الخوف من الله

الخوف من الله هو سجية سامية تدفع بالمرء نحو طاعة المولى تعالى وتجنب معاصيه، وقد أشير في القرآن الكريم والروايات إلى أهميّته ولزوم السعي لاكتساب هذه القيمة حين خلو المحتوى الداخلي للمؤمن منها.

معنى الخوف

الخوف: الخاء والواو والفاء أصل واحد يدلّ على الذعر والفزع، يُقال خِفْتُ الشيء خَوفاً وخِيفةً[١]وأيضا الخوف: هو توقّع حلول مكروه أو فوت محبوب[٢]،ويضادّ الخوف الأمن[٣].

أما المعنى الاصطلاحي، فهو توقع الضرر المشكوك في وقوعه[٤]،وأيضا هو تألم النفس خشيةً من عقاب الله، من جرّاء عصيانه ومخالتفه[٥].

الخوف في القرآن

ورد الخوف في مواضع عدة ومختلفة من القرآن الكريم، منها :

  • مقام الخوف من عذاب الآخرة:

    ﴿إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ۚ ذَٰلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَٰلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ[٦].

  • الوعد بخلافة الأرض لمن خاف الله وخاف عذابه:﴿ وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِن بَعْدِهِمْ ۚ ذَٰلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ [٧].
  • ثواب الجنة لمن خاف الذات الإلهية: ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ [٨]

الخوف في الروايات

جاء في الروايات الترغيب في الخوف من الله سبحانه وتعالى منها:

  • الإمام الصادق(ع): «خف الله كأنك تراه، فإن كنت لا تراه فإنه يراك»[٩]
  • من وصايا لقمان (ع) لابنه: «خف الله خيفة لو جئته ببر الثقلين لعذّبك »[١٠]

وأيضا بيّنت الأحاديث أنّ أكثر الناس خوفا من الله تعالى هم الذين عرفوه تعالى:

عن أبي عبد اللهعليه السلام:


المؤمن بين مخافتين: ذنب قد مضى لا يدري ما صنع الله فيه، وعمر قد بقي لا يدري ما يكتسب فيه من المهالك، فهو لا يصبح إلا خائفاً ولا يصلحه إلا الخوف


أصول الكافي ج2 ص97 ح1603

الخوف في الأخلاق

عرّف علماء الأخلاق الخوف بكونه: تألم القلب واحتراقه بسبب توقع مكروه في الاستقبال مشكوك الوقوع[١٢]

وكذلك فإنّ للخوف أهمية كبرى في العقيدة والإيمان، فهو الذي يلهب النفووس، ويحفّزها على طاعة المولى تعالى ويفطمها عن عصيانه، ومن ثم يسمو بها إلى منازل السالكين[١٣].

استشعار الخوف

يمكن لمن ضغف الخوف في قلبه أن يقوّيه بالطرق التالية:

  1. استماع المواعظ والحكم الموجبة للخوف والرهبة.
  2. مطالعة حالات الخائفين وتضرعاتهم وتبتلهم إلى الله، خوفا من سطوته، وخشية من عقابه.
  3. تركيز أصول العقيدة ، من الإيمان بالله والمعاد والثواب والعقاب.[١٤]

ثمار الخوف

للخوف من الله تعالى آثار عدة منها:

  • أنّ الخوف من الله يردع المرء عن ارتكاب المعاصي: فعن الإمام علي (ع): «نِعْمَ الحاجزُ عن المعاصي الخوف».[١٥].
  • وأنّ الخوف منه تعالى يورث العلم: قال رسول الله(ص): «لو خفتم الله حقّ خيفته لَعَلِمْتُمْ العلم الذي لا جهل معه».[١٦]

الهوامش

  1. ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، ج 2 ص 230.
  2. المعجم المحيط ص262
  3. جمهرة اللغة ج1 ص579، مفردات الراغب ص303
  4. الفروق اللغوية، العسكري ص 227
  5. الأخلاق في القرآن، مهدي الصدر ص119
  6. هود 103
  7. إبراهيم14
  8. الرحمن46
  9. ميزان الحكمة ج3 ح5193
  10. المصدر نفسه ح5209
  11. المصدر نفسه ح5195
  12. النراقي ج1 ص207 ، شبر ص281
  13. أخلاق أهل البيت ص121
  14. المصدر السابق ص122
  15. ميزان الحكمة ج3 ح5230
  16. ميزان الحكمة ج3 ح5234

المصادر والمراجع

  • القرآن الكريم.
  • ابن دريد الأزدي، محمد بن الحسين، جمهرة اللغة، مشهد، الأستانة الرضوية، ط 1، 1426 هـ.
  • ابن فارس، أحمد، معجم مقاييس اللغة، بيروت، دار الفكر، 1399 هـ/ 1979 م.
  • النراقي، محمد مهدي، جامع السعادات، قم، اسماعيليان، ط 7، 1428 هـ.
  • الريشهري، محمد، ميزان الحكمة، قم، دار الحديث، ط 1، 1422 هـ.
  • الصدر، محمد مهدي، أخلاق أهل البيت، قم، دار الكتاب الإسلامي،ط 4، 1429 هـ/ 2008 م.
  • معجم الفروق اللغوية، تحقيق مؤسسة النشر الإسامي،ط1(143ه)،قم-إيران.

Loading