ثالثاً:
حقوق
الوالدين:
للوالدين
الدور
الأساسي في
بناء
الاُسرة
والحفاظ على
كيانها
ابتداءً
وإدامة،
وهما
مسؤولان عن
تنشئة الجيل
طبقاً
لموازين
المنهج
الاسلامي،
لذا حدّد
الإسلام
أُسس
العلاقة بين
الوالدين
والأبناء،
طبقاً
للحقوق
والواجبات
المترتّبة
على أفراد
الاُسرة
تجاه بعضهم
البعض، فقد
قرن الله
تعالى في
كتابه
الكريم
بوجوب برّ
الوالدين
والاحسان
إليهما
بوجوب
عبادته،
وحرّم جميع
ألوان
الاساءة
إليهما
صغيرها
وكبيرها،
فقال تعالى: ( وقَضى
ربُّكَ ألاّ
تَعبدُوا
إلاّ إيّاهُ
وبالوالدينِ
إحسَاناً
إمّا
يَبلغُنَّ
عِندكَ
الكِبرَ
أحدُهُما أو
كِلاهُما
فلا تقُل
لهُما أُفٍّ
ولا
تَنهرهُما
وقُل لهُما
قَولاً
كرِيماً)[1].
وأمر
بالاحسان
إليهما
والرحمة
بهما
والاستسلام
لهما، فقال
تعالى: (واخفِض
لهما جَناحَ
الذُلِّ مِن
الرحمةِ
وقُل ربِّ
ارحَمهُما
كما
ربَّيانِي
صَغِيراً )[2].
وقرن
الله تعالى
الشكر لهما
بالشكر له،
فقال: (... أنِ
اشكُر لي
وَلِوالِدَيكَ
إليَّ
المصِيرُ )[3].
وأمر
تعالى بصحبة
الوالدين
بالمعروف،
فقال: (
وَصَاحِبهُما
في الدُّنيا
مَعرُوفاً... )[4].
وتجب
طاعة
الأبناء
للوالدين،
قال رسول
الله صلى
الله عليه
وآله وسلم: «...
ووالديك
فأطعمها
وبرهما
حيّين كانا
أو ميتين،
وان أمراك أن
تخرج من أهلك
ومالك
فافعل، فإنّ
ذلك من
الايمان »[5].
وقرن
الامام جعفر
الصادق عليه
السلام بر
الوالدين
بالصلاة
والجهاد، عن
منصور بن
حازم، عن أبي
عبدالله
عليه
السلام، قال:
قلت: أي
الأعمال
أفضل؟ قال: «
الصلاة
لوقتها، وبر
الوالدين،
والجهاد في
سبيل الله
عزَّ وجلَّ »[6].
ومن
حقوق الوالد
على ولده كما
قال رسول
الله صلى
الله عليه
وآله وسلم: «
لا يسميه
باسمه، ولا
يمشي بين
يديه، ولا
يجلس قبله،
ولا يستسبّ
له »[7].
ومعنى
(لا يستسب له)
أي لا يفعل
ما يصير
سبباً لسبّ
الناس له.
وقدّم
رسول الله
صلى الله
عليه وآله
وسلم برّ
الوالدة على
برّ الوالد
لأنّها أكثر
منه في تحمّل
العناء من
أجل الأولاد
في الحمل
والولادة
والرضاع، عن
الإمام جعفر
الصادق عليه
السلام، قال:
« جاء رجل إلى
النبي صلى
الله عليه
وآله وسلم
فقال: يا
رسول الله،
من أبرُّ؟
قال: أُمّك،
قال: ثم من؟
قال: أمك،
قال: ثم من؟
قال: أُمّك،
قال ثم من؟
قال: أباك »[8].
وكانت
سيرة رسول
الله صلى
الله عليه
وآله وسلم
قائمة على
تكريم من يبر
والديه، فقد
أتته أُخته
من الرضاعة،
فلمّا نظر
إليها سرَّ
بها وبسط
ملحفته لها
فأجلسها
عليها، ثم
أقبل
يحدّثها
ويضحك في
وجهها، ثم
قامت وذهبت
وجاء أخوها،
فلم يصنع به
ما صنع بها،
فقيل له: يا
رسول الله،
صنعت بأخته
مالم تصنع به
وهو رجل؟!
فقال صلى
الله عليه
وآله وسلم: «
لأنّها كانت
أبرَّ
بوالديها
منه »[9].
