الإخلاص
الإخلاص
الإخلاص، هو صفاء الأعمال من شوائب الرياء وجعلها خالصة لله تعالى، كما أنّ لقيمة الإخلاص ارتباط وثيق بجملة من العلوم الإسلامية كالأخلاق والفقه، وله أيضاً عدة مراتب وثمار وردت ضمن الروايات الواردة عن طريق أهل البيت.
معناه
لغة، الإخلاص لغة من خَلَصَ: خلص الشيء يخلص خلوصاً وخلاصاً، وخلّصته أنا تخليصاً، إذا صفيّته من كَدَر أو دَرَن،[١] والخالص كالصافي إلا أن الخالص هو مازال عنه شَوبه بعد أن كان فيه.[٢]
اصطلاحاً، الإخلاص: هو تجريد النية من الشوائب والمفاسد،[٣] وأن يكون الهدف في دائرة الفكر والسلوك هو الله تعالى فقط، [٤] بمعنى آخر: هو صفاء الأعمال من شوائب الرياء، وجعلها خالصة لله تعالى.[٥]
في العلوم الإسلامية
- في الأخلاق
يعتبرُ علم الأخلاق الإخلاصََ رأس الفضائل ورئيسها وهو المعيار في قبول الأعمال وصحتها، فلا فائدة من عملٍ لا إخلاص معه، ولا يمكن التغلب على الشيطان إلاّ من خلال الإخلاص[٦]
- في الفقه
توجد بعض العبادات لا تقبل صحتها إلاّ إذا كانت النيّة فيها خالصة لوجه الله تعالى، منها:
- الصلاة: فإخلاص النيّة في الصلاة قربة لله تعالى واجب، فإذا دخل في نية العبد الرياء بطلت الصلاة.[٧]
- الوضوء: يجب إخلاص النيّة قربة لله تعالى فلو كانت النية من الوضوء التبرد بطل.[٨]
- الصيام: كذلك يجب الإخلاص في النية قربة لله.[٩]
في القرآن
ورد مفهوم الإخلاص ومشتقاته حوالي 31 مرة في القرآن الكريم، منها ماهو مرتبط بمفهوم الإخلاص، ومنها مرتبط بالمخلِصين،[١٠] وأخرى مرتبطة بالمخلَصين.[١١]
- ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾.[١٢]
- ﴿فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ, أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ﴾.[١٣]
- ﴿فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾.[١٤]
في الروايات
قال ابن شهر آشوب عن أمير المؤمنين (ع) :
لَمَّا أَدْرَكَ عَمْرُو بِنْ عَبْدِ وِدٍ لَمْ يَضْرِبْهُ، فَوَقَعُوا فِي عَلِيٍّ (ع)، فَرَدَّ عَنْهُ حُذَيْفَةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ (ص): مَهْ يَا حُذَيفَةَ، فَإِنَّ عَلِيًّا (ع) سَيَذْكُرُ سَبَبَ وَقْفَتِهِ. ثُمَّ إِنَّهُ ضَرَبَهُ فَلَمَّا جَاءَ سَأَلَهُ النَّبِيَّ (ص) عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: قَدْ كَانَ شَتَمَ أُمِّي وَتَفَلَ فِي وَجْهِي، فَخَشِيتُ أَنْ أَضْرِبَهُ لِحَظِّ نَفْسِي، فَتَرَكْتُهُ حَتَّى سَكَنَ مَا بِي، ثُمَّ قَتَلْتُهُ فِي اللَّه
مناقب آل أبي طالب، ج 1، ص 132.
جاءت روايات كثيرة تؤكّد على إخلاص الإنسان لربه منها:
- عن الإمام الصادق(ع):«ما أنعم الله على عبد أجلّ من ألاّ يكون في قلبه مع الله غيره».[١٥]
- عن الإمام علي (ع):«طوبى لمن أخلص عمله وعلمه, وحبه وبغضه، وأخذه وتركه، وكلامه وصمته, وفعله وقوله».[١٦]
- فيما ناجى الله تعالى موسى (ع): «ياموسى, ما أُريدَ به وجهي فكثير قليله, وما أُريدَ به غيري فقليل كثيره».[١٧]
مراتبه
ورد في علم الأخلاق أنّ الإخلاص لله في العبادة له مراتب، هي:
- مرتبة الشاكرين: وهم الذين يعبدون الله تعالى شكرا على نعمه، قال أمير المؤمنين: «إِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللهَ رَغْبَةً فَتِلْكَ عِبَادَةُ التُّجَّارِ، وَإِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللهَ رَهْبَةً فَتِلْكَ عِبَادَةُ الْعَبِيدِ، وَإِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللهَ شُكْراً فَتِلْكَ عِبَادَةُ الْأَحْرَارِ ».[١٨]
- مرتبة المقربين: وهم الذين يعبدون الله تقربا إليه بالتخلق بأخلاقه تعالى.
