الفصل
الثالث
الحقوق
الاُسرية
وضع المنهج
الإسلامي
حقوقاً
وواجبات على
جميع أفراد
الاُسرة،
وأمر
بمراعاتها
من أجل إشاعة
الاستقرار
والطمأنينة
في أجواء
الاُسرة،
والتقيّد
بها يسهم في
تعميق
الأواصر
وتمتين
العلاقات،
وينفي كل
أنواع
المشاحنات
والخلافات
المحتملة،
والتي تؤثر
سلباً على
جوّ
الاستقرار
الذي يحيط
بالاُسرة،
وبالتالي
تؤثر على
استقرار
المجتمع
المتكون من
مجموعة من
الاُسر.
أولاً: حقوق
الزوج:
من
أهمّ حقوق
الزوج حقّ
القيمومة،
قال الله
تعالى: (
الرِجالُ
قوّامُونَ
على
النِّساءِ
بما فَضّلَّ
اللهُ
بَعضهُم على
بَعضٍ وبما
أنفقُوا مِن
أموالِهم )[1].
فالاُسرة
باعتبارها
أصغر وحدة في
البناء
الاجتماعي
بحاجة إلى
قيّم ومسؤول
عن أفرادها
له حقّ
الاشراف
والتوجيه
ومتابعة
الأعمال
والممارسات،
وقد أوكل
الله تعالى
هذا الحق إلى
الزوج،
فالواجب على
الزوجة
مراعاة هذا
الحق
المنسجم مع
طبيعة
الفوارق
البدنية
والعاطفية
لكلٍّ من
الزوجين،
وأن تراعي
هذه
القيمومة في
تعاملها مع
الأطفال
وتشعرهم
بمقام
والدهم.
ومن
الحقوق
المترتبة
على حق
القيمومة حق
الطاعة، قال
رسول الله
صلى الله
عليه وآله
وسلم: « أن
تطيعه ولا
تعصيه، ولا
تصدّق من
بيتها شيئاً
إلاّ باذنه،
ولاتصوم
تطوعاً إلاّ
باذنه، ولا
تمنعه
نفسها، وإن
كانت على ظهر
قتب،
ولاتخرج من
بيتها إلاّ
بإذنه... »[2].
حتى
إنّه ورد
كراهة إطالة
الصلاة من
قبل المرأة
لكي تتهرب من
زوجها، قال
رسول الله
صلى الله
عليه وآله
وسلم: « لا
تطوّلن
صلاتكن
لتمنعنَّ
أزواجكن »[3].
ويجب
عليها احراز
رضاه في
أدائها
للأعمال
المستحبة،
فلا يجوز لها
الاعتكاف
المستحب
إلاّ باذنه[4]،
ولا يجوز لها
أن تحجّ
استحباباً
إلاّ باذنه،
وإذا نذرت
الحج بغير
إذنه لم
ينعقد نذرها[5].
ومن
أجل تعميق
العلاقات
العاطفية
وإدامة
الروابط
الروحية
وادخال
السرور
والمتعة في
نفس الزوج،
يستحب
للمرأة
الاهتمام
بمقدمات
ذلك، فعن
الإمام
الصادق عليه
السلام قال: «
جاءت امرأة
إلى رسول
الله صلى
الله عليه
وآله وسلم
فقالت: يا
رسول الله،
ما حقّ الزوج
على المرأة؟
قال: أكثر من
ذلك، فقالت:
فخبّرني عن
شيء منه فقال:
ليس لها أن
تصوم إلاّ
باذنه ـ يعني
تطوعاً ـ ولا
تخرج من
بيتها إلاّ
باذنه،
وعليها أن
تطّيّب
بأطيب
طيبها،
وتلبس أحسن
ثيابها،
وتزيّن
بأحسن
زينتها،
وتعرض نفسها
عليه غدوة
وعشية وأكثر
من ذلك حقوقه
عليها »[6].
ويستحب
لها كما يقول
الإمام علي
بن الحسين
عليه السلام:
«.. إظهار
العشق له
بالخلابة
والهيئة
الحسنة لها
في عينه »[7].
