الباب
الخامس
في
نبذة من آداب
الركوع
وأسراره
وفيه
خمسة
فصول
الفصل
الأول
في
التكبير قبل
الركوع
والظاهر
أن هذا
التكبير من
متعلقات
الركوع
ولأجل تهيّؤ
المصلي
للدخول إلى
منزل الركوع.
وأدبه أن
ينظر المصلي
إلى مقام
عظمة الحق
وجلاله وعزة
الربوبية
وسلطنتها
ويجعل ضعف
العبودية
وعجزها
وفقرها
وذلّها نصب
عينه. وفي
هذا الحال
يكبر الحق
تعالى عن
التوصيف
بمقدار
معرفته عن
الربوبية
وذل
العبودية،
ويلزم أن
يكون توصيف
العبد
السالك الحق
تعالى
وتسبيحه
وتقديسه
إيّاه
لإطاعة
الأمر محضا
ولأذن الحق
تعالى في
التوصيف
والعبادة
وإلا فليس له
تلك الجسارة
أن يجازف
بالتوصيف
والتعظيم في
المحضر
الربوبي،
عبد ضعيف
مثله وهو في
الحقيقة لا
شيء. وما فيه
فهو أيضا من
المعبود
العظيم
الشأن.
في
مقام يقول
علي بن
الحسين
بلسانه
الولوي
الأحلى الذي
هو لسان الله
"
أفبلساني
هذا الكالّ
أشكرك؟ ". (فما
يتأتى من
بعوضة ضئيلة)
(مصراع بيت
لشعر معروف
كمثل رايج:
جتئي
كه عقاب
بربريزد از
بيشه لاغري
جه خيزد
في
مكان يسقط
جناح العقاب
ويعجز عن
الطيران
فماذا يتأتى
من بعوضة
ضئيلة.) فإذا
أراد العبد
السالك أن
يرد منزل
الركوع
الخطير فلا
بد له من
التهيّؤ
لذاك المقام
وأن يلقي
بيده توصيفه
وتعظيمه
وعبادته
وسلوكه على
قفاه ويرفع
يده إلى حذاء
الأذن ويقلب
كفيه
الخاليتين
حذاء القبلة
ويرد منزل
الركوع صفر
اليدين
وخالي
الكفين
وبقلب مملوء
بالخوف
والرجاء. خوف
التقصير عن
القيام
بمقام
العبودية
والرجاء
الواثق
بمقام الحس
المقدس حيث
شرّفه وأذن
له بالدخول
إلى هذه
المقامات
التي هي
للخلّص من
الأولياء
والكمّل من
الأحبّاء.
ولعل
الرفع بهذه
الكيفية هو
ترك لمقام
القيام وترك
الوقوف إلى
ذاك الحدّ
وإشارة إلى
عدم التزوّد
من منزل
القيام.
والتكبير
إشارة إلى
التعظيم
والتكبير عن
التوصيفات
التي صدرت في
منزل القيام.
وعند أهل
المعرفة حيث
أن الركوع
منزل توحيد
الصفات
فتكبير
الركوع
تكبير عن هذا
التوحيد،
ورفع اليد
إشارة إلى
رفض صفات
الخلق.
الفصل
الثاني
في
آداب
الانحناء
الركوعي
اعلم
أن عمدة
أحوال
الصلاة
ثلاثة،
وسائر
الأعمال
والأفعال
مقدّماتها
ومهيئات
لها، الأول:
القيام.
والثاني:
الركوع.
والثالث:
السجود. وأهل
المعرفة
يرون هذه
الثلاثة
إشارة إلى
التوحيدات
الثلاثة،
ونحن ذكرنا
تلك
المقامات في
كتاب (سر
الصلاة) على
حسب الذوق
العرفاني
والآن نبين
هذه المنازل
بلسان آخر
يناسب
العامة
فنقول:
بما
أن الصلاة
معراج كمالي
للمؤمن
مقرّب لأهل
التقوى فهي
متقوّمة
بأمرين
أحدهما
مقدمة للآخر:
الأول:
ترك رؤية
النفس الذي
هو باطن
التقوى.
