.

.

النهاية

اللاحق

السابق

البداية

  الفهرست

 

استحباب الخطاب أثناء الخطبة:

أحكام خطبة المرأة ذات العدّة:

المهر والصداق:

حكم ما يأخذه الأب:

الأحكام العملية لبناء الاُسرة

صيغة العقد:

الاشهاد في العقد:

شروط العقد الذاتية والاضافية:

أولياء العقد:

المحلل والمحرم في النكاح:

 كراهية المباشرة في أوقات معينة:

 كراهية المباشرة في أحوال معينة:

 مستحبات المباشرة:

 
استحباب الخطاب أثناء الخطبة:
يستحبّ ذكر الله تعالى أثناء الخطبة، ليحصل الارتباط به تعالى في جميع الأحوال، ويكون ذلك انطلاقاً للالتزام بمفاهيم الإسلام وقيمه وتقريرها في واقع الحياة الزوجية، ليكون الوئام والحب والاُلفة والاُنس هو الحاكم على العلاقات بعد الزواج، والخطبة المسنونة المروية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هي كالتالي: « الحمدُ لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهدي الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل الله فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلاّ الله، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله، واتقوا الله الذي تسائلون به والأرحام، إنّ الله كان عليكم رقيباً، اتقوا الله حق تقاته ولا تموتنّ إلاّ وأنتم مسلمون، اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً، يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم، ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً »
[1].
أحكام خطبة المرأة ذات العدّة:
المرأة المطلقة طلاقاً رجعياً تعتبر ذات زوج، فللزوج حق الرجوع إليها في أثناء العدّة دون عقد جديد، وقد حكم الإسلام بحرمة التقدم لخطبتها، تعريضاً كانت أم تصريحاً، لأنّها ذات زوج
[2].
والتعريض هو أن يخاطب الرجل المرأة بكلام يحتمل فيه إرادة النكاح وغيره، مثل أن يقول لها: رُبّ راغب فيك، رُبّ حريص عليك، لا تبقين بلا زوج
[3].
والتصريح هو أن يخاطب الرجل المرأة خطاباً صريحاً لا يحتمل فيه غير إرادة النكاح، بأن يقول لها: إذا انقضت عدّتك تزوجتك
[4].
والإسلام حينما حرّم ذلك أراد أن يهذّب النفوس أولاً، وأن يصلح العلاقة الزوجية ثانياً، فالمرأة في العدة الرجعية تبقى في عصمة الزوجية، واحتمال رجوع الزوج إليها احتمالاً وارداً، فإذا خطبت من قبل الغير بالتعريض أو التصريح، فإن ذلك يؤدي إلى تشجيعها على عدم الرجوع إلى حياتها الزوجية، ولو علم زوجها أن أحداً تعرّض لها أو صرّح بالزواج منها أثناء العدّة، فإنّ ذلك يمنعه من الرجوع إليها.
أمّا المعتدّة عن الطلاق البائن فهي أجنبية عن زوجها، لا ترجع إليه إلاّ بعد أن تنكح زوجاً آخر، فيجوز لزوجها الأول أن يتزوجها بعقد جديد بعد طلاقها من الزوج الثاني، ففي هذه الحالة يكون التعريض لها جائز، فقد روي أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لفاطمة بنت قيس ـ المطلقة ثلاثاً ـ « إذا حللت فآذنيني »
[5].
أمّا التصريح لها بالخطبة فحرام، وكذا الحال في المعتدة عدة الوفاة، فيجوز التعريض بخطبتها، ويحرم التصريح
[6].
قال تعالى: (
ولا جنُاحَ عليكُم فيما عرَّضتُم بهِ مِن خِطبَة النِّسآءِ أو أكنَنتُم في أنفُسِكُم عَلِمَ اللهُ أنَّكُم ستَذكُرونَهُنَّ ولكن لا تُواعدوهُنَّ سِرّاً إلاّ أن تقُولُوا قولاً معروفاً ولا تَعزِمُوا عُقدَةَ النِّكاحِ حتَّى يَبلُغَ الكتابُ أجَلَهُ.. )[7].
المهر والصداق:
المهر هو منحة من الرجل إلى المرأة التي يريد الزواج منها، قال تعالى: (
وآتوا النساء صدقاتهنَّ نحلة )[8]. والنحلة هي (العطية من غير مثامنة)[9].
وجوّز الفقهاء أن يكون المهر تعليم سورة أو آية من القرآن، أو شيء من الحِكم والآداب
[10]، عملاً بما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أنّه زوّج لرجل لا يملك شيئاً، فقال له: « قد زوجتك على ما تحسن من القرآن، فعلمها إيّاه »[11].
وهذه المنحة هي حقّ للمرأة يبقى في ذمّة الرجل، عن عبدالحميد الطائي، قال: قلت لأبي عبدالله عليه السلام أتزوج المرأة وأدخل بها ولا أعطيها شيئاً؟ قال: « نعم، يكون ديناً عليك »
[12].
وسُئل عليه السلام عن رجل تزوج إمرأة ولم يفرض لها صداقها، ثم دخل بها، فقال: « لها صداق نسائها »
[13].
وعنه عليه السلام أنّه قال: « من أمهر مهراً ثم لا ينوي قضاءه، كان بمنزلة السارق »
[14].
وحرّم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نكاح الشغار وهو كما في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: « أن يقول الرجل للرجل: زوجني ابنتك حتى أُزوجك ابنتي، على أن لا مهر بيننا »
[15]، وذلك لأن في هذا النوع من الزواج امتهان للمرأة، وتجاوز على حقّها المشروع في المهر.
ومقدار المهر متروك لما يتراضى عليه الناس، وعن الإمام محمد الباقر عليه السلام أنّه قال: « الصداق ما تراضيا عليه قل أو كثر »
[16]. فليس له حدّ وإنّه يجوز (بالقليل والكثير)[17].
ويصح المهر في كلِّ ما يجوز كونه ذا قيمة، قلَّ أو كثر، من عين تباع ـ كالدار وواسطة النقل والكتاب ـ وعمل يعمله لها
[18]. وقد تقدم: أنّه يصح جعل تعليم القرآن أو الحِكَم أو الآداب مهراً للمرأة.
والمستحب في المهر التخفيف
[19]. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: « أفضل نساء أُمتي أصبحهنَّ وجهاً، وأقلهنَّ مهراً »[20].
حكم ما يأخذه الأب:
المهر حق للزوجة مختص بها، ولا يصح للأب أن يطلب شيئاً له من مهرها بنحو الالزام، وفي ذلك عدة أحكام
[21]:
1 ـ يصح للزوج أن يهب شيئاً مستقلاً للأب من غير دخله في المهر.
2 ـ ويصح للزوجة أن تهب شيئاً لأبيها برضاها.
3 ـ يحرم على الأب أن يأخذ من مهر ابنته شيئاً من دون رضاها.
4 ـ يحرم على الأب التصرف ببعض الأمتعة التي يسوقها الزوج إلى البنت بدون إذنها.
5 ـ يصح بذل مبلغ من المال للأب أو للأخ من أجل اقناع المرأة بالقبول على الزواج.