وقدّم
رسول الله
صلى الله
عليه وآله
وسلم طاعة
الوالدين
على الجهاد،
ففي رواية
جاءه رجل
وقال: يا
رسول الله،
إنّ لي
والدين
كبيرين
يزعمان
أنهما
يأنسان بي
ويكرهان
خروجي؟ فقال
صلى الله
عليه وآله
وسلم: « فقرَّ
مع والديك،
فوالذي نفسي
بيده
لأنسهما بك
يوماً وليلة
خير من جهاد
سنة »[10].
وورد
في الحديث
أنّه يجب برّ
الوالدين
وإن كانا
فاجرين، قال
الإمام محمد
الباقر عليه
السلام: «
ثلاث لم يجعل
الله عزَّ
وجلَّ لأحد
فيهنَّ رخصة:
أداء
الامانة إلى
البرّ
والفاجر،
والوفاء
بالعهد
للبرّ
والفاجر،
وبر
الوالدين
برّين كانا
أو فاجرين »[11].
وفي
الآية
المتقدمة ( واخفِض
لهما جَناحَ
الذُلِّ مِن
الرحمةِ )
قال الإمام
الصادق عليه
السلام: « لا
تملأ عينيك
من النظر
إليهما إلاّ
برحمة
ورقّة، ولا
ترفع صوتك
فوق
أصواتهما،
ولا يدك فوق
أيديهما،
ولا تقدَّم
قدّامهما »[12].
وبرّ
الوالدين لا
يقتصر على
حال
حياتهما، بل
يشملهما حال
الحياة وحال
الممات، قال
الامام
الصادق عليه
السلام: « ما
يمنع الرجل
منكم أن
يبرَّ
والديه
حيّين
وميّتين،
يصلي عنهما،
ويتصدّق
عنهما،
ويحجّ
عنهما،
ويصوم
عنهما،
فيكون الذي
صنع لهما،
وله مثل ذلك،
فيزيده الله
عزَّ وجلَّ
ببره وصلته
خيراً
كثيراً »[13].
ويجب
على الولد
الأكبر أن
يقضي عن
والده
مافاته من
صلاة وصوم[14]،
أما بقية
الأولاد فلا
يجب عليهما
القضاء عن
والدهم، بل
يستحب
للرواية
المتقدمة.
وحرّم
الإسلام
عقوق
الوالدين
بجميع
ألوانه
ومراتبه،
قال أمير
المؤمنين
عليه السلام:
« من أحزن
والديه فقد
عقّهما »[15].
وعن
الإمام جعفر
الصادق عليه
السلام قال: «
أدنى العقوق
أفّ، ولو علم
الله
عزَّوجلَّ
شيئاً أهون
منه لنهى عنه
»[16].
وقال
عليه السلام:
«... ومن العقوق
أن ينظر
الرجل إلى
والديه
فيحدّ النظر
إليهما »[17].
وقال
عليه السلام:
« من نظر إلى
أبويه نظر
ماقتٍ وهما
ظالمان له،
لم يقبل الله
له صلاة »[18].
وعقوق
الوالدين من
الكبائر
التي تستلزم
دخول النار،
قال الإمام
الصادق عليه
السلام: «
عقوق
الوالدين من
الكبائر،
لأنّ الله
عزَّ وجلَّ
جعل العاقّ
عصياً شقياً
»[19].
ولا
يقتصر وجوب
البر وحرمة
العقوق على
الجوانب
المعنوية
والروحية،
بل يتعداها
إلى الجوانب
المادية،
فتجب النفقة
عليهما إن
كانا معسرين[20].
وتجب
رعاية
الوالدين
رعاية صحية،
عن إبراهيم
بن شعيب قال:
قلت لأبي
عبدالله
عليه السلام:
إنّ أبي قد
كبر جداً
وضعف، فنحن
نحمله إذا
أراد
الحاجة؟
فقال: « إنّ
استطعت أن
تلي ذلك منه
فافعل،
ولقّمه
بيدك، فإنّه
جُنّة لك
غداً »[21].
وخلاصة
القول: يجب
طاعة
الوالدين في
جميع ما
يأمرون به
إلاّ
المعصية أو
ما يترتب
عليه مفسدة
فلا تجب
طاعتهما.
