شدة ابتلاء المؤمن

شدة ابتلاء المؤمن

1 ـ عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: “في قضاء الله عزّ وجلّ كلّ خير للمؤمن”1.

2 ـ وعن الصادق عليه السلام: إن المسلم لا يقضي الله عزّ وجلّ قضاء إلا كان خيراً له, (وان ملك مشارق الأرض ومغاربها كان خيراً له)2.

ثم تلا هذه الآية: ﴿فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا﴾3, ثم قال: إمّا 4 والله لقد تسلطوا عليه وقتلوه, فأما ما وقاه الله فوقاه الله أن يعتو 5 في دينه 6.

3 ـ وعن الصادق عليه السلام قال: “لو يعلم المؤمن ما له في المصائب من الأجر, لتمنى أن يقرض بالمقاريض”7.

4 ـ عن سعد8 بن طريف قال: كنت عند أبي جعفر عليه السلام فجاء جميل الازرق, فدخل عليه, قال: فذكروا بلايا الشيعة وما يصيبهم, فقال أبو جعفر عليه السلام: إنّ اُناساً أتوا علي بن الحسين عليهما السلام وعبد الله بن عباس فذكروا لهما نحوا ممّا ذكرتم, قال: فأتيا الحسين بن علي عليهما السلام فذكرا له ذلك.

فقال الحسين عليه السلام: “والله البلاء, والفقر والقتل أسرع إلى من أحبّنا من ركض البراذين9, ومن السيل إلى صمره, قلت: وما الصمرة10 ؟ قال: منتهاه, ولولا أن تكونوا كذلك لرأينا أنكم لستم منّا”11.

5 ـ وعن الأصبغ بن نباتة قال: كنت عند أمير المؤمنين عليه السلام قال قاعدا, فجاء رجل فقال: يا أمير المؤمنين والله إنّي لاُحبّك (في الله)12.

فقال: “صدقت, إن طينتنا مخزونة أخذ الله ميثاقها من صلب آدم فاتخذ للفقر جلباباً, فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: والله يا عليّ إنّ الفقر لأسرع (أسرع ـ خ) ) إلى محبّيك من السيل إلى بطن الوادي” 13.

6ـ عن الفضيل بن يسار قال: “سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إنّ الشياطين أكثر على المؤمن الزنابير على اللحم” 14.

7ـ وعن أحدهما عليهما السلام قال: “ما من عبد مسلم ابتلاه الله عزّ وجلّ بمكروه وصبر إلا كتب الله له أجر ألف شهيد” 15.

8ـ وعن أبي الحسن عليه السلام قال: “ما أحد من شيعتنا يبتليه الله عزّ وجل ببليّة فيصبر عليها إلا كان له أجر ألف شهيد” 16.

9 ـ وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: “فيما أوحى الله إلى موسى عليه السلام أن: يا موسى ما خلقت خلقا أحبّ إليّ من عبدي المؤمن, وانّي انما أبتليه لما هو خير له, (وأعطيه لما هو خير له) 17, وأزوي عنه لما هو

خير له, وأنا أعلم بما يصلح عليه عبدي, فليصبر على بلائي, وليرض بقضائي, وليشكر نعمائي, أكتبه في الصديقين عندي إذا عمل برضائي وأطاع أمري18.

10 ـ وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان لموسى بن عمران أخ في الله, وكان موسى يكرمه ويحبه ويعظمه, فأتاه رجل فقال: إنّي أحبّ أن تكلم لي هذا الجبّار, وكان الجبّار ملكاً من ملوك بني إسرائيل, فقال: والله ما أعرفه ولا سألته حاجة قطّ, قال: وما عليك من هذا! لعل الله عزّ وجلّ يقضي حاجتي على يدك, فرق له, وذهب معه من غير علم موسى, فأتاه ودخل عليه.

فلما رآه الجبّار أدناه وعظمه, فسأله حاجة الرجل فقضاها له, فلم يلبث ذلك الجبّار أن طعن فمات, فحشد في جنازته أهل مملكته, وغلقت لموته أبواب الأسواق لحضور جنازته.

