في صفة أخلاقه (صلى الله عليه وآله وسلم) في مشربه

في صفة أخلاقه (صلى الله عليه وآله وسلم) في مشربه

وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا شرب بدأ فسمى وحسا حسوة وحسوتين (3) ثم يقطع فيحمد الله ثم يعود فيسمي ثم يزيد في الثالثة، ثم يقطع فيحمد الله فكان له في شربة ثلاث تسميات وثلاث تحميدات ويمص الماء مصا ولا يعبه عبا، ويقول (صلى الله عليه وآله وسلم): إن الكباد من العب (4) وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يتنفس في الاناء إذا شرب فإن أراد أن يتنفس أبعد الاناء عن فيه حتى يتنفس، وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) ربما شرب بنفس واحد حتى يفرغ، وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يشرب في أقداح القوارير التي يؤتى بها من الشام، ويشرب في الاقداح التي يتخذ من الخشب، وفي الجلود، ويشرب في الخزف ويشرب بكفيه، يصب فيهما الماء ويشرب ويقول: ليس إناء أطيب من الكف ويشرب من أفواه القرب والاداوي (5) ولا يختنثها اختناثا ويقول: إن اختناثها ينتنها (6). وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يشرب قائما وربما يشرب راكبا

ـــــــــــــــ

(1) أكل وتأكل السن، صار منخورا وسقط.

(2) الرفد: الضيف.

(3) الحسوة بالضم والفتح: الجرعة، وحسا حسوا: شرب منه شيئا بعد شئ.

(4) الكباد بالضم: وجع الكبد.

(5) اداوي: جمع أدواة، المطهرة ” وهي إناء صغير من جلد يتطهر ويشرب “.

(6) الاختناث من خنث السقاء: كسر فمه وثناه إلى الخارج.

[ 31 ]

وربما قام فشرب من القربة أو الجرة (1) أو الاداوة وفي كل إناء يجده وفي يديه.

وكان يشرب الماء الذي حلب عليه اللبن ويشرب السويق.

وكان أحب الاشربة إليه الحلو. وفي رواية: أحب الشراب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الحلو البارد. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يشرب الماء على العسل. وكان يماث له الخبز فيشربه أيضا. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) شربة يفطر عليها وشربة للسحر وربما كانت واحدة وربما كانت لبنا وربما كانت الشربة خبزا يماث فهيأتها له (صلى الله عليه وآله وسلم) ذات ليلة فاحتبس النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فظننت أن بعض أصحابه دعاه فشربتها حين احتبس، فجاء (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد العشاء بساعة فسألت بعض من كان معه: هل كان النبي أفطر في مكان أو دعاه أحد ؟ فقال: لا، فبت بليلة لا يعلمها إلا الله خوف أن يطلبها مني النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا يجدها، فيبيت جائعا فأصبح صائما وما سألني عنها ولا ذكرها حتى الساعة. ولقد قرب إليه إناء فيه لبن وابن عباس عن يمينه وخالد بن الوليد عن يساره، فشرب ثم قال لعبدالله بن عباس: إن الشربة لك أفتأذن أن أعطي خالد بن الوليد ـ يزيد الاسن ـ ؟ فقال ابن عباس: لا والله لا اوثر بفضل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أحدا، فتناول ابن عباس القدح فشربه.

ولقد جاءه (صلى الله عليه وآله وسلم) ابن خولي بإناء فيه عسل ولبن فأبى أن يشربه فقال: شربتان في شربة وإناءان في إناء واحد، فأبى أن يشربه ثم قال: ما احرمه ولكني أكره الفخر والحساب بفضول الدنيا غدا واحب التواضع، فإن من تواضع لله رفعه الله.

المصدر

www.najaf.org

Loading