ومع
جميع الظروف
يجب على
الأبناء
إحراز رضا
الوالدين
بأيّ أُسلوب
شرعي إن
أمكن، لأنّ
رضاهما
مقروناً
برضى الله
تعالى، قال
رسول الله
صلى الله
عليه وآله
وسلم: « رضا
الله مع رضى
الوالدين،
وسخط الله مع
سخط
الوالدين »[22].
وبرّ
الوالدين
بطاعتهما
والاحسان
إليهما،
كفيل باشاعة
الودّ
والحبّ
والوئام في
أجواء
الاُسرة
وبالتالي
إلى تحكيم
بنائها
وإنهاء جميع
عوامل
الاضطراب
والتخلخل
الطارىء
عليها، ولا
يتحقق ذلك
إلاّ
بالالتزام
بالحقوق
والواجبات
المترتبة
على أفرادها.
رابعاً:
حقوق
الأبناء:
للأبناء
حقوق على
الوالدين،
وقد لخصّها
الإمام علي
بن الحسين
عليهما
السلام
بالقول: «
وأمّا حق
ولدك فإنّك
تعلم أنه منك
ومضاف إليك
في عاجل
الدنيا
بخيره
وشرّه،
وأنّك مسؤول
عمّا ولّيته
به من حسن
الأدب
والدلالة
على ربّه
عزَّ وجلَّ
والمعونة له
على طاعته،
فاعمل في
أمره عمل من
يعلم أنّه
مثاب على
الاحسان
إليه، معاقب
على الاساءة
إليه »[23].
ومن
حقّ الأبناء
على الآباء
الاحسان
إليهم
وتعليمهم
وتأديبهم،
قال رسول
الله صلى
الله عليه
وآله وسلم: «
رحم الله
عبداً أعان
ولده على
برّه
بالاحسان
إليه
والتألف له،
وتعليمه
وتأديبه »[24].
وقال
صلى الله
عليه وآله
وسلم: « رحم
الله من أعان
ولده على
برّه... يقبل
ميسوره
ويتجاوز عن
معسوره، ولا
يرهقه ولا
يخرق به »[25].
وقال
صلى الله
عليه وآله
وسلم: «
أكرموا
أولادكم
واحسنوا
آدابهم »[26].
وتترتب
على
الوالدين
جملة من
الحقوق
ينبغي
مراعاتها من
أجل اعداد
الأبناء
إعداداً
فكرياً
وعاطفياً
وسلوكياً
منسجماً مع
المنهج
الالهي في
الحياة، ولا
يتحقق ذلك
إلاّ باشباع
حاجات
الأبناء
الأساسية،
كالحاجة إلى
الايمان
بالغيب،
والحاجة إلى
الامان
وتوكيد
الذات
والمكانة
بالمحبة
والتقدير،
والحاجة إلى
التربية
الصالحة.
ويمكن
تحديد أهم
حقوق
الأبناء بما
يلي:
1
ـ ينبغي على
كلِّ من
الوالدين
اختيار شريك
الحياة على
أساس
الايمان
والتدين
والصلاح
والسلامة من
العيوب
العقلية
كالجنون
والحمق،
لأنّ ذلك
يؤثر على
تنشئة الجيل
وسلامته.
وينبغي
الاهتمام
بالصحة
الجسدية
والنفسية
للاُمّ
أثناء
الحمل، لكي
يخرج
الأبناء إلى
الدنيا وهم
يتمتّعون
بالصحة
الجسدية
والنفسية
لانعكاسها
عليهم أثناء
الحمل.
2
ـ يستحب
تسمية
الأبناء
بأحسن
الأسماء،
ورعاية
الاُمّ
رعاية
صالحة،
وتوفير
حاجاتها
اللازمة
للتفرّغ إلى
رعاية
الأبناء في
مهدهم، ويجب
على الوالد
اشباع حاجات
الوليد من
الرضاعة،
وذلك
بالاعتماد
على حليب
الاُمّ أو
اختيار
المرضعة
الصالحة،
واشباع
حاجاته
المادية
والمعنوية
في فترة
الحضانة.
3
ـ يجب على
الوالدين
تعليم الطفل
معرفة الله
تعالى،
وتعميق
الايمان في
قلبه
وجوارحه،
وتعليمه
سائر أصول
الدين
ليترعرع على
الايمان
بالله
وبرسوله
وبالأئمة
عليهم
السلام
وبيوم
القيامة،
ليكون
الايمان
عوناً له في
تهذيب نفسه
في الحاضر
والمستقبل.