وقضي من القضاء أن الشاب المؤمن أخا موسى مات يوم مات ذلك الجبّار وكان أخو موسى إذا دخل منزله أغلق عليه بابه فلا يصل إليه أحد, وكان موسى إذا أراده فتح الباب عنه ودخل عليه, وان موسى نسيه 19 ثلاثاً, فلما كان اليوم الرابع ذكره موسى, فقال: قد تركت

أخي منذ ثلاث “فلم آته” ففتح عنه الباب ودخل عليه, فإذا الرجل ميّت! وإذا دوابّ الأرض دبت عليه فتناولت من محاسن وجهه, فلما رآه موسى عند ذلك.

قال: يا ربّ عدوك حشرت له الناس, ووليّك أمته فسلطت عليه دوابّ الأرض تناولت من محاسن وجهه !؟ فقال الله عزّ وجلّ: يا موسى إن وليي سأل هذا الجبّار حاجة فقضاها له, فحشدت له أهل مملكته للصلاة عليه لاُكافئه عن المؤمن بقضاء حاجته, ليخرج من الدنيا وليس له عندي حسنة اُكافئه عليها, وانّ هذا المؤمن سلّطت عليه دوابّ الأرض لتتناول من محاسن وجهه لسؤاله ذلك الجبّار, وكان لي غير رضى ليخرج من الدنيا وماله عندي ذنب 20.

11ـ وعن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى إذا كان من أمره ان يكرم عبداً وله عنده ذنب ابتلاه بالسقم, فان لم يفعل ابتلاه بالحاجة, فان هو لم يفعل شدد عليه (عند / خ) الموت, وإذا كان من أمره أن يهين عبداً وله عنده حسنة أصح بدنه, فان هو لم يفعل وسع في معيشته, فان هو لم يفعل هون عليه الموت 21.

12ـ وعن أبي جعفرعليه السلام قال: قال الله تبارك وتعالى: “وعزّتي لا اُخرج لي عبداً من الدنيا اُريد رحمته إلا استوفيت كلّ سيئة هي له, إمّا

بالضيق في رزقه, أو ببلاء في جسده, وأمّا خوف اُدخله عليه, فان بقي عليه شيء شدّدت عليه الموت.

وقال عليه السلام: وقال الله: وعزّتي لا اُخرج لي عبداً من الدنيا واُريد عذابه إلا استوفيته كلّ حسنة له إمّا بالسعة في رزقه, أو بالصحة في جسده وامّا بأمن أدخله عليه فان بقي عليه شيء هوّنت عليه الموت22.

13 ـ وعن أبي جعفرعليه السلام قال: مرنبي من أنبياء بني اسرائيل برجل بعضه تحت حائط وبعضه خارج منه, فما كان خارجا منه قد نقبته الطير ومزقته الكلاب, ثم مضى ووقعت ( (رفعت ـ خ) له مدينة فدخلها, فإذا هو بعظيم من عظمائها ميّت على سرير مسجّى بالديباج حوله المجامر23, فقال: “يا ربّ انّك حكم عدل لا تجور, (ذاك ظ) عبدك لم يشرك بك طرفة عين أمتّه بتلك الميتة, وهذا عبدك لم يؤمن بك طرفة عين أمتّه بهذه الميتة”.

فقال (الله) عزّ وجلّ: “عبدي أنا كما قلت حكم عدل لا أجور, ذاك عبدي كانت له عندي سيئة وذنب فأمتّه بتلك الميتة لكي يلقاني ولم يبق عليه شيء,وهذا عبدي كانت له عندي حسنة فأمتّه بهذه الميتة لكي يلقاني وليس له عندي شيء”24.

14 ـ عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه رفعه 25 قال: بينما موسى يمشي على ساحل البحر, اذ جاء صياد فخر للشمس ساجدا, وتكلم بالشرك, ثم ألقى شبكته فأخرجها مملوءة, فاعادها فاخرجها مملوءة ثم أعادها فأخرج مثل ذلك حتّى اكتفى ثم مضى, ثم جاء آخر فتوضأ ثم قام وصلى وحمد الله وأثنى عليه, ثم ألقى شبكته فلم تخرج شيئاً, ثم أعاد فلم تخرج شيئاً, ثم أعاد فخرجت سمكة صغيرة, فحمد الله وأثنى عليه وانصرف.