 

الفصل الثاني

الأحكام العملية لبناء الاُسرة

تبدأ العلاقة الزوجية شرعاً من حين العقد، وهو التعبير العلني عن الالتزام الجدي بمضمون محدّد اتجاه الطرف الآخر الذي يتعاقد معه.
صيغة العقد:
أجمع العلماء على توقف العقد على الايجاب والقبول اللفظيين، والايجاب: أن تقول الزوجة: (زوَّجتُكَ وأنكَحتُكَ نفسي على المهر المعلوم).
والقبول: أن يقول الزوج: (قَبِلتُ التزويج، أو قَبِلتُ النكاح).
ولا يكفي مجرد التراضي القلبي، ولا الكتابة، ولا الاشارة المفهمة لمن يستطيع النطق.
والعقد الصحيح يجب أن يكون باللغة العربية لمن يتمكّن منها، ويصح بغير العربية لغير المتمكن منها
[22].
وفي عصرنا الراهن تعارف الناس على اجراء العقد من قبل المأذون، فتيسر الأمر لجميع أبناء المجتمع.
الاشهاد في العقد:
الاشهاد في العقد سُنّة سنتها الشريعة الإسلامية، والتزم المسلمون بها، وتوارثوها جيلاً بعد جيل، وهي ليست شرطاً في صحة العقد
[23]. سُئل الإمام جعفر الصادق عليه السلام: في الرجل يتزوج بغير بيّنة، قال: « لا بأس »[24]. واستحباب الاشهاد والاعلان إنما سُنَّ من أجل إثبات الأنساب، والميراث، وايجاب النفقة، ودرء الحدود، وإزالة الشبهات[25].
سُئل الإمام جعفر الصادق عليه السلام: عن الرجل يتزوج المرأة بغير شهود، فقال عليه السلام: « لا بأس بتزويج البتَّة فيما بينه وبين الله، إنّما جعل الشهود في تزويج البتَّة من أجل الولد، لولا ذلك لم يكن به بأس »
[26].
وقال أيضاً: « إنّما جعلت البينات للنسب والمواريث »، وفي رواية أُخرى « والحدود »
[27].