قال
رسول الله
صلى الله
عليه وآله
وسلم: «
أدّبوا
أولادكم على
ثلاث خصال:
حبّ نبيكم،
وحبّ أهل
بيته،
وقراءة
القرآن »[27].
ويجب
تربية
الأطفال على
طاعة
الوالدين.
4
ـ ويجب
الاحسان إلى
الأبناء في
هذه المرحلة
وتكريمهم من
أجل تعميق
أواصر الحبّ
بينهم وبين
الوالدين،
وذلك ضروري
في كمالهم
اللغوي
والعقلي
والعاطفي
والاجتماعي،
فالطفل يقلد
من يحبّه،
ويتقبّل
التعليمات
والنصائح
والأوامر
ممّن يحبّه.
والمنهج
الإسلامي في
التعامل مع
الأبناء
يؤكد على
التوازن بين
اللين
والشدة في
التربية،
ويؤكد على
العدالة بين
الأطفال في
الحبّ
والتقدير
وفي العطاء
واشباع
الحاجات لكي
يترعرعوا
متحابين
متآزرين لا
عداء بينهم
ولا شحناء
ولا تقاطع
ولا تدابر.
ويجب
على
الوالدين
وقاية
الابناء من
الانحراف
الجنسي
والانحراف
السلوكي،
وتنمية
عواطفهم
اتجاه
الأعمال
الصالحة،
وتوجيهها
توجيهاً
سليماً يقوم
على أساس
المنهج
الاسلامي في
التربية
والسلوك.
ويجب
الاهتمام
بالطفل
اليتيم
ورعايته
رعاية حسنة
لكي يكون
رجلاً
صالحاً في
المستقبل.
الفصل
الرابع
الخلافات
الزوجية
الخلافات
بين الزوجين
تخلق في
الاُسرة
أجواء
متوترة
ومتشنجة
تهدد
استقرارها
وتماسكها،
وقد تؤدي إلى
انفصام
العلاقة
الزوجية
وتهديم
أركان
الاُسرة،
وهي عامل قلق
لجميع أفراد
الاُسرة بما
فيهم
الأطفال،
ولها
تأثيراتها
السلبية على
المجتمع
أيضاً، لأنّ
الخلافات
الدائمة
تزرع القلق
في النفوس،
والاضطراب
في التفكير
والسلوك،
فتكثر
التعقيدات
والاضطرابات
النفسية في
أوساط
المنحدرين
من أُسر
مفككة بسبب
كثرة
الخلافات
والتشنجات،
فتنعدم فيهم
الثقة
بالنفس
وبالمجتمع،
لذا حثّ
الإسلام على
إنهاء
الخلافات
الزوجية
وإعادة
التماسك
الاُسري،
قال تعالى: ( وإن
امرأةٌ خافت
مِن بَعلِها
نُشُوزاً أو
إعراضاً فلا
جُناحَ
عليهِما أن
يُصلِحا
بَينَهُما
صُلحاً
والصُّلحُ
خيرٌ... )[28].
وأمر
القرآن
الكريم
الزوج
بالمعاشرة
بالمعروف
فقال: (...
وَعَاشِرُوهنَّ
بالمعرُوفِ
فإن
كَرِهتُموهنَّ
فعسى أن
تَكرَهُوا
شيئاً
وَيَجعَل
اللهُ فيه
خَيراً
كثيراً)[29].
وحذّر
الإسلام من
الطلاق
وإنهاء
العلاقة
الزوجية،
قال الإمام
جعفر الصادق
عليه السلام:
« ما من شيء
ممّا أحلّه
الله عزَّ
وجلَّ أبغض
إليه من
الطلاق،
وإنّ الله
يبغض
المطلاق
الذوّاق »[30].
وقال
عليه السلام:
« إنّ الله
عزَّ وجلَّ
يحبُّ البيت
الذي فيه
العرس،
ويبغض البيت
الذي فيه
الطلاق، وما
من شيءٍ أبغض
إلى الله
عزَّ وجلَّ
من الطلاق»[31].
