الرجاء

الرجاء

الرجاء هو انتظار محبوب تمهّدت أسباب حصوله، وقد ورد في القرآن بصيغ مختلفة مثل عدم القنوط وعدم اليأس من رحمة الله، وقد حثّت الروايات الواردة عن النبي الأكرم وأهل بيته على عدم رجاء غير الله تعالى .

معنى الرجاء

المعنى اللغوي الرجاء: من رَجَا يَرْجُو رَجْواً، وهو الأمل، وكذلك الرَجْوُ: المبالاة،[١] وأيضا يقال: الرجاء: ظن يقتضي حصول ما فيه مسرّة.[٢] وقد ذكر ابن فارس أنّ الرجاء من رجى، يقال رجوت الأمر أرجوه رجاءً.وناس يقولون: ما أرجوا، أي ما أبالي.[٣]

المعنى الاصطلاحي الرجاء: هو ارتياح القلب لانتظار ما هو محبوب عنده، ولكنّ ذلك المحبوب متوقع لا بد وأن يكون له سبب، فإن كان انتظاره لأجل حصول _أي تحقق_أكثر أسبابه فاسم الرجاء عليه صادق، وإن كان ذلك انتظارا من انخرام_أي انعدام_ أسبابه واضطرابها فاسم الغرور والحمق عليه أصدق من اسم الرجاء، وإن لم تكن الأسباب معلومة الوجود ولا معلومة الانتفاء فاسم التمني أصدق على انتظاره من اسم الرجاء.[٤]

بمعنى أبسط: هو انتظار محبوب تمهّدت أسباب حصوله، كمن زرع بذرا في أرض طيبة، ورعاه بالسقي والمداراة فَرَجَا منه النتاج والنفع.[٥]

الرجاء في القرآن

ورد الرجاء ومترادفاته في القرآن في موارد عدة تندرج تحت ثلاثة عنواين رئيسية:

  • العمل لنيل رحمة الله:

كقوله تعالى:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ .[٦]

  • النهي عن اليأس والقنوط:
قال تعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.[٧]
وقوله:﴿وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ.[٨]
  • سعة رحمة الله وعظيم عفوه:
قوله تعالى:﴿فَقُل رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ.[٩]
وقوله:﴿وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ ۖ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ۖ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ.[١٠]

الرجاء في الروايات

أكّدت الروايات على وجوب رجاء المولى تعالى وحده وعدم رجاء غيره:

  • فعن أمير المؤمنين (ع): اجعلوا كلّ رجائكم لله سبحانه ولاترجوا أحدا سواه، فإنّه ما رجا أحدُ غير الله تعالى إلا خاب[١١].
  • وأن ينظر المرء الى ماهو أكبر من رجاءه حيث ورد عن الرسول الأكرمصلی الله عليه وآله وسلم: كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو، فإنّ أخي موسى بن عمران ذهب ليقتبس نارا فكلّمه ربّه عزّ وجلّ.[١٢]
  • وكذلك بيّن الرويات بطلان ادعاء المغفرة من غير عمل بالطاعات، فقد ورد عن أبي عبداللهعليه السلام: قال قلت له: «قوم يعملون بالمعاصي ويقولون نرجو، فلا يوالون كذلك حتى يأتيهم الموت، فقال هؤلاء قوم يترجّون في الأماني، كذبوا، ليسوا براجين، إنّ من رجا شيئا طلبه ومن خاف من شيء هرب منه».[١٣]

في علم الأخلاق والعرفان

يرى علماء الأخلاق أنَّ الدنيا مزرعة الآخرة والقلب هو الأرض والإيمان كالبذر ، والإ طاعة للمولى تعالى هي الماء، فكل من طلب أرضا طيبة وألقى فيها بذرا جيدا وأمدّ هذا البذر بما يحتاج إليه، ونقّى الأرض من الشكوك والحشاش_وهي الرذائل الأخلاقية-وسائر الموانع وجلس منتظراً من فضل اللهحتى يبلغ الزرع غايته، سمّي انتظاره هذا رجاءاً.[١٤]

الهوامش

    1. ابن منظور، لسان العرب، ج 5، ص 163.
    2. الراغب الأصفهاني، مفردات الراغب ص 346
    3. ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، ج 2، ص 464.
    4. شبر، الأخلاق، ص 276.
    5. الصدر، أخلاق أهل البيت، ص 123.
    6. البقرة: 218.
    7. الزمر: 53.
    8. يوسف: 87.
    9. الأنعام: 147.
    10. الآنعام: 54.
    11. ميزان الحكمة ج4 ص1405ح6952
    12. الريشهري، ميزان الحكمة، ج 4 ص 1406، ح 6955.
    13. الكافي، الكليني، ج 2، ص 95، ح 1596.
    14. شبر، الأخلاق، ص 277.

Loading