ماذا افعل؟

لقد بدأت اعيش وحدي وانزويت عن المجتمع والاختلاط مع الآخرين بسبب نظرات الناس المتلاحقة حول طفلي الذي يحلو له الاعتداء على كل طفل امامه، ويعبث بكل حاجة يصل اليها.

هل تعلم ان الطفل في سنواته الاولى يميل إلى توجيهات ابويه حول معاني الخير والشر فلا تفوت الفرصة بالاستجابة لكل طلباته؟

الحب والحنان للطفل في السنوات السبع الأولى، كالماء للزرع ولكن لا تنسى ان كثرة الماء يميت النبات كذلك نقصانه.

اطفالك بحاجة الى مشاركتهم في صنع القرار الذي يتخذه الابوان، كحجة الأمة إلى قائدها المعصوم (وشاورهم في الأمر)

العدوانية

إنّ الطفل الذي يمتلك روح الإعتداء وصفة الأذى ليس طفلاً شاذاً جاء إلى الحياة بهذه النفسيّة التي لا يمكن تقويمها... فالمولود نفسه كالأرض الخالية تنبت ما بذر فيها... والأبوين هما فلاّحا هذه الأرض... ومن هنا يكون الطفل العدواني نتاج تعامل سياسة الإفراط أو التفريط بحقّه في المرحلة الأولى من عمره.

أسباب عدوانية الطفل:

1 ـ إفراط الوالدين بحقّه.

2 ـ تفريط الوالدين بحقّه.

إفراط الوالدين بحقّه

إنّ الطفل ـ وكما مرّ معنا سابقا ـ بحاجة ماسة إلى الحبّ والإهتمام لتنمية قدراته النفسية، واكتساب القوّة المعنوية... ولكن بعض الآباء يفرّطون في المرحلة الأولى من حياة أطفالهم في عطائهم للحبّ والحنان وبالشكل التالي:

إفراط الوالدين بحقّ الطفل في المرحلة الأولى:

1 ـ ملاعبته في كلّ وقت.

2 ـ عدم تعريفه بالخطأ.

3 ـ تنفيذ كل مطالبه.

تنفيذ كل مطالبه

إنّ للطفل في مرحلته الأولى طلبات كثيرة ومتنوعة، ويحاول الإلحاح على والديه لتنفيذ كل مطالبه، ويؤكّد على طلباته المرفوضة بالصراخ والعويل، ولكنّه يعايش مع نفسه ـ في ذات الوقت ـ الميل إلى توجيه الوالدين حول ما يصلح له وما لا يصلح... وبعض الآباء حين يستجيبون لمطالب صغيرهم بأجمعها الجيّدة والضارة، ويضعفون أمام غضبه وصراخه، أولئك يخلقون في نفس صغيرهم التصوّر في امتلاك العالم وحريّة العبث فيه كيفما يريد ويهوى ولذا فهو يضرب هذا ويعبث بحاجة ذاك.

عدم تعريفه بخطأه

إنّ العقوبة المؤذية للجسد والنفس مرفوضة بحق الطفل في المرحلة الأولى من طفولته حسبما يشير إليه المنظور الإسلامي ـ راجع باب العقوبة ـ كما إنّ ضفاءه بمشاعر الحبّ والحنان مطلوبة أيضاً... وهذا لا يعني السكوت أمام أخطاء الطفل، بل ينبغي تعريفه بالخطأ الذي يمارسه وباسلوب لطيف غير جارح لنفسه ومؤذ لجسده... إنّ السكوت أما سلوكيات الطفل الخاطئة تجعله يخرج عن الحدّ المعقول والتصرُّفات المرضية.

ملاعبته متى شاء

حين يجد الطفل في السنوات السبع الأولى من حياته أنّ والديه متفرّغين لتسليته والحديث معه متى شاء، دون أن يضعا حدوداً لذلك، أو تركه يلعب وحده وبعيداً عنهما... سوف يتعلّم أنّ الآخرين لا بدّ أن يكونوا دوماً بخدمته، ومن يعترض عليه يعتبره اعتداء بحقّه يستوجب معه الغضب والضرب والركل.

تفريط الوالدين

وبعد أن انتهينا من إفراط الوالدين بحقّ أبنائهم، ننتقل إلى اسلوب آخر يتعامل به بعض الآباء مع أولادهم يقع على طرفي النقيض مع الإفراط... وهو التفريط في حاجة الأبناء إلى الحبّ والإهتمام... ويتجاهلان وجودها وبالشكل الآتي:

تفريط الوالدين بحق الطفل في مرحلته الأولى:

1 ـ حرمانه من فرص اللعب.

2 ـ رفض كل رغباته.

3 ـ تعريضه للعقوبة القاسية.

