الفصل
الرابع
في بيان رفع
الموانع
والحجب
بين
المستفيد
والقرآن
فاذا
علمت الان
عظمة كتاب
الله من جميع
الجهات
المقتضية
للعظمة
وانفتح طريق
استفادة
المطالب منه
فاللازم على
المتعلم
والمستفيد
من كتاب الله
ان يجزي أدبا
آخر من
الاداب
المهمة حتى
تحصل
الاستفادة
وهو رفع
موانع
الاستفادة،
ونحن نعبّر
عنها بالحجب
بين
المستفيد
والقرآن،
وهذه الحجب
كثيرة نشير
إلى بعضها:
من
الحجب
العظيمة
حجاب رؤية
النفس، فيرى
المتعلم
نفسه بواسطة
هذا الحجاب
مستغنية أو
غير محتاجة
للاستفادة
وهذا من
المكائد
الاصلية
المهمة
للشيطان حيث
أنه يزيّن
للانسان
دائما
الكمالات
الموهومة
ويرضي
الانسان
ويقنعه بما
فيه ويسقط من
عينه كل شيء
سوى ماعنده،
مثلا يقنّع
أهل التجويد
بذاك العلم
الجزئي
ويزيّنه في
أعينهم إلى
حدّ يسقط
سائر العلوم
عن أعينهم
ويطبّق في
نظرهم حملة
القرآن
عليهم
ويحرمهم من
فهم الكتاب
النوراني
الالهي
والاستفادة
منه، ويرضي
أصحاب الادب
بتلك الصورة
بلا لبّ
ويمثّل جميع
شؤون القرآن
فيما هو
عندهم،
ويشغل أهل
التفاسير
المتعارفة
بوجوه
القراءات
والآراء
المختلفة
لارباب
اللغة ووقت
النزول وشأن
النزول وكون
الآيات مكية
أو مدنية
وتعدادها
وتعداد
الحروف
وأمثال تلك
الامور.
ويقنع أهل
العلوم أيضا
بعلم فنون
الدلالات
فقط ووجوه
الاحتجاجات
وأمثالها
حتى أنه يحبس
الفيلسوف
والحكيم
والعارف
الاصطلاحي
في الغليظ من
حجاب
الاصطلاحات
والمفاهيم
وأمثال ذلك.
فعلى
المستفيد أن
يخرق جميع
الحجب هذه
وينظر إلى
القرآن من
ورائها، ولا
يتوقف في شيء
من هذه الحجب
ولا يتأخر عن
قافلة
السالكين
ولا يحرم من
الدعوات
الحلوة
الالهية،
ويستفاد عدم
الوقوف وعدم
القناعة إلى
حدّ معين من
نفس القرآن.
والاشارة
إلى هذا
المعنى
كثيرة في
القصص
القرآنية،
فموسى
الكليم مع ما
له من المقام
العظيم في
النبوّة ما
اقتنع بذلك
المقام وما
توقف في مقام
علمه
الشامخ،
وبمجرد أن
لاقى شخصا
كاملا
كالخضر قال
له بكل تواضع
وخضوع: "
هل أتّبعك
على أن
تعلّمني
ممّا علّمت
رشدا "
(الكهف
- 66)
وصار ملازما
لخدمته حتى
أخذ منه
العلوم التي
لابد من
أخذها.
وابراهيم
عليه السلام
لم يقتنع
بمقام شامخ
الايمان
والعلم
الخاص
للانبياء
فقال: "
ربّ أرني كيف
تحيي الموتى
"
(البقرة
- 260).
فأراد أن
يرتقي من
الايمان
القلبي إلى
مقام
الاطمئنان
الشهودي
وأعظم من ذلك
ان الله
تبارك
وتعالى يأمر
نبيّه
الخاتم وهو
أعرف خلق
الله
بالكريمة
الشريفة "
وقل ربّ زدني
علما "
(طه
- 114).
فهذه
الاوامر في
الكتاب
الالهي ونقل
هذه القصص
لان نتنبّه
ونستيقظ من
نوم الغفلة.
ومن
الحجب: حجاب
الآراء
الفاسدة
والمسالك
والمذاهب
الباطلة،
وهذا قد يكون
من سوء
استعداد
الشخص
والاغلب انه
يوجد من
التبعية
والتقليد.
وهذا من
الحجب التي
حجبتنا
بالاخص عن
معارف
القرآن مثلا
اذا رسخ في
قلوبنا
اعتقاد
بمجرّد
الاستماع من
الاب أو الام
أو من بعض
جهلة أهل
المنبر تكون
هذه العقيدة
حاجبة بيننا
وبين الآيات
الشريفة
الالهية. فإن
وردت آلاف من
الآيات
والروايات
تخالف تلك
العقيدة،
فامّا أن
نصرفها عن
ظاهرها أو أن
الا ننظر
فيها نظر
الفهم
والامثال
لذلك فيما
يرجع إلى
العقائد
والمعارف
كثيرة
ولكنّي أكفّ
نفسي عن
عدّها لاني
أعلم بأن هذا
الحجاب لا
يخترق بكلام
مثلي، ولكن
أشير إلى
واحد منها
حيث أنه سهل
المأخذ في
الجملة.
قد
وردت الآيات
الكثيرة
الراجعة إلى
لقاء الله
ومعرفة
الله، ووردت
روايات
كثيرة في هذا
الموضوع مع
كثير من
الاشارات
والكنايات
والصراحات
في الادعية
والمناجاة
للائمة
عليهم
السلام.