وفي
رواية (جاء
رجل إلى رسول
الله صلى
الله عليه
وآله وسلم
فقال: إنّ لي
زوجة إذا
دخلت
تلقتني،
وإذا خرجت
شيّعتني،
وإذا رأتني
مهموماً
قالت:
مايهمّك، إن
كنت تهتم
لرزقك فقد
تكفّل به
غيرك، وإن
كنت تهتمّ
بأمر آخرتك
فزادك الله
همّاً، فقال
رسول الله
صلى الله
عليه وآله
وسلم: « بشرها
بالجنة، وقل
لها: إنّك
عاملة من
عمّال الله،
ولك في كلِّ
يوم أجر
سبعين
شهيداً ».
وفي
رواية: « إنّ
لله عزَّ
وجلَّ
عمّالاً،
وهذه من
عمّاله، لها
نصف أجر
الشهيد »[8].
ويحرم
على الزوجة
أن تعمل ما
يسخط زوجها
ويؤلمه في ما
يتعلق
بالحقوق
العائدة
إليه،
كادخال بيته
من يكرهه، أو
سوء خُلقها
معه، أو
اسماعه
الكلمات
المثيرة
وغير
اللائقة.
قال
رسول الله
صلى الله
عليه وآله
وسلم: « أيّما
امرأة آذت
زوجها
بلسانها لم
يقبل منها
صرفا ولا
عدلاً ولا
حسنة من
عملها حتى
ترضيه »[9].
وقال
الإمام جعفر
الصادق عليه
السلام: «
أيّما امرأة
باتت وزوجها
عليها ساخط
في حقّ، لم
تقبل منها
صلاة حتى
يرضى عنها،
وأيّما
امرأة
تطيّبت لغير
زوجها، لم
تقبل منها
صلاة حتى
تغتسل من
طيبها،
كغسلها من
جنابتها »[10].
ويحرم
على الزوجة
أن تهجر
زوجها دون
مبرر شرعي[11]،
قال رسول
الله صلى
الله عليه
وآله وسلم: «
أيّما امرأة
هجرت زوجها
وهي ظالمة
حشرت يوم
القيامة مع
فرعون
وهامان
وقارون في
الدرك
الأسفل من
النار إلاّ
أن تتوب
وترجع »[12].
ومن
أجل
الحيلولة
دون تمادي
الزوجة غير
المطيعة في
ارتكاب
الممارسات
الخاطئة
التي تخلق
أجواء
التوتر في
الاُسرة،
جعل الإسلام
للزوج حق
استخدام
العقوبات
المؤدبة لها
إذا لم ينفع
معها الوعظ
والارشاد،
وتندرج
العقوبة من
الأخف أولاً
ثم الأشد
ثانياً حسب
حال المرأة
ومقدار
نشوزها
واعراضها
وعدم طاعتها
بعد بذل
النصيحة
والموعظة،
قال الله
تعالى: (... واللاتي
تَخافُونَ
نُشُوزَهُنَّ
فَعِظُوهنَّ
واهجُرُوهُنَّ
في المضاجعِ
واضرِبُوهُنَّ
فإنَّ
أطعنّكُم
فلا تَبغُوا
عَليهنَّ
سَبيلاً...)[13].
فتجوز
له العقوبة
إذا منعته من
نفسها،
وتسلّطت
عليه بالقول
أو الفعل،
فيبدأ
بوعظها
وتخويفها من
الله تعالى،
فإن أثّر ذلك
وإلاّ هجرها
بالاعراض
عنها في
مدخله
ومخرجه
ومبيته من
غير اخلال
بما يحفظ
حياتها من
غذاء ولباس،
فان أثّر ذلك
وإلاّ ضربها
ضرباً غير
مبرّح، وإن
خرجت من
منزله بغير
إذنه أو
باذنه
وامتنعت عن
الرجوع إليه
فله ردّها،
وإن أبت فله
تأديبها
بالاعراض
عنها وقطع
الانفاق[14].
وأكدت
الروايات
على مراعاة
حق الزوج،
واتّباع
الأساليب
الشيّقة في
ادامة أواصر
الحبّ
والوئام،
وخلق أجواء
الانسجام
والمعاشرة
الحسنة داخل
الاُسرة،
فجعل الإمام
الباقر عليه
السلام حسن
التبعل
جهاداً
للمرأة فقال
عليه السلام:
« جهاد
المرأة حسن
التبعل »[15].