رفض كل رغباته

إنّ للطفل في سنواته الأولى حاجات نفسيّة لا بدّ من الوالدين الإهتمام بها كالإهتمام بطعامه ولباسه... وتعتبر حاجاته النفسيّة في التربية الإسلامية مهمّة يجب عدم التفريط فيها:

قال الإمام الصادق(ع):

(إنّ الله عزّ وجلّ ليرحم الرجل لشدّة حبّهِ لولده). (من لا يحضره الفقيه/ ج3)

تعريضه للعقوبة القاسية

قد يحتج بعض الآباء حين معاقبتهم على استعمالهم العقوبة القاسية مع أبنائهم بأنّ أطفالهم يختلفون عن الآخرين بحركتهم وأذيّتهم... ولكن الأمر يبدو معكوساً، فإنّ العقوبة القاسية التي يتعرّض لها الأبناء هي الي تدفعهم إلى العبث والضجيج والمشاكسة للتنفيس عمّا بداخله من أذى نفسي.

حرمانه من فرص اللعب

إنّ اللعب للطفل في مرحلته الأولى حقٌّ مشروع ينبغي من الوالدين الإهتمام به بإيجاد الفرص المناسبة والألعاب المناسبة لمثل عمره... إضافة إلى مشاركة الأبناء بعض الوقت باللعب معهم ولا يتصوّر الآباء أنّ النزول إلى مستوى الطفل باللعب يعتبر مهانة لا تليق بهم... إنّ المربِّي الإسلامي أعطى للّعب أهميّة قصوى خصوصاً في المرحلة الأولى، ثمّ اهتمّ بمشاركة الوالدين مع الأبناء في اللعب... ولقد كان رسول الله محمّد(ص) يشارك أبناء الزهراء(ع) في ألعابهم ويجعل ظهره الشريف مركباً لهم... وكذلك جاء في الحديث الشريف:

قال النبيّ(ص):

(من كان عنده صبي فليتصاب له). (من لا يحضره الفقيه/ ج3)

كيف يتم التوازن؟

إن الإسلام يلغي في منهجه التربوي مسلك الإفراط والتفريط ويرى إنّ أحسن الأمور أوسطها... ولذا كان نهج المسلمين الوسط الذي يشهد بصحته كلّ من سلك طريق الإفراط والتفريط فوجداه لا يصلح حالهم:

(وكذلك جعلناكم أمةً وسطاً لتكونوا شهداء على النّاس) (البقرة/143).

وكذلك الأبوان في تربيتهم لأولادهم، عليهم أن يسلكوا المنهج التربوي في الإسلام بالإلتزام بالوسيطة في كلّ الأمور، فلا إفراط أو تفريط... فالوالدان بمقدورهم أن يكونا حازمين وودودين في آن واحد... وينبغى ملاحظة الأمور التالية:

حتى لا يكون الطفل مشاكساً:

1 ـ مشاركته في صنع القرار.

2 ـ تعريفه بالخطأ.

3 ـ احترام وقت لعبه.

مشاركته في صنع القرار

ينبغي على الوالدين فسح المجال أمام الطفل لمشاركته في إتخاذ القرار، لأنّ ذلك ينمّي مسالك فكره من جهة، وأُخرى تجعله يشعر بإهتمام الآخرين به ومحبّتهم له... فإن أراد الطفل يوماً الخروج للنزهة في وقت لا يناسب الأبوين أو يرغب في شراء حاجة لا يمكن لهم توفير ثمنها... إنّ مثل هذه الطلبات يمكن معالجتها بشكل حسن لا إفراط فيه بالإستجابة الكاملة لكل طلباته، أو التفريط بعدم تنفيذ كل مطلب له وقول: لا..لا يمكن ذلك... أنّ الإعتدال في الإستجابه هو المطلوب دوماً وهو اشتراك كل الأطراف لإتخاذ القرار الذي يرضاه الجميع بعد مناقشة الطلب وتبيّن سلبيات وأضرار الآراء المتقابلة مع احترام آراء الجميع صغاراً وكباراً.

تعريفه بالخطأ

إنّ الطفل في المرحلة الأولى من عمره يكون قابلاً للتعلّم والتعرّف على مصاديق الخير والشرّ، وليس من الحكمة عدم توجيه الطفل إلى خطأ يمارسه، فالإفراط في السكوت عن خطئه والتفريط في تعريضه للعقوبة القاسية، وخير الأمور أوسطها وهو في تعريفه خطأه بشكل لطيف.

إحترام وقت لعبه

إنّ كل فرد يمضي عليه جزء من الوقت يكون مشغولاً فيه بأمور مهمّة بالنسبة له لا يصح قطعها أو تجاوزها... فحديث الأم مع الجارة حول قضية تهتّم بها يجعلها تتضجّر من صراخ طفلها الذي يجعلها تقطع فيه حديثها، وكذلك يغضبها طلب زوجها في أن تكفَّ كلامها لتلبّي إحتياجاته... ومثله وقت اللعب للطفل في مرحلته الأولى، يجب على الوالدين توفير فرص اللعب للاطفال وعدم الإفراط بمشاركتهم في اللعب دوماً، أو التفريط بحرمانهم من الالعاب وعدم إحترام وقت لعبهم بالتدخُّل المباشر لتلبية حاجات الوالدين، فكما لا يصح من الأم أو الأب. اختراق وقت دراسته في السبع سنوات الثانية من عمره، كذلك لا يصح اختراق وقت تسليته صغيراً.