فبمجرّد ما
نشأت عقيدة
في هذا
الميدان من
العوام
وانتشرت بأن
طريق معرفة
الله مسدود
بالكلّية
فيقيسون باب
معرفة الله
ومشاهدة
جماله على
باب التفكر
في الذات على
الوجه
الممنوع بل
الممتنع،
فأمّا أن
يؤوّلوا
ويوجّهوا
تلك الآيات
والروايات،
وكذلك
الاشارات
والكنايات
والصراحات
في أدعية
الائمة
ومناجاتهم،
وأمّا الاّ
يدخلوا في
هذا الميدان
أصلا ولا
يعرّفوا
أنفسهم
بالمعارف
التي هي قرّة
العين
للانبياء
والاولياء،
فممّا يوجب
الاسف
الشديد لاهل
الله أن بابا
من المعرفة
الذي يمكن أن
يقال أنه
غاية بعثة
الانبياء
ومنتهى
مطلوب
الاولياء قد
سدّوه على
الناس بحيث
يعدّ
التفوّه به
محض الكفر
وصرف
الزندقة إنّ
هؤلاء يرون
معارف
الانبياء
والاولياء
في ما يختص
بذات الحق
تعالى
وأسمائه
وصفاته
مساوية
لمعارف
العوام
والنساء
فيه، بل يظهر
من هؤلاء
أحيانا ما هو
أعظم من ذلك
فيقول أحدهم:
ان لفلان
عقائد عامية
حسنة فيا ليت
لنا مثلما له
من العقيدة
العامية..
وهذا الكلام
منه صحيح لان
هذا المسكين
الذي يتفوّه
بهذا الكلام
قد أخرج من
يده العقائد
العامية
ويرى معارف
الخواص وأهل
الله باطلة،
فهذا
التمنّي منه
عينا كتمني
الكفار. وقد
نقل عنهم في
الكريمة
الالهية "
ويقول
الكافر يا
ليتني كنت
ترابا "
(النبأ
- 40).
ونحن ان
أردنا أن
نذكر الآيات
والاخبار في
لقاء الله
بتفاصيلها
حتى تتضح
فضاحة هذه
العقيدة
الفاسدة
الناشئة عن
الجهل
والغرور
الشيطاني،
فيستلزم ذلك
كتابا على
حدة فضلا من
أن نذكر
المعارف
التي وقعت
وراء ستر
النسيان
بواسطة هذا
الحجاب
الغليظ حتى
يعلم أن أحد
مراتب
المهجورية
من القرآن.
ومهجورية
القرآن
ولعلّ الاسف
عليها أشدّ
هو هذه كما
يقول تعالى
في الكريمة
الشريفة: "
وقال الرسول
يا ربِّ إنّ
قومي اتخذوا
هذا القرآن
مهجورا "
(الفرقان
- 30).
ان
مهجورية
القرآن لها
مراتب كثيرة
ومنازل لا
تحصى،
ولعلنا
متصفون
بالعمدة
منها. أترى
أننا اذا
جلّدنا هذه
الصحيفة
الالهية
جلدا نظيفا
وقيّما وعند
قراءتها او
الاستخارة
بها
قبّلناها
ووضعناها
على أعيننا
ما اتخذناه
مهجورا؟
أترى اذا
صرفنا غالب
عمرنا في
تجويده
وجاته
اللغوية
والبيانية
والبديعية
قد أخرجنا
هذا الكتاب
الشريف عن
المهجورية؟
هل اننا اذا
تعلّمنا
القراءات
المختلفة
وأمثالها قد
تخلّصنا من
عار هجران
القرآن؟ هل
اننا اذا
تعلمنا وجوه
إعجاز
القرآن
وفنون
محسّناته قد
تخلّصنا عن
شكوى رسول
الله؟ هيهات..
فإنه ليس شيء
من هذه
الامور
موردا لنظر
القرآن
ومنزّلها
العظيم
الشأن، ان
القرآن كتاب
إلهي وفيه
الشؤون
الالهية.
القرآن هو
الحبل
المتصل بين
الخالق
والمخلوق
ولا بد ان
يوجد الربط
المعنوي
والارتباط
الغيبي
بتعليماته
بين عباد
الله
ومربّيهم،
ولا بد أن
يحصل من
القرآن
العلوم
الالهية
والمعارف
اللدنيّة،
ان رسول صلى
الله عليه
وآله قال حسب
ما رواه
الكافي "
انما العلم
ثلاثة: آية
محكمة
وفريضة
عادلة وسنّة
قائمة ".
فالقرآن
الشريف حامل
لهذه العلوم
فإن تعلمنا
من القرآن
هذه العلوم
فما
اتّخذناه
مهجورا،
واذا قبلنا
دعوات
القرآن
وأخذنا
التعليمات
من قصص
الانبياء
عليهم
السلام
المشحونة
بالمواعظ
والمعارف
والحكم، اذا
اتعظنا نحن
من مواعظ
الله تعالى
ومواعظ
الانبياء
والحكماء
المذكورة في
القرآن فما
اتّخذناه
مهجورا،
والا فالغور
في الصورة
الظاهرية
للقرآن ايضا
إخلاد إلى
الارض ومن
وساوس
الشيطان ولا
بد من
الاستعاذة
بالله منها.
ومن
الحجب
المانعة من
الاستفادة
من هذه
الصحيفة
النورانية:
الاعتقاد
بأنه ليس
لاحد حق
الاستفادة
من القرآن
الشريف الا
بما كتبه
المفسّرون
أو فهموه.