شروط العقد الذاتية والاضافية:
1 ـ يشترط في صحة العقد رضا الزوجين واقعاً، فلو تظاهرت الزوجة بالكراهة مع العلم برضاها القلبي صحّ العقد، ولو تظاهرت بالرضا مع العلم بكراهتها واقعاً بطل العقد.

ولو أُكره الزوجان على العقد ثم رضيا بعد ذلك وأجازا العقد صحّ، وكذلك الحال في إكراه أحدهما، والأفضل اعادة العقد بعد الاجازة[28].
2 ـ لا يشترط أن يكون المجري لصيغة العقد ذكراً، فيجوز للمرأة أن تكون مجرية للعقد
[29]، ولكنّ ذلك مخالف للعرف، فلم نسمع أن امرأة قامت بذلك في مختلف المراحل الزمنية لمسيرة المسلمين.
3 ـ يجب الوفاء بالشروط الخارجة عن أصل العقد، فإذا اشترط أحد الزوجين على الآخر شروطاً خارجة عن أصل العقد وجب الوفاء بها، إن كانت شروطاً موافقة للشريعة، ولا يبطل العقد بعدم الوفاء
[30].
سُئل الإمام الصادق عليه السلام عن ذلك فقال: « يفي لها بذلك »
[31].
وإن شرطت أو شرطا شرطاً يخالف الشريعة فلا يصح الشرط، فلو شرطا عدم التوارث وعدم النفقة، فالشرط باطل
[32] لأنّه يخالف سنن التشريع.
أولياء العقد:
لا يجوز للصغيرة العقد على نفسها إلاّ باذن الأب والجد[33]، ولا يجوز للبالغة البكر غير الرشيدة أن تجري العقد إلاّ باذنهما، فإن عقدت بغير إذنهما خالفت السُنّة، وكان العقد موقوفاً على امضائهما[34].
قال الإمام جعفر الصادق عليه السلام: « لا تزوج ذوات الآباء من الأبكار إلاّ باذن آبائهن »
[35].
فللأب والجد ولاية على الصغيرة والبالغة غير الرشيدة، فهما أعرف منها بمصلحتها في اختيار الزوج والاقتران به، للتجربة التي عايشاها، ومعرفتهما بأحوال الناس ومدى أهليتهم للقيام بمسؤولية الاُسرة من الناحية المادية والمعنوية، وللحيلولة دون انسياق الفتاة وراء المخادعين والمنحرفين من الرجال.
وقد ترجح ولاية الجد على ولاية الأب، وإن سبق الأب إلى العقد لم يكن للجدّ اعتراض عليه
[36].
وإذا سبق أحدهما إلى العقد لم يكن للآخر فسخه
[37].
وتسقط الولاية في حالة منعهما البنت البالغة الرشيدة من الزواج بالأكفاء، فلها الحقّ أن تجري العقد بغير إذن منهما، ولم يكن لهما الفسخ
[38].
ولا ولاية لأحد على غير الباكر، ولكن يستحبّ لها أن تعقد باذنهما
[39] واستشارة الأب أو الجد وطلب إذنهما من القضايا المحبّبة لدى الشريعة ولدى العرف، لأنّ الزواج هو تعميق للعلاقات الاجتماعية بين الزوج والزوجة وأرحامهما، فليس من الحصافة أن تتزوج المرأة دون إذن من أبيها أو جدها أو كليهما، وكذا الحال في الرجل.
سُئل الإمام الصادق عليه السلام عن زواج غير الباكر، فقال: « هي أملك بنفسها، تولي أمرها من شاءت إذا كان كفواً بعد أن تكون قد نكحت زوجاً قبل ذلك »
[40].
ويجوز للباكر العقد على نفسها في حالة غيبة وليّها عنها
[41].
والغيبة هنا هي الغيبة الطويلة التي ينقطع بها الاتصال بين البنت وأبيها أو جدّها بحيث لا تستطيع الاستئذان، ومثال ذلك، سفر الولي إلى خارج البلاد، أو فقده، فليس من العقل أن تنتظر الفتاة وليّها المجهول الحال فترة زمنية تضر بحالها وهي بحاجة إلى الزواج.
المحلل والمحرم في النكاح:
وضع الإسلام قيوداً في تحليل وتحريم النكاح منسجمة مع الفطرة الانسانية وطبيعة الأواصر الاُسرية، فحرّم النكاح من أصناف النساء والرجال، قال تعالى: (
حُرِّمَت عَليكُم أُمَّهاتُكم وبَناتُكُم وأخواتُكُم وعمَّاتُكُم وخالاتُكُم وبناتُ الأخِ وبناتُ الأُختِ وأمهاتُكم اللاتي أرضَعنَكم وأخواتُكُم مِّنَ الرَّضاعةِ وأُمهاتُ نِسائِكُم ورَبائِبُكُم اللاتي في حُجُورِكُم مِن نِسائِكُم اللاتي دَخلتُم بِهنَّ فإن لم تكونُوا دخلتُم بِهنَّ فلا جُناحَ عليكُم وحَلائِلُ أبنائِكُم الذينَ مِن أصلابِكُم وأن تَجمعُوا بينَ الاُختينِ... )[42].
أولاً: المحرّم بالنسب:
يحرم الزواج من الأصناف التالية من النساء من جهة الأنساب
[43]:
1 ـ الاُم وإن علت كأُم الاُمّ.
2 ـ البنت وإن نزلت كبنت البنت.
3 ـ الاُخت وبناتها وإن نزلن.
4 ـ العمّة والخالة وإن علتا كعمّة العمّة وخالة الخالة.
5 ـ بنات الأخ وإن نزلن.
لا تُحرم زوجة العمّ وزوجة الخال على ابن الأخ وابن الاُخت في حال طلاقهما أو موتهما.