ولأهمية
مراعاة هذا
الحق قال
رسول الله
صلى الله
عليه وآله
وسلم: « لا
تؤدي المرأة
حقّ الله
عزَّ وجلَّ
حتى تؤدي حقّ
زوجها »[16].
وذكر
صلى الله
عليه وآله
وسلم طاعة
الزوج في
سياق ذكره
لسائر
العبادات
والطاعات
التي توجب
دخول الجنة،
حيث قال: « إذا
صلّت المرأة
خَمسها،
وصامت
شهرها،
وأحصنت
فرجها،
وأطاعت
بعلها،
فلتدخل من
أيّ أبواب
الجنة شاءت »[17].
ووضع
رسول الله
صلى الله
عليه وآله
وسلم وأهل
بيته عليهم
السلام
منهجاً في
العلاقات
بين الزوجين
يعصم الحياة
الزوجية من
التصدّع
والاضطراب،
فأكد على
الزوجة أن لا
تكلف زوجها
مالا يطيق في
أمر النفقة،
وهو أمر يسبب
كثيراً من
المتاعب في
الحياة
الزوجية
ويضرّ
بصفوها
وانسجامها.
قال
صلى الله
عليه وآله
وسلم: « أيّما
امرأة أدخلت
على زوجها في
أمر النفقة
وكلّفته ما
لا يطيق، لا
يقبل الله
منها صرفاً
ولا عدلاً
إلاّ أن تتوب
وترجع وتطلب
منه طاقته »[18].
وحث
صلى الله
عليه وآله
وسلم المرأة
على اصلاح
شؤون البيت
واستقبال
الزوج بأحسن
استقبال
فقال: « حقّ
الرجل على
المرأة
إنارة
السراج،
واصلاح
الطعام، وان
تستقبله عند
باب بيتها
فترحب به،
وأن تقدّم
إليه الطشت
والمنديل... »[19].
ويستحب
للزوجة أن
تكسب رضا
الزوج وتنال
مودته، قال
الامام جعفر
الصادق عليه
السلام: « خير
نسائكم التي
إن غضبت أو
أغضبت قالت
لزوجها: يدي
في يدك لا
أكتحل بغمضٍ
حتى ترضى عني
»[20].
وجعل
الإمام محمد
الباقر عليه
السلام رضا
الزوج على
زوجته
شفيعاً لها
عند الله
تعالى، فقال:
« لا شفيع
للمرأة أنجح
عند ربّها من
رضا زوجها،
ولمّا ماتت
فاطمة عليها
السلام قام
عليها أمير
المؤمنين
عليه السلام
وقال: اللهمّ
إنّي راضٍ عن
ابنت نبيك،
اللهمّ
إنّها قد
أوحشت
فآنسها »[21].
ومن
أجل التغلب
على المشاكل
المعكّرة
لصفو المودة
والوئام،
يستحب
للزوجة أن
تصبر على أذى
الزوج، فلا
تقابل الأذى
بالأذى
والاساءة
بالاساءة؛
لأنّ ذلك من
شأنه أن يغمر
أجواء
الاُسرة
بالتوترات
الدائمة
والمشاكل
التي لا
تنقضي،
والصبر هو
الاُسلوب
القادر على
ايصال
العلاقات
الى
الانسجام
التام بعودة
الزوج إلى
سلوكه
المنطقي
الهادىء،
فلا يبقى له
مبرر
للاصرار على
سلوكه غير
المقبول،
قال الإمام
الباقر عليه
السلام: «
وجهاد
المرأة أن
تصبر على ما
ترى من أذى
زوجها
وغيرته »[22].
ومن
آثار مراعاة
الزوجة
لحقوق الزوج
في الوسط
الاُسري أن
تصبح له
مكانة
محترمة في
نفوس
أبنائه،
فيحفظون له
مقامه،
ويؤدون له حق
القيمومة
فيطيعون
أوامره،
ويستجيبون
لارشاداته
ونصائحه،
فتسير
العملية
التربوية
سيراً
متكاملاً،
ويعمّ
الاستقرار
والطمأنينة
جوّ الاُسرة
بأكمله،
وتنتهي جميع
ألوان
وأنواع
المشاحنات
والتوترات
المحتملة.