وقد اشتبه
على الناس
التفكر
والتدبّر في
الآيات
الشريفة
بالتفسير
بالرأي
الممنوع،
وبواسطة هذا
الرأي
الفاسد
والعقيدة
الباطلة
جعلوا
القرأن
عاريا من
جميع فنون
الاستفادة
واتخذوه
مهجورا
بالكلية في
حال ان
الاستفادات
الاخلاقية
والايمانية
والعرفانية
لا ربط لها
بالتفسير،
فكيف
بالتفسير
بالرأي،
فمثلا اذا
استفاد احد
من كيفية
مذاكرات
موسى مع
الخضر
وكيفية
معاشرتهما
وشدّ موسى
رحاله اليه
مع ما له من
عظمة مقام
النبوّة
لاخذ العلم
الذي ليس
موجودا عنده
وكيفية عرض
حاجته إلى
الخضر كما
ذكرت في
الكريمة
الشريفة: "
هل أتّبعك
على أن
تعلّمني
ممّا علّمت
رشدا "
(الكهف
- 66). وكيفية
جواب الخضر
والاعتذارات
التي وقعت من
موسى عظمة
مقام العلم
وآداب سلوك
المتعلم، مع
المعلّم
ولعلها تبلغ
من الآيات
المذكورة
إلى عشرين
أدبا فأي ربط
لهذه
الاستفادات
بالتفسير
فضلا من أن
تكون تفسيرا
بالرأي
والاستفادة
من هذا
القبيل في
القرآن
كثيرة، ففي
المعارف
مثلا اذا
استفاد أحد
من قوله
تعالى "
الحمد لله رب
العالمين "
(الفاتحة
- 1)
الذي حصر
جميع
المحامد
لله، وخصّ
جميع
الاثنية
للحق تعالى
التوحيد
الافعالي
وقال بأنه
يستفاد من
الآية
الشريفة ان
كل كمال
وجمال وكلّ
عزّة وجلال
الموجودة في
العالم
وتنسبها
العين
الحولاء
والقلب
المحجوب إلى
الموجودات
من الحق
تعالى وليس
لموجود من
قبل نفسه
شيء، ولذا
المحمدة
والثناء خاص
بالحق ولا
يشاركه فيها
أحد، فأيّ
ربط لهذا إلى
التفسير حتى
يسمّى
بالتفسير
بالرأي أو لا
يسمى؟ إلى
غير ذلك من
الامور التي
تستفاد من
لوازم
الكلام ولا
ربط لها بوجه
إلى
التفسير،
مضافا إلى أن
في التفسير
بالرأي ايضا
كلاما لعلة
غير مربوط
بآيات
المعارف
والعلوم
العقلية
التي توافق
الموازين
البرهانية
وبالآيات
الاخلاقية
التي فيها
للعقل دخل،
لان
التفاسير
التي من هذا
القبيل
مطابقة
للبرهان
المتين
العقلي أو
الاعتبارات
العقلية
الواضحة،
فإذا كان
ظاهر الكلام
على خلافها
فاللازم أن
يصرف الكلام
من ظاهره،
مثلا في
كريمة "
وجاء ربك "
(الفجر
- 22)
و"
الرحمن على
العرش استوى
"
(طه
- 5).
التي يكون
الفهم
العرفي فيها
مخالفا
للبرهان ليس
تفسيرا
بالرأي ولا
يكون ممنوعا
بوجه فمن
المحتمل بل
من المظنون
أن التفسير
بالرأي راجع
إلى آيات
الاحكام
التي تقصر
عنها أيدي
الآراء
والعقول،
ولابد وأن
تؤخذ بصرف
التعبّد
والانقياد
من خزّان
الوحي
ومهابط
ملائكة
الله، كما أن
أكثر
الروايات في
هذا الباب
وردت في
مقابل علماء
العامة
الذين كانوا
يريدون أن
يفهموا دين
الله
بعقولهم
ومقايساتهم،
وما في بعض
الروايات
الشريفة من
أنه ليس شيء
أبعد من عقول
الرجال من
تفسير
القرآن..وكذلك
الرواية
الشريفة "
ان دين الله
لا يصاب
بالعقول "
تشهد بأن
المقصود من
دين الله
الاحكام
التعبّديّة
للدين والا
فباب اثبات
الصانع
والتوحيد
والتقديس
واثبات
المعاد
والنبوّة بل
مطلق
المعارف حقٌ
طلق للعقول،
ومن
مختصاتها
وان ورد في
كلام بعض
المحدثين من
ذوي المقام
العالي ان
الاعتماد في
اثبات
التوحيد على
الدليل
النقلي، فمن
غرائب
الامور بل من
المصيبات
التي لابد أن
يستعاذ
بالله منها.
ولا يحتاج
هذا الكلام
إلى التهجين
والتوهين و
إلى الله
المشتكى.
ومن
الحجب
المانعة من
فهم القرآن
الشريف، ومن
الاستفادة
من معارف هذا
الكتاب
السماوي
وموعظه حجاب
المعاصي
والكدورات
الحاصلة من
الطغيان
والعصيان
بالنسبة إلى
ساحة رب
العالمين
المقدسة
فتحجب القلب
عن إدراك
الحقائق.
