال فإن علاج المشاكل والخلافات عن طريق الشجار والاستفزاز له عواقبه المؤسفة التي لا يمكن أن تكون حلاً بل تعقيداً للأوضاع.

اجتناب الإهانة:

الإهانة جرح عميق الأثر في النفس يصعب علاجه؛ قد تكون متفوقاً على زوجتك في نواحٍ عديدة؛ قد تكون ثرياً مثلاً، أو حاصلاً على شهادة علمية رفيعة؛ ولكنّ كل ذلك لا يبرر ـ أبداً ـ استعلاءك على زوجتك وشريك حياتك.

إن إهانة زوجتك أو التدليل بفضلك عليها سوف يجعلها تشعر بالصغار والحقارة مما يترك آثاره السلبية في نفسها. وإذا أخذنا بنظر الاعتبار أن ذلك سوف يؤثر في تربية أطفالك، عرفنا مدى فداحة ذلك الأسلوب اللاإنساني في التعامل معها.

لقد انتخبت زوجتك من قبل، وكنت راضياً وسعيداً بها، ولذا فليس من الأدب واللياقة أن تحاول تحقيرها أو إهانتها. وإذا كان هناك ما يدعو للخلاف معها فإنه توجب عليك حل المشكلة من الجذور، ففي هذا سعادة لك ولأسرتك.

الابتعاد عن العنف:

الحياة الزوجية تحتاج إلى السلام لكي تتوثق العلاقات وتتجذر المحبة في القلوب. فالتعامل الإنساني والسلوك الأخلاقي كفيل بصنع أسرة ناجحة وسعيدة.

إن ما يدعو للأسف أن يجعل بعض الرجال وبعض النساء بيوتهم حلبة للصراع والملاكمة والشجار، الذي يعرض حرمة الزواج وقداسته للخطر.

الحياة الزوجية حياة دافئة.. حياة ينبغي أن تنهض على أساس الحب والمودّة والإخلاص. أما العداوة والبغضاء والشجار والضرب فأمور تتناقض مع الحياة الزوجية وقدسيتها، بل إنها تمسخ الإنسان وتحوله إلى مجرد حيوان مفترس لا همّ له سوى الانقضاض على ضحاياه والإجهاز عليها.

العامل الاقتصادي:

ليس هناك من لا يدرك مرارة الفقر ودوره الهدّام في الحياة؛ على أن ذلك لا يمكن أن يكون مبرراً لتفجر النزاع في الحياة الأسرية وتفككها. وليس من الإنسانية أن تتخلى المرأة عن زوجها بسبب فقره وضيق ذات يده، إلا إذا كان إنساناً يميل إلى الكسل ويمقت النشاط والعمل في ميدان الحياة.

الفقر ليس عاراً أبداً كما أنه ليس قدراً محتوماً، ولذا ينبغي على المرء أن يكون متفائلاً في حياته، يتطلع إلى المستقبل بشوق وحب وأمل. وينبغي على المرأة أن توقد في قلب زوجها شعلة الأمل، فتدفعه صوب العمل من أجل حياة أفضل. وعلى الرجل أن يمحو من ذهن زوجته ضباب اليأس لتشرق شمس الأمل في نفسها وتغمرها بنور المستقبل الزاهر في غد مشرق سعيد.

الفصل الرابع

الأبناء

تحتاج الحياة المشتركة إلى عامل قوي يمدّها بالديمومة والاستمرار، فلو أراد شخصان السفر معاً مدة أسبوع واحد فإنهما يحتاجان إلى أساس مشترك يجذبهما للسفر سوية وتحمل أحدهما الآخر.

أما الحياة الزوجية، ولأنها رحلة العمر كما يقولون فإنها تحتاج إلى عوامل جذب قوية تدفع الطرفين للحياة معاً والسفر سوية في طريق الحياة. وعوامل الجذب هذه عديدة، منها: الأبناء، فهم ثمرة الحياة الزوجية التي تشدّ من روابط الزوجين وتعزز من أواصرهما المشتركة.

أهداف الزواج:

لقد أشرنا في بحوث سابقة إلى أهداف المتعددة وهي: التكامل الإنساني، الشعور بالطمأنينة والاستقرار، إشباع الجانب الجنسي،... واستمرار النوع البشري.

الطفل يجلب معه الإحساس بالفرح ويشيع في البيت البهجة والسعادة؛ فيشعر الأب بالغبطة وهو يرى فلذة كبده يحبو على الأرض، في حين تشعر الأم بأنها قد وجدت متنفساً لها من ذلك المخزون العاطفي المتفجر فتغمر وليدها بذلك الفيض الإلهي من الحنان.