وإذا
لم تنفع جميع
محاولات
الاصلاح
وإعادة
العلاقات
إلى
مجاريها،
وإذا لم
تتوقف
المشاكل
والتوترات
إلاّ
بالطلاق،
فقد يكون
الطلاق
سعادة لكلا
الزوجين،
ومع ذلك فقد
منح الإسلام
الفرصة
للعودة إلى
التماسك
الاُسري،
فأعطى للزوج
حق العودة
أثناء العدة
دون عقد
جديد، وبعد
العدة بعقد
جديد، وجعل
له حق العودة
بعد الطلاق
الأول
والثاني،
وفيما يلي
نستعرض
المواقف
والمظاهر
المتعلقة
بالخلافات
الزوجية.
الشقاق
والنشوز:
إذا
حدث الشقاق،
وضع الإسلام
أُسساً
وقواعد
موضوعية
لانهائه في
مهده، أو
التخفيف من
وطأته على
كلا
الزوجين،
فإذا كانت
الزوجة هي
المسببة
للشقاق
والنشوز
بعدم طاعتها
للزوج وعدم
احترامه،
فللزوج حق
استخدام بعض
الأساليب
كالوعظ
أولاً،
والهجران
ثانياً،
والضرب
الرقيق
أخيراً[32].
قال
تعالى: (... واللاتي
تَخافُونَ
نُشُوزهُنَّ
فَعِظُوهنَّ
واهجرُوهُنَّ
في
المضَاجعِ
واضرِبُوهُنَّ
فإن
أطعنَكُم
فلا تَبغُوا
عَليهِنَّ
سبيلاً إنّ
اللهَ كانَ
عَليّاً
كبيراً)[33].
ثم
تأتي
المرحلة
الثانية وهي
مرحلة السعي
في المصالحة
ببعث حكم من
أهل الزوج
وحكم من أهل
الزوجة، كما
جاء في قوله
تعالى: ( وإن
خِفتُم
شِقَاقَ
بَينهما
فابعثُوا
حَكماً من
أهلهِ
وحَكماً من
أهلِها إن
يُريدا
إصلاحاً
يوفِّقِ
اللهُ
بينهما إنَّ
الله كان
عَلِيماً
خَبِيراً
)[34].
وينبغي
على الحكمين
مراجعة
الزوج
والزوجة قبل
بدء
التشاور،
فان جعلا
إليهما
الاصلاح
والطلاق،
انفذوا ما
رأياه
صلاحاً من
غير مراجعة،
وإن رأيا
التفريق
بينهما
بطلاق أو
خلع، لا يحق
لهما امضاء
ذلك إلاّ بعد
مراجعة
الزوجين[35].
قال
الإمام جعفر
الصادق عليه
السلام: « ليس
للحكمين أن
يفرقا حتى
يستأمرا
الرجل
والمرأة،
ويشترطا
عليهما إن
شئنا جمعنا،
وإن شئنا
فرّقنا، فان
جمعا فجائز،
وإن فرّقا
فجائز »[36].
ويجوز
للحاكم
الشرعي أن
يبعث
الحكمين من
غير أهلهما[37].
ومهما
اتفق
الحكمان فلا
يجوز الفصل
بين الزوجين
في حال غياب
أحدهما[38].
وإن
كان أحد
الزوجين
مغلوباً على
عقله بطل حكم
الشقاق[39].
وفي
جميع مراحل
عمل الحكمين
يستحبُّ
لهما
الاصلاح إن
أمكن ذلك،
لعموم أدلة
بغض الطلاق
وكراهيته من
قبل الله
تعالى.
ومن
الأفضل
اختيار
الحكمين على
أساس العلم
والتقوى
والكفاءة في
مواجهة
الاُمور،
والقدرة على
استيعاب
المواقف
المتشنجة،
والصبر
عليها، وأن
يقولا الحقّ
ولو على
أنفسهما.
وينبغي
على الحكمين
أن يمنحا
الفرص
المتاحة
لاعادة مسار
العلاقات
الزوجية إلى
حالتها قبل
الشقاق
والنشوز،
وإن طالت مدة
الاصلاح
والمفاوضات
المتقابلة.
الايلاء:
الايلاء:
هو حلف الزوج
على أن لا
يطأ زوجته[40].
والايلاء
مظهر من
مظاهر
الانحراف عن
الفطرة، وهو
مقدمة من
مقدمات
التنافر
والتدابر
بين الزوجين.