وليعلم
كما أن لكل
عمل من
الاعمال
الصالحة أو
السيئة كما
أن له صورة
في عالم
الملكوت
تتناسب معه
فله صورة
أيضا في
ملكوت
النفس،
فتحصل
بواسطتها في
ملكوت النفس:
امّا
النورانية
ويكون القلب
مطهّرا
ومنوّرا وفي
هذه الحالة
تكون النفس
كالمرآة
المصقولة
صافية،
ويليق
للتجليات
الغيبية
وظهور
الحقائق
والمعارف
فيه، واما ان
يصير ملكوت
النفس به
ظلمانياً
وخبيثاً،
وفي هذه
الصورة يكون
القلب
كالمرآة
المريّنة
والمدنّسة
لا تنعكس
فيها
المعارف
الالهية ولا
الحقائق
الغيبية،
وحيث أن
القلب في هذه
الحالة يقع
بالتدريج
تحت سلطة
الشيطان
ويكون
المتصرف في
مملكة الروح
ابليس فيقع
السمع
والبصر
وسائر القوى
ايضا في تصرف
ذاك الخبيث،
وينسد السمع
بالكلية عن
المعارف
والمواعظ
الالهية،
ولا ترى
العين
الآيات
الباهرة
الالهية
وتعمى عن
الحق وآثاره
وآياته ولا
يتفقّه
القلب في
الدين ويحرم
من التفكر في
الآيات
والبيّنات
وتذكر الحق
والاسماء
والصفات،
كما قال الحق
تعالى "
لهم قلوب لا
يفقهون بها
ولهم أعين لا
يبصرون بها
ولهم آذان لا
يسمعون بها
أولئك
كالانعام بل
هم أضلّ "
(الأعراف
- 179).
فيكون نظرهم
إلى العالم
كنظر
الانعام
والحيوانات
الخالية عن
الاعتبار
والتدبّر،
وقلوبهم
كقلوب
الحيوانات
لا نصيب لها
من التفكر
والتذكّر،
بل تكون حالة
الغفلة
والاستكبار
تزداد فيهم
يوما فيوم من
النظر في
الآيات
واستماع
المواعظ،
فهم أرذل
وأضّل من
الحيوان.
ومن
الحجب
الغليظة
التي هي ستر
صفيق بيننا
وبين معارف
القرآن
ومواعظه:
حجاب حبّ
الدنيا،
فيصرف القلب
بواسطة تمام
همّته في
الدنيا
وتكون وجهة
القلب تماما
إلى الدنيا
ويفغل القلب
بواسطة هذه
المحبة عن
ذكر الله،
ويعرض عن
الذكر
والمذكور،
وكلما
ازدادت
العلاقة
بالدنيا
وأوضاعها
ازداد حجاب
القلب وساتر
ضخامة،
وربما تغلب
هذه العلاقة
على القلب
ويتسلّط
سلطان حب
الجاه
والشرف على
القلب بحيث
يطفىء نور
فطرة الله
بالكليّة
وتغلق ابواب
السعادة على
الانسان،
ولعل المراد
من اقفال
القلوب
المذكورة في
الآية
الشريفة "
أفلا
يتدبّرون
القرآن أم
على قلوب
أقفالها "
(محمد
- 24).
هذه الاقفال
واغلال
العلائق
الدنيوية،
ومن أراد أن
يستفيد من
القرآن
ويأخذ نصيبه
من المواعظ
الالهية
لابدّ وأن
يطهّر القلب
من هذه
الارجاس،
ويزيل لوث
المعاصي
القلبية وهي
الاشتغال
بالغير عن
القلب لان
غير المطهّر
ليس محرما
لهذا
الاسرار قال
تعالى: "
انه لقرآن
كريم في كتاب
مكنون لا
يمسّه الا
المطهّرون "
(الواقعة
- 78).
فكما أن غير
المطهّر
الظاهري
ممنوع عن
ظاهر هذا
الكتاب
ومسّه في
العالم
الظاهر
تشريعا
وتكليفا،
كذلك ممنوع
من معارفه
ومواعظه
وباطنه
وسرّه من كان
قلبه متلوثا
بأرجاس
التعلّقات
الدنيوية،
وقال تعالى: "
ذلك الكتاب
لا ريب فيه
هدى للمتقين
"
(البقرة
- 2)
إلى آخر
الآية. فغير
المتقي بحسب
تقوى العامة
وغير المؤمن
بحسب ايمان
العامة
محروم من
الانوار
الصورية
لمواعظه
وعقائده
الحقة، وغير
المتقي وغير
المؤمن بحسب
سائر مراتب
التقوى
الخاص وتقوى
خاص الخاص
وتقوى أخصّ
الخواص
محروم من
سائر
مراتبها.
والتفصيل
حول تلك
المراتب
وذكر سائر
الآيات
الدالة على
المقصود
موجب
للتطويل،
ولكن نختتم
هذا الفصل
بذكر آية
شريفة الهية
تكفي لاهل
اليقظة بشرط
التدبّر،
قال تبارك
وتعالى: "
قد جاءكم من
الله نور
وكتاب مبين
يهدي به الله
من اتّبع
رضوانه سبل
السلام
ويخرجهم من
الظلمات إلى
النور بإذنه
ويهديهم إلى
صراط مستقيم
" (المائدة
- 16).
فخصوصيات
هذه الآية
الشريفة
كثيرة،
والبيان حول
نكاتها
يستلزم
رسالة على
حدة ليس الان
مجالها.