- مرتبة المُسْتَحِين: وهم الذين يعبدون الله تعالى حياءا منه لمعرفتهم بأنّه تعالى محيط بهم عالم بسرّهم وجهرهم.
- مرتبة المتلذذين : وهم الذين يتلذذون بعبادتهم لله سبحانه وتعالى أكثر مما يتلذذ به باقي البشر في نِعَم الدنيا.
- مرتبة المحبين: وهم الذين وصلوا بطاعتهم وعبادتهم إلى درجة أحبهم الله فيها .
- مرتبة العارفين: وهم الذين وجدوا في الله سبحانه وتعالى الكمال المطلق وأنه أهل للعبادة فعبدوه.
- مرتبة التجّار:وهم الذين يعبدون الله لنيل ثوابه.
- مرتبة العبيد: وهم الذين يعبدون الله للخلاص من عذابه[١٩]
موانعه
من الآفات المانعة من تحقّق الإخلاص في العمل لله، هي:
- الرياء الجلي مثلما يأمر الشيطان المصلي بالتأني بصلاته كي يراه الناس فيقولوا أنّه إنسان مؤمن.
- الرياء الخفي: كأن يتلبّس الشيطان لباس الطاعة فيوسوس للمرء بأن يكون قدوة لغيره في عبادته وطاعته فينال ثوابه وثواب من يقتدي به[٢٠]
نتائجه وثماره
إنّ في إخلاص النية المطلقة للّه سبحانه وتعالى عدّة ثمار، منها:
- اكتساب الحكمة: قال الرسول الأكرم (ص)«ما أخلص عبد للّه عزّوجلّ أربعين صباحاً إلا جرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه».[٢١][٢٢]
- تنوّر البصيرة: عن الإمام علي (ع):«عند تحقق الإخلاص تستنير البصائر».[٢٣]
الهوامش
- ↑ الأزدي، جمهرة اللغة، ج 2، ص 550.
- ↑ الأصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، ص 292.
- ↑ شبر، الأخلاق، ص 35.
- ↑ الشيرازي، الأخلاق في القرآن، ج 1، ص 231.
- ↑ مهدي الصدر، أخلاق أهل البيت، ص 85.
- ↑ النراقي، جامع السعادات، ج 2، ص 187.
- ↑ الخميني، تحرير الوسيلة، كتاب الصلاة، ص 126.
- ↑ الخميني، تحرير الوسيلة، كتاب الطهارة، ص 28.
- ↑ الخميني، تحرير الوسيلة، كتاب الصوم، ص 218.
- ↑ سورة البقرة: 139؛ سورة الأعراف: 29؛ سورة غافر: 14.
- ↑ سورة مريم: 51؛ سورةيوسف: 24؛ سورة الحجر: 40.
- ↑ سورة البينة: 5.
- ↑ سورة الزمر: 2-3.
- ↑ سورة الكهف: 110.
- ↑ النوري، مستدرك الوسائل، ج 1، باب مقدمة العبادات ص 101.
- ↑ الريشهري، ميزان الحكمة، ج 3، ح 4750، ص 1005.
- ↑ الريشهري، ميزان الحكمة، ج 3، ح 4760، ص 1006.
- ↑ نهج البلاغة
- ↑ شبر، الأخلاق، ص 35-36-37.
- ↑ الشيرازي، الأخلاق في القرآن، ج 1، ص 238.
- ↑ الصدوق، عيون أخبار الرضا، ج 2، ص 74، ح 321.
- ↑ المجلسي، بحار الأنوار، ج 40، ص 243.
- ↑ غرر الحكم، ص 198، ح 3914.