الصبر

الصبر، هو ثبات النفس وعدم اضطرابها في الشدائد والمصائب, وقد أكّد عليه الإسلام لما له من أهمية في سلوك الفرد المؤمن نحو الكمال، وله مراتب وأقسام وأسماء بحسب الموقع الذي يأتي فيه, وكذلك هناك نوعان من الصبر صبر محمود وصبر مذموم. وقد جاء ذكر الصبر والصابرين في مواضع مختلفة من القرآن الكريم، وكذلك جاءت الكثير من الروايات عن أهل بيت النبوة تشيد بالصبر وتؤكّد عليه.

تعريف الصبر

الصبر في اللغة هو نقيض الجزع، وهو التجلّد والاحتمال وضبط النفس وحبسها،[١] وهو الإمساك في ضيق[٢].

وفي الاصطلاح الصبر هو احتمال المكاره من غير جزع،[٣] أو هو ثبات النفس وعدم اضطرابها في الشدائد والمصائب[٤].

أسماء الصبر

للصبر أسماء مختلفة باختلاف الموقع الذي يأتي فيه، منها:

  • إن كان في حبس النفس لمصيبة سميّ صبرا لاغير.
  • وإن كان في الحرب سميّ شجاعة وضده الجبن.
  • وإن كان في كظم الغيظ والغضب سمّي حلما وضدّه التذمّر لغضب.
  • وإن كان في نائبة مضجرة سمّي رحب الصدر وضده الضجر.
  • وإن كان في إمساك الكلام سمّي كتمانا وضده الإذاعة.
  • وإن كان في فعل المعصية تعمدا سمّي جرأة، ومنها قوله تعالى:

    ﴿ما أصبرهم على النار[٥].

  • وإن كان رضا بقدر يسير من الحظ سمّي قناعة وضده الشَرَه.
  • وإن كان ترفعا عن فضول العيش سمي زهدا، وضده الحرص[٦].

أقسام الصبر

ينقسم الصبر إلى:

  • الصبر على ما تحبه النفس :وهو جامع لملذات الدنيا من(مال وجاه وسلامة وأولاد وزوجة …) وهذا الصبر هو الأصعب لأنّ النفس بتركيبتها تميل إلى التعلق بهذه الأمور، فإذا لم يضبط المرء نفسه بها بطر وطغى ويصبح مصداقا لقوله تعالى «كلا إنّ الإنسان ليطغى، أن رآه استغنى»[٧].
  • الصبر على ما تكره النفس :وفيه عدّة أقسام:
    • مايرتبط باختيار العبد :
    • مالا يرتبط باختيار العبد:
كالابتلاءات والمصائب من فقد عزيز أوخسارة مال …وفيها قال الرسول الأكرم في حديث قدسي عن المولى تعالىإذا وجهت على عبد من عبيدي مصيبة في بدنه أو ماله أو ولده ثم استقبل ذلك بصبر جميل استحييت منه يوم القيامة أن أنصب له ميزانا أو أنشر له ديوانا»[٨].

وكل هذه الأقسام من الصبر تعتبر من الصبر المحمود.

مراتب الصبر

الصبر درجات ومراتب ينالها المرء نتيجة لضبط نفسه عمّا تهوى وتكره تلبية منه لرضى المولى تعالى وهذه المراتب هي :

  • الصبر الحقيقي : عندما يصبر العبد على ماتكرهه نفسه من ترك الشهوات (المباحة أو المحرمّة أو المكروهة )وتحمّل مشاق العبادة بحيث لا يكون لديه صراع أو تعب أثناء تأديته لهذه الأمور عندها يصل إلى مرتبة الصبر الحقيقي، أمّا إن كان تحمّله مع تكلف وتعب فهنا صبره مجازي .
  • مرتبة الرضا : وهي أعلى من مرتبة الصبر يصلها المرء عندما يصبح الصبر مَلَكة راسخة لديه، قال النبي الأكرم :«اعبد الله على الرضا فإن لم تستطع ففي الصبر على ما تكره خير كثير».
  • مرتبة المحبة :وهي أعلى من مرتبة الرضا ينالها المرء عندما يداوم ويحافظ على مرتبة الرضا.

وقد ذكر صاحب السعادات في كتابه :

قال بعض العارفين :أهل الصبر على ثلاثة مقامات:

فضل الصبر

في القرآن الكريم

ورد ذكر الصبر في مواضع مختلفة من القرآن الكريم بعضها لتبيان أجر الصابرين وأخرى لتبيّن مكانة الصابرين عند المولى تعالى:

  • ﴿إنَّمَا يُوفّىَ الصَّابِرينَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَاب[١٠] حيث يبيّن المولى تعالى أنّ أجر الصابرين مفتوح ليس له حد معيّن وهذا دليل على عظم وأهمية ملكة الصبر.
  • ﴿واللَّه يُحِبُّ الصَّابِرين[١١] وهنا تبيان لمكانة الصابرين بأنّهم ممن يحبِّهم الله تعالى .
  • ﴿ولنَبَلوّنّكم بشيءٍ من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشّر الصابرين، الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا: إنّا للّه وإنّا إليه راجعون، أولئك عليهم صلواتٌ من ربِّهِم ورَحمَة، وأولئك هُمُ المُهْتَدون[١٢].
  • ﴿وجَعَلْنَا مِنْهُم أَئِمَّةً يَهْدُون بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا[١٣].

في الرويات

  • عن الإمام جعفر الصادق (ع)قال: الصبر من الإيمان بمنزلة الصبر من الجسد، فإذا ذهب الرأس ذهب الجسد، كذلك إذا ذهب الصبر ذهب الإيمان.[١٤].
  • عن الإمام الصادق (ع):من ابتلي من المؤمنين ببلاء فصَبَرَ عليه، كان له مثل أجر ألف شهيد.[١٥].

الصبر المذموم

ليس كل الصبر محمود فهناك موارد لايعتبر الصبر فيها إلا حمقا أو جُبْنَاً منها:

  • أن يصاب المرء بمرض وهو قادر على علاجه.
  • أن يسلب منه حقًا وهو قادر على استرداده.
  • أن يصبر على الفقر وهو قادر على العمل والتّكسّب [١٦].

الهوامش

    1. المعجم الوسيط، ص 505.
    2. الراغب، مفردات، ص 474.
    3. محمد مهدي الصدر، أخلاق أهل البيت، ص 101.
    4. النراقي، جامع السعادات ج 2، ص 438.
    5. البقرة: 175.
    6. شبّر، الأخلاق، ص 260.
    7. سورة العلق: 6-7.
    8. شبّر، الأخلاق، ص 261-262.
    9. جامع السعادات، ج 2، ص 441.
    10. الزمر: 10.
    11. آل عمران: 146.
    12. البقرة: 155 – 157.
    13. السجدة: 24.
    14. الكليني، الكافي، ج 2، ص 117، ح 1687.
    15. الكليني، الكافي، ج 2، ص 120، ح 1699.
    16. أخلاق أهل البيت، مهدي الصدر، ص 103-104.

المصدر ويكي شيعة

Loading