الفصل
الخامس
في
التفكّر
من
آداب قراءة
القرآن حضور
القلب، وقد
ذكرناه في
الآداب
المطلقة
للعبادات في
هذه الرسالة
ولا يلزم
اعادته، ومن
الآداب
المهمة لها:
التفكر،
والمقصود من
التفكر أن
يتجسس من
الآيات
الشريفة
المقصد
والمقصود،
وحيث أن مقصد
القرآن كما
تقوله نفس
الصحيفة
النورانية
هو الهداية
إلى سبل
السلام
والخروج من
جميع مراتب
الظلمات إلى
عالم النور،
والهداية
إلى طريق
مستقيم فلا
بد أن يحصّل
الانسان
بالتفكر في
الآيات
الشريفة
مراتب
السلامة من
المرتبة
الدانية
والراجعة
إلى القوى
الملكية إلى
منتهى
النهاية
فيها وهي
حقيقة القلب
السليم على
ما ورد
تفسيره عن
أهل البيت
وهو أن يلاقي
الحق وليس
فيه غيره
وتكون سلامة
القوى
الملكية
والملكوتية
ضالة قارئ
القرآن
فإنها
موجودة في
هذا الكتاب
السماوي ولا
بد أن
يستخرجها
بالتفكر،
واذا صارت
القوى
الانسانية
سالمة عن
التصرّف
الشيطاني
وتحصّل طرق
السلامة
وعمل بها ففي
كل مرتبة من
السلامة
تحصل له ينجو
من ظلمة
ويتجلى فيه
النور
الساطع
الالهي قهرا
حتى اذا خلص
عن جميع
أنواع
الظلمات
التي أولها
ظلمات عالم
الطبيعة
بجميع
شؤونها
وآخرها ظلمة
التوجّه إلى
الكثرة
بتمام
شؤونها
يتجلى النور
المطلق في
قلبه ويهديه
إلى طريق
الانسانية
المستقيم
وهو في هذا
المقام طريق
الربّ "
ان ربي على
صراط مستقيم
"
(هود
- 56).
وقد
كثرت الدعوة
إلى التفكر
وتمجيده
وتحسينه في
القرآن
الشريف قال
تعالى: "
وأنزلنا
اليك الذكر
لنبّين
للناس ما
نزّل اليهم
لعلّهم
يتفكرون "
(النحل
- 44).
وفي هذه
الآية مدح
عظيم
للتفكر، لان
غاية انزال
الكتاب
العظيم
السماوي
والصحيفة
العظيمة
النورانية
قد جعلت
احتمال
التفكر وهذا
من شدّة
الاعتناء به
حيث أن مجرد
احتماله صار
موجبا لهذه
الكرامة
العظيمة،
وقال تعالى
في الآية
الاخرى: "
فاقصص القصص
لعلّهم
يتفكرون "
(الأعراف
- 176).
والآيات
من هذا
القبيل أوما
يقرب منه
كثيرة
والروايات
ايضا في
التفكر
كثيرة. فقد
نقل عن
الرسول
الخاتم صلى
الله عليه
وآله وسلم
انه لما نزلت
الآية
الشريفة "
إنّ في خلق
السموات
والارض
واختلاف
الليل
والنهار
لآيات "
(آل
عمران - 190)
إلى آخرها..
قال صلى الله
عليه وآله: "
ويل لمن
قرأها ولم
يتفكر فيها ".
والعمدة
في هذا الباب
ان يفهم
الانسان ما
هو التفكر
الممدوح،
والا لا شك
في أن التفكر
ممدوح في
القرآن
والحديث،
فأحسن
التعبير فيه
ما عبّر به
الخواجة
عبدالله
الانصاري
قال: اعلم ان
التفكّر
تلمّس
البصيرة
لاستدراك
البغية،
يعني أن
التفكر هو
تجسّس
البصيرة وهي
بصر القلب
للوصول إلى
المقصود
والمقصود هو
السعادة
المطلقة
التي تحصل
بالكمال
العلمي أو
العملي فلا
بد للانسان
أن يتحصل على
المقصود
والنتيجة
الانسانية
وهي السعادة
في الآيات
الشريفة
للكتاب
الالهي وفي
قصصه
وحكاياته
وحيث أن
السعادة هي
الوصول إلى
السلامة
المطلقة
وعالم النور
والطريق
المستقيم
فلا بد
للانسان أن
يطلب من
القرآن
المجيد
الشريف سبل
السلامة
ومعدن النور
المطلق
والطريق
المستقيمة
كما أشير
اليها في
الآية
الشريفة
السابقة،
فاذا وجد
القارئ
المقصد
وتبصّر في
تحصيله
وانفتح له
طريق
الاستفادة
من القرآن
الشريف
وفتحت له
أبواب رحمة
الحق فإنه لا
يصرف عمره
القصير
العزيز ورأس
مال تحصيل
سعادته على
أمور ليست
مقصودة
لرسالة
الرسول صلى
الله عليه
وآله ويكف عن
فضول البحث
وفضول
الكلام، في
مثل هذا
الامر المهم
فاذا أشخص
بصيرته مدّة
إلى هذا
المقصود
وصرف نظره عن
سائر الامور
تتبصّر عين
قلبه ويكون
بصره حديدا
ويكون
التفكر في
القرآن
للنفس أمرا
عاديا
وتنفتح طرق
الاستفاد
وتفتح له
أبواب ليست
مفتوحة له
إلى الان،
ويستفيد
مطالب
ومعارف من
القرآن ما
كان
يستفيدها
إلى الان
بوجه، فحين
ذاك يفهم كون
القرآن شفاء
للامراض
القلبية،
ويدرك مفاد
الآية
الشريفة "
وننزّل من
القرآن ما هو
شفاء ورحمة
للمؤمنين
ولا يزيد
الظالمين
الا خسارا "
(الإسراء
- 82)
ومعنى قول
أمير
المؤمنين
صلوات الله
عليه "
وتعلموا
القرآن فانه
ربيع القلوب
واستشفعوا
بنوره فإنه
شفاء الصدور
"
ولا يطلب من
القرآن شفاء
الامراض
الجسمانية
فقط بل يجعل
عمدة المقصد
شفاء
الامراض
الروحانية
الذي هو مقصد
القرآن بل
القرآن ما
نزل لشفاء
الامراض
الجسمانية
وان كان يحصل
به كما أن
الانياء
عليهم
السلام لم
يبعثوا
للشفاء
الجسماني
وان كانوا
يشفون فهم
أطباء
النفوس
والشافين
للقلوب
والارواح.