ثانياً:
حقوق الزوجة:
وضع
الإسلام
حقوقاً
للزوجة يجب
على الزوج
تنفيذها
وأداءها،
وهي ضرورية
لاشاعة
الاستقرار
والاطمئنان
في أجواء
الاُسرة،
وإنهاء
أسباب
المنافرة
والتدابر
قبل وقوعها.
ومن
حقوق الزوجة
على زوجها:
حق النفقة،
حيث جعله
الله تعالى
من الحقوق
التي يتوقف
عليها حقّ
القيمومة
للرجل، كما
جاء في قوله
تعالى: (
الرِجالُ
قوّامُونَ
على
النِّساءِ
بما فَضّلَّ
اللهُ
بَعضهُم على
بَعضٍ وبما
أنفقُوا مِن
أموالِهم )[23].
فيجب
على الزوج
الانفاق على
زوجته،
وشدّد رسول
الله صلى
الله عليه
وآله وسلم
على هذا
الواجب حتى
جعل المقصّر
في أدائه
ملعوناً،
فقال صلى
الله عليه
وآله وسلم: «
ملعون ملعون
من يضيّع من
يعول »[24].
والنفقة
الواجبة هي
الاطعام
والكسوة
للشتاء
والصيف وما
تحتاج إليه
من الزينة
حسب يسار
الزوج[25].
والضابط
في النفقة
القيام بما
تحتاج إليه
المرأة من
طعام وأداء
وكسوة وفراش
وغطاء
واسكان
واخدام
وآلات تحتاج
إليها
لشربها
وطبخها
وتنظيفها[26].
ويقدم
الاطعام
والاكساء
على غيره من
أنواع
النفقة، قال
رسول الله
صلى الله
عليه وآله
وسلم: « حقّ
المرأة على
زوجها أن
يسدَّ
جوعتها، وأن
يستر
عورتها، ولا
يقبّح لها
وجهاً، فإذا
فعل ذلك أدّى
والله حقّها
»[27].
والنفقة
هي ملك شخصي
للزوجة، فلو
دفع لها
الزوج
نفقتها ليوم
أو اسبوع أو
شهر، وانقضت
المدة ولم
تصرفها على
نفسها بأن
أنفقت من
غيرها، أو
أنفق عليها
أحد بقيت
ملكاً لها[28].
ولو مضت
أيام ولم
ينفق الزوج
عليها
اشتغلت ذمته
بنفقة تلك
المدة سواء
طالبته بها
أو سكتت عنها[29].
ولضرورة
هذا الحق جعل
الاسلام
للحاكم
الشرعي ـ وهو
الفقيه
العادل ـ
صلاحية
إجبار الزوج
على النفقة،
فإن امتنع
كان له حق
التفريق
بينهما[30]،
قال الإمام
جعفر الصادق
عليه السلام:
« إذا أنفق
الرجل على
امرأته
مايقيم
ظهرها مع
الكسوة،
وإلاّ فرّق
بينهما »[31].
ولا
تسقط النفقة
حتى في حال
الطلاق، فما
دامت
المطلقة في
عدتها فعلى
الزوج
الانفاق
عليها،
وتسقط
نفقتها في
حال الطلاق
الثالث، قال
الإمام محمد
الباقر عليه
السلام: «
إنَّ
المطلقة
ثلاثاً ليس
لها نفقة على
زوجها،
إنّما هي
للتي لزوجها
عليها رجعة »[32]،
إلاّ الحامل
فإنّها
تستحقُّ
النفقة بعد
الطلاق
الثالث[33].
قال
الإمام
الصادق عليه
السلام: « إذا
طلّق الرجل
المرأة وهي
حبلى، أنفق
عليها حتى
تضع.. »[34].
وتسقط
النفقة في
حال عدم
التمكين
للزوج، ولا
تسقط إن كان
عدم التمكين
لعذر شرعي أو
عقلي من حيض
أو إحرام أو
اعتكاف واجب
أو مرض[35].
وتسقط
النفقة إن
خرجت بدون
إذن زوجها،
قال رسول
الله صلى
الله عليه
وآله وسلم: «
أيّما امرأة
خرجت من
بيتها بغير
إذن زوجها
فلا نفقة لها
حتى ترجع »[36].
