العُجْب

العُجْب، آفة من آفات النفس، وهو استعظام المرء نفسه لأجل مايرى لها من كمال، وقد نهى عنه الله في القرآن الكريم، وكذلك بيّن النبي الأكرمصلی الله عليه وآله وسلم والأئمةعليهم السلام مساوئه، واعتبر علماء الأخلاق أنه باب للتكبر.

معنى العجب

العُجْبُ: وهو أن يتكبّر الإنسان في نفسه، تقول مُعجَبٌ بنَفسه، وتقول من باب العَجَب: عجِب يَعجَبُ عَجَبَاً، وأمرٌ عجيب، وذلك إذا استُكْبر واستُعْظِم[١].

وقد ورد في كتب الأخلاق عدّة تعريفات للعجب جميعها تصبّ في مصبّ واحد منها:

  • أنّ العجب :هو ابتهاج الإنسان وسروره بتصوّر الكمال في نفسه وإعجابه بأعماله، والإدلال بها بظنّ تماميّتها وخلوصها، وحسبان نفسه خارجا عن حدّ التقصير[٢].
  • أو هو استعظام نفسه لأجل ما يرى لها من صفة الكمال، سواء كانت له تلك الصفة في الواقع أم لا[٣].

العجب في القرآن

نهى المولى تعالى عباده عن الإعجاب بأعمالهم لِعلْمِه أنّه باب من أبواب الشيطان والنفس اللذین يُزيّنان العمل بعين فاعله، وحقيقة مهما فإنّ الفعل مهماعظم يبقى صغيراً بحق المولى تعالى، ومن هذه المواضع التي وردت في القرآن الكريم:

  • قوله تعالى:

    ﴿أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا[٤] فقد ورد في كتب التفسير أن الذين يرون أعمالهم حسنة هم في الواقع من الكفّار لأن المؤمنين يعرفون الواقع ويعملون بما علموا،[٥] وسوء العمل ناجم إمام لحرمته في ذاته، أو لعروض القبح عليه بإعجاب العامل به[٦].

  • ﴿فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ ۖ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ[٧] والتزكية هنا بمعنى مدح الإنسان لنفسه وهو مما نهى عنه المولى تعالى[٨].

العجب في الروايات

إنّ المطالع لأحاديث النبيصلی الله عليه وآله وسلم وأئمة أهل البيتعليهم السلام یجد أنّهم ذموا رذيلة العجب بشكل كبير، وخوّفوا من الوقوع بها لكونها فرصة كبيرة لمكائد الشيطان:

  • فمما جاء في كتاب الإمام عليعليه السلام لمالك الأشتر لما ولّاه مصر: «إيّاك والإعجاب بنفسك، والثقة بما يعجبك منها، وحبّ الإطراء فإن ذلك من أوثق فرص الشيطان في نفسه، ليمحق ما يكون من إحسان المحسنين»[٩].

وكذلك بيّنوا أن العجب أعظم من الذنب عند الله سبحانه وتعالى:

  • فقد ورد عن أبي عبدالله عليه السلام قال : «إنّ الله علم أنّ الذنب خير للمؤمن من العجب، ولولا ذلك ما ابتلي مؤمن بذنب أبداً»[١٠].

العجب في علم الأخلاق

يرى علماء الأخلاق أنّ رذيلة العُجب تؤدي إلى رذيلة أكبر منها وهي الكِبر، كما أنّه بذرة لرذائل أخرى ومنشأ لأمور يشكّل كلُّ واحد منها سببا للهلاك والخلود في العذاب[١١]، وكذلك فإنّه يدعو إلى نسيان الذنوب وإهمالها لظنّه أنّه مستغنٍ عن تفقدها، ويدعو إلى استعظام العبادات والطاعات والمنّة بها على الله[١٢].

أقسام العجب وعلاجها

اعتبر علماء الأخلاق أن الأمور التي يمكن للإنسان أن يصاب بالعجب من ورائها، ترجع لعدة أمور منها:

  1. أن يعجب بجسده من حيث الجمال والشكل والصحة و…، والعلاج يكون من خلال التفكر من أين أتى وإلى أين مصيره وما يحتوي من قاذورات في جسده.
  2. أن يعجب بقوته وقدرته، وعلاجه أن يتفكر بأنّ مرض بسيط كالحمى يضعف قوته، وشوكة وذبابة تعجزه.
  3. أن يعجب بذكائه وعقله، وعلاجه أن يلتفت إلى أنّه أدنى مرض يصيب دماغه يخل بعقله.
  4. أن يعجب بنسب السلاطين والظلمة وأعوانهم دون نسب العلم والدين، وعلاجه أن يتفكر في مخازيهم ومساوئهم وأنّهم ممقوتون عند الله وقد استحقوا النار.
  5. أن يعجب بكثرة الغلمان والخدم والأولاد والأقارب والعشائر والأنصار، وعلاجه أن يتفكر بأنه هو وهم عبيد وعجزة ومآبهم إلى التراب ولن ينفعوه هناك، بل سيهربون منه.
  6. أن يعجب بالمال، وعلاجه أن يتفكر بأنّ المال يأتي ويذهب ولا أصل له.
  7. أن يعجب بالرأي الخطأ، وعلاجه أن يكون متهما لرأيه ولا يغتر به إلا أن يأخذ مُسنداً من القرآن الكريم والسنة النبوية.[١٣]

مفاسد العجب

أوردت الروايات مفاسد عدة ووخيمة للعجب منها:

  • أنّ العجب سبب للوحشة: عن الإمام علي عليه السلام: «لا وَحدَة أوحش من العجب»[١٤].
  • وأنّ العجب يولد البغضاء: فعنه أيضا: «ثمرة العجب البغضاء»[١٥].
  • وأنّ العجب رأس الحماقة: عن أمير المؤمنين: «العجب رأس الحماقة»[١٦].
  • وأنّ العجب سبب لمنع الرزق: وعنه أیضا: «الإعجاب يمنع الازدياد»[١٧]
  • وأنّ العجب سبب للهلاك: فعن الإمام الصادق عليه السلام: «من دخله العجب هلك»[١٨]

الهوامش

    1. ابن فارس، مقاييس اللغة، ج 4، ص 243.
    2. المشكيني، دروس في الأخلاق، ص 199.
    3. النراقي، جامع السعادات، ج 1، ص 307.
    4. فاطر: 8.
    5. راجع قرائتي، تفسير النور، ج7، ص421، الطبرسي، مجمع البيان، ج 8، ص 319؛ الشيرازي، الأمثل، ج 11، ص 23.
    6. راجع المشكيني، ص 200.
    7. النجم: 32.
    8. راجع مفردات الراغب، ص 381.
    9. الريشهري، ميزان الحكمة، ج 6، ص 122، ح 11791.
    10. الكليني، أصول الكافي، ج 2، ص 327، ح 2568.
    11. الخميني، الأربعون حديثاً، ص 99.
    12. شبّر، الأخلاق، ص 196.
    13. راجع شبر، الأخلاق، ص 201.
    14. الريشهري،ميزان الحكمة، ج 6، ص 122، ح 11791.
    15. المصدر السابق، ح 11797.
    16. المصدر السابق، ح 11809.
    17. المصدر السابق، ح 11817.
    18. ميزان الحكمة، ح 11813.
    19. المصدر ويكي شيعة

Loading