النوافل وصلاة الليل ((تهذيب النفس))

النوافل وصلاة الليل ((تهذيب النفس))

تمهيد

ذكرنا في الدرس الماضي أنَّ الصلاة هي أفضل وسيلة للسير والسلوك والتقرب إلى الله سبحانه، والصلوات إجمالاً تقسَّم إلى قسمين: واجبة، ومستحبة.

فالصلوات الواجبة هي الصلوات اليومية، وصلاة الآيات، وصلاة الميت، وصلاة الطواف الواجب، والصلاة التي تجب على الإنسان بنذر أو يمين أو عهد، وقضاء ما فات على الأب من صلاة واجبة، وهي واجبة على الابن الأكبر.

1- النوافل اليومية

وأمَّا الصلوات المستحبة فكثيرة أهمّها: النوافل اليومية، وهي أربع وثلاثون ركعة على الشكل التالي: نافلة الظهر ثماني ركعات، نافلة العصر ثماني ركعات، نافلة المغرب أربع ركعات، نافلة العشاء ركعتان من جلوس تعدان بركعة، ونافلة الصبح ركعتان، صلاة الليل إحدى عشرة ركعة.وقد ورد التأكيد في الأحاديث على أداء النوافل اليومية، وأنَّها مكملة للصلوات الواجبة، وأنَّ لها ثواباً وآثاراً في الدنيا والآخرة.فعن ابي الحسن عليه السلام قال: “صلاة النوافل قربان كل مؤمن”1.

وعن الإمام الصادق عليه السلام : “إنَّ العبد لترفع له من صلاته نصفها أو ربعها أو خمسها، وما يرفع له إلَّا ما أقبل عليه منها بقلبه، وإنَّما أُمرنا بالنوافل ليتم لهم بها ما نقصوا من الفريضة”2.

وعنه عليه السلام قال: “قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال الله تعالى: ما تحبَّب إلي عبدي بشيء، أحب إلي مما افترضته عليه، وإنَّه يتحبب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ولسانه الذي ينطق به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، إذا دعاني أجبته، وإذا سألني أعطيته” 3.

2- أهمية صلاة الليل

صلاة الليل من أهم النوافل التي لها أثر كبير في نيل مقام القرب الإلهيّ وتزكية النفس، فقد أمر تعالى بها نبيه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم ووعده عليها بالمقام الرفيع قال تعالى: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا﴾4.وقال تعالى في وصف المؤمنين: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم م ن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ 5.

وقد وصف الله تعالى عباده بقوله:﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا * وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَب هِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا﴾6.

وقد حثَّت الروايات الشريفة على صلاة الليل، فقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “إنَّ الله جل جلاله أوحى إلى الدنيا أن أتعبي من خدمكِ واخدمي من رفضك، وإنَّ العبد إذا تخلَّى بسيده في جوف الليل المظلم، وناجاه أثبت الله النور في قلبه، فإذا قال يا رب! يا رب! ناداه الجليل جل جلاله: لبيك عبدي، سلني أعطك، وتوكَّل علي أكفك؛ ثمَّ يقول جل جلاله لملائكته: ملائكتي انظروا إلى عبدي فقد تخلَّى في جوف هذا الليل المظلم، والبطَّالون لاهون، والغافلون ينامون، اشهدوا أن ي قد غفرت له”7.

3- آثار صلاة الليل

ذكرت لصلاة الليل آثار كثيرة، من قبيل أنَّها تحس ن الأخلاق، وتدر الأرزاق، وتذهب بالهم، يقول الإمام الصادق عليه السلام : “صلاة الليل تحسن الوجه، وتحسن الخلق، وتطيب الريح، وتدرُّ الرزق، وتقضي الدين، وتُذهب بالهم، وتجلو البصر”8.

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “صلاة الليل مرضاة الرب، وحب الملائكة، وسنَّة الأنبياء، ونور المعرفة، وأصل الإيمان، وراحة الأبدان، وكراهية الشيطان، وسلاح على الأعداء، وإجابة الدعاء، وقبول الأعمال، وبركة في الرزق، وشفيع بين صاحبها وملك الموت، وسراج في قبره، وفراش تحت جنبه، وجواب مع منكر ونكير، ومونس وزائر في قبره إلى يوم القيامة، فإذا كان يوم القيامة كانت الصلاة ظلاً فوقه، وتاجاً على رأسه، ولباساً على بدنه، ونوراً يسعى بين يديه، وستراً بينه وبين النار، وحجة للمؤمن بين يدي الله تعالى، وثقلاً في الميزان، وجوازاً على الصراط، ومفتاحاً للجنة؛ لأن الصلاة تكبير، وتحميد، وتسبيح، وتمجيد، وتقديس، وتعظيم، وقراءة دعاء، وإن أفضل الأعمال كلها الصلاة لوقتها”9 .

4- كيفية صلاة الليل

صلاة الليل إحدى عشرة ركعة، تؤدى ركعتين ركعتين، كصلاة الصبح، ثمَّاني ركعات تؤدى بنية صلاة الليل، وركعتان بنية صلاة الشفع، وركعة بنية الوتر، ولهذه الصلاة آداب وأدعية عديدة، تزيد في آثارها وفوائدها.

المصدر : تزكية النفس,سلسلة المعارف الاسلامية,نشر جمعية المعارف,ط 2009م,ص:159-162.

الهوامش

1- المجلسي-محمد باقر -بحار الأنوار- مؤسسة الوفاء ,الطبعة الثانية المصححة – ج78 ص 36

2- م.ن. ص 28

3- ن.م. ص31

4- الإسراء: 79

5- السجدة: 16-17

6- الفرقان: 63 -64

7- المجلسي-محمد باقر -بحار الأنوار- مؤسسة الوفاء ,الطبعة الثانية المصححة -ج84 ص 137

8- م. ن ج87 ص 148

9- م.ن. ص 161

المصدر : www.almaaref.org

Loading