في حسن الظن بالله تعالى

في حسن الظن بالله تعالى
حسن الظن بالله ملازم لرجائه ، أو هو علة لتحققه ، وقد ذكر مدحه في النصوص ، ووردت في حسنه ولزوم تحصيله الحثوث ، وذلك لئلا يغلب على المؤمن حالة الخوف فيترجّح على رجائه ، أو يحصل له اليأس من روح الله لكثرة ما أوعد الله في كتابه من العذاب والنار على الكافرين والعاصين مع الغفلة عما وعده تعالى في كتابه من الرحمة والمغفرة والجنة للمؤمنين المطيعين أو يحصل له ذلك من وساوس الخناس ، من الجنة والناس.
ويمكن أن يكون ذلك إرشاداً إلى حسن غلبة حالة الرجاء على الخوف ، لأن الله سبقت رحمته غضبه وعفوه عقابه ، وسيأتي ما يظهر منه الأمر.
وقد ورد في آيات من الكتاب الكريم ، كقوله تعالى في ذم كل منافق : ( الظانين بالله ظن السوء ) (1) وقوله فيهم أيضاً : ( ويظنون بالله غير الحق ظن

1 ـ الفتح : 6.

الجاهلية ) (1). وفي الآيتين توضيح للمنافقين بأنهم ظنوا أن الله لا ينصر رسوله فاللازم للانسان أن يظن بالله ما يناسب مقامه تعالى. وقوله تعالى : ( نبّئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم ) (2) وقوله تعالى : ( إن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم ) (3) ففي الآيتين إرشاد إلى لزوم الرجاء وحسن الظن. وقوله تعالى : ( من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع ) (4) أي : فليعلق حبلاً بسقف بيته وسماء داره وليجعله على عنقه ليقطع نفسه. والآية تنهى عن قطع الرجاء وترك حسن الظن. وقوله تعالى : ( يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم ) (5) فتوصيف الرب بالكرم تلقين للانسان أن يقول : غرني كرمك يا رب ففيه حث على تحسين الظن بالكريم تعالى.
وورد في النصوص أنه ، أحسن الظن بالله فإن الله يقول : « أنا عند حسن ظن عبدي المؤمن بي إن خيراً فخيراً وإن شراً فشراً » (6).
وأن حسن الظن بالله أن لا ترجوا إلا الله ، ولا تخاف إلا ذنبك (7).
وأنه ما أعطي مؤمن خير الدنيا والآخرة إلا بحسن ظنه بالله ورجائه له (8).
وأنه لا يحسن ظن عبد مؤمن بالله إلا كان الله عند ظنه ، لأنه يستحي أن يكون عبده قد أحسن به الظن ثم يخلف ظنه ورجاءه ، فيجب حسن الظن بالله

1 ـ آل عمران : 154.
2 ـ الحجر : 49.
3 ـ الرعد : 6.
4 ـ الحج : 15.
5 ـ الانفطار : 6.
6 ـ الكافي : ج2 ، ص72 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص366.
7 ـ الكافي : ج2 ، ص72 ـ وسائل الشيعة : ج11 ، ص181 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص367 ـ نور الثقلين : ج5 ، ص91.
8 ـ بحار الأنوار ، ج6 ، ص28 و ج70 ، ص399.

والرغبة إليه (1). وفي منظومة المحقق بحر العلوم في حكم المحتضر : وليحسن الظن بربًّ ذي منن ****** فإنه في ظن عبده الحسن

1 ـ رياض السالكين : ج2 ، ص475 ـ الكافي : ج2 ، ص72.

المصدر : دروس في الأخلاق – آية الله المشكيني

Loading