ولا يجوز للرجل أن يتزوج بنت أخت الزوجة أو بنت أخيها جمعاً بينهما وبين الخالة أو العمة إلاّ باذنهما، قال الإمام الباقر عليه السلام: « لا تتزوج على الخالة والعمّة ابنة الأخ وابنة الاُخت بغير إذنهما »
[44].
ويجوز للرجل أن يتزوج العمّة والخالة دون اذن ابنة أخيها وابنة اختها
[45].
ثانياً: المحرّم بالرضاع:
يحرم من الرضاع جميع ما يحرم من النسب
[46]، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: « يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب »[47].
حيث تصبح المرضعة أُمّاً للرضيع، وزوجها ـ صاحب اللبن ـ أباً له، وإخوتهما أخوالاً وأعماماً له، وأخواتهما خالات وعمات له، وأولادهما إخوة له، بعد توفر شروط التحريم من الرضاعة وهي
[48]:
1 ـ أن تكون مدة الرضاعة يوم وليلة، أو خمس عشرة رضعة مباشرة من الثدي، غير مفصولة برضاع آخر من مرضعة ثانية.
2 ـ أن يكون اللبن الذي يرتضعه الطفل منتسباً بتمامه إلى رجل واحد.
3 ـ عدم تجاوز الرضيع السنتين من العمر حال الرضاعة.
ولا يعتبر أخ وأُخت المرتضع ابناءً للمرتضعة، فيجوز لهما الزواج من أبنائها وبناتها.
ثالثاً: المحرّم بالمصاهرة:
ذكرت الآية المتقدمة حرمة الزواج من: زوجة الأب، وزوجة الابن، ومن عقد على امرأة ودخل بها فلا تحلّ له بنتها بنكاح أبداً
[49].
أمّا إذا لم يدخل بالاُمّ فيجوز له نكاح بنتها، وهو نصّ القرآن الكريم في الآية المتقدّمة، وقال الإمام علي عليه السلام: « إذا تزوج الرجل المرأة حرمت عليه ابنتها إذا دخل بالاُمّ، فإذا لم يدخل بالاُم فلا بأس أن يتزوج بالابنة »
[50].
وإذا عقد على البنت حرمت عليه أُمّها سواء دخل بها أم لم يدخل، قال الإمام عليه عليه السلام: « وإذا تزوج الابنة فدخل بها أو لم يدخل بها، حرمت عليه الاُمّ »
[51].
ومن عقد على امرأة حرمت على ابنه ولم تحل له أبداً، وكذلك تحرم معقودة الابن على الأب حرمة دائمة، ولا يشترط في جميع ذلك الدخول، فمجرد العقد يؤدي إلى الحرمة
[52].
رابعاً: المحرّم بسبب تجاوز القيود الشرعية:
الزواج في الإسلام رابطة مقدسة بين الرجل والمرأة، وهو مقدمة لتعميق أواصر الأخاء والتآزر والتعاون بين الاُسر، لذا حرّم الإسلام العلاقات الزوجية التي تؤدي إلى التنافر والتباغض مراعياً الفطرة الإنسانية وما ينسجم معها من علاقات.
فلو عقد الرجل على امرأة ذات زوج، حرمت عليه أبداً، إذا كان عالماً أنها ذات زوج، سواء دخل بها أم لم يدخل، فلا يجوز له العقد عليها ثانية بعد طلاقها من زوجها أو بعد موته.
ولا فرق في ذلك بأن كانت في عصمة زوجها أو في عدة لها من طلاق أو موت.
أمّا إذا كان جاهلاً بأنّها ذات زوج ولم يدخل بها، فإنّها تحلّ له بعد طلاقها من زوجها أو بعد موته، أما إذا دخل بها فتحرم حرمة أبدية
[53].
ومن زنى بامرأة ذات زوج أو ذات عدة حرمت عليه أبداً، فلا يجوز له الزواج منها بعد الطلاق أو بعد اتمام العدة
[54].
مراسيم الزواج:
من المتعارف عليه عند المسلمين هو إقامة مراسيم الزواج في اليوم الأول من أيام البدء الفعلي للعلاقات الزوجية بالدخول إلى بيت الزوجية، حيث يجتمع أهل الزوجين والأقارب والجيران والأصدقاء سويّة، وبذلك تتهيأ الفرصة للتعارف وتمتين العلاقات الاُسرية والاجتماعية، ومن السُنّة إقامة الوليمة في يوم الزفاف، وجمع الاخوان على الطعام وإظهار المسرّة، والشكر لله تعالى، والحمد على نعمه[55].
فحينما تزوج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ميمونة بنت الحارث، أولم عليها وأطعم الناس
[56]. ويستحب أن يكون الزفاف ليلاً، عن الإمام الرضا عليه السلام أنّه قال: « إنّ من السُنّة التزويج بالليل، لأنّ الله عزَّ وجلَّ جعل الليل سكناً، والنساء إنّما هنّ سكن »[57].
وقال الإمام جعفر الصادق عليه السلام: « زفّوا عرائسكم ليلاً، وأطعموا ضحىً
[58]».
ويستحبُّ للزوج أن يتجمّل ويتنظّف ويمسّ الطيب
[59].
ويستحبُّ تقديم شيء من المهر للزوجة، قبل الدخول
[60]، فالعطاء يدخل السرور على المرأة في بداية حياتها الزوجية.
ويستحبّ أن يكون الزوجان على طهارة، وأن يصليا ركعتين، ثم يحمدا الله تعالى، ويصليا على محمد وآله الطيبين الطاهرين
[61].