وحثّ
الإسلام على
اتخاذ
التدابير
الموضوعية
للحيلولة
دون وقوع
التدابر
والتقاطع،
فدعا إلى
توثيق روابط
المودّة
والمحبة
وأمر
بالعشرة
بالمعروف،
قال الله
تعالى: (...
وعَاشرُوهنَّ
بالمعرُوفِ
فإنّ
كَرِهتُمُوهُنَّ
فَعَسى أن
تَكرهوا
شَيئاً
ويجعل اللهُ
فيهِ خيراً
كثيراً )[37].
ومن
مصاديق
العشرة
بالمعروف
حسن الصحبة،
قال الإمام
علي بن أبي
طالب عليه
السلام في
وصيته لمحمد
بن الحنفية: «
إنَّ المرأة
ريحانة
وليست
بقهرمانة،
فدارها على
كلِّ حال،
وأحسن
الصحبة لها،
فيصفو عيشك »[38]
ومن
حقها أن
يتعامل
زوجها معها
بحسن الخلق،
وهو أحد
العوامل
التي تُعمّق
المودة
والرحمة
والحب داخل
الاُسرة،
قال الإمام
علي بن
الحسين عليه
السلام: « لا
غنى بالزوج
عن ثلاثة
أشياء فيما
بينه وبين
زوجته، وهي:
الموافقة؛
ليجتلب بها
موافقتها
ومحبتها
وهواها،
وحسن خلقه
معها
واستعماله
استمالة
قلبها
بالهيئة
الحسنة في
عينها،
وتوسعته
عليها.. »[39].
ومن
حقها
الاكرام،
والرفق بها،
واحاطتها
بالرحمة
والمؤانسة،
قال الإمام
علي بن
الحسين عليه
السلام: «
وأمّا حقُّ
رعيتك بملك
النكاح، فأن
تعلم أن الله
جعلها سكناً
ومستراحاً
وأُنساً
وواقية،
وكذلك كلّ
واحد منكما
يجب أن يحمد
الله على
صاحبه،
ويعلم أن ذلك
نعمة منه
عليه، ووجب
أن يحسن صحبة
نعمة الله
ويكرمها
ويرفق بها،
وإن كان حقك
عليها أغلظ
وطاعتك بها
ألزم فيما
أحبّت وكرهت
ما لم تكن
معصية، فإنّ
لها حقّ
الرحمة
والمؤانسة
وموضع
السكون
إليها قضاء
اللذة التي
لابدّ من
قضائها.. »[40].
وقد
ركّز أهل
البيت عليهم
السلام على
جملة من
التوصيات من
أجل ادامة
علاقات الحب
والمودّة
داخل
الاُسرة،
وهي حق
للزوجة على
زوجها.
قال
رسول الله
صلى الله
عليه وآله
وسلم: « خيركم
خيركم
لنسائه،
وأنا خيركم
لنسائي »[41].
وقال
صلى الله
عليه وآله
وسلم: « من
اتخذ زوجة
فليكرمها »[42].
وقال
الإمام جعفر
الصادق عليه
السلام: « رحم
الله عبداً
أحسن فيما
بينه وبين
زوجته »[43].
وجاءت
توصيات
جبرئيل إلى
رسول الله
صلى الله
عليه وآله
وسلم مؤكدّة
لحق الزوجة
قال صلى الله
عليه وآله
وسلم: «
أوصاني
جبرئيل عليه
السلام
بالمرأة حتى
ظننت أنّه لا
ينبغي
طلاقها إلاّ
من فاحشة
مبيّنة »[44].
ونهى
صلى الله
عليه وآله
وسلم عن
استخدام
القسوة مع
المرأة،
وجعل من حق
الزوجة عدم
ضربها
والصياح في
وجهها، ففي
جوابه على
سؤال خولة
بنت الأسود
حول حق
المرأة قال: «
حقك عليه أن
يطعمك ممّا
يأكل،
ويكسوك ممّا
يلبس، ولا
يلطم ولا
يصيح في وجهك
»[45].
