أخلاق أهل البيت عليهم السلام (3)
أخلاق أهل البيت عليهم السلام (3)
١٠ ـ ما أوصى به مولانا الإمام الرضا عليه السلام شيعته في حديث عبد العظيم الحسني : ـ
(يا عبد العظيم … أبلغ عنّي أوليائي السلام وقُل لهم : ـ
__________________
(١) بحار الأنوار / ج ٧٨ / ص ٢٩٦.
٣٧
أن لا يجعلوا للشيطان على أنفسهم سبيلاً ، ومُرهم بالصدق في الحديث ، وأداء الأمانة.
ومُرهم بالسكوت وترك الجدال فيما لا يعنيهم ، وإقبال بعضهم على بعض ، والمزاورة فإنّ ذلك قربةً إليّ.
ولا يشغلوا أنفسهم بتمزيق بعضهم بعضاً ، فإنّي آليتُ على نفسي أنّه من فعل ذلك وأسخط وليّاً من أوليائي دعوت الله ليعذّبه في الدُّنيا أشدّ العذاب ، وكان في الآخرة من الخاسرين.
وعرّفهم أنّ الله قد غفر لمحسنهم ، وتجاوز عن مسيئهم ، إلّا من أشرك به ، أو آذى وليّاً من أوليائي ، أو أضمر له سوءاً ، فإنّ الله لا يغفر له حتّى يرجع عنه ، فإن رجع وإلّا نزع روح الإيمان عن قلبه ، وخرج عن ولايتي ، ولم يكن له نصيبٌ في ولايتنا. وأعوذ بالله من ذلك) (١).
١١ ـ ما في كتاب مولانا الإمام الجواد عليه السلام لسعد الخير : ـ
(… اعلم رحمك الله أنّه لا تنال محبّة الله إلّا ببغض كثير من الناس ، ولا ولايته إلّا بمعاداتهم ، وفوت ذلك قليل يسير لدرك ذلك من الله لقوم يعلمون.
يا أخي إنّ الله عزّوجلّ جعل في كلّ من الرسل بقايا من أهل العلم ، يدعون من ضلَّ إلى الهُدى ، ويصبرون معهم على الأذى ، ويجيبون داعي الله ، ويدعون إلى الله.
فابصرهم رحمك الله فإنّهم في منزلة رفيعة ، وإن أصابتهم في الدُّنيا وضيعة.
إنّهم يُحيون بكتاب الله الموتى ، ويُبصرون بنور الله من العمى.
كم من قتيلٍ لإبليس قد أحيوه ، وكم من تائهٍ ضالٍّ قد هدوه.
__________________
(١) الاختصاص / ص ٢٤٧.
٣٨
يبذلون دمائهم دون هلكة العباد ، وما أحسن أثرهم على العباد ، وأقبح آثار العباد عليهم)(١).
١٢ ـ ما في توصية مولانا الإمام الهادي عليه السلام لشخص : ـ
(إقبل على ما شأنك … وإذا حللت من أخيك محلّ الثقة فاعدل عن الملق إلى حُسن النيّة.
المصيبة للصابر واحدة وللجازع إثنان ، العقوق تكل من لم يتّكل ، الحسد ماحي الحسنات ، والدهر جالب المقت ، والعُجب صارفٌ عن طلب العلم ، داع إلى الغمط ـ أي احتقار الناس ـ والجهل ، والبُخل أذمّ الأخلاق ، والطمع سجيّة سيّئة ، والهُزء فكاهة السفهاء وصناعة الجهّال ، والعقوق تعقّب القلّة وتؤدّي إلى الذلّة) (٢).
١٣ ـ ما في وصيّة مولانا الإمام العسكري عليه السلام لشيعته : ـ
(أوصيكم بتقوى الله ، والورع في دينكم ، والاجتهاد لله ، وصدق الحديث ، وأداء الأمانة إلى من ائتمنكم من برٍّ أو فاجر ، وطول السجود ، وحسن الجوار ، فبهذا جاء محمّدٌ صلى الله عليه وآله.
صلّوا في عشائرهم ، واشهدوا جنائزهم ، وعودوا مرضاهم ، وأدّوا حقوقهم ، فإنّ الرجل منكم إذا ورع في دينه ، وصدَق في حديثه ، وأدّى الأمانة ، وحسّن خُلقه مع الناس ، قبل هذا شيعيّ ، فيسرّني ذلك.
اتّقوا الله وكونوا زيناً لنا ، ولا تكونوا شيناً.
جرّوا إلينا كلّ مودّةٍ ، وارفعوا عنّا كلّ قبيح ، فإنّه ما قيل فينا من حُسن فنحن أهله ، وما قيل فينا من سوء فما نحن كذلك.
__________________
(١) روضة الكافي / ج ٨ / ص ٥٦.
(٢) بحار الأنوار / ج ٧٨ / ص ٣٦٩.
٣٩
لنا حقٌّ في كتاب الله ، وقرابةٌ من رسول الله ، وتطهيرٌ من الله ، لا يدّعيه أحدٌ غيرنا إلّا كذّاب.
أكثروا ذكرَ الموت ، وتلاوة القرآن ، والصلاة على النبيّ صلّى الله عليه وآله ، فإنّ الصلاة على رسول الله عشر حسنات.
احفظوا ما وصّيتكم به ، وأستودعكم الله ، وأقرأ عليكم السلام ، والسلام) (١).
١٤ ـ ما في توقيع مولانا الإمام المهدي عليه السلام للشيخ المفيد جاء فيه : ـ
(إنّا غير مهملين لمراعاتكم ، ولا ناسين لذكركم ، ولو لا ذلك لنزل بكم اللأواء ـ أي الشدّة وضيق المعيشة ـ ، واصطلمكم ـ أي استأصلكم ـ الأعداء …
فليعمل كلٌّ منكم بما يقرب به من محبّتنا ، ويتجنّب ما يدنيه من كراهتنا وسخطنا.
فإنّ أمرنا بغتةً فجاءة ، حين لا تنفعه توبة ، ولا تُنجيه من عقابنا ندمٌ على حوبة.
والله يلهمكم الرُّشد ، ويلطف لكم في التوفيق برحمته) (٢).
هذه شذرات غُرر ، من تعاليمهم الدرر ، التي ربّت وهذّبت كبار شيعتهم ، وجهابذة أصحابهم على معالي الصفات وعوالي السجيّات ..
فقدّمت مثل سلمان وأبي ذرّ والمقداد وعمّار ، ومثل كميل وميثم وصعصعة ورُشيد ، وسائر كبار أصحابهم سلام الله عليهم.
__________________
(١) تحف العقول / ص ٤٨٧.
(٢) الاحتجاج / ج ٢ / ص ٣٢٣.
المصدر : كتاب أخلاق أهل البيت عليهم السلام
السيّد علي الحسيني الميلاني
المصدر
http://books.rafed.net