ما هي شروط الدعاء؟
ما هي شروط الدعاء؟
إنّ للدعاء مجموعة شروط لا بدّ من توفّرها:
۱- أن يدعو الله بكلّه، بحيث يتحوّل بكامل وجوده إلى صورة احتياج وطلب، إذ ما لم يتّحد قلب الإنسان مع لسانه في انسجامٍ تامّ فلن يكون الدعاء دعاءً حقيقيّاً، وما لم تكن كلّ جوارحه وجوانحه داعية وطالبة من الله فلا يكون الدعاء حقيقيّاً.
﴿أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ﴾(۱).
٢- أن يدعو مع الاعتقاد الجازم بأنّ باب الرحمة الإلهيّة الواسع لا يغلق أبداً، كما جاء في الحديث:
“إذا دعوْت فظُنّ حاجتك بالباب”(٢).
وكما ورد في دعاء الإمام زين العابدين عليه السلام:
“اللّهمّ إنّي أجد سبل المطالب إليك مشرعة، ومناهل الرجاء لديك مترعة، والاستعانة بفضلك لمن أمّلك مُباحة، وأبواب الدعاء إليك للصارخين مفتوحة. وأعلم أنّك للراجين بموضع إجابة، وللملهوفين بمرصد إغاثة..”(۳).
۳- أن لا يكون دعاؤه على خلاف سنّة التكوين ولا مخالفاً للشرع، إذ الدعاء هو طلب العون للوصول إلى أهداف أقرّتها سنّة الكون والشريعة الإلهية، فلو طلب من الله الخلود في الدنيا فلن يستجاب له، لأن دعاءه هذا ليس مصداقا حقيقيا للدعاء.
۴- أن تكون أعمال الداعي غير مخالفة للشريعة، فعليه أن يكون نظيف القلب نقيَّه، بحيث يكون في فعله وقوله منسجماً مع ما يقوم به من الدعاء، ففي الحديث عن الصادق عليه السلام:
“من سرّه أن يُسْتجاب له: فلْيطُب مكسبُه، وليخرج من مظالم الناس، وإنّ الله لا يرفع إليه دعاء عبد وفي بطْنه حرام أو عنده مظلمة لأحد من خلقه”(۴).
۵- أن لا يكون هو المسبّب للحالة التي يدعو الله تعالى أن يخلّصه منها، بأن تكون هذه الحالة نتيجة منطقيّة وطبيعيّة لآثامه ومخالفاته، فتسلّط الأشرار على مقدّرات المجتمع مثلاً نتيجة منطقيّة لتقصير الناس بوظيفتهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، اللّهمّ إلّا إذا أزال الناس أسباب هذه المشكلة، فتابوا وعادوا للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، عندها ستعود إليهم الحالة الطبيعيّة في المجتمع:
﴿…إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ…﴾(۵).
۶- أن يدعو الله، وفي نفس الوقت يسعى في حاجته، فإنّ الدعاء والعمل مكمّلان لبعضهما.
عن أمير المؤمنين عليه السلام: “الداعي بلا عمل كالرامي بلا وتر”(۶).
فلا بدّ من الإستفادة من الوسائل التي هيّأها الله للإنسان ووفّرها له لكي يقضي بها حوائجه، ومن هنا جُعل من الّذين لا تستجاب لهم دعوة: “.. رجل جالس في بيته يقول: اللّهمّ ارزقني، فيُقال له: ألم آمرك بالطلب؟!”(۷) ، وهكذا بقيّة الأمور الّتي يكون الإنسان نفسه قادراً على حلّ مشكلتها بيده بالعمل والتدبّر، لكنّه يقصّر عن ذلك فلا يعمل أبداً ويلجأ إلى الدعاء، فإنّ الدعاء لا يقوم مقام العمل وإنّما هو مكمّل للعمل ومتمّم له.
* الدعا؛ جمعية المعارف الإسلامية الثقافية؛ مركز نون للتأليف والترجمة
المصادر:
۱- سورة النمل، الآية: ۶٢.
٢- الكافي، باب اليقين في الدعاء، ج ۱، ص ۴۷۳ (بحسب مطبعة حيدري، ط ۴).
۳- دعاء أبي حمزة الثمالي (راجع: مفاتيح الجنان، أعمال أسحار شهر رمضان، دعاء أبي حمزة الثمالي).
۴- الكافي، باب الثناء قبل الدعاء، ج ۹، ج ٢، ص ۴۸.
۵- سورة الرعد، الآية: ۱۱.
۶- نهج البلاغة، باب المختار من حكم أمير المؤمنين عليه السلام، الحكمة ۳٢۸، ص ۶۷۳.
۷- الكافي، باب من لا تستجاب له دعوة، ج ٢، ص ٢.
—————————–
المصدر : www.almaaref.org