نوعية التدين عند المجتمع

بالرغم من ان ابعاد التدين الثلاثة في شخصية الانسان المؤمن تتفاوت من حيث القوة والضعف من انسان لاخر ، فهناك من يبرز البعد العقلي في شخصيته دون البعدين الاخرين ، وآخر يبرز البعد السلوكي دون البعد

العقلي والنفسي وهكذا .. غير ان اكثر مجتمعاتنا جل افرادها المتدينين يبدو في شخصياتهم البعد العقلي والسلوكي بينما ينحصر البعد النفسي للتدين في مجموعات البعد العقلي والسلوكي بينما ينحصر البعد النفسي للتدين في مجموعات وفئات قليلة من المجتمع ، وهذا ما يلاحظ في المناقشات التي تدور في المجالس والخطب التي تلقى من على المنابر والكتابات التي تصدر انما تدور حول الادلة العلمية والعقلية لاثبات وجود الله ، وكذلك يبدو الجانب السلوكي بشكل واضح ، بينما يكاد يختفي التفاعل النفسي مع تلك الحقائق الالهية والسلوكيات العبادية.

اذ يؤمن الانسان ـ مثلاً ـ بوجود اسرار الطبيعة والسنن الكونية الا ان هذا الايمان لا يخرج عن الاطار النظري ليدخل في الاطار النفسي كلا ، بل يبقى بعيدا عن التفاعل النفسي ، تماماً مثل ذلك الانسان الذي يخضع لحكومته نظرياً وسلوكياً غير انه غير خاضع نفسياً وشعورياً لها.

وقد اشار الله سبحانه وتعالى الى هذه الحقيقة في كتابه الكريم حيث قال : ( ولئن سألتهم من خلق السموات والارض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فاني تؤفكون ) (1) ( ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فاحيا به الارض بعد موتها ليقولن الله قل الحمد لله بل اكثرهم لا يعقلون ) (2) ( ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله فأنى يؤفكون ) (3) ( وجحدوا بها واستيقنتها انفسهم ظلما وعلوا ) (4).

اذن المشكلة ليست في الايمان العقلي بل هي في الايمان النفسي والخضوع لتلك الحقائق والتفاعل معها حيث ان الادلة

1 ـ سورة العنكبوت : ـ 61.

2 ـ سورة العنكبوت : ـ 63.

3 ـ سورة الزخرف : ـ 87.

4 ـ سورة النمل : ـ 14.

التي تثبت وحدانية الله وملكيته وحاكميته لا يمكن لاحد عاقل ان ينكرها ولكنه ينكمنه ان لا يتفاعل معها ، فلهذا لا عجب ان نرى كثيراً من المسلمين لا ينكرون وجود الله عقلاً ومنطقاً الا انهم لا يتفاعلون مع هذا الايمان العقلي ولا ينعكس على مشاعرهم وتصرفاتهم.


المصدر : كتاب : معرفة النفس

Loading