السيرة الأخلاقيّة العلميّة لأهل البيت عليهم السلام (الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله)
السيرة الأخلاقيّة العلميّة لأهل البيت عليهم السلام (الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله)
هناك دروسٌ بليغة من النبيّ الأعظم وعترته الطاهرة عليهم السلام في سيرتهم المثاليّة ، وأخلاقهم الفذّة ، التي فيها كلّ العظة النافعة ، وبها الاُسوة الحسنة ، نذكر نبذة منها فيما يلي : ـ
الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله
من أخلاقه الشريفة ، وآدابه الرفيعة ما جمع من الأحاديث الواصفة له ، والمذكورة في مناقبه ، جاء فيها : ـ كان النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله أحكم الناس ، وأحلمهم ، وأشجعهم ، وأعدلهم ، وأعطفهم حتّى وصفه الله تعالى بقوله : (بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ) (١).
وكان أسخى الناس ، حتّى وصف بأنّه : (لا يثبت عنده دينارٌ ولا درهم).
وكان يجلس على الأرض ، وينام عليها ، ويأكل عليها.
وكان بنفسه يخصف النعل ، ويُرقّع الثوب ، ويفتح الباب ، ويحلب الشاة ،
__________________
(١) التوبة : ١٢٨.
٤١
ويعقل البعير ، ويطحن مع الخادم إذا تعب ، ويضع طهوره بالليل بيده ، ويخدم في أهله ، ويقطع اللّحم لهم.
وكان لا يجلس متّكئاً ، وإذا جلس على الطعام جلس بتواضع ، ويلطع أصابعه ، ولم يتجشّأ قطّ.
وكان يُجيب دعوة الحرّ والعبد ولو على كراع ، ويقبل الهديّة ولو جُرعةٌ من اللّبن ، ولا يأكل الصدقة.
وكان في معاشراته لا يُثبت بصره في وجه أحد ، ويغضب لربّه ولا يغضب لنفسه ، ويوصي بالوالدين إحساناً.
وكان يلبس الغليظ من القطن والكتّان ، وأكثر ثيابه البيض ، ويلبس القميص من قبل ميامنه.
وكان له عباءٌ يُفرش له حيث ما ينتقل ، ويردف خلفه عبده أو غيره ، ويركب ما أمكنه من فرسٍ أو بغلة أو حمار بلا تكبّر.
وكان يشيّع الجنازة ، ويعود المرضى في أقصى المدينة ، ويجالس الفقراء ، ويؤاكل المساكين ، ويناولهم بيده.
وكان يُكرم أهل الفضل في أخلاقهم ، ويتألّف أهل الشرف بالبرّ لهم ، ويصِل رحمه ، ولا يجفو على أحد ، ويقبل معذرة المُعتذر.
كان أكثر الناس تبسّماً ، وما شتم أحداً بشتمة ، ولا لعن خادماً بلعنة ، ليس بفظٍّ ولا غليظ ، ولا يجزي السيّئة بالسيّئة ، بل يغفر ويصفح ، حتّى وصفه ربّه بالخُلق العظيم.
يبدأ من لقيه بالسلام ، وإذا لقي مسلماً يبدأ بالمصافحة ، وما أخذ أحدٌ يده فيرسل يده حتّى يرسلها ذاك ، ولا يقوم ولا يجلس إلّا على ذكر الله تعالى.
وكان خير الناس لأهله ويقول : خيركم خيركم لأهله وأنا خيرٌ لأهلي ، ويعال الرجل أسراؤه ، وأحبّ العباد إلى الله عزّوجلّ أحسنهم صُنعاً إلى أُسراءه.
٤٢
وكان لا يجلس عند أحدٌ وهو يصلّي إلّا خفّف صلاته وأقبل عليه وقال : ألكَ حاجة؟
وكان يجلس حيث ما ينتهي به المجلس ، وأكثر ما يجلس مستقبل القبلة ، ويكرم من دخل عليه حتّى ربما بسط له ثوبه ، ويُؤثِر الداخل بالوسادة.
قال خادمه : خدمتُ النبيّ تسع سنين ، ما عاب عليَّ شيئاً قطّ.
أدركه أعرابيّ فأخذ برداءه ، فجذبه جذبةً شديدة ، حتّى نظرت إلى صفحة عنقه قد أثّرت به حاشية الرداء من شدّة جذبته ..
ثمّ قال الأعرابي : مُر لي يا محمّد من الماس الذي عندك.
فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وآله ، فضحك ، وأمر له بعطاء (١).
__________________
(١) لاحظ بحار الأنوار / ج ١٦ / ص ٢٣٦ عن المناقب لابن شهر آشوب.
المصدر : كتاب أخلاق أهل البيت عليهم السلام
السيّد علي الحسيني الميلاني
المصدر
http://books.rafed.net