وحثّ الإسلام على الابتداء بالدعاء ليكون أول اتصال بين الزوج والزوجة اتصالاً معنوياً روحياً، وليس مجرد اتصال بهيمي جسدي، فيستحب الدعاء بادامة الحب والود: (اللهمّ ارزقني إلفها وودّها ورضاها بي، وأرضني بها، واجمع بيننا بأحسن اجتماع وأيسر ائتلاف، فإنّك تحبُّ الحلال وتكره الحرام)[62].
ويستحب الأخذ بناصيتها، ويستقبل بها القبلة، ويخلع خفّها، ويغسل رجلها إذا جلست، ويصب الماء في جوانب الدار
[63].
والالتزام بذلك يخلق جواً من الاطمئنان والاستقرار والهدوء في أول خطوات اللقاء، ويدفع ما في نفس الزوجة من دواعي القلق والاضطراب، خصوصاً وإن الزوجة تعيش في أول يوم من حياتها الزوجية حالة من الخوف والاضطراب النفسي، فإذا شاهدت مثل هذه الأعمال من صلاة ودعاء، فانها ستعيش في جوّ روحي يبدّد مخاوفها ويزيل اضطرابها، ويستحب للرجل حين الجماع أن يدعو: (اللهمّ ارزقني ولداً، واجعله تقياً زكياً، ليس في خلقه زيادة ولا نقصان، واجعل عاقبته إلى خير)
[64].
وهذا إيحاء للمرأة وللرجل بأنّ العلاقة الجنسية ليست مجرد إشباع للغريزة، وإنّما هي مقدمة للانجاب والتوالد، حيث يبتدء الجماع (ببسم الله الرحمن الرحيم)
[65]، فتكون ليلة الزفاف ليلة مباركة بذكر الله تعالى.
كراهية المباشرة في أوقات معينة:
يكره للزوج أن يباشر ويجامع زوجته في الأوقات التالية[66].
1 ـ ليلة الهلال باستثناء هلال شهر رمضان.
2 ـ ليلة النصف من الشهر، وليالي المحاق.
3 ـ يوم الكسوف وليلة الخسوف.
4 ـ وقت الزلازل والرياح السود والصفر.
5 ـ ما بين طلوع الفجر والشمس.
6 ـ ما بين غروب الشمس ومغيب الشفق، وما بعد الظهر.
7 ـ ليلة الأضحى، وليلة النصف من شعبان.
8 ـ بين الأذان والاقامة.
كراهية المباشرة في أحوال معينة:
يكره للزوج مجامعة زوجته عرياناً، وقائماً، ومستقبل القبلة ومستدبرها، وفي وجه الشمس إلاّ أن يرخي ستراً.
ويكره له أن يجامع زوجته قبل الاغتسال من احتلام له.
ويكره له أن يتكلم أثناء الجماع باستثناء الكلام بذكر الله تعالى
[67].
ويكره للرجل أن يجامع زوجته متخيلاً امرأة اُخرى، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: « لا تجامع امرأتك بشهوة امرأة غيرك، فإني أخشى أن قضي بينكما ولد أن يكون مخنثاً، مؤنثاً، مخبلاً »
[68].
مستحبات المباشرة:
يستحبّ للرجل غضّ البصر « ولا ينظرنَّ أحد في فرج امرأته، وليغضّ بصره عند الجماع، فإنّ النظر إلى الفرج يورث العمى في الولد »
[69]، ويستحب له أن يذكر الله تعالى، وأن يسأله أن يرزقه ذكراً سوياً، كما يستحب الغسل أو الوضوء بعد الجماع قبل أن يجامع مرة أُخرى[70].
وتستحب المداعبة والملاعبة
[71]؛ لأنّ ذلك يعمّق الود والحب، وينقل الجماع من صورته البهيمية إلى صورة إنسانية تتناسب مع طبائع الإنسان وعواطفه واحساساته.