فقال موسى: “يا ربّ عبدك جاء فكفر بك وصلى للشمس وتكلم بالشرك, ثم ألقى شبكته, فأخرجها مملوءة, ثم أعادها فأخرجها مملوءة, ثم أعادها فأخرجها مثل ذلك حتّى اكتفى وانصرف, وجاء عبدك المؤمن فتوضأ وأسبغ الوضوء ثم صلّى وحمد ودعا وأثنى, ثم ألقى شبكته فلم يخرج شيئاً, ثم أعاد فلم يخرج شيئاً, ثم أعاد فأخرج سمكة صغيرة فحمدك وانصرف !؟”

فأوحى الله إليه: “يا موسى انظر عن يمينك فنظر موسى فكشف له عمّا أعده الله لعبده المؤمن فنظر, ثم قيل له: يا موسى انظر عن يسارك فكشف له عمّا أعده الله لعبده الكافر فنظر, ثم قال الله (تعالى): يا موسى ما نفع هذا ما أعطيته, ولا ضرّ هذا ما منعته”.

فقال موسى, يا ربّ حقّ لمن عرفك أن يرضى بما صنعت 26.

15 ـ عن اسحاق بن عمّار قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: “رأس طاعة الله (عزّ وجلّ) الرضا بما صنع الله إلى العبد فيما أحبّ وفيما أكره, (ولم يصنع الله بعبد شيئاً 27) الا وهو خير”28.

16 ـ عن يونس بن رباط قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: “إنّ أهل الحقّ منذ ما كانوا في شدة, إمّا إن ذلك إلى مدّة قريبة 29 وعافية طويلة” 30.

17 ـ عن سماعة قال: سمعته 31 يقول: “إن الله عزّ وجلّ جعل وليه غرضاً لعدوّه في الدنيا” 32.

18 ـ عن المفضّل بن عمر, قال: قال رجل لأبي عبد الله الصادق عليه السلام وأنا عنده: إنّ من قبلنا يقولون: إنّ الله إذا أحبّ عبداً نوّه منوّه من السماء: إن الله يحبّ فلاناً فأحبّوه, فيلقي الله المحبّة (له ظ) في قلوب العباد, وإذا أبغضه نوه منوه من السماء: إن الله يبغض فلاناً فأبغضوه, فيلقي الله له البغضاء في قلوب العباد.

قال: وكان عليه السلام متّكئا فاستوى جالسا, ثم نفض كمه, ثم قال:

“ليس هكذا, ولكن إذا أحبّ الله عزّ وجلّ عبد أغرى به الناس ليقولوا ما ليس فيه يؤجره ويؤثمهم (وإذا أبغض عبداً ألقى الله عزّ وجلّ له المحبّة في قلوب العباد ليقولوا ما ليس فيه ليؤثمهم (و/ ظ) ايّاه”33.

ثم قال: “من كان أحبّ إلى الله تعالى من يحيى بن زكريا ؟ ثم أغرى جميع من رأيت, حتّى صنعوا به ما صنعوا, ومن كان أحبّ إلى الله عزّ وجلّ من الحسين بن علي عليهما السلام ؟ أغرى به حتّى قتلوه! ومن كان أبغض إلى الله من أبي فلان وفلان؟ ليس كما قالوا” 34.

19 ـ عن زيد الشحام قال: قال الصادق عليه السلام: “ان الله عزّ وجلّ إذا أحبّ عبداً أغرى به الناس” 35.

20 ـ عن أبي حمزة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: “إن الله عزّ وجلّ أخذ ميثاق المؤمن على بلايا أربع (الاولى), أيسرها عليه: مؤمن مثله يحسده, والثانية: منافق يقفو أثره, والثالثة, شيطان يعرض له يفتنه ويضله, والرابعة: كافر بالذي آمن به يرى جهاده جهادا, فما بقاء المؤمن بعد هذا” 36 ؟!

21 ـ عن حمران عن أبي جعفر عليه السلام: “ان العبد المؤمن ليكرم

على الله عزّ وجل, حتّى لو سأله الجنّة وما فيها أعطاها ايّاه, ولم ينقص ذلك من ملكه شيء ولو سأله موضع قدمه من الدنيا حرمه, وان العبد الكافر ليهون على الله عزّ وجلّ لو سأله الدنيا وما فيها, أعطاها ايّاه, ولم ينقص ذلك من ملكه شيء, ولو سأله موضع قدمه من الجنّة حرمه”.