الفصل
السادس
في التطبيق
من
الاداب
المهمة
لقراءة
القرآن التي
تنيل
الانسان
نتائج كثيرة
والاستفادات
غير
المعدودة هو
التطبيق.
وكيفيّتة
انه حينما
يتفكر في كل
آية من
الآيات
الشريفة
يطبق مفادها
في حاله
ويرفع
نقصانه
بواسطة هذا
التطبيق
ويشفي
أمراضه به،
مثلا في قصة
آدم الشريفة
يتفكر أن
مطرودية
الشيطان عن
جناب القدس
مع تلك
السجدات
والعبادات
الطويلة
لماذا؟
فيطهّر نفسه
منه لان مقام
القرب
الالهي مقام
المطهّرين،
فمع الاوصاف
والاخلاق
الشيطانية
لا يمكن
القدوم إلى
ذلك الجناب
الرفيع.
ويستفاد من
الآيات
الشريفة أن
مبدأ عدم
سجود ابليس
هو رؤية
النفس العجب
فطبّل أنا
خير منه
حلقتني من
نار وخلقته
من طين.. فهذا
العجب صار
سببا لحب
النفس
والاستكبار،
وصار سببا
للاستقلال
والاستكبار،
وعصيان
الامر فصار
مطرودا عن
الجناب ونحن
خطبنا
الشيطان من
أول عمرنا
ملعونا
ومطرودا
واتصفنا
باوصافه
الخبيثة ولم
نتفكر في أن
ما هو سبب
المطرودية
عن جناب
القدس اذا
كان موجودا
في أي شخص،
فهو مطرود
وليس
للشيطان
خصوصية، فما
كان سببا
لطرده عن
جناب القدس
يكون مانعا
من أن نتطّرق
اليه، وأنا
أخاف من أن
نكون شركاء
ابليس في
اللعن الذي
نلعنه.
ونتفكر
أيضا في هذه
القضية
الشريفة
ونرى ما هو
السبّب
لمزيّة آدم
وأفضليته
على
الملائكة،
فنتصف نحن
أيضا بمقدار
الطاقة بذاك
السبب فنرى
أن سبب
التفضيل هو
تعليم
الاسماء كما
قال تعالى: "
وعلّم آدم
الاسماء
كلّها "
(البقرة
- 31)
والمرتبة
العالية من
تعليم
الاسماء هو
التحقق
بمقام اسماء
الله. كما أن
المرتبة
العالية من
الاحصاء
الذي هو في
الرواية
الشريفة أن
لله تسعا
وتسعين اسما
من أحصاها
دخل الجنة،
هو التحقق
بحقيقتها
التي تنيل
الانسان إلى
جنة الاسماء.
الانسان
يستطيع أن
يكون مظهرا
لاسماء
الله،
والآية
الكبرى
الالهية
بالارتياضات
القلبية
ويكون وجوده
وجودا
ربّانيا
ويكون
المتصرّف في
مملكته يدا
الجمال
والجلال
الالهي. وفي
الحديث ما
يقرب من هذا
المعنى من أن
"
روح المؤمن
أشدّ اتصالا
بالله تعالى
من اتصال
شعاع الشمس
بها أو
بنورها ".
وفي
الحديث
الصحيح "
لايزال
يتقرّب اليّ
عبدي
بالنوافل
حتى أحبّه
فإذا أحببته
كنت سمعه
الذي يسمع به
وبصره الذي
يبصر به
ولسانه الذي
ينطق به ويده
التي يأخذ
بها ".
وفي الحديث "
عليٌ عين
الله ويد
الله " إلى
غير ذلك.. وفي
الحديث "
نحن أسماؤه
الحسنى "
والشواهد
العقلية
والنقلية في
هذا بخصوصه
كثيرة.
وبالجملة،
من أراد أن
يأخذ من
القرآن
الشريف الحظ
الوافر
والنصيب
الكافي فلا
له أن يطبّق
كل آية شريفة
من الآيات
على حالات
نفسه حتى
يستفيد
استفادة
كاملة، مثلا
يقول الله
تعالى في
سورة
الانفال في
الآية
الشريفة: "
انما
المؤمنون
الذين اذا
ذكر الله
وجلت قلوبهم
واذا تليت
عليهم آياته
زادتهم
ايمانا وعلى
ربّهم
يتوكّلون "
(الانفال
- 2).
فلا بد
للسالك من أن
يلاحظ هل هذه
الاوصاف
الثلاثة
منطبقة
عليه، وهل
قلبه يجِلُ
اذا ذكر الله
ويخاف؟ واذا
تليت عليه
الآيات
الشريفة
الالهية
يزداد نور
الايمان في
قلبه؟ وهل
اعتماده
وتوكله على
الحق تعالى؟
أو أنه في كل
من هذه
المراحل
راجل ومن كل
هذه الخواص
محروم؟ فإن
أراد أن يفهم
أنه من الحق
تعالى خائف
وقلبه من
خوفه وجل
فلينظر إلى
أعماله.
الانسان
الخائف لا
يتجاسر في
محضر
الكبرياء
إلى مقامه
المقدس ولا
يهتك
الحرمات
الالهية في
حضور الحق،
واذا قوي
الايمان
بتلاوة
الآيات
الالهية
يسري نور
الايمان إلى
المملكة
الظاهرية
ايضا، فغير
ممكن أن يكون
القلب
نورانيا ولا
يكون اللسان
والكلام
والعين
والنظر
والسمع
والاستماع
نورانيا.