[1]  المبسوط 4 : 195 .

[2]  المبسوط 4 : 217 . وجامع المقاصد 12 : 48 . وجواهر الكلام 30 : 119 .

[3]  المبسوط 4 : 218 .

[4]  المبسوط 4 : 218 .

[5] المبسوط 4 : 218 .

[6]  المبسوط 4 : 218 . وجواهر الكلام 30 : 120 .

[7]  سورة البقرة : 2 | 234 ـ 235 .

[8] سورة النساء : 4 | 4 .

[9]  الميزان في تفسير القرآن 4 : 169 .

[10] المقنعة : 508 . وجامع المقاصد 13 : 333 .

[11]  تهذيب الاحكام 7 : 354 ـ 355 .

[12]  الاستبصار 3 : 220 .

[13]  تهذيب الاحكام 7 : 362 .

[14]  الكافي 5 : 383 .

[15]  تهذيب الاحكام 7 : 355 . وجامع المقاصد 12 : 487 .

[16]  تهذيب الاحكام 7 : 353 .

[17]  الانتصار : 290 . وجواهر الكلام 31 : 3 .

[18]  الجامع للشرائع : 439 . وجواهر الكلام 31 : 4 .

[19]  المبسوط 4 : 273 . وجامع المقاصد 13 : 368 . وجواهر الكلام 31 : 47 .

[20]  تهذيب الاحكام 7 : 404 . وجامع المقاصد 12 : 12 .

[21]  مهذب الاحكام | السبزواري 25 : 156 ، مؤسسة المنار ، قم ، 1417 هـ . ونحوه في : جواهر الكلام 31 : 29 وما بعدها .