“وانّ الله عزّ وجلّ ليتعاهد عبده المؤمن بالبلاء, كما يتعاهد الرجل أهله بالهدية ويحميه كما يحمي الطبيب المريض” 37.

22 ـ عن أبي حمزة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: ان لله عزّ وجلّ ضنائن 38 من خلقه, يضن بهم عن البلاء, يحييهم في عافية ويرزقهم في عافية ويميتهم في عافية, (ويبعثهم في عافية, ويدخلهم 39 الجنّة في عافية)”40.

23 ـ عن محمّد بن عجلان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: “إن لله عزّ وجلّ من خلقه عباداً, ما من بلية تنزل من السماء, أو تقتير في الرزق الاساق إليهم, ولا عافية أو سعة في الرزق إلاصرف عنهم,

و لو أنّ نور أحد هم قسّم بين أهل الأرض جميعاً لاكتفوا به” 41.

24 ـ عن يزيد بن خليفة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: “ما قضى الله تبارك وتعالى لمؤمن (من) قضاء الا جعل له الخيرة فيما قضى” 42.

25 ـ عن أبي عبد الله عليه السلام قال: “ان الله يذود 43 المؤمن عمّا يكره ممّا يشتهي, كما يذود الرجل البعير عن إبله44 ليس منها” 45.

26 ـ وعنه عليه السلام قال: “إنّ الربّ ليتعاهد المؤمن, فما يمرّ به أربعون صباحاً إلا تعاهده إمّا بمرض في جسده, وإما بمصيبة في أهله وماله أو بمصيبة من مصائب الدنيا ليأجره الله عليه” 46.

27 ـ عن ابن حمران 47 قال: سمعته يقول: “ما من مؤمن يمرّ به أربعون ليلة إلا وقد يذكر بشيء يؤجر عليه, أدناه هم لا يدري من أين هو ؟”48.

28 ـ وعن أبي عبد الله عليه السلام: “لا يصير على المؤمن أربعون صباحاً إلا تعاهده الربّ تبارك وتعالى بوجع في جسده, أو ذهاب ماله, أو مصيبة يأجره الله عليها”49.

29 ـ وعنه عليه السلام قال: “ما فلت المؤمن من واحدة من ثلاث, أو جمعت عليه الثلاثة50: أن يكون معه من يغلق عليه بابه في داره, أو جار يؤذيه أو من في طريقه إلى حوائجه (يؤذيه ظ), ولو أنّ مؤمناً على قلّة51 جبل لبعث الله شيطاناً يؤذيه, ويجعل الله له من إيمانه اُنساً”.52

30 ـ عن محمّد بن مسلم قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: “المؤمن لا يمضي عليه أربعون ليلة إلا عرض له أمر يحزنه, ويذكره به” 53 54.

31 ـ عن أبي الصباح 55 قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام, فشكى

إليه رجل, فقال: “عقني ولدي واخوتي 56 وجفاني اخواني, فقال أبو عبد الله عليه السلام ان للحق دولة, وللباطل دولة, وكل واحد منهما ذليل في دولة صاحبه وإن أدنى ما يصيب المؤمن في دولة الباطل أن يعقه ولده واخوته, ويجفوه إخوانه, وما من مؤمن يصيب رفاهية في دولة الباطل الا ابتلي في بدنه أو ماله أو أهله, حتّى يخلصه الله تعالى من السعة التي كان أصابها في دولة الباطل, ليؤخر به حظه في دولة الحقّ, فاصبروا وابشروا” 57.

32 ـ عن علي بن الحسين وأبي جعفر عليهما السلام قالا: “إن المؤمن ليقال لروحه ـ وهو يغسل ـ: أيسرّك أن تردي إلى الجسد الذي كنت فيه؟ فتقول: ما أصنع بالبلاء, والخسران, والغمّ؟!” 58.

33 ـ وعن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يقول الله عزّ وجلّ: “يا دنيا مرّي على عبدي المؤمن بأنواع البلايا, وما هو فيه من أمر دنياه, وضيّقي عليه في معيشته, ولا تحلولي له فيسكن اليك” 59.

34 ـ عن الصباح بن سيابة قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما أصاب المؤمن من بلاء فبذنب ؟ قال: “لا ولكن ليسمع أنينه

وشكواه, ودعاؤه الذي يكتب له بالحسنات, وتحط عنه السيئاتُ وتدخّر له يوم القيامة” 60.