الثاني:
حبّ الله
وطلب الحق
وهو حقيقة
المعراج
والقرب،
ولهذا ورد في
الروايات
الشريفة:
الصلاة
قربان كل
تقيّ كما أن
القرآن أيضا
نور الهداية
ولكن
للمتقين: "
ذلك الكتاب
لا ريب فيه
هدى للمتقين
"
(البقرة
- 3).
وبالجملة
هذان
المقامان،
يحصلان في
هذه
المقامات
الثلاثة
بالتدريج،
ففي حال
القيام ترك
لرؤية النفس
على حسب مقام
الفاعلية
ورؤية
فاعلية الحق
وقيّومية
الحق
المطلق، وفي
الركوع ترك
لرؤية النفس
على حسب مقام
الصفات
والأسماء
ورؤية لمقام
أسماء الحق
وصفاته، وفي
السجود ترك
لرؤية النفس
مطلقا وحب
لله وطلب لله
مطلقا وجميع
منازل
السالكين من
شؤون هذه
المقامات
الثلاثة كما
هو واضح
لأصحاب
البصيرة
ولأهل
العرفان
والسلوك،
فإذا توجّه
السالك في
هذه
المقامات
بأن سرّ هذه
الأعمال
والتوحيدات
الثلاثة لكل
مقام هو أدقّ
وألطف، فمن
الضروري
للسالك أن
يراقبه
مراقبة أكثر
لأن خطر
المقام أشدّ
والزلل فيه
أكثر، ففي
مقام الركوع
حيث أن
للسالك دعوى
أنه ليس في
دار الوجود
علم ولا قدرة
ولا حياة ولا
إرادة سوى من
الحق تعالى،
وهذه الدعوى
دعوة عظيمة
والمقام
دقيق للغاية
ولا ينبغي
هذه الدعاوى
لأمثالنا
فلا بد أن
نتوجه بباطن
ذاتنا إلى
جناب الحق
المقدّس
يالتضرّع
والمسكنة و
الذلّة
ونعتذر عن
القصور
والتقصير
ونجد
نقصاننا
بعين العيان
وشهود
الوجدان،
فلعله يصدر
عن هذا
المقام
المقدس
توجّه
وعناية
ويصير حال
الاضطرار
سببا
للمساعدة من
الذات
المقدسة:
أمّن يجيب
المضّطر إذا
دعاه ويكشف
السوء.
الفصل
الثالث
تعظيم
وتنبيه
وتحقيق
قد
ورد في صلاة
المعراج
لرسول الله
صلى الله
عليه وآله
وأنه خاطبه
العزيز "
فانظر إلى
عرشي ". قال
رسول الله: "
فنظرت إلى
عظمة ذهبت
لها نفسي
وغشي عليّ
فألهمت أن
قلت سبحان
ربي العظيم
وبحمده لعظم
ما رأيت.
فلما قلت ذلك
تجلّى الغشي
عني حتى
قلتها سبعا
ألهم ذلك
فرجعت إليّ
نفسي كما
كانت ".
فأنظر
أيها العزيز
إلى مقام
عظمة سلوك
سيد الكلّ
وهادي السبل
صلى الله
عليه وآله
أنه رأى في
حال الركوع
وهو حال
النظر إلى ما
دون نفسه نور
العرش، وحيث
أن نور العرش
في نظر
الأولياء
عبارة عن
تجلي الذات
بلا مرآة،
فالتعين
النفسي
يرتفع وتحصل
حالة الغشي
والصعق
فساعدت
الذات
المقدسة
بالعنايات
الأزلية
وجوده
الشريف
ولقّن
سبحانه
الذات
النبوية
المقدسة
التسبيح
والتعظيم و
التحميد
بالإلهام
الحبّي حتى
سرى عنه
الصعق بعدما
قالها سبعا
بعدد الحجب
وعدد مراتب
الإنسان
وحصلت له
حالة الصحو.
وهذه
الأحوال
كانت تداومه
في جميع صلاة
المعراج.