[22]  جامع المقاصد 12 : 67 . والصراط القويم : 199 . ومنهاج الصالحين | السيد السيستاني ، المعاملات ، القسم الثاني : 16 ـ 30 .

[23]  الانتصار : 281 . وجامع المقاصد 12 : 84 .

[24]  الكافي 5 : 387 .

[25]  المقنعة : 498 . وجواهر الكلام 29 : 40 .

[26]  الكافي 5 : 387 | 1 .

[27]  الكافي 5 : 387 .

[28]  منهاج الصالحين ، المعاملات : 20 .

[29]  مهذب الاحكام 24 : 226 .

[30]  الجامع للشرائع : 443 .

[31]  الكافي 5 : 402 | 2 .

[32]  الجامع للشرائع : 442 . وجواهر الكلام 31 : 95 وما بعدها .

[33]  السرائر 2 : 560 . ونحوه في جواهر الكلام 29 : 174 . والصراط القويم : 201 .

[34]  الكافي في الفقه : 292 . ونحوه في جواهر الكلام 29 : 182 ـ 183 .

[35]  تهذيب الاحكام 7 : 379 .

[36]  الانتصار : 287 . ونحوه في : جواهر الكلام 29 : 174 ، 209 .

[37]  جامع المقاصد 12 : 103 . والكافي في الفقه : 292 .

[38]  جامع المقاصد 12 : 127 . وجواهر الكلام 29 : 184 .

[39]  الكافي في الفقه : 293 ، والوسيلة الى نيل الفضيلة : 300 . ونحوه في جواهر الكلام 29 : 186 .

[40]  من لا يحضره الفقيه 3 : 397 .

[41]  الوسيلة إلى نيل الفضيلة : 299 .

[42]  سورة النساء : 4 | 23 .

[43]  جامع المقاصد 12 : 188 .

[44]  الاستبصار 3 : 177 . وجامع المقاصد 12 : 340 .

[45]  الانتصار : 278 . وجامع المقاصد 12 : 340 .

[46]  جامع المقاصد 12 : 196 . والمقنعة : 499 .

[47]  المقنعة : 499 .

[48]  جامع المقاصد 12 : 213 ـ 223 . وجواهر الكلام 29 : 264 وما بعدها . ومنهاج الصالحين ، المعاملات | القسم الثاني : 41 ـ 42 . والصراط القويم : 203 .

[49]  جامع المقاصد 12 : 282 . والمقنعة : 502 .

[50]  تهذيب الاحكام 7 : 273 .

[51]  المصدر السابق .

[52]  المقنعة : 502 . وجواهر الكلام 29 : 350 وما بعدها .

[53]  جامع المقاصد 12 : 306 . وتهذيب الأحكام 7 : 306 ـ 307 ، والانتصار : 264 . وجواهر الكلام 29 : 430 .

[54]  جامع المقاصد 12 : 314 . وجواهر الكلام 29 : 430 . والانتصار : 262 ، 264 .

[55]  المقنعة : 515 .

[56]  تهذيب الاحكام 7 : 409 .

[57]  تهذيب الاحكام 7 : 418 . وجامع المقاصد 12 : 15 ـ 19 .

[58]  تهذيب الأحكام 7 : 418 .

[59]  المقنعة : 515 .

[60]  الوسيلة إلى نيل الفضيلة : 298 .

[61]  تهذيب الاحكام 7 : 410 .

[62]  تهذيب الاحكام 7 : 410 ، ومكارم الأخلاق : 208 . وجواهر الكلام 29 : 43 .

[63]  الوسيلة إلى نيل الفضيلة : 313 . وجواهر الكلام 29 : 46 .

[64]  تهذيب الأحكام 7 : 411 ، ومكارم الأخلاق : 209 .

[65]  مكارم الأخلاق : 209 .

[66]  الوسيلة إلى نيل الفضيلة : 313 . وجامع المقاصد 12 : 22 . وجواهر الكلام 29 : 61 .

[67]  الوسيلة إلى نيل الفضيلة : 314 . وجواهر الكلام 29 : 60 .

[68]  مكارم الاخلاق : 209 . وجواهر الكلام 29 : 61 .

[69]  مكارم الأخلاق : 209 .

[70]  الوسيلة إلى نيل الفضيلة : 314 .

[71]  مكارم الاخلاق : 212 .

 

.

النهاية

اللاحق

السابق

البداية

  الفهرست