35 ـ وعن أبي عبد الله عليه السلام أنّه قال: “إنّ الله عزّ وجلّ ليعتذر إلى عبده المحوج (الذي ظ) كان في الدنيا ـ كما يعتذر الاخ إلى أخيه ـ فيقول: لا وعزّتي وجلالي ما أفقرتك لهوان كان بك علي, فارفع هذا الغطاء, فانظر ما عوضتك من الدنيا, فيكشف له, فينظر ما عوضه الله عزّ وجلّ من الدنيا, فيقول: ما ضرني يا ربّ مع ما عوّضتني” 61.

36 ـ وعن أبي عبد الله عليه السلام أنّه قال: “نعم الجرعة الغيظ لن صبر عليها, فإنّ عظيم الأجر لمع 62عظيم البلاء, وما أحبّ الله قوماً إلا ابتلاهم” 63.

37 ـ وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: قال الله عزجل: إن من عبادي المؤمنين لعبادا لا يصلح لهم أمر دينهم إلا بالغنى, والسعة, والصحّة في البدن, فأبلوهم بالغنى والسعة والصحة في البدن, فيصلح لهم أمر دينهم.

وقال: “انّ من العباد لعباداً لا يصلح لهم أمر دينهم, الا بالفاقة, و المسكنة, والسقم في أبدانهم, (فأبلوهم بالفقر والفاقة, والمسكنة,

والسقم في أبدانهم) 64, فيصلح لهم ( عليه ـ خ ) أمر دينهم” 65.

38 ـ وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: “أخذ (الله) 66 ميثاق المؤمن على ألا يصدق في مقالته, ولا ينتصف من عدوه” 67.

39 ـ وعن أبي جعفر عليه السلام قال: “إن الله عزّ وجلّ إذا أحبّ عبداً غثّه 68 بالبلاء غثّاً, وثجّه 69 بالبلاء ثجّاً, فإذا دعاه قال: لبّيك عبدي, لبّيك عبدي, لئن عجلت لك ما سألت إنّي على ذلك لقادر, ولئن ذخرت لك فما ادّخرت لك خير لك” 70.

40 ـ عن أبي حمزة قال أبو عبد الله عليه السلام: “يا ثابت 71 إن الله إذا أحبّ عبداً غثّه بالبلاء غثّاً, وثجّه به ثجّاً, وانّا وايّاكم لنصبح به 72 ونمسي” 73.

41 ـ وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: “إن الحواريين شكوا إلى عيسى ما يلقون من الناس وشدّتهم عليهم, فقال: إن المؤمنين لم يزالوا مبغضين, و إيمانهم كحبة القمح ما أحلى مذاقها, وأكثر عذابها” 74.

42 ـ عن عبد الأعلى بن أعين قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: “إن أردتم أن تكونوا إخواني وأصحابي فوطنوا أنفسكم على العداوة والبغضاء من الناس, وإلا فلستم لي بأصحاب” 75.

43 ـ عن محمّد بن عجلان قال: كنت عند سيدي أبي عبد الله عليه السلام: فشكى إليه رجل ( الحاجة )76, فقال: “اصبر فإن الله عزّ وجلّ يجعل لك فرجا”, ثم سكت ساعة, ثم أقبل على الرجل فقال: أخبرني عن سجن الكوفة كيف هو ؟ قال: “أصلحك الله ضيق منتن, وأهله بأسوء حالة”, فقال عليه السلام: “إنما أنت في السجن, تريد أن تكون في سعة ؟ إمّا علمت أنّ الدنيا سجن المؤمن” 77.

44 ـ عن أبي عبد الله عليه السلام قال: “إن الله إذا أحبّ عبداً بعث إليه ملكاً فيقول: اسقمه وشدّد البلاء عليه فإذا برأ من شيء فابتله لما هو أشد منه وقوي عليه, حتّى يذكرني, فإني أشتهي أن أسمع دعاءه, وإذا

أبغض عبداً وكل به ملكاً فقال: صحّحه, وأعطه كي لا يذكرني, فإني لا أشتهي أن أسمع صوته” 78.