فالبشر
النوراني هو
الذي تكون
جميع قواه
الملكية
والملكوتية
منيرة،
فمضافا إلى
هداية نفسه
إلى السعادة
و الطريق
المستقيم
يكون مضيئا
لسائر الخلق
ايضا
ويهديهم إلى
طريق
الانسانية
كما أنه اذا
توكل أحد على
الله تعالى و
اعتمد عليه
فيقطع الطمع
عمّا في أيدي
سائر الخلق
ويحط رحل
حاجته وفقره
إلى باب
الغنى
المطلق ولا
يرى سائر
الذين هم
مثله فقراء
ومساكين
حلاّلين
لمشاكله.
فوظيفة
السالك إلى
الله هي أن
يعرض نفسه
على القرآن
الشريف،
فكما أن
الميزان في
صحة الحديث
وعدم صحته
واعتباره
وعدم
اعتباره ان
يعرض على
كتاب الله
فما خالف
كتاب الله
فهو باطل
وزخرف. كذلك
الميزان في
الاستقامة
والاعوجاج
والشقاوة
والسعادة هو
أن يكون
مستقيما
وصحيحا في
ميزان كتاب
الله، وكما
أن خلق رسول
الله هو
القرآن
فاللازم له
أن يجعل خلقه
موافقا
للقرآن حتى
يكون مطابقا
لخلق الوليّ
الكامل
ايضا،
والخلق يكون
مخالفا
لكتاب الله
فهو زخرف
وباطل.
وكذلك
جميع
المعارف
وأحوال قلبه
وأعمال
الباطن
والظاهر له
لابد أن
يطبّقها على
كتاب الله
ويعرضها
عليه حتى
يتحقق
بحقيقة
القرآن
ويكون
القرآن له
صورة باطنية.
وانت
الكتاب
المبين الذي
بأحرفه
يظهر المضمر
وفي
هذا المقام
آداب أخر قد
ذكرنا بعضها
في أول هذه
الرسالة في
آداب مطلق
العبادات
وبعضها
مندرج في هذا
الآداب،
وذكر بعضها
ينجّر إلى
التطويل،
فلهذه
الجملة
صرفنا النظر
عنه والله
العالم.
خاتمة
الفصل
في
ذكر ترجمة (ما
ذكرناه نص
الروايات لا
ترجمتها،
وانما ذكرنا
كلمة ترجمة
لاداء
الامانة في
الترجمة،
حيث أتى
المصنف،
أدام الله
ظلّه بترجمة
الروايات في
الاصل.) نبذة
من الروايات
الشريفة
لتتميم
الفائدة
والتبرّك
بكلام
العترة
الطاهرة.
ففي
الكافي
الشريف
باسناده إلى
سعد الخفّاف
عن أبي جعفر
عليه السلام
قال: "
يا سعد
تعلّموا
القرآن فإن
القرآن يأتي
يوم القيامة
في أحسن صورة
نظر اليها
الخلق
والناس صفوف
عشرون ومائة
ألف صف
ثمانون ألف
صفّ أمّة
محمد
وأربعون أل
صف من سائر
الامم،
فيأتي على صف
المسلمين في
صورة رجل
فيسلّم
فينظرون
اليه ثم
يقولون لا
إله الا الله
الحليم
الكريم ان
هذا الرجل من
المسلمين
نعرفه بنعته
وصفته غير
أنه كان أشدّ
اجتهادا منا
في القرآن
فمن هناك
أعطي من
البهاء
والجمال
والنور ما لم
يُعطَه، ثم
يجاوز حتى
يأتي على صف
الشهداء
فينظرون
اليه ثم
يقولون: لا
اله الا الله
الرب الرحيم
ان هذا الرجل
من الشهداء
نعرفه بسمته
وصفته غير
أنه من شهداء
البحر فمن
هناك أعطي من
البهاء
والفضل ما لم
نُعطه. قال:
فيتجاوز حتى
يأتي صف
شهداء البحر
في صورة شهيد..
ثم ذكر
الحديث
اتيانه صفوف
النبيين
والمرسلين
إلى أن
يعرّفه رسول
الله صلى
الله عليه
وآله "
الحديث
بطوله.
وقال
أبو عبدالله
عليه السلام:
"
اذا جمع الله
عزّ وجلّ
الاولين
والاخرين
اذا هم بشخص
قد أقبل لم
ير قطّ أحسن
صورة منه
فاذا نظر
اليه
المؤمنون
وهو القرآن
قالوا هذا
منّا هذا
أحسن شيء
رأينا، فاذا
انتهى اليهم
جازهم " إلى
آخر الحديث.
والاحاديث
بهذا
المضمون
كثيرة وهي
دليل واضح
على ما يقوله
أهل المعرفة
بأن
الموجودات
في هذا
العالم لها
صور أخروية،
ومن أحاديث
هذا الباب
يستفاد أن
للاعمال
أيضا صورا
أخروية.
وفي
الكافي
الشريف
باسناده إلى
باقر العلوم
عليه السلام
قال رسول
الله صلى
الله عليه
وآله "
أنا أول وافد
على العزيز
الجبّار يوم
القيامة
وكتابه وأهل
بيتي ثم
أمّتي ثم
أسألهم ما
فعلتم بكتاب
الله وبأهل
بيتي ".