وليس
أمام الزوجة
إزاء هذه
الحالة إلاّ
أحد خيارين؛
إمّا الصبر
على ذلك
حفاظاً على
كيان
الاُسرة من
التفكك،
وإمّا
اللجوء إلى
الحاكم
الشرعي، فإن
رفعت
خصومتها
إليه أنظر
الحاكم
زوجها أربعة
أشهر
لمراجعة
نفسه في ذلك،
فان أبى
الرجوع
والطلاق
جميعاً حبسه
الحاكم
وضيّق عليه
في المطعم
والمشرب،
حتى يفيء إلى
أمر الله
تعالى
بالرجوع إلى
معاشرة
زوجته أو
طلاقها[41].
قال
تعالى: ( لّلِّذينَ
يُؤلُونَ
مِن
نِّسائِهم
تَربُّصُ
أربعةِ
أشهُرٍ فإن
فاءُوا فإنّ
اللهَ
غَفُورٌ
رَّحيمٌ *
وإن عَزمُوا
الطَّلاقَ
فإنّ اللهَ
سميعٌ عليمٌ
)[42].
وقال
الإمام جعفر
الصادق عليه
السلام: « إذا
آلى الرجل أن
لا يقرب
امرأته
ولايمسها
ولا يجمع
رأسه
ورأسها، فهو
في سعة ما لم
تمضِ
الأربعة
أشهر، فإذا
مضت الأربعة
أشهر وقف،
فإمّا أن
يفيء
فيمسّها،
وإمّا أن
يعزم على
الطلاق
فيخلّي
عنها، حتى
إذا حاضت
وتطهّرت من
حيضها
طلّقها
تطليقة قبل
أن يجامعها
بشهادة
عدلين، ثمّ
هو أحقّ
برجعتها ما
لم تمضِ
الثلاثة
أقراء »[43].
اللعان:
إذا
قذف الرجل
زوجته
الحرّة
بالفجور،
وادّعى أنّه
رأى معها
رجلاً
يطأها، فان
لم يأتِ
بشهود
أربعة،
لاعَنَ
الزوجة[44].
والذي
يوجب اللعان
أن يقول:
رأيتك
تزنين؛
ويضيف
الفاحشة
منها إلى
مشاهدته، أو
ينفي ولداً
أو حملاً[45].
أمّا
إذا قال لها:
يا زانية؛
ولم يدّعِ
المشاهدة،
فلا لعان
بينهما،
وإنّما يكون
الزوج
قاذفاً[46].
قال
الإمام
الصادق عليه
السلام: « لا
يكون لعان
حتى يزعم
أنّه قد عاين
»[47].
وصيغة
الملاعنة
كما ورد في
القرآن
الكريم: ( والّذينَ
يَرمُونَ
أزواجَهُم
ولم يَكُن
لهم شُهداءَ
إلاّ
أنفُسُهُم
فَشهادةُ
أحدِهِم
أربَعُ
شَهاداتٍ
باللهِ
إنّهُ لَمنَ
الصَّادِقينَ
*
والخَامِسةُ
أنَّ لَعنتَ
اللهِ عليه
إن كان مِنَ
الكاذِبينَ *
وَيَدرَؤا
عنها
العذابَ أن
تَشهدَ
أربعَ
شَهاداتٍ
باللهِ
إنَّهُ
لمِنَ
الكاذبينَ *
والخامسةَ
أنَّ غَضَبَ
اللهِ عليها
إن كانَ مِن
الصَّادِقين
)[48].
فيقول
له الحاكم
قُل: (أشهدُ
بالله إنّي
لمن
الصادقين
فيمن ذكرته
عن هذه
المرأة من
الفجور).
ويكرر
ذلك أربع
مرّات، فإن
رجع عن قوله،
جلده حدّ
المفتري
ثمانين
جلدة، وردّ
امرأته عليه.
وإن
أصرّ على ما
ادّعاه، قال
له قل: (إنّ
لعنة الله
عليَّ ان كنت
من الكاذبين).
ويقول
الحاكم
لزوجته قولي:
(أشهدُ بالله
إنّه لمن
الكاذبين
فيما رماني
به) وتكرّر
القول أربع
مرات.
وتقول
في الخامسة: (إنّ
غضب الله
عليَّ إن كان
من الصادقين).
فإذا
قالت الزوجة
ذلك، فرَّق
الحاكم
بينهما، ولم
تحلّ له
أبداً، وقضت
منه العدّة
منذ تمام
لعانها له[49].
أمّا
إذا كانت
الزوجة
خرساء، فرّق
بينهما،
وأقيم عليه
الحدّ، ولا
تحلّ له
أبداً، ولا
لعان بينهما[50].
|