45 ـ وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: “إن العبد يكون له عند ربّه درجة لا يبلغها بعمله فيبتلى في جسده (أو يصاب في ماله) 79, أو يصاب في ولده, فان هو صبر بلّغه الله إيّاها 80.

46 ـ وعن أبي جعفر عليه السلام قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “عجباً للمؤمن, إنّ الله لا يقضي قضاء إلا كان خيراً له, فان ابتلي صبر, وان اُعطي شكر” 81.

وعن أبي جعفر عليه السلام قال: (جاء ـ خ) عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم, وذكر مثله سواء 82.

وعن أبي جعفر عليه السلام قال: “إن الله عزّ وجلّ يعطي الدنيا من يحبّ ويبغض, ولا يعطي الآخرة الا من أحبّ, وإن المؤمن ليسأل الربّ موضع سوط في الدنيا فلا يعطيه ايّاه, ويسألة الآخرة فيعطيه ما شاء, ويعطي الكافر في الدنيا ما شاء ويسأل في الآخرة موضع سوط فلا يعطيه ايّاه” 83.

48 ـ وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال الله عزّ وجلّ: “عبدي المؤمن لا أصرفه في شيء الا جعلت ذلك خيراً له, فليرض بقضائي, وليصبر على بلائي. وليشكر على نعمائي, أكتبه 84 في الصديقين عندي” 85.

49 ـ وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: ضحك رسول الله صلى الله عليه و حتّى بدت نواجذه, ثم قال: “ألا تسألوني عمّا ضحكت؟ قالوا: بلى يا رسول الله, قال: عجبت للمرء المسلم أنّه ليس من قضاء يقضيه الله له الا كان خيراً له في عاقبة أمره” 86.

50 ـ وقال أبو عبد الله عليه السلام: “إنّه ليكون للعبد منزلة عند الله عزّ وجلّ, لا يبلغها إلا بإحدى الخصلتين, إمّا ببلية في جسمه, أو بذهاب ماله” 87.

هوامش

1- عنه في البحار: 71 / 159 ح 76, والمستدرك: 1 / 137 ح 1.

2- سقطت هذه العبارة من النسخة ـ ب ـ.

3- غافر / 45.

4- في الأصل ( أم ).

5- في النسخة ـ أ ـ والبحار ( يفتنوه ).

6- عنه في البحار: 71 / 160 ذ ح 76, والمستدرك: 1 / 137 ح 2.

7- عنه في البحار: 71 / 160 ذ ح 76, وأخرج في البحار: 67 / 212 ح 17 والوسائل: 2 / 908 ح 13 عن الكافي: 2 / 255 ح 15 بإسناده عن عبد الله بن أبي يعفور عنه عليه السلام نحوه, وروي في تنبيه الخواطر: 2 / 204 نحوه, والتمحيص: ح 13 عن ابن أبي يعفور مثله وفي مشكاة الأنوار: ص 292 مرسلاً مثله.

8- في النسخة ـ ب ـ سعيد.

9- البراذين: جمع برذون, وهو نوع من الخيول.

10- هكذا في الأصل, والاصوب الصمر بإسقاط التاء وفي المعاجم اللغوية هكذا ضبطت, وزيادة التاء لها تعطي معنى آخر, ولعلّ هذه التاء زيدت من قبل النساخ أو كانت ضميرا متصلا ( هاء ) وزيد لها ” أل ” التعريف.

11- عنه في البحار: 67 / 246 ح 85, والمستدرك: 1 / 141 ح 1.

12- ليس في النسخة ـ ب ـ.

13- عنه في البحار: 72 / 3 ح 1.

14- عنه في البحار: 67 / 246 ح 86 وص 239 ح 57 عن الإختصاص: 24 عن ربعي, عن الفضيل بن يسار مثله.

15- عنه في البحار: 71 / 97 ح 65 والمستدرك: 1 / 140 ح 34.

16- عنه في البحار: 71 / 97 ذ ح 65 والمستدرك: 1 / 140 ح 35, وأخرج نحوه في البحار: 71 / 78 ح 14 والوسائل: 2 / 902 ح 1 عن الكافي: 2 / 92 ح 17 بإسناده عن أبي حمزة الثمالي عن أبي عبد الله عليه السلام والبحار: 49 / 51 ح 54 عن الخرائج: 190 ح 14 عن الرضا عليه السلام ونحوه في التمحيص: ح 125.

Loading