وحيث أنه لا
سبيل لنا إلى
خلوة الأنس
ولا مكان لنا
في مقام
القدس
فالجدير أن
نجعل رأس
مالنا
للوصول إلى
المقصد و
عروتنا
لحصول
المطلوب
عجزنا و
ذلّتنا (ولا
نرفع اليد عن
ذيل المقصود
حتى نحصل ما
يأمله القلب
من اللذة) (لا
أظن أن أحدا
يستطيع أن
يترجم هذه
الجملة بما
لها من الرقة
والجمال
لأنه روحي
فداه ركّبها
من جملة
كنائية
لطيفة ومن
قطعة من شعر
الحافظ
الشيرازي
وهي (تاكـام
دل برآيد)
فأصبحت ذات
جمـال وحسن
لا يوصف
ولهـا في نفس
الحال من
الوزن
والموسيقـى
ما تهتـز به
أوتار وجود
القارئ إن
كان لـه قلـب
" المترجم "
وإذا لم نكن
من رجال هذا
الميدان
فلعله تستشم
أرواحنا
رائحة من
المعارف
ويهبّ نسيم
لطف لقالبنا
الميّت وذلك
لأن عادة
الحق تعالى
الإحسان
وشيمته
التفضّل
والأنعام
وليعلم أن
الركوع
مشتمل على
تسبيح الرب
جلّ وعلا
وتعظيمه
وتحميده،
فالتسبيح
تنزيه عن
التوصيف
وتقديس عن
التعريف..
وإن التعظيم
و التحميد
خروج عن حدّي
التشبيه
والتعطيل
لأن التحميد
يفيد الظهور
في المرائي
الخلقية
والتعظيم
يرى سلب
التحديد فهو
الظاهر وليس
في العالم
أظهر منه وفي
الوقت نفسه
ليس متلبّسا
بلباس
التعيّنات
الخلقية.
الفصل
الرابع
أدب
الركوع
عن
مصباح
الشريعة،
قال الصادق
عليه السلام "
لا يركع عبد
لله ركوعا
على الحقيقة
إلا زيّنه
الله بنور
بهائه
وأظلّه في
ظلال
كبريائه
وكساه كسوة
أصفيائه،
والركوع أول
والسجود ثان
فمن أتى
بمعنى الأول
صلح للثاني،
وفي الركوع
أدب وفي
السجود قرب
ومن لا يحسن
الأدب لا
يصلح للقرب،
فأركع ركوع
خاضع لله
بقلبه متذلل
وجِلٍ تحت
سلطانه خافض
له جوارحه
خفض خائف حزن
على ما يفوته
من فائدة
الراكعين. وحكي
أن الربيع بن
خيثم كان
يسهر بالليل
إلى الفجر في
ركعة واحدة
فإذا هو أصبح
رفع " يزفر "
وقال آه سبق
المخلصون
وقطع بنا،
واستوف
ركوعك
باستواء
ظهرك وانحط
على همتك في
القيام
بخدمته إلا
بعونه وفرّ
بالقلب من
وساوس
الشيطان و
خدائعه
ومكائده فإن
الله تعالى
يرفع عباده
بقدر
تواضعهم له
ويهديهم إلى
أصول
التواضع
والخضوع
بقدر اطلاع
عظمته على
سرائرهم ".
وفي
هذا الحديث
الشريف
إشارات
وبشارات
وآداب
ووظائف، كما
أن التزين
بنور بهاء
الله بشارات
للوصول إلى
مقام التعلم
الأسمائي:
وعلّم آدم
الأسماء
كلها..