الأبناء هم الامتداد الطبيعي للآباء وهم إحدى حلقات الشعور بالكمال لدى البشر.

الطفل والسعادة الزوجية:

الطفل ثمرة الزواج والحب، والبيت الذي يخلو من الأطفال بيت خاوٍ، خالٍ من السعادة، فالأطفال هم مصدر الفرح الإنساني، وبهم يصبح الرجل أباً رحيماً والمرأة أمّاً رؤوفاً.

إن وجود الاطفال يعزز من العلاقات الزوجية ويزيدها متانة وقوة، ومن هنا يعتبر الطفل نعمة من الله تبارك وتعالى. وبوجود الطفل يشعر الزوجان بأنهما قد حقّقا واحداً من أهم الأهداف في حياتهما المشتركة، وأنهما وضعا حجر الأساس في بناء المستقبل المشترك.

مستقبل الطفل:

تظهر علامات الحمل على المرأة ويبدأ معها التخطيط لمستقبل الطفل، ويبدأ الرجل يعد الأيام والليالي انتظاراً لتلك اللحظة السعيدة التي يصبح فيها أباً، وتعدّ المرأة اللحظات والدقائق وهي تنتظر اليوم السعيد الذي يصل فيه الضيف العزيز.

وتبدأ الأحاديث الجميلة بين الزوجين حول شكل الطفل وهل هو صبي أم بنت.. ويولد الطفل وتبدأ معه هموم تربيته كمسؤولية تضاف إلى الزوجين اللذين أصبحا والدين لهما ما يشغلهما من العمل والتفكير بمستقبل أبنائهما.

الطفل يراقب:

إن وجود الطفل سوف يفرض نفسه على سلوك الزوجين تجاه بعضهما البعض؛ فالرجل سوف يأخذ جميع احتياطاته أثناء الحديث وسوف يبتعد ما أمكنه من استخدام الكلمات النابية، والحديث الذي من شأنه استفزاز امرأته. وفي المقابل ستكون المرأة أكثر تيقّظاً في مواقفها تجاه زوجها وتعاملها معه، وسيكون الزوجان حريصين على توفير جو هادئ مفعم بالدفء والحنان لينعم طفلهما بالسعادة.

الطفل عبء جديد:

يتصور البعض بأن الأطفال مجرد أعباء جديدة تضاف إلى أعبائهم، ولذا يصمم بعض الأزواج على عدم الإنجاب مدة من الزمن للاستمتاع بالحياة أكثر فأكثر.

وإذا كان البعض يفكر بأن الأطفال سوف يكونون عوامل لتعكير سير الحياة الزوجية فإنهم غافلون عن أن وصول الطفل سيقضي على اضطراب الأسرة وسيكون عاملاً مهماً في تثبيت دعائم الاستقرار والمحبة بين الزوجين ويشد من أواصرهما المشتركة.

وفي رأينا أن من الضروري أن يفكر الزوجان بتربية الأطفال في الأيام الأولى لزواجهما، فهذه المسألة، وإضافة إلى كونها واجباً إنسانياً وشرعياً، لها دور كبير في تحكيم الروابط الزوجية، ولعل تلك الأوقات التي يقضيها الوالدان مع أطفالهما هي من أسعد الأوقات في عمرها.

وفي الختام:

وفي نهاية هذا الفصل ينبغي أن نشير إلى نقطتين مهمتين:

الأولى: إن الإنجاب هو الذي يرفع من شأن الزوجين ويجعلهما في مصاف الوالدين، وهو أمر له شأنه الكبير من الناحية الدينية إضافة إلى أن الطفل يمنح الإحساس بالاكتفاء والمسؤولية وهما أمران في غاية الأهميّة.

الثانية: في حالة اندلاع النزاع بين الزوجين لا يشعر الزوجان أبداً بأنهما قد وصلا إلى نقطة النهاية، فالأطفال روابط قوية مشتركة لها دورها في تحكيم العلاقات بين الزوجين، كأسرة متماسكة.

النزاع حالة طبيعية في الحياة الأسرية قد يكون لها جانبها الإيجابي في اكتشاف الزوجين نقاط القوة والضعف في حياتهما المشتركة، ومن ثم تغيير بعض مواقفهما، وبداية عهد جديد من الحياة الزوجية القائمة على أسس صلبة. وفي كل هذه الأحوال ينبغي أن نراقب الله سبحانه في كل أعمالنا ومواقفنا، فهو وحده ملاذنا وسندنا في هذه الحياة، وهو وحده الذي يدافع عنا إذا آمنّا به ذلك: (إن الله يدافع عن الذين آمنوا).

والسلام

الهوامش:

(1) بحار الأنوار ج74 ص333.