وقال
صلى الله
عليه وآله
وسلم: « خير
الرجال من
أُمتي الذين
لا يتطاولون
على أهليهم،
ويحنّون
عليهم، ولا
يظلمونهم »[46].
ومن
أجل تحجيم
نطاق
المشاكل
والاضطرابات
الاُسرية،
يستحسن
الصبر على
إساءة
الزوجة،
لأنّ ردّ
الاساءة
بالاساءة أو
بالعقوبة
يوسّع دائرة
الخلافات
والتشنجات
ويزيد
المشاكل
تعقيداً،
فيستحب
الصبر على
إساءة
الزوجة
قولاً كانت
أم فعلاً،
قال الامام
محمد الباقر
عليه السلام:
« من احتمل من
امرأته ولو
كلمة واحدة،
أعتق الله
رقبته من
النار،
وأوجب له
الجنّة »[47].
وحثّ
رسول الله
صلى الله
عليه وآله
وسلم الزوج
على الصبر
على سوء
أخلاق
الزوجة،
فقال: « من صبر
على سوء خلق
امرأته
أعطاه الله
من الأجر ما
أعطى أيوب
على بلائه »[48].
ولقد
ورد في سيرته
صلى الله
عليه وآله
وسلم أنّه
كان يصبر على
أذى زوجاته
وغضبهن
عليه
وهجرهن
إياه، فحري
بنا أن نقتدي
بسيرة سيّد
البشر صلى
الله عليه
وآله وسلم
لكي نتجنب
كثيراً من
حالات
التصدّع
والتفكك في
حياتنا
الزوجية،
ونحافظ على
سلامة
العلاقات
داخل محيط
الاُسرة.
عن
عمر بن
الخطاب قال:
غضبت على
امرأتي
يوماً، فإذا
هي تراجعني،
فانكرت أن
تراجعني،
فقالت: ما
تنكر من ذلك !
فو الله إنّ
أزواج النبي
صلى الله
عليه وآله
ليراجعنه
وتهجره
إحداهنّ
اليوم إلى
الليل[49].
وقال
عمر لحفصة
ابنته: أتغضب
احداكنّ على
النبي صلى
الله عليه
وآله اليوم
إلى الليل؟
قالت: نعم[50].
وكانت
سيرة أئمة
أهل البيت
عليهم
السلام
مثالاً
لسيرة جدهم
المصطفى صلى
الله عليه
وآله وسلم في
كل مفردات
العقيدة
والسلوك،
وهكذا كانت
في مسألة
الصبر على
أذى الزوجة
لأجل تقويم
سلوكها
واصلاحها،
فعن الإمام
جعفر الصادق
عليه السلام
قال: « كانت
لأبي عليه
السلام
امرأة،
وكانت
تؤذيه، وكان
يغفر لها »[51].
ومن
حقوق الزوجة
حق
المضاجعة،
فإذا حرمها
الزوج من ذلك
ـ كما هو
الحال في
الايلاء،
بأن يحلف أن
لا يجامع
زوجته ـ
فللزوجة حق
الخيار، إن
شاءت صبرت
عليه أبداً،
وإن شاءت
خاصمته إلى
الحاكم
الشرعي، حيث
يمهله لمدة
أربعة أشهر
ليراجع نفسه
ويعود إلى
مراعاة
حقها، أو
يطلقها، فان
أبى كليهما
حبسه الحاكم
وضيّق عليه
في المطعم
والمشرب حتى
يرجع إلى
زوجته، أو
يطلقها[52].
وإذا
تزوجت من رجل
على أنّه
سليم، فظهر
أنه عنّين
انتظرت به
سنة، فان
استطاع
مجامعتها
فتبقى على
زوجيتها،
وإن لم يستطع
كان لها
الخيار، فان
اختارت
المقام معه
على أنّه
عنّين لم يكن
لها بعد ذلك
خيار[53].
ولا
يجوز اجبار
المرأة على
الزواج من
رجل غير
راغبة فيه ـ
كما تقدم ـ.
وإن
كان للرجل
زوجتان،
فيجب عليه
العدل
بينهما[54].
ووضع
الإسلام
حدوداً في
العلاقات
الزوجية،
فلا يجوز
للزوج أن
يقذف زوجته،
فلو قذفها
جلد الحدّ[55].
|