وفي حديث آخر:
"
فيقول
الجبار:
وعزتي
وجلالي
وارتفاع
مكاني
لاكرمنّ
اليوم من
أكرمك
ولاهيننّ من
أهانك "
وليعلم أنه
لو لم نكن
نحيي أحكام
القرآن
ومعارفه
بالعمل بها
والتحقق
بحقيقتها لا
نستطيع أن
نجيب رسول
الله في ذلك
اليوم فأي
إهانة أعظم
من أن تنبذ
مقاصد
القرآن
ودعواته
وراء الظهر،
فليس إكرام
القرآن
وأهله وهم
أهل بيت
العصمة
بتقبيل جلد
القرآن او
الضرائح
المقدسة لهم
فقط بل
التقبيل هذا
مرتبة ضعيفة
من الاحترام
و التكريم،
واذا عملنا
بأوامره
وأوامرهم
عليهم
السلام فهذا
الاحترام
مقبول والا
فهو يشبّه
بالاستهزاء
واللعب وقد
حذر تحذيرا
شديدا في
الاحاديث
الشريفة من
قارئ القرآن
الذي لا يعمل
به كما نقل
عن عقاب
الاعمال
للشيخ
الصدوق
رضوان الله
عليه
باسناده عن
رسول الله
صلى الله
عليه وآله
أنه قال في
حديث "
من تعلّم
القرآن فلم
يعمل به وآثر
عليه حبّ
الدنيا
وزينتها
استوجب سخط
الله وكان في
الدرجة مع
اليهود
والنصارى
الذي ينبذون
كتاب الله
وراء ظهورهم
" (أقول:
الرواية
بهذه الصورة
ليست في
النسخة
المطبوعة في
بيروت
والموجودة
عندي بل ما
ذكر ما بين
القوسين تحت
رقم (5) لم يكن
موجودا في
نسختنا
وانما ترجمة
المؤلف دام
ظله وما ذكر
منها تحت رقم
(6) قد ذكر في
نسختنا في
باب عقاب من
تعلم القرآن
فلم يعمل به
تحت رقم (3) وما
ذكرناه تحت
رقم (7) قد ذكر
في نسختنا في
باب ثواب
قراءة تحت (6)
وأقول:
السمعة من
أقسام الريا
ومعناها انه
يسمع العابد
للناس
بعبادته
ليجلب
قلوبهم إلى
نفسه.). "
ومن قرأ
القرآن
وأراد به
السمعة و
الوصول إلى
الدنيا لقي
الله ووجهه
عظم لا لحم
فيه والقرآن
يضرب على
قفاه حتى
يدخل النار
ويسقط في
النار مع
الذين سقطوا
".
"
ومن قرأ
القرآن ولم
يعمل به حشره
الله يوم
القيامة
أعمى فيقول
ربّ لم
حشرتني أعمي
وقد كنت
بصيرا قال
كذلك أتتك
آياتي
فنسيتها
وكذلك اليوم
تنسى فيؤمر
به إلى النار
".
"
ومن قرأ
القرآن
ابتغاء وجه
الله وتفقها
في الدين كان
له من الثواب
مثل جميع ما
يعطى
الملائكة
والانبياء
والمرسلون،
ومن تعلّم
القرآن
يريده رياء
وسمعة
ليماري به
السفهاء
ويباهي به
العلماء
ويطلب به
الدنيا بدّد
الله عزّ وجل
عظامه يوم
القيامة ولم
يكن في النار
أشدّ عذابا
منه وليس نوع
من أنواع
العذاب الا
ويعذب من
شدّة غضب
الله عليه
وسخطه، ومن
تعلّم
القرآن
وتواضع في
العلم وعلّم
عباد الله
يريد ما عند
الله لم يكن
في الجنة
أعظم ثوابا
منه ولا أعظم
منزلة منه
ولم يكن في
الجنة منزلة
ولا درجة
رفيعة ولا
نفيسة الا
كان له فيها
أوفر النصيب
وأشرف
المنازل ".
وقد
وردت روايات
كثيرة في
خصوص التفكر
في معاني
القرآن
والاتعاظ به
والتأثر منه.
كما في
الكافي
الشريف عن
أبي عبدالله
عليه السلام
قال: "
ان هذا
القرآن فيه
منار الهدى
ومصابيح
الدّجى
فليجل جال
بصره ويفتح
للضياء نظره
فإن التفكر
حياة قلب
البصير كما
يمشي
المستنير في
الظلمات
بالنور ".. ومقصوده
عليه السلام
أنه كما أن
الانسان لا
بد له من
النور
الظاهري اذا
هو يمشي في
الظلمات حتى
يصان من خطر
السقوط في
المزلات،
كذلك لابدّ
له أن يمشي
في ظلمات
طريق السير
إلى الاخرة و
إلى الله
بالقرآن
الذي هو نور
الهداية
والمصباح
المنير في
طريق
العرفان
والايمان كي
لا يقع في
المزلاّت
المهلكة.
وفي
معاني
الاخبار، في
حديث عن أمير
المؤمنين
عليه السلام
أنه قال: "
الفقيه من لا
يترك القرآن
رغبة عنه
ويتوجّه إلى
غيره، الا لا
خير في علم
ليس فيه
تفهّم، ولا
خير في قراءة
ليس فيها
تدبّر، ولا
خير في عبادة
ليس فيها
تفقّه ".
وروي
في الخصال
ومعاني
الاخبار عن
رسول الله
صلى الله
عليه وآله
وسلم أنه قال:
"
حملة القرآن
عرفاء أهل
الجنة ".
ومن المعلوم
أن المراد من
هذا الحمل هو
حمل معارف
القرآن
وعلومه
وتكون
نتيجته في
الاخرة ان
الحامل يكون
في عداد اهل
المعرفة
وأصحاب
القلوب، كما
أنه لو حمل
سورة القرآن
من دون
الاتعاظ
بمواعظه
وتحمّل
معارفه
وحكمه
والعمل
بأحكامه
وسننه، فهو
كما قال
تعالى: "
مثل الذين
حُمّلوا
التوراة ثم
لم يحملوها
كمثل الحمار
الذي يحمل
أسفارا "
(الجمعة
- 5).
والاحاديث
الشريفة في
شؤون القرآن
الشريف
وآدابه أكثر
من أن تسع في
هذا المختصر.
والسلام على
محمد وآله.
|