والتحقق
بمقام
الفناء
الصفاتي
وحصول حالة
الصحو من ذلك
المقام لأن
تزيين الحق
تعالى العبد
بمقام نور
البهاء هو
تحقيق الله
العبد بمقام
الأسماء
الذي هو
حقيقة تعليم
الأسماء
وإظلاله في
ظلّ
الكبرياء
وهو من
الأسماء
القهرية
وتمكين الله
العبد في
فنائها
إفناء العبد
عن نفسه وبعد
هذا المقام
إكساؤه
بكسوة
الأصفياء
إبقاؤه بعد
الإفناء. ومن
هنا يعلم أن
السجود فناء
ذاتي كما قال
أهل المعرفة
لأن الركوع
أول وهو هذه
المقامات،
والسجود ثان
فليس هو إلا
مقام الفناء
في الذات،
ويعلم أيضا
أن القرب
المطلق الذي
يحصل في
السجود لا
يتيسّر إلا
بحصول
الركوع على
الحقيقة،
ومن أراد أن
يصلح للثاني
لا بد أن
يحصّل القرب
الركوعي
وأدب
الركوع، ثم
أنه عليه
السلام بعد
بيان لطائف
الركوع
والسجود
وسرائرهما
أشار إلى
آدابه
القلبية
للمتوسطين
وهي أمور
بعضها من
الأمور
العامة
ذكرناها في
المقدمات
وبعضها خاص
بالركوع.
وحيث أنّا
بيّنّا أكثر
هذه الأمور
أغمضنا
النظر عن
تفصيلها.
الفصل
الخامس
في
رفع الرأس من
الركوع
وسرّه
الرجوع عن
الوقوف في
الكثرات
الأسمائية،
كما قال عليه
السلام:
وكمال
التوحيد نفي
الصفات عنه
لأن العابد
السالك
بعدما حصلت
له حالة
الصحو من
الفناء
الأسمائي
يشاهد قصوره
وتقصيره
وذلك لأن
مبدأ
الخطيئة
الآدمية
التي على
الذرّية أن
تجبرها هو
التوجه إلى
الكثرات
الأسمائية
التي هي باطن
الشجرة فإذا
عرف العبد
لنفسه وهي
ذرية آدم
خطيئتها
ولآدم وهو
الأصل
خطيئته
فيطلع على
مقام تذلّله
ونقصانه
ويتهيأ لرفع
خطيئته بخفض
الجناح في
حضرة
الكبرياء
ويقيم صلبه
عن هذا
المقام
ويرفع
الكثرات
الأسمائية
بعد رفع
الرأس
بالتكبير
ويتوجّه إلى
منزل الذلّة
والمسكنة
وأصل
الترابية
صفر اليد.
وآدابه
المهمّة هي
عرفان عظم
خطر المقام
وإذاقته
القلب
بالتذكر
والمجاهدة
في التوجّه
إلى حضرة
الذات وترك
التوجّه إلى
النفس حتى
إلى مقام
ذلّة نفسه.
واعلم
أيها العزيز
أن التذكر
التام لحضرة
الحق
والتوجّه
المطلق
بباطن القلب
إلى تلك
الذات
المقدسة
موجب
لانفتاح
العين
الباطنية
للقلب ويحصل
به لقاء الله
وهو قرّة عين
الأولياء "
الذين
جاهدوا فينا
لنهدينّهم
سبلنا "
(العنكبوت
- 69).
الباب
السادس
في
الإشارة
الإجمالية
إلى أسرار
السجود
وآدابه
وفيه
أربعة
فصول
الفصل
الأول
في
سرّه
الإجمالي
وهو
عند أصحاب
العرفان
وأرباب
القلوب ترك
النفس وغمض
العين عمّا
سوى الحق
والتحقيق
بالمعراج
اليونسي
الذي حصل
بالنزول
والدخول في
بطن الحوت
بالتوجّه
إلى أصله بلا
رؤية
الحجاب، وفي
وضع الرأس
على التراب
إشارة إلى
رؤية جمال
الجميل في
باطن قلب
التراب وأصل
عالم
الطبيعة
وآدابه
القلبية
عرفان حقيقة
النفس وأصل
جذر وجوده
ووضع أم
الدماغ وهي
مركز سلطان
النفس وعرش
الروح على
أدنى عتبة
مقام القدس
ورؤية عالم
الأرض
والتراب
عتبة لمالك
الملوك،
فسرّ الوضع
السجودي غمض
العين عن
النفس وأدب
وضع الرأس
على التراب
إسقاط أعلى
مقامات نفسه
عن عينه
ورؤيتها أقل
من التراب
واذا كان في
القلب شائبة
في الدعاوى
التي تكون
الأوضاع
الصلاتية
اشارة اليها
فهو نفاق عند
أرباب
المعرفة،
وحيث أن خطر
هذا المقام
أعظم
الأخطار
فيلزم
السالك إلى
الله أن
يتمسّك بذيل
عناية الحق
جلّ وعلا
بجبلته
الذاتية
وفطرته
القلبية
ويسأله
العفو عن
التقصيرات
بالذلّة و
المسكنة لأن
هذا المقام
مقام خطير
خارج عن عهدة
أمثالنا
وحيث ذكرنا
في رسالة سر
الصلاة هذه
المقامات
بالتفصيل
فنكفّ عن
التفصيل ها
هنا ونكتفي
في آدابه
بالرواية
الشريفة
لمصباح
الشريعة.
الفصل
الثاني
آداب
السجود عند
الصادق (ع)
عن
مصباح
الشريعة،
قال الصادق
عليه السلام:
" ما خسر
والله من أتى
بحقيقة
السجود ولو
كان في العمر
مرّة واحدة
وما أفلح من
خلا بربّه في
مثل ذلك
الحال
تشبيها
بمخادع نفسه
غافلا لاهيا
عمّا أعده
الله
للساجدين من
أنس العاجل
وراحة الأجل.
ولا بعد عن
الله أبدا من
أحسن تقرّبه
في السجود
ولا قرب إليه
أبدا من أساء
أدبه وضيّع
حرمته
بتعلّق قلبه
بسواه في حال
سجوده فاسجد
سجود متواضع
لله تعالى
ذليل علم أنه
خلق من تراب
يطؤه الخلق
وأنه اتخذك (ركب)
من نطفة
يستقذرها كل
أحد وكوّن
ولم يكن وقد
جعل الله
معنى السجود
سبب التقرب
إليه بالقلب
والسرّ
والروح فمن
قرب منه بعد
من غيره، ألا
ترى في
الظاهر أنه
لا يستوي حال
السجود إلا
بالتواري عن
جميع
الأشياء
والاحتجاب
عن كل ما
تراه
العيون،
كذلك أمر
الباطن فمن
كان قلبه
متعلقا في
صلاته بشيء
دون الله
تعالى فهو
قريب من ذلك
الشيء بعيد
عن حقيقة ما
أراد الله
منه في
صلاته، قال
عز وجل: ما
جعل الله
لرجل من
قلبين في
جوفه.. وقال
رسول الله
صلى الله
عليه وآله:
قال الله
تعالى: لا
أطلّع على
قلب عبد
فاعلم فيه حب
الإخلاص
لطاعتي
لوجهي
وابتغاء
مرضاتي إلا
توليت
تقويمه
وسياسته ومن
اشتغل بغيري
فهو من
المستهزئين
بنفسه
ومكتوب اسمه
في ديوان
الخاسرين ".
ففي
هذا الحديث
الشريف قد
جمع عليه
السلام بين
الأسرار
والآداب،
والتفكر فيه
يفتح للسالك
طرقا من
المعرفة
ويهدم تأبّي
المفكرين
وجحودهم
ويؤيد ويشيد
أولياء
العرفان
وأصحاب
الإيقان
ويقرع السمع
بحقيقة
الأنس
والخلوة مع
الحق وترك
غير الحق (لقد
ترجم المؤلف
دام ظله بعد
كلامه هذه
الرواية
الشريفة
بالفارسية
تركنا
الترجمة
حذرا من
التكرار "
المترجم ").
الفصل
الثالث
في
ذكر السجود
في
الحديث
الشريف أنه
لما نزلت
فسبّح باسم
ربّك العظيم
قال لنا رسول
الله صلى
الله عليه
وآله:
اجعلوها في
ركوعكم،
فلما نزلت:
سبّح اسم ربك
الأعلى، قال
لنا رسول
الله صلى
الله عليه
وآله:
اجعلوها في
سجودكم.
وفي
الحديث
الشريف في
الكافي: فأول
ما اختار
لنفسه
العلّي
العظيم "
الحديث ".
ولعل العلّي
هو الأول من
الأسماء
الذاتية،
والعظيم
الأول في
الأسماء
الصفاتية.
واعلم
أن في السجود
كسائر
الأوضاع
الصلاتية
هيئة وحالة
وذكراً
وسرّاً وهذه
الأمور
للكمّل على
نحو، وقد
بيّنت في هذه
الرسالة
إشارة وأما
بيانها
تفصيلا فغير
مناسب وأما
للمتوسطين
فهيئته
إراءة
المتربة
وترك
الاستكبار
والعجب
وكذلك إرغام
الأنف وهو من
المستحبات
المؤكدة بل
تركه خلاف
الاحتياط
إظهارا
لكمال
التخضع
والتذكّر
والتواضع،
وأيضا هو
التوجّه إلى
أصله
والتذلل
لنشأته. ووضع
رؤساء
الأعضاء
الظاهرة على
أرض الذلّة
والمسكنة
وتلك
الأعضاء هي
محال
الإدراك،
وظهور
التحريك
والقدرة وهي
الأعضاء
السبعة أو
الثمانية
علامة
التسليم
التام
وتقديم جميع
القوى
والخروج عن
الخطيئة
الآدمية
فإذا قوي
تذكر هذه
المعاني في
القلب
فينفعل
القلب بها
تدريجا
فتحصل حالة
هي حالة
الفرار من
النفس وترك
رؤية النفس،
ونتيجة هذه
الحالة حصول
حالة الأنس
وتعقبها
الخلوة
التامة
وتظهر
المحبة
الكلية.
وأما
ذكر السجدة
فمتقوّم
بالتسبيح
وهو التنزيه
عن التوصيف
وعن القيام
بالأمر أو
التنزيه عن
التكثير
الأسمائي أو
التنزيه عن
التوحيد لأن
التوحيد
تفعيل وهو
الذهاب من
الكثرة إلى
الوحدة وهذا
لا يخلو عن
شائبة
التكثير
والتشريك
كما أن
التوصيف
بالعلو
الذاتي
والتحميد
أيضا ليس
خاليا عن
شائبة هذه
المعاني،
والعلّي من
الأسماء
الذاتية
وعلى رواية
الكافي هو
أول اسم هو
أول اسم
اتخذه الله
لنفسه يعني
هو أول تجلي
الذات
لنفسه،
والعبد
السالك إذا
فني عن نفسه
في هذا
المقام وترك
العالم وما
فيه فيناله
الفخر بهذا
التجلي
الذاتي.
واعلم
أن الركوع
حيث إنه أول
والسجود ثان
فيفترق
التسبيح
والتحميد
فيها بفروق
وأيضا يفرق
الرب في
المقامين
لأن الرب كما
قاله أهل
المعرفة من
الأسماء
الذاتية و
الصفاتية
والأفعالية
بالإعتبارات
الثلاثة،
فبناء على
ذلك فالرب في
الحمد لله رب
العالمين
لعله من
الأسماء
الفعلية
بمناسبة
مقام القيام
وهو مقام
التوحيد
الأفعالي
وفي الركوع
من الأسماء
الصفاتية
بمناسبة أن
الركوع مقام
توحيد
الصفات وفي
السجود من
الأسماء
الذاتية
بمناسبة أن
السجود مقام
توحيد الذات.
والتسبيح
والتحميد
الواقعان في
كل مقام
يكونان
مرتبطين
بذلك المقام.
تنبيه
عرفاني:
نقل
القيصري (كتب
المؤلف دام
ظلّه في
الهامش أن
هذا التنبيه
زائد يمحى)
في مقدمات
شرح الفصوص
عن إنشاء
الدوائر
للشيخ
الكبير ما
معناه: أن
الأسماء
تنقسم بنوع
من القسمة
إلى أسماء
الذات
وأسماء
الصفات
وأسماء
الأفعال وأن
كانت كلها
أسماء الذات
ولكن
باعتبار
ظهور الذات
فيها تسمى
أسماء الذات
وباعتبار
ظهور الصفات
فيها تسمى
أسماء
الصفات
وبظهور
الأفعال
تسمى أسماء
الأفعال
وأكثر
الأسماء
جامعة
للاعتبارين
أو
الاعتبارات
الثلاثة لأن
فيها ما يدلّ
على الذات
باعتبار
ويدل على
الصفات
باعتبار ثان
ويدل على
الأفعال
باعتبار
ثالث مثل
الرب فهو
بمعنى
الثابت من
الأسماء
الذاتية
وبمعنى
المالك من
الأسماء
الصفاتية
وبمعنى
المصلح من
الأسماء
الأفعالية.. "
انتهى كلامه".
ونحن ذكرنا
في سالف
الأيام في
حاشية
الفصوص أن
الميزان في
تمييز
الأسماء ليس
ما يستفاد من
ظاهر كلام
الشيخ بل ما
يقضيه الذوق
الأحلى
العرفاني.
إن
السالك إلى
الله إذا فني
عن فعله
بالقدم
العرفانية
وحصلت له
حالة
التوحيد
الإفعالي
والمحو في
المجال
الفعلي.
فالحق تعالى
يتجلى لقلبه
على ما
يناسبه وكل
تجلّ يحصل له
في هذه
الحالة فهو
تجلّ
إفعالي، ومن
الأسماء
الإفعالية
فإذا تجاوز
عن التجليات
الإفعالية
وأمّحى في
حضرة
الأسماء
والصفات
وحصل له
الفناء
الصفاتي
فتجليات
الحق تعالى
لقلبه
تجليات
بأسماء
الصفات
وإخباراته
أيضا من
الأسماء
الصفاتية.
فإذا حصل له
مقام المحو
الذاتي
والفناء
الذاتي
يتجلى الحق
تعالى لقلبه
بالأسماء
الذاتية
وتكون
مشاهداته
مشاهدات
الأسماء
الذاتية
وإخبارته
تكون عن هذا
المقام.
والآن
نقول: إن
تجليات الحق
في حضرة
الأحدية
تجلّ
بالأسماء
الذاتية
وتجلّيه في
الحضرة
الواحدية
تجلّ بأسماء
الصفات
وتجلّيه في
حضرات
الأعيان
الخارجية
تجلّ بأسماء
الأفعال،
ولعل الآيات
الشريفة في
آخر سورة
الحشر من: هو
الله الذي لا
إله إلا هو..
إلى آخر
السورة تكون
إشارة إلى
المقامات
الثلاثة
والله
العالم.
وعلى
السالك أن
يكون منظوره
نظره في
الأكوان
الثلاثة في
الصلاة وهي:
الكون
القيامي
والكون
الركوعي
والكون
السجودي
حصول هذه
المقامات
وهذا يحصل من
التذكر الذي
هو مبدأ
السلوك (كتب
المؤلف دام
ظلّه في
الهامش أن
هذا التنبيه
زائد يمحى).
الفصل
الرابع
في بعض أسرار
السجدة
وذكرها ورفع
الرأس منها
سجدة
الغشي
والصعق كما
في حديث
المعراج
نتيجة
مشاهدة
أنوار
العظمة للحق
فإذا صار
العبد بلا
حواس عن نفسه
وحصلت له
حالة المحو
والصعق
فتشمله
العناية
الأزلية
ويلهم
بالإلهام
الغيبي وذكر
السجود
وتكراره
لحصول حالة
الصحو
والإفاقة،
فإذا أفاق
تشتعل في
قلبه نار
اشتياق
مشاهدة نور
الحق ويرفع
الرأس عن
السجدة فيرى
في نفسه
بقايا من
الأنانية
فيشير باليد
إلى رفضها
فتتجلى له
نور العظمة
ثانيا ويحرق
بقية
الأنانية
ويفنى من
الفناء
وتحصل له
حالة المحو
الكلي
المطلق
والصعق
التام
الحقيقي وهو
يكبّر الله
فالمساعد
الغيبي
بإلهامه
الأذكار
يمكنه في
المقام
وتعرض له
حالة الصحو
في هذا
المقام وهو
صحو الولاية
ومنزه عن كل
احتجاب
واختلاط
خلقي وحالة
التشهد
والسلام
وهما من
أحكام
الكثرة،
تحصل له أيضا
في هذا الصحو
بعد المحو
وعند الوصول
إلى هنا تتم
وتكمل دائرة
